تتمة تفسير قول الله تعالى : (( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين )) .
1 - تتمة تفسير قول الله تعالى : (( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ... )) .
الطالب: ...
الشيخ : لا، وين أنت؟ طالع ..
الطالب: ...
الشيخ : ويش معنى، ماذا قلت أنا؟
الطالب: (ألا له الدين الخالص)
الشيخ : أي نعم ويش قلت؟
الطالب: ألا أداة تنبيه
الشيخ : أداة تنبيه؟ أيه نعم؟
الطالب: ألا أداة استفتاح
الشيخ : ألا اداة استفتاح، وهي حرف يراد به التنبيه، حط بالك يا أخي خلي بالك معنا (( ألا لله الدين الخالص )) هذه أداة استفتاح وهي حرف يراد به التنبيه، لأنَّ المتكلم إذا قال: ألا. انتبه المخاطب، وقوله: (( لله الدين الخالص )) الجار والمجرور خبر مقدم و(الدين) مبتدأ مؤخر، ويفيد تقديم الخبر الحصر أي: لله وحده، وقوله: (( الدين )) يعني العمل: العمل الذي يُراد الثواب عليه، وقوله: (( الخالص )) يعني النَّقيّ من الشوائب والشرك أي أنه يجب على العاقل أن يجعل الدين الخالص لله وحدَه، إذ كيف يلِيق بالعاقل أن يتعبد بالحقِّ لله من أجلِ التَّقَرُّبِ إلى غيره، هذا خلاف العقل، فإذا قام الإنسان يصلِّي مِن أجل أن يراه الناس فهو سفيه في عقله ضالٌّ في دينه، كيف تجعل الحقّ الخالص للناس، الحق الخالص لله تجعَلُه للناس، نعم العمل الذي للناس للناس، لكن العمل الذي لله يجِب أن يكون لله ولهذا قال: (( ألا لله وحده الدين الخالص )) فلا يجوز أن نجعلَه لغيرِه ولهذا قال: (( والذين اتخذوا من دونه أولياء )) يقولون (( ما نعبدُهم )) إلى آخرِه، الواو هنا للاستئناف و(الذين) مبتدأ و(اتخذوا) صلة الموصول، وخبر المبتدأ محذوف تقديره: يقولون ما نعبدهم، أو: قالوا ما نعبدهم، وقوله: (والذين اتخذوا من دونه أولياء) اتَّخذوا بمعنى صيَّرُوا، كقوله تعالى: (( واتَّخَذَ الله إبراهيم خليلًا )) يعني صيَّرَه، وقولِه تعالى: (( أفرأيتَ مَن اتَّخَذَ إلهَه هواه )) أي صيَّرَ إلهَه هواه، إذا كانت (اتخذ) بمعنى صيَّر فإنها تحتاج إلى مفعولين: مُصَيَّر ومُصَيَّرٍ إليه، عرَفْت؟ أين المفعول الأول؟ يقول المؤلف رحمه الله: " الأصنام (( أولياء )) " وعليه فيكون المفعول الأول محذوف والثاني (أولياء)، وحَذْف المفعول إذا دلَّ عليه الدليل جائز قال ابن مالك رحمه الله في بابِ المبتدأ والخبر قال:
وحذفُ ما يعلم جائز كما تقول: زيدٌ بعدَ مَن عندكما
" حذف ما يعلم جائز " الواقع أنّ هذا البيت في المبتدأ والخبر لكن هل هو عام؟ نعم؟ نعم هو عام، حذْف ما يعلم جائز وقد يكون من الفصاحة والبلاغة أن يُحذَف، إنما الأصل أنَّما يُعلَم يجوز الحذف وما لا يعلم لا يجوز الحذف، لأن الكلام لا بد أن يكون مُبَيِّنًا لِمُرَاد المتكلم وهذا لا يكون مع حذْف ما لا يُعلَم. طيب إذًا المفعول الأول محذوف والتقدير: الأصنام، والثاني موجود وهو قوله: (( أولياء ))، (أولياء) جمع وليّ أي يتوَلَّوْنَها وِلَايَةَ عبادة يتضَرَّعُون إليها يسجُدُون لها ينذُرُون لها يتصَدَّقُون لها، لكن لا يعتقدون أنَّ هذه الأصنام تنفعُهم أو تضرهم بذاتها ولا أنها تخلُق ولا أنها ترزُق لكن يدَّعون أنهم اتَّخَذُوها وسيلة
2 - تفسير قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ... )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ألا لله الدين الخالص )) لا يستحقه غيره (( والذين اتخذوا من دونه )) الأصنام (( أولياء )) وهم كفار مكة قالوا : (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) قربى مصدر بمعنى تقريبا (( إن الله يحكم بينهم )) وبين المسلمين (( فى ما هم فيه يختلفون )) من أمر الدين فيدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار .
طيب يقول: " وهم كفار مكة قالوا: (( ما نعبدهم )) " (قالوا) هذه الجملة محذوفة، لأنها معلومةٌ من السياق، ويصح أن نقدِّر (يقولون: ما نعبدهم) ولعلها أنسَب مِن قول المؤلف: " قالوا " حكايةً للحال التي هُم عليها، وعلى كُلٍّ فالجملة المحذوفة هي خبر ايش؟ خبر المبتدأ وهو قوله: (( والذين اتَّخذوا )) ولا يجوز أن نجعل جملة (ما نعبدهم) هي الخبر، لفساد المعنى.
قال: (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) هذا حصر لمرادهم بعبادة هذه الأصنام يعني ما نعبدهم إلا لهذا الغرض ليقربونا إلى الله زلفى وهذا إقرار منهم واعتراف بأنهم يعبدون الأصنام، لقولهم: (( ما نعبدهم )) وأنَّ هذه العبادة وسيلة لغاية أشرف منها وهي القُرْبى إلى الله عز وجل، وهذا مِن جهلِهم، لأنّه الآن إذا عبَدُوهم جعلوها غاية، لأنَّ المقصود هو الوصول إلى الله عز وجل، والوصول إلى الله لا يكون إلا بايش؟ إلا بعبادته فهم إذا عبدوهم جعلوها .. الغاية ولهذا سنبين إن شاء الله أنَّ هذا مِن سفَهِهم، (( إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) قُرْبى مصدر بمعنى تقريبًا، (( إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) (زلفى) يقول المؤلف إنها مصدر لكنَّها مصدرٌ معنوي، لموافقته العامل في المعنى دون اللفظ عرفْتم؟ لأنَّ المصدر قد يكون لفظيًّا وقد يكون معنوِيًّا فإن وافَق عاملَه في اللفظ فإنَّه لفظي مثل قمت قيامًا، وإن خالفَه في الفظ دون المعنى صار معنَوِيًّا كقولك: قمتُ وقوفًا، قعدت قعودًا؟
الطالب: لفظِي
الشيخ : قعدتُ جلوسًا؟
الطالب: معنوي
الشيخ : معنوي، طيب يقول: تقرَّبُوا إلى الله زلفى يقول إنه بمعنى قربى، وقربي أيضًا يراد بها التقريب وإنما قال المؤلف إنه يراد بها التقريب، من أجل أن يطابِق الفعل، الفعل قرَّبَ مضارِعُه: يُقَرِّب المصدر المطابق ايش؟ تقريبًا، تقريبًا لا قربى، ولكن من المعلوم أنه قد يوافق المصدر عاملَه في اللفظ ولكنه لا يُطابِقُه في الحروف ومثل هذا يسمَّى عندهم اسم مصدَر يسمى اسمَ مصدر كقوله تعالى: (( والله أنبتكم من الأرض نباتًا )) لو كان مصدرًا لقال: إنباتًا فلما قال: نباتا ونقصت حروفه عن حروف فعلِه سُمِّي اسمَ مصدر، المهم أنهم يقولون: نحن لا نعبد هذه الأصنام إلا من أجل أن تقرِّبَنا إلى الله تعالى قربى، يقول الله عز وجل: (( إنَّ الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون )) (( إنَّ الله يحكُم بينهم )) الجملة استئنافية لبيانِ مآلِ هؤلاء الذين اتَّخَذُوا الأصنام أولياء يعني فماذا تكون نهايتهم؟ يقول الله عز وجل: (( إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون )) طيب (بينهم) قال المؤلف:" وبين المسلمين " فأشار إلى أن الطرف الآخر من البينُونة -أو مِن البَيْنِيَّة على الأصح- محذوف وبين المسلمين -حطوا بالكم- وهذا التقدير ليس في السياق ما يدلُّ عليه ليس في السياق ما يدل عليه لو قال: بينكم لكان صحيحًا أنَّ المراد: بينكم وبينهم لكن هو قال: (( بينَهم )) أي بين هؤلاء الكفار، (( فيما هم فيه يختلفون )) وكأن المؤلف رحمه الله ظنَّ أنه لا اختلافَ بين الكفار وليس كذلك بل الخلاف بينهم حاصل في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى: (( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ )) إلى آخر الآيات، محاورة منازعة مخاصمة فيحكُم الله بينهم وقد ذكر الله ذلك في عدة آيات، فالصواب أنَّ الضمير بينهم أي يعود على الكفار وأنَّ الخلاف أو الاختلاف حاصل بينهم أنفسهم، النصارى واليهود بينهم خلاف (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ )) وهذا الخلاف ثابت بين الأمم الكافرة فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما هم فيه يختلفون مِن أمر الدين فيُدْخِلُ المؤمنين الجنة والكافرين النار هذا بناءً على ما ذهب إليه المؤلف، ولكن على القول الذي هو ظاهر الآية الكريمة (( يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون )) فيجعل كلَّ إنسان في منزلته وقد بيَّن الله عز وجل ذلك في قوله: (( وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون )) لَمَّا ذكَرَ المحاورة بين المستضعفين والمستكبِرِين.
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ألا لله الدين الخالص )) لا يستحقه غيره (( والذين اتخذوا من دونه )) الأصنام (( أولياء )) وهم كفار مكة قالوا : (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) قربى مصدر بمعنى تقريبا (( إن الله يحكم بينهم )) وبين المسلمين (( فى ما هم فيه يختلفون )) من أمر الدين فيدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين )) .
أولا: فضيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعُلُوُّ مرتبتِه وذلك بإنزال كتاب الله إليه لقوله: (( إنا أنزلنا إليك ))، طيب وهنا نسأل هل إنزال القرآن إلى الرسول إنزالٌ إلينا؟ نعم إنزال إلينا، لأنه رسولنا وقد قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا )) فالنازل إلى رسول الله نازل إلينا ولكنه هو المباشر لهذا الإنزال ويبَلِّغُه لنا.
مِن فوائد الآية: ما سبق مِن أنَّ القرآن نازِلٌ مِن عند الله فيكون كلامَه.
ومنها: علو الله عز وجل، لأنَّ النزول إنما يكون من أعلى، .. دل عليه الكتاب والسنة والعقل والفطرة خمسة أنواع من الأدلة كلها تثْبِت علُوَّ الله على خلقه، وقد خالَف في هذا طائفتان: الطائفة الأولى طائفة الحلولية الذين قالوا: إنَّ الله بذاته في كل مكان يقولون: الله بذاته نفسُه سبحانه وتعالى في كل مكان في المسجد في السوق في البيت في السطح في الحجرة في أقبح مكان والعياذ بالله وهؤلاء .. أقول إنهم كفار لكن مَن كان متأَوِّلًا وجب إعلامُه وبيانُ الحقيقةِ له فإن أصَرّ فهو كافر. طيب، الطائفة الثانية المخالفة: المعطلة الجاحدة الذين يقولون إن الله تعالى ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل هؤلاء ايش؟ وصفوا الله بالعدم كما قال محمود بن سُبَكْتَكِين رحمه الله لابن فورك لَمَّا قال: إنَّ الله لا موجود ولا معدوم إلى آخره قال له محمود بن سُبَكْتكين: " إنك وصفتَ الله تعالى بالعدم " وصدق لو أردنا أن نصِفَ معدومًا ما وجدنا أشد إحاطةً من هذا الوصف بالمعدوم. طيب، هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه وقالوا: إن الله تعالى نفسَه فوق كل شيء كما دلَّ على هذا الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.
ومن فوائد هذه الآية أنَّ الكتاب حقٌّ من عند الله لم يتقَوَّلْه النبي صلى الله عليه وسلم على ربِّه بل هو من عند الله، لقوله: (( أنزلنا الكتاب بالحق )) يعني أنَّه حَقّ مِن عند الله عز وجل وقد قال الله سبحانه وتعالى: (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )) ولابأس أن نتكلم عن هذه الآية قال: (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا )) بعد أن قال: (( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا )) لئلا يتوَهَّم واهم أنه لما قال (( لَقَوْلُ رسولٍ كريم )) صار القرآن مِن عند الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه هو الذي قاله فقال: (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )).
ومِن فوائد هذه الآية أنَّ جميعَ ما في القرآن حق، على الوجه الثاني: أخباره وقصصُه وأوامرُه ونواهيه إذًا أخبارُه ليس فيها كذب بوجه من الوجوه، قصصُه ليس المراد منها إمضاءُ الوقت وإتلاف الوقت بل هي قصص نافعة ويأتي إن شاء الله البقية ..
الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ))
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) .
الطالب: أي أن الله عز وجل يأمر عبادَه ..
الشيخ : ليس كذلك
الطالب: ...
الشيخ : معنى الآية ما نريد تفصيل
الطالب: تنبيه على أن لله تبارك تعالى دين نقي
الشيخ : النقي من الشرك وأنَّ كلَّ دين صار فيه شرك فإنَّ الله لا يقبله، نعم طيب قوله: (( والذين اتخذوا من دونه أولياء )) كيف نُعرِب هذه الجملة خالد؟
الطالب: الواو حرف استئناف (الذين) مبتدأ
الشيخ : نعم أين خبره
الطالب: خبرُه مقول قول (( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله )) التقدير: يقولون .. خبر الذين
الشيخ : كيف؟ تقول: الخبر مقول القول ثم تقول" محذوف تقديره يقولون ايش ..؟
الطالب: (( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله )) مقول
الشيخ : أين خبر الذين؟
الطالب: محذوف
الشيخ : سؤال محدد
الطالب: محذوف
الشيخ : وش التقدير؟
الطالب: يقولون
الشيخ : يقولون، نعم طيب إذا كانوا يقولون (( ما نعبدُهم إلا ليقربونا إلى الله )) فهنا جعَلُوا الوسيلة؟
الطالب: هي عبادة الأصنام جعلوا الوسيلة ..
الشيخ : أي نعم نعم لكن هنا جعلوا الوسيلة غاية
الطالب: ...
الشيخ : أي نعم
الطالب: ... هم يقولون نحن ما نجعلها .. بل نجعلها وسيلة
الشيخ : لا، هم قالوا (( ما نعبدهم إلا )) فهم عبدوها ليكون ذلك وسيلة ليقربهم إلى الله فجعلوا الوسيلة جعلوها غاية، لأن الغاية مِن التقرب إلى الله هو عبادته، فهنا قلبوا الواقع فجعلوا الوسيلة غاية، طيب هل حال بعض الناس عند القبور كحال هؤلاء؟
الطالب: ...
الشيخ : نعم في ناس يطوفون بالقبور ينذرون لها يسجدون لها يقولون: هؤلاء أولياء يقربوننا إلى الله كحال هؤلاء، وهل لهؤلاء القبوريين وجود؟
الطالب: الآن؟ أي نعم
الشيخ : الآن موجود
الطالب: الذين يعبدون ...
الشيخ : .. وصفت لك حال الذين يطوفون بالقبور ويعبدونهم فقلت: هل يشبهون حال المشركين؟ فقلت لي: نعم فأقول لك الآن: هل لهؤلاء الآن وجود في العالم الاسلامي أو لا؟
الطالب: أي نعم
الشيخ : لهم وجود، طيب قال المؤلف: " (( إن الله يحكم بينهم )) وبين المسلمين " فما مدى صحة هذا التفسير؟
الطالب: ... والصحيح أنه يعني عام ..
الشيخ : إن الله يحكم بينهم المؤلف يقول: وبين المسلمين فما مدى صحة هذا التفسير؟
الطالب: ليس بصحيح
الشيخ : ليس بصحيح، ما هو الصحيح؟
الطالب: الصحيح أنه ...
الشيخ : أحسنت يعني بين الكفار أنفسهم، طيب هل لك يا أحمد أن تُبَيِّن لي صورة من اختلاف الكفار؟
الطالب: ...
الشيخ : يعني مثل آية تشهد على أنه يكون بينهم اختلاف
الطالب: قوله تعالى: (( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا مِن بعد .. ))
الشيخ : لا هذا يوم القيامة اختلافهم يوم القيامة لأن الله يحكم بينهم القيامة
الطالب: مثل قوله تعالى ...: (( وقالت أولاهم لأخراهم ربنا هؤلاء أضلونا ))
الشيخ : أحسنت مثل قال الذين استضعفوا الذين استكبروا: ... (( لولا أنتم لكنا مؤمنين ))، والآيات في هذا متعددة. طيب ثم قال الله تعالى -وأظنُّه مبتدأ درس اليوم-: (( إنَّ الله لا يهدي من هو كاذب كفار ))
الطالب: الفوائد يا شيخ
الشيخ : الفوائد؟ مِن هنا إلى ما أخذنا فوائدها؟
الطالب: أخذنا (( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ))
الشيخ : نعم بس؟ إذًا نأخذ الفوائد إن شاء الله
الطالب: (( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ))
الشيخ : ما شرحناها صح وهو كذلك
5 - مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( ... فاعبد الله مخلصا له الدين )) .
ومن فوائدها أنَّ من لم يبلُغْه الكتاب لم تلزمْه العبادة، مَن لم يبلغه القرآن لم تلزَمْه العبادة، أعرفتم؟ طيب ويدل لهذا آياتٌ أخرى مثل قوله تعالى: (( وما كنا معذبين حتى نبعَثَ رسولًا )) ومثل قوله: (( رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) ومثل قوله تعالى: (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ )) ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمِنُ بما جئتُ به إلا كان من أصحاب النار ) فقال: ( لا يسمع بي )، والنصوص في هذا المانع كثيرة {يرحمك الله} أنَّ من لم تبلغْه دعوةُ الرسل لا تلزمُه العبادة، والدليل التطبيقي لهذه المسألة عدة شواهد: منها حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه بعثَه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية فأجْنَب فلم يجِدِ الماء فتمَرَّغ في الصعيد كما تتمرَّغ الدابة ظنًّا منه أنَّ هذا لازِمٌ له وصلَّى وأخبر النبيَّ صلى الله عليه وسلم بهذا فبيَّن له النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفِيه عن الغُسْل أن يضْرِبَ الأرض بيديه ثم يمسَح وجهَه وكفَّيه، ولم يأمُرْه بإعادة الصلاة، وكذلك الرجل الذي جاء فصلى ولا يطمَئِنُّ في صلاته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّك لم تُصَلِّ ) فقال له: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا. فعلَّمَه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمُرْه بإعادة ما مضى من صلاته مع أنه كان لا يصلي، يصَلِّي صلاة لا تجْزِئُه، وكذلك المرأة التي كانت تُسْتَحَاض فتَظُنُّ أنَّ هذا حيضٌ فلا تصلي فلم يأمُرْها النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة وأمثال هذا كثير، وعليه فلو أنَّ رجلًا أسلم في بلاد الكفر أو في بلاد نائية لا يصِلُها أحكام الشرع، وترَك الصلاة مدة ثم علِم بعد ذلك بوجوب الصلاة فإننا لا نأمُرُه بإعادة ما ترك وإنما نأمره بصلاة ما حضَر وقتُه فقط، وكذلك لو كانت امرأة في محلٍّ ناءٍ بلغَتْ بالحيض وهي صغيرة ولم تصُمْ رمضان ولكنَّها في محلٍّ ليس حولَها علماء تسألهم قد غلب عليها الجهل كالبادية مثلًا فإننا لا نأمُرُها بقضاء ما تركَتْ من الصوم، للجهل، وهذا هو اللائق بالشريعة الإسلامية المبنِيَّة على اليسر والسهولة وعلى أنَّ الله تعالى لا يكلِّفُ نفسًا إلا وسْعَها ولا يكلف نفسًا إلا ما آتاها، وهنا الآية التي معنا يمكن أن يكون فيها إشارة لِمَا ذكر (( إنا أنزلنا اليك - فاعبد )) بعد الإنزال أُمِر بالعبادة طيب.
ومن فوائد هذه الآية وجوب الاخلاص لله في العبادة لقوله: (( مخلصا له الدين )) والإخلاص تنقية الشيء مما يشوبه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنَّ الله قال: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك مَن عمِلَ عملًا أشرَكَ فيه معي غيري تركتُه وشركَه ) فلو تصدَّق الإنسان بمال لكنه مُرَاءٍ بذلك من أجل أن يُمدَح فإنه لم يعبُدِ الله، وهو آثم وليس بمأجُور، ولو صلَّى لِيُمْدَح فإنه لم يعبد الله وهو آثم وليس بمأجور، لأن الله أمر بعبادة خاصة وهي الإخلاص (( مخلصا له الدين )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ العبادة دِين يَدِينُ به الإنسان، ومعنى كونِه دينًا أنه يعمل لِيُثَاب، ويتفرَّع على هذه الفائدة أنَّه ينبغي للإنسان حين العبادة أن يُلَاحِظ هذا المعنى وهو أنه يعمَل لِيُثَاب، لأنه إذا شَعُرَ بهذا الشعور فسوف يتقِن العمل، إذْ أنَّ العقلَ يهدي الإنسان إلى أنَّ الثواب على قدْر العمل إن أحسنْتَ العمل حسُنَ الثواب وإن قصَّرْت فالثواب ينقُص، وهذه المسألة -أعني شعور كون الإنسان يعمل من أجل الثواب- أعتقد أنها تفوت كثيرًا من الناس لا ينتبِهُون لها.
طيب، ومِن فوائدها أيضًا الإشارة إلى نية المعمول له حينما تعمل تريد التقرُّب إلى الله عز وجل بامتثال أمره، فمثلًا عندما تريد تتوضأ تنوي بأنك تتوضأ امتثالًا لأَمْر الله حينما قال: (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم )) من أجل أن تشعُر بالعبادة ولَذَّة العبادة، لا لأجل أن تبرِئَ ذمَّتَك بفعل ما هو فرْضٌ عليك من الطهارة للصلاة هذا لا شكَّ أنه نية طيبة لكن أطيب منها أن تستشعر بأنك تمتثل أمر الله لتشعُرَ بلَذَّةِ العبادة وأنَّك حقيقةً عبدٌ لربك عز وجل، هذه مسائل ينبغي للإنسان أن ينتبه لها في عبادته ولهذا قال (( مخلِصًا له الدين )).
فوائد قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ... )) .
من فوائد الآية الكريمة في قوله: (( ألا لله الدين الخالص )) غِنَى الله عز وجل غِنى الله الغِنَى التام ووجه ذلك: أنه إذا كان الله لا يقبَلُ إلا ما كان خالصًا دلَّ على غِناه عن عملِ العباد، لأنه -وحاشاه من ذلك- لو كان فقيرًا محتاجًا لذلك لاكتفى بما يأتيه منهم ولو على سبيل المشاركة، كالإنسان المحتاج يقبَل منك ما كان خاصًّا له وما كان مشترَكًا، فلما كان الله لا يقبل إلا ما كان خالصًا عُلِمَ بهذا غناه عن العباد، وإلى هذا يشير قوله تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ). نعم.
ثم قال الله تعالى (( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) إلى آخره مِن فوائد هذه الآية أنَّ عابدي الأصنام قد توَلَّوا الأصنام واتخَذُوها أولياء.
ومن فوائدها أنهم -أي عباد الأصنام- يمَوِّهُون على الناس يقولون: نحن ما نعبدُهم إلا لِغَاية وهي: أن يقرِّبُونا إلى الله زلفى.
ومن فوائدها أنَّه يمكن أن نعَدِّيَ هذا الحكم إلى جمِيع أهل الباطل: يدَّعون أنهم يحسِنُون صنعًا وهم كذَبَة ولْنَضْرِب لهذا مثلًا بأهل التعطيل: أهل التعطيل يدَّعون أنهم بتعطيلهم هذا ايش؟ منَزِّهُون لله وأنَّ قصدَهم تنزيهُ الله عز وجل عن النقص وعن مشابهة المخلوقين، وهم كاذبون في هذا، لأنهم إذا عطَّلُوه عن كمالِ صفاته فهو ضِدُّ التنزيه، هؤلاء يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى والحقيقة أنَّ هذه العبادة تبعدُهم مِن الله تبعدهم من الله مسافات كثيرة.
طيب، من فوائد هذه الآية الكريمة إقرارُ المشركين بأنَّهم يعبدون أصنامَهم (( ما نعبدهم )) فهم يصرحون بأنهم يعبدونهم لكن لا يقولون: نعبدهم لنتقرب اليهم بل: ليقَرِّبُونا.
ومِن فوائدها أنَّ المشركين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يُقِرُّون بوجود الله، وأنه أعظَم من كل عظيم لقولهم: (( ليقرِّبُونا إلى الله )) فهم معترِفُون بالله عز وجل وأنه أعظَمُ من أصنامهم ولهذا جعلُوها وسيلة له أو للتقرب إليه.
ومن فوائدها أنَّه سيكون بين هؤلاء المشركين وبين أوليائهم سيكون نزاع وخصومة يوم القيامة لقوله: (( إن الله يحكم بينهم فيما هم يختلفون )).
ومن فوائدها أنَّ الحكم لله عز وجل وحده في ذلك اليوم -أعني يوم القيامة- وأنَّ المرجع إليه.
7 - فوائد قول الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ... )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( ... إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار )) .
الطالب: دلالة
الشيخ : دلالة، إذًا (( إنَّ الله لا يهدي )) هداية توفيق لا هداية دلالة، بل هداية الدلالة ثابتة لكل أحد، نعم (( لا يهدي من هو كاذب كفار )) (مَن هو) أي الذي هو، (( كاذب )) قال المؤلف:" في نسبة الولد إليه " والذين نسَبُوا الولد إليه هم اليهود والنصارى والمشركون ثلاثة، أما اليهود فقالت: عزيرٌ ابن الله، وأما النصارى فقالوا: المسيحُ ابن الله، وأما المشركون فقالوا: الملائكة بناتُ الله، والآية كما تشاهدون (( مَن هو كاذب )) عامَّة لكن كأن المؤلف خصَّصَها بنسبة الولد إلى الله، لقوله فيما بعد: (( لو أراد الله أن يتخذ ولدًا لاصطفى مما يخلُق ما يشاء ))
الطالب: ...
الشيخ : كأن المؤلف خصها بنسبة الولد إليه، لقوله تعالى: (( لو أراد الله أن يتَّخِذَ ولدًا )) واضح؟ وإلا فلو نظرنا إلى الآية (( كاذب ))