تفسير سورة ص-10a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
فوائد قول الله تعالى : (( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين )) .
إثبات أنه صلى الله عليه وسلم مبين لكل ما أنذر به لأن معنى مبين ؟
الطالب : معنى مبين...
الشيخ :لا. هذا كلام المؤلف. لكن نحن ذكرنا معناً آخر.
نعم . مظهر. مظهر للحق و الوحي الذي جاء به.
و من فوائدها أنه لا يمكن أن يكون في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم شيء مجهول أبدا. بل كل ما جاء به فهو بين لكن الجهل أمر نسبي قد يكون المجهول شيئا معينا لبعض الناس و هو بين معلوم لأناس آخرين. ثم قال تعالى (( إذا قال ربك للملائكة )) إلى آخر الآيات. في هذه الآيات إثبات الكلام لله عز وجل لقوله : (( إذا قال ربك للملائكة إني خالق )). و إثبات أن كلامه بصوت مسموع تسمعه الملائكة في هذه القصة. و إثبات أنه بحرف أي بحروف متتابعة يتبع بعضها بعضا لقوله : (( إني خالق بشرا من طين )) و كل هذا تأييد لمذهب أهل السنة و الجماعة. و فيه أيضا إثبات أن الكلام يتعلق بمشيئته حيث ذكره هذا القول في وقت معين. و في هذا رد على مذهب من سوى أهل السنة و الجماعة من الأشاعرة و المعتزلة و غيرهم.
و من فوائد هذه الآيات إثبات الخلق لله و أنه متعلق بمشيئته لقوله : (( إني خالق بشرا )) أي سأخلقه.
و من فوائدها إثبات أن أصل بني آدم هو الطين و لهذا جاءت طبائع بني آدم و ألوان بني آدم جاءت مختلفة كاختلاف تربة الأرض : فيها السهل و اللين و الأحمر و الأبيض و الأسود و الحزن و الصعب لأنهم خلقوا من هذه التربة فصار اختلافهم كاختلاف الأصل الذي خلقوا منه. و فيه إثبات أن بني آدم خلقوا من الطين و في آية أخرى أنهم خلقوا من تراب و في آية ثالثة من صلصال كالفخار و لا منافاة بين هذه الأشياء أو بين هذه الآيات لأن التراب أصله طين و الطين أصل الصلصال الذي كالفخار فإنه تراب يضاف إليه الماء يكون طينا يمكث مدة ثم يتحجر فيكون صلصال .
و من فوائد هذه الآيات إثبات الأفعال لله سبحانه و تعالى لقوله (( فإذا سويته )) و أن أفعاله تتعلق بمشيئته لأن إذا شرطية تفيد المستقبل .
و من فوائد هذه الآيات أن الله تعالى أتم خلق آدم و سواه كما قال تعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) .
و من فوائدها تشريف الروح التي نفخت في آدم لقوله : (( ونفخت فيه من روحي )) و هذا تشريف من وجهين: الوجه الأول أن الله هو الذي نفخ و لم يأمر أحدا من الملائكة بنفخها ، و الثاني أن الله أَضاف هذه الروح إلى نفسه المقدسة .
و من فوائد الآية أن العبادة طاعة الله على أي وجه كانت حتى وإن كانت محرمة في وقت من الأوقات لقوله : (( فقعوا له ساجدين )) و السجود لغير الله شرك لكن لما أمر الله به صار طاعة و صار الاستكبار عنه كفرا.
و من فوائد هذه الآيات جواز تعليق الأمر بالشرط لقوله (( فإذا سويته )) و يتفرع على هذا أنه إذا جاز تعليق الأمر بالشرط فإن المأمور به أيضا يمكن أن ينفذ فيه الشرط. و لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير و قد اشتكت إليه عند إرادة الحج قال : ( حجي و اشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيتني ).
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة ذوو عقول يصح توجيه الخطاب إليهم و ائتمارهم لقوله (( فقعوا له ساجدين )) ثم قال فسجد الملائكة .
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة كلهم سجدوا و ظاهره أن الملائكة سجدوا لا الذين في السماء في الدنيا و لا في الثالثة و لا في الرابعة لأن الآية عامة مؤكد عمومها بمؤكدين .
و من فوائد الآيات الكريمة جواز توجه الخطاب إلى العموم و إن كان فيه من غير الجنس لقوله (( إلا إبليس )) فإن إبليس بلا شك من غير الملائكة أصلا و نهاية لكنه كان فيهم فصح أن يتوجه الخطاب إليه. و هذا ظاهر لو أنك أمرت أحدا جماعة بالسجود و فيهم من ليس منهم لكنه على صفتهم و يعمل بعملهم و تخلف لابد أن تلومه لأن الخطاب موجه للجميع .
و من فوائد هذه الآيات أن الاسم قد يحمل معنى المسمى لأن إبليس يبدوا أنه اسم عربي من الإبلاس لأنه آيس من رحمة الله عز وجل .
و من فوائد هذه الآيات ذم الاستكبار عن أمر الله لقوله: (( استكبر )).
و من فوائد هذه الآيات أن الاستكبار عن أمر الله كفر لقوله (( و كان من الكافرين )) يعني كان باستكباره من الكافرين. و فرع بعض العلماء على هذا أن تارك الصلاة يكون كافرا لأنه إذا كان إبليس كفر بترك سجدة فما بالك بالذي يترك سجدات و ركوعات و قيام و قعود نعم و هذا ليس ببعيد. يعني الاستدلال بهذه الآية على كفر تارك الصلاة ليس ببعيد.
الطالب : معنى مبين...
الشيخ :لا. هذا كلام المؤلف. لكن نحن ذكرنا معناً آخر.
نعم . مظهر. مظهر للحق و الوحي الذي جاء به.
و من فوائدها أنه لا يمكن أن يكون في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم شيء مجهول أبدا. بل كل ما جاء به فهو بين لكن الجهل أمر نسبي قد يكون المجهول شيئا معينا لبعض الناس و هو بين معلوم لأناس آخرين. ثم قال تعالى (( إذا قال ربك للملائكة )) إلى آخر الآيات. في هذه الآيات إثبات الكلام لله عز وجل لقوله : (( إذا قال ربك للملائكة إني خالق )). و إثبات أن كلامه بصوت مسموع تسمعه الملائكة في هذه القصة. و إثبات أنه بحرف أي بحروف متتابعة يتبع بعضها بعضا لقوله : (( إني خالق بشرا من طين )) و كل هذا تأييد لمذهب أهل السنة و الجماعة. و فيه أيضا إثبات أن الكلام يتعلق بمشيئته حيث ذكره هذا القول في وقت معين. و في هذا رد على مذهب من سوى أهل السنة و الجماعة من الأشاعرة و المعتزلة و غيرهم.
و من فوائد هذه الآيات إثبات الخلق لله و أنه متعلق بمشيئته لقوله : (( إني خالق بشرا )) أي سأخلقه.
و من فوائدها إثبات أن أصل بني آدم هو الطين و لهذا جاءت طبائع بني آدم و ألوان بني آدم جاءت مختلفة كاختلاف تربة الأرض : فيها السهل و اللين و الأحمر و الأبيض و الأسود و الحزن و الصعب لأنهم خلقوا من هذه التربة فصار اختلافهم كاختلاف الأصل الذي خلقوا منه. و فيه إثبات أن بني آدم خلقوا من الطين و في آية أخرى أنهم خلقوا من تراب و في آية ثالثة من صلصال كالفخار و لا منافاة بين هذه الأشياء أو بين هذه الآيات لأن التراب أصله طين و الطين أصل الصلصال الذي كالفخار فإنه تراب يضاف إليه الماء يكون طينا يمكث مدة ثم يتحجر فيكون صلصال .
و من فوائد هذه الآيات إثبات الأفعال لله سبحانه و تعالى لقوله (( فإذا سويته )) و أن أفعاله تتعلق بمشيئته لأن إذا شرطية تفيد المستقبل .
و من فوائد هذه الآيات أن الله تعالى أتم خلق آدم و سواه كما قال تعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) .
و من فوائدها تشريف الروح التي نفخت في آدم لقوله : (( ونفخت فيه من روحي )) و هذا تشريف من وجهين: الوجه الأول أن الله هو الذي نفخ و لم يأمر أحدا من الملائكة بنفخها ، و الثاني أن الله أَضاف هذه الروح إلى نفسه المقدسة .
و من فوائد الآية أن العبادة طاعة الله على أي وجه كانت حتى وإن كانت محرمة في وقت من الأوقات لقوله : (( فقعوا له ساجدين )) و السجود لغير الله شرك لكن لما أمر الله به صار طاعة و صار الاستكبار عنه كفرا.
و من فوائد هذه الآيات جواز تعليق الأمر بالشرط لقوله (( فإذا سويته )) و يتفرع على هذا أنه إذا جاز تعليق الأمر بالشرط فإن المأمور به أيضا يمكن أن ينفذ فيه الشرط. و لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير و قد اشتكت إليه عند إرادة الحج قال : ( حجي و اشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيتني ).
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة ذوو عقول يصح توجيه الخطاب إليهم و ائتمارهم لقوله (( فقعوا له ساجدين )) ثم قال فسجد الملائكة .
و من فوائد هذه الآيات أن الملائكة كلهم سجدوا و ظاهره أن الملائكة سجدوا لا الذين في السماء في الدنيا و لا في الثالثة و لا في الرابعة لأن الآية عامة مؤكد عمومها بمؤكدين .
و من فوائد الآيات الكريمة جواز توجه الخطاب إلى العموم و إن كان فيه من غير الجنس لقوله (( إلا إبليس )) فإن إبليس بلا شك من غير الملائكة أصلا و نهاية لكنه كان فيهم فصح أن يتوجه الخطاب إليه. و هذا ظاهر لو أنك أمرت أحدا جماعة بالسجود و فيهم من ليس منهم لكنه على صفتهم و يعمل بعملهم و تخلف لابد أن تلومه لأن الخطاب موجه للجميع .
و من فوائد هذه الآيات أن الاسم قد يحمل معنى المسمى لأن إبليس يبدوا أنه اسم عربي من الإبلاس لأنه آيس من رحمة الله عز وجل .
و من فوائد هذه الآيات ذم الاستكبار عن أمر الله لقوله: (( استكبر )).
و من فوائد هذه الآيات أن الاستكبار عن أمر الله كفر لقوله (( و كان من الكافرين )) يعني كان باستكباره من الكافرين. و فرع بعض العلماء على هذا أن تارك الصلاة يكون كافرا لأنه إذا كان إبليس كفر بترك سجدة فما بالك بالذي يترك سجدات و ركوعات و قيام و قعود نعم و هذا ليس ببعيد. يعني الاستدلال بهذه الآية على كفر تارك الصلاة ليس ببعيد.
1 - فوائد قول الله تعالى : (( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين )) .
و من فوائد هذه الآيات توبيخ إبليس بترك السجود لمن شرفه الله عز وجل و أمر بالسجود له لقوله : (( قال ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )).
و من فوائدها أن كلام الله تعالى يتعلق بمشيئته حيث صدر هذا القول بعد استكبار إبليس و تركه السجود.
و من فوائدها إثبات الخلق لله لقوله (( ما خلقت )).
و من فوائدها إثبات اليدين لله لقوله (( بيدي )). و هذه صيغة تسويه تفيد أن لله تعالى يدين اثنتين و هو كذلك.
و من فوائدها شرف آدم من حيث أن الله خلقه بيديه و فضله على غيره بهذا إلا أن أهل العلم يقولون إن الله غرس جنة عدن بيديه و كتب التوراة بيده.
و من فوائد هذه الآيات الرد على أهل التعطيل الذين قالوا أن المراد باليد النعمة و القوة و ذلك أن النعمة أو القوة لا تأتي بصيغة التثنية لأن صيغة التثنية تدل على الحصر. و قوة الله غير محصورة و نعمه أيضا غير محصورة (( و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )).
و من فوائد هذه الآية أن يدي الله لا تماثل أيدي المخلوقين لأن الله أضافها إلى نفسه و المضاف يكون بحسب المضاف إليه فكما أن ذات الله مقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين فكذلك صفاته.
و من فوائد هذه الآيات استعمال الحصر أو الصبر و التقسيم في المناظرة و المجادلة لقوله (( أستكبرت أم كنت من العالين )) و قد سبق تفسيرها بأن المعنى هل أنت استكبرت في نفسك و أنت لست أهلا للعلو أو كنت عاليا في أصلك حتى تمتنع عن السجود .
و من فوائد هذه الآيات ذم الاستكبار لأن الاستفهام في قوله أستكبرت للتوبيخ.
و من فوائدها تنزيل الأشياء منازلها لقوله : (( أم كنت من العالين )) لأن العالين من علا على غيره فإنه لا ينزل حتى يكون أنزل من غيره بل كل أحد ينزل في منزلته .
و من فوائد هذه الآيات بيان الدعوة الكاذبة التي ادعاها إبليس في قوله (( قال أنا خير منه )) .
و من فوائدها أن الإنسان قد يعمى عن الحق فيستدل بما هو عليه يظن أنه له لقوله : (( خلقتني من نار وخلقته من طين )).
و من فوائد هذه الآية أن من قدم العقل على السمع فإنما هو متبع لخطوات الشيطان لأن الشيطان قدم ما يدعي أنه عقل على السمع فأخطأ في ذلك. فهكذا كل من قدم العقل على السمع سواء في العلميات و هي علم العقائد أو في العمليات فإنه مشابه لإبليس مبتع لخطواته. و اعلم أن كل بلية تقع من تحريف.....و الاستكبار عن عبادة الله و غير ذلك فأصلها من إبليس.
و من فوائد هذه الآية إقرار إبليس بأن الله هو الخالق لقوله (( خلقتني و خلقته )).
و من فوائدها أيضا أن إبليس كان قد أقر بانحطاط منزلته عن الربوبية لقوله (( خلقتني )) و المخلوق لا يمكن أن يكون ربا.
و من فوائدها أن إبليس أعلم بحقائق صفات الله من كثير من أهل التعطيل. فالذين فسروا اليد بالقوة لو كان تفسيرهم صحيحا لقال إبليس يا رب و أنا خلقتني بيديك لأن الله خلق إبليس بقوته كما خلق آدم لكن إبليس فهم أن المراد باليد غير القوة و لهذا لم ينقض فضيلة آدم بكونه خلق بيد الله. نعم .
و من فوائدها أن إبليس باستكباره و إبائه صار مستحقا للطرد و الإبعاد و لهذا قيل له (( اخرج منها فإنك رجيم )) .
و من فوائدها أن إبليس لما أخرج أبلغ بأنه مرجوم و الرجم زيادة على الطرد.
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس ملعون لقوله : (( وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين )) و في آيات أخرى (( وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين )). فهل نقول أن اللعنة المطلقة في قوله (( إن عليك اللعنة )) هي المقيدة هنا في قوله : (( وإن عليك لعنتي )) أو نقول : أن اللعنة هناك أعم فعلى إبليس لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين يحتمل هذا. و هذا يحتمل أن نأخذ بالمطلق لأنه أعم و يحتمل أن نحمل المطلق هناك على المقيد هنا.
و من فوائد هذه الآية أننا لا ندعو على إبليس باللعنة لأنه قد استحق هذه اللعنة بأمر الله أو بخبر الله (( وإن عليك لعنتي )) فلا حاجة إلى أن تقول إبليس لعنه الله لأنه ملعون و قد قال ابن القيم رحمه الله على قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إن الشيطان يتعاظم في نفسه إذا قيل تعس الشيطان ) قال ذلك إذا دعي عليه باللعنة و التقبيح و ما أشبه ذلك فإنه يتعاظم في نفسه يعني كأنه لم يقدر عليه ذلك. فإذا كان قد قدر عليه فلا حاجة أن أدعوا الله به و لكن أستعن بما أمر الله به لقوله : (( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ))[الأعراف:200] ...... أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان الشيطان يتفلت عليه في صلاته قال ألعنك بلعنة الله و لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قيدها بقوله ألعنك بلعنة الله فقيد.
و من فوائدها أن كلام الله تعالى يتعلق بمشيئته حيث صدر هذا القول بعد استكبار إبليس و تركه السجود.
و من فوائدها إثبات الخلق لله لقوله (( ما خلقت )).
و من فوائدها إثبات اليدين لله لقوله (( بيدي )). و هذه صيغة تسويه تفيد أن لله تعالى يدين اثنتين و هو كذلك.
و من فوائدها شرف آدم من حيث أن الله خلقه بيديه و فضله على غيره بهذا إلا أن أهل العلم يقولون إن الله غرس جنة عدن بيديه و كتب التوراة بيده.
و من فوائد هذه الآيات الرد على أهل التعطيل الذين قالوا أن المراد باليد النعمة و القوة و ذلك أن النعمة أو القوة لا تأتي بصيغة التثنية لأن صيغة التثنية تدل على الحصر. و قوة الله غير محصورة و نعمه أيضا غير محصورة (( و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )).
و من فوائد هذه الآية أن يدي الله لا تماثل أيدي المخلوقين لأن الله أضافها إلى نفسه و المضاف يكون بحسب المضاف إليه فكما أن ذات الله مقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين فكذلك صفاته.
و من فوائد هذه الآيات استعمال الحصر أو الصبر و التقسيم في المناظرة و المجادلة لقوله (( أستكبرت أم كنت من العالين )) و قد سبق تفسيرها بأن المعنى هل أنت استكبرت في نفسك و أنت لست أهلا للعلو أو كنت عاليا في أصلك حتى تمتنع عن السجود .
و من فوائد هذه الآيات ذم الاستكبار لأن الاستفهام في قوله أستكبرت للتوبيخ.
و من فوائدها تنزيل الأشياء منازلها لقوله : (( أم كنت من العالين )) لأن العالين من علا على غيره فإنه لا ينزل حتى يكون أنزل من غيره بل كل أحد ينزل في منزلته .
و من فوائد هذه الآيات بيان الدعوة الكاذبة التي ادعاها إبليس في قوله (( قال أنا خير منه )) .
و من فوائدها أن الإنسان قد يعمى عن الحق فيستدل بما هو عليه يظن أنه له لقوله : (( خلقتني من نار وخلقته من طين )).
و من فوائد هذه الآية أن من قدم العقل على السمع فإنما هو متبع لخطوات الشيطان لأن الشيطان قدم ما يدعي أنه عقل على السمع فأخطأ في ذلك. فهكذا كل من قدم العقل على السمع سواء في العلميات و هي علم العقائد أو في العمليات فإنه مشابه لإبليس مبتع لخطواته. و اعلم أن كل بلية تقع من تحريف.....و الاستكبار عن عبادة الله و غير ذلك فأصلها من إبليس.
و من فوائد هذه الآية إقرار إبليس بأن الله هو الخالق لقوله (( خلقتني و خلقته )).
و من فوائدها أيضا أن إبليس كان قد أقر بانحطاط منزلته عن الربوبية لقوله (( خلقتني )) و المخلوق لا يمكن أن يكون ربا.
و من فوائدها أن إبليس أعلم بحقائق صفات الله من كثير من أهل التعطيل. فالذين فسروا اليد بالقوة لو كان تفسيرهم صحيحا لقال إبليس يا رب و أنا خلقتني بيديك لأن الله خلق إبليس بقوته كما خلق آدم لكن إبليس فهم أن المراد باليد غير القوة و لهذا لم ينقض فضيلة آدم بكونه خلق بيد الله. نعم .
و من فوائدها أن إبليس باستكباره و إبائه صار مستحقا للطرد و الإبعاد و لهذا قيل له (( اخرج منها فإنك رجيم )) .
و من فوائدها أن إبليس لما أخرج أبلغ بأنه مرجوم و الرجم زيادة على الطرد.
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس ملعون لقوله : (( وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين )) و في آيات أخرى (( وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين )). فهل نقول أن اللعنة المطلقة في قوله (( إن عليك اللعنة )) هي المقيدة هنا في قوله : (( وإن عليك لعنتي )) أو نقول : أن اللعنة هناك أعم فعلى إبليس لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين يحتمل هذا. و هذا يحتمل أن نأخذ بالمطلق لأنه أعم و يحتمل أن نحمل المطلق هناك على المقيد هنا.
و من فوائد هذه الآية أننا لا ندعو على إبليس باللعنة لأنه قد استحق هذه اللعنة بأمر الله أو بخبر الله (( وإن عليك لعنتي )) فلا حاجة إلى أن تقول إبليس لعنه الله لأنه ملعون و قد قال ابن القيم رحمه الله على قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إن الشيطان يتعاظم في نفسه إذا قيل تعس الشيطان ) قال ذلك إذا دعي عليه باللعنة و التقبيح و ما أشبه ذلك فإنه يتعاظم في نفسه يعني كأنه لم يقدر عليه ذلك. فإذا كان قد قدر عليه فلا حاجة أن أدعوا الله به و لكن أستعن بما أمر الله به لقوله : (( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ))[الأعراف:200] ...... أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان الشيطان يتفلت عليه في صلاته قال ألعنك بلعنة الله و لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قيدها بقوله ألعنك بلعنة الله فقيد.
2 - فوائد قول الله تعالى : (( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين )) .
و من فوائد هذه الآيات إثبات الجزاء لقوله ((إلى يوم الدين)) و الدين بمعنى الجزاء .
و من فوائد هذه الآيات أن الله أجاب إبليس و دعائه لكن لا إلى يوم يبعثون بل إلى يوم الوقت المعلوم. و يوم الوقت المعلوم هو يوم موت الناس يوم ينفخ في الصور فيصعقون جميعا .
و من فوائد هذه الآيات أن الله قد يقدر أسباب الشر لحكمة و ذلك بإجابة دعاء إبليس أن ينذره الله إلى يوم الوقت المعلوم. وإبليس لا شك هو مبدأ كل شر و لكن الله تعالى أبقاه لحكمة عظيمة لولا بقاء إبليس ما وجد عاص في الأرض و إذا انتفى العصيان صار الناس أم واحدة ول م يكن الإيمان مزية و لم يكن جهاد و لا أمر بمعروف و لا أمر عن منكر و لو كان الناس أمة واحدة لتعطلت كثير من شعائر الإسلام فكان الحكمة من بقاء إبليس و من بقاء ما يدعوا إليه إبليس.
و من فوائد هذه الآيات معرفة إبليس بالله حيث أقسم بعزة الله أن يغوي بني آدم في قوله (( بعزتك )).
و من فوائدها أن من أسباب الإعانة أن يستعين الإنسان بما يناسب المقام من أسماء الله و صفاته لأنه ما ناسب المقام لأنه يريد أن يتسلط. و السلطة بما فيها بالعزة يناسبها من الصفات العزة ثم المغفرة.
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس يعرف من صفات الله تعالى لقوله (( فبعزتك )).
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس وعد متوسلا بعزة الله أن يغوي جميع بني آدم. و يتفرع على هذه الفائدة أنه يجب الحذر من إبليس و وساوسه. فإذا قال قائل ما الذي يعين على وساوس إبليس ؟ فالجواب سهل : كل شيء يأمرك بمنكر فهو من إبليس ، و كل ما يثبطك عن الخير فهو من إبليس. فاحذر! فإذا وجدت من نفسك تأخرا في الخير فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم و إذا وجدت في نفسك إقبالا على الشر فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء )) .
و من فوائد هذه الآيات مزية عباد الله المخلصين حيث سلموا من إغواء إبليس .
و من فوائدها أنه كل من كان لله أعبد كان أشد عصمة من الشيطان و وساوسه لأنه استثنى من إغواء بني آدم استثنى العباد المخلصين. و المعلق بوصف يقوى بقوة ذلك الوصف .
و من فوائد هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى يمن على من يشاء من عباده فيخلصهم له لقوله (( المخلصين )).
و من فوائد هذه الآيات أن الله أجاب إبليس و دعائه لكن لا إلى يوم يبعثون بل إلى يوم الوقت المعلوم. و يوم الوقت المعلوم هو يوم موت الناس يوم ينفخ في الصور فيصعقون جميعا .
و من فوائد هذه الآيات أن الله قد يقدر أسباب الشر لحكمة و ذلك بإجابة دعاء إبليس أن ينذره الله إلى يوم الوقت المعلوم. وإبليس لا شك هو مبدأ كل شر و لكن الله تعالى أبقاه لحكمة عظيمة لولا بقاء إبليس ما وجد عاص في الأرض و إذا انتفى العصيان صار الناس أم واحدة ول م يكن الإيمان مزية و لم يكن جهاد و لا أمر بمعروف و لا أمر عن منكر و لو كان الناس أمة واحدة لتعطلت كثير من شعائر الإسلام فكان الحكمة من بقاء إبليس و من بقاء ما يدعوا إليه إبليس.
و من فوائد هذه الآيات معرفة إبليس بالله حيث أقسم بعزة الله أن يغوي بني آدم في قوله (( بعزتك )).
و من فوائدها أن من أسباب الإعانة أن يستعين الإنسان بما يناسب المقام من أسماء الله و صفاته لأنه ما ناسب المقام لأنه يريد أن يتسلط. و السلطة بما فيها بالعزة يناسبها من الصفات العزة ثم المغفرة.
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس يعرف من صفات الله تعالى لقوله (( فبعزتك )).
و من فوائد هذه الآيات أن إبليس وعد متوسلا بعزة الله أن يغوي جميع بني آدم. و يتفرع على هذه الفائدة أنه يجب الحذر من إبليس و وساوسه. فإذا قال قائل ما الذي يعين على وساوس إبليس ؟ فالجواب سهل : كل شيء يأمرك بمنكر فهو من إبليس ، و كل ما يثبطك عن الخير فهو من إبليس. فاحذر! فإذا وجدت من نفسك تأخرا في الخير فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم و إذا وجدت في نفسك إقبالا على الشر فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء )) .
و من فوائد هذه الآيات مزية عباد الله المخلصين حيث سلموا من إغواء إبليس .
و من فوائدها أنه كل من كان لله أعبد كان أشد عصمة من الشيطان و وساوسه لأنه استثنى من إغواء بني آدم استثنى العباد المخلصين. و المعلق بوصف يقوى بقوة ذلك الوصف .
و من فوائد هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى يمن على من يشاء من عباده فيخلصهم له لقوله (( المخلصين )).
اضيفت في - 2011-05-25