تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها )) الذي أمر به من فيها من الطاعة والعبادة (( وزينا السماء الدنيا بمصابيح )) بنجوم (( وحفظا )) منصوب بفعله المقدر : أي حفظناها من استراق الشياطين السمع بالشهب (( ذلك تقدير العزيز )) في ملكه (( العليم )) بخلقه .
الطالب: القَدْر والقَهْر والامتناع
الشيخ : عزة القَدْر وعزة القَهْر وعزة الامتناع، معناها عزَّة القدْر:
الطالب: أنَّه ذو قدْرٍ عظيم وشرَفٍ عظيم
الشيخ : نعم أي أنَّه ذو قدْر عظيم وشرف عظيم لا يشارِكُه فيه أحد، عزة القهر؟ القاهر الذي يَغْلِبُ ولا يُغْلَب، طيب عزة الامتناع؟
الطالب: لا يناله سوء يمتنع أن يناله سوء
الشيخ : نعم يمتنع أن يناله سوءٌ أو نقص، أما قوله: (( العليم )) فهي صفة مُشَبَّهَة ويجوز أن تكون مِن باب المبالغة، لأن (فعيل) يصِح أن تكون صفة مشَبَّهَة ويصح أن تكون صيغة مبالغة، ومعناه: ذو العِلْم، وعِلْمُ الله تعالى واسع عالِمٌ بما كان وما يكون لو كان كيف يكون وقد سبق لنا الكلام عليه مرارًا لا حاجة إلى إعادته، (( فإن أعرضوا )) نبدأ الآن في فوائد الآيات مِن أين؟ ... طيب
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها )) الذي أمر به من فيها من الطاعة والعبادة (( وزينا السماء الدنيا بمصابيح )) بنجوم (( وحفظا )) منصوب بفعله المقدر : أي حفظناها من استراق الشياطين السمع بالشهب (( ذلك تقدير العزيز )) في ملكه (( العليم )) بخلقه . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ الإيمان وحدَه لا يكفي حتى يقتَرِن بعمَل، لكن إذا أُطْلِق الإيمان شمَل العمل، وإن ذُكِرَ معه العمل صار العمَل علَانِيَة والإيمانُ سِرًّا مثل: (( إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) هنا جُمِع بين الإيمان والعمل فيكون الإيمان في القلب والعمل في الجوارح.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة دَوَام نعِيم المؤمنين العَامِلين الصالحات، لقوله: (( لهم أَجْرٌ غيرُ ممنون )) أي لا يُقْطَع كما قال تعالى: (( ولهم رِزْقُهم فيها بكرة وعشية )).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ أجرَ الآخرة خيرٌ مِن أجرِ الدنيا وثوابِها وجه ذلك: أنَّ أجرَ الآخرة غير مقطوع بل هو مستمِرّ دائِمًا وغير ممنون به أيضًا بل يُعطَى الإنسان بدون مِنَّة، وأما ثواب الدنيا فإنه بالعكس
فوائد قوله تعالى : (( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّه ينبغي تأكيد ما يمكن أن يُنفَى أو يُشَكّ فيه وجهه: أنه أكد ذلك بقوله: (( أئنكم لتكفرون )) وإلا فيكفي أن يقول: قل لقد كفرتم أو قل كفرتم، لكن لَمَّا كان هذا أمرًا يُشَكُّ فيه ويقال: هؤلاء لم يكفروا بالله بل آمنوا به، لأنهم يؤمنون بأنَّ الله موجود وبأن الله خالق السماوات والأرض. لكن إذا لم يتِّبِعُوا شرعَه فهم كافرون به ولو أقَرُّوا بوجوده.
ومِن فوائد الآية الكريمة بيانُ قُدْرَةِ الله عز وجل وبيانُ حكمته في خلق السماوات والأرض حيث خلَقَ هذه الأجرام العظيمة الكبيرة الواسعة في خلال ستة أيام، أما الحكمة فوجهه: أنَّ الله جل وعلا كان قادرًا على أن يخلُقَها بايش؟ بلحظة واحدة: كن فيكون لكنَّه جل وعلا ربَط الأسباب والمسببات وجعلَها تتفاعَل شيئًا فشيئًا حتى تنتهي، هذا مِن وجه ومِن وجه آخر أنَّه أخَّرَ ذلك ليعَلِّمَ عبادَه التَّأَنِّي في الأمور.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ خلْق الأرض قبل خلْق السماء، لأنه لَمَّا ذكَرَ خلقَ الأرض في أربعة أيام قال: ثم استوى إلى السماء وهذا كقوله تعالى في سورة البقرة: (( هو الذي خَلَق لكم ما في الأرْض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسَوَّاهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم )) ولكنَّ هذا يعارِضُه ظاهِرُ قوله تعالى: (( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها * وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها )) فهنا ذَكَر أنَّ الأرض دُحِيَت بعد خلق السماء فهل المراد بالدَّحْو شيءٌ سِوى الخلق؟ أو إنَّ البَعْدِيَّة هنا بعدِيَّة ذِكْر يعني كما يقولون: هذا ترتيب ذِكْرِي وليس ترتيبًا زمنِيًّا، في هذا وجهان: الوجه الأول أنَّ الدحوَ ليس الخلق بل هو شيءٌ آخر فسره الله في قوله: (( أخرَج منها مائَها ومرعاها)) هذا الدَّحْو وإخراجُ الماء والمرعى شيءٌ زائد على الخلق والتكوين، وأما الوجه الثاني: فإنَّ البَعْدِيَّة هنا بعدِيَّةُ ذِكْر وهو ما يعرف عند علماء النحو بالترتيب الذِّكْرِي ومنه قول الشاعر: " إنَّ مَن سَاد ثم سَاد أبوه ثم ساد مِن بعْدِ ذلك جَدُّه " فتجد الآن الترتيب على خلاف الترتيب الزمَنِي لكنَّ هذا يُسَمَّى ترتيبًا ايش؟ ذِكْرِيًّا، يحتمل وجهين ولكن الوجه الأول أولى أن يقال: إنَّ الدَّحْو ليس الخلق، الخلق والتكوين شيء والدَّحْو شيء آخر والدليل أنَّ الله تعالى قال في الدَّحْو مفَسِّرًا إياه قال: (( أخرج منها مائَها ومرعَاها )) أفهمتم الآن؟ إذًا لا معارضة بين الآيتين، لِتَنَزُّلِ كُلِّ واحدةٍ منهما على وجهٍ لا يعارضُ الوجهَ الآخر، واعلم أنَّه ينبغي للإنسان إذا رأى آيتين ظاهرُهما التَّعارض ألا يُسرِع في الحكم بالتعارُض، لأنَّه لا يمكن أن تتعارَض آيتان مِن كُلِّ وجْه كما ذكرْنا ذلك في أصول التفسير، ولكن لِيَتَأَنَّى ولْيَتَأَمَّلْ ولْيُفَكِّرْ فإن أدرَك ألَّا تعارُضَ فهذا المطلوب وإلا وجَب أن يسْأَل أهل العلم، فإن لم يتَبَيَّن له الأمر وجَب عليه التوَقُّف وصارت هذه مِن الآيات المتشابهات التي يجِب أن يقول فيها: آمنا بِه كُلٌّ مِن عند ربِّنا، وقد ذكرنا لكم فيما مضى أنَّ مِن العلماء مَن ألَّف في الآيات التي ظاهِرُها التعارض وجمَعَ بينها وذكرْتُ لكم أنَّ مِن أحسن ما رأيت ما ألَّفَه الشيخ الشنقيطي رحمه الله (دفْعُ إيهَامِ الاضطِرَاب عن آيِ الكِتَاب).
ومِن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ نَوْع الكفر الذي حصَل مِن هؤلاء المخاطَبِين: الشرك، لقوله: (( وتجعلون له أندادًا )) وجَعْلُ الأنداد له أنواع كثيرة: إما أن يُجعَلَ له أندادًا في الذات فيقول: إنَّ الله له مثِيل كما فعلَتِ النصارى حيث قالوا: إنَّ الله ثالِثُ ثلاثة، وكما فعَل الممَثِّلَة الذين مَثَّلُوا صفاتِ الله بصفاتِ خلْقِه فإنَّ هذا مِن الشرك، وقد يكون ندًّا في العبادة يعبدُه وإن كان لا يرى أنَّه مِثْلُ الله لكن يعبدُه ويدَّعِي أنَّه إنما عبَدَه لِيُقَرِّبَه إلى الله عز وجلن وقد يكون هناك أنداد في المحبة يُحِبُّ الشيء كما يُحِبُّ الله والعجَب أنَّ الشيطان يجرِي مِن ابن آدم مجرى الدم فيُحِبُّ الشخص ويتعلَّق به كثيرًا ويقول: أنا أحِبُّه لله والحقيقة أنَّه يحِبُّه مع الله وليس لله، الذي يحِبُّ الشخص لله تكون المحبَّة الأصلية ما هي؟ محبَّةُ الله وهذا أحبَّه لأنه يُحِبُّ الله، لكن الذي يجعل قلبَه منصرِفًا إلى هذا المحبوب لا يفَكِّرُ إلا به ولا ينام إلى على ذِكرِه ولا يستيقِظُ إلا بذِكرِه هذا لم يُحِبَّه لله بل أحبَّه مع الله، وهذا شرْك كما قال تعالى: (( ومِن الناس مَن يتَّخِذُ مِن دون الله أندادًا يحِبُّونَهم كحُبِّ الله ))، كذلك مِن النِّدّ أن يتعلَّقَ قلْبُ الإنسان بالمخْلُوق خوفًا ورجاءً لا محبة: خوفًا ورجاءً، بحيث يعتمِد عليه في تحصِيل معاشِه أو في دفع الضَّرَر عنه وهذا يقَع كثيرًا ولاسيَّمَا بعد فتحِ المستشْفَيات فإنَّ أكثرَ الناس يتعلَّق قلبُه بايش؟ بالمستشفى تجده إذا مرِض قال: .. هين أروح أصرف حبة أو حبتين، ما يقول: يا رب عافِني أو يلْجَأ إلى الله، على طُول روح حبة ولَّا حبتين ولَّا ثلاثة مع أنه ربما يكون هذا الطبيب الذي اعتمَدَ عليه ورجاه كافِرًا ملحِدًا، هذا أيضًا مِن اتِّخَاذ النِّدِّ لله ولهذا كان ضرَرُ المستشفيات الآن مع ما فيها من نَفْع وخَيْر كثير والحمد لله لكن كان فيها ضَرَر عظيم، لأنَّ الناس الآن صاروا يُعَلِّقون آمالهم ويُجْلُون آلامَهم بايش؟ بالمستشفيات، أبدًا لو يجي الإنسان لو تقُطّه الشوكة: يلَّا المستشفى طلِّعها بظفرك ولَّا طلعها بالمقياش قال: المستشفى، لا إله إلا الله، المرأة إذا جاها الطَّلْق وصارَت تُطْلِق طلقًا عادِيًّا ايش يعمل؟ المستشفى، والمستشفى ماذا يقول؟ والله هذه مسألة خطيرة لا بد مِن قَيْصَرِيَّة القيصرية هذه نشق البطن، ثم يبقى عندها عشرة شُقُوق في بطنها إذا ولدت عشرة أولاد يبقى هذا البطن ما يتحمل أي حمْل لو حمل انفجر، كلُّ هذا نوع مِن الشرك، لا تلجَأْ الى المستشفى إلَّا للضرورة القصوى اجعل رجائَك دائمًا معلَّقًا بالله وقل: إن الذي خلقَنِي وأوجَدَنِي أوّلَ مرة قادِر على أن يُزِيلَ ما نزَلَ بي مِن مرض أليس كذلك؟ وهو أقدَر مِن كُلِّ أحد يزيلُه عز وجل بدون أي عملية وبدون حبوب وبدون مياه وبدون إبَر، المهم أنَّ اتخاذ الأنداد ليس خاصًّا بشيءٍ معَيَّن، يكون في أشياء كثيرة، فإياك أن يكون لك نِدّ حتى إنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( تعِسَ عبدُ الدينار تعِسَ عبْدُ الدِّرْهم تعِسَ عبدُ الخميصة تَعِس عبْد الخمِيلة ) مَن عابدُ هذه؟ هل الإنسان يضَع الدينار فوقه ويسجد له ويركع؟ لا ولا كذلك الدرهم ولا الخميصة ولا الخميلة لكن لَمَّا كان قلبُه معلَّقًا بهذا الشيء إن أُعطِي رَضِي وإن لم يُعْط سخِط صار عبدًا لها نسأل الله أن يُعِيذنا وإياكم من ذلك.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة بيان امتِناع النِّدِّ لله عز وجل لقوله: (( ذلك رب العالمين )) وجه الامتناع: أنَّه رب العالمين وأيُّ نِدٍّ يكون ربَّ العالمين؟ ماذا تقول يا أسامة أجب؟ ما هو؟ أين ذهبْتَ؟
الطالب: لا لا أسمع ..
الشيخ : تسمع ولكنك لا تعِي، لأن القلب غير حاضر أليس كذلك؟ نعم ولَّا بلى؟ الظاهر .. مقْتَرَف الذنب يُعفَى عنه، أقول: في هذا في قوله: (( ذلك رب العالمين )) دليل على ايش؟ على أنه لا يمكن أن يكون أحدٌ نِدًّا لله لماذا؟ لأن مَن يمكن أن يُقال: إنه رب العالمين؟ لا يمكن، فهو رَبّ وما سواه مرْبُوب إذًا ما سواه لا يصِح أن يكُون نِدًّا له.
ومن فوائد الآية الكريمة عموم ربوبِيَّة الله عز وجل لكُل ِّالعالم لقوله: (( ذلك رب العالمين )).
ومن فوائدها وجوب الخضوع له شرعًا كما أننا نخضَع له قدرًا، لأن هذا مقتضى الربوبية: أن تخضَع لهذا الرب شرعًا كما أنَّك خاضِعٌ له قدرا، كُلٌّ خاضِع لله قدرًا (( ولله يسجد مَن في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا )) هذا السجود ايش؟ القَدَرِي فيجِب أن تخضَعَ له شرعًا وأن تتذَلَّلَ له تكون أمامَه ذليلًا كما كنت أمامَه ذليلًا في قدَرِه.
3 - فوائد قوله تعالى : (( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )) . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ الأرض تدور، لقوله: (( أن تمِيدَ بكم )) لأنَّ نفيَ الـمَيَدَان دليلٌ على وجود أصْل الحركة، إذ لم يقُل: أن تتحَرَّك بكم، ونفْيُ الأخص يقتضِي وجُودَ الأعَمّ كما قلنا في قول لله تبارك وتعالى: (( لا تدركه الأبصار )) إنه دليل على أنَّ الله يُرَى لكن لا يُدْرَك، إذ لو كان لا يُرَى لوجب أن يقول: لا تراه الأبصار، فلَمَّا نفَى الأخصّ صار دليلًا على وجود الأعم، طيب هكذا قرَّرَها بعضهم وقال: إنَّ في الآية دليلًا على أنَّ الأرض تدُور، لأنَّ الله ألقى هذه الرواسي لتكون دورَتُها مُتَّزِنَة لا تتخَلْخَل فَتضطرِب بالناس، ولكنَّ هذا وإن كان قوِيًّا من حيث النظر لكنَّه ليس متعَيِّنًا، إذ يجوز أن يكون المعنى أن تمِيدَ بكم تضطرب ولو كانت واقِفَة فالسفينة مثلًا على الماء تضطرب ولو كانت واقفة، فيكون المعنى: أن تمِيدَ بكم يعني أن تضطرب بكم وسواءٌ كانت تدور أو لا تدور، ولهذا ليس في الآية دلالةٌ قطعِيَّة على أنَّ الأرض تدور، فإن قال قائل: إذا قلت: إنَّه يحتمِل أنَّها تكون دالَّةً على أنَّ الأرض تدور فما جوابُك عن آياتٍ كثيرة تدلُّ على أنَّ الشمس تجري تطلُع تغرب تزَاوَر توارَى تذْهَب كُلُّ هذه الأفعال أُسنِدَت إلى الشمس والأصل أنَّ الفعل إذا أُسْنِدَ إلى شيء أن يكون قائمًا به، فيكون ظاهر القرآن أنَّ الشمس هي التي تدُور على الأرض (( ترى الشمس إذا طلعت )) إذًا معناه هي التي كانت مختفِية ثم طلعَتْ علينا، وهؤلاء الذين يقولون: الأرض تدور يكون المعنى: إذا طلعَت أي إذا طلَعْنَا عليها لأنا نحن الذين نأتي إليها أما هي ثابتة قارَّة أعني الشمس، قلنا: يجوز أن تكون الأرض تدور والشمس أيضًا تدور جائز وإذا كان الدوران بالعكس فظاهِر أنه يتعَاقَب الليل والنهار يعني مثلًا لو كانت الأرض تدور نحو الشرق والشمس تدُور نحو الغرب هذا ممكِن بكُلِّ سهولة، فإن كانتا تدوران إلى اتِّجاهٍ واحد فإنَّ إحداهما إذا كانت أسرَع مِن الأخرى تحقَّقَ اختِلَافُ الليل والنهار، ومَن قال: إنَّه لا يمكن أن نقول: إنَّ الشمس تجري إلا إذا قلنا: إن الأرض ثابتة لا تدور فأمَّا إثباتُ دورانِ الأرض مع دوران الشمس فهذا لا يمكِن. فإنَّ قولَه غير صحيح الإمكان ممكِن ولو قلنا بدورانِهِما جميعًا، لكن الشيء الذي نعتَقِدُه الآن أنَّ الليل والنهار يحصُل بتعاقب الشمس على الكرة الأرضية لا بتعَاقُب الكرة على الشمس هذا الذي نعتقدُه إلى الآن، لأنَّ هذا هو ظاهِرُ القرآن والقرآن صدَرَ مِن الخالق عز وجل وهو أعلَمُ بما خلق، ولا يمكن أن نحيدِ عن هذا قِيدَ أَنْمُلَة ما دام لم يظهَر لنا أمْرٌ حِسِّيٌّ لا يمكِن التَّكْذِيبُ به، وعند بعضهم -أي بعض الذين يقولون بدوران الأرض- يقولون: عندنا أمر قطعِي بدليل الصواريخ العابرة للقارات فإنها تُقَدَّر بتقدير معَيَّن بحيث يتماشَى مع دوران الأرض فيُصِيب الهدف وإلَّا لَمَا أمْكَن، على كل حال هذه أنا أردت يعني أن أتكلَّم فيها بعض الشيء، لأنها في يومٍ من الأيام كانت مثارًا للجدل بين الناس بين طلبة العلم وبين عامة الناس وبين الذين لم يتَمَكَّنُوا مِن العلم كثيرًا، فنحن نقول: أولًا البحث العميق في هذا والجدَل في هذا أمْرٌ لا ينبغي ولا فائدةَ منه، ثانيًا عندما نريد أن نُحَقِّق المسألة تحقيقًا علمِيًّا نظرِيًّا ننظُر إلى الآيات فإذا كان ظاهِرُ قوله تعالى: (( أن تميد بكم )) يقتضي أنها تدور قلنا بذلك ولا حرَج ولا مانع أن نقول: هي تدور وكذلك الشمس لا مانع، فنكون أخذْنا بظاهر القرآن في الشمس وبظاهر (( أن تميد بكم )) في الأرض، وإذا كان قولُه: (( أن تميد بكم )) لا يتعين أن يكون بحركتِها وإنما قد تضطرب وهي ساكنة قارَّة فلا يبقَى في الآية دليل على أنَّ الأرض تدُور. نعم
4 - فوائد قوله تعالى : (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )) . أستمع حفظ
هل اختلاف الليل والنهار بسبب دورة الأرض على الشمس وأن الشمس ثابتة .؟
الشيخ : نعم نحن نقول: لا نقِرّهم على أنَّ اختلاف الليل والنهار يكون باختلاف دورة الأرض بل نقول: هو باختلاف طلوع الشمس على الأرض
الطالب: ولا يمنع أن يكون الشارِع .. الأرض ..
الشيخ : ولا يمنَع، لكن لو فُرِض أنَّه جاءنا دليل حِسّي ملموس على أنَّ اختلاف الليل والنهار بسبب دوْرَةِ الأرض لقُلْنا به ويكون إضافَة الأفعال هذه إلى الشمس على حسَب رؤية الإنسان لها،
الطالب: هم يقولون بثبوت الشمس ..
الشيخ : لا لا أنا أقول، لا، هم يقولون: الشمس تدور في الجَو أو تدُور حول نفسِها؟
الطالب: دوران الشمس ... دورة سنوية
الشيخ : اي المهم على كل حال ما يهمنا الكلام على أنَّ من جهة القرآن، الآن إذا قرَأْنَا (( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ )) [الكهف:17] هذه فيها أربعة أفعال أُضِيفَت كلُّها إلى الشمس، الأصل أنَّ الأفعال المضافَة إلى الشيء أنَّها قائِمةٌ به فالشَّمْس هي اللي تطلَع هم يقولون: لا، الشمس ما تطلَع علينا، نحن الذين نطلع عليها بسبب دَوَرَان الأرض، يعني الآن مثلًا اللمبة اللي فوقِي يدي مثل أنها كظاهِر اليد مقابِل لها الشمس طالعة ثم تقول هكذا تغيب الشمس يعني نحن غِبْنَا عن الشمس ونحن طلَعْنا عليها نقول: إذا ثبتَ هذا ثبوتًا قطعيًّا لا شكَّ فيه فالقرآن لا يخالِفُ الحِس أبدًا وتُفَسَّر الأفعال المضافَة إلى الشمس بحسب رُؤْيَة الرائي. اي نعم
كيف تكون طاعة الكافر قدرية .؟
الشيخ : نعم أليس الله يأمرُه أن يكون مريضًا فيُمْرَض؟ ويكون صحيحًا فيصِحّ؟ ويمُوت فيَمُوت؟
الطالب: بلى
الطالب: شيخ أحسن إليك يقول تعالى: (( قالتا أتينا طائعين )) هل هذا يدل على أنَّ الجمادات يعني تريد وتنطِق؟
الشيخ : هذه ماهو وصلناها بارك الله فيك
في قوله تعالى : (( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب )) هل هي في عين الرائي .؟
الشيخ : تختفي عنه، ايه طيب
الطالب: هل هي تغرب في عين حمئة؟
الشيخ : ايه كيف؟ تختفي عنه في البحر لكن ما هي في وسَط البحر طبعا ولهذا قال: وجدَها تغرُب
الطالب: علمنا يا شيخ أن الأرض خُلِقَت قبل الشمس فما الحكمة؟
الشيخ : الأرض قبل الشمس؟
الطالب: الأرض .. قبل الشمس
الشيخ : ما علمنا هذا ... قبل السماء
لماذا يقدم في القرآن ذكر السموات قبل الأرض مع أن الأرض خلقت قبل السماء .؟
الشيخ : الحكمة بأن الله تعالى يذكُر الأعلى قبل الأسفل، أما التحدُّث عن خلْق السماء فبَيَّن الله تعالى أنَّ الأسفَل يُخلَق قبل الأعلى كالبناء الآن عندما تريد أن تبنِيَ شيئًا هل تبنِي السقف قبل تبني العمود؟ طيب فعند الذِّكْر والتحدث يبَيِّن الأشرف والأعلى يُقدَّم، وعند التكوين والبناء يُبدَأ بالأسفل، لأنه هو الأصل. نعم انتهى الوقت
قراءة الآيات القرآنية .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كنا نتكلم على فوائد الآيات السابقة مِن قوله تعالى: (( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين )) وأخذْنا عدة فوائد منها كم؟ ثلاثة؟ إلى؟
الطالب: مِنَّةُ الله تعالى على عبادِه حيث جعل في الأرض رواسي ...
فوائد قوله تعالى : (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين * ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم )) .
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ الله تعالى بارك في الأرض ووجْهُ البركة ظاهِر فقد حملَتِ الأحياء والأموات، وحملَت من الدواب ما لا يعلَمُ أجناسَه فضلًا عن أنواعِه فضلًا عن أفرادِه إلا الله عز وجل.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ الله قدَّر في الأرض أقواتَها أي جعلَها مُقَدَّرة بقَدَرٍ معلوم ومِن ذلك التقدير أنْ جعلَ في جهاتٍ مِن الأرض مِن الأقوات ما ليس في جهاتٍ أخرى حتى يتبادَلَ الناس هذه الأقوات وتتحرك التجارة إلى غير ذلك مِن الفوائد، ولعله يشير إلى هذا قول الله تبارك وتعالى: (( ولقد صرَّفْناه بينهم -يعني المطر- ليذكروا )).
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ خلْقَ الأرض تَمَّ في أربعة أيام لقوله تعالى: (( في أربعة أيام سواءً )).
ومن فوائدها أنَّ الله تبارك وتعالى يُجِيب السائلين أسئلَتَهم سواءٌ سألوا بلسان الحال أو بلسان المقال، فالإنسان مُتَشَوِّف إلى علْمِ المسألة دون أن يَنْطِقَ بلسانه يقال: إنه سَائِلٌ بلسان الحال، والإنسان الذي يتَكَلَّم باللسان سائِلٌ بلسان المقال، والسؤال عن خَلْق السماوات والأرض وكيف ذلك هذا يكون بلسان الحال ويكون بلسان المقال.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ السماء كانت قبل أن تُخلَق كانَتْ دخانًا ثم حَوَّلَ الله هذا الدخان إلى سماوات لقولِه تعالى: (( ثم استوَى إلى السماء وهي دُخَان )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبَاتُ عُلُوِّ الله عز وجل على أحد القولين في تفسير (استوى) وهما: قصد أو ارْتَفَع.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ كُلَّ شيءٍ قابلٌ لِمُخَاطَبَةِ الله عز وجل أي قابِلٌ أنَّ الله يُخَاطِبُه، لأنَّ الله خاطَبَ السماء والأرض وهي جمَادٌ قال: ائتيا طوعًا أو كرهًا، لكننا نحن لو خاطَبْنا الجماد لَعُدَّ ذلك سفهًا ونوعًا مِن الجنون، أما الرب عز وجل فإنه يخاطِب ما شاء مِن عباده مِن عاقل وجماد وغيرِه، لأنَّ كُلَّ مَن خاطبَه الله فإنه يفهم خطابَ الله.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ كُلَّ شيءٍ خاضِعٌ لله عز وجل سواءٌ كَرِه أم رَضِي، لقوله: (( ائْتيا طوعا أو كرها )).
ومِن فوائد هذه الآيات الكريمة كمالُ خُضُوعِ السماوات والأرض لله عز وجل حيث قالتا: أتينا طائعين.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّه يصِحّ أن يُعَبَّر عن غير العاقل بما يُعَبَّرُ به عن العاقل إذا نُزِّل غيرُ العاقل منزلة العقل، لقوله: (( طائعين )) فإن هذا الجمع -جمع المذكر السالم- لا يصْدُر إلا مِن عاقل، وغيرُه يقال: طائعات وما أشبهها لكن إذا نُزِّلَ غيرُ العاقل منزلتَه بالخطاب صَحَّ أن يُعامَل معامَلَة العقل.
من فوائد هذه الآياتِ الكريمة إثباتُ الطواعِيَة والكراهِيَة لغير العاقل، لقوله: (( ائتيا طوعا أو كرها )) فهل هذا يعني أنَّ لغيرِ العاقل إرادةً؟ الجواب: نعم، لأنَّ الطائِع له إرادَة، ومَن يتصَوَّر إكراهَه له إرادة أيضًا، وإرادَةُ كل شيء بحسَبِه وقد مَرَّ علينا أنَّ الحصى تُسَبِّح بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ولا تسْبِيحَ إلا بعد إرادة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال في أحد: ( يحِبُّنا ونحِبُّه ) والمحبة أخَصُّ مِن الإرادة وعلى هذا فهذه الجمادات التي نحن لا نفْقَهُ تسبيحَها هي لها إرادة وتُسَبِّح الله عز وجل.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ مدة خلْقِ السماوات أقَلُّ مِن مدة خلْقِ الأرض مع أنَّ السماوات أعظم لكن لَمَّا كانت الأرض موضُوعَة للأَنَام كما قال تعالى: (( والأرض وضَعَها للأنام )) كان خلْقُها أكثَر مدة، لبيانِ عناية الله تعالى بهذه الأرض التي وضَعَها للأنَام وليَعْلَمَ الأنَامُ الذين على الأرض أنَّ العبرة بالإتْقَان لا بالسرعة.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ الله أتَمَّ خلْقَ السماوات حين أوحَى في كلِّ سماء أمرَها ورتَّبَها الترتِيب المحْكَم الـمُتقَن.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ الله تعالى خلَقَ هذه النجوم لِفائدتين: الفائدة الأولى: زِينَةُ السماء، والفائدة الثانية: حِفْظُ السماوات مِن الشياطين، فهي تحفَظُ السماوات من الشياطين وهي كذلك زِينةٌ للسماء، هناك فائدة ثالثة ذكرَها الله تعالى في سورة النحل في قوله تعالى: (( وعلاماتٍ وبالنجم هم يهتدون )) ولهذا قال قتادة -وهو من أئمة التابعين-:" خلقَ الله هذه النجوم لثلاث: زينةً للسماء ورجُومًا للشياطين وعلامَاتٍ يُهتَدَى بها ".
ومِن فوائد هذه الآيات الكريمة كمالُ إتقانِ الله عز وجل لمخلُوقَاتِه لقوله: (( ذلك تقدير العزيز العليم )) وهذا التقدير لا شك أنه تقديرٌ مُحْكَم مُتْقَن مِن جميع الوجوه.
ومن فوائدها إثبات اسمَين من أسماء الله وهما: العزيز العليم وهذان الاسمان يتضَمَّنَان صفتين هما: العِزَّة والعِلْم، وهنا نسأل: هل في العزيز ما يُسَمَّى بالحُكم أو بالأَثَر؟ الجواب: نعم، بناءً على أنَّ مِن معناه: عِزةُ القهْر والقاهر لا بد مِن شيء مقْهُور حتى يَتِمَّ به القهْر فعلى هذا يكُون الإيمان بهذين الاسمين يتضَمَّنُ ثلاثة أمور: الأول: الإيمان بالاسم اسمًا لله، والثاني: الإيمان بالصفة، والثالِث: الإيمان
10 - فوائد قوله تعالى : (( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين * ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم )) . أستمع حفظ