فوائد قول الله تعالى : (( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )) .
ومن فوائدها أنَّ البشرية حادِثَة وليست أزلِيَّة، لقوله: (( خلقكم )) والخلْق يقتضي الحُدُوث.
ومن فوائد هذه الآية أنَّ الله جعلَ أزواجَ بني آدم مِن جنسِهم، لقوله: (( ثم جعل منها زوجها )) ولو كانت الزوجة من غير الجنس لم تحصُل الإِلْفَة والمودة ولكنَّ الله جعلَها من الجنس، لهذا.
ومِن فوائدِها ما مَنَّ الله به علينا مِن إنزال الأنعام الأصناف الثمانية.
ومنها أنَّ إنعام الله بهذه الأصناف الثمانية أكثَر من إنعامه بغيرِ كالظباء والأرانب وما أشبهها، لأنَّ الله امتَنَّ بهذه الأصناف الثمانية دون غيرِها، لأنها أشَدّ نعمة الله أظهر وأبْيَن ولأنَّها انعام مألوفة وألِيفة بخلاف الأنعام الأخرى.
ومن فوائدِها الإشارة إلى أن تكوين هذه الخليقة من زوجين كما قال تعالى: (( ومِن كل شيء خلقْنا زوجين )) فكل شيءٍ مِن الخليقة فلا بد لتركيبِه مِن زوجين حتى المياه وحتى الهواء وحتى كل شيء (( مِن كُلِّ شيء خلقنا زوجين )) وهنا يقول: (( ثمانية أزواج )).
ومن فوائد الآية الكريمة بيانُ حكمةِ الله عز وجل في تطوير الخلق، لقوله: (( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق )) ولو شاء لخلقَنا طورًا واحدًا ولكنَّ حكمتَه تأبى ذلك بل يتطور الانسان من طور الى آخر للتدَرُّج في الخلق، كما أنَّ التدرج أيضًا في التشريع هو الحكمة، فالشرع لم ينزِل جملةً واحدة يكَلَّفُ الناس به من أوله الى آخره ولكن نزل بالتدريج، وما نحن فيه من الحَمْل لو أنَّ هذا الحمل نشَأَ في بطن الأم دفعة واحدة لكان في ذلك ضرَرٌ عليها لكن يتَطَوَّر وينمو شيئًا فشيئًا حتى يتَّسِع البطن شيئًا فشيئًا بدون مشقة على الأم.
ومن فوائد الآية الكريمة مِنَّةُ الله سبحانه وتعالى على البشر في أنَّه يُطَوِّرُهم في هذا الخلق في مكانٍ لا يمكن أن يصل إليه أحد، لقوله: (( في ظلماتٍ ثلاث )) كما قال تعالى: (( فجعلناه في قرارٍ مكين * إلى قدرٍ معلوم )).
ومن فوائدِها حمايَةُ الله للجنين بكونه هذه الظلمات الثلاث، لأنَّ أشعة الضوء ربما تضره فجعل الله سبحانه وتعالى جعله في هذه الظلمات الثلاث.
ومن فوائدها أنَّ القادر على هذا هو المستحق للألوهية والعبادة، لقوله: (( ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )).
ومن فوائدها أيضًا انفراد الله سبحانه وتعالى بالملك، لقوله: (( له الملك )) فلا مالكَ إلا الله، وهل الملك مُلْك التصرف الكوني أو الكوني والشرعي؟
الطالب: كِلا ..
الشيخ : الكوني والشرعي فلا مالك إلا الله كونًا ولا مالك إلا الله شرعًا ولهذا له الحكم الكوني والشرعي عز وجل.
ومن فوائدها النداء الصارخ في تسفيه هؤلاء القوم الذين اتخذوا مِن دونه أولياء بعد ظهور هذه الآيات العظيمة، لقوله" (( فأنى تصرفون )) يعني كيف تصرفون عن الحق مع وضوحِه وبيانه.
1 - فوائد قول الله تعالى : (( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات )) .
الطالب: بالله
الشيخ : إن تكفروا بالله وبما يجب الايمان به فإنَّكم لن تضروا الله، لأنَّ اللهَ غنيٌّ عنكم ولم يأمُرِ الله سبحانه وتعالى العباد بعبادته والإخلاص له لحاجته اليهم ولكن لمنفعتِهم هم، لأنهم يثابون على هذا أعظم الثواب وينجون به من العقاب، أما الله عز وجل فإنه لا يضُرُّه إذا كفر كل الخلق، إن تكفروا ولو كل الخلق فإن الله غني عنكم وقد جاء في الحديث القدسي: ( يا عبادي لو أن اولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا ) لو كان الناس كلهم بل البشر وغير البشر لو كانوا على أفجر قلب رجل لم ينقص ذلك من ملك الله شيئًا ولن يضروا الله شيئًا ولهذا قال: (( فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر )) ولا يرضى لهم الكفر أن يكفروا بالله وتأَمَّل قوله: (( ولا يرضى لِعبادِه )) يعني أنَّ الكفر أمر لا يليق بالعباد فلا يرضى لهم أن يقوموا به وذلك لأنَّ الله خلقهم فكيف يرى الانسان العاقل أن يصرف العبادة لغير الخالق ولهذا قال: (( ولا يرضى لعباده )) ولم يقل مِن عباده أو عن عباده، لأنَّ اللام أبلغ في كون هذا الشيء لا يليق بهم، وقوله: (( لعباده الكفر )) العبودية تنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة فمِن الأول -أي من العام- قوله تعالى: (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا )) (إن كل) (إن) هنا بمعنى الأخ؟ لا اللي أمامك؟ أي نعم (إن) هذه بمعنى ايش ؟ (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا )) إن
الطالب: بمعنى (ما)
الشيخ : بمعنى (ما)، وعلامة (إن) التي بمعنى (ما) أن يأتي بعدها (إلا) (( إن أنت إلا نذير )) يعني ما أنت إلا نذير، (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا )) هذه من العبودية ايش؟
الطالب: العامة
الشيخ : العامة حتى الشياطين والكفار كلهم عباد الله بالمعنى العام، المعنى الخاص العبادة الخاصة القسم الخاص في العبادة عبادةُ المؤمنين وهي العبادة الشرعية أي التعَبُّد لله تعالى شرعًا وهذه خاصة بِمَن؟ بمن أطاعه فقط ومِن ذلك قوله تعالى: (( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا )) وقوله في الرسل إنهم عباد الله (( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ )) هذه عبودية
الطالب: خاصة
الشيخ : خاصة، قوله: (( ولا يرضى لعباده )) هنا هل هي من العامة أو من الخاصة؟
الطالب: من العامة
الشيخ : من العامة يعني لا يرضى الكفر لأي واحد مِن عباد الله نعم
2 - تفسير قول الله تعالى : (( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر )) وإن أراده من بعضهم (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يرضه )) .
الطالب: الكونية
الشيخ : الكونية، لأنَّ الكل مُلْكُه سبحانه وتعالى ولهذا قال: " وإن أراده من بعضهم " يعني فإرادته من بعضهم لا يقتضي أن يكون راضيًا به إذ قد يريد ما لا يرضى، فإن قال قائل: كيف يريد ما لا يرضى؟ وهل أحدٌ يُكْرِهُه؟ قلنا: لا، لا يُكرِهُه أحد لكن يريد ما لا يرضى، لحكمة بالغة، لو كان الله تعالى لا يريد إلا ما يرضى لأصبح الناس كلهم مؤمنين ولم يكن هناك ميزة للمؤمن من الكافر ولم يُقَمْ علم الجهاد ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا مُلِئَتِ النار كما وعدها الله عز وجل إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي تنتُج عن وجود الكفر في عباد الله.
قال: " (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يَرْضَه لكم )) " (إن تشكروا) مقابل (إن تكفروا)، لأنَّ الانسان في نِعَمِ الله بين كافر وشاكر، (إن تشكروا يرضه لكم) وهو لا يرضى لعباده الكفر وتأمَّل كيف قال في الكفر إن الله غنِيّ ولا يرضى، وهنا قال: (( إن تشكروا يرضَه لكم )) فبدأ في جواب الشرط في (إن تكفروا) ببيان غِنَاه عن الخلق عز وجل، أما الشكر فإنه هو الذي يثيب عليه ولهذا قال: إن تشكروا يرضه لكم فإذا رضيَه فسوف يُثِيبكم قال الله تبارك وتعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) ولهذا أثابهم الجنات أسال الله أن يجعلني وإياكم منهم نعم.
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر )) وإن أراده من بعضهم (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يرضه )) . أستمع حفظ
مناقشة إعراب قوله تعالى : (( يرضه )).
الطالب: جوابُ الشرط
الشيخ : أي نعم (إن تشكروا) هذا فعل الشرط (يرضه) جواب الشرط فلماذا كان مفتوحًا وهو جواب الشرط؟
الطالب: لأنَّه فعل مضارع
الشيخ : أي نعم والفعل المضارع ما يكون مرفوع ولّا مجزوم؟
الطالب: إذا جاء فعل مضارع والفعل الأول فعل ماض يجوز ...
الشيخ : الأول ليس فعلا ماضيًا يا شيخ
الطالب: (تشكروا)
الشيخ : تشكروا فعل ماض؟ فعل الماضي شكَرْتُم، مع العلم بأن التفريع اللي أنت فرعته على هذا خطأ أيضًا هو ليس فعل ماض والتفريع خطأ
الطالب: ... يجزم فعل مضارع واحد
الشيخ : أبطلْت عمله مِن أول الدنيا إلى اليوم، لا تجزم إلا فعل واحد، نعم، أو على رأي مَن يقول: الدين صالح لكل زمان ومكان ثم يلْوي أعناق النصوص على شان توافق هواه وزمانه، نعم
الطالب: مجزوم بحذف حرف الياء
الشيخ : الياء وين الياء؟
الطالب: ... آخره ياء
الشيخ : آخره ياء يرضِي يعني؟ يرضِيه لكم
الطالب: .. آخره ياء وحذفت الياء.
الشيخ : هل حذف الياء ولَّا غير الياء؟ أنت الآن أجبت بالنصف
الطالب: .. هو ألف مكسورة
الشيخ : أي الذي حُذِف الألف إذًا هو مجزوم بحذف الألف صحيح يا جماعة؟
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يرضه )) بسكون الهاء وضمها مع إشباع ودونه : أي الشكر (( لكم )) .
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحَجَّبا
نعم إذًا الشكر يا عبد الله؟
الطالب: القيام بطاعة الله
الشيخ : بطاعة المنعم
الطالب: بطاعة المنعم على وجه
الشيخ : اعترافًا له بالجميل، طيب أين محله؟
الطالب: محله القلب واللسان والجوارح
الشيخ : نعم، طيب، القلب أن يؤمن الانسان بقلبه بأنَّ هذه النعمة أو هذه النِّعَم مِن الله عز و وجل تفضُّلًا منه ولا يقول: هذا لي أُوتِيتُه على علم عندي بل يقول: هذا من فضل ربي، الثاني: باللسان أن يتعبد لله بكل قول شرعَه، ومن ذلك أن يتحَدَّث بنعمة الله فإنَّ هذا من الشكر، لأنه قول مشروع قال الله تعالى: (( واما بنعمة ربك فحدث ))، وأما الجوارح فظاهر أن تُظْهِرَ نعمة الله عليك بالجوارح فمثلًا إذا أعطاك الله قوة وشجاعة تُظْهِر ذلك بالقوة في ذات الله من جهاد الكفار والمنافقين وغيرِهم المهم أن تَظْهَرَ عليك أثرُ النعمة في أفعالك فتقوم بعبادة المنعم عز وجل.
يقول: " (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا " يعني فتؤمنوا الايمان المستَلْزِم للعمل الصالح لا مجرد الإيمان بالله عز وجل، الإيمان بالله لا يكون إيمانًا حقيقِيًّا حتى يستلزم القبول والاذعان، انتبهوا يا جماعة، كثيرٌ من العامة يظنون أن الايمان بالله أن تؤمن بوجود الله فقط هذا خطأ بل الإيمان بالله هو الإيمان المستلزم للقبول والإذعان: القبول لِمَا أَمر به وانشراح الصدر به، والإذعان الانقياد التام قال الله تعالى: (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))، على رأي مَن يقول: إنَّ الإيمان هو الإيمان بوجود الله يظنُّون أنَّ اليهود والنصارى ايش؟ مؤمنون وقد يصَرِّحُون بهذا يقول: النصراني مؤمن يؤمن بالله وإذا مات له شخص قال: رحمه الله، واليهود كذلك، نقول: هذا ليس هو الإيمان بالله، الإيمان بالله لا يصح ولا يتم: لا يصح مو لا يتم فقط لا يصِحّ إلَّا بالقبول والإذعان، القبول لِمَا جاء به الوحي والإذعان الانقياد التام.
5 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وإن تشكروا )) الله فتؤمنوا (( يرضه )) بسكون الهاء وضمها مع إشباع ودونه : أي الشكر (( لكم )) . أستمع حفظ
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ولا تزر )) نفس (( وازرة وزر )) نفس (( أخرى )) أي لا تحمله (( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )) بما في القلوب .
ثم قال: (( ثم إلى ربكم مرجعكم )) (ثم) يعني بعد الشكر من الشاكر والكفر من الكافر يكون إلى الله وحده المرجع (( ثم إلى ربكم مرجعكم ))، وفي هذه الجملة حصر طريقه؟ تقديم ماحقه التأخير، لأن قوله: (إلى ربكم) خبر مقدم و(مرجعكم) مبتدأ مؤخر، وقوله: (( ثم إلى ربكم مرجعكم )) ولم يقل إلى الله، لأنَّ المقام هنا مقام ربوبية، لأنَّ الرب هو المالك المتصرف الخالق فكان المناسب أن يقول: إلى ربكم، ولو قال: إلى الله مرجعكم لَصَحّ، لأنَّ الله تعالى أيضًا هو المستحق للعبادة ولا يستَحِقُّ العبادة إلَّا من كان ربًّا، وقوله: (( إلى ربكم مرجعكُم )) متى؟ يوم القيامة ولكن اعلموا أنَّ كلَّ من مات فقد قامت قيامتُه، لأنه انتقل مِن دار العمل الى دار الجزاء، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: " ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت " مع أنَّ الذي يكون بعد الموت قبل قيام الساعة لكن مَن مات فقد قامَتْ قيامَتُه، نعم (( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبِّئُكم بما كنتم تعملون )) (ينبئكم) يخبركم لكن قد قيل إنَّ النبأ لا يكون إلَّا في الأمر الهام بخلاف الخبر فيكون حتى في الأمور التوافه، وقال بعض العلماء: هما بمعنى واحد، وقوله: (ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) (بما) (ما) اسم موصول بمعنى الذي وعائدُها محذوف وهو المفعول به في قوله: (( تعملون )) أي بما كنتم تعملونه، و(ما) الموصولية بل وجميع الأسماء الموصولة تفيد ايش؟ العموم تفيد العموم والدليل على أن الأسماء الموصولة تفيد العموم قوله تعالى: (( والذي جاء بالصدق وصَدَّق به أولئك هم المتقون )) فأعاد الإشارة إليه ايش؟ جمعًا مع أنه مفرد وهذا يدل على أنه يفيد العموم، إذًا كل ما نعمل من خير وشر وصغير وكبير وسابقٍ ولاحق فإنَّ الله تعالى ينبِّئُنَا به أي يخبِرُنُا به، وتأَمَّل اللُّطْف والإحسان حيث قال: (( ينبئكم )) ولم يقل: يؤاخذكم، لأنه ثبت في الصحيح أنَّ الله عز وجل يخلو بعبده المؤمن فيقَرِّرُه بذنوبه ويقول: ( عملت كذا في يوم كذا وعملت كذا في يوم كذا ) حتى يعترف ثم يقول الله له: ( قد سترتها عليك في الدنيا وأنا اغفرها لك اليوم ) شوف يا إخوان إنباءٌ بدون مؤاخذة ولهذا قال هنا: (( ينبئكم بما كنتم تعملون ))، ثم المؤاخذة إليه الإنباء وعدٌ عليه والمؤاخَذَة إليه (( إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) ولهذا كان الكفار لا ينَبَّئُون بعملهم كما يُنَبَّأُ المؤمن يعني أن الله يخلو به ويستر عليه ويقرِّرُه بذنوبه معه وحده بل إنهم -والعياذ بالله ينادى على رؤوس الأشهاد- (( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين )) والله أعلم. نعم
6 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ولا تزر )) نفس (( وازرة وزر )) نفس (( أخرى )) أي لا تحمله (( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )) بما في القلوب . أستمع حفظ
كيف يكون التحدث بنعمة الله تعالى باللسان شكرا .؟
الشيخ : لا مِن جملته من جملته أن يتحدث
الطالب: كيف يتحدث بها أمام الناس هل يفتخر بها ولَّا؟
الشيخ : لا لا، يخبرهم مثل أن يقول: كنت فقيرا فأغناني الله، الحمد لله أنا عندي ولد عندي زوجة عندي بيت عندي سيارة، الحمد لله أنا أطلب العلم أنا حصلت كثيرًا من العلم وهكذا
الطالب: هل يكون هذا من شكر نعمة الله؟
الشيخ : هذا من الشكر بشرط ألا يكون الحامل على ذلك الفخر أو الرياء، لأن بعض الناس يتحدث بالنعم من باب الثناء على الله أنَّ الله اعطاه ومَنَّ عليه وتفضل عليه
الطالب: ...
الشيخ : يصلح لكن الموصول أحسن، يصلح، نعم
في قوله تعالى : (( ثم جعل منها زوجها )) يستدل بها بعضهم على أنه لا يجوز زواج الإنسي من الجني .؟
الشيخ : لا هذه الآية (( ثم جعل منها زوجها )) تعود على حواء، ما على الجنس، هذه لو كانت على الجنس
الطالب: الغلام اللي بلغ عشر سنين يؤمر بالصلاة
الشيخ : ومسألة زواج الإنس بالجن هذه مسألة تعود إلى المأذون الشرعي في الجن إن زوجك توكَّل
8 - في قوله تعالى : (( ثم جعل منها زوجها )) يستدل بها بعضهم على أنه لا يجوز زواج الإنسي من الجني .؟ أستمع حفظ
الغلام إذا بلغ عشر سنين هل هو مكلف بالصلاة .؟
الشيخ : لا لا ما يكلف
الطالب: ويؤمر بالصلاة؟
الشيخ : نعم يضرب عليها لعشر لكن من باب التأديب على التمرُّن على الطاعة وإلا لو تركها فانه لا يأثم
هل يصح من الإمام أن يقرأ في الركعة الأولى (( ملك )) وفي الثانية (( مالك )) .؟
الشيخ : لا لا بأس ما في مانع لا حرج.
قال تبارك وتعالى: (( إن تكفروا فإن الله غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر )) أظن أخذنا الفوائد؟
الطالب: ...
الشيخ : إلى آخره، نعم
تتمة تفسير قول الله تعالى : (( ... إنه عليم بذات الصدور )) .
فوائد قول الله تعالى : (( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )) .
ومن فوائدها إثبات اسم الغني لله عز وجل وإثبات ما دل عليه من صفة، لأن كل اسم من أسماء الله متضمن لصفة وليست كلُّ صفةٍ متضمنةً لاسم، ولهذا نقول: إن صفاتِ الله أوسع من أسماء الله بمعنى أنها أكثر، ووجه ذلك ظاهر: إذا قلنا: كل اسم متضمن لصفة تساوت الأسماء والصفات على أن الاسم الواحد يمكن أن يتضمن عدة صفات لكن لِنَقُلْ على أدنى تقدير أنه لم يتضمن إلا صفةً واحدة فإذا قلنا: كل اسم متضمن لصفة تساوت الأسماء والصفات، هناك صفات لا يمكن أن يُشْتَقَّ منها أسماء، كثيرة جدا وبهذا تبين أن الصفات أوسع وأكثر من الأسماء.
ومن فوائد هذه الآية أنَّ الله عز وجل لا يرْضَى الكفر لعباده، لأنه غير لائِقٍ بهم إذْ هم عباد الله فاللائق بهم أن يقوموا بطاعته وعبادته ولا يلِيق بهم أن يكْفُرُوا به.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثْبَات الرضى لله، لقوله: (( ولا يرضى )) وقوله فيما بعدها: (( وإن تشكروا يرضه لكم )) والرضا صفة من صفات الله الفعلية، لأنه متعَلِّق بمشيئته، وكلُّ وصف يتعلق بمشيئة الله فإنَّه يسمى عند أهل السُّنَّة صِفَةً فعلية، وكلُّ وصْفٍ معلَّقٍ بسبب فإنَّه مِن الصفات الفعلية، لأنه يوجد عند وجود السَّبب، والحَقُّ أنَّ الرِّضَا صفةٌ حقيقِيَّة لله عز وجل كالفرح والعَجَب والضَّحِك وما أشبه ذلك، وزعم أهل التعطيل أنَّ المراد بالرضا الثَّوَاب ففسَّرُوه بشيءٍ بائِنٍ عن الله منفصِلٍ عنه، مخافةَ أن تتعَلَّق به الأفعال الاختيارية، وهذا من جهلهم، وذلك لأننا إذا فسَّرْنَاه بالثواب فالثواب لا يقع إلا بإرادة، والإرادة لا تقوم إلا حين يوجد سبب الرضا، وحينئِذٍ تكون الإرادة حادثة فهم فرُّوا من شيء ووقعوا في مثله مع تحريفِهم للنصوص بصرفِها عن ظاهرها وتعطيلِهم للصفة التي دلَّ عليها النص، فهذه ثلاثة محاذير شوف كيف الذين يحرِّفون الكلم عن مواضعه يقعون في ثلاثة أمور ثلاثة محاذير:
المحذور الأول: أنهم وقعوا في مثل ما فرُّوا منه فإن كان ما فرُّوا منه محذورًا فما وقعوا فيه محذور. الثاني: أنهم حرفوا النصَّ عن ظاهرِه صرفُوه إلى معنًى آخر. الثالث: أنهم عطلوا الله ايش؟ عن الصفة التي دلَّ عليها النصّ الذي حرفوه، فهم مثلًا عطَّلوا الله عن صفة الرضا، وحرفوا النص عن ظاهره، ووقعوا فيما فروا منه، وهكذا في جميع الصفات التي حرَّفُوها عن ظاهرها.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنه لا تلازُمَ بين الرضا والإرادة وجهُه؟ أنه قال: ولا يرضى لعباده الكفر مع أنه أخبر في آياتٍ كثيرة أنَّ الكفر واقع بإرادته قال تعالى: (( ومَن يرد أن يُضِلَّه يجعَلْ صدرَه ضيِّقًا )) فإذا جمعنا بين هذا وهذا عرفنا بأنه لا تلازم بين الرضا والإرادة، فقد يريد ما لا يرضاه، وقد يرضى ما لا يريده، قد لا يرضى ما لا يريده فهو مثلًا يرضى من كل واحد من الناس أن يشْكر لله وهل أراد ذلك؟ لا، يقول: (( ولا يرضى لعباده الكفر )).
ومن فوائد الآية الكريمة الإشارة إلى أنَّ الكفر غيرُ مَرْضِيٍّ لله، لقوله: (( لعباده )) والعبد يجب أن يكون مؤمِنًا بسيده مُطيعًا له فكيف يكون عبدًا ثم يكفر به، نعم كيف يكون عبدًا لله ثم يكفر به.
ومن فوائد الآية الكريمة فضيلة الشكر وأنّ الشاكر ينال رِضَا ربه، لقوله: (( وإن تشكُروا يرضه لكم )) وقد جاء في الحديث: ( إنَّ الله لَيَرْضَى عن العبد يأكل الأكلَة فيحمدُه عليها ويشرَب الشربة فيحمده عليها ) يأكل الأكلة فيحمدُه عليها، الأكلة هل المراد الوجبة من الطعام أو المراد كل لقمة؟
الطالب: الوجبة
الشيخ : فيه مَن يرى أن المراد الوجبة وفيه من يرى أنّ المراد اللقمة وكان الإمام أحمد رحمه الله يأكُل كلَّ ما أكل لقمة حمد الله فقيل له في ذلك فقال: " أكْلٌ وحَمْد خَيْرٌ مِن أَكْلٍ وصَمْت " أكلٌ وحمد خير من أكل وصمت لأنَّ لفظ الحديث: " يأكل الأكلة " محتمِلٌ لأن يكون المراد به اللقمة أو الوجبة من الطعام وكذلك يقال في الشُّرْب، والإنسان ينبغي له في الشرب أن يشرب بثلاثة أنفاس كُلُّ نفس يحمد الله عليه إذا قلنا المراد بالشربة النَّفَس، نعم.
قال: (( وإن تشكروا يرضه لكم )) فمِن فوائدِها فضيلة الشكر.
ومن فوائده أنَّ الله يرضى الشكر لعباده وإذا رضي الله عن العبد كان ذلك سببًا في إرضاء العبد انتبه! إذا رضي الله عن العبد كان سببًا في إرضاء العبد ودليل ذلك قوله تعالى: (( رضِي الله عنهم ورَضُوا عنه )) فيرضى الله عنهم بعبادتهم إياه، ويرضون عنه بما أثابهم، نسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم، .. الانسان يرضى عن ربه ويرضى الله عنه، (( وإن تشكروا يرضه لكم )).
نعم ومن فوائد هذه الآية أنه لا تَحْمِلُ نفسٌ إثمَ نفسٍ أخرى حتى وإن ضمنت النفس الأخرى ذلك الذنب، وإن ضمن ذلك الذنب يعني مثلًا لو قال شخص لآخر: افعل كذا من الذنوب والإثم علي هل يصح؟ يقول: أنا ضامن، أرأيتم لو ضمِنَ دَيْنًا على شخص يصح؟ يصح، وهو يُحَمِّلُ نفسَه بهذا الضمان يحَمِّلُ نفسَه دَيْنًا فإذا كان كذلك لماذا لا يصِحُّ أن يضمَنَ إثم مَن فعل الإِثم؟ نقول: لقول الله تعالى: (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتَّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) نحن نشيل العذاب عنكم، قال الله تعالى: (( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وإنهم لكاذبون ))، بل إنه يوم القيامة يكون الأمر أشد (( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا )) يتبرَّؤون منهم ويتحاجُّون في النار كلُّ طائفة تتبرأ من الأخرى فلا يمكن لأحد أن يحمل إثم أحد أبدًا.
ومن فوائد الآية الكريمة، طيب بقي علينا نسأل قبل أن نأخذ الفائدة هذه إذا قال قائل: كيف يُجمعُ بين هذه الآية الكريمة وبين قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( مَن سَنَّ في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) وإخباره أنه ما قُتِلَتْ نفسٌ بغير حق إلا كان على ابن آدم الأول -الذي قتل أخاه- كِفْلٌ من ذلك؟ فالجواب أنَّ مَن سَنَّ السنة السيئة فإن آثام مَن استَنَّ به عليه، لأنَّ هذا من ايش؟ من فعلِه هو السبب فهو بالحقيقة لم يحمِل إثمَ غيرِه إلا لأنه هو السبب الذي جرَّ الناس إلى هذا الاثم، انتبهوا! قد يكون الناس مستوحشين من هذا الإثم يخشون منه ويهابونه فإذا فعله شخص هان عليهم الأمر واقتدوا به لا سِيَّما إذا كان الشخص ذا كلمَةٍ وطاعة كالأمير والعالم وما أشبه ذلك إذًا لا تعارض بين الآية والحديث وجهه؟ أنَّ مَن سَنَّ السنة السيئة فإنه عمِلَ العمل الذي به الإثم، والسَّبَب