فوائد قول الله تعالى : (( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط )) .
ومن فوائد قوله تعالى : (( وهل أتاك نبأ الخصم )) إلى آخره : أن هذه القصة عجيبة وأنها مسار للعجب ولهذا شوق الله إليها بقوله : (( وهل أتاك نبأ الخصم )) .
ومن فوائدها : بلاغة القرآن حيث يأتي بمثل هذه الصيغة في الأشياء التي ينبغي للإنسان أن يتشوق إليها ويهتم بها .
ومن فوائدها : أن الخصم يطلق على الواحد والمتعدي اعتبارا بالمعنى فإن الجماعة إذا كانت دعواهم واحدة صاروا كأنهم رجل واحد .
ومن فوائدها : أن من أتى البيوت من غير أبوابها فإن فعله هذا سبب للخوف والفزع لقوله : (( إذ تسوروا المحراب )) .
ومن فوائدها : أن داود عليه الصلاة والسلام في هذه الحال كان قد أغلق بابه أو جعل عليه حاجباً يمنع الناس من الدخول فيه .
ومن فوائدها : أن الحكم بين الناس أفضل من العبادات الخاصة لأن نفعه متعدٍ والعبادات الخاصة نفعها قاصر .
ومن فوائدها : أن الأنبياء يلحقهم من الطبائع البشرية ما يلحق غيرهم لقوله .... : (( ففزع منهم )) حيث لاحقه الفزع كما يلحق سائر الناس .
ومن فوائدها : أنه ينبغي إن لم نقل : يجب أن يطمئن المفزع من فزع منه بنفي سبب الفزع قبل كل شيء حيث قالوا : (( لا تخف )) ثم ذكروا القصة ولم يبدءوا بالقصة رأساً .
ومن فوائد هذه القصة : بيان أن هذين الخصمين قد اعتدى بعضهما على بعض. يعني وليست المسألة مسألة كلامية أو ليس فيها عدوان بل فيها عدوان اعتدى بعضهم على بعض لما ذكروا من السبب .
ومن فوائدها : أن هذين الخصمين أساء الأدب من بعض الوجوه حيث قالا : (( فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط )) و وجه الإساءة أنهما ما جاءا على الحكم إلا و هما يعتقدان أنه سيحكم بالحق فإذا قال : (( احكم بيننا بالحق )) فإن هذا قد يولد تهمة من أنه لا يحكم بالحق .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الحكم يحتاج إلى إلزام لقولهم : (( واهدنا إلى سواء الصراط )). فإن هذا أمر زائد عن الحكم يعني الحكم أن يفصل بينهم و الهداية أن يدلهم من أجل إلزامهم بهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن كل البشر يطلب الصراط السوي الذي ليس فيه ميل و لا إجحاف لقولهم : (( واهدنا إلى سواء الصراط )) .
1 - فوائد قول الله تعالى : (( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب )) .
ومن فوائد هذه القصة : أن هذه الخصومة غريبة فإن أحدهما كان له تسع وتسعون نعجة والآخر نعجة واحدة و مع هذا طمع الأول في الثاني وكان الذي يتبادر إلى الذهن أن يضيف الأول صاحب النعاج الكثيرة إلى الثاني ما تيسر .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن بعض الخصوم قد يكون أقوى في المخاصمة من الآخر حتى يغلبه لقوله : (( و عزني في الخطاب )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنكم تختصمون إلي و لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو مما أسمع فمن اقتطعت له شيئاً من مال أخيه بغير حق فإنما أقتطع له قطعة من نار ) أو قال : ( جمرة من نار ) .
و من فوائد الآية الكريمة : أنه ينبغي أن يكون الإنسان قوي الحجة ، قوي البيان حتى يحصل له الغلبة على صاحبه هذا إذا كان بحق أما إذا كان بغير حق فإن الواجب على الإنسان أن يخرص لينطق غيره بالحق .
2 - فوائد قول الله تعالى : (( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب )) .
و من فوائد القصة : أن أكثر الشركاء يحصل من أحدهم بغي على الآخر لقوله : (( وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض )). و هذا من الغريب أن يكون الإنسان كلما قرب إلى الشخص توقع منه البغي أكثر مما كان بعيداً لأن البعيد ليس بينه وبينهم صلة لكن الذي بينه و بينه صلة و هو الشريك هو الذي ربما يجحده أو ينكره أو يفعل شيئاً لم يأذن به أو ما أشبه ذلك .
ومن فوائد هذه القصة : أنهم ليس جميع الخلطاء يحصل منهم بغي لقوله : (( و إن كثيراً من الخلطاء )) .
ومن فوائدها : أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا يحصل منهم البغي. و الذي يمنعهم من ذلك هو إيمانهم بالله و بالحساب و عملهم الصالح الذي يكون درعاً بينهم وبين العدوان و البغي .
ومن فوائد القصة : أنه كلما كان الإنسان أقوى إيماناً و أكثر عملاً من الصالحات كان أبعد عن الظلم و البغي. وجهه أن استثناء الذين آمنوا و عملوا الصالحات إنما كان من أجل إيمانهم و علمهم للصالحات و الحكم إذا علق بشيء بوصف ازداد قوة بقوة ذلك الوصف و هذا قاعدة ذكرناها كثيراً أن الحكم المعلق بوصف يزداد قوة بما يحصل فيه من ذلك الوصف .
ومن فوائد هذا القصة : أن العمل لا ينفع إلا إذا بني على الإيمان و كان صالحاً فعمل بلا إيمان لا يقبل كما قال تعالى : (( وَ مَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ )). و كذلك إذا كان هناك إيمان لكن لم يكن العمل صالحاً لفقد الإخلاص أو الإتباع فيه فإنه لا ينفع .
و من فوائد هذه القصة : أن الجمع بين هذين الوصفين الإيمان و العمل الصالح قليل لقوله تعالى : (( و قليل ما هم )) .
و من فوائدها : أن الحاكم لا يحكم حتى يستوعب حجج الخصمين لقوله : (( و ظن داود أنما فتناه )) .
و من فائدها أيضاً : أن الحاكم الذي نصب نفسه ليكون حكماً بين العباد لا يحل له أن يختفي عنهم في الوقت الذي يكون وقتاً للتحاكم .
و من فوائدها أيضاً : أن الاشتغال بما مصلحته عامة أفضل من الاشتغال بما مصلحته خاصة .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد يفتنون و يختبرون لقوله : (( و ظن داود أنما فتناه )). و لكن الفتنة التي يفتي بها الأنبياء لا يمكن أن تعود إلى إبطال مقومات الرسالة و النبوة كالفتنة التي تعود إلى الكذب أو الشرك أو الأخلاق الرديئة و ما أشبه هذا لا يمكن أن يقع من الأنبياء .
ومن فوائد القصة : أن كل شخص محتاج إلى الله عز و جل مفتقر إليه لقوله : (( فاستغفر ربه )) .
و من فوائد هذه القصة : أن الاستغفار سبب لمحو من حصل من الذنوب لأن الفاء في قوله : (( فاستغفر )) مبنية على قوله : (( و ظن داود أنا فتناه )) .
و من فوائد هذه القصة : أن السجود خضوعاً لله من سنن الأنبياء لقوله : (( وخر راكعاً و أناب )). و هل يشرع لمن أذنب أن يفعل كما فعل داود أو أن يصلي ركعتين تامتين ؟ الثاني هو المشهور فإنه إذا أذنب الإنسان فينبغي له أن يتوضأ و يسبغ الوضوء و يصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه فمن فعل ذلك فإنه يغفر له ما تقدم من ذنبه .
3 - فوائد قول الله تعالى : (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )) .
و من فوائد هذه القصة : أن الله تعالى غفر لداود و بين ما لديه من الثواب لداود في قوله : (( وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَ حُسْنَ مَآبٍ )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات العندية لله عز و جل و هي عندية قرب و عندية علم ففي قوله تعالى : (( وَ عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ )) هذه عندية علم. و في قوله تعالى : (( وَ مَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ )) هذه عندية قرب ، طيب .
ومن فوائد هذه القصة أيضاً : الثناء على داود عليه الصلاة و السلام بحسن مآبه أي مرجعه إلى الله لقوله : (( و حسن مآب )) .
تفسير قول الله تعالى : (( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ... )) .
طيب وقوله : (( إنا جعلناك خليفة في الأرض )) أي خالفاً لنا في تبليغ شرعنا. و ليس المراد أنه خالف له أنه يأتي بعده لأن الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن لكن خليفة لله في تبليغ إيش ؟ في تبليغ شرعه و حكمه بين الناس.
و قوله : (( فاحكم )) الفاء هذه للتفريق أي فبناءً على كونك خليفة في الأرض احكم.
5 - تفسير قول الله تعالى : (( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ... )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( مئاب ياداود إنا جعلناك خليفة فى الأرض )) تدبر أمر الناس (( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى )) أي هوى النفس (( فيضلك عن سبيل الله )) أي عن الدلائل الدالة على توحيده .
(( فاحكم بين الناس بالحق )) الفاء هذه كما قلت للتفريق على إيش ؟ على جعله خليفة (( احكم بين الناس بالحق )) (( بالحق )) أي بالعدل لأن الحق إن كان في مقابلة الخبر فهو بمعنى الصدق و إن كان في مقابلة الحكم فهو بمعنى العدل فإذا قيل : أخبرني محمد بكذا و هو حق يعني صدق وإذا قلت : حكم فلان بكذا و هو حق يعني عدلاً ، هنا يقول : (( احكم بين الناس بالحق )) أي بالعدل لأن الحق هنا وصف به الحكم فصار بمعنى العدل (( فاحكم بين الناس بالحق )) أي بالعدل. و هذا يتضمن الحكم و طريق الحكم و لوازمه. فالحكم بأن تحكم بالشرع و طريقه طريق الحكم أن تعدل بين الخصمين في كل شيء حتى إن العلماء يقولون : يجب على القاضي أن يعدل بين الخصمين في لفظه و لحظه و كلامه أي نعم و جلوسهما و دخولهما عليه في كل شيء ففي لفظه لا يغلظ القول لأحد الخصمين و يلين القول للآخر، و في لحظه لا ينظر لأحد الخصمين نظرة الغضب و إلى الثاني نظرة رضا ، مجلسه لا يجلس أحد الخصمين إلى جانبه و الثاني بعيداً عنه ، دخولهما عليه لا يقل لأحدهما قبل الآخر حتى و لو كان كافراً فإنه لا يقدم المسلم عليه في الدخول و إن كان بعض العلماء قال : إذا كان أحدهما كافراً فإنه يقدم المسلم عليه في الدخول لكن المقام مقام حكم فالواجب فيه العدل وهذا كفره عليه و هذا إسلامه له هذا إذا كان الدخول يحتاج إلى تقديم و تأخير. أما إذا كان الباب مفتوحاً فإنه لا يلزمه أن يجعل عند الباب رجلاً يقول : ادخلا جميعاً يجعل الأمر موكولاً إلى الخصوم من جاء فليدخل دخل قبل الثاني أو بعده لكن إذا كان هناك ترتيب في الدخول فلا يقدم أحد على الآخر هذا طريق الحكم. أما الحكم فإذا علم أن الحق مع أحدهما وجب عليه أن يحكم به له مهما كان سواء كان عدواً أو صديقاً (( فاحكم بين الناس بالحق )) الناس أصلها الأناس لكنها حذفت الهمزة تخفيفاً كما حذفت من شر و خير قال الله تعالى : (( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ )) أي ما هو أشر من ذلك.
ثم قال : (( ولا تتبع الهوى )) (( الهوى )) هوى النفس و إنما نهاه عن اتباع الهوى تعظيماً لهذا الأمر و لا يلزم من نهيه عنه أن يكون ممكناً في حقه ، كما قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )) و لا يلزم من هذا أن يكون الإشراك في حقه ممكنا. و قد يقال إن الله نهاه عن اتباع الهوى لقوة الهوى في البشر فإن الهوى في البشر أمر مفطور عليه البشر لأنه يندر أن شخصاً يتقدم إليه أبوه مع شخصاً آخر عدو له يندر أن يكون له هوى أو يتقدم إليه شخص من أصدقائه الحميمين و آخر من أعدائه الألداء ثم لا يميل مع الأول يندر هذا فلقوة الداعي و هو الهوى نهى الله عنه وإن كان لا يمكن في حقه.
و قوله : (( ولا تتبع الهوى )) أي هوى النفس (( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )) (( فيضلك )) فالفعل هنا مضارع و لكنه منصوب. فلماذا كان منصوباً ؟ لأنه وقع بعد النهي و المضارع إذا اقترنت به الفاء بعد النهي صار منصوباً بأن مضمرة وجوباً. و قوله : (( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )) أي يجعلك تضل وتحيد يميناً وشمالاً. و قوله : (( عن سبيل الله )) قال المؤلف : " أي عن الدلائل الدالة على توحيده " هذا ضعيف جداً هذا التفسير بل المراد بـ (( سبيل الله )) طريقه الموصل إليه لأن السبيل في الأصل هو الطريق وأضيف إلى الله لأن الله هو الذي وضعه و هو الذي شرعه و لأن هذا السبيل يؤدي إلى من ؟ يؤدي إلى الله فأضيف إلى الله باعتبار وضعه و باعتبار نهايته. و إذا قلنا بما ذكرت : أن المراد (( عن سبيل الله )) أي عن طريقته و شريعته صار أعم مما قال المؤلف و ألصق باللفظ لأن السبيل في اللغة معروف أنه الطريق و ليس الدلائل الدالة على التوحيد و لكن الدلالة الدالة على التوحيد لا شك أن النظر فيها من شريعة الله (( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )).
6 - التعليق على تفسير الجلالين : (( مئاب ياداود إنا جعلناك خليفة فى الأرض )) تدبر أمر الناس (( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى )) أي هوى النفس (( فيضلك عن سبيل الله )) أي عن الدلائل الدالة على توحيده . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ... إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) .
أولاً : تفادياً لمخاطبة داود بذلك .
و ثانياً : ليكون أعم .ففيه فائدتان : الأولى : تفادى مخاطبة داود بذلك .
و الثاني : إرادة العموم .
طيب و لهذا قال الله تعالى : (( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ ))[عبس2:3]. فعبر بالفعل الماضي الدال على الغائب (( عبس وتولى )) ولم يقل : عبست فتوليت أن جاءك الأعمى وما يدريك لعله يزكى ، بل قال : (( عبس )) تفادياً لمخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الوصف.
و قوله : (( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )).
7 - تفسير قول الله تعالى : (( ... إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين يضلون عن سبيل الله )) أي عن الإيمان بالله (( لهم عذاب شديد بما نسوا )) بنسيانهم (( يوم الحساب )) المرتب عليه تركهم الإيمان ، ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا .
(( لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) الجملة خبر إن وأين اسمها ؟ (( الذين )) هذا الاسم (( و لهم عذاب شديد )) خبرها فالجملة هنا خبر لـ إن وكل جملة تقع خبراً فلا بد فيها من رابط يربك بين هذه الجملة وبين المبتدأ و الرابط هنا الضمير في قوله : (( لهم عذاب شديد )) و قوله : (( شديد )) أي القوي و عظيم ويدلك لقوته و عظمته ما وصفه الله به في القرآن الكريم من صفات تنزعج لها القلوب و تتفتر لها الأكباد. و قوله : (( شديد )) أي قوي (( بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )) أي بسبب نسيانهم يوم الحساب فالباء هنا للسببية و (( ما )) مصدرية ولهذا قال المؤلف : " بنسيانهم يوم الحساب المرتب عليه تركهم للإيمان ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا ". و قوله : (( بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )) المراد بيوم الحساب يوم القيامة و أضيف إلى الحساب لأن الناس يحاسبون فيه على أعمالهم و أول ما يحاسب به الإنسان فيما يتعلق بحق الله الصلاة و أول ما يحاسب عليه فيما يتعلق بحق الآدميين هو الدماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أول ما يقضى بين الناس في الدماء ) نعم .
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين يضلون عن سبيل الله )) أي عن الإيمان بالله (( لهم عذاب شديد بما نسوا )) بنسيانهم (( يوم الحساب )) المرتب عليه تركهم الإيمان ، ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا . أستمع حفظ
هل سجدة داود في سورة ص هي للتلاوة أم للتوبة .؟
الشيخ : نعم ، أما بالنسبة لدواد فهي سجدة التوبة و لهذا قلنا : أن المشروع في شرعنا أن يصلي ركعتين لا أن يسجد مرة واحدة . أما بالنسبة لنا نحن تالي القرآن فإن السجدة سجدة تلاوة و لهذا يسن للإنسان و لو كان في الصلاة خلافاً لمن قال : إن سجدة "ص" لا يسجد بها في الصلاة فإن هذا قول ضعيف ، نعم .
السلامة من الهوى كيف تكون .؟
الشيخ : أبداً ما يسلم إذا لم ..... بالله لكن بعض الناس قد يسلم من الهوى لا تديناً و مراقبة لله و لكن خوفاً من العار مثل أن تكون القضية واضحة فيحكم بخلاف الطرح فهذا ربما لا يهمه أن يكون ذلك قسط الله ولكن خوفاً من العار الذي يصيبه بين الناس ، نعم .
هل المستغفر تغفر ذنوبه قبل القدوم على الله .؟
الشيخ : كيف ؟
الطالب : .....
الشيخ : من علمنا أن الله غفر له فهو مغفور له. فهنا دواد غفر الله له فإذا غفر الله له ما نحاسبه على ذلك ، نعم.
هل يشرع للإنسان أن يمتنع عن القضاء حتى لا يفتن .؟
الشيخ : لا ، القضاء فرض كفاية و إذا لم يوجد صالحاً إلا هو يتعين عليه و لهذا ينبغي للإنسان أن يتخذ القضاء ولاية و ديناً ، أما كونه ولاية فظاهر أنه يتولى أمر الناس و يحكم بينهم و أما كونهم ديناً فلأن هذا فرض كفاية ، لا بد للناس من القضاء و لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقضي بين الناس فيقتدي بالرسول صلى الله عليه و سلم في هذا ويحصل له الخير الكثير ، نعم .
فوائد قول الله تعالى : (( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) .
و من فوائد الآية الكريمة : أن الأمر أمر الله هو الذي ينصب من شاء و يعزل من شاء .
و منها : أنه لا مانع من أن يقول القائل للسلطان له السلطة العليا في الأرض أن يقول له : إنه خليفة الله. و لا يعني ذلك أن الله سبحانه و تعالى محتاج إلى أن يستخلف أحداً ليقوم عنه بتدبير الخلق و لكنه خلفه أي جعله حاكماً بين الناس بما شرع الله سبحانه و تعالى .
و من فوائد الآية الكريمة : وجوب الحكم بين الناس بالحق لقوله : (( فاحكم بين الناس بالحق )) .
و يتفرع على هذه الفائدة أن منصب القضاء فرض كفاية كما قال ذلك أهل العلم و إذا لم يوجد إلا الشخص المعين المؤهل فإنه يكون في حقه فرض عين .
و من فوائد الآية الكريمة : أنه لا ينبغي للشخص إذا وكل إليه تولي القضاء أن يفر منه ما دام يعرف من نفسه الكفاءة . و ذلك لأنه إذا فر منه وفر الثاني منه و الثالث و الرابع تعطل هذا المنصب العظيم الذي هو منصب الرسل. و لكن إذا أتى الإنسان هذا الشيء بدون سؤال فليستعن بالله فإن الله يعينه على هذا ، تعال هنا يا هداية أكمل الأول فالأول بارك الله فيك ، نعم .
و من فوائد الآية الكريمة : أنه يجب أن يحكم بين الناس بالحق سواء كان ذلك في طريق الحكم أو في نفس الحكم. ففي طريق الحكم يجب أن يعدل بين الناس في كل شيء ، حتى قال أهل العلم : " يجب أن يعدل بين الخصمين في لفظه و لحظه و مجلسه و دخولهما عليه فلا يقدم أحد في ذلك على أحد " ، تقدموا أنتم ، ما في مكان . أما في الحكم فأن يحكم بينهم بمقتضى الشريعة و ما تقتضيه الشريعة فهو العدل بلا شك . إذاً بالحق يشمل الحكم و طريق الحكم ، أما طريق الحكم فهو معاملة الخصمين بحيث تكون المعاملة بينهما على وجه العدل و أما في الحكم فإن يحكم بما تقتضيه الشريعة و ما تقتضيه الشريعة فلا شك أنه الحق .
و من فوائد هذه الآية : أنه لا يجوز للقاضي الحاكم بين الناس أن يحابي أحداً لقرابة أو صداقة أو غنى أو فقر أو جاه أو غير ذلك لقوله : (( بالحق )) و يؤيد هذا قوله : (( ولا تتبع الهوى )). و يستفاد من هذا الآية أنه في المقام الهام ينبغي أن يذكر الإثبات المطلوب و يذكر النفي المطلوب و ذلك من أجل إتمام الإثبات المطلوب. كأنه قال : احكم بالحق حكماً لا يدخله الهوى و هذه فائدة واضحة يعني الشيء المهم إذا ذكرت الصفاة المطلوبة فينبغي أيضاً أن تذكر الصفات التي لا تطلب من أجل أن تكون الصفات المطلوبة مجردة عن الصفات غير المطلوبة لأن من الكمال إثبات الكمال و نفي ضده فمثلاً : (( احكم بين الناس بالحق )) هذا إيش ؟ إثبات كمال ، (( ولا تتبع الهوى )) نفي ضده. و إنما يؤتى بنفي الضد من أجل أن يتبين أن المطلوب ينبغي أن يكون مجرداً عن كل ما ينافيه .
و من فوائد الآية الكريمة : أن اتباع الهوى سبب للإضلال عن سبيل الله لقوله : (( فيضلك عن سبيل الله )). و لكن هل الإضلال في نفس المخالفة أو أن المخالفة نفسها ضلال و تكون سبباً لإضلال آخر ؟ الجواب الثاني فإن الهوى يجلب للإنسان الضلال كما أنه هو نفسه ضلال. فإذا اتبعت الهوى في قضية ما فانتظر اتباع الهوى في القضية التي تليها لأن المعصية قبل أن يقع فيها الإنسان يجد نفسه تستوحش منها و تنفر فإذا فعلها مرة هانت عليه انكسر الحجاب فإذا هانت عليه أول مرة هانت عليه المرة الثانية ثم الثالثة حتى تصبح و كأنها لا شيء و لهذا يضرب العامة مثلاً له فائدة يقولون : بكثرة الإمساس يقل الإحساس. يعني إذا أكثر الإنسان من مماسة الشيء قل إحساسه به. الحاصل أن اتباع الهوى انتبه ضلال بنفسه ، كمل وسبب للضلال و وجه ذلك أن المعصية تنفر منها النفس فإذا فعلتها مرة نعم هانت عليه ثم الثانية أهون و الثالثة أهون و الرابعة أهون حتى تصبح المعصية و كأنها ليست بمعصية و لهذا قال : (( فيضلك عن سبيل الله )). فتجد قاضياً مثلاً لا يمكن أن يحكم بالحيف و الجور و تجده ينافر من ذلك فإذا حكم مرة هان عليه .... الثانية و هان عليه و الثالثة و الرابعة و هكذا و لهذا قال : (( و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )) و يمكن أن يقال : إن هذا لا يختص بالحكم بين الناس أي أن اتباع الهوى سبب للضلال عن سبيل الله في كل شيء حتى في غير الحكم حتى في المعاصي الخاصة التي في نفسك إذا اتبعت هواك فيها فاعلم أن هذا سبب للإضلال عن سبيل الله. فعليك أن تتوقى المعاصي فإنها كلها شر .
و من فوائد الآية الكريمة : أن دين الله تعالى واحد لا يتشعب لقوله : (( عن سبيل الله )) فأفردها و يدل لهذا قوله تعالى : (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )). فسبيل الله واحدة و لكن ما خالفها فهو المتشتت هذا سببه الهوى ، و هذا سببه خشية الناس و هذا سبيه كذا ، و هذا سبيه كذا فتتفرع السبل .
و من فوائد الآية الكريمة : الثناء العظيم على شريعة الله و ذلك بإضافتها إلى الله لأن كلما أضيف إلى الله فإنه إذا كانت الإضافة خاصة فإن الإضافة تدل على شرفه .
و من فوائد الآية الكريمة : أن الضالين عن سبيل الله متوعدون بهذا الوعيد (( لهم عذاب شديد )) أي قوي. و يتفرع على هذه الفائدة : الحذر من الضلال عن سبيل الله .
و من فوائد الآية الكريمة : أن من أسباب الضلال على سبيل الله نسيان يوم الحساب و الغفلة عنه و الانغماس في الدنيا حتى تنسي الإنسان ما خلق له وما هو مقبل عليه و لهذا قال : (( بما نسوا يوم الحساب )) أي غفلوا عنه ليس المراد النسيان الذنوب التي يعفا عنه بل المراد بالنسيان الترك الذي هو الغفلة و عدم المبالاة به .
و من فوائد الآية الكريمة : الحذر من الانغماس في الدنيا الذي يوجد نسيان يوم الحساب. و من ثم حرم الشرع كل لهو يلهو به الإنسان و قال : كل لهو يلهو به الإنسان فهو باطل إلا ما استثنى يعني باطل ليس فيه خير ثم قد يكون محرماً و قد يكون ضياعاً للوقت بدون تحريم لكن كل اللهو يصد عن سبيل الله وينسي يوم الحساب و لذلك تجد أقل الناس إيماناً بيوم الحساب أكثرهم ممارسة للملاهي...