تتمة فوائد قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )) .
1 - تتمة فوائد قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )) . أستمع حفظ
هل الإنسان مأجور على خطواته في الذهاب إلى المسجد والرجوع منه .؟
الشيخ : أي نعم، أما إذا جاء إلى المسجد فقد سمعت، وأما إذا رجع ففي قصة صاحب الحمار الذي كان بعيدا من المسجد فقيل له: ألا تشتري حمارا تركبه فقال: يا رسول الله إني أحتسب ممشاي إلى المسجد ورجوعي منه فقال : ( لك ما احتسبت ) فإذا احتسب الإنسان هذا فله ما احتسبه.
لكن يا إخواني أنا أقول لكم إنه يفوتنا كثيرا الاحتساب، نصلي نريد أن نؤدي الصلاة التي علينا فقط، لكن لا نشعر بأننا نحتسب أجرها وأننا سنجد أجر هذه الصلاة أو أجر هذا الوضوء أو أجر هذه الخطا، هذه تفوتنا كثيرا، والاحتساب له أثره لا من جهة الثواب، ولا من جهة أنه يحث المرء على العمل، لأن الإنسان إذا علم أنه إذا عمل جوزي يزداد عملا، لكن إذا عمل على أنه فرض عليه يؤديه فقط، صار كالذي يقضي الدين عن نفسه فيعطيه الدائن، ولذلك أنا أحث نفسي وإياكم على هذه المسألة مسألة الاحتساب، ومعنى الاحتساب أنه يريد بعمل الأجر والثواب قال الله تعالى : (( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا )) اسمع الاحتساب: (( يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا )) [الفتح :29] يحتسب الأجر من الله عز وجل، ونسأل الله أن يذكرننا ذلك ويعيننا عليه .
هل الذهاب إلى الأماكن بقصد الاعتبار خاص بأماكن تعذيب الأمم السابقة فقط .؟
الشيخ : لا، المراد الذين أهلكوا .
الطالب : الذي يذهب إلى مدائن صالح فهو على خطر عظيم، ولكن لو قال قائل: أنا لا أتأثر بالقرآن لكن أتأثر بمشاهدة هذه الأقوام السابقة لآخذ العبرة والعظة. ؟
الشيخ : صار ذهب ليأخذ العبرة، والإنسان الذي يذهب ليأخذ العبرة لا شك أنه سيتأثر، لكن كثير من الناس الآن يذهبون ليعتبروا بما عندهم من القوة لا بأخذ الله لهم.
هل يجوز أن أذهب إلى رجل عاص بقصد الدعوة .؟
الشيخ : ما فهمت أعطني القضية بدون مقدمات ونتائج. تقول هل يجوز أن أذهب إلى رجل عاصي ؟ ...
الشيخ : طيب اذهب، ما دمت تريد الذهاب للدعوة فاذهب إليه، إذا ضاق صدرك اصبر حتى الذي يدعوا الناس في السوق والمسجد يضيق صدره إذا رآهم على ما هم عليه، اصبر ما دمت تريد أن تدعوه، أما إن ذهبت تريد أن تكرمه فلا يجوز نعم .
سؤال عن حديث : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) .؟
الشيخ : صحيح هذه حجة، واحتج بها الصحابة على الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال : ( ما منكم من أحد إلا وكتب له مقعده من الجنة ومقعده من النار ) قالوا: يا رسول الله ففيما العمل فقال: ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) نقول أنت مكتوب أنك في الجنة أو في النار بسبب عملك، فاعمل بعمل أهل الجنة لتكون من أهلها .
هل في قوله تعالى : (( وإنكم لتمرون عليهم بالليل )) دليل على جواز الذهاب إلى أماكن المعذبين .؟
الشيخ : العلماء يقولون لا فرق، كل شيء تذهب ليتبين لك آثارهم وقوتهم وتعجب بهذه القوة فهو لا يجوز، نعم حكاية : (( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل )) هذه حكاية عن شيء واقع، كما قال الرسول: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) هل معنى ذلك أن الرسول يفسح لنا المجال ؟ هذا خبر عن أمر واقع أو سيقع، وكما أخبر أن المرأة تذهب من صنعاء إلى حضر موت لا تخشى إلا الله .
6 - هل في قوله تعالى : (( وإنكم لتمرون عليهم بالليل )) دليل على جواز الذهاب إلى أماكن المعذبين .؟ أستمع حفظ
قراءة الطالب للآيات الكريمات .
التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات )) بالمعجزات الظاهرات (( فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )).
وكما قلت لكم أن الآيات نوعان: آيات معنوية وهي ما يتضمنه الوحي الذي جاء به هؤلاء الرسل، وآيات حسية وهي ما يظهر من خوارق العادات، ولهذا قيل في تعريف الآية: " إنها أمر خارق للعادة يظهره الله سبحانه وتعالى على يد الرسول تأييدا له " هذه هي الآية، فهذه الآيات قال العلماء إنها تكون ـ أعني الآيات الحسية ـ تكون مناسبة للوقت الذي بعث فيه الرسول، واستشهدوا لذلك بأن موسى عليه الصلاة والسلام أعطي آيات سحرية ـ أي تشبه السحر ـ لكنها أقوى منه تغلبه، فيضع العصا وهي من خشب على الأرض فتنقلب حية تسعى، ويدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء تلوح من غير عيب أي من غير برص، وهذا لأنه في وقته كان للسحر طور عال مرتفع، فجاء بآيات تغلب ذلك السحر، ويظهر هذا حينما اجتمع مع السحرة في اليوم الذي وعدهم فيه، فألقوا حبالهم وعصيهم حتى خيل إليه من سحرهم أنها تسعى، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فقال الله تعالى: (( لا تخف )) وأمره أن يضع العصا فوضعه فإذا هي حية تلقف ما يؤفكون.
ثم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بعث في زمن ترقى فيه الطب ترقيا عظيما بالغا، فجاء بأمر يعجز عنه الأطباء، يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويحيي الموتى بإذن الله، بل يخرج الموتى من قبورهم بإذن الله، يقف على صاحب القبر فيخاطبه ويقول: اخرج فيخرج، وهذا أعظم من الطب الذي أتوا به.
أما محمد عليه الصلاة والسلام فقد بعث في وقت بلغت فيها البلاغة أوجها، وصار الناس يتفاخرون أيهم أبلغ، فيأتي الشعراء ويأتي الخطباء إلى أسواق الجاهلية عكاظ وغيره يتبارون في أشعارهم وخطبهم، فجاء هذا القرآن قاضيا عليها كلها وأعجزهم، وعجزوا عن أن يأتوا بآية منه مع أنهم هم أمراء البلاغة.
والمهم أنه لابد لكل نبي من آية يؤمن على مثلها البشر لأن الله سبحانه وتعالى حكيم ورحيم، حكيم لا يرسل شخص يقول للناس أنا رسول بدون بينة، ورحيم حيث أيد هؤلاء الرسل بالآيات من وجه، ورحم الخلق فجعل مع الرسل آيات من أجل أن تكون حجة الرسل مقبولة لديهم.
(( تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا )) الفاء عاطفة، وتدل عل مبادرة هؤلاء بالكفر وأنهم لم يتأملوا ولم ينظروا، وجه ذلك أن الفاء تدل على الترتيب والتعقيب، (( فكفروا )) أي بالرسل وبالبينات التي جاءوا بها (( فأخذهم الله )) أي أهلكهم (( إنه قوي شديد العقاب )) أهلكهم الله سبحانه وتعالى بعامة إلا من آمن، ثم بين أن هذا الأخذ شديد لقوله: (( إنه قوي شديد العقاب )) قوي أزلا وأبدا فلم يسبق قوته ضعف ولا يلحقها ضعف، أما البشر فإنهم ضعفاء أولا ونهاية، ومنتهى قوتهم أيضا ليس بشيء، حتى وإن بلغ الإنسان أشده وبلغ غاية قوته فإنه ليس بشيء، أما الرب عز وجل فإنه قوي أزلا وأبدا (( شديد العقاب )) هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، المعنى: عقابه شديد، الشديد يعني الصلب القوي الذي تحصل آثاره على من عوقب .
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات )) بالمعجزات الظاهرات (( فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )). أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )) .
ومن فوائدها أنه من أمة إلا خلا فيها نذير وجاءها رسول .
ومن فوائدها أن الرسل عليهم الصلاة والسلام بعثوا بالآيات البينة الظاهرة .
ومن فوائدها إقامة الحجة على الخلق بإرسال الرسل أولا ثم بتأييدهم بالآيات البينات التي لا تدع مجالا للشك أو للإنكار.
ومن فوائد هذه الآية أن هؤلاء الذين أرسل إليهم لم يشكروا النعمة بل بادروا بالكفر والتكذيب .
ومن فوائدها أنه لو تأمل العاقل ما جاءت به الرسل ما أدى ذلك إلى كفره، لكن غالب المكذبين للرسل يبادرون بالتكذيب قال الله تعالى : (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون )) .
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات الأسباب، وأن الله تعالى ربط المسببات بأسبابها، وهذا يدل على تمام حكمة الله وأنه عز وجل لم يفعل شيئا عبثا ولا لمجرد المشيئة، خلافا لمن قال من الجبرية وغيرهم أن الله تعالى يفعل ما يشاء لمجرد المشيئة وليس لحكمة، وأنكروا حكمة الله وقالوا أن الحكمة تقتضي النقص، وهذا من غرائب الأفهام، الحكمة تقتضي النقص ؟ قالوا: نعم، لأن الحكمة غرض فإذا فعل لكذا فإنه محتاج لهذا الغرض، فيقال لهم تبا لكم ولأفهامكم، الحكمة هي غاية الحكم، أي أن الحكمة أكبر ما يدل على البعد عن السفه واللعب.
وأما قولكم أن الحكمة غرض فإذا قلتم أن الله فعل كذا لكذا لزم من ذلك أن يكون الله محتاج إليه فيقال: الحكمة التي يشرع الله الشرائع من أجلها لا تعود إلى نفسها إلا من حيث الكمال فقط، أما المصلحة فالذي ينتفع بها الخلق، أما الله عز وجل فإن حكمته لا تعود إليه بشيء سوى بيان كمال صفاته عز وجل.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات القوي اسما من أسماء الله، وهو من الأسماء اللازمة، قادر من الأفعال المعتدية، لكن القوي من اللازم، وعلى هذا فلابد من إثباته وإثبات ما دل عليه من الصفة وهي القوة.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى شديد العقاب، ولكن لم عصاه .
ومن فوائدها التحذير من مخالفة الله لأنه قوي وشديد العقاب، فيا ويح من خالف أمر ربه سيتعرض لشدة العقاب من ذي قوة لا يلحقها ضعف: (( إنه قوي شديد العقاب )).
9 - فوائد قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )) . أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) .
(( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) موسى هو ابن عمران أفضل أنبياء بني إسرائيل وأعظمهم وأشدهم، وهو من أشد الأنبياء وأقواهم، ويدلك على ذلك ما فعله قبل النبوة وما فعله بعد النبوة، فقبل النبوة مر برجل من قومه يخاصم رجلا من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه، وهذا يدل على قوته وشدته، وبعد النبوة لما رجع ورأى أنهم أشركوا بالله غضب غضبا شديدا فألقى الألواح التي كتب الله فيها التوراة، ألقاها، قال بعضهم فتكسرت، ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه هارون وهو نبي من الأنبياء مشارك له في النبوة: (( أخذ برأس أخيه يجره إليه قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي )) (( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح )) هذا يدل على قوته وشدته عليه الصلاة والسلام، وهذا من الحكمة لأنه أرسل إلى أعتى أهل الأرض وهو فرعون، ولهذا قابله بالقوة قال له: (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا )) وهذه قوة تدل على قوته عليه الصلاة والسلام.
أرسله الله تعالى أيضا إلى قوم عتاة وهم بنو إسرائيل، ولهذا لا يوجد شعب من الشعوب فيما نعلم مثل بني إسرائيل في العتو والنفور والاستكبار إلى حد أنه لما كتب عليهم القتال قالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا، وليتهم اقتصروا على ذلك، فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، سنقعد على الفرش ولا نتحرك وأنت وربك اذهبا فقاتلا: (( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون )) فلهذا كان من الحكمة أن يكون هذه الرسول على هذا النحو من الشدة لمناسبة من أرسل إليهم من فرعون وبني إسرائيل.
وقوله: (( بآياتنا وسلطان مبين )) آياتنا: جمع تدل على أن معه آيات متعددة وهو كذلك (( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم )) إلى آخره، فهو أوتي آيات أعظمها وأشدها وأبينها حسا آية العصا، فإنها من آيات الله الحسية العجيبة الغريبة، عصا يهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى، ويتوكأ عليها، إذا ألقاها صارت حية عظيمة تلقف كلما أمامها، وإذا حملها عادت عصا، وإذا ضرب بها الحجر تفجر ماء، هذه العصا آية من آيات الله عز وجل، يعني تأمل الآن فكر مدى كثرة العصي والحبال التي ألقاها السحرة كثرتها وتنوعها ثم ألقى هذا العصا فصار يلقف كل ما يأفكون، وأنا أتعجب أين البطن الذي يسع هذه الأشياء ؟ لكن آيات الله تعالى تبهر العقول، وإلا فتقول كيف حية بمقدار العصا تلقف كلما ألقوا من الحبال والعصي، فأين تذهب ؟ نقول: لا تسأل أين تذهب، أنت صدق وآمن بهذا، وكيف تذهب إلى الله عز وجل، ولا مانع أن تكون هذه الأشياء إذا مضغتها صارت الشيء الكبير شيئا صغيرا.
أرسل الله موسى بآياتنا وسلطان مبين، السلطان: كل ما يكون للإنسان به سلطة، أي حجة وقوة، ويختلف باختلاف السياق، فالسلطان بالنسبة للأب مع أولاده في التأديب سلطان ضرب، والسلطان فيمن دعوا إلى الله عز وجل سلطان بيان، والسلطان أيضا فيمن جودل سلطان حجة، وهو يختلف باختلاف المواضع، المهم أنه ما كان فيه سلطة على الغير فهو سلطان.
وقوله: (( مبين )) يحتمل أن تكون من اللازم ويحتمل أن تكون من المتعدي، وذلك أن أبان الرباعي يكون لازما ويكون متعديا، فتقول: أبنت له الحق، وتقول: أبان الصبح، أي بان وظهر، فهي رباعية صالحة للتعدي واللزوم، فإن قال قائل: كيف يكون فعلا واحدا صالحا للتعدي واللزوم ؟ قلنا: نعم يصلح، اللغة العربية واسعة، رجع فعل ماضي ثلاثي يكون لازما ويكون متعديا، (( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة )) هذا لازم، (( فإن رجعك الله إلى طائفة منهم )) هذا متعدي، فلا مانع من أن يكون الفعل الواحد لازم في سياق متعديا في سياق آخر ومن ذلك أبان، فهل قوله سبحانه وتعالى: (( وسلطان مبين )) معناها بين أو مبين مظهر للحق ؟ ننظر أيهما أبلغ البين في نفسه أو المبين لغيره ؟ الثاني، لأن المبين لغيره لابد أن يكون بينا في نفسه، وعلى هذا فكلمة مبين من المتعدي تكون أشمل وأوسع معنى، وما كان أشمل وأوسع معنى فإنه يؤخذ به، ولا نقول يترك الثاني، لأن الثاني داخل في الأول، طيب .
فوائد قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) .
ومن فوائد الآية أن الله سبحانه وتعالى يكرر ذكر قصة موسى ويبسطها تارة، ويختصرها تارة وينوعها، فهي جمعت بين الكثرة والتنويع من حيث الأسلوب، والتنويع من حيث البسط والاختصار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عاش في قوم مشركين أول الرسالة، وفي قوم يهود بعد الهجرة، ولهذا جاءت السور المكية يذكر فيها قصة موسى ببسط واختصار تارة، لأجل أن يتهيأ النبي صلى الله عليه وسلم لمجادلة اليهود الذين ستكون الهجرة إلى بلد هم ساكنون فيه، ولهذا لا تجد قصة نبي مثل قصة موسى عليه الصلاة والسلام لا في تنوعها ولا في تكرارها ولا في أسلوبها .
من فوائد الآية الكريمة فضيلة موسى صلى الله عليه وسلم، وذلك بما أكرمه الله به من الرسالة .
ومن فوائد الآية الكريمة أن موسى عليه السلام أوتي آيات، وبين الله تعالى في آيات أخرى أنها تسع آيات.
ومن فوائدها أن موسى أوتي سلطانا أي سلطة وقوة في إقامة الحجة وفي غير ذلك لقوله: (( وسلطان مبين )).
وإذا أردت أن تعرف شيئا من سلطانه الذي آتاه الله فانظر إلى محاورته في سورة الشعراء مع فرعون حيث ألجمه وألقمه حجرا، وفي النهاية توعده بالقوة يقول فرعون: (( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين )) هذه كلمة إرهاب (( لأجعلنك من المسجونين )) أشد إرهابا مما لو قال: لأسجننك، لأنه كأنه يقول عندي أناس سجناء كثيرون وأنا قادر على سجنهم وسأجعلك من بينهم فيكون هذا أشد في الإرهاب مما لو قال: لأسجننك .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة ما أشرنا إليه في الآية التي قبلها أنه ما من رسول أرسل إلا وأوتي آيات بينات تدل على صدقه، وهذا من حكمة الله ومن رحمة الله .
هارون عليه السلام هل أرسل مع موسى أم هو نبي .؟
الشيخ : لا رسول، ألم يقولا لفرعون: (( إنا رسولا رب العالمين )).
ما معنى حديث : ( ما من نبي أرسل إلا أوتي من الآيات ما على مثله يؤمن البشر ) .؟
الشيخ : يعني مثل الآيات التي جاء بها ... عددا أو كيفية، ( ما على مثله يؤمن البشر ) بحسب الذين أرسل إليهم، يعني معناه إن الآيات التي يأتي بها الرسل يؤمن البشر على مثلها، يعني أنها آيات مقنعة نعم .
قد يستعمل بعض العلماء ألفاظ في الجرح والتعديل فيقولون هذا الرجل كعصى موسى تلقف ما يأفكون والبعض قد يتسلى بها .؟
الشيخ : أنا أرى أن المحدثون الذين يقولون هذا ـ نسأل الله لهم العفو ـ لا ينبغي أن يقولوا هكذا لأنه يخشى أن تستعمل استهزاء، وإن كان المحدثون لا يريدون هذا إطلاقا، فالأولى أن يقال هذا الرجل مثل آية وهذا الرجل واسع الاطلاع، هذا الرجل واسع العلم وما أشبهه.
الطالب : كذلك يقولون: فلان يملك عصا موسى السحرية ؟
الشيخ : هذا أيضا لا يجوز، هذا أشد، لأن قوله عصا موسى السحرية يعني أن ما جاء به سحر، وهذا خطير.
14 - قد يستعمل بعض العلماء ألفاظ في الجرح والتعديل فيقولون هذا الرجل كعصى موسى تلقف ما يأفكون والبعض قد يتسلى بها .؟ أستمع حفظ
ما الدليل على أن الله يحاسب الناس في يوم .؟
الشيخ : أولا: أحاديث وردت في هذا، والثاني: قوله تعالى: (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )) والمقيل لا يكون إلا في نصف النهار.
في قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات )) كيف استفدنا منها إثبات الأسباب .؟
الشيخ : الباء للسببية .
16 - في قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات )) كيف استفدنا منها إثبات الأسباب .؟ أستمع حفظ
ما الفرق بين الفعل اللازم الذي يتعدى بحرف الجر والفعل المتعدي .؟
الشيخ : يقولون ما تعدى بنفسه فهو متعدي، وما لم يتعدي إلى بحرف جر فهو لازم، يعني الذي ينصب المفعول به هو المتعدي، وبعضهم أيضا قال فيه علامة ثانية ـ هو له علامات منها هذه ـ ومنها أنه يصح منه صوغ اسم المفعول المتعدي، وذاك لا يصح منه صوغ اسم المفعول إلا بمتعلق.
ما المقصود بالسلطان الذي أرسل به موسى في قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) .؟
الشيخ : أما قلنا قوة الحجة، السلطان في كل موضع بحسبه.
18 - ما المقصود بالسلطان الذي أرسل به موسى في قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) .؟ أستمع حفظ
سؤال عن معنى قوله تعالى : (( تلقف ما يصنعون )) .؟
الشيخ : لا، لا.
الطالب : كما في قوله تعالى: (( وإن يسلبهم الذباب شيئا )) ... ؟
الشيخ : لا، هو على كل حال إذا دخل في فمها لابد أن يتحلل بسرعة، لكن على مرأى الناس يرونها تلقف تأكل، ... نحن ذكرنا هذا قلنا يمكن هذا.
الطالب : مثل قول القحطاني: الله صيرني عصا موسى يتلقف مثل الثعبان ؟
الشيخ : هذا من باب المشابهة، من باب التشبيه، فرق بين هذه وبين ما ذكره الأخ، هذا يقول كأنني عصا موسى يلقف حججكم الضعيفة والباطلة.
سؤال عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم الحسية .؟
الشيخ : القرآن، نعم هذا ربما نقول هكذا صحيح، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم محمد أتى بمعجزات حسية وأتى بمعجزات معنوية، له معجزات حسية عظيمة، انشقاق القمر معجزة، نبع الماء من بين أصابعه معجزة، فوران الماء من البئر التي نضب ماءها لما مج فيها شيء من فمه معجزات حسية، ما هو بعيد أن أكمل الناس عقولا هم من هذه الأمة كما أخبر الرسول أن الله أكمل به الأخلاق .
ما قولكم إنه لا ينبغي أن يقال في تعديل شخص إنه كعصى موسى فإن المحدثين يقصدون قوة كشفه للكذابين والوضاعين للحديث .؟
الشيخ : أي نعم، لأنا نقول أن عصا موسى عليه السلام صار آية تلقف كل ما يؤفكون، وهذا الرجل مهما كان لا يمكن أن يستوعب.
21 - ما قولكم إنه لا ينبغي أن يقال في تعديل شخص إنه كعصى موسى فإن المحدثين يقصدون قوة كشفه للكذابين والوضاعين للحديث .؟ أستمع حفظ
في قوله تعالى : (( فينظروا كيف كان عاقبة )) هل الفاء هنا ناصبة .؟
الشيخ : ما نصبت ! كيف ما نصبت ؟ بماذا تنصب الأفعال الخمسة ؟ حذف النون، وهذه ( ينظروا ).
قراءة الطالب للآيات الكريمات .
مناقشة تفسير قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين )) .
الشيخ : الباء في قوله: (( بآياتنا )) ما معناها ؟ للمصحابة أو بيان لما أرسل به فتكون للتعدية.
الشيخ : ما هي الحكمة من الآيات التي يعطيها الله الرسل ؟
الطالب: لكي يبين صدق هؤلاء الرسل فيؤمن على مثلها البشر.
الشيخ : تأييدا للرسل ورحمة بالمرسل إليهم طيب.
الشيخ : قوله: (( وسلطان مبين )) ما معنى قوله: (( وسلطان مبين )) ؟ هل معناه أنه أرسله ليكون ملكا على فرعون أماذا ؟
الطالب: السلطان الحجة ومبين ظاهر أو مظهر .
الشيخ : أو كلاهما، وكل شيء للإنسان فيه سلطة يسمى سلطانا سواء كان حجة أو علم أو سلاح أو غير ذلك، طيب.
الشيخ : تسع الآيات التي أرسل بها موسى عدها علينا ؟
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، أولا: العصا، ثانيا: اليد، ثالثا: الجراد ...
الشيخ : الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، كم هذه ؟
الطالب: هذه سبع، انفلاق البحر.
الشيخ : ثمان.
الطالب: نقص الثمرات.
الشيخ : السنين ونقص من الثمرات، طيب وبعضهم قال ضرب الحجر بالعصا فيتفجر، طيب، فيه احتمال في الواقع أما لبني إسرائيل فيدخل فلق البحر وكذلك انفجار الماء من الحجر، لكن هذه الثنتين ليس لآل فرعون، ولكن لهم السنين ونقص الثمار بالإضافة إلى السبع السابقة.
نبدأ من الآن قال: (( إلى فرعون )) متعلق بأرسلنا، وفرعون هو حاكم مصر الذي ملكها وسلط على بني إسرائيل، فكان يقتل أبناءهم ويستحيي نسائهم، قيل أنه كان يفعل ذلك من أجل أنه قال له بعض الكهنة إنه سيكون في بني إسرائيل رجل يكون زوال ملكك على يده هذا قول.
وقول آخر إنه فعل ذلك إذلالا لهم وإهانة، لأنه إذا قتل الرجال وبقي النساء هلكت الأمة، وهذا القول أقوى، وذلك لأن القول الأول معتمده النقل عن بني إسرائيل، ومعلوم أن النقل عن بني إسرائيل لا يصدق ولا يكذب، والمعنى المعقول لكونه يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم هو إذلال هذا الشعب، وهو قلة بالنسبة للأقباط.
(( إلى فرعون وهامان )) هامان وزير فرعون، وقارون.