التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو أن للذين ظلموا ما فى الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا )) ظهر (( لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )) يظنون .
(( لافتدوا به من سواء العذاب يوم القيامة وبدا لهم )) ظهر (( لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )) يظنون " والمؤلف رحمه الله الشيء الواضح لا يفسره، ويقال بدا ويقال بدأ، وبينهما فرق بدا بمعنى ظهر، بدأ بمعنى ابتدأ، ويقال في الأول في المصدر بدوا بدا بدوا، وفي الثاني بدأ بدء، طيب.
1 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو أن للذين ظلموا ما فى الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا )) ظهر (( لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )) يظنون . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق )) نزل (( بهم ما كانوا به يستهزئون )) أي العذاب .
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق )) نزل (( بهم ما كانوا به يستهزئون )) أي العذاب . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( فإذا مس الإنسان )) الجنس (( ضر دعانا ثم إذا خولناه )) أعطيناه (( نعمة )) إنعاما (( منا قال إنما أوتيته على علم )) من الله بأني له أهل (( بل هى )) أي القولة (( فتنة )) بلية يبتلى بها العبد (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) أن التخويل استدراج وامتحان .
" (( ضرر دعانا ثم إذا خولناه )) أعطيناه (( نعمة )) إنعاما (( منا قال إنما أوتيته على علم )) " قوله: خولناه نعمة أي إنعاما، في هذا نظر لأن الإنعام فعل المنعم، والنعمة عطاء المنعم يعني الشيء المعطى، وأيهما أليق أن نفسر النعمة بالإنعام أو أن نفسر النعمة بما أعطيه الإنسان ؟ الثاني هو الظاهر، وهو الواقع أيضا، لأن التخويل يعني أن هناك شيئا مخولا وهو النعمة من أولاد ورزق وزوجات ومساكن وغير هذا.
" (( قال إنما أوتيته على علم من الله )) أني له أهل " وهذا أحد القولين في الآية، والقول الثاني : (( على علم )) أي على حذق ومهارة فيما فعلت، والله أعلم نعم .
الطالب : ...
الشيخ : نعم، على الفطرة نعم، يقولون : هذا بعد ما يخلق الإنسان يميل إلى هذا الشيء، لأن طبيعة الإنسان أنه يعني يعتز بنفسه ويفخر بنفسه وينسى غيره، لكن على كل حال ما ذكرناه هو الصواب نعم .
الطالب : ...
الشيخ : قد قالها هذه المقولة، نعم.
أي يجتمع قوته، يرجع إلى ما خول، إنما أوتيت الذي خولت، الهاء في أوتيته يعود على المخول، نعم .
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فإذا مس الإنسان )) الجنس (( ضر دعانا ثم إذا خولناه )) أعطيناه (( نعمة )) إنعاما (( منا قال إنما أوتيته على علم )) من الله بأني له أهل (( بل هى )) أي القولة (( فتنة )) بلية يبتلى بها العبد (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) أن التخويل استدراج وامتحان . أستمع حفظ
قلنا أن الإضافة تقتضي التشريف فكيف يضاف العباد إلى الله مع قولنا أن العبودية عامة تشمل الكافر .؟
الشيخ : نعم، الإضافة إلى الله قد يضاف إلى الله عز وجل إضافة خلق وتكوين، وقد يكون إضافة تشريف، فهنا العبادة عام، فإذا كان عاما صار المراد أيش ؟ الخلق والتكوين، وإذا كان خاصا يعني أضيفت العبودية إلى شخص معين أو لجماعة موصوفين بصفة فهذا للتشريف .
الطالب : الله سبحانه وتعالى إذا امتن على العبد بنعمة متى يعرف العبد أن هذا امتنان أو امتحان ؟
الشيخ : نعم، هذا السؤال سيأتينا إن شاء الله في بيان الفوائد، لكن يعرف ذلك إذا كان مستقيما على طاعته فهو امتنان، وإذا كان على العكس فهو امتحان، نعم .
4 - قلنا أن الإضافة تقتضي التشريف فكيف يضاف العباد إلى الله مع قولنا أن العبودية عامة تشمل الكافر .؟ أستمع حفظ
كيف تضاف عباد إلى الله مع قولنا أن العباد تشمل الكافر .؟
الشيخ : ما فيه إضافة، هنا ما فيه إضافة، لا هو قصده عباده، لا هو يقصد عباد، يقول: كيف تضاف عباد إلى الله، والمضاف إلى الله يقتضي التشريف ونحن نقول أن العباد هنا يشمل الكافر والمؤمن، والكافر ليس أهلا للتشريف، فنقول المضاف إلى الله يكون على هذا وعلى هذا، نعم .
الطالب : ...
الشيخ : لا، فيه بعض الكفار معاند يعلم الحق على هو عليه، لكنه معاند، نعم.
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فإذا مس الإنسان )) الجنس (( ضر دعانا ثم إذا خولناه )) أعطيناه (( نعمة )) إنعاما (( منا قال إنما أوتيته على علم )) من الله بأني له أهل (( بل هى )) أي القولة (( فتنة )) بلية يبتلى بها العبد (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) أن التخويل استدراج وامتحان .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أظن أننا نتكلم عن تفسير المؤلف، قال الله سبحانه وتعالى : (( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون )) إلى هنا أظن، نعم.
قال: " (( بل هي )) أي القولة (( فتنة )) بلية يبتلى بها العبد " هذا ما جرى عليه المؤلف أن المراد بالفتنة القولة التي قالها، ولكن الصحيح أن الفتنة هي النعمة، التي أعطاها الله إياه، أو الحال التي كان عليها حينما كان قد مسه الضر ثم رفع الضر عنه وأبدل بنعمة، فهذه فتنة، يفتن الله بها العباد، قال الله تعالى : (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون )).
" (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) أن التخويل استدراج وامتحان " ولكن أكثرهم أي أكثر الناس، وإنما عاد الضمير وهو غائب على مرجع غير مذكور للقرينة والسياق، ويحتمل أن المراد أكثرهم أي أكثر الإنسان أي بني الإنسان، فيكون الضمير هنا عاد على الإنسان باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ، وقوله أن التخويل استدراج وامتحان، إذا قال قائل : بماذا نعلم أن التخويل استدراج وامتحان ؟
فالجواب نعلم ذلك بكون الإنسان مصرا على المعصية ونعم الله سبحانه وتعالى تترى عليه، قال الله تعالى: (( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين )) فهذه هي العلامة، إذا رأيت الله ينعم عليك وأنت مقيم على معصيته فاعلم أن ذلك استدراج، أما إذا رأيت الله ينعم عليك وأنت قائم بطاعته فاعلم أن هذا من زيادة فضله ونعمه، قال الله تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )).
6 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فإذا مس الإنسان )) الجنس (( ضر دعانا ثم إذا خولناه )) أعطيناه (( نعمة )) إنعاما (( منا قال إنما أوتيته على علم )) من الله بأني له أهل (( بل هى )) أي القولة (( فتنة )) بلية يبتلى بها العبد (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) أن التخويل استدراج وامتحان . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( قد قالها الذين من قبلهم )) من الأمم كقارون وقومه الراضين بها (( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فأصابهم سيئات ما كسبوا )) أي جزاؤها (( والذين ظلموا من هؤلاء )) أي قريش (( سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )) بفائتين عذابنا فقحطوا سبع سنين ثم وسع عليهم .
(( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )) ما هذه نافية، وقد شرحناها فيما سبق " (( فأصابهم سيئات ما كسبوا )) أي جزاؤها " أي السيئات، ولكنه عبر بالسيئات نفسها لأن الجزاء من جنس العمل، وهو مقابل لها لا يزيد.
قال المؤلف : " (( والذين ظلموا من هؤلاء )) أي قريش (( سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )) بفائتين عذابنا فقحطوا سبع سنين ثم وسع عليهم " قحطوا سبع سنين بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قال : ( اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) فقحطوا سبع سنين قحطا شديدا، حتى أن الإنسان منهم يتراءى السماء فيحول بينه وبينها غبش كأنه دخان من شدة الجوع والتعب.
قال : (( أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ... )) إلى آخره، هذا مبتدأ درس اليوم، والفوائد أخذناها فيما سبق .
الطالب : ...
الشيخ : طيب، أجل نمشي مع المؤلف.
7 - التعليق على تفسير الجلالين : (( قد قالها الذين من قبلهم )) من الأمم كقارون وقومه الراضين بها (( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فأصابهم سيئات ما كسبوا )) أي جزاؤها (( والذين ظلموا من هؤلاء )) أي قريش (( سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )) بفائتين عذابنا فقحطوا سبع سنين ثم وسع عليهم . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق )) يوسعه (( لمن يشاء )) امتحانا (( ويقدر )) يضيقه لمن يشاء ابتلاء (( إن فى ذلك لأيات لقوم يؤمنون )) به .
" (( إن في ذلك لآلات لقوم يؤمنون )) به " أي بهذا البسط والتضييف، فمن آمن بذلك أي بالله عز وجل وببسطه وتضييقه عرف بذلك حكمة الله سبحانه وتعالى.
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق )) يوسعه (( لمن يشاء )) امتحانا (( ويقدر )) يضيقه لمن يشاء ابتلاء (( إن فى ذلك لأيات لقوم يؤمنون )) به . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون )) .
من فوائد هذه الآية : أن الإنسان يلجأ إلى الله تعالى عند الشدائد، وهذه طبيعة فطرية لا يتخلف عنها إلا من نكس قلبه .
ومن فوائدها: أن المشركين في زماننا الذين يدعون مع الله غيره أشد شركا من السابقين، لأن السابقين إنما يشركون في الرخاء، وإذا مسهم الضر لجئوا إلى الله، أما اللاحقين فإنهم يشركون في حال الشدة كما يشركون في حال الرخاء، إذا أصابهم الضر نادوا يا فلان يا فلان يا فلان، نعم هذا أشد شركا من الأولين، وهذا أيضا مخالف للفطرة التي فطر الناس عليها، لأن الإنسان لا يلجأ عند الشدائد إلا بمن يؤمن أنه يكشف هذه الشدائد .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الإنسان إذا أصيب بالنعمة نسي نعمة الله وأضافها إلى غيرها.
ومن فوائد الآية الكريمة : ضرر الإعجاب بالنفس، حيث يقول : (( إنما أوتيته على علم عندي )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الله تعالى يبتلي بالنعم كما يبتلي بالنقم لقوله : (( بل هي فتنة )) وقد قال سليمان عليه الصلاة والسلام : (( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر )) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن أكثر الناس غافلون عن هذه المسألة، أي عن كون الله سبحانه وتعالى يبتليهم بالنعم فيظنون أن النعم دليل على الرضا فيستمرون في معاصيهم ويقولون : لو كان الله غاضبا علينا ما أعطانا، ولكن من العامة من يقول العبارة المشهورة : " عطاه لا يدل على رضاه " عطاء الله لا يدل على رضاه، قد يكون هذا من باب الاستدراج بالنعم حتى يهلك الإنسان، وقد قال الله تعالى : (( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما)) وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن من الناس من منّ الله عليه في العلم والفراسة والتدبر والتأمل فعرفوا الأمور على حقائقها، يؤخذ هذا من قوله : (( أكثرهم )) فإن الأكثر ضد الأقل .
ومن فوائد الآية الكريمة : فضيلة العلم لقوله : (( لا يعلمون)) أي لأن الذين يعلمون يعرفون مثل هذه الأمور وأنها ابتلاء وامتحان فيتعظون بها.
9 - فوائد قول الله تعالى : (( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )) .
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن الشر يتبع بعضه بعضا لقوله : (( قد قالها الذين من قبلهم )) .
ومن فوائدها : تسلية الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن هؤلاء الذين قالوا هذا في عصره قد قاله من سبق .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن لأهل الشر قدوة يقتدون بها كما أن لأهل الخير قدوة يقتدون بها، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن كل ما كسبه الإنسان من مال أو جاه فإنه لا يغنيه من الله شيئا لقوله : (( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )) حتى لو كسب أقوى صنعة في الأرض، فإنها لا تغني عنه من الله شيئا، إذا أراد الله عز وجل أن يتلف هذه القوة أتلفها بكلمة واحدة منه (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )).
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه يجب على الإنسان اللجوء إلى الله، حيث إن جميع ما كسبه من مال أو جاه أو ولد أو زوجة أو غيره لا تغني عنه من الله شيئا، إذا إلى من يرجع ؟ إلى الله عز وجل .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على الجبرية لقوله : (( ما كانوا يكسبون )) فإن عمل الإنسان كسب له، أما الجبرية فيقولون: إن عمل الإنسان ليس كسبا له لأنه مرغم عليه ومجبر عليه، فلا يكون كسبا له ولا يضاف إليه.
فوائد قول الله تعالى : (( فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )) .
في هذه الآية من الفوائد : أن العقوبة تكون على قدر العمل لقوله : (( فأصابهم سيئات )) مع أن الذي أصابهم ليست سيئات ولكن جزائها، إلا أنه لما كان الجزاء من جنس العمل صح أن يعبر بالعمل عنه .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : تهديد هؤلاء الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصيبهم ما أصاب الأولين لقوله : (( والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا )) .
ومن فوائد هذه الآية : شؤم الظلم، لأنه يوقع صاحبه في الهلاك.
ومن فوائدها : أن من عصا الله فهو ظالم، ظالم لمن ؟ ظالم لنفسه وكذلك لغيره إن تعدت معصيته إلى الغير، فلو جنى على أحد محترم من مسلم أو يهودي ذمي أو نصراني ذمي أو غيرهم من أهل الكفر الذميين، فإنه يكون ظالما لنفسه وظالما لغيره.
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا أحد يفوت الله ويعجزه لقوله : (( وما هم بمعجزين )) وقد قال الشاعر الجاهلي:
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فلا أحد يعجز الله عز وجل أو يفوت الله لا في السماء ولا في الأرض.
11 - فوائد قول الله تعالى : (( فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )) . أستمع حفظ
فوائد قول الله تعالى : (( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) .
ارتباط هذه الآية بما قبلها ظاهر، لأنه تكلم عن الإنسان إذا أصابه الضر وإذا أصابته النعمة، ثم عقب ذلك بأن الأمر كله بيد الله .
من فوائد الآية الكريمة : تقرير هؤلاء بأن كل شيئا من عند الله، بسط الرزق وتضييقه من عند الله وهم يعلمون ذلك لقوله : (( أو لم يعلموا )) فإن مثل هذا التركيب يفيد التقرير .
ومن فوائدها : إثبات المشيئة لله لقوله : (( لمن يشاء )) وليعلم أن كل شيء علقه الله بالمشيئة فإنه مقرون بالحكمة، أي أنه ليست مشيئة الله مشيئة مجردة هكذا تأتي عفوا لا، هي مشيئة مقرونة بالحكمة، والدليل على ذلك قوله تعالى : (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما )) فلما بين أن مشيئتهم بمشيئة الله بين أن هذا مبني على علم وحكمة .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن الرزق لا يحصل بالشطارة والحذق، وإنما هو من عند الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.
فإذا قلنا بهذه الفائدة أشكل علينا هل معنى ذلك أن نبطل الأسباب ؟ لا، بل نفعل أسباب بسط الرزق لنتحاشى تضييقه، قال الله تعالى : (( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )) فأمر أن نمشي بمناكبها وأن نأكل من رزقه، لأنا إذا مشينا في المناكب وسعينا في أسباب الرزق حصل فأكلنا من رزقه .
ومن فوائد الآية الكريمة : تمام ملك الله وسلطانه لقوله : (( يبسط ويقدر )) وهذا يدل على كمال الملك والسلطان وأنه لا معارض له سبحانه وتعالى .
ومن فوائد الآية الكريمة أن الإيمان وسيلة للاهتداء ومعرفة الآيات لقوله : (( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) وإذا كان هذا الحكم معلقا على هذا الوصف، فإن القاعدة أن ما علق على وصف فإنه يقوى بقوته ويضعف بضعفه هذه القاعدة، كل حكم علق على وصف فإنه يقوى بقوته ويضعف بضعفه، إذا كلما قوي الإيمان ظهر للإنسان من آيات الله ما لم يظهر له مع ضعف الإيمان، وكلما ضعف الإيمان ضعفت معرفة الإنسان وإدراكه للآيات التي ينزلها الله عز وجل من الوحي والتي يقدرها من القضاء.
12 - فوائد قول الله تعالى : (( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) . أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) .
لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو قال للناس : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، فإنه لا يستقيم الكلام، ولكن المعنى قل للناس أي أبلغهم بأني أقول : (( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنَطوا من رحمة الله )) وقراءة أخرى: لا تقنِطوا، وقوله : (( يا عبادي )) يشمل العباد بالمعنى الخاص والعباد بالمعنى العام، يعني حتى الكفار يقال لهم مثل هذا القول.
وقوله : (( الذين أسرفوا على أنفسهم )) أي جاوزوا الحد في رعاية الأنفس، والواجب على الإنسان في رعاية نفسه أن يرعاها حق رعايتها بحيث يقوم بما يصلحها ويتجنب ما يفسدها، فإذا لم يفعل فقد أسرف على نفسه، مثال ذلك : رجل سرق، السرقة هذه إسراف على النفس لأن الواجب حماية النفس من السرقة، رجل شرب الخمر هذا إسراف على النفس، رجل سجد لصنم إسراف على النفس لأنه مجاوزة للحد.
(( لا تقنطوا من رحمة الله )) القنوط واليأس معناهما متقارب، لكنهم فرقوا بينهما بأن القنوط أشد اليأس، وأما اليأس فمعروف أنه عدم الرجاء وعدم الأمل في حصول الشيء (( لا تقنطوا من رحمة الله )) من رحمة الله لكم، فرحمة هنا مضافة إلى فاعل أو إلى المفعول ؟ إلى الفاعل، أي من رحمة الله إياكم، وبماذا تكون الرحمة ؟
تكون الرحمة بأن يهدي الله عز وجل رجل إلى التوبة والاستغفار ويتوب عليه، فأنت لا تقنط من رحمة الله لا بنفسك ولا بغيرك، ولكن افعل السبب، فلو قال قائل مسرف على نفسه: أنا لا أقنط من رحمة الله، ولكنه يفعل المعصية مستمر عليها، نقول : هذا غلط، لأنك إذا استمررت على المعصية فأنت آمن من مكر الله، وكلا الطرفين ذميم، لا القنوط من رحمة الله ولا الأمن من مكر الله، لكن نقول : افعل السبب، افعل السبب ولا تقنط من رحمة الله.
(( إن الله يغفر الذنوب جميعا )) لمن تاب من الشرك (( إنه هو الغفور الرحيم )) إن الله يغفر الذنوب، يغفر أي يسترها ويتجاوز عنها، وذلك لأن المغفرة مشتقة من أيش ؟ من المغفر، المغفر هو الذي يوضع على الرأس في وقت القتال من أجل أن يقيه السهام، ومعلوم أن هذا المغفر فيه ستر وفيه وقاية، وعلى هذا فأنت إذا قلت : رب اغفر لي، لست تسأل الله أن يستر ذنوبك فقط، بل تسأل الله أن يسترها وأن يتجاوز عنها، فقوله : (( إن الله يغفر الذنوب )) أي يسترها ويتجاوز عنها، وقوله الذنوب، هذه صيغة عموم أو خصوص ؟ عموم، الذنوب وأكد هذا العموم بقوله : (( جميعا )).
(( إن الله يغفر الذنوب جميعا )) وهذه المغفرة التي أثبتها الله عز وجل هل هي شاملة لكل ذنب ؟ الجواب: نعم، شاملة لكل ذنب فيمن تاب، فكل من تاب تاب الله عليه، ألا ترى إلى قوله تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )) فهؤلاء جمعوا بين الشرك وقتل النفس وهو اعتداء على النفوس والزنا وهو اعتداء على الأعراض والأخلاق ومع ذلك إذا تابوا تاب الله عليهم، وهذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين، لأن الله قال : (( إن الله يغفر الذنوب جميعا )) ولم يقيد فهي في التائبين، أما غير التائبين فقال الله تعالى فيهم : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) فغير التائبين نجزم بأن الله لا يغفر الشرك في حقهم، وما دون الشرك تحت المشيئة إن شاء عذب وإن شاء غفر، فللإنسان حالتان:
الحال الأولى التوبة، فما حكم ذنبه حينئذ ؟ الغفران مهما عظم الذنب، الحال الثانية: عدم التوبة .
الطالب : ...
الشيخ : كيف ما فهمنا إلى الآن الجواب غير مرتب، الكبائر ولو دون الشرك نعم تحت المشيئة تمام، يعني بدون التوبة نقول : الشرك لا يغفر قطعا، وما دون الشرك تحت المشيئة، ويستدل بالآية التي ذكرناها استشهادا : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) يستدل بها المسرفون على أنفسهم بالعاصي، فإذا نهيتهم عن معصية قالوا لك: (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )).
نقول لهم بكل بساطة: وهل تجزم أنت أنك ممن شاء الله أن يغفر له ؟ الجواب: لا، إذا أنت على خطر، وأنت الآن فعلت سبب العقوبة، وكونك يغفر لك هذا أمر راجع إلى مشيئة الله عز وجل.
(( إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) أولا في الجملة كلمة (( إنه هو الغفور الرحيم )) لو حذفت هذه الكلمة لاستقام الكلام بدونها، فما هي الكلمة ؟ هو، إنه هو الغفور، كلمة هو يسميها النحويون ضمير فصل، وبعضهم يسميها عمادا، ضمير فصل أو عمادا، لا ما هو ضمير الشأن، فما هو فائدة هذا الضمير ؟
يقولون : إن في هذا الضمير ثلاث فوائد: الفائدة الأولى التوكيد، والفائدة الثانية الحصر، والفائدة الثالثة التمييز بين الخبر والصفة، مثاله : إذا قلت : زيد هو الفاضل، الضمير في هو ضمير فصل، لو قلت : زيد الفاضل وحذفت الضمير استقام الكلام، لكن يحتمل أن يكون الفاضل صفة والخبر منتظر، ويحتمل أن يكون الفاضل هو الخبر، أليس كذلك ؟ فإذا قلت : زيد هو الفاضل، ارتفع الاحتمال الأول وهو أن تكون الفاضل صفة، وتعين الاحتمال الثاني، وهي أن تكون خبرا، واضح يا جماعة ؟
طيب ما الذي استفدنا من هذا التركيب ؟ زيد هو الفاضل، استفدنا أولا توكيد الفضل في زيد، وثانيا : حصر الفضل فيه، زيد هو الفاضل، وثالثا التمييز بين الصفة والخبر، يعني الآن ليس عندنا احتمال أن تكون صفة، هذا من حيث المعنى في ضمير الفصل، من حيث الإعراب هل هو اسم أو حرف ؟ الصحيح أنه حرف لا محل له من الإعراب، حرف جاء بصورة الاسم، وليس له محل من الإعراب، نعم والدليل على أنه لا محل له من الإعراب كثير في القرآن وغير القرآن قال الله تعالى : (( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبون )) لأنه إذا كان له من الإعراب صار محله الرفع وما بعده خبر، ولكنه ليس له محل من الإعراب، بل هو جاء عمادا أو جاء فصلا، نعم
13 - تفسير قول الله تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) . أستمع حفظ
في قول الله تعالى : (( فإذا مس الإنسان )) هل المراد الجنس .؟
الشيخ : فيه وجه لما قال : أكثرهم لا يعلمون، لأن فيه من يعلم وهم المؤمنون، فيكون (أكثرهم) يدل على أن المراد الجنس، لأن غير المؤمن كلهم لا يعلمون، سبق لنا القول في هذا أن الراجح هو الكافر، والجواب عن هذا أن نقول : أن من الكفار من يعلم لكنه مستكبر، نعم .
ما هو ضمير الشأن .؟
الشيخ : ضمير الشأن الضمير هو الذي يدل على القصة وليس موجودا، ضمير الشأن في الغالب يكون محذوف.
فيه ناس من المؤمنين إذا أوتوا نعمة قال : أوتيتها على علم عندي ألا يؤيد أن الإنسان في الآية المقصود بها الجنس المؤمن والكافر .؟
الشيخ : أي لكن هو كافر بهذه المقالة، ما هو كافر كفر مخرج عن الملة، نقول : هو بهذه المقالة كافر، وقد يكون كافرا كفرا مخرج عن الملة، فإذا اعتقد أن الله ليس له سبب في حصول هذه النعمة، وأنه هو الذي حصلت به لا أنه سبب فهو كفر، لأن إضافة النعم إلى أسبابها للإعراض عن المسبب وهو الله، وادعاء أو اعتقاد أن هذه النعمة ليس لله فيها علاقة هذا كفر بالربوبية .
16 - فيه ناس من المؤمنين إذا أوتوا نعمة قال : أوتيتها على علم عندي ألا يؤيد أن الإنسان في الآية المقصود بها الجنس المؤمن والكافر .؟ أستمع حفظ
هل يجزم الإنسان إذا تاب من الذنب أن الله قد تاب عليه .؟
الشيخ : نقول: نعم، إذا تبت توبة نصوحا فإن الله يقبلها، لكن من الذين يقول : إن توبته نصوحة، لأن المشكل الذي سيكون من فعل العبد، لا من فعل الرب، فالرب إذا وقع فعل العبد على ما يرضى حصل موعوده لأن الله لا يخلف الميعاد، لكن الذي يكون محل إشكال هو فعل العبد، هل هذه التوبة توبة نصوح على حسب ما رسم في الشرع ؟ فنحن نجزم، لكن قد يكون في قلب الإنسان بلاء، يكون عنده شيء من الرياء ويكون عنده شيء من المن على الله عز وجل، وغير ذلك من الأسباب، تكون التوبة غير نصوح، يتوب الإنسان مثلا من نظر المرأة الأجنبية، لكنه لا يتوب من غمز المرأة الأجنبية، التوبة الأولى تقبل أو لا تقبل ؟ لا تقبل، لأنه ما تاب من الذنب الذي هو من جنس ذنبه، يتوب الإنسان مثلا من أكل الربا ربا النسيئة ولكنه مرابي ربا الفضل، هذه غير نصوح ولهذا نقول : من تاب إلى الله توبة نصوحا فإنه مقبول التوبة، ومن اختل فيه النصح فليس مقبول التوبة .
مناقشة قول الله تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) .
الشيخ : قوله : (( لا تقنطوا )) معناها ؟ القنوط أشد اليأس، طيب يعني: لا تيأسوا من رحمة الله.
الشيخ : جملة: (( إن الله يغفر الذنوب جميعا )) موقعها مما قبلها ؟ أظن ما ذكرناها طيب.
الشيخ : هل هذه الآية في عموم العصاة ؟ في التائبين، أي نعم أجمع المفسرون على أنها في التائبين.
الشيخ : غير التائبين ما حالهم يا أخ ؟ نعم ما حالهم ؟ أي نعم هي تختلف، كيف الاختلاف ؟
الطالب : ...
الشيخ : (( ... لمن يشاء )) أحسنت، هذه حالهم