تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )) .
ومن فوائد الآية الكريمة الإشارة إلى أن الإثم إنما يتحمله من كان قابلًا له، لقوله: (( وازِرَةٌ وِزْرَ أخرى )) والوازرة هي التي تكون أهلًا لتحَمُّل الوِزر، والذي يكون أهلًا لتحَمُّل الوزر هو مَن جَمَع وصْفَيْن: البلوغ والعقل، لقوله في الحديث الصحيح: ( رُفِعَ القَلَم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يبلغ ) صحَّحَه كثير من أهل العلم، طيب فإن قال قائل: أليس الأب الراعي على أولاده إذا أهملوا شيئًا كان عليه إثمٌ لإهمالهم؟ فالجواب: بلى، ولكنَّ إهماله إيَّاهم وِزْرٌ وإثم، لقول الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم نارًا ) ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته )).
ثم قال عز وجل: (( ثم إلى ربكم مرجعكم )) إلى آخره من فوائد هذه الجملة أنَّ المرجع إلى الله يوم القيامة ويتفرَّع على هذه الفائدة وجوب الاستعداد لهذا اللقاء وهذا المرجع، والاستعداد له يكون بترك المعاصي وفعل الطاعات، هذا الاستعداد، ما دام المرجع إلى الله لا يمكن أن ترجع إلى غيره مهما كان، مرجعُك إلى الله عز وجل فهو منه المبتدأ وإليه المنتهى.
ومن فوائدها بيانُ شمول علم الله، لقوله: (( فينبئكم بما كنتم تعملون )) بالذي كنتم تعملون كلِّه صغيرِه وكبيرِه والخطاب لجميع الناس وهذا يدل على شمول علم الله عز وجل، وهو كذلك فعلم الله تعالى واسع محيط بكل شيء، وقد نبَّه الله سبحانه وتعالى على بيان كيف كان واسعًا فقال: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) (ألا يعلم مَن خلق) يعني إذا كان الله هو الخالق -وهذا شيء مُقَرٌّ به- لَزِم أن يكون عالـمًا بما خلَق، إذ كيف يمكن أن يخلق ما لا يعلم هذا مستحيل، واضح؟ طيب (( ألا يعلم من خلق )) نأخذ عليها جملة اعتراضية (من) هذه فاعل أو مفعول؟
الطالب: فاعل
الشيخ : يجوز فيها الوجهان أن تكون فاعلًا يعني: ألا يعلَمُ الذي خلَق مَن خلقَه، ويجوز أن تكون مفعولًا به أي: ألا يعلم اللهُ مَن خلَقَه، ومعلوم أن الخالق والمخلوق بينهما تلازم فلا خالق إلا بخلْق ومخلوق ولا مخلوق إلا بخالق.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَ الله سبحانه وتعالى عالِمٌ بأسرار العبد، لقوله: (( إنه عليم بذات الصدور )) وقد قال الله تعالى: (( ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) بل يعلم ما يستقبل للمرء، الإنسان يعلم ما توسوس به نفسه لكن لا يعلم ماذا يكسب غدًا، فالله عز وجل يعلم ماذا يكسبه العبد غدًا.
ومن فوائد الآية الإشارة إلى أن الحساب يوم القيامة يكون على ما في الصدور، لأنه لَمَّا ذكَر الإنباء قال: (( إنه عليم بذات الصدور )) يعني فالمرجع في الحساب إلى ما في القلب، فصَحِّح قلبك صحِّح ما في قلبك، لأنَّ المدار عليه، ولهذا شواهد من الآيات ذكرناها أثناء التفسير.
ومن فوائدها الإشارة إلى أن القلب هو الذي عليه مدار الصَّلَاح، لأنه إذا كان الحساب على ما في القلب فهو عليه مدار الصلاح، ويؤيده قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ( إلا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
1 - تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا مس الإنسان )) أي الكافر (( ضر دعا ربه )) تضرع (( منيبا )) راجعا (( إليه ثم إذا خوله نعمة )) أعطاه إنعاما (( منه نسى )) ترك (( ما كان يدعو )) يتضرع (( إليه من قبل )) وهو الله ، فما في موضع من (( وجعل لله أندادا )) شركاء (( ليضل )) بفتح الياء وضمها ((عن سبيله )) .
الطالب: الشرط
الشيخ : الشرط فتكون
الطالب: عامة
الشيخ : عامة: أي ضر يكون في بدنه، في أهله، في مالِه، عام، خاص، أي ضُرًّ يكون يدخل في قوله: (( ضر ))، (( دعا ربَّه )) انظر إلى قوله: (( دعا ربَّه )) ولم يقل: دعا الله ففي هذه الحال أي في إصابة الضر عرَفَ ربَّه وأنه لا ملجَأَ منه إلا إليه فيدعو ربَّه معتقدًا أنه ربه يملك ما شاء ويتصرف فيما شاء، قال المؤلف: " تَضَرَّع " يعني فسر (دعا) بمعنى تضرَّع، لقوله تعالى: (( ادْعُوا ربَّكم تضَرُّعًا )) والتَّضَرُّع هو الاستكانة والذُّلّ أمام الله عز وجل، (( منيبًا )) راجعًا إليه فإذا دعا ربَّه منيبًا إليه كشف الله ضُرَّه، لأنه سبحانه وتعالى قال: (( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض )) وإجابة الله للمضطر تشمل الكافر والمسلم حتى الكافر الذي يعلم الله أنه سيكفر بعد زوال اضطراره يُجِيبُ دعوتَه (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )) فهو يعلم عز وجل أنهم سيشركون بعد النجاة ومع ذلك يجيبهم، لأنَّ رحمتَه سبقت غضبَه ففي حال الضرورة يصْدُقُ لجوء الانسان إلى ربه لأنه يعلم أنه لا يكشف الضر إلا الله، فإذا رجع إلى ربِّه سبحانه وتعالى فإنَّ رحمتَه سبقت غضبه يجيبُه رحمةً به فهنا يقول عز وجل: (( ثم إذا خوَّلَهُ نعمة منه )) إلى آخره قال: (( ثم إذا خوله )) يعني كأن هذا -والله أعلم- إشارة إلى أنه بعد أن تغمره النعمة ويستمِرّ فيها وقتًا ينعَمُ به بعد ذلك يكفر، وقوله: (( إذا خوَّله نعمة )) قال: " أعطاه " تفسير لايش؟ لـ(خوله)، " إنعامًا " تفسير لـ(نعمة)، أما تفسير (خوله) بـ(أعطاه) فواضح، وأما تفسير (نعمة) بـ(إنعام) فلا وجه له، لأن المعطَى ليس الإنعام وإنما المعطى النِّعْمَة وعلى هذا فإبقاء الآية على ظاهرها أولى مما ذهب اليه المؤلف رحمه الله، انتبه! إذا اعطيناه إنعامًا لا يستقيم الكلام لماذا؟ لأنَّ الإنعام فِعْلُ الله، والمعطَى هو النعمة وليس فعْل الله، فإبقاءُ الآية على ظاهرها لا شك أنَّه هو الموافق للواقع، طيب يقول: (( إذا خوله نعمة منه )) (منه) (من) هنا للابتداء أي: نعمةً صادرةً من الله عز وجل يتبين بها أنها فضْلٌ محْضٌ من الله نعم.
" (( نسي )) ترك (( ما كان يدعو )) يتضرع (( إليه من قبل )) وهو الله " انظر يا أخي: كان يتضرع إلى الله في أن يكشف عنه الضر، كشف الله عنه الضُرَّ وأعطاه نعمة زائدة على كشْفِ الضُّر، ماذا تكون حاله؟ قال: (( نسِي ما كان يدعُو إليه من قبل )) والنِّسْيَان هنا بمعنى الغفلة وليس المرادُ به ذُهُولَ القلبِ، وإنما المراد الغفلة المتضمنة للتَّرْك، ومِن ذلك قوله تعالى: (( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون )) أي غافِلُون عن صلاتهم، (( نسي ما كان يدعو إليه من قبل )) يقول: " (( ما كان يدعو )) يتضرع (( إليه من قبل )) " (إليه) الضمير يعود على الله عز وجل، و(ما) تعود على الله ولهذا قال المؤلف رحمه الله: " فـ(ما) في موضع (مَن) " (ما) في قوله: (( ما كان يدعو )) في موضع (مَن) يعني مراد المؤلف أنَّ (ما) بمعنى (مَن) أي: نسِيَ مَن كان يدعو إليه مِن قبْلُ، يعني مَن يدعو إليه مَن يوجه الدعاء اليه أو كما قال المؤلف يتضَرَّع إليه وهو الله عز وجل فغَفَل، وما كأَنَّ الله أنعم عليه بكَشْفِ الضر وتخويلِه النعمة، (( نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادًا )) الأنداد ما غفل عنهم والواحد القهار غفَل عنه -والعياذ بالله- مع أنَّ الأنداد لم تنفعه ولم يتضَرَّعْ إليها حين أصابه الضر ومع ذلك يُقبِل عليها ويدَع مَن أنْعَمَ عليه.
" (( وجعل لله أندادًا )) شركاء " والأنداد جمع نِدّ والنِّدّ هو الـمُسَامِي لِنِدِّه المماثل له فيجعَلُ لله أندادًا بماذا؟ في العبادة يعبُد هذه الأصنام كما يعبد الله عز وجل، ينذر لها كما ينذُر لله، يذبح لها كما يذبح لله، وهكذا.
" قال تعالى: (( ليُضِلَّ عن سبيله )) بفتح الياء وضمها (( عن سبيلِه )) دين الإسلام " (أندادًا لِيضل) اللام هذه: إما أن تكون للتعليل وإما أن تكون للعاقبة -حطوا بالكم يا جماعة- فعلى قراءة الفتح (( لِيَضِلَّ )) هو فاللام للعاقبة يعني جعل لله أندادًا أدَّت به إلى الضلال، وإن كانت بضم الياء (( لِيُضِلَّ )) فاللام للتعليل يعني جعل لله أندادًا لِيقتَدِيَ به الناس فيضِلُّوا، والآية فيها قراءتان: يَضِلّ ويُضِلّ، فـ(يَضِلّ) تعود إلى نفسه و(يُضِلّ) تعود إلى غيرِه -حطوا بالكم- وهاتان قراءتان كلاهما صحيح أو كلتاهما صحيح، وكلُّ واحدة تفيد معنًى يكَمِّل معنى الأخرى فهو يَضِلُّ بنفسه ويُضِلُّ غيرًه أيضًا انتبهوا! اللام قلنا إنها للعاقبة متى؟ على أي قراءة؟
الطالب: ...
الشيخ : على قراءة الفتح يعني أنه إذا اتخذ أندادًا صار عاقبتُه الضلال، وتكونُ للتعليل على أيِّ القراءتين؟
الطالب: الضَّم
الشيخ : على الضم يعني جعل لله أندادًا لِيُقْتَدَى به فيَضِلّ غيرُه، طيب لام العاقبة هل تأتي في اللغة العربية؟ نعم تأتي قال الله تعالى: (( فالتقطه آلُ فرعون ليكون لهم عدُوًّا وحزَنًا )) هل آل فرعون التقطوا موسى مِن أجل أن يكون لهم عدُوًّا وحزَنًا؟ أبدا يقولون: (( عسى أن ينفعنا أو نتَّخِذَه ولدًا ))، لكن العاقبة: صار عدُوًّا وحزنًا، وتأتي زائدة تأتي اللام زائدة كما في قوله تعالى: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس )) (إنما يريد الله لِيذهب عنكم) أي أن يذهب، وكما في قوله: (( يريد الله لِيُبَيِّن لكم )) (يريد الله ليبين) أي أن يُبَيِّن، وإنما قالوا إنها زائدة، لأنَّ (أراد) تتعدى بنفسها لا باللام، ولا تصلُح أن تكونَ للتعليل، لأنَّ التعليلَ مستفادٌ مِن الإرادة، وعلى هذا فيعربونها على أنها زائدة فتَبَيَّن أنَّ اللام التي تدخل المضارع تكون زائدة، وتكون تعليلِيَّة وهي الأكثر، وتكون للعاقبة نعم
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا مس الإنسان )) أي الكافر (( ضر دعا ربه )) تضرع (( منيبا )) راجعا (( إليه ثم إذا خوله نعمة )) أعطاه إنعاما (( منه نسى )) ترك (( ما كان يدعو )) يتضرع (( إليه من قبل )) وهو الله ، فما في موضع من (( وجعل لله أندادا )) شركاء (( ليضل )) بفتح الياء وضمها ((عن سبيله )) . أستمع حفظ
هل الله تعالى يرضى من الكافر أن يسلم لكن لم يرد أن يسلم .؟
الشيخ : ليس خلاف؟
الطالب: ...
الشيخ : نعم صح
الطالب: ... في بعض الأشياء إرادة ... بدون إرادة ...
الشيخ : نعم صح
الطالب: ... افعال بإرادة الله
الشيخ : أحسنت هو يرضى من الكافر أن يسلم ولكنه لم يُرِدْ أن يسلم.
الطالب: ...
الشيخ : هذا هو هذا وجه ألَّا تلازم أنه قد يوجد الرِّضَا بلا إرادة، وتوجد الإرادة بلا رضا، ويوجد رضا وإرادة.
الطالب: ...
الشيخ : الكافر ما الذي يرْضى الله منه؟ أن يسلم، لا يرضى الكفر الله ما يرضى الكفر يرضى الشكر فيرضَى مِن هذا الكافر أن يشكُر ويؤمن، لكن هل أراد الله أن يشكر ويؤمن؟ لو أراد الله لوَقع واضح؟
كيف الجمع بين قول الله تعالى : (( ولا تزر ولزرة وزر أخرى )) وبين ما جاء أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .؟
الشيخ : نعم هذا أيضًا صحيح ينبغي أن يورد على الآية وهو أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه عائشة رضي الله عنها قالت: " إنَّ المرادَ بذلك الكافر " ولا شكَّ أنها رضي الله عنها بشر تخطيء وتصيب وذلك لأنَّ الكافر يُعذَّب سواءٌ بكى عليه أهله أم لا، لكن هي أرادت أن تقول: إن معنى الحديث أنَّ الكافر لَيُعَذَّب وأهله يبكُون عليه .. هذا معنى الحديث واستدلت بالآية، ولكنا نقول: لا يستقيم هذا التأويل بل معنى الآية: أنَّ المراد بالعذاب التأَلُّم التأَلُّم النفسي وليس التألمَ البدني ونظيرُ هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( السفرُ قطعةٌ من العذاب ) مع أن المسافر لا يتعذَّب تعذُّبًا بدنِيًّا قد يكون مِن آنَس ما يكون إذا كانت الأرض مُخْصِبَة والإبل طيبة والرِّفاق أصحاب وش يكون السفر؟ نُزْهَة نزهة ومع ذلك فهو قطعة من العذاب القلبي، صح؟ نحن بالطائرة مسترِيحُون مُكَنْدَشَة دِفْءٌ في الشتاء وبرودة في النهار، لا، برودة في الصيف ونشرب القهوة والعصير ونأكل التمر وكلّ ما طلبنا يأتي، ومع ذلك القلب متأَلِّم مو هو مثل الإنسان المستقر في بيته، فالعذاب الذي في القبر هو هذا النوع من العذاب، وقال بعض العلماء: يعذَّب عذابًا بدنِيًّا يعاقب عقوبة بدنية ولكنَّ هذا في مَن أوصى أهلَه أن ينوحوا عليه وإن كان هذا لم يذكر بالحديث لكن يُحمَلُ الحديث على ما تقتضيه النصوص الأخرى، وقال بعضهم: هذا في الرجل الذي يعلم مِن أهله أن ينوحوا عليه ولم ينهَهُم والفرق بين القول هذا واللي قبله واضح: الذي قبلَه أوصاهم وهذا لم ينهَهم ما أوصاهم لكن يعلم أنهم يفعلون فلم ينهَهم، فهذه أربعة اقوال في الحديث وأصحُّها أنَّ المراد بالعذاب العذاب النفسي وليس العذاب البدنِي، لقوله تعالى: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) نعم.
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) ))
4 - كيف الجمع بين قول الله تعالى : (( ولا تزر ولزرة وزر أخرى )) وبين ما جاء أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .؟ أستمع حفظ
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله ... )) .
الطالب: الكافر
الشيخ : الكافر، لماذا لا نحمله على العموم كما حملْنا قوله تعالى: (( وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفًا )) على العموم؟
الطالب: ... بقرينة السياق
الشيخ : ما هو السياق؟
الطالب: قرينة السياق في الكافر .. (( وجعل لله أندادًا ))
الشيخ : (( وجعل لله أندادا )) أحسنت، طيب هل يسوغ في اللغة العربية أن يُستعْمَل العام بمعنى الخاص؟
الطالب: نعم كثير
الشيخ : كثير، ومنه؟ غير الآية هذه؟
الطالب: قوله تعالى: (( الذين قال لهم الناس إنَّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ))
الشيخ : قوله تعالى: (( الذين قال لهم الناس إنَّ الناس قد جمعوا لكم )) فـ(الناس) الأولى رجل واحد والثانية
طائفة من الناس وليس كل الناس، طيب قوله تعالى: (( ثم إذا خوَّلَه نِعْمَةٌ منه )) ما معنى (خوَّلَه)؟
الطالب: أعطاه
الشيخ : أعطاه ومنه قوله تعالى: (( وتركتم ما خوَّلْنَاكم ))، طيب نعمة؟
الطالب: .. المؤلف فسَّرها بالإنعام وهذا خاطئ، لأنّ الإنعام هو فعل الله سبحانه وتعالى.
الشيخ : والصحيح أحسن من قولك هذا خاطئ، والصحيح أنَّ المعنى أعطاه نعمةً، لأنه خوَّلَه الـمُنعَمَ به وليس الإنعام، الإنعام من فعل الله، طيب قوله تعالى: (( وجعل لله أندادًا ليُضِلّ )) فيها قراءتان؟
الطالب: بفتح الياء وبضم الياء بضمها وفتحها
الشيخ : اقرأهما
الطالب: لِيُضِلَّ ولِيَضِلَّ
الشيخ : نعم أحسنت، طيب ماذا يكون معنى اللام على كلا القراءتين؟
الطالب: في حال فتح الياء تكون للعاقبة، إذا كانت ضم الياء تكون
الشيخ : للتعليل، عبد القادر يبيِّن لنا اللام الداخلة على المضارع تكون للعاقبة وللتعليل كما في هذه الآية، وهل لها معنى ثالث؟ يلَّا عبد القادر نحن نظنُّك صاحبَ نحْو
الطالب: .. زائدة
الشيخ : زائدة مثل؟
الطالب: ...
الشيخ : لا لا لا، التي تدخل على المضارع ما هي باللام التي تدخل على الاسم
الطالب: على المضارع؟
الشيخ : اي تأتي زائدة لكن نريد المثال الآن
الطالب: تأتي بمعنى ال
الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، نعم
الطالب: مثل (( يريد الله ليبين لكم ))
الشيخ : (( يريد الله ليبين لكم )) اللام هنا؟
الطالب: زائدة
الشيخ : زائدة، ليش؟ لأنَّ الإرادة تدل على معناها لو قال الله عز وجل: يريد الله أن يبين لكم
الطالب: صحّ
الشيخ : صح استقام الكلام
5 - مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله ... )) . أستمع حفظ
تتمة تفسير قول الله تعالى : (( ... ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار )) .
الطالب: ...
الشيخ : قال الله تعالى: (( لِيُضِلَّ عن سبيله )) أو (( لِيَضِلَّ عن سبِيلِه )) (سبيلِه) أي دينه أي طريقِه الموصل اليه، طريق الله الموصل إليه هذه سبيل الله، والسبيل يضاف إلى الله تارة كما في هذه الآية وكما في آيات اخرى كثيرة ويضاف إلى المخلوق كما في قوله تعالى: (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله )) فما هو الجمع بينهما؟ الجمع بينهما أنه يضاف إلى الله باعتبار أنّه هو الذي وضعَه وأنه موصلٌ إليه باعتبار أنّ الله هو الذي وضعه وأنه موصل إليه، ويضاف إلى غير الله للمخلوق باعتبار أنّه هو السالك له، إذًا فسبيل الله يعني هو الذي شرع هذا السبيل ووضعه للعباد وهو يوصل إلى الله، سبيل الرسول (هذه سبيلي أدعو إلى الله) أي طريقي الذي أسلكه ومثل ذلك يقال في الصراط (( صِرَاطُ الله )) و(( صراط الذين أنعمت عليهم )) فصراط الله باعتبار أنه هو الذي وضعه وأنه موصل إليه، وصراط الذين أنعمت عليهم باعتبار أنهم هم الذين يسلكونه.
6 - تتمة تفسير قول الله تعالى : (( ... ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار )) . أستمع حفظ
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ليضل )) بفتح الياء وضمها ((عن سبيله )) دين الإسلام (( قل تمتع بكفرك قليلا )) بقية أجلك (( إنك من أصحاب النار )).
الطالب: ...
الشيخ : من يصِحُّ خطابه أي قل أيها الانسان لهذا الكافر أو لهذا الإنسان الموصوف بهذه الصفات: (( تمتع بكفرك قليلا ))، (( تمتع بكفرك قليلا )) هذي أمر لكنَّه ليس على ظاهره بل المراد بالأمر هنا التهديد كقوله تعالى: (( فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر )) معلوم أنَّ الانسان ليس بالخيار بين الإيمان والكفر لكن هذا من باب التهديد فهنا (تمتَّع بكفرك قليلًا) ليس معناه أننا نبيح له أن يتمتع بالكفر أو نأمُرُه أن يتمتع بكفره بل ايش؟ نهدِّدُه فالأمر هنا للتهديد، فإن قال قائل: مَن الذي أخرجَه عن المعنى الأصلي؟ فالجواب: أنه أخرجه عن المعنى الأصلي قرينة السياق (( قل تمَتَّعْ بكفرك )) أي اكْفُر وتمتَّع بالكفر، لأن الكافر يتمتَّعُ بكفره تمَتُّعَ البهائم كما قال تعالى: (( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )) فالكافر -والعياذ بالله- لا يقيد نفسه بعبادة لا بصلاة ولا زكاة ولا صوم ولا حج ولا غير ذلك من العبادات بل هو قد اتبع هواه وتمتع كما يتمتع الحمار وفي النهاية قال: (( إنك من اصحاب النار )) كقوله تعالى: (( يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )) وما أسرعَ وصولَه إلى النار، لأنّ الدنيا قليل، الدنيا قليل أي زمنٌ قليل مهما طال بك العمر فإنه إذا وافاك الأجل كأن لم تلبث إلا ساعة من نهار، وإذا شئت تصديق هذا فاعتبر ما مضى من عُمُرك بما بقي، اعتبر ما مضى الآن كلنا يختلف سِنُّه عن الآخر لكن كلنا كأننا ولادةُ هذه الساعة، يعني كل اللي مضى كأنه لم يكن، هكذا يكون بقية العمر مهما طال بالإنسان العمر فإنه إذا جاء أجله كأنه لم يكن ولهذا قال: (( تمتَّعْ بكفرك قليلًا )) وإن طال بك العمر، يقول: " بقيةَ أجلك (( إنك من أصحاب النار )) " الجملة هذي مؤكدة بـ(إن) يعني ومهما تمتَّعْت فمآلُك إلى النار (( إنك من اصحاب النار )) وأصحاب النار إنما تطلق على الذين يُخَلَّدُون فيها فالمؤمن العاصي وإن كان يستحِقُّ العذابَ بالنار فإنه لا يسمى من أصحاب النار، لأنَّ الأصل في الصحبة طُولُ الملازمة هذا أصل الصحبة طول الملازمة إلا في مسألة واحدة ما هي؟
الطالب: الصحابة
الشيخ : من؟ الصحابة، الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لو اجتمع بالرسول الله صلى الله وسلم مؤمنًا به ولو لحظة صار من أصحابه، نعم. يقول: (( إنك من اصحاب النار )) النار هي الدار التي أعدها الله عز وجل للكافرين وقد بيَّن الله تعالى في الكتاب وبيَّن رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة ما فيها من أنواع العذاب (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا )) وقال الله تعالى: (( إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إلى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ )) أعوذ بالله يُصَبّ فوق رأسه مِن عذاب الحميم الماء الحار الشديد الحرارة (( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) )) وهذا مِن باب التهَكُّم به (( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ )) يعني وأين عزتك وأين كرمك، في الدنيا يرى نفسَه سيدًا شريفًا ولكنه في الآخرة يهان إلى هذه الاهانة المهم أن انواع العذاب والعياذ بالله نعوذ بالله من النار نعوذ بالله من النار نعوذ بالله من النار أنواع العذاب في النار شيء -والعياذ بالله- إذا تصَوَّرَه الإنسان فإنه يتبين له شدة ما يلاقيه هؤلاء من العقوبة الشديدة
7 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ليضل )) بفتح الياء وضمها ((عن سبيله )) دين الإسلام (( قل تمتع بكفرك قليلا )) بقية أجلك (( إنك من أصحاب النار )). أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( أمن )) بتخفيف الميم (( هو قانت )) قائم بوظائف الطاعات (( ءاناء اليل )) ساعاته (( ساجدا وقائما )) للصلاة (( يحذر الاخرة )) أي يخاف عذابها (( ويرجوا رحمة )) جنة (( ربه )) كمن هو عاص بالكفر أو غيره؟ وفي قراءة (( أم من )) فأم بمعنى بل والهمزة (( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))أي لا يستويان كما لا يستوي العالم والجاهل (( إنما يتذكر )) يتعظ (( أولوا الألباب )) أصحاب العقول .
الطالب: دوام الطاعة
الشيخ : مِن دوام الطاعة، نعم، (( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ )) قال المؤلف: " قائمٌ بوظائف الطاعات " يعني مُدِيمٌ لها، " (( آناء الليل )) آناء الليل يعني ساعاتِه (( ساجِدًا وقَائِمًا )) في الصلاة " (ساجدا وقائما) نصَّ على السجود وعلى القيام دون الركوع والقعود، لأنَّ السجود شريف بهيئته والقيام شريف بذِكْرِه، كيف؟ السُّجُود شريف بهيئته أفضل هيئة للمصلي أن يكون ساجدًا ولهذا كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، والقيام شريف بذِكْرِه ما هو ذِكْرُه؟ القران كلام الله وكلام الله تعالى أشرف الكلام فلهذا نصَّ على هذين الأمرين أو على هذين الركنين من أركان الصلاة القيام والسجود، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سجد يُسمَع لصدرِه أزيزٌ كأَزِيزِ الـمِرْجَل القِدْر الذي يَغْلِي وكان عليه الصلاة والسلام إذا قام لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيدٍ إلا تعوذ، ولا بآية تسبيح إلا سبَّح، وهذا يدل على أنَّ القائم في الليل ينبغي له أن يلاحظ هذا يلاحظ قوة الخشوع في حال السجود والبُكاء، ويلاحظ أيضًا حضور القلب أثناء القراءة لِيُتَابِع إذا مرَّ بآية رحمة سأل وبآية وَعِيد تعوذ وبآية تسبيح سبَّح، قائمًا وقاعدًا ساجدًا وقائمًا، " (( يحذر الآخرة )) أي يخافُ عذابها (( ويرجُو رحمة ربه )) جنة (( ربه )) " طيب هنا قوله: (( يحذر الآخرة )) هذه حال حالَ كونِه يحذَر الآخرة، وحالٌ مقارِنَة لقولِه: (( ساجدًا وقائمًا )) يعني حال كونِه في سجوده وقيامه يحذَرُ الآخرة أي يخافها وليس يخاف وقوعَها، لأنَّ وقوعها لا بد لكن يخاف عذابَها يخاف أن يُعَذَّب، (( ويرجو رحمة ربه )) يقول المؤلف: جنته ولا شك أنَّ الرحمة يراد بها الجنة كما قال الله تعالى للجنة: ( أنت رحمتي أرحَمُ بك مَن أشاء ) ولكن يراد بالرحمة معنًى آخر وهي فعل الله بالعبد أي رحمتُه للعبد فأيُّهما أولى في هذه الآية الأخ! أيهما أولى؟
الطالب: ... الرحمة بالمعنى ...
الشيخ : أي، نعم
الطالب: (( يحذر الآخرة )) أي يحذر عذاب الآخرة، ويرجو رحمة الله يعني يحذر النار ويرجو الجنة.
الشيخ : أي نعم هذا ما ذهب اليه المؤلف، لكن لماذا لا نقول: يرجو أن يرحمه الله ويكون المراد بالرحمة هنا رحمة الله التي هي فعلُه يعني يرجو أن يرحمه اللهُ بالأمرين بالنجاة من النار وبدخول الجنة هذا المعنى أحسن، لأن المتبادر في الغالب لمعنى الرحمة أن تكون فعل الله يعني أنَّ الله يرحمك، وأيضًا إذا قلنا رحمة الله صار يرجو أن ينجو من النار أو من عذاب الآخرة وأن يفوز بالجنة، (( ويرجو رحمة ربه )) قال: " كمَن هو عاص بالكفر أو غيره "
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( أمن )) بتخفيف الميم (( هو قانت )) قائم بوظائف الطاعات (( ءاناء اليل )) ساعاته (( ساجدا وقائما )) للصلاة (( يحذر الاخرة )) أي يخاف عذابها (( ويرجوا رحمة )) جنة (( ربه )) كمن هو عاص بالكفر أو غيره؟ وفي قراءة (( أم من )) فأم بمعنى بل والهمزة (( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))أي لا يستويان كما لا يستوي العالم والجاهل (( إنما يتذكر )) يتعظ (( أولوا الألباب )) أصحاب العقول . أستمع حفظ