مناقشة تفسير قوله تعالى : (( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد )) .
الطالب : آيات الله الشرعية والكونية.
الشيخ : نعم، مثال المجادلة في الكونية ؟
الطالب: المجادلة في الكسوف.
الشيخ : كالمجادلة في الكسوف حيث ؟.
الطالب: يقول أن الله كيف يخوف بها عباده وهي معلومة الزمان والانتهاء، البداية والنهاية في الوقت الحاضر.
الشيخ : الآيات الشرعية ؟
الطالب: مثل قطع اليد أو الرجم.
الشيخ : نعم، يجادلون فيها ويقولون في هذا همجية ووحشية وما أشبه ذلك.
الشيخ : طيب كيف تجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى : (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) فأمر بالمجادلة ؟ هنا أمر: (( جادلهم )) وهنا قال: (( ما يجادل إلا الذين كفروا )) .؟
الطالب: مجادلة الكفار تكون بالبطال لأبطال الحق أما الذين آمنوا فمجادلتهم تكون لبيان الحق.
الشيخ : طيب إذن المجادلة هنا غير المجادلة هناك، ما تقولون ؟ صحيح.
الشيخ : قوله: (( فلا يغررك تقلبهم )) ما معنى التقلب في البلاد ؟ التردد في البلاد للتجارة والنزهة وغير ذلك، والخطاب في قوله: (( فلا يغررك )).
الطالب : يمكن أن يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين للجمع من الناس، وإذا دار المعنى بين عام وخاص فنحمله على العام .
الشيخ : لأن العام يشمل الخاص ولا عكس، طيب.
1 - مناقشة تفسير قوله تعالى : (( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد )) . أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )) .
2 - تفسير قوله تعالى : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالبين : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب )) كعاد وثمود وغيرهما (( من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه )) يقتلوه (( وجادلوا بالباطل ليدحضوا )) يزيلوا (( به الحق فأخذتهم )) بالعقاب (( فكيف كان عقاب )) لهم : أي هو واقع موقعه .
وقوله: (( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه )) يعني كل أمة همت برسولهم أي بالذي أرسل إليهم ليأخذوه هذه متعلقة بهمت أي هموا ليقتلوه، واللام هنا بمعنى الباء أي بأن يأخذوه فيقتلوه، ومنهم من قتلهم بالفعل من قتل النبيين بغير حق، (( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق )) هذه تفسر معنى الجدال فيما سبق لقوله : (( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا )) فجادلوا بالباطل أي جعلوا الباطل سلاحا لهم (( ليدحضوا )) ليزيلوا به الحق، فكانوا يأتون بالباطل يحتجون به على الحق لإدحاضه، واعلم أن الذي يأتون بالباطل ليدحضون به الحق لا يأتون بالباطل على وجهه بل يزخرفون القول له كما قال تعالى : (( وكذلك جعلنا لكل نبيا عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )) ولهذا تجد الذين يجادلون بالباطل يأتون بعبارات إذا رآها الإنسان ظنها حقا كأنه السراب للظمآن (( حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه )) وكما قال بعضهم:
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور
فهم يأتون بزخرف القول، الزخرف يعني القول المنمق المحسن المزين لأجل إدحاض الحق، قال الله تعالى: (( فأخذتهم )) الفاء هنا للسببية أي فبسبب ما قالوا به من المجادلة بالباطل والتكذيب أخذتهم، والضمير الفاعل يعود على الله سبحانه وتعالى، والمفعول يعود على هؤلاء المكذبين.
" (( فأخذتهم )) بالعقاب (( فكيف كان عقاب )) " فسر المؤلف الأخذ هنا بالعقاب لقوله: (( فكيف كان عقاب )) أي معاقبتي لهم، وكيف هنا للتعجب وللتقرير وللتعظيم أيضا، أي فكان عقابي عظيما في كيفيته وفي وقوعه موقعه وفي شدته، فإنه عذاب لم يبق أحدا منهم، وعلى هذا فالاستفهام له عدة معاني يعينها السياق.
وقوله: (( عقاب )) قد يشكل على الناظر لأول وهلة كيف كان مجرورا مع أنه مبتدأ أو خبر مبتدأ، فيقال إنه ليس بمجرور وأن الأصل عقابي فحذفت الياء تخفيفا والكسرة قبلها دليل عليها.
" أي هو واقع موقعه " وهذا بناء على أن الاستفهام تقريري، وإذا قلنا للتعظيم يكون المعنى: (( فكيف كان عقاب )) أي فما أعظم عقابي وأشده حيث أزالهم عن آخرهم.
3 - التعليق على تفسير الجلالبين : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب )) كعاد وثمود وغيرهما (( من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه )) يقتلوه (( وجادلوا بالباطل ليدحضوا )) يزيلوا (( به الحق فأخذتهم )) بالعقاب (( فكيف كان عقاب )) لهم : أي هو واقع موقعه . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )) .
ومن فوائد الآية: أن نوحا هو أول الرسل لقوله: (( والأحزاب من بعدهم )) فجعل الأحزاب المكذبين كلهم من بعد قوم نوح، وهذا يدل على أن نوحا هو أول الرسل، وهذا أمر معلوم متقرر في عدة آيات وفي الأحاديث أيضا، وبه نعم أن من زعم أن إدريس قبل نوح فإنه خاطئ ولا وجه لقوله .
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان ما تنطوي عليه صدور المكذبين للرسل من الهم بقتلهم، يعني أن المكذبين للرسل لم يقتصروا على أن يكذبوا فقط بل هموا بالقتل، والقتل والاغتيال وما أشبه ذلك هو سلاح العاجز، وكذلك السجن هو سلاح العاجز، ولهذا قال فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام: (( لأجعلنك من المسجونين )) وقال أبو إبراهيم آزر: (( لئن لم تنته لأرجمنك )) فالسجن والقتل والاغتيال والسب والشتم كله سلاح العاجز، لأن القادر على دفع الحجة هو الذي يدفع الحجة بمثلها بحجة، أما أن يستعمل سلطته فهذا يدل على عجزه.
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الأسباب لقوله: (( فأخذتهم )) لأن الفاء للسببية، وإثبات الأسباب حق وهو مقتضى حكمة الله عز وجل أن كل شيء له سبب، فالإنسان لا يولد له مثلا إذا بسبب إذا تزوج وجامع وأنزل ولد له، فالله عز وجل قرن المسببات بأسبابها وهو مقتضى الحكمة، والناس في الأسباب ثلاثة أقسام: طرفان ووسط، فقسم أنكر الأسباب وقال لا تأثير لها وما يحصل بالسبب فإنه حاصل عنده لا به، والسبب أمارة على حلول وقت الحادث وعلامة فقط على حصول الحادث أو على حلول وقته، فانكسار الزجاجة بالحجر إذا أرسل عليها ليس هي التي كسرته لكن الله قدر انكسارها عند وجود الصدمة فقط وليس للحجر أي تأثير، فالأشياء تحصل عند الأسباب بغير الأسباب لكن السبب جعله الله أمارة وعلامة على حلول وقت الحادث، ولهذا يقولون لو أن أحدا أثبت تأثير الأسباب لكان مشركا لأنه أثبت مع الله خالقا فاعلا.
والقسم الثاني الطرف الثاني يقول: بل الأسباب ثابت تأثيرها وهي مؤثرة بنفسها لأنها هي القوة الفاعلة ولا علاقة لله بها، وهذا يشبه مذهب القدرية وهو قول الفلاسفة، يقولون هكذا المسألة طبائع، من طبيعة هذا الشيء أن يحدث به هذا الشيء، وهذا لا شك أنه خطأ وأنه نوع من الشرك.
والقسم الثالث: وسط يقول إن للأسباب تأثيرا ولكن لا بنفسها بل بما أودع الله فيها من القوة المؤثرة، وهذا الذي دل عليه المنقول والمعقول وهو الحق.
والرد على الطبائعيين الذين يقولون أن الأسباب مؤثرة بطبيعتها أن الله تعالى قال لنار إبراهيم وهي محرقة قال لها: (( كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) فكانت بردا وسلاما فخرجت عن طبيعتها، إذن ليست الطبائع قوة مؤثرة بنفسها ولكن بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة، والأدلة على تأثير الأسباب أكثر من أن تحصى: (( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا )) (( فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات )) والأعمال الصالحة سبب للفوز والأعمال السيئة سبب للخسران وهكذا، فالأسباب ثابتة شرعا ولا شك في الأمور الحسية والأمور الشرعية، الآية التي معنا: (( فأخذتهم )) تفيد إثبات الأسباب وتأثيرها ولكن بأمر الله سبحانه وتعالى .
ومن فوائد هذه الآية: تحريم المجادلة بالباطل لإدحاض الحق لقوله : (( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق )) ويتفرع على هذا أن هذه العادة من عادات المكذبين للرسل، ومن المجادلة بالباطل لإدحاض الحق أن يجادل الإنسان للانتصار لقوله، وهذا يقع كثيرا في المتفقهة والمتكلمة وغيرهم يجادلون بالباطل من أجل الانتصار للقول كما قال تعالى: (( يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون )) فمن جادل من أجل أن ينصر قوله لا أن ينصر الحق ففيه شبه من المكذبين للرسل الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، ثم إن فيه أي في الذي يجادل لنصر قوله فقط فيه أنه قد عرض نفسه لأمر عظيم جدا وهو قوله تعالى : (( ونقلب أبصارهم وأفئدتهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون )) فإن الإنسان إذا جادل لنصرة قوله فإنه يكون لم يؤمن به أول مرة، وحينئذ يبتلى بهذه العاهة العظيمة أن الله يقلب فؤاده وبصره حتى لا يبصر الحق ولا يعي الحق ويكتم الحق لأنه لم يؤمن به أول مرة، والواجب على المؤمن قبول الحق من أول مرة لا يتردد في قبوله، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك إذا قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا حرام امتثلوا، كفوا عنه فعلا في الحال، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وهذا شيء له شواهد كثيرة وبذلك حققوا الإيمان عقيدة وقولا وعملا، طيب .
من فوائد الآية الكريمة بيان شدة عقاب الله لقوله : (( فكيف كان عقاب )) أي ما أعظمه وما أشده وما أحسنه لأنه وقع موقعه .
ومن فوائد الآية الكريمة أنه يخشى من معاجلة العقوبة، لأن العقوبة جاءت بالفاء: (( فأخذتهم فكيف كان عقاب )) ولأن المسبب يكون بعد السبب مباشرة فالإنسان العاصي عليه الخطر من معاجلة الله له بالعقوبة.
4 - فوائد قوله تعالى : (( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )) . أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )) .
التعليق على تفسير الجلالبين : (( وكذلك حقت كلمت ربك )) أي (( لأملأن جهنم )) [ 119 : 11 ] الآية (( على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )) بدل من كلمة .
التابع المقصود بالحكم بلا واسطة هو المسمى بدلا
التابع المقصود بالحكم بلا واسطة هذا البدل، إذن فالمقصود بالحكم المقصود بقوله: (( كلمة ربك )) هو قوله: (( أنهم أصحاب النار ))، وإذا وجدت في القرآن أصحاب النار فالمراد بها أصحابها المخلدون لأن الصحبة تقتضي الملازمة، ولا يمكن أن تكون أصحاب النار لمن توعدوا بدخول النار ثم يخرجون منها، إنما تكون لمن هم أهل النار الذين هم أهلها وأصحابها.
6 - التعليق على تفسير الجلالبين : (( وكذلك حقت كلمت ربك )) أي (( لأملأن جهنم )) [ 119 : 11 ] الآية (( على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )) بدل من كلمة . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )) .
في هذا إثبات أن الأشياء قد كتبت من قبل لقوله: (( حقت كلمة ربك )) وهذا لا ينافي إرسال الرسل ولا ينافي الأمر بما أمر به ولا النهي عما نهى الله عنه، لماذا ؟ لأن الله تعالى أعطى الإنسان عقلا ورشدا وبصيرة يعرف كيف يتصرف، فإذا أرسلت الرسل مع الفطرة الأولى ثم عاند فقد قامت عليه الحجة.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات الكلام لله لقوله: (( كلمة ربك )) ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى يتكلم بكلام مسموع وبحرف يعني أنه يسمع ويفهم بحروفه مرتبة، فقوله جل وعلا : (( الحمد لله رب العالمين )) نعلم أن الهمزة قبل اللام واللام قبل الحاء والحاء قبل الميم والميم قبل الدال وهكذا، حروف مرتبة لم تأتي جملة واحدة، وإذا كانت مرتبة لزم من ذلك الحدوث حدوث الكلمات لأن ما بعد الأول واقع بعده فيكون بهذا دليل على حدوث كلام الله عز وجل، وليس المراد أصل الصفة لأن أصل الصفة أزلي لم تكن حادثة من قبل، فإن الله سبحانه وتعالى لم يزل بصفاته، لم يزل عليما لم يزل متكلما لم يزل سميعا لم يزل قديرا، لكن الصفة قد تحدث شيئا فشيئا باعتبار آحادها وأفرادها، أما ما كانت صفة معنوية فالحدوث ليس لها ولكن لمتعلقها، فسمع الله عز وجل هل نقول إنه حادث ؟ لا، هو لم يزل لكن الذي يحدث هو المسموع، الكلام يحدث نفس الكلام لأنه نوع من الفعل، وعلى هذا فنقول في الآية إثبات الكلام لله ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بحرف مرتب وصوت مسموع.
طيب إذا قال قائل لو قلت إنه بحرف مرتب لزم أن يكون كلامه مشابها لكلام المخلوقين، فالجواب لا يلزم لأن الكلام لا يمكن أن يكون كلاما إلا بهذا، لكن صوت الرب عز وجل الذي يسمع ليس كأصوات المخلوقين لأن الصوت هو صفته، لكن الحروف صفة الكلام الذي تكلم به، وهي لا يمكن أن يكون كلاما إلا بترتيب بعضه بعد بعض.
ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم، وجهه ؟ (( ربك )) حيث أضاف إليه الربوبية وهذه الربوبية خاصة، لأن ربوبية الله عز وجل نوعان: عامة وخاصة، فالعامة الشاملة لكل شيء والخاصة المختصة بما أضيفت له، استمع إلى قوله تعالى : (( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )) في هذه ربوبية عامة وربوبية خاصة، العامة ؟ رب العالمين، والخاصة ؟ رب موسى وهارون.
(( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء )) الأول (( رب هذه البلدة )) يعني مكة الذي حرمها ربوبية خاصة (( وله كل شيء )) هذه عامة، إذن قوله: (( ربك )) من باب الربوبية الخاصة ولا شك أن أخص ربوبية تكون للمربوبين هي ربوبية الرسل ولاسيما أولي العزم منهم وهم خمسة: محمد إبراهيم موسى عيسى نوح عليهم الصلاة والسلام.
ومن فوائد الآية الكريمة: خلود الذين كفروا في النار لقوله: (( أنهم أصحاب النار )) وهل هذا الخلود أبدي أو إلى أمد ؟ أبدي، جاء ذلك في آيات ثلاث في القرآن في سورة النساء وفي سورة الأحزاب وفي سورة الجن.
ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير مما يوجب غضب الله وسخطه لئلا يكون الرجل قد حقت عليه كلمة الله عز وجل لأن قوله: (( كذلك )) أي مثل ذلك الذي حصل لهؤلاء المكذبين تحق كلمة الله عز وجل.
التعليق على تفسير الجلالبين : (( الذين يحملون العرش )) مبتدأ (( ومن حوله )) عطف عليه (( يسبحون )) خبره (( بحمد ربهم )) ملابسين للحمد ، أي يقولون : سبحان الله وبحمده (( ويؤمنون به )) .
(( الذين يحملون العرش )) العرش: هو عرش الرحمن عز وجل وهو أكبر المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأشرفها فيما عدا المكلفين، هذا العرش لا يعلم قدره إلى الله عز وجل، لأننا لم نخبر عن قدره ولا نعلم من أي مادة هو، أهو من نور أو خشب أو حديد ؟ لا نعلم، لأننا لم نخبر عن ذلك، ولم نعلم عن لونه ولم نعلم عن ملمسه ألين هو أم قاسي، كل هذا لا نعلمه إنما نعلم أنه عرش عظيم محيط بالمخلوقات استوى عليه الرب عز وجل، وله حملة والمشهور أن حملته الآن أربعة، وفي يوم القيامة يكونون ثمانية، ومن جملة حملة العرش إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور فإنه أحد حملة العرش، الذين يحملون العرش هل نحن نعلم صفات هؤلاء الذين يحملون العرش ؟ لا، لكن نعلم أنهم ملائكة، أما كيف هم فإن ذلك موقوف على ما جاء به السمع.
(( ومن حوله )) من معطوفة على العرش، توافقون ؟ (( الذين يحملون العرش ومن حوله )) توافقون أن تكون معطوفة على العرش ؟ لا يصح، لأنه لو كان كذلك لكان المعنى ويحملون من حوله وليس كذلك، وعلى هذا فمن معطوفة على (( الذين يحملون العرش )) والذين حوله.
نعم: " (( ومن حوله )) عطف عليه " على المبتدأ لأن المفسر قال: " مبتدأ (( ومن حوله )) عطف عليه " أي على المبتدأ، وهو قوله: (( الذين يحملون العرش )).
" (( يسبحون )) خبره " خبر المبتدأ وما عطف عليه، يعني حملة العرش والذين حول العرش يسبحون بحمد الله، والتسبيح تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به من نقص أو مماثلة للمخلوقين، والباء في قوله: (( بحمد ربهم )) للملابسة أي تسبيحا ممزوجا بالحمد، فهم مسبحون حامدون " أي يقولون: سبحان الله وبحمده " وقد بين الله عز وجل أن ذلك دائم مستمر فقال تعالى: ((ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون )).
قال: " (( يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به )) تعالى ببصائرهم أي يصدقون بوحدانيته ".
8 - التعليق على تفسير الجلالبين : (( الذين يحملون العرش )) مبتدأ (( ومن حوله )) عطف عليه (( يسبحون )) خبره (( بحمد ربهم )) ملابسين للحمد ، أي يقولون : سبحان الله وبحمده (( ويؤمنون به )) . أستمع حفظ
سؤال عمن أنكر تأثير الأسباب في المسببات كالأشاعرة .؟
الشيخ : أنا لو كنت قريبا منك لأوجعتك ضربا، حتى تعلم لأن الوجع سبب من ضربي، الأشاعرة يقولون هذا أن الأسباب لا تؤثر ولكنها علامات على حلول وقت الحادث.
لماذا لا يكفر من يقول : إن القرآن محدث .؟
الشيخ : لا يكون كفرا لأن فيه تأويلا، لأن لهم تأويلا يقول محدث إنزاله، ليس هو الذكر المحدث إنزاله، ولا شك أن هذا إقحام لكلمة إنزال في غير دليل، مثل قوله: (( وجاء ربك )) قالوا المعنى: وجاء أمر ربك فأقحموا أمر، فنظرا لهذا التأويل لا نحكم بكفرهم.
كيف يجمع بين كون القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ وكون الله تبارك وتعالى أنزله زمن الوحي وتكلم به .؟
الشيخ : لا ينافي ذلك، أولا: كتابته في اللوح المحفوظ لم تثبت عن طريق يطمئن إليه الإنسان، وأما قوله تعالى: (( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )) فإنه يمكن أن يكون المراد به ذكر هذا الكتاب كما قال تعالى : (( وإنه لفي زبر الأولين )) ومعلوم أن زبر الأولين ليس فيها القرآن وإنما فيها التحدث عنه وذكره، فليس هناك دليل قطعي يطمئن الإنسان إليه بأن القرآن كتب في اللوح المحفوظ، وإذا ثبت هذا فلا ينافي أن يكون كلام الله تعالى به محدثا بمعنى أنه يتكلم به ليلقيه على جبريل وإن كان مكتوبا من قبل في اللوح المحفوظ.
11 - كيف يجمع بين كون القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ وكون الله تبارك وتعالى أنزله زمن الوحي وتكلم به .؟ أستمع حفظ
ما هو الدليل على أن كل ما ذكره الله علينا في القرآن من الأنبياء هم رسل .؟
الشيخ : الدليل ذكرناه لكم سابقا: (( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك )) فكل من قصه الله علينا فهو رسول.
سؤال عن معنى قوله تعالى : (( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه )) .؟
الشيخ : نعم يأتي بقرينة، مثل قوله: (( فأخذتهم )) أهلكتهم ... هو على كل حال أخذهم للأنبياء قد يكون يأخذونهم ليحبسوهم كقوله : (( وإذ يمكر به الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك )) يثبتوك يعني يحبسونك فتكون ثابتا في مكان لا تتعداه، أو يقتلوك واضح، أو يخرجوك من البلد ...
ليأخذوه لقوله تعالى : (( ويقتلون الأنبياء بغير حق )) ولقوله: (( فأخذتهم )) فيكون إهلاكهم في مقابل ما يريدونه من إهلاك الرسل، الرسول صلى الله عليه وسلم ما هموا أن يقتلوه ؟ نعم أتدري ماذا أشار عليهم الشيخ النجدي ؟ قال: لا يمكن أن تقتلون قرشيا إلا كون عشرة شبان أقوياء وأعطوا كل واحد منهم سيفا فإذا خرج محمد فليقتلوه ضربة رجل واحد، حتى يتفرق دمه في القبائل فلا تستطيع قريش أن تطالب به، فيخضعوا لأخذ الدية، عرفت إذن هموا بقتله أو لا ؟ هموا بقتله، واليهود هموا بقتله في قصة بني النضير .
قراءة الطالب للآيات .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا )) سبق الكلام على قوله تعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به )).
تتمة التعليق على تفسير الجلالبين : (( ويؤمنون به )) تعالى ببصائرهم أي يصدقون بوحدانيته (( ويستغفرون للذين ءامنوا )) يقولون (( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما )) أي وسعت رحمتك كل شيء وعلمك كل شيء (( فاغفر للذين تابوا )) من الشرك (( واتبعوا سبيلك )) دين الإسلام (( وقهم عذاب الجحيم )) النار .
(( ويستغفرون للذين آمنوا )) يستغفرون أي يطلبون المغفرة للذين آمنوا، وقد مر بنا مرارا أن المغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، (( ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء )) جملة ربنا مقول لقول محذوف فسره المؤلف بقوله: " يقولون (( ربنا وسعت كل شيء )) " ربنا أي يا ربنا وحذفت منه ياء النداء لكثرة الاستعمال وتيمنا بالبداءة باسم الله عز وجل أو بوصفه بالربوبية، ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما أي وسعت رحمتك كل شيء وعلمك كل شيء، فمعنى وسعت كل شيء أي أحطت به رحمة وأحطت به علما، فما بلغه علم الله بلغته رحمته، ولكن الرحمة إما عامة وإما خاصة كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله.
(( فاغفر للذين تابوا )) وجملة (( ربنا وسعت كل شيء )) هي عبارة عن توسل أي: توسلوا إلى الله تعالى توسلوا بسعة علم الله ورحمته إلى مطلوبهم يقول: (( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا )) أي تابوا من الشرك ورجعوا إلى الله تعالى بالتوحيد والإخلاص (( واتبعوا سبيلك )) أي طريقك وهو دين الإسلام سواء كان إسلام محمد صلى الله عليه وسلم أو إسلام من قبله، لأن هذا الدعاء عام لكل المؤمنين فقول المؤلف: " دين الإسلام " يريد به الإسلام العام، فالذين اتبعوا الرسل السابقين مسلمون والذين اتبعوا محمد صلى الله عليه وسلم مسلمون لكن لا إسلام بعد محمد صلى الله عليه وسلم إلا بإتباع دينه.
وهنا قال: (( اتبعوا سبيلك )) وفي آية أخرى: (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فأضاف السبيل إلى المؤمنين، وكذلك الصراط يضيفه تعالى أحيانا لنفسه مثل قوله : (( صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض )) وأحيانا للمؤمنين مثل: (( صراط الذين أنعمت عليهم )) فما هو الجمع بينهما ؟ الجمع بينهما أن الله أضاف السبيل أو الصراط إليه باعتبارين: الاعتبار الأول أنه هو الذي وضعه لعباده يسيرون عليه، والاعتبار الثاني أنه موصل إلى الله عز وجل فمن سلكه أوصله إلى ربه، أما إضافته للمؤمنين في قوله : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) أو للذين أنعم عليهم في قوله: (( صراط الذين أنعمت عليهم )) فلأنهم سالكوه فأضيف إليهم باعتبار سلوكهم إياه وحينئذ ليس بين الآيات تعارض، (( واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )) اغفر وقهم عذاب الجحيم أي: اجعل لهم وقاية من عذاب الجحيم وهو عذاب النار كما فسر بذلك المؤلف.
15 - تتمة التعليق على تفسير الجلالبين : (( ويؤمنون به )) تعالى ببصائرهم أي يصدقون بوحدانيته (( ويستغفرون للذين ءامنوا )) يقولون (( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما )) أي وسعت رحمتك كل شيء وعلمك كل شيء (( فاغفر للذين تابوا )) من الشرك (( واتبعوا سبيلك )) دين الإسلام (( وقهم عذاب الجحيم )) النار . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )) .
ومن فوائدها: إثبات أن لهذا العرش حملة لقوله : (( الذين يحملون العرش )) وإثبات الحملة له مع قدرة الله سبحانه وتعالى على إمساكه بدون حملة إشعار بتعظيمه وأنه عظيم معتنى به، ولهذا أن الله قال في السماوات بغير عمد ولم يذكر لها حملة، والعرش ذكر له حملة مع أن الذي أمسك السماوات والأرض أن تزولا قادر على إمساك العرش بلا حملة، لكن هذا من باب التعظيم والتنويه بشرفه وعظمته .
ومن فوائد هذه الآية: أن حول هذا العرش ملائكة وأنهم كثيرون، ربما نستفيد كثرتهم من قوله: (( ومن حوله )) كأن كل الذي حول العرش، ثم ما الذي حول العرش هل يقدر بمسافة عشرة أمتار أو عشرين متر أو مئة متر أو ألف متر ؟.