تتمة تفسير قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) .
أولا أن الخشية تكون مع مقرونة بعلم ، وثانيا أن الخشية تكون من عظمة المخشى وإن كان الخاشى عظيما وأما الخوف فيكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف منه غير عظيم هذه هذان فرقان بين الخشية وبين الخوف أن الخشية تكون بعلم والخوف قد يكون بوهم قد يرى الانسان شبح من بعد فيخافه وهو ليس بشىء والثانى أن الخشية تكون إيش لعظم المخشى وإن كان الخاشى عظيما لكن المخشى أعظم منه وأما الخوف فتكون فيكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف ليس عظيما ، (( يخشون ربهم )) وقوله(( يخشون ربهم ))هذه الربوبية من الربوبية الخاصة التى من الله عليهم بها بالخشية التى ألقاها فى قلوبهم (( يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) تلين بعد الاقشعرار أو القشعريرة تلين أى تطمئن وتهدأ إلى ذكر الله أى منقادة إلى ذكره فتكون ها هذه الليونة غايتها ذكر الله عز وجل تلين (( ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ))(( ذلك هدى الله يهدى به من يشاء )) يحتمل أن يكون المشار إليه ما حصل لهم من خشية وعلى هذا فيكون المراد به المراد بالهداية هداية التوفيق لأن الخشية عمل ويحتمل أن يكون المشار إليه (( ذلك هدى الله )) الكتاب الذى هو أحسن الحديث فتكون الهداية هداية دلالة لأن الكتاب يهدى بمعنى يدل والتوفيق بيد من ؟ بيد الله عز وجل(( ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) هذه الجملة شرطية بين الله فيها أن من كتبه ضالا فما أحد يهديه وقوله(( فما له من هاد )) أصلها هادى بالياء لكن حذفت الياء لالتقاء الساكنين أين الساكنان ؟ التنوين فى الدال والياء الساكنة المحذوفة ويجوز إبقائها فيقال هادى لكنها تحذف كثيرا للتخفيف والتقاء السكنين
1 - تتمة تفسير قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا )) بدل من أحسن أي قرآنا (( متشابها )) أي يشبه بعضه بعضا في النظم وغيره (( مثاني )) يثنى فيه الوعد والوعيد وغيرهما (( تقشعر منه )) ترتعد عند ذكر وعيده (( جلود الذين يخشون )) يخافون (( ربهم ثم تلين )) تطمئن (( جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) أي عند ذكر وعده (( ذلك )) أي الكتاب (( هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )).
الطالب : ...
الشيخ : إذا أردنا أن نفسر تفسيرا لفظيا أتينا باللفظ نفسه أو معنويا أتينا بالمعنى ، فهنا هل أتى بتفسير اللفظ نفسه فقال كتابا أى مكتوبا أو أتى بالمعنى؟
الطالب : بالمعنى
الشيخ : بالمعنى فالمراد بالكتاب هنا القرآن فالمؤلف رحمه الله فسرها تفسير معنويا أى فسرها بالمراد منها متشابها قال أى يشبه بعضه بعضا فى النظم وغيره يشبه بعضه بعضا فى النظم لا يراد بالنظم هنا ما يقابل النثر فإن القرآن ليس شعرا لكن فى النظم النظم نظم الكلام وتنظيمه حتى يكون مشبها بعضه ببعض يقول (( مثانى )) ثنى فيه بالوعد والوعيد وغيرهما يعنى يؤتى بالوعد ثم يعقبه الوعيد يؤتى بذكر النار ثم يعقبه ذكر الجنة يؤتى بصفات المؤمنين ثم يؤتى بصفات غيرهم انظر الى قوله تعالى (( الله ولى الذين آمنوا ))من ضدهم الذين كفروا (( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت )) وانظر إلى قوله (( فمنهم شقي وسعيد )) وانظر إلى قوله (( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه )) وانظر الى قوله فى سورة الكهف لما ذكر ما للمؤمنين من ثواب فى الجنة ذكر ما للكفار من العقاب فى النار والان الامثال فى هذا كثيرة جدا (( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) قال المؤلف تقشعر ترتعد عند ذكر وعيده (( جلود الذين يخشون ربهم )) يخافون ربهم قوله تقشعر منه جلود أى عند ذكر الوعيد أو ذكر النار أو ما يشبه الخوف والفزع كذكر ما حل بقوم نوح وقوم لوط وغيرهم ثم يقول(( يخشون )) يخافون وهذا التفسير ضعيف لأنه فسر المعنى بما دونه إذ قلنا أن الخشية هى الخوف مع العلم ، واستدللنا بذلك واستدللنا لذلك بقوله تعالى (( إنما يخشى الله من عباده العلماء ))فلو أن المؤلف قال يخشون ربهم خوفا مبنيا على العلم بعظمته لكان التفسير صوابا ، لكن الآن نعتبر التفسير قاصرا (( ثم تلين )) تطمئن ولكن لا شك أن تفسير أن ذكر اللين أبلغ من ذكر الطمأنينة لأن القشعريرة تقتضى ان نشوذ الجلد وارتفاعه وتصلبه والذى يقابل ذلك اللين والطمأنينة فتفسير المؤلف أيضا اللين بالطمأنينة تفسير باللازم فى الواقع وإلا فان اللين غير الطمأنينة ،لأن الجلد إذا اقشعر يتصلب ولهذا تجد أطراف الإنسان تبرد لانحسار الدم عنها بعض الشىء فإذا هدأ الروع فإنه يلين ويزول بذلك التصلب، (( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) لين القلب ضد قسوته يعنى عندما يسمعون الوعيد تقشعر الجلود وتنفر القلوب ثم بعد ذلك تلين الجلود والقلوب (( إلى ذكر الله )) قال المؤلف أى عند ذكر وعده ولكن الصواب أنها إلى ذكر الله مطلقا حتى الوعيد إذا تأمله الإنسان وهدأت نفسه بعد أن ورد عليه ما يخوفه فانه يلين حتى للوعيد فقوله فتخصيص المؤلف ذلك بذكر الوعد فى النفس منه شىء، ومع ذلك فله وجه إذا كان القرآن مثانى ثم جاء ذكر النار وجاء بعده ذكر الجنة لانت القلوب أو ذكر أهل النار وجاء بعده ذكر أهل الجنة لانت القلوب أيضا وقوله(( إلى ذكر الله )) لم يقل لذكر الله بل قال إلى إلى ذكر الله وكأن هذا اللين صار له وقاية وهو ذكر الله عز وجل وقوله (( إلى ذكر الله )) هل هو من باب إضافة المصدر إلى الفاعل يعنى إلى ما ذكرهم الله به أو من باب إضافة المصدر إلى المفعول به أى إلى ذكرهم الله الجواب هذا وهذا الكلمة صالحة لهذا وهذا أى إلى ذكرهم لله أو ما ذكرهم الله به وهو القرآن الذى جعله الله مثانى (( ذلك هدى الله )) ذلك أى الكتاب(( هدى الله يهدى به من يشاء )) أفادنا المؤلف رحمه الله أن الاشارة فى قول ذلك تعود إلى الكتاب وعلى هذا فيكون المراد بالهداية هنا هداية الدلالة فإن القرآن هدى بمعنى أنه دال على كل خير بل على كل شىء لقوله تعالى (( ولو أنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل لشىء )) وقول(( يهدى به )) هنا الهداية هداية الدلالة والتوفيق لأنها أضيفت إلى الله عز وجل والله سبحانه وتعالى بيده الهدايتان والباء فى قوله (( يهدى به )) لم يبين المؤلف معناها ولكن معناها السببية أى بسبب(( من يشاء )) ومن (( يضلل الله فما له من هاد ))
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا )) بدل من أحسن أي قرآنا (( متشابها )) أي يشبه بعضه بعضا في النظم وغيره (( مثاني )) يثنى فيه الوعد والوعيد وغيرهما (( تقشعر منه )) ترتعد عند ذكر وعيده (( جلود الذين يخشون )) يخافون (( ربهم ثم تلين )) تطمئن (( جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) أي عند ذكر وعده (( ذلك )) أي الكتاب (( هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )). أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا ... )) .
الطالب : ...
الشيخ : من حلولية ومعطله تعطيلا محضا طيب . الظاهر أنه انتهى الوقت نعم .
الطالب : ...
الشيخ : نعم
في قوله تعالى : (( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) ما الفائدة من ذكر الجلود .؟
الشيخ : نعم ما في مانع أقول صلح قلبي وعملي أقول لا مانع من أن أقول صلح قلبي وعملي
الطالب : ...
الشيخ : ... ولأن الله وصف الجلود نفسها قال (( وتقشعر منه جلود )) واقشعرار الجلود مبنى على مبنى على خوف القلب فذكر الله أن هذه القشعريرة تزول وأن تتحول لإلى لين وكذلك القلب الذى هو أصلها
شيخ الإسلام ذم الذين يصعقون عند سماع القرآن والله يقول : (( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) فكيف .؟
الشيخ :ذمهم
الطالب:...
الشيخ :فرق بين قشعريرة... الجلد وبين الذى يصعق الذى يصعق يغشى عليه
الطالب : الخشية مطلوبة
الشيخ : لا الخشية المطلوبة هي أن يكون عند الإنسان علم بالله وعظمته وخوف منه أما أن يعجز عن تحمل ما ورد على قلبه حتى يصعق ويموت أو يفعل فعل مجانين فى أيضا ناس على على خلاف ذلك ما تقشعر جلوده لكن تجده يقول الله الله الله قاعد يخبط هذا صحيح ولا لا أقول هذا العمل جيد ؟
الطالب : لا
الشيخ : أبدا هذا خلاف ما كان عليه السلف هذا خلاف ما كان عليه السلف ، ولذلك عند الصوفية تسبيحة يسمونها الغبيرة يسمونها الغبيرة يأتون بأسواط معاهم ثم يجلسون حلقا ثم يتكلم الذى يذكر الله فإذا زعق لا إله الا الله وسبحان الله خبطوا بالأسواط على الأرض والجيد منهم الذى يطير غبار أكثر لأنه يعنى يكون عنده انفعال وقوة وشدة ويسمون هذه الغبيرة أظن بعضهم يقول لبعض هل غبرت اليوم نعم ،
الطالب : ...
الشيخ : هذا عام عام نعم
الطالب : ...
الشيخ : أبدا ما فى مجال
الطالب : ...
الشيخ : ها لها معنى
5 - شيخ الإسلام ذم الذين يصعقون عند سماع القرآن والله يقول : (( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) فكيف .؟ أستمع حفظ
في قوله تعالى : (( ثم تلين جلودهم وقلوبهم )) هل فيه مجاز للقائلين به .؟
الشيخ : نعم لا ما أخذ لأن لين القلب اللي هو لين الملمس ما هو بوارد هنا القلب الظاهر ما يكون كالجلد يقف ويتصلب الظاهر فإن كان يقف ويتصلب فيسأل عن هذا علماء التشريح إذا قالوا أنه عند الخوف يتصلب صار اللين حسيا نعم سليم
الطالب :(( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ماكنتم تكسبون كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون فأذاقهم الله الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون ولقد ضربنا فى هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ))
الشيخ : بس
مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) .
الطالب: يشبه بعضه بعضا
الشيخ : فى ؟ فى ايش
الطالب : في الأسلوب و...
الشيخ : نعم نعم فى الكمال والجودة كله كامل ولكله جيد وكله بليغ ما معنى مثانى ؟ الأخ وايش إسمك علمنا باسمك
الطالب :محمد
الشيخ : يلا يا محمد
الطالب : ....
الشيخ : كتبنا فيه الأمور والأشياء إذا ذكرت الجنة ذكرت النار والوعد والوعيد والمؤمن والكافر طيب ما معنى قوله (( تقشعر منه جلود الذين آمنوا ))
الطالب : تقشعر ... جلود الذين ...
الشيخ : نعم من أى شىء فرحا وإلا إيه
الطالب : عند ذكر معين
الشيخ : ها يعنى خوفا وخشية طيب قوله (( ذلك هدى الله )) المراد به ؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : ...
الشيخ : نعم اقشعرار الجلود ثم لين القلوب والجلود إلى ذكر الله إلى ... طيب قوله(( ومن يضلل الله فما له من هاد )) ما معناها ؟
الطالب : ...
الشيخ : من كان ضالا فى علم الله فإنه لا يستطيع أحد أن يهديه طيب
7 - مناقشة تفسير قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) . أستمع حفظ
تتمة فوائد قول الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ... )) .
الطالب : منزل من عند الله
الشيخ : منزل من عند الله
الطالب : إثبات العلو
الشيخ : وإثبات العلو ، ومن المعلوم أن نتفرع للفائدة الأولى أن القران كلام الله أن القرآن كلام الله اذا كان نزل من عنده القرآن كلام الله وهو والقران كلام الله عزوجل لفظا ومعنى تكلم به لفظا ومعنى هو عنده عز وجل ،خلافا للأشاعرة الذين يقولون أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس وليس صوتا يسمع ولا حروفا ترى ولكنه معنا قائم بنفسه ، وما ذكر فى القرآن وما كتب فى المصاحف أو سمع بالآذان فإنه عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله عبارة عن كلام الله وليس كلام الله ، وحقيقة الأمر أن قولهم هذا يتضمن إنكار كلام لله عز وجل لأنهم يقولون هذا القرآن الذى نسمع الآن هو مخلوق عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله كلام الله هو المعنى القائم بنفسه فقط .
تتمة فوائد قول الله تعالى : (( ... تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) .
ومن فوائد هذه الآية أن القران مكتوب لقوله (( كتابا )) وسبق أنه يكتب فى ها ؟
الطالب : ثلاث مواضع
الشيخ : في ثلاث مواضع اللوح المحفوظ الصحف التي بأيدي الملائكة والصحف التي بأيدينا
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن القران متشابه لقوله تعالى (( متشابها )) وحين إذ يطلب الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (( هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )) نعم (( هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )) فا فهى هذه الآية جعل الله القران نوعين محكما ومتشابها وفى الآية التي في الزمر جعله نوعا واحد متشابها والجمع بينهما أن يقال إن التشابه المذكور فى الزمر غير المتشابه المذكور فى آل عمران التشابه المذكور فى الزمر أنه يشبه بعضه بعضا فى الكمال والجودة والتشابه المذكور فى آل عمران هو اشتباه المعنى وخفائه فالقران بهذا الوجه ينقسم الى قسمين محكم أى واضح المعنى ، والثانى متشابه أى خفى المعنى أعرفتم إذا الجمع أن نقول ان التشابه فى آل عمران غير التشابه فى الزمر التشابه فى الزمر أن بعضه يشبه بعضه كل القران متشابه وأما فى آل عمران فهذا ... واحد يتقدم يتقدم واحد ، وأما التشابه فى آل عمران فهو الخفا(( متشابهات )) أى خفيات المعنى فالقرآن بعضه محكم بين وبعضه متشابه لا يعرفه إلا الراسخون فى العلم طيب ، فى بعض الآيات وصف القرآن بأنه حكيم بدون أن يذكر التشابه مثل قوله تعالى (( الر تلك آيات الكتاب الحكيم )) وهذا بمعنى المحكم المتقن الذى لا يتناقض فهو عكس المتشابه نعم المحكم الذى لا يتناقض قف على هذا فالقرآن إذا وصف أنه محكم كله وأنه متشابه كله وأن بعضه محكم وبعضه متشابه ، فوصف وصفه بإحكام كله أنه كله محكم متقن لا يتناقض ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثرا وصفه بأنه كله متشابه أى يشبه بعضه بعضا فى الكمال والجودة وصفه بأن بعضه محكم وبعضه متشابه أى أن بعضه واضح المعنى وبعضه خفى المعنى تمام طيب . مثال الواضح المعنى السماء والارض والنجوم والشمس والقمر والانسان وما اشبه هذا واضح مثال المتشابه أن توجد آياتان ظاهرهما التعارض مثل قوله تعالى (( يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوي بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا )) وفى آية أخرى (( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين )) فكيف تجمع فى هذه الآية ينكرون وفى الآية التى قبل التي ذكرناها قبل لا يكتمون الله حديثا فيأتي إنسان يقول ما أعرف ما أعرف الوجه التناقض ولكن الراسخون فى العلم يعلمون كيف يجمعون بين هذه وهذه الجمع بينهما ، أن يوم القيامة للناس فيه أحوال لأنه يوم مقداره خمسون ألف سنة ، فمرة يكتمون ومرة يقرون ولا يكتمون الله حديثا ،كذلك أيضا ذكر الله أنه أنهم يحشر المجرمين يوم القيامة زرقا وقال (( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه )) فيكف نجمع مرة يقول تسود ومرة زرقا نعم الجواب أن يقال إن بعضهم كذا وبعضهم كذا أو إنهم فى وقت يكونون زرقا وفى وقت يكونون سودا أو أن الازرق الداكن يكون مائلا الى السواد فيطلق انه اسود أو أن الزرقة فى عيونهم والسواد في بقية الجسم وما أشبه ذلك المهم الراسخون فى العلم يعرفون كيف يجمعون لكن غيرهم يكون خفيا عليهم ولهذا يقول العلماء إن القران وصف بالتشابه على سبيل العموم وبالإحكام على سبيل العموم ووصف بأن بعضه محكم وبعضه متشابه والجمع كما سمعتم
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن القران قد بلغ فى الغاية فى البلاغة غاية أكمل أكمل البلاغة لكونه يأتي مثانى ويتفرع على هذه الفائدة أنه ينبغي لمن تكلم فى موعظة الناس ألا يأتي بالترغيب المطلق ولا بالترهيب المطلق وذلك لأنه اذا اتى بالترغيب المطلق حملهم على الرجاء فتهاونوا واذا أتى بالترهيب المطلق حملهم على اليأس فقنطوا من رحمة الله فالذي ينبغي للإنسان الذى يتكلم مع الناس فى المواعظ الذى ينبغي له أن يكون دائما يتكلم أحيانا بهذا وأحيانا بهذا حتى لا يحمل الناس على القنوط أو على الرجاء الذى يوجب الأمن من مكر الله ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن المؤمن يتأثر بالقرآن فيقشعر منه جلده ويخاف ثم بعد ذلك يرجع اليه ترجع اليه الطمأنينة ولين القلب
ويتفرع على هذه الفائدة أنك إذا رأيت نفسك على غير هذه الحالة فاعلم أن إيمانك ضعيف لأن هذا خبر خبر من ؟ خبر الله عز وجل فلا يمكن أن يتخلف مخبره فكل مؤمن يقشعر جلده مما يسمع من القران الكريم فى الوعيد واذا لم تكن كذلك فان ايمانك ضعيف
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ذكر الله عز وجل سبب للين القلوب وطمأنينتها يرحمك الله لقوله (( تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله )) ويشهد لهذا قوله تعالى (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم لذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))
ومن فوائد الآية الكريمة امتنان الله عز وجل على هؤلاء بالهداية لقوله (( ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ))
ومن فوائدها إثبات الأسباب لقوله (( يهدى به )) الباء للسببية كما مر علينا فى التفسير وإثبات الأسباب هو الموافق للمنقول والمعقول أما المنقول فما أكثر الآيات التى فيها إثباتا الأسباب (( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءا فتصبح الأرض مخضرة ))(( أنزل من السماء ماءا فسالت أودية بقدرها ))(( ونزلنا من السماء ماءا مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد )) والآيات فى ذلك كثيرة والمعقول كذلك يدل على إيه يا عبد الله ؟ يدل على إثبات الأسباب وأن لها تاثيرا فى مسبباتها فكلنا يعرف أن ضرب الزجاج بالحجر يكسره وأن الحجر انكسرت بضرب الزجاج وان الزجاج انكسر بضرب الحجر خلافا لمن أنكر الاسباب وقال إنه لا أثر للأسباب في مسبباتها فإن قوله خلاف الشرع وخلاف العقل حتى انه قيل لهم اليست الورقة تحترق بالنار فقالوا لا تحترق عند النار لا بالنار وقيل لهم اليس الزجاج ينكسر بالحجر يرمى به فقالوا لا ينكسر عند الحجر لا بالحجر لماذا ؟ قالوا لأننا لو أثبتنا تاثير الاسباب فى اسبابها لا شركنا بالله وجعلنا معه فاعلا مؤثرا ولا أحد يرضى ان يشرك بالله شيئا وجوابنا على هذه الشبهة ان نقول أن الأسباب لم تؤثر بذاتها وإنما أثرت بما اودع الله فيها من القوى والدليل على هذا أن الله قال لنار إبرابهيم (( كونى بردا وسلاما )) فكانت بردا وسلاما ولم تحرق فاذا قلنا إن هذه الآثار المترتبة على الاسباب إنما هى بما أودع الله في هذه الأسبا ب من القوى المؤثرة ، فاننا فى ذلك لا فاننا بذلك لم نشرك بالله وتطرف آخرون من وجه اخر فقالوا إن للأسباب تأثيرا بذاتها وإننا نحن نعلم أن الحجر إذا أرسل على الزجاج كسره بنفسه ولكن هؤلاء هم الذين جعلوا مع الله شركاء فإنا نقول هذا الحجر لو شاء الله ألا يكسر الزجاجة لم يكسرها كما أن الله لما شاء أن لا تحرق النار إبراهيم لم تحرقه فأهل السنة والجماعة وسط بين هاتين الطائفتين المتطرفتين الغالية فى الأسباب والغالية فى مشيئة الله نحن نقول الأسباب مؤثرة لكن بمشيئة الله
ومن فوائد هذه الأية الكريمة : إثبات أن الهداية بمشيئة الله لقوله (( يهدى به من يشاء )) وهذا نعم وهذه الآية فرد من أفراد أدلة كثيرة تدل على أن فعل العبد واقع بمشيئة الله ومن ذلك قوله تعالى (( لمن شاء منك أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله )) وهذا وهذا الموطن حصل فيه معترك عظيم جدا ، بين ثلاثة طوائف طائفتان متطرفتان وطائفة معتدلة الطائفة الطائفتان المتطرفتان إحداهما قالت ان الانسان يشاء عمله ولا علاقة لله به فالإنسان حر يتصرف كما يشاء وليس لله فيه تدخل اطلاقا هو يهدى نفسه وهو يضل نفسه قالوا ولولا ذلك لكان تعذيب الله للعاصى ظلما ، وثوابه للطائع عبثا ، لأن لأنك لو قلت إن الإنسان ليس بحر فهو مدبر والمدبر لا يحمد على فضل ولا يذم على سوء، ومن المعلوم أن الله تعالى رتب الذم العاصى والمدح على المطيع فهذا يدل على أن فعل العبد فعل مستقل ، أما المتطرفون الآخرون فقالوا إن الانسان لا لا مشيئة له ولا قدرة له ولا اختيار له فى فعل بل هو مجبر عليه عاجز عن المخالفة يجبر جبرا يأكل جبرا ويشرب جبرا ويقوم جبرا ويتأخر جبرا وليس له اختيار على اى حال وتعذيب الله للظالم ليس ظلما وإن كان الظالم يفعل بغير اختياره لأن تعذيب الله له تصرف فى ملكه والله عز وجل يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه فحين إذ لا يرد علينا ما استدل به الطرف الأول الذى قال لو كان الإنسان غير مطلق الحرية لكان تعذيب العاصى ظلما و اثابة الطائع لغوا نحن نقول ان تعذيب الظالم ليس بظلم وإن كان مجبرا ليش؟ لأن الله مالك يفعل فيه ما يشاء كما أنت تفعل فى ملكك ما تشاء تهدم البيت تبنى البيت تبيع السيارة تشترى بدلها وما اشبه ذلك الطرف هذا هم الجبرية يسمون الجبرية والطرف الأول يسمون القدرية فسمى الطرف الأول القدرية لأنهم ينكرون قدر الله عز وجل فيما يتعلق بفعل العبد وسمى هؤلاء جبرية لأنهم يرون أن العبد مجبر على عمل يتساوى عند هؤلاء من نزل من السلم بتؤدة وطمأنينة درجة درجة ومن دفع من أعلى السلم حتى انذخ على وجه يقولون كله سواء كلهم مجبر، أما أهل السنةوالجماعه فإنهم توسطوا فى هذا وقالوا إننا نثبت الأدلة الدالة على أن كل شىء واقع بمشيئة الله ، ونثبت الأدلة الدالة على أن للإنسان اختيارا وإرادة ل وبذلك فنجمع بين الأدلة فنقول فعل العبد واقع بمشيئته لكن مشيئته تحت مشيئة الله ،فاذا شئت أنا شيئا فإنني أعلم ان الله شاءه إذا شئت شيئا علمت بأن الله شاءه ولا يمكن أن أعلم بان الله شاء شيئا الا بعد ان بعد ان يقع إذ أن قضاء الله مكتوم سر مكتوم لا نعلم عنه لكن اذا وقع علمنا أن الله شاءه فأنا لا اشاء إلا ما شاء الله ، ولكنى فى نفس الوقت لى حرية أن أشاء ما شئت إلا أن أننى أؤمن بأن مشيئتى هذه كانت ايش؟ كانت بمشيئة الله ويدل لهذا أن الإنسان أحيانا يعزم على فعل شىء وبينما هو متجه له إذ انتقضت عزيمته الى اتجاه اخر او الى الغاء العمل الستم تدركون هذا اذا هناك هناك سلطة فوق سلطتك لكن هذه السلطة غير معلومة لا تعلم إلا بآثارها وقد قيل لأعرابى بما عرفت ربك بما عرفت ربك قال : "بنقض العزائم وصرف الهمم"، أعرابي أعرابى بدوى أجاب بهذا الجواب العجيب عرفت ربى بنقض العزائم يعنى أعزم هذا الشىء ثم تنتقض عزيمتى بدون سبب وصرف الهمم أهم بشىء الى اليمين ثم أجدني منصرفا إلى اليسار بدون سبب إلا من ...