تفسير سورة غافر-04a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
التعليق على تفسير الجلالبين : (( ذلكم )) أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك (( فالحكم )) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم .
وإذا أشرت إلى اثنين مخاطبا جماعة إناث ؟ ذانكن، طيب.
وإذا أشرت إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور ؟ أولئكم، صحيح. هذا إذا أشرنا إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور.
إلى جماعة مخاطبا جماعة إناث ؟ أولئكن، طيب.
إلى جماعة مخاطبا اثنين ؟ أولئكما، المهم على كل حال اسم الإشارة بحسب المشار إليه، والكاف بحسب المخاطب، إن كان مفردا مذكرا فالكاف تكون مفردة مذكرة، وإن كان مفردا مؤنثا فكذلك، مثنى جمعا كذلك، هذا هو الأفصح، وربما تأتي الكاف مفتوحة للمخاطب المذكر مطلقا واحدا كان أو مثنى أو جماعة، ومكسورة للمخاطب المؤنث مطلقا واحدة أو اثنتان أو جماعة، وربما تأتي الكاف مفتوحة مفردة لكل مخاطب، فتقول ذلك تخاطب الرجل والمرأة والاثنين والجماعة، فهذه ثلاث لغات في كاف الخطاب المقترن باسم الإشارة، الأفصح أن يكون بحسب المخاطب، ثم مفتوحا في المذكر ومكسورا في المؤنث، ثم مفتوحا على كل حال مفردا مذكرا طيب.
هنا يقول عز وجل: (( ذلكم بأنه )) المشار إليه واحد والمخاطب جماعة ذكور، ذلكم فالمخاطبون جماعة ذكور " أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) " وأشركتم وقلتم: (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )).
" (( كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك " وهذا هو الواقع، إذا ذكر الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون، فهم يصدقون بقلوبهم ويستبشرون بألسنتهم، وهذا الإيمان في الواقع قد نقول إنه إيمان حقيقي، وقد نقول إنه إيمان دعوي، يعني أنه دعوة وأنهم في قرارة أنفسهم يؤمنون بالله، وانظر إلى أكفر أهل الأرض فرعون كيف أنكر الخالق وادعى الربوبية وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) ومع ذلك كان مؤمنا في قرارة نفسه قال له موسى وهو يحاوره: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) هذه الآية أقول لك تدل على أن فرعون كان مؤمنا بربوبية الله، كيف ذلك ؟ لأنه لما قال له موسى: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض )) لم يقل لم أعلم، وهو في مقام يرى نفسه أعلم من موسى، يعني يستطيع أن ينكر دعوى موسى لو كان ينكر ذلك، لكنه يقر بأن الله أنزل التوراة على موسى ويدل لهذا قوله تعالى : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) ولهذا لا يمكن لأحد عاقل ـ وأريد بالعاقل ما سوى المجنون ـ أن ينكر أن لهذا العالم خالقا أبدا، كل إنسان عاقل إذا تدبر أدنى تدبر في هذا الكون علم أن له ربا مدبرا ولا يمكن أن ينكر.
فقوله هنا: (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) هل هو إيمان دعوى أو إيمان حقيقة ؟ الذي يظهر لنا أنه إيمان دعوى، يعني يقول نؤمن بأن هذا شريك مع الله يقولونه بألسنتهم، أما في قرارة قلوبهم فلا نظن أن أحدا ينكر أن الله سبحانه وتعالى واحد، وقد يقال: إن المراد بقوله : (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) أن المراد توحيد الإلوهية يعني يكفرون بتوحيد الإلوهية ويؤمنون بالشرك في الإلوهية، لأنهم يؤمنون بأن هذه الآلهة تقربهم إلى الله زلفى، فإذا هم يؤمنون بالله ربا ويؤمنون بالأصنام شفعاء.
" (( وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم)) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم " يعني فبناء على أنكم في هذه الحال يكون حكمكم إلى الله، فالفاء حينئذ تكون إما للاستئناف وإما للتفريع على ما سبق، يعني فبناء على ذلك يكون الحكم في أمركم إلى الله، الحكم في تعذيبكم لله وحده، واللام تكون بمعنى الغاية أحيانا كما تقول: (( ولله ترجع الأمور )) بمعنى إلى الله، وهنا الحكم لله أي إلى الله، أي أن حكمكم ينتهي إلى الله، ويحتمل أن يكون المعنى الحكم لله أي مستحق له لا يشاركه فيه أحد، (( العلي )) يقول المؤلف: " على خلقه " علو ذات وعلو صفة، فالله سبحانه وتعالى عال على خلقه في ذاته فوق كل شيء، وعال على خلقه في صفاته، قال الله تعالى : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) المثل يعني الوصف الأعلى في السماوات والأرض.
وعلو الله سبحانه وتعالى علوا معنويا وهو علو الصفة أمر مجمع عليه لم يخالف فيه أحد من أهل الملة حتى المعطلون الذين ينكرون صفات الله عز وجل إنما أنكروها بناء على تنزيههم لله عز وجل عن مشابهة المخلوقين وإن كانوا أخطئوا الطريق لكن هم يقولون نحن نقول هذا تنزيها لله، ولهذا يسمون الذين يثبتون يسمونهم المشبهة، ويسمونهم المجسمة والحشوية وما أشبه ذلك، ويرون أنفسهم هم أهل التوحيد، فقصدي أقول علو الصفة لم ينكره أحد من أهل الملة حتى أهل البدع يقرون بذلك، وأما علو الذات فهو محل الصراع بين أهل السنة والجماعة وبين أهل التعطيل، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى عال على خلقه بنفسه، وأهل التعطيل ينكرون ذلك، ثم انقسموا إلى قسمين قسم قالوا : إنه في كل مكان، إن الله في كل مكان، في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في البيوت في كل مكان.
وقسم آخر قالوا : لا يوصف أنه في مكان، فلا يقال فوق العالم ولا في العالم ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا متصل بالعالم ولا مماسا له، وهذا هو التعطيل المحض لأننا لو أردنا أن نصف المعدوم لم نجد أبلغ من هذا الوصف، إذن خالف في علو الذات طائفتان:
الطائفة الأولى: قالت: إن الله في كل مكان بنفسه، وهذا حق يعني قول قيل، لا تظنوا أنه تصور، فيه الآن من يعتقدون أن الله في كل مكان، إن جئت السوق وجدته في السوق، وإذا قالوا بالجبر قالوا: في السوق يبيع ويشتري، لأن فعل العبد منسوب إلى الله، فإذا كان في السوق هو في السوق وفعل العبد فعله صار يبيع ويشتري، نسأل الله العافية، هذا من لازم قولهم، إذا جئت المسجد كان في المسجد، يصلي أو يقعد لا ندري، إذا أتيت في أي مكان وجدته فيه، ونحن نفصل هذا عن مسألة الجبر حتى لا نصل إلى نهاية سيئة جدا، نقول: هم يقولون أن الله في كل مكان، حتى قال لهم أهل السنة كيف يمكن أن تقولوا: أنه في أماكن القذر والأذى ؟ قالوا: نقول إذا دخلت المكان أنت صار الله معك، أي مكان تدخله فالله معك.
القول الثاني عكس هؤلاء: قالوا: لا يصح أن يوصف الله بأي مكان، لا فوق ولا تحت ولا عن يمين العالم ولا عن شمال العالم ولا اتصال بالعالم ولا انفصال من العالم، وقد قال محمود ابن سبكتكين لمحمد بن فورك وهو يناظره في هذه المسألة قال له: إذا قلت هذا فأثبت لنا ربك، إذا كان لا هو فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايز، أين يكون ؟ لا يكون، هذا العدم تماما.
فالحاصل أن العلو قول المؤلف رحمه الله: " (( علي )) على خلقه " نقول العلو نوعان علو صفة وعلو ذات، أما علو الصفة فهذا لم ينكر أحد من أهل القبلة حتى المبتدعة أنه منفي عن الله، كلهم يثبتون لله علو الصفة، لكن أهل التعطيل يرون التعطيل من باب التنزيه ورفع الله عز وجل، وأهل التمثيل كذلك يرون هذا من باب تعظيم الله عز وجل وإثبات حقيقته، وأما علو الذات فهو الذي انقسم فيه الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة التي سمعتموها.
(( الكبير )) قال: " العظيم " وهذا تفسير تقريبي، ولو قال الكبير ذو الكبرياء لكان أقرب، فهو كبير عز وجل ذو كبرياء، وهو كبير أيضا، كبير باعتبار ذاته لا يحيط به شيء من مخلوقاته، والسماوات السبع والأراضين السبع في يده كخردلة في يد أحدنا .
وإذا أشرت إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور ؟ أولئكم، صحيح. هذا إذا أشرنا إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور.
إلى جماعة مخاطبا جماعة إناث ؟ أولئكن، طيب.
إلى جماعة مخاطبا اثنين ؟ أولئكما، المهم على كل حال اسم الإشارة بحسب المشار إليه، والكاف بحسب المخاطب، إن كان مفردا مذكرا فالكاف تكون مفردة مذكرة، وإن كان مفردا مؤنثا فكذلك، مثنى جمعا كذلك، هذا هو الأفصح، وربما تأتي الكاف مفتوحة للمخاطب المذكر مطلقا واحدا كان أو مثنى أو جماعة، ومكسورة للمخاطب المؤنث مطلقا واحدة أو اثنتان أو جماعة، وربما تأتي الكاف مفتوحة مفردة لكل مخاطب، فتقول ذلك تخاطب الرجل والمرأة والاثنين والجماعة، فهذه ثلاث لغات في كاف الخطاب المقترن باسم الإشارة، الأفصح أن يكون بحسب المخاطب، ثم مفتوحا في المذكر ومكسورا في المؤنث، ثم مفتوحا على كل حال مفردا مذكرا طيب.
هنا يقول عز وجل: (( ذلكم بأنه )) المشار إليه واحد والمخاطب جماعة ذكور، ذلكم فالمخاطبون جماعة ذكور " أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) " وأشركتم وقلتم: (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )).
" (( كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك " وهذا هو الواقع، إذا ذكر الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون، فهم يصدقون بقلوبهم ويستبشرون بألسنتهم، وهذا الإيمان في الواقع قد نقول إنه إيمان حقيقي، وقد نقول إنه إيمان دعوي، يعني أنه دعوة وأنهم في قرارة أنفسهم يؤمنون بالله، وانظر إلى أكفر أهل الأرض فرعون كيف أنكر الخالق وادعى الربوبية وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) ومع ذلك كان مؤمنا في قرارة نفسه قال له موسى وهو يحاوره: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) هذه الآية أقول لك تدل على أن فرعون كان مؤمنا بربوبية الله، كيف ذلك ؟ لأنه لما قال له موسى: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض )) لم يقل لم أعلم، وهو في مقام يرى نفسه أعلم من موسى، يعني يستطيع أن ينكر دعوى موسى لو كان ينكر ذلك، لكنه يقر بأن الله أنزل التوراة على موسى ويدل لهذا قوله تعالى : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) ولهذا لا يمكن لأحد عاقل ـ وأريد بالعاقل ما سوى المجنون ـ أن ينكر أن لهذا العالم خالقا أبدا، كل إنسان عاقل إذا تدبر أدنى تدبر في هذا الكون علم أن له ربا مدبرا ولا يمكن أن ينكر.
فقوله هنا: (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) هل هو إيمان دعوى أو إيمان حقيقة ؟ الذي يظهر لنا أنه إيمان دعوى، يعني يقول نؤمن بأن هذا شريك مع الله يقولونه بألسنتهم، أما في قرارة قلوبهم فلا نظن أن أحدا ينكر أن الله سبحانه وتعالى واحد، وقد يقال: إن المراد بقوله : (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) أن المراد توحيد الإلوهية يعني يكفرون بتوحيد الإلوهية ويؤمنون بالشرك في الإلوهية، لأنهم يؤمنون بأن هذه الآلهة تقربهم إلى الله زلفى، فإذا هم يؤمنون بالله ربا ويؤمنون بالأصنام شفعاء.
" (( وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم)) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم " يعني فبناء على أنكم في هذه الحال يكون حكمكم إلى الله، فالفاء حينئذ تكون إما للاستئناف وإما للتفريع على ما سبق، يعني فبناء على ذلك يكون الحكم في أمركم إلى الله، الحكم في تعذيبكم لله وحده، واللام تكون بمعنى الغاية أحيانا كما تقول: (( ولله ترجع الأمور )) بمعنى إلى الله، وهنا الحكم لله أي إلى الله، أي أن حكمكم ينتهي إلى الله، ويحتمل أن يكون المعنى الحكم لله أي مستحق له لا يشاركه فيه أحد، (( العلي )) يقول المؤلف: " على خلقه " علو ذات وعلو صفة، فالله سبحانه وتعالى عال على خلقه في ذاته فوق كل شيء، وعال على خلقه في صفاته، قال الله تعالى : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) المثل يعني الوصف الأعلى في السماوات والأرض.
وعلو الله سبحانه وتعالى علوا معنويا وهو علو الصفة أمر مجمع عليه لم يخالف فيه أحد من أهل الملة حتى المعطلون الذين ينكرون صفات الله عز وجل إنما أنكروها بناء على تنزيههم لله عز وجل عن مشابهة المخلوقين وإن كانوا أخطئوا الطريق لكن هم يقولون نحن نقول هذا تنزيها لله، ولهذا يسمون الذين يثبتون يسمونهم المشبهة، ويسمونهم المجسمة والحشوية وما أشبه ذلك، ويرون أنفسهم هم أهل التوحيد، فقصدي أقول علو الصفة لم ينكره أحد من أهل الملة حتى أهل البدع يقرون بذلك، وأما علو الذات فهو محل الصراع بين أهل السنة والجماعة وبين أهل التعطيل، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى عال على خلقه بنفسه، وأهل التعطيل ينكرون ذلك، ثم انقسموا إلى قسمين قسم قالوا : إنه في كل مكان، إن الله في كل مكان، في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في البيوت في كل مكان.
وقسم آخر قالوا : لا يوصف أنه في مكان، فلا يقال فوق العالم ولا في العالم ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا متصل بالعالم ولا مماسا له، وهذا هو التعطيل المحض لأننا لو أردنا أن نصف المعدوم لم نجد أبلغ من هذا الوصف، إذن خالف في علو الذات طائفتان:
الطائفة الأولى: قالت: إن الله في كل مكان بنفسه، وهذا حق يعني قول قيل، لا تظنوا أنه تصور، فيه الآن من يعتقدون أن الله في كل مكان، إن جئت السوق وجدته في السوق، وإذا قالوا بالجبر قالوا: في السوق يبيع ويشتري، لأن فعل العبد منسوب إلى الله، فإذا كان في السوق هو في السوق وفعل العبد فعله صار يبيع ويشتري، نسأل الله العافية، هذا من لازم قولهم، إذا جئت المسجد كان في المسجد، يصلي أو يقعد لا ندري، إذا أتيت في أي مكان وجدته فيه، ونحن نفصل هذا عن مسألة الجبر حتى لا نصل إلى نهاية سيئة جدا، نقول: هم يقولون أن الله في كل مكان، حتى قال لهم أهل السنة كيف يمكن أن تقولوا: أنه في أماكن القذر والأذى ؟ قالوا: نقول إذا دخلت المكان أنت صار الله معك، أي مكان تدخله فالله معك.
القول الثاني عكس هؤلاء: قالوا: لا يصح أن يوصف الله بأي مكان، لا فوق ولا تحت ولا عن يمين العالم ولا عن شمال العالم ولا اتصال بالعالم ولا انفصال من العالم، وقد قال محمود ابن سبكتكين لمحمد بن فورك وهو يناظره في هذه المسألة قال له: إذا قلت هذا فأثبت لنا ربك، إذا كان لا هو فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايز، أين يكون ؟ لا يكون، هذا العدم تماما.
فالحاصل أن العلو قول المؤلف رحمه الله: " (( علي )) على خلقه " نقول العلو نوعان علو صفة وعلو ذات، أما علو الصفة فهذا لم ينكر أحد من أهل القبلة حتى المبتدعة أنه منفي عن الله، كلهم يثبتون لله علو الصفة، لكن أهل التعطيل يرون التعطيل من باب التنزيه ورفع الله عز وجل، وأهل التمثيل كذلك يرون هذا من باب تعظيم الله عز وجل وإثبات حقيقته، وأما علو الذات فهو الذي انقسم فيه الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة التي سمعتموها.
(( الكبير )) قال: " العظيم " وهذا تفسير تقريبي، ولو قال الكبير ذو الكبرياء لكان أقرب، فهو كبير عز وجل ذو كبرياء، وهو كبير أيضا، كبير باعتبار ذاته لا يحيط به شيء من مخلوقاته، والسماوات السبع والأراضين السبع في يده كخردلة في يد أحدنا .
1 - التعليق على تفسير الجلالبين : (( ذلكم )) أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك (( فالحكم )) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم . أستمع حفظ
سؤال عن حكم العذر بالجهل .؟
وإذا أشرت إلى اثنين مخاطبا جماعة إناث ؟ ذانكن، طيب.
وإذا أشرت إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور ؟ أولئكم، صحيح. هذا إذا أشرنا إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور.
إلى جماعة مخاطبا جماعة إناث ؟ أولئكن، طيب.
إلى جماعة مخاطبا اثنين ؟ أولئكما، المهم على كل حال اسم الإشارة بحسب المشار إليه، والكاف بحسب المخاطب، إن كان مفردا مذكرا فالكاف تكون مفردة مذكرة، وإن كان مفردا مؤنثا فكذلك، مثنى جمعا كذلك، هذا هو الأفصح، وربما تأتي الكاف مفتوحة للمخاطب المذكر مطلقا واحدا كان أو مثنى أو جماعة، ومكسورة للمخاطب المؤنث مطلقا واحدة أو اثنتان أو جماعة، وربما تأتي الكاف مفتوحة مفردة لكل مخاطب، فتقول ذلك تخاطب الرجل والمرأة والاثنين والجماعة، فهذه ثلاث لغات في كاف الخطاب المقترن باسم الإشارة، الأفصح أن يكون بحسب المخاطب، ثم مفتوحا في المذكر ومكسورا في المؤنث، ثم مفتوحا على كل حال مفردا مذكرا طيب.
هنا يقول عز وجل: (( ذلكم بأنه )) المشار إليه واحد والمخاطب جماعة ذكور، ذلكم فالمخاطبون جماعة ذكور " أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) " وأشركتم وقلتم: (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )).
" (( كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك " وهذا هو الواقع، إذا ذكر الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون، فهم يصدقون بقلوبهم ويستبشرون بألسنتهم، وهذا الإيمان في الواقع قد نقول إنه إيمان حقيقي، وقد نقول إنه إيمان دعوي، يعني أنه دعوة وأنهم في قرارة أنفسهم يؤمنون بالله، وانظر إلى أكفر أهل الأرض فرعون كيف أنكر الخالق وادعى الربوبية وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) ومع ذلك كان مؤمنا في قرارة نفسه قال له موسى وهو يحاوره: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) هذه الآية أقول لك تدل على أن فرعون كان مؤمنا بربوبية الله، كيف ذلك ؟ لأنه لما قال له موسى: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض )) لم يقل لم أعلم، وهو في مقام يرى نفسه أعلم من موسى، يعني يستطيع أن ينكر دعوى موسى لو كان ينكر ذلك، لكنه يقر بأن الله أنزل التوراة على موسى ويدل لهذا قوله تعالى : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) ولهذا لا يمكن لأحد عاقل ـ وأريد بالعاقل ما سوى المجنون ـ أن ينكر أن لهذا العالم خالقا أبدا، كل إنسان عاقل إذا تدبر أدنى تدبر في هذا الكون علم أن له ربا مدبرا ولا يمكن أن ينكر.
فقوله هنا: (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) هل هو إيمان دعوى أو إيمان حقيقة ؟ الذي يظهر لنا أنه إيمان دعوى، يعني يقول نؤمن بأن هذا شريك مع الله يقولونه بألسنتهم، أما في قرارة قلوبهم فلا نظن أن أحدا ينكر أن الله سبحانه وتعالى واحد، وقد يقال: إن المراد بقوله : (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) أن المراد توحيد الإلوهية يعني يكفرون بتوحيد الإلوهية ويؤمنون بالشرك في الإلوهية، لأنهم يؤمنون بأن هذه الآلهة تقربهم إلى الله زلفى، فإذا هم يؤمنون بالله ربا ويؤمنون بالأصنام شفعاء.
" (( وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم)) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم " يعني فبناء على أنكم في هذه الحال يكون حكمكم إلى الله، فالفاء حينئذ تكون إما للاستئناف وإما للتفريع على ما سبق، يعني فبناء على ذلك يكون الحكم في أمركم إلى الله، الحكم في تعذيبكم لله وحده، واللام تكون بمعنى الغاية أحيانا كما تقول: (( ولله ترجع الأمور )) بمعنى إلى الله، وهنا الحكم لله أي إلى الله، أي أن حكمكم ينتهي إلى الله، ويحتمل أن يكون المعنى الحكم لله أي مستحق له لا يشاركه فيه أحد، (( العلي )) يقول المؤلف: " على خلقه " علو ذات وعلو صفة، فالله سبحانه وتعالى عال على خلقه في ذاته فوق كل شيء، وعال على خلقه في صفاته، قال الله تعالى : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) المثل يعني الوصف الأعلى في السماوات والأرض.
وعلو الله سبحانه وتعالى علوا معنويا وهو علو الصفة أمر مجمع عليه لم يخالف فيه أحد من أهل الملة حتى المعطلون الذين ينكرون صفات الله عز وجل إنما أنكروها بناء على تنزيههم لله عز وجل عن مشابهة المخلوقين وإن كانوا أخطئوا الطريق لكن هم يقولون نحن نقول هذا تنزيها لله، ولهذا يسمون الذين يثبتون يسمونهم المشبهة، ويسمونهم المجسمة والحشوية وما أشبه ذلك، ويرون أنفسهم هم أهل التوحيد، فقصدي أقول علو الصفة لم ينكره أحد من أهل الملة حتى أهل البدع يقرون بذلك، وأما علو الذات فهو محل الصراع بين أهل السنة والجماعة وبين أهل التعطيل، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى عال على خلقه بنفسه، وأهل التعطيل ينكرون ذلك، ثم انقسموا إلى قسمين قسم قالوا : إنه في كل مكان، إن الله في كل مكان، في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في البيوت في كل مكان.
وقسم آخر قالوا : لا يوصف أنه في مكان، فلا يقال فوق العالم ولا في العالم ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا متصل بالعالم ولا مماسا له، وهذا هو التعطيل المحض لأننا لو أردنا أن نصف المعدوم لم نجد أبلغ من هذا الوصف، إذن خالف في علو الذات طائفتان:
الطائفة الأولى: قالت: إن الله في كل مكان بنفسه، وهذا حق يعني قول قيل، لا تظنوا أنه تصور، فيه الآن من يعتقدون أن الله في كل مكان، إن جئت السوق وجدته في السوق، وإذا قالوا بالجبر قالوا: في السوق يبيع ويشتري، لأن فعل العبد منسوب إلى الله، فإذا كان في السوق هو في السوق وفعل العبد فعله صار يبيع ويشتري، نسأل الله العافية، هذا من لازم قولهم، إذا جئت المسجد كان في المسجد، يصلي أو يقعد لا ندري، إذا أتيت في أي مكان وجدته فيه، ونحن نفصل هذا عن مسألة الجبر حتى لا نصل إلى نهاية سيئة جدا، نقول: هم يقولون أن الله في كل مكان، حتى قال لهم أهل السنة كيف يمكن أن تقولوا: أنه في أماكن القذر والأذى ؟ قالوا: نقول إذا دخلت المكان أنت صار الله معك، أي مكان تدخله فالله معك.
القول الثاني عكس هؤلاء: قالوا: لا يصح أن يوصف الله بأي مكان، لا فوق ولا تحت ولا عن يمين العالم ولا عن شمال العالم ولا اتصال بالعالم ولا انفصال من العالم، وقد قال محمود ابن سبكتكين لمحمد بن فورك وهو يناظره في هذه المسألة قال له: إذا قلت هذا فأثبت لنا ربك، إذا كان لا هو فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايز، أين يكون ؟ لا يكون، هذا العدم تماما.
فالحاصل أن العلو قول المؤلف رحمه الله: " (( علي )) على خلقه " نقول العلو نوعان علو صفة وعلو ذات، أما علو الصفة فهذا لم ينكر أحد من أهل القبلة حتى المبتدعة أنه منفي عن الله، كلهم يثبتون لله علو الصفة، لكن أهل التعطيل يرون التعطيل من باب التنزيه ورفع الله عز وجل، وأهل التمثيل كذلك يرون هذا من باب تعظيم الله عز وجل وإثبات حقيقته، وأما علو الذات فهو الذي انقسم فيه الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة التي سمعتموها.
(( الكبير )) قال: " العظيم " وهذا تفسير تقريبي، ولو قال الكبير ذو الكبرياء لكان أقرب، فهو كبير عز وجل ذو كبرياء، وهو كبير أيضا، كبير باعتبار ذاته لا يحيط به شيء من مخلوقاته، والسماوات السبع والأراضين السبع في يده كخردلة في يد أحدنا .
وإذا أشرت إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور ؟ أولئكم، صحيح. هذا إذا أشرنا إلى جماعة مخاطبا جماعة ذكور.
إلى جماعة مخاطبا جماعة إناث ؟ أولئكن، طيب.
إلى جماعة مخاطبا اثنين ؟ أولئكما، المهم على كل حال اسم الإشارة بحسب المشار إليه، والكاف بحسب المخاطب، إن كان مفردا مذكرا فالكاف تكون مفردة مذكرة، وإن كان مفردا مؤنثا فكذلك، مثنى جمعا كذلك، هذا هو الأفصح، وربما تأتي الكاف مفتوحة للمخاطب المذكر مطلقا واحدا كان أو مثنى أو جماعة، ومكسورة للمخاطب المؤنث مطلقا واحدة أو اثنتان أو جماعة، وربما تأتي الكاف مفتوحة مفردة لكل مخاطب، فتقول ذلك تخاطب الرجل والمرأة والاثنين والجماعة، فهذه ثلاث لغات في كاف الخطاب المقترن باسم الإشارة، الأفصح أن يكون بحسب المخاطب، ثم مفتوحا في المذكر ومكسورا في المؤنث، ثم مفتوحا على كل حال مفردا مذكرا طيب.
هنا يقول عز وجل: (( ذلكم بأنه )) المشار إليه واحد والمخاطب جماعة ذكور، ذلكم فالمخاطبون جماعة ذكور " أي العذاب الذي أنتم فيه (( بأنه )) أي بسبب أنه في الدنيا (( إذا دعي الله وحده كفرتم )) " وأشركتم وقلتم: (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )).
" (( كفرتم )) بتوحيده (( وإن يشرك به )) يجعل له شريك (( تؤمنوا )) تصدقوا بالإشراك " وهذا هو الواقع، إذا ذكر الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون، فهم يصدقون بقلوبهم ويستبشرون بألسنتهم، وهذا الإيمان في الواقع قد نقول إنه إيمان حقيقي، وقد نقول إنه إيمان دعوي، يعني أنه دعوة وأنهم في قرارة أنفسهم يؤمنون بالله، وانظر إلى أكفر أهل الأرض فرعون كيف أنكر الخالق وادعى الربوبية وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) ومع ذلك كان مؤمنا في قرارة نفسه قال له موسى وهو يحاوره: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) هذه الآية أقول لك تدل على أن فرعون كان مؤمنا بربوبية الله، كيف ذلك ؟ لأنه لما قال له موسى: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض )) لم يقل لم أعلم، وهو في مقام يرى نفسه أعلم من موسى، يعني يستطيع أن ينكر دعوى موسى لو كان ينكر ذلك، لكنه يقر بأن الله أنزل التوراة على موسى ويدل لهذا قوله تعالى : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) ولهذا لا يمكن لأحد عاقل ـ وأريد بالعاقل ما سوى المجنون ـ أن ينكر أن لهذا العالم خالقا أبدا، كل إنسان عاقل إذا تدبر أدنى تدبر في هذا الكون علم أن له ربا مدبرا ولا يمكن أن ينكر.
فقوله هنا: (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) هل هو إيمان دعوى أو إيمان حقيقة ؟ الذي يظهر لنا أنه إيمان دعوى، يعني يقول نؤمن بأن هذا شريك مع الله يقولونه بألسنتهم، أما في قرارة قلوبهم فلا نظن أن أحدا ينكر أن الله سبحانه وتعالى واحد، وقد يقال: إن المراد بقوله : (( إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )) أن المراد توحيد الإلوهية يعني يكفرون بتوحيد الإلوهية ويؤمنون بالشرك في الإلوهية، لأنهم يؤمنون بأن هذه الآلهة تقربهم إلى الله زلفى، فإذا هم يؤمنون بالله ربا ويؤمنون بالأصنام شفعاء.
" (( وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم)) في تعذيبكم (( لله العلي )) على خلقه (( الكبير )) العظيم " يعني فبناء على أنكم في هذه الحال يكون حكمكم إلى الله، فالفاء حينئذ تكون إما للاستئناف وإما للتفريع على ما سبق، يعني فبناء على ذلك يكون الحكم في أمركم إلى الله، الحكم في تعذيبكم لله وحده، واللام تكون بمعنى الغاية أحيانا كما تقول: (( ولله ترجع الأمور )) بمعنى إلى الله، وهنا الحكم لله أي إلى الله، أي أن حكمكم ينتهي إلى الله، ويحتمل أن يكون المعنى الحكم لله أي مستحق له لا يشاركه فيه أحد، (( العلي )) يقول المؤلف: " على خلقه " علو ذات وعلو صفة، فالله سبحانه وتعالى عال على خلقه في ذاته فوق كل شيء، وعال على خلقه في صفاته، قال الله تعالى : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) المثل يعني الوصف الأعلى في السماوات والأرض.
وعلو الله سبحانه وتعالى علوا معنويا وهو علو الصفة أمر مجمع عليه لم يخالف فيه أحد من أهل الملة حتى المعطلون الذين ينكرون صفات الله عز وجل إنما أنكروها بناء على تنزيههم لله عز وجل عن مشابهة المخلوقين وإن كانوا أخطئوا الطريق لكن هم يقولون نحن نقول هذا تنزيها لله، ولهذا يسمون الذين يثبتون يسمونهم المشبهة، ويسمونهم المجسمة والحشوية وما أشبه ذلك، ويرون أنفسهم هم أهل التوحيد، فقصدي أقول علو الصفة لم ينكره أحد من أهل الملة حتى أهل البدع يقرون بذلك، وأما علو الذات فهو محل الصراع بين أهل السنة والجماعة وبين أهل التعطيل، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى عال على خلقه بنفسه، وأهل التعطيل ينكرون ذلك، ثم انقسموا إلى قسمين قسم قالوا : إنه في كل مكان، إن الله في كل مكان، في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في البيوت في كل مكان.
وقسم آخر قالوا : لا يوصف أنه في مكان، فلا يقال فوق العالم ولا في العالم ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا متصل بالعالم ولا مماسا له، وهذا هو التعطيل المحض لأننا لو أردنا أن نصف المعدوم لم نجد أبلغ من هذا الوصف، إذن خالف في علو الذات طائفتان:
الطائفة الأولى: قالت: إن الله في كل مكان بنفسه، وهذا حق يعني قول قيل، لا تظنوا أنه تصور، فيه الآن من يعتقدون أن الله في كل مكان، إن جئت السوق وجدته في السوق، وإذا قالوا بالجبر قالوا: في السوق يبيع ويشتري، لأن فعل العبد منسوب إلى الله، فإذا كان في السوق هو في السوق وفعل العبد فعله صار يبيع ويشتري، نسأل الله العافية، هذا من لازم قولهم، إذا جئت المسجد كان في المسجد، يصلي أو يقعد لا ندري، إذا أتيت في أي مكان وجدته فيه، ونحن نفصل هذا عن مسألة الجبر حتى لا نصل إلى نهاية سيئة جدا، نقول: هم يقولون أن الله في كل مكان، حتى قال لهم أهل السنة كيف يمكن أن تقولوا: أنه في أماكن القذر والأذى ؟ قالوا: نقول إذا دخلت المكان أنت صار الله معك، أي مكان تدخله فالله معك.
القول الثاني عكس هؤلاء: قالوا: لا يصح أن يوصف الله بأي مكان، لا فوق ولا تحت ولا عن يمين العالم ولا عن شمال العالم ولا اتصال بالعالم ولا انفصال من العالم، وقد قال محمود ابن سبكتكين لمحمد بن فورك وهو يناظره في هذه المسألة قال له: إذا قلت هذا فأثبت لنا ربك، إذا كان لا هو فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايز، أين يكون ؟ لا يكون، هذا العدم تماما.
فالحاصل أن العلو قول المؤلف رحمه الله: " (( علي )) على خلقه " نقول العلو نوعان علو صفة وعلو ذات، أما علو الصفة فهذا لم ينكر أحد من أهل القبلة حتى المبتدعة أنه منفي عن الله، كلهم يثبتون لله علو الصفة، لكن أهل التعطيل يرون التعطيل من باب التنزيه ورفع الله عز وجل، وأهل التمثيل كذلك يرون هذا من باب تعظيم الله عز وجل وإثبات حقيقته، وأما علو الذات فهو الذي انقسم فيه الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة التي سمعتموها.
(( الكبير )) قال: " العظيم " وهذا تفسير تقريبي، ولو قال الكبير ذو الكبرياء لكان أقرب، فهو كبير عز وجل ذو كبرياء، وهو كبير أيضا، كبير باعتبار ذاته لا يحيط به شيء من مخلوقاته، والسماوات السبع والأراضين السبع في يده كخردلة في يد أحدنا .
ما حكم تفسير الموت في قوله تعالى : (( أمتنا اثنتين )) بأن التي في الدنيا هي النوم .؟
الطالب : إن قال قائل: (( أمتنا اثنتين )) يقصد بها الموتة في الدنيا حين المنام ... ؟
الشيخ : لا يصح، لأن موتة الدنيا في المنام ما هي مرتين أو ثلاث ولا أربع ولا مائة، الإنسان في الشهر ينام كم مرة ؟ على الأقل ثلاثين مرة (( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه )) فإذا بعثنا من موتة الليلة البارحة جاءت الليلة الثانية، متنا ثانية، والتي وراءها ؟ والذي ينام بعد صلاة الفجر، والذي ينام في القيلولة، والذي ينام بعد العصر، أربع ميتات في يوم واحد، نعم .
الشيخ : لا يصح، لأن موتة الدنيا في المنام ما هي مرتين أو ثلاث ولا أربع ولا مائة، الإنسان في الشهر ينام كم مرة ؟ على الأقل ثلاثين مرة (( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه )) فإذا بعثنا من موتة الليلة البارحة جاءت الليلة الثانية، متنا ثانية، والتي وراءها ؟ والذي ينام بعد صلاة الفجر، والذي ينام في القيلولة، والذي ينام بعد العصر، أربع ميتات في يوم واحد، نعم .
هل يصح وصف الله بأنه ليس في اليمين ولا في الشمال .؟
الطالب : ...
الشيخ : لا ليس بصحيح أنه ليس بيمين ولا بشمال، لكن وصف نفسه بما هو أحسن من هذا، لأنه لو قال: لا يمين ولا شمال صارت الصفة صفة سلبية، لكن إذا قال: (( وهو العلي )) انتفى اليمين والشمال بوصف ثبوتي لا بوصف سلبي، والوصف الثبوتي أكمل من الوصف السلبي، لأن دلالة الوصف السلبي على الإثبات دلالة التزام، قد ينكرها منكر ولا يلتزم بها، طيب .
الشيخ : لا ليس بصحيح أنه ليس بيمين ولا بشمال، لكن وصف نفسه بما هو أحسن من هذا، لأنه لو قال: لا يمين ولا شمال صارت الصفة صفة سلبية، لكن إذا قال: (( وهو العلي )) انتفى اليمين والشمال بوصف ثبوتي لا بوصف سلبي، والوصف الثبوتي أكمل من الوصف السلبي، لأن دلالة الوصف السلبي على الإثبات دلالة التزام، قد ينكرها منكر ولا يلتزم بها، طيب .
ما هي شبهة المعطلة في نفي العلو عن الله سبحانه وتعالى .؟
الطالب : ...
الشيخ : تقول لأنك إذا أثبت أنه في جهة فقد جسمت جعلته جسما، إذا صار فوق معناه أنه جسم، يمين شمال كذلك، كل هذا فرارا من التجسيم، والسبب أن الشيطان تلاعب بهم في الواقع، وإلا نقول لهم ما هو التجسيم الذي تريدون أن تنفوه عن الله، تريدون أن الله ليس بشيء فنحن لا نوافقكم، تريدون أن الله تعالى جسم موصوف بالصفات الكاملة فهو كذلك هو موصوف بالصفات الكاملة، لكن لا نطلق لفظ جسم على الله أبدا، ورد في الحديث ما يدل على أنه يوصف بالشخص، ومع ذلك لا نقول أنه شخص كأشخاص المخلوقين أبدا (( ليس كمثله شيء )) نعم .
الشيخ : تقول لأنك إذا أثبت أنه في جهة فقد جسمت جعلته جسما، إذا صار فوق معناه أنه جسم، يمين شمال كذلك، كل هذا فرارا من التجسيم، والسبب أن الشيطان تلاعب بهم في الواقع، وإلا نقول لهم ما هو التجسيم الذي تريدون أن تنفوه عن الله، تريدون أن الله ليس بشيء فنحن لا نوافقكم، تريدون أن الله تعالى جسم موصوف بالصفات الكاملة فهو كذلك هو موصوف بالصفات الكاملة، لكن لا نطلق لفظ جسم على الله أبدا، ورد في الحديث ما يدل على أنه يوصف بالشخص، ومع ذلك لا نقول أنه شخص كأشخاص المخلوقين أبدا (( ليس كمثله شيء )) نعم .
كيف نرد على من يستدل بقوله تعالى : (( فأينما تولوا فثم وجه الله )) على نفي علو الله تعالى .؟
الطالب : ...
الشيخ : (( فثم وجه الله )) أي نعم، هل هذا ينافي العلو حتى يكون دليلا على عدمه، ألا يمكن أن يكون الشيء فوقك وهو أمامك ؟ يمكن، هذا في المخلوق كيف بالخالق المحيط بكل شيء، ثم كيف نورد آية تحتمل على آيات محكمة لا تحتمل وهو العلو، انتبهوا لهذا لأن أهل الباطل يوردون المتشابه على المحكم، ولا يحملون المتشابه على المحكم، يوردون المتشابه على المحكم ليناقضه، وليسوا يحملون المتشابه على المحكم ليكون محكما، وهذا هو البلاء قالت عائشة رضي الله عنها: ( إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) هكذا روته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
انتبهوا وهذه مسألة أحب أن أنبهكم عليها وهو أنه إذا وردت آيات متعارضة وأحاديث متعارضة فلا توردوها على أنفسكم على أنها متعارضة أوردوها على أنفسكم على أنكم تطلبون الجمع بينها لتوفقوا للجمع، أما إذا أوردتم هذه على أنها متعارضة بقيت محل إشكال، وأنا دائما أنهاكم عن هذا، أقول: لا توردوا الآيات المتشابهة التي ظاهرها التعارض أو الأحاديث كذلك على أنها متعارضة، أوردوها على أنكم تريدون الجمع بينها لا أن بعضها معارض لبعض، حتى تهدوا إلى الصراط المستقيم، لأن هناك فرق بين الإيراد وبين الرد، إيراد المتشابه على المحكم معناه أنه يطلب التعارض، لكن رد المتشابه إلى المحكم هذا معناه أن حاول الجمع دون أن يتصور التعارض، وهذه المسألة كما تكون في الأمور العلمية تكون أيضا في الأمور العملية، أحيانا ترد عن النبي صفات في عبادة واحدة فيظن الظان أن هذا تعارض لكن نقول: لا تقرأها ولا توردها على نفسك على أنها متعارضة، لا أوردها على أنك تجمع بينها، فتحمل هذه على وجه وهذه على وجه، وأكثر ما يكون الشك للطالب أنه يورد الآيات المتعارضة التي ظاهرها التعارض أو الأحاديث التي ظاهرها التعارض على أنها متعارضة، لكن لو أوردها على أنه يرد بعضها إلى بعض ويضم بعضها إلى بعض لوجد وجها ومخرجا مما كان يظن، وهذا شيء جربه إن شاء الله ستنتفعون به.
فالذين قالوا : (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) يدل على عدم العدو فيعارض أدلة العلو! نقول: من قال هذا ؟ من قال أنه يدل على عدم العلو ؟ وإذا كان الشيء مقابلا لك هل يلزم أن يكون محاذيا لك ؟ أبدا، ما يلزم، قد تقول هذا عن يميني وهو أسفل شيء لكن مع الجهة اليمنى، وهذا عن يساري وهو أسفل شيء وهو عن الجهة اليسرى، كما جاء في حديث المعراج: ( أن على يمين آدم أسودة وعلى يساره أسودة، فإذا رأى إلى اليسار بكى ) اليسار هي نسم بنيه الكفرة في النار، وهذا في الأسفل، فلا يلزم من كون الشيء على يمينك أن يكون محاذيا لك، ولا يلزم من كون الشيء فوقك أن يكون محاذيا لك، ولا من كونه أسفل منك أن يكون محاذيا لك، هذا ليس بلازم، لكن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه لإيراد التشكيك، نعم .
الشيخ : (( فثم وجه الله )) أي نعم، هل هذا ينافي العلو حتى يكون دليلا على عدمه، ألا يمكن أن يكون الشيء فوقك وهو أمامك ؟ يمكن، هذا في المخلوق كيف بالخالق المحيط بكل شيء، ثم كيف نورد آية تحتمل على آيات محكمة لا تحتمل وهو العلو، انتبهوا لهذا لأن أهل الباطل يوردون المتشابه على المحكم، ولا يحملون المتشابه على المحكم، يوردون المتشابه على المحكم ليناقضه، وليسوا يحملون المتشابه على المحكم ليكون محكما، وهذا هو البلاء قالت عائشة رضي الله عنها: ( إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) هكذا روته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
انتبهوا وهذه مسألة أحب أن أنبهكم عليها وهو أنه إذا وردت آيات متعارضة وأحاديث متعارضة فلا توردوها على أنفسكم على أنها متعارضة أوردوها على أنفسكم على أنكم تطلبون الجمع بينها لتوفقوا للجمع، أما إذا أوردتم هذه على أنها متعارضة بقيت محل إشكال، وأنا دائما أنهاكم عن هذا، أقول: لا توردوا الآيات المتشابهة التي ظاهرها التعارض أو الأحاديث كذلك على أنها متعارضة، أوردوها على أنكم تريدون الجمع بينها لا أن بعضها معارض لبعض، حتى تهدوا إلى الصراط المستقيم، لأن هناك فرق بين الإيراد وبين الرد، إيراد المتشابه على المحكم معناه أنه يطلب التعارض، لكن رد المتشابه إلى المحكم هذا معناه أن حاول الجمع دون أن يتصور التعارض، وهذه المسألة كما تكون في الأمور العلمية تكون أيضا في الأمور العملية، أحيانا ترد عن النبي صفات في عبادة واحدة فيظن الظان أن هذا تعارض لكن نقول: لا تقرأها ولا توردها على نفسك على أنها متعارضة، لا أوردها على أنك تجمع بينها، فتحمل هذه على وجه وهذه على وجه، وأكثر ما يكون الشك للطالب أنه يورد الآيات المتعارضة التي ظاهرها التعارض أو الأحاديث التي ظاهرها التعارض على أنها متعارضة، لكن لو أوردها على أنه يرد بعضها إلى بعض ويضم بعضها إلى بعض لوجد وجها ومخرجا مما كان يظن، وهذا شيء جربه إن شاء الله ستنتفعون به.
فالذين قالوا : (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) يدل على عدم العدو فيعارض أدلة العلو! نقول: من قال هذا ؟ من قال أنه يدل على عدم العلو ؟ وإذا كان الشيء مقابلا لك هل يلزم أن يكون محاذيا لك ؟ أبدا، ما يلزم، قد تقول هذا عن يميني وهو أسفل شيء لكن مع الجهة اليمنى، وهذا عن يساري وهو أسفل شيء وهو عن الجهة اليسرى، كما جاء في حديث المعراج: ( أن على يمين آدم أسودة وعلى يساره أسودة، فإذا رأى إلى اليسار بكى ) اليسار هي نسم بنيه الكفرة في النار، وهذا في الأسفل، فلا يلزم من كون الشيء على يمينك أن يكون محاذيا لك، ولا يلزم من كون الشيء فوقك أن يكون محاذيا لك، ولا من كونه أسفل منك أن يكون محاذيا لك، هذا ليس بلازم، لكن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه لإيراد التشكيك، نعم .
6 - كيف نرد على من يستدل بقوله تعالى : (( فأينما تولوا فثم وجه الله )) على نفي علو الله تعالى .؟ أستمع حفظ
قراءة الطالب للآيات الكريمات .
القارئ : ((رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح من أمر على من يشاء من عباد لينذر يوم التلاق يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))[غافر :17].
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا )) هذه هو مبتدأ درس اليوم ليس رفيع الدرجات ... وقفنا من ذلكم إلى آخره .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا )) هذه هو مبتدأ درس اليوم ليس رفيع الدرجات ... وقفنا من ذلكم إلى آخره .
فوائد قوله تعالى : (( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله ... )) .
(( ذلكم بأنه ... )) إلخ، في هذه الآية فوائد أولا: إثبات الأسباب لقوله: (( ذلكم بأنه )) فالباء للسببية وقد مر علينا كثيرا أن أهل السنة والجماعة يثبتون الأسباب للمسببات، ولكن لا على أنها فاعلة بنفسها بل بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة ... تؤخذ من قوله: (( ذلك بأنه )) لأن الباء للسببية.
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان ما عليه هؤلاء الكفار من كونهم إذا دعي الله وحده كفروا وإذا أشرك به أقروا هذا الشرك لقوله : (( بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الحكم لله لقوله تعالى : (( فالحكم لله )) وليس لغيره.
وحكم الله تعالى ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي، فالكوني: ما قضى به على عباده كونا وتقديرا والشرعي: ما قضى به على عباده شرعا وتنظيما، والحكمان موجودان في القرآن جميعا، فمن الحكم القدري قوله تبارك وتعالى : (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي )) ومن الحكم الشرعي قوله تعالى : (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) والفرق بينهما أن الحكم الشرعي يرضاه الله عز وجل، والحكم الكوني يتعلق فيما يرضاه وفيما لا يرضاه، والفرق الثاني أن الحكم الشرعي قد يقع من المحكوم عليه وقد لا يقع، وأما الحكم الكوني فإنه لابد أن يقع، فإذا حكم الله على شخص بموت أو مرض أو فقر أو عاهة أو غير ذلك وقع ولا بد، إذا حكم الله على شخص بأن يؤمن ويعمل صالحا فقد يقع وقد لا يقع.
وقوله: (( فالحكم )) هنا يشمل الأمرين جميعا، يستفاد من هذا أنه لا يجوز الحكم بالقوانين المخالفة للشريعة لقوله: (( فالحكم لله )) وهذه الجملة تفيد الحصر أي الحكم لله لا لغيره، والحكم للقوانين المخالفة للشريعة قد يكون كفرا وقد يكون ظلما وقد يكون فسقا، كما ذكره الله عز وجل على هذه الوجوه الثلاثة في سورة المائدة وهي من آخر ما نزل، فإن وضع الحكم القانوني شرعا نافذا فهذا كفر لأنه يقتضي رفع الحكم الشرعي وإحلال حكم آخر محله، وهذا كفر بما أنزل الله محبط للعمل، لأنه لا يمكن أن يرفع الحكم الشرعي إلا بعد كراهته إياه، وقد قال الله تعالى : (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) وعلى هذا فالذين يحكمون أممهم بالقوانين المخالفة للشريعة يعتبرون كفارا يجب عليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يحكموا بشريعة الله وإلا ماتوا كفارا والعياذ بالله، ونحن لا نحكم بهذا الشيء لكل واحد بعينه، إذ قد يكون بعضهم ملبسا عليه أو مغررا به أو تكلم عنده من يثق به فأضله، قد يكون هذا الذي وضع القانون غره من يقول إن الحكم الشرعي إنما يكون في ما بين الإنسان وبين ربه في العبادات والأحوال الشخصية والمواريث وأما مسائل الدنيا فهي لأهل الدنيا، ويشبه بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) فيأتي هذا الحاكم المسكين الذي لا يعرف عن الأمر شيئا والذي خدع بمظاهر الدنيا وزخارفها فيظن أن هذا هو الحق، فيضع القانون المخالف للشرع، فمثل هذا لا نحكم بكفره لأنه مغرر به مؤول، لكن إذا بين له ثم أصر حكم بكفره.
أما الثاني: الحكم بغير ما أنزل الله الذي يكون ظلما فهو الحامل عليه حب الاعتداء على الغير لا كراهة الشرع ولا الحكم بغير ما أنزل الله، لكن لكراهيته للغير حكم على الغير بغير ما أنزل الله ظلما وعدوانا، فهذا له حكم الظلمة وليس له حكم الكافرين، لأنه ما كفر، يقول أعرف ما جاء به الشرع هو الحق، لكن أريد أن أنتقم من هذا الرجل وأعتدي عليه فيكون هذا له حكم الظالم: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )).
أما القسم الثالث: فهو الذي حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه لا كراهة للحق ولا استبدالا له بغيره، لكن يريد شيئا في نفسه فحكم بغير ما أنزل الله، مثل أن يكون يهوى أن تكون له هذه الأرض أو هذه السيارة أو ما أشبه ذلك فيحكم بها لغرض، ليس قصده ظلم المحكوم عليه ولكن قصده إتباع الهوى، فيحكم فيكون بهذا من الفاسقين.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الحكم لله عز وجل في الدنيا والآخرة.
ولهذا قسم بعض العلماء الحكم إلى ثلاثة أقسام: كوني وشرعي وجزائي، الحكم الجزائي ما يكون في الآخرة ولكن الصحيح أن الحكم الجزائي لا يخرج عن كونه حكما كونيا لأنه فعل الله وحينئذ لا حاجة إلى كثرة التقاسيم، لأنه كلما أمكن اختصار التقسيم كان أولى، ولهذا والله أعلم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي أحيانا ويقول : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) مع أن هناك آخرين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، لكن كون الشيء يجزئ وتقلل أقسامه يكون أقرب إلى الفهم، ولهذا يفرق بين أن تعطي الماء لشخص عطشان دفعة واحدة أو أن تعطيه إياه على دفعات، الثاني أهنأ وأبرئ وامرئ كما جاء في الحديث أنه ينبغي للإنسان في شرابه أن يتنفس ثلاث مرات، الكأس مثلا إذا كنت عطشان لا تشربه جميعا تنفس فيه ثلاث مرات، اشرب ثم أبن الكأس عن فمك ثم رده ثم أبنه ثم رده حتى يكون ذلك أهنأ وامرئ وأبرئ .
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان ما عليه هؤلاء الكفار من كونهم إذا دعي الله وحده كفروا وإذا أشرك به أقروا هذا الشرك لقوله : (( بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الحكم لله لقوله تعالى : (( فالحكم لله )) وليس لغيره.
وحكم الله تعالى ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي، فالكوني: ما قضى به على عباده كونا وتقديرا والشرعي: ما قضى به على عباده شرعا وتنظيما، والحكمان موجودان في القرآن جميعا، فمن الحكم القدري قوله تبارك وتعالى : (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي )) ومن الحكم الشرعي قوله تعالى : (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) والفرق بينهما أن الحكم الشرعي يرضاه الله عز وجل، والحكم الكوني يتعلق فيما يرضاه وفيما لا يرضاه، والفرق الثاني أن الحكم الشرعي قد يقع من المحكوم عليه وقد لا يقع، وأما الحكم الكوني فإنه لابد أن يقع، فإذا حكم الله على شخص بموت أو مرض أو فقر أو عاهة أو غير ذلك وقع ولا بد، إذا حكم الله على شخص بأن يؤمن ويعمل صالحا فقد يقع وقد لا يقع.
وقوله: (( فالحكم )) هنا يشمل الأمرين جميعا، يستفاد من هذا أنه لا يجوز الحكم بالقوانين المخالفة للشريعة لقوله: (( فالحكم لله )) وهذه الجملة تفيد الحصر أي الحكم لله لا لغيره، والحكم للقوانين المخالفة للشريعة قد يكون كفرا وقد يكون ظلما وقد يكون فسقا، كما ذكره الله عز وجل على هذه الوجوه الثلاثة في سورة المائدة وهي من آخر ما نزل، فإن وضع الحكم القانوني شرعا نافذا فهذا كفر لأنه يقتضي رفع الحكم الشرعي وإحلال حكم آخر محله، وهذا كفر بما أنزل الله محبط للعمل، لأنه لا يمكن أن يرفع الحكم الشرعي إلا بعد كراهته إياه، وقد قال الله تعالى : (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) وعلى هذا فالذين يحكمون أممهم بالقوانين المخالفة للشريعة يعتبرون كفارا يجب عليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يحكموا بشريعة الله وإلا ماتوا كفارا والعياذ بالله، ونحن لا نحكم بهذا الشيء لكل واحد بعينه، إذ قد يكون بعضهم ملبسا عليه أو مغررا به أو تكلم عنده من يثق به فأضله، قد يكون هذا الذي وضع القانون غره من يقول إن الحكم الشرعي إنما يكون في ما بين الإنسان وبين ربه في العبادات والأحوال الشخصية والمواريث وأما مسائل الدنيا فهي لأهل الدنيا، ويشبه بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) فيأتي هذا الحاكم المسكين الذي لا يعرف عن الأمر شيئا والذي خدع بمظاهر الدنيا وزخارفها فيظن أن هذا هو الحق، فيضع القانون المخالف للشرع، فمثل هذا لا نحكم بكفره لأنه مغرر به مؤول، لكن إذا بين له ثم أصر حكم بكفره.
أما الثاني: الحكم بغير ما أنزل الله الذي يكون ظلما فهو الحامل عليه حب الاعتداء على الغير لا كراهة الشرع ولا الحكم بغير ما أنزل الله، لكن لكراهيته للغير حكم على الغير بغير ما أنزل الله ظلما وعدوانا، فهذا له حكم الظلمة وليس له حكم الكافرين، لأنه ما كفر، يقول أعرف ما جاء به الشرع هو الحق، لكن أريد أن أنتقم من هذا الرجل وأعتدي عليه فيكون هذا له حكم الظالم: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )).
أما القسم الثالث: فهو الذي حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه لا كراهة للحق ولا استبدالا له بغيره، لكن يريد شيئا في نفسه فحكم بغير ما أنزل الله، مثل أن يكون يهوى أن تكون له هذه الأرض أو هذه السيارة أو ما أشبه ذلك فيحكم بها لغرض، ليس قصده ظلم المحكوم عليه ولكن قصده إتباع الهوى، فيحكم فيكون بهذا من الفاسقين.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الحكم لله عز وجل في الدنيا والآخرة.
ولهذا قسم بعض العلماء الحكم إلى ثلاثة أقسام: كوني وشرعي وجزائي، الحكم الجزائي ما يكون في الآخرة ولكن الصحيح أن الحكم الجزائي لا يخرج عن كونه حكما كونيا لأنه فعل الله وحينئذ لا حاجة إلى كثرة التقاسيم، لأنه كلما أمكن اختصار التقسيم كان أولى، ولهذا والله أعلم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي أحيانا ويقول : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) مع أن هناك آخرين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، لكن كون الشيء يجزئ وتقلل أقسامه يكون أقرب إلى الفهم، ولهذا يفرق بين أن تعطي الماء لشخص عطشان دفعة واحدة أو أن تعطيه إياه على دفعات، الثاني أهنأ وأبرئ وامرئ كما جاء في الحديث أنه ينبغي للإنسان في شرابه أن يتنفس ثلاث مرات، الكأس مثلا إذا كنت عطشان لا تشربه جميعا تنفس فيه ثلاث مرات، اشرب ثم أبن الكأس عن فمك ثم رده ثم أبنه ثم رده حتى يكون ذلك أهنأ وامرئ وأبرئ .
8 - فوائد قوله تعالى : (( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله ... )) . أستمع حفظ
تتمة فوائد قوله تعالى : (( ... العلي الكبير )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العلو لله عز وجل لقوله: (( العلي )) وهو علو بنفسه وعلو بصفته، فصفاته عليا وهو نفسه سبحانه وتعالى فوق كل شيء.
وأدلة علو الله سبحانه وتعالى الذاتي خمسة أنواع: الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، أما الكتاب فمملوء من ذلك، أي من دلالته على أن الله فوق كل شيء على وجه متنوعة، تارة يصرح بأنه في السماء، وتارة يصرح بأنه استوى على العرش، وتارة يصرح بأن الأشياء تنزل منه، وتارة يصرح بأن الأشياء ترفع إليه وتصعد إليه وتعرج إليه، وكل هذا يدل على علو الله تعالى بذاته.
والسنة كذلك جاءت بأوجهها الثلاثة: قول وفعل وإقرار، فالقول ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( ربنا الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء والأرض ) وما كان يقول في سجوده: ( سبحان ربي الأعلى ) والفعل إشارته صلى الله عليه وسلم إلى السماء حين قال: ( اللهم اشهد ) والإقرار إقراره للجارية حينما قالت: إن الله في السماء لما قال لها: ( أين الله ؟)
وأما الإجماع فقد أجمع السلف على أن الله تعالى عال بذاته فوق كل شيء، ودليل هذا الإجماع أنه لم يرد عنهم حرف واحد ينافي ما دل عليه الكتاب والسنة من علو الله، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون به، وهذا من الطرق التي ذكرناها لكم فيما سبق أنه لو قال قائل: ائتوا لنا بحرف واحد من السلف يقول أن الله عال بذاته، نقول لا حاجة أن نأتي لكم بذلك لأن ورود ذلك في الكتاب والسنة من غير أن يأتي عنهم ما يعارضه يدل على قولهم به، وهم مجمعون على هذا، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله كلاما قال فيه: " والله يعلم أي بعد البحث التام ومطالعتي ما أمكن من كلام السلف لم أجد أحد منهم صرح بأن الله ليس في السماء وأن الأشياء لا تعرج إليه " وذكر نحو هذا، وعلى هذا نقول إن علو الله بذاته قد أجمع عليه السلف فمن قال بغير ذلك فقد شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين، ولكن الله اشترط قال : (( من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )).
وأما العقل فدلالته على علو الله ظاهرة لأننا نسأل أيهما أعلى صفة العالي أو السافل لقيل باتفاق العقلاء أن العالي أكمل، وإذا ثبت أن العلو كمال وجب أن يكون ثابتا لله عز وجل لأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال.
وأما الفطرة فاسأل عنها عجائز المسلمين، لا تسأل طلبة العلم اسأل العجوز: أين الله ؟ فتقول لك: في السماء، اسأل كل داعي إذا دعا أين يطير قلبه ؟ إلى السماء، وهذه الفطرة هي التي ألجمت أبا المعالي الجويني حين قال له أبو العلاء الهمداني: " يا شيخ دعنا من ذكر العرش " لما قال أبو المعالي: " إن الله كان ولا شيء " يعني لا عرش ولا غير عرش " وهو الآن على ما كان عليه " يريد نفي الاستواء، إذا كان ولا عرش وهو الآن على ما هو عليه لزم ألا يكون مستويا على العرش، فقال له: " يا شيخ دعنا من ذكر العرش " لأن دليله دليل استوائه على العرش دليل سمعي " لكن أخبرنا عن هذه الفطرة التي نجدها في نفوسنا ما قال عارف قد يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو " فلطم أبو المعالي على رأسه وقال: " حيرني الهمداني " تحير لأن هذا أمر فطري لا يمكن إنكاره أبدا، إن كان الإنسان ينكر أن يكون بشرا أنكر ما دلت عليه الفطرة، فالحاصل أن علو الله بذاته دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، وهو ولله الحمد لا يحتاج إلى منازعة، ولولا أن أهل البدع والتعطيل ألجئوا أهل السنة إلى الحديث عنه ما احتاج أن يتحدث الإنسان عنه لأنه أمر فطري لا يحتاج إلى كبير عناء، لكن هؤلاء المتكلمون المبتدعون المعطلون المحرفون المنحرفون هم الذين ألجئوا أهل السنة إلى أن يقولوا بمثل ذلك وأن يحاولوا إثبات هذه الأمور بما يستطيعون من الأدلة .
ومن فوائد الآية: إثبات الكبرياء لله والكبر لقوله: (( الكبير )) والله تعالى يجمع بين الكبرياء والكبْر والكبَر في غير ما آية قال الله تعالى : (( الكبير المتعال )) وهنا يقول: (( العلي الكبير )) لأن بذلك يحصل الكمال المطلق العلو والكبرياء والكبر فيه كمال الكمال.
وأدلة علو الله سبحانه وتعالى الذاتي خمسة أنواع: الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، أما الكتاب فمملوء من ذلك، أي من دلالته على أن الله فوق كل شيء على وجه متنوعة، تارة يصرح بأنه في السماء، وتارة يصرح بأنه استوى على العرش، وتارة يصرح بأن الأشياء تنزل منه، وتارة يصرح بأن الأشياء ترفع إليه وتصعد إليه وتعرج إليه، وكل هذا يدل على علو الله تعالى بذاته.
والسنة كذلك جاءت بأوجهها الثلاثة: قول وفعل وإقرار، فالقول ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( ربنا الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء والأرض ) وما كان يقول في سجوده: ( سبحان ربي الأعلى ) والفعل إشارته صلى الله عليه وسلم إلى السماء حين قال: ( اللهم اشهد ) والإقرار إقراره للجارية حينما قالت: إن الله في السماء لما قال لها: ( أين الله ؟)
وأما الإجماع فقد أجمع السلف على أن الله تعالى عال بذاته فوق كل شيء، ودليل هذا الإجماع أنه لم يرد عنهم حرف واحد ينافي ما دل عليه الكتاب والسنة من علو الله، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون به، وهذا من الطرق التي ذكرناها لكم فيما سبق أنه لو قال قائل: ائتوا لنا بحرف واحد من السلف يقول أن الله عال بذاته، نقول لا حاجة أن نأتي لكم بذلك لأن ورود ذلك في الكتاب والسنة من غير أن يأتي عنهم ما يعارضه يدل على قولهم به، وهم مجمعون على هذا، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله كلاما قال فيه: " والله يعلم أي بعد البحث التام ومطالعتي ما أمكن من كلام السلف لم أجد أحد منهم صرح بأن الله ليس في السماء وأن الأشياء لا تعرج إليه " وذكر نحو هذا، وعلى هذا نقول إن علو الله بذاته قد أجمع عليه السلف فمن قال بغير ذلك فقد شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين، ولكن الله اشترط قال : (( من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )).
وأما العقل فدلالته على علو الله ظاهرة لأننا نسأل أيهما أعلى صفة العالي أو السافل لقيل باتفاق العقلاء أن العالي أكمل، وإذا ثبت أن العلو كمال وجب أن يكون ثابتا لله عز وجل لأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال.
وأما الفطرة فاسأل عنها عجائز المسلمين، لا تسأل طلبة العلم اسأل العجوز: أين الله ؟ فتقول لك: في السماء، اسأل كل داعي إذا دعا أين يطير قلبه ؟ إلى السماء، وهذه الفطرة هي التي ألجمت أبا المعالي الجويني حين قال له أبو العلاء الهمداني: " يا شيخ دعنا من ذكر العرش " لما قال أبو المعالي: " إن الله كان ولا شيء " يعني لا عرش ولا غير عرش " وهو الآن على ما كان عليه " يريد نفي الاستواء، إذا كان ولا عرش وهو الآن على ما هو عليه لزم ألا يكون مستويا على العرش، فقال له: " يا شيخ دعنا من ذكر العرش " لأن دليله دليل استوائه على العرش دليل سمعي " لكن أخبرنا عن هذه الفطرة التي نجدها في نفوسنا ما قال عارف قد يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو " فلطم أبو المعالي على رأسه وقال: " حيرني الهمداني " تحير لأن هذا أمر فطري لا يمكن إنكاره أبدا، إن كان الإنسان ينكر أن يكون بشرا أنكر ما دلت عليه الفطرة، فالحاصل أن علو الله بذاته دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، وهو ولله الحمد لا يحتاج إلى منازعة، ولولا أن أهل البدع والتعطيل ألجئوا أهل السنة إلى الحديث عنه ما احتاج أن يتحدث الإنسان عنه لأنه أمر فطري لا يحتاج إلى كبير عناء، لكن هؤلاء المتكلمون المبتدعون المعطلون المحرفون المنحرفون هم الذين ألجئوا أهل السنة إلى أن يقولوا بمثل ذلك وأن يحاولوا إثبات هذه الأمور بما يستطيعون من الأدلة .
ومن فوائد الآية: إثبات الكبرياء لله والكبر لقوله: (( الكبير )) والله تعالى يجمع بين الكبرياء والكبْر والكبَر في غير ما آية قال الله تعالى : (( الكبير المتعال )) وهنا يقول: (( العلي الكبير )) لأن بذلك يحصل الكمال المطلق العلو والكبرياء والكبر فيه كمال الكمال.
تفسير قوله تعالى : (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب )) .
ثم قال الله تعالى وهو ابتداء درسنا اليوم: (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب )) هو الذي يريكم أي يظهر لكم آياته حتى تروها، والضمير يعود إلى الله، فهو الذي له الحكم وهو العلي الكبير، ومع ذلك لم يدع عباده هملا، بل أراهم آياته حتى يؤمنوا،
فقوله: (( هو الذي يريكم آياته )) أي يظهرها لكم حتى تروها عيانا، والآيات هنا العلامات الدالة على معلومها، وهي أبلغ من المعجزات وما أشبهها. وآيات الله سبحانه وتعالى نوعان: آيات كونية وآيات شرعية، فالآيات الكونية: هي مخلوقات الله عز وجل، والآيات الشرعية: هي الوحي الذي جاءت به الرسل، كل المخلوقات آيات من آيات الله (( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ))، (( ومن آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ))، (( ومن آياته خلق السماء والأرض وما بث فيها من دابة )) والأمثلة على هذا كثيرة كلها تدل على خالقها عز وجل وعلى تفرده بالخلق، وعلى حكمته وعلى رحمته، وعلى عزته إلى غير ذلك من معاني الربوبية التي تدل عليها هذه الآيات، وقد تكون آية واحدة تدل على عدة آيات وعلى عدة أوصاف، هذه الآيات الكونية قلت لكم أنها شاملة لكل المخلوقات وفي هذا يقول القائل:
فوا عجبا كيف يعصى الإله أو كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
كل شيء تأمل فيه تجد الدلالة الكاملة على أن له خالقا مدبرا حكيما عليما إلى غير ذلك من معان الربوبية.
أما الآيات الشرعية فهي ما جاءت به الرسل وقد أرانا الله تعالى إياها وأعطى الرسل عليهم الصلاة والسلام من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، فالرسل لم يأتوا هكذا يقولون للناس: نحن رسل إليكم، بل أتوا بالآيات الدالة على ما أرسلوا به وعلى مرسلهم.
(( هو الذي يريكم آياته )) إذن الآيات تشمل الكونية والشرعية البرق آية كونية: (( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا )).
فقوله: (( هو الذي يريكم آياته )) أي يظهرها لكم حتى تروها عيانا، والآيات هنا العلامات الدالة على معلومها، وهي أبلغ من المعجزات وما أشبهها. وآيات الله سبحانه وتعالى نوعان: آيات كونية وآيات شرعية، فالآيات الكونية: هي مخلوقات الله عز وجل، والآيات الشرعية: هي الوحي الذي جاءت به الرسل، كل المخلوقات آيات من آيات الله (( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ))، (( ومن آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ))، (( ومن آياته خلق السماء والأرض وما بث فيها من دابة )) والأمثلة على هذا كثيرة كلها تدل على خالقها عز وجل وعلى تفرده بالخلق، وعلى حكمته وعلى رحمته، وعلى عزته إلى غير ذلك من معاني الربوبية التي تدل عليها هذه الآيات، وقد تكون آية واحدة تدل على عدة آيات وعلى عدة أوصاف، هذه الآيات الكونية قلت لكم أنها شاملة لكل المخلوقات وفي هذا يقول القائل:
فوا عجبا كيف يعصى الإله أو كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
كل شيء تأمل فيه تجد الدلالة الكاملة على أن له خالقا مدبرا حكيما عليما إلى غير ذلك من معان الربوبية.
أما الآيات الشرعية فهي ما جاءت به الرسل وقد أرانا الله تعالى إياها وأعطى الرسل عليهم الصلاة والسلام من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، فالرسل لم يأتوا هكذا يقولون للناس: نحن رسل إليكم، بل أتوا بالآيات الدالة على ما أرسلوا به وعلى مرسلهم.
(( هو الذي يريكم آياته )) إذن الآيات تشمل الكونية والشرعية البرق آية كونية: (( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا )).
اضيفت في - 2011-05-25