تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أو يتفرع على هذا أن يعرف الإنسان عداوة أعداء الله الذين أغرقونا بالملاهي وأنواعها حتى صرفوا الشباب الإسلامي عما ينبغي أن يؤهل نفسه له ، فأغرقوه بالملاهي بأنواعه حتى صار الإنسان كأنما خلق لهذا اللهو وصار رأس ماله و عقب ماله كله هو هذا اللهو لا يتكلم إلا به و من فاز له و من لم يفز فضاع الشباب بسبب هذا اللهو الذي انغمسوا فيه و نسوا يوم الحساب إلا ما شاء الله .
ومن فوائد هذه الآية : إثبات الأسباب ، من أين تؤخذ ؟ من قوله : (( بما نسوا يوم الحساب )) لأن الباء هنا للسببية و يتفرع على هذا الفائدة إثبات حكمة الله عز و جل و أنه تعالى لا يفعل شيئاً إلا لسبب يقتضيه حتى إن بعض أهل العلم قال : " إن كون الله عز و جل خلق السماوات في ستة أيام دون أن يخلقها بلحظة من أجل ترتب هذا الخلق بعضه على بعض حتى تكون الأسباب فاعلة فعلها " فتنتج الشيء شيئاً فشيئاً حتى يتم. و هذا ليس ببعيد ما دمنا نؤمن بأن الله تعالى حكيم و أن كل شيء فإنه يكون بسبب فلا يستبعد أن يكون بقاء خلق السماوات و الأرض ممتداً إلى ستة أيام هو من أجل هذا ، من أجل أن يترتب الخلق بعضه على بعض و ينبني بعضه على بعض حتى يكون مطابقاً للحكمة و إلا فنحن نعلم علم اليقين لو شاء الله لقال : كن فيكون في لحظة لكن الله عز و جل حكيم .
و من فوائد الآية الكريمة : إثبات الحساب في الآخرة لقوله تعالى : (( بما نسوا يوم الحساب )) و كيف هذا الحساب ؟ الحساب يختلف. حساب مؤمن أن يخلو الله به من غير أن يطلع عليه أحد فيقرره بذنوبه يقول : فعلت كذا و فعلت كذا حتى إذا رأى أنه هلك قال الله له : ( إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) هذا حساب المؤمن و هذا حساب يسير (( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا )) و ما أيسر أن يخلو بك الله عز و جل وحدك ليس عندكم أحد و يكلمك ليس بينكما ترجمان و يقول: ( إني سترتها عليك في الدنيا و أنا أغفرها لك اليوم ) الحمد لله نعمة . فأما الكافر فليس كذلك. الكافر ينادى عليه على رؤس الخلائق (( هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )) يجزون و يفضحون (( كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )) فهم يحصون بأعمالهم و يفضحون بها .
ثم قال الله تعالى : (( و مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا )) أي عبثاً (( ذلك )) أي خلق ما ذكر لا لشيء (( ظن الذين كفروا )) من أهل مكة (( فويل )) وادٍ (( للذين كفروا من النار )).
1 - تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) .
2 - تفسير قول الله تعالى : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا )) أي عبثا (( ذلك )) أي خلق ما ذكر لا لشيء (( ظن الذين كفروا )) من أهل مكة (( فويل )) واد (( للذين كفروا من النار )).
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا )) أي عبثا (( ذلك )) أي خلق ما ذكر لا لشيء (( ظن الذين كفروا )) من أهل مكة (( فويل )) واد (( للذين كفروا من النار )). أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) .
الأول : (( الذين آمنوا )) .
و الثاني : (( كالمفسدين في الأرض )) .
يعني لا يمكن أن نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض. و قوله : (( الذين آمنوا )) يعني صدقوا بما يجب التصديق به على وجه القبول و الإذعان يعني تصديقاً مستلزماً للقبول و الإذعان. و قوله : (( و عملوا الصالحات )) أي عملوا الأعمال الصالحات ، و الأعمال الصالحات هي التي اجتمع فيها شيئان :
أولهما : الإخلاص لله عز وجل .
و الثاني : المتابعة لشريعة الله .
فمن عمل عملاً موافقاً للشريعة في ظاهره لكنه يرائي فيه فعمله ليس بصالح ، ما الذي اختل فيها يا بندر ؟
الطالب : .....
الشيخ : الإخلاص لله و الذي عمل عملاً مخلصاً فيه لله يريد به وجه الله لكنه على غير الشريعة هل هو صحيح أو لا ؟
الطالب : غير صحيح .
الشيخ : ليش ؟
الطالب : ....
الشيخ : عدم الموافقة لشريعة الله . طيب إذاً لا بد من أن يكون مخلصاً لله موافقاً لشريعة الله.
و قوله : (( كالمفسدين في الأرض )) (( كالمفسدين )) إذا قال الله : الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين فالمفسد هو مقابل الذين آمنوا و عملوا الصالحات. فيكون المراد بالمفسدين في الأرض الكفار الذين يعملون السيئات. فكل كافر فهو مفسد في الأرض في مقابل إيش ؟ الذين آمنوا ، و كل عاصٍ فهو مفسد في الأرض في مقابل وعملوا الصالحات. فالشيء يعرف بمقابله. فإذا كان الله قال : الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين علمنا أن المفسد هو من قابل الذين آمنوا و عملوا الصالحات يعني من كان ضدهم. فالكفار مفسدون في الأرض و أهل المعاصي مفسدون في الأرض و لهذا فسر أهل العلم قوله تعالى : (( وَ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ))[الأعراف:56] فسروا ذلك بالمعاصي قالوا : لا تفسدوا في الأرض بالمعاصي. و هذا التفسير صحيح يشهد له قوله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))[الروم:41] طيب ، هدم البيوت هل هو فساد في الأرض ؟ ليس بالفساد لا تنفي و لا تثبته ، إن هدمها الإنسان ظلماً و عدواناً فهو فساد في الأرض لأنه معصية لا يجوز الإنسان أن يعتدي على بيت أخيه فيهدمه و إن هدمها لإصلاحها فهذا ليس فساداً في الأرض. طيب يقول : (( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ )) هذه أيضاً بمعنى بل و همزة الاستفهام الذي يراد به الإنكار والنفي (( أم نجعل المتقين )) أي نسير المتقين كالفجار يعني لا يمكن أن نجعل المتقي كالفاجر ، نعم المتقي من ؟ من اتخذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره و اجتناب نواهيه. هذا المتقي و هذا أجمع ما قيل في تعريف المتقي أنه إيش ؟ من اتخذ ، هداية الله .....ذلك اتخذ إيش ؟
الطالب : .....
الشيخ : الظاهر أنك ما أخذت بالك أنك سرحت شوي يعني طلع الفكر صح ،
المتقي من اتخذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه هذا المتقي ، طيب. (( الفجار )) من الفجار ؟ خلاف المتقين يعني الذين فجروا و خرجوا عن طاعة الله إلى معصية الله ، هنا قابل المتقي بالفاجر و في سورة المطففين قابل الفاجر بالبر فقال : (( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ))[المطففين:7] ثم قال : (( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ))[المطففين:18]. و منه نأخذ أن التقوى و البر إذا افترقا اجتمعا و إذا اجتمعا افترقا يعني أن البر كلمة إن ذكرت وحدها فهي شاملة للتقوى. و التقوى إن ذكرت فهي شاملة للبر. و إن جمعتا جميعاً فقيل : البر و التقوى صار البر فعل الطاعة و التقوى اجتناب المعصية فقوله تعالى : (( وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى ))[المائدة:2] يعني على فعل الطاعات و ترك المعاصي ، نعم .
4 - تفسير قول الله تعالى : (( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) . أستمع حفظ
كيف نفسر تورع السلف عن القضاء .؟
الشيخ : نعم نقول : هذا ورع في غير محله ، أو لعلهم يجدون في القوم من هو خير منهم و الرسول قال : ( قاضيان في النار وقاضي في الجنة ) لماذا لا تأخذ القرار و تكون من القسم الثالث فالورع الذي ورد عن بعض السلف هذا في غير محله إلا إذا كانوا يجدون في القوم من هو خير منهم فيكون هذا في محله .
الطالب : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ )).
الشيخ : أعد ، أعد ؟
الطالب : (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ و لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ )) .
الشيخ : ليش تسكن الراء ؟ الراء ساكنة ؟
الطالب : (( ليتذكرَ )) .
الشيخ : نعم .
الطالب : (( وَ وَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ )) .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى في آخر ما شرحناه و أخذنا فوائده على قوله : (( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )) أخذنا فوائدها .
فوائد قول الله تعالى : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) .
و من فوائد الآية الكريمة : أن الذي خلقها هو الله لقوله : (( و ما خلقنا السماء والأرض )) و هذا كقوله تعالى : (( أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ )) يتحداهم هل هم الذين خلقوا السماوات و الأرض .
و من فوائدها : أن الله تعالى خلقها لحكمة عظيمة ليس فيها سفه لقوله : (( باطلاً )) فإن نفي خلقها باطلاً يستلزم أنه خلقت لحكمة عظيمة بالغة و هو كذلك و هذا فرد من أفراد مخلوقات الله عز و جل فإن الله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً و لم يشرع شيئاً عبثاً بل كل ما خلقه و شرعه و دبره فهو لحكمة عظيمة أحياناً نعرفها و أحياناً لا نعرفها .
و من فوائد الآية الكريمة : إثبات الحكمة في أفعال الله لقوله : (( وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا )) إذا لو انتفت الحكمة لأمكن أن تخلق السماء و الأرض باطلاً .
و من فوائد الآية الكريمة : أنه لا يظن أحدٌ أن الله خلق السماء و الأرض باطلاً إلا الكافر لقوله : (( ذلك ظن الذين كفروا )) .
و من فوائدها : أن من ظن ذلك فهو كافر و الفرق بين الفائدتين : أن الفائدة الأولى يكون الكفر سابقاً على هذا الظن فيكون الكفر سبباً لهذا الظن . و أما الفائدة الثانية فهي أن هذا الظن سابق على الكفر فيكون هذا الظن سبباً للكفر. واضح يا هداية الله ، طيب إذاً لا يظن أحد أن الله خلق السماوات و الأرض باطلاً إلا كفار. إذا ظن أحد أن الله خلق ذلك باطلاً صار كافراً .
و من فوائد الآية الكريمة : إثبات الوعيد للكفار في قوله : (( فويل للذين كفروا من النار )) و أنهم سيدخلون النار و هم أيضاً مخلدون فيها أبداً كما ذكر الله ذلك في ثلاث آيات من كتاب الله في سورة النساء في قوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )) و في سورة الأحزاب (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )) و في سورة الجن (( وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )). و بعد هذه الأيات الثلاث لا ينبغي أن يلحقنا الشك في أبدية النار و إن قاله من قاله من الناس لأن هذا كلام الله و هو خبر. و الخبر لا يمكن أن يكذب و لا يمكن أن يلحقه نسخ ، الخبر في كتاب الله لا يمكن أن يكذب و لا يمكن أن يحلقه النسخ. فلا عبرة بقول من قال : إن النار لا تؤبد بل قوله مردود باطل ، مردود بدلالة القرآن الصريحة .
6 - فوائد قول الله تعالى : (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) .
و من فوائد الآية الكريمة (( أم نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات )) : أن الإيمان و العمل الصالح سبب لصلاح الأرض و هذا يؤيده آيات كثيرة مثل قوله تعالى : (( وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ وَ لَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )).
و من فوائدها أيضاً : أن المعاصي سبب للفساد في الأرض لأنه قابل هذا بالإيمان و العمل الصالح و يشهد لهذا قوله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ )) فكل فساد يحدث في الأرض من جدب و فقر و مرض و فساد ثمار و غير ذلك فإنه بسبب المعاصي (( بما كسبت أيدي الناس )) .
و من فوائدها أيضاً : أن الله لا يمكن أن يجعل المتقين كالفجار في مآلهم فالمتقي في جنات النعيم و الفجار في عذاب الجحيم (( أم نجعل المتقين كالفجار )) يعني لا يمكن أن نجعل المتقي كالفاجر في مآله لأن المتقي مآله الجنة و الفاجر مآله النار .
7 - فوائد قول الله تعالى : (( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) نزل لما قال كفار مكة للمؤمنين : إنا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون . و ( أم ) بمعنى همزة الإنكار .
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )) نزل لما قال كفار مكة للمؤمنين : إنا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون . و ( أم ) بمعنى همزة الإنكار . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) .
أولاً : أنه مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال تعالى : (( بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ )) .
ثانياً : أنه مكتوب في الصحف التي بأيدي الملائكة كما قال تعالى : (( كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة )) .
ثالثاً : أنه يكتب في المصاحف كما هو معروف ، و ربما يدعي مدعٍ أنه بمعنى مفروض فعال بمعنى مفروض أي مفروض على الأمة الإيمان به و العمل به فيكون هذا معنى رابع لكلمة مكتوب .
و قوله : (( أنزلناه إليك )) أنزل الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم و إنزاله إلى محمد من الله يدل على أنه كلام الله ، وجه ذلك أن هذا الكتاب كلام و الكلام لابد له من متكلم فإذا كان الله هو الذي أنزله لزم أن يكون هو المتكلم به فيكون في هذا إثبات أن القرآن كلام الله ، و في قوله : (( أنزلناه إليك )) و أحياناً يأتي التعبير بـ (( أنزلناه عليك )) و الجمع بينهما أن إلى تفيد الغاية أي أن غاية هذا الإنزال إلى محمد صلى الله عليه و سلم و على تفيد الاستعلاء و ذلك لأن هذا القرآن جاء من علا أي من فوق من الله عز و جل ثم إن في على إفادة التحمل للشيء أنزله عليك يعني لتتحمله و تقوم به فالفرق إذاً من وجهين :
الوجه الأول : أن إلى تفيد الغاية أي أن غاية الإنزال إلى محمد لا يتعداه إلى غيره و لا نبي بعده .
و الثاني : أما على فتفيد الاستعلاء أي أنه نزل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم من فوق و تفيد أيضاً التحمل لأنه نزل عليه كأنه فوقه و الشيء الذي فوقك لا بد أن تتحمله و يؤيد هذا قوله تعالى : (( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا )). و قوله : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ )) مما يدل على ثقله و هو كذلك.
9 - تفسير قول الله تعالى : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( كتاب )) خبر مبتدأ محذوف أي هذا (( أنزلناه إليك مبارك ليدبروا )) أصله ليتدبروا أدغمت التاء في الدال (( ءاياته )) ينظروا في معانيها فيؤمنوا (( وليتذكر )) يتعظ (( أولوا الألباب )) أصحاب العقول .
الوجه الأول : في الثواب الحاصل بتلاوته فإن من قرأ حرفاً منه فله بكل حرف عشر حسنات و هذه بركة عظيمة.
و ثانياً : مبارك من حيث الأثر المترتب على تلاوته سواء كان عاماً أم خاصاً. فالخاص ما يحصل للإنسان بتلاوة القرآن من إشراح الصدر و نور القلب و طمأنينته كما هو مجرب لمن قرأ القرآن بتدبر ، و أما العام فإن الله تعالى فتح بهذا القرآن مشارق الأرض و مغاربها فإن المسلمين لما كانوا متمسكين بهذا الكتاب سادوا العالم كله و لا شك أن هذا من البركة بهذا القرآن .
ثالثاً : ما يحصل بهذا القرآن من اجتماع الكلمة و حفظ اللغة الأصيلة للقوم الذين نزل بلغتهم. فإن من المعلوم أن الناس إذا كانوا على لغة واحدة صاروا إلى الاجتماع أقرب و إذا تفرقت لغاتهم صاروا إلى التفرق أقرب لأن إذا اتفقت لغتهم استطاعوا أن يتفاهموا فيما بينهم و أن يعرف بعضهم ما عند بعض و إذا اختلفت اللغات لم تحصل هذه الفائدة فهذا من بركة القرآن الكريم ، و له أوجه أخرى ربما لا نستطيع أن نستوعبها في هذا المكان لكنها ظاهرة من تأملها .
و قوله : (( لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )) هذه متعلقة بـ (( أنزلناه )) يعني أنزلناه ليدبروا آياته و التدبر معناه تكرار اللفظ على القلب دبراً بعد دبر حتى يتضح المعنى يعني هو عبارة عن التأمل في معاني القرآن و ترديد هذا التأمل حتى يتضح ما فيه من المعنى ، و أصل هذه الكلمة (( ليدبروا )) أصلها ليتدبروا فأدغمت التاء في الدال ليتدبروا إذا أدغمنا التاء في الدال جعلنا التاء دالاً فصارت (( ليدبروا آياته )) و قوله : (( آياته )) جمع آية و الآية هي ما تنتهي بفاصلة و من حفظ الله لهذا القرآن أن آياته محفوظة مرقمة أو محجوز بعضها عن بعض إلى يومنا هذا. و الآيات هي العلامات ، علامات على أي شيء ؟ علامات على أن هذا القرآن من عند الله عز و جل بما تحويه من اللفظ و المعنى و لهذا كانت الآية الواحدة معجزة للبشر بل معجزة للخلق كلهم لأنها آية من آيات الله فقال : " لينظروا في معانيها فيؤمنوا " هذه حكمة من حكم إنزال القرآن أن يتدبر الإنسان في الآيات ، الثانية قال : (( وَ لِيَتَذَكَّرَ )) يتعظ (( أُوْلُوا الأَلْبَابِ )) أصحاب العقول. هذه الفائدة الثانية لكن جعل التذكر بعد التدبر لأنه لا يمكن أن يتعظ الإنسان بالشيء إلا إذا عرف المعنى الذي يتضمنه فتدبر أولاً ثم تذكر ثانياً ،
فأولاً : أن يقرأ الإنسان القرآن .
المرحلة الثانية : أن يتدبره لفهم معانية .
المرحلة الثالثة : أن يتعظ به ، و الاتعاظ بالقرآن هو التأثر به ، التأثر في القلب و التأثر في الجوارح فالتأثر بالقلب إخلاص العبد لله و إنابته إليه و توكله عليه و ما أشبه ذلك من أعمال القلوب. و بالجوارح القيام بطاعة الله بالجوارح الظاهرة مثل الطهارة و الصلاة و الزكاة و الصوم و غير ذلك. إذاً الفائدة من إنزال هذا القرآن المبارك تتركز على شيئين هما : التدبر و الاتعاظ . (( و ليتذكر أولوا الألباب )) (( أولوا )) بمعنى أصحاب و هي ملحقة بجمع المذكر السالم لأنه ليس لها مفرد من لفظها بل لها مفرد من معناها ، إذا قلنا : معناها أصحاب صارت مفردها من المعنى صاحب فأولوا جمع صاحب باعتبار المعنى و لهذا نقول : إنها ملحقة بجمع المذكر السالم لأنه لا مفرد لها و جمع المذكر السالم هو ما سلم فيه بناء المفرد فإذا لم يكن لها مفرد لم يكن جمعاً فيلحق به.
و قوله : (( أولوا الألباب )) يعني أصحاب العقول لأن صاحب العقل هو الذي يتعظ أما من لا عقل له فإن لا ينتفع بذلك. طيب العقول هي عقول الرشد و ليست عقول الإدراك لأن العقل عقلان : عقل إدراك و عقل رشد فعقل الإدراك هو ما يتعلق به التكليف، و عقل الرشد ما يكون بحسن التصرف ، فالكفار مثلاً لهم عقول لكن عقول إيش ؟ عقول إدراك لأن هذا هو الذي يتعلق به التكليف. و ليس لهم عقول يعني ليس عقول رشد لأنهم لم يحسنوا التصرف و كل من لا يحسن التصرف فإنه يصح أن ينفى عنه العقل قال الله تعالى : (( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ))[البقرة:44]. و نحن فيما بيننا إذا وجدنا شخصاً يسيء التصرف قلنا : هذا غير عاقل. و إن كان عاقلاً من حيث الإدراك لكنه ليس عاقلاً من حيث التصرف. و العقل الذي يمدح هو عقل الرشد أما عقل الإدراك فهذا يحصل لكل أحد حتى للكفار و الفجار. و قوله : (( ألباب )) جمع لب و لب كل شيء المقصود منه ، هذا لب الشيء و المقصود منه فالحبة مثلاً لبها ما كان بداخلها المخ الذي بداخلها هو اللب و ما فوقه فهو قشور ، البيضة الذي في داخلها هو اللب و ما فوقه قشور .
10 - التعليق على تفسير الجلالين : (( كتاب )) خبر مبتدأ محذوف أي هذا (( أنزلناه إليك مبارك ليدبروا )) أصله ليتدبروا أدغمت التاء في الدال (( ءاياته )) ينظروا في معانيها فيؤمنوا (( وليتذكر )) يتعظ (( أولوا الألباب )) أصحاب العقول . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب )) .
كذا قال المؤلف : " سليمان ابنه " من أين عرف المؤلف أنه ابنه ؟ ألا يجوز أن يكون المراد (( وَ وَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ )) يعني خادمه ؟ فالجواب لا لأن الله سبحانه وتعالى سمى الأولاد هبة في قوله : (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ )) يعني يصنفهم (( ذُكْرَانًا وَ إِنَاثًا وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا )). قال : (( نِعْمَ الْعَبْدُ )) أي سليمان و الجملة إنشاء للمدح و الثناء يعني أنه يؤتى بها للمدح و الثناء و على نقيضها بئس فإنها كلمة لإنشاء الذم. و قوله : (( نعم العبد )) المعروف أن نعم و بئس تحتاج إلى فاعل و مخصوص بالمدح في نعم و الذم في بئس .