تتمة فوائد قوله تعالى : (( ... ذلك تقدير العزيز العليم )) .
التعليق على تفسير الجلالين : (( فإن أعرضوا )) أي كفار مكة عن الإيمان بعد هذا البيان (( فقل أنذرتكم )) خوفتكم (( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود )) أي عذابا يهلككم مثل الذي أهلكهم .
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فإن أعرضوا )) أي كفار مكة عن الإيمان بعد هذا البيان (( فقل أنذرتكم )) خوفتكم (( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود )) أي عذابا يهلككم مثل الذي أهلكهم . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم )) أي مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي ، والإهلاك في زمنه فقط (( أ )) ن أي بأن (( لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل )) علينا (( ملائكة فإنا بما أرسلتم به )) على زعمكم (( كافرون )) .
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم )) أي مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي ، والإهلاك في زمنه فقط (( أ )) ن أي بأن (( لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل )) علينا (( ملائكة فإنا بما أرسلتم به )) على زعمكم (( كافرون )) . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود * إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون )) .
ومن فوائد هذه الآية إثبات القياس لأنَّ إنذار المكذِّبين إذا لم يكن المراد بذلك قياسُ حالِ المكذبين للرسول على حال المكذِّبين لهود وصالح لم يكن لهذا الإنذار فائدة، لولا القياس ما كان لهذا الإنذار فائدة، إذًا ففيه جواز القياس والاعتبار بالنظير والمماثل، ولقد قال الله تعالى في آية أخرى: (( لقد كان في قصصِهم عبرةٌ لأولي الألباب )) وإثباتُ القياس دليلًا من محاسن الشريعة، لأن إثباتَ القياس دليلًا هو مقتضى العقل السليم إذ أنَّ العقل لا يمكن أبدًا أن يفَرِّق بين متماثِلَيْن وعلى هذا فالذين أنكروا القياس خالَفُوا الدليل السمعِيّ والدليل العقلي الذين أنكروه وقالوا: لا قياس في الشريعة. سبحان الله! القرآن كلُّه يشير إلى هذا كلُّ الأمثال المضروبة في القرآن كلها دليلٌ على القياس لا شك وإلا لم يكن فائدة في الـمَثل، السنة أيضًا أتت بالقياس ( أرأيت لو كان على أمِّكِ دينٌ أكنتِ قاضِيَتَه؟ اقضوا الله فالله أحقُّ بالوفاء ) هم أيضا مخالِفون للعقل لأنه لولا ثبوت القياس لكانت الشريعة ناقصة حيث لم تجمَع بين المتماثلين، إذًا في الآية اللي معنا إثبات القياس.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ الرسل أتوا قومَهم مِن كل جانب مقبلين ومدبِرين يُرُونَهم الآيات الماضية والآيات المستقبلَة ولكن لا فائدة.
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة أنَّ الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أتوا بتحقيق التوحيد لقوله: (( ألَّا تعبدوا إلا الله )) وهذه هي الأصل الأصيل الذي دعَتِ إليه الرسل جميعًا الدليل على أنهم أرسلوا جميعا (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) وآيةٌ أصرَح منها يا عبد الله بن عوض
الطالب: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ))
الشيخ : هذي صريحة (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ))، طيب ذكرْنا في قوله: (( إذْ جاءتهم الرسل مِن بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله )) أنَّ المؤلف يقول: مقبلين ومدبرين. وقلنا معنًى آخر آتيناهم بالآيات الماضية والمستقبلَة، وهناك أيضًا انقدح في ذهني الآن (مِن بين أيديهم) الرسل الذين جاءوهم مباشَرَة يعني: ثمود جاءهم صالح وعاد جاءهم هود (ومِن خلفهم) الرسل السابقة ولهذا قال: (( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم )) ومعلوم أنَّ الذي أُرسِل إلى عاد هود وإلى ثمود صالح وهما اثنان والرُّسُل جمع فيقتضي أن يكون المعنى: إذ جاءتهم الرسل السابقين واللاحقين ولعل هذا أقرب الاحتمالات الثلاثة. نعم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ أهل الباطل يُشَبِّهُون بما ليس له حقيقة وذلك حين ردُّوا دعوة الرسل بما لا يصح أن يكون ردًّا فما هو الذي ردوا به يا أخ؟ ما هو الذي ردوا به وش شبهتهم؟
الطالب: (( قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ))
الشيخ : طيب أحسنت، هل هذه الشبهة حجة؟ ليست بحجة ما دليلك على أنها ليست بحجة؟
الطالب: الدليل أن الله عز وجل يقول في آية أخرى: (( ولو جعلْنَاه ملَكًا لجعلناه رجلًا وللبسنا عليهم ما يلبسون )) ... أنزل الله عز وجل .. لجعلَه رجلًا وتعود الشبهة
الشيخ : تمام طيب،
من فوائد هذه الآية شدةُ عنادِ المكذبين لِصالح وعاد
الطالب: هود
الشيخ : نعم وهود أحسنت، وجهُه؟
الطالب: أنهم كأنهم بقولهم هذا حصروا كفرهم بما جاءت به رسلهم.
الشيخ : كأنَّهم يقولون.. لو آمَنَّا بكل شيء لم نؤمن بما أرسلتم به خاصَّةً، ووجه الخصوصية تقديم الجار والمجرور على متعلَّقِه.
طيب ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ المكذبين للرسل يؤمنون بالملائكة وهم كفار، لقوله: (( لأنزل ملائكة )).
طيب ومن فوائدِها أيضًا أنَّ المقِرّ بالربوبية لا يُعتبرُ مؤمنًا حتى يُقِرَّ بالألوهية، لقوله: (( لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ))، وهكذا الكفار الذين بُعِث فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا مُقِرِّين بالربوبية (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقلون خلقهن العزيز العليم )) (( ولئن سألتهم مَن خلقَهم ليقولن الله )) ولكنَّ الإيمان بالربوبية لا يكفِي في كون الإنسان مسلِمًا لا بد مِن الإيمان بايش؟ بالألوهية إضافةً إلى الإيمان بالربوبية، أيُّهما المستلزم للآخر وأيهما المتضمن للآخر؟ المستلزم للآخر: مَن آمَن بالربوبية لزِمَه أن يؤمِن بالأُلوهية إذًا المستلزم هو الربوبية، ومَن آمَن بالألوهية فقد تضَمَّن إيمانُه بالألوهية الإيمان بالربوبية، فأحدُهما متضمن للآخر والثاني مستلزم للآخر.
ومِن مظاهر العناد مِن هؤلاء أنهم أكدوا كفرَهم بـ(إن ((( فإنَّا بما أرسلتم به كافرون )) فصار تأكيدهم لكفرهم وعنادِهم مِن عدة أوجه: أولا: التأكيد بـ(إن)، وثانيًا: الحصر وذلك بتقديم ما حقُّه التأخير أي بتقديم الجار والمجرور على متعلَّقِه، والثالث: أنهم أتوا به بالجملة الاسمية الدالَّة على الثبوت والاستمرار بخلاف الفعلية فهي دالة على الحدوث وعدم الاستمرار وهنا أتوا بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والاستمرار. أظن انتهى الوقت والله أعلم، نعم يا زكي؟
4 - فوائد قوله تعالى : (( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود * إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون )) . أستمع حفظ
هل الكفار كانوا يوحدون الله بأسمائه وصفاته .؟
الشيخ : قد يكونوا وقد يكونوا أقرُّوا ببعض الأسماء والصفات، لأنهم ينكرون الرحمن
الطالب: .. البعض
الشيخ : اي البعض يثبتونه لا شك. يحيى
سؤال عن معنى قوله تعالى : (( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ... )) .؟
الشيخ : ثلاثة احتمالات نعم: الأول: ما قاله المؤلف، والثاني: الإقبال بالآيات والإدبار بها الآيات السابقة والآيات اللاحقة والإدبار بها، والثالث: الرسل السابقون واللاحقون. نعم
في قوله تعالى : (( وهي دخان )) هل كانت كذلك قبل خلق السموات والأرض قديما .؟
الشيخ : لا، قديمًا ماء ثم تكوَّن مِن هذا الماء البُخَار حين خلق الله الأرض.
لماذا لم تجر ثمود وهي معطوفة على مجرور في قوله تعالى : (( مثل صاعقة عاد وثمود )) .؟
الشيخ : على (عاد)
الطالب: وعاد مجرورة؟
الشيخ : وثمود مجرورة
الطالب: لا مو مجرورة، منصوبة
الشيخ : ما هو مجرور؟ مجرور .. بشيء مؤكد أنه مجرور
الطالب: لا عندنا ما هو مجرور
الشيخ : وين عند غيرك (( وإلى ثمود أخاهم صالحًا )) (إلى ثمود) (إلى) ميهي بحرف جر؟
الطالب: نعم
الشيخ : وثمود؟
الطالب: منصوب
الشيخ : مجرور الظاهر أنك ما تعلمت النحو؟ نعم قل نعم ولَّا لا
الطالب: نعم
الشيخ : لم تتعلم؟
الطالب: تعلمت شوية
الشيخ : إذًا اصبر حتى تتعلم يتبين لك، ما تقول هل هو منصوب ولَّا مجرور؟ (ثمود)؟ أنت
الطالب: مجرور
الشيخ : كيف مجرور وعليه وفتحة
الطالب: مجرور وعلامة جره الفتحة، لأنه ممنوع من الصرف
الشيخ : ايه شف قال ممنوع من الصرف يا أخ يُجَرُّ بالفتحة ولا يُنَوَّن
الطالب: السبب يعني سببه؟
الشيخ : السبب اللغة العربية نعم، أنت يا أسامة
في قوله تعالى : (( ذلك تقدير العزيز العليم )) ما الحكمة في اقتران هاتين الصفتين .؟
الشيخ : العزة والعلم اجتماع العزة والعلم كمال، لأنَّ العزيز بلا علم قد يبطِش عن جهل، والعليم بلا عِزَّة ضعيف. نعم
الكلام المنقول عن عاد وثمود هل هو بلفظه .؟
الشيخ : لا، قالوه
الطالب: نفس اللفظ هذا قالوه؟
الشيخ : لا لا هم لغتهم غير عربية لكن الله ينقُل عنهم بالمعنى
الطالب: والعرب؟
الشيخ : العرب؟ ايش العرب؟
الطالب: .. كفار قريش في ..
الشيخ : لا هذا حكاية عن عاد وثمود، لكن قريش كذَّبوا الرسول معروف. نعم
كيف الرد على حجة الكفار الضعفية في قولهم : لو أنزل إلينا ملكا بدل البشر .؟
الشيخ : ..كما يقال: تصوُّرُ هذا القول كافٍ في ردِّه وإبطالِه، يعني حتى كفار قريش قالوا هكذا في سورة الأنعام: (( وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون * ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا وللبسْنا عليهم ما يلبسون * ولقد اسْتُهزِئَ بالرسل من قبلك )). انتهى؟
قراءة الآيات القرآنية .
تفسير قوله تعالى : (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون )) .
13 - تفسير قوله تعالى : (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا )) لما خوفوا بالعذاب (( من أشد منا قوة )) أي لا أحد ، كان وأحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء (( أو لم يروا )) يعلموا (( أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بئاياتنا )) المعجزات (( يجحدون )).
الطالب: ينحتون
الشيخ : النحت إذا ثبت ممكن يحملوا الجبل أين موقعهم؟ (( واذكُرْ أخَا عاد إذ أنذرَ قومه بالأحقاف )) والمعروف أنَّ الأحقاف كلها جبال رملية، لكن على كل حال سواء صح هذا المثال أم لم يصِحّ فإنهم كانوا ولا شك أقوياء أشِدَّاء فقالوا: (مَن أشد منا قوة) قال الله تبارك وتعالى رادًّا عليهم: (( أو لم يروا -أي يعلموا- أنَّ الله الذي خلقهم هو أشَدُّ منهم قوة )) وهذا تقريرٌ لِكَوْن الله تعالى أشدَّ منهم قوة، (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم )) ولم يقل: أنَّ الله أشد بل قال: (( خلقهم ))، لِيُبَيِّن ضعفَهم وأنهم مخلوقون وأنَّ الخالق سوف يكون أقوَى منهم، فالذي خلقَهم أشد منهم قوة، لأنه هو الذي أعطاهم القوة ومُعْطِي الكمال أولَى به، وهذا هو الحكمة من كونه تعالى قال: (( أنَّ الله الذي خلقَهم )) ولم يقل: أولم يعلموا أنَّ الله الذي خلق السماوات والأرض، أو أنَّ الله هو أشدُّ منهم قوة، لِيُبَيِّن ضعفَهم وأنهم مخلوقون ضعفاء، قال: (( وكانوا بآياتنا يجحدون )) قوله: (( وكانوا بآياتنا يجحدون )) هذه معطوفة على قوله: (( فاستكبروا في الأرض وقالوا ))، (( وكانوا بآياتنا يجحدون )) قال: " بآياتنا المعجِزَات " (( يجْحدون )) يعني يكذبون، لأنَّ الجحد هو التكذيب والإنكار ولاسيما وهو معَدًّى بالباء الدالة على ذلك، وقول المؤلف: بآياتنا معجزاتنا. فيه نظَر، لأن الآيات هي العلامات والدلَالَات على الخالق عز وجل وليست معْجِزَات، وقد ذكرْنا أنَّ المعجزات تأتي آيات وتأتي من الشياطين بواسطة السحرة وغيرِ ذلك لكن إذا قلنا: آيات. صار معناه علاماتٍ دالَّة على الحق (( وكانوا بآياتنا يجحدون ))
14 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا )) لما خوفوا بالعذاب (( من أشد منا قوة )) أي لا أحد ، كان وأحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء (( أو لم يروا )) يعلموا (( أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بئاياتنا )) المعجزات (( يجحدون )). أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا )) باردة شديدة الصوت بلا مطر (( في أيام نحسات )) بكسر الحاء وسكونها مشؤومات عليهم (( لنذيقهم عذاب الخزي )) الذل (( في الحياة الدنيا ولعذاب الأخرة أخزى )) أشد (( وهم لا ينصرون )) بمنعه عنهم .
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرّ
الوجه الثاني: لدُنُوِّها لأنها سابقةٌ للآخرة فهي أدنى إلى المخلوقات مِن الآخرة إذًا يا أسامة: لماذا سميت دنيا؟
الطالب: لدناءتها أو يعني حقارتها ... أو إن لأنها والدناءة كذلك من أنها كثيرة المنغصات ليست كالآخرة، أو أنها لدُنُوِّها وقُرْبِها
الشيخ : اي طيب، كما قال تعالى: (( قطوفُها دانية )) أي قريبَة، وقول أسامة: إمَّا لكذا وإما لكذا خطَأ والصواب: لِكذا وكذا، لأنها جمعت بين الأمرين مي هي بإما لهذا وإما لهذا.
طيب قال تعالى: (( ولعذاب الآخرة أخزى )) أشدّ (( وهم لا ينصرون )) بمنعِه عنهم " اللام في قوله: (ولعذاب الآخرة) يسمونها لامَ الابتداء وهي للتوكيد ولذلك إذا جاءت (إنَّ) أين تذهب اللام تُزَحْلَق تُؤَخَّر عن مكانها وتكون في المتَأَخِّرِ مِن اسم (إن) أو خبرِها، وإنما زحلَقْنَاها، لئلا يجتمِع في أول الكلام مؤَكِّدَان متواليان ولهذا نقول: اللام في قوله: (( ولعذاب )) هي لام الابتداء وتفيد التوكيد، ويدل لهذا أنَّها مع (إنَّ) تُزحْلَق حتى تبعد عنها، (( ولعذاب الآخرة أخزى )) يعني أشدُّ خِزْيًا -والعياذُ بالله- لأنَّ عذاب الدنيا لا يسْمَعُ به مَن سبَق أليس كذلك؟ ولا يرَاه مَن لَحِق أليس كذلك؟ لا يسمع به مَن سبق، لأنه جاء بعدهم فالقوم الذين قبل عاد ما علموا بذلك، والقوم الذين بعدهم ما رأَوْه، سمعوا به ولم يروه، لكن في الآخرة سمَاعٌ ورُؤْية -والعياذ بالله- الذي يُعَذَّب في الآخرة سماعٌ ورُؤْيَة يسمعُه كلُّ أحد السابِق واللَّاحِق ولهذا قال: (أخزى)، ثم هو أيضًا أشَدّ كما قال تعالى في آية أخرى: (( ولعذَابُ الآخرة أشَدُّ وأبقَى )) أشَدّ وأعظم كما تعرفون من عذاب النار أعاذَنا الله وإياكم منها، (( وهم لا ينصرون )) هذه استئنافية يعني أنهم في الآخرة لا أحدَ ينصرُهم، في الدنيا ربما يُنصَرُ الإنسان من العذاب بدفعِه أو رفعِه: بدفعِه قبل وقوعه، أو رفعِه بعد وقوعِه لكن في الآخرة لا، لا ناصر
15 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا )) باردة شديدة الصوت بلا مطر (( في أيام نحسات )) بكسر الحاء وسكونها مشؤومات عليهم (( لنذيقهم عذاب الخزي )) الذل (( في الحياة الدنيا ولعذاب الأخرة أخزى )) أشد (( وهم لا ينصرون )) بمنعه عنهم . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )) .
ومنها بيانُ طغيانِ الإنسان وأنَّ الإنسان لا حَدَّ لطغيانه، لأنَّ وُصولَه إلى هذه الدرجة (مَن أشد منا قوة) يدُلُّ على الطُّغْيَان العَظيم والكبرياء.
ومنها حكمة الله عز وجل بِأَخْذِهم بالعذاب حيث أُخِذُوا بما هو ألطَفُ الأشياء وهو الريح اللطيفة التي يكون بها إنعاش البدن وتقويتُه ونشاطُه هي التي أُهلِكَ بها عاد، لأنهم قالوا: (( من أشد منا قوة ))، وانظر إلى فرعون حين قال: (( أليس لي مُلْكُ مصرَ وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خير مِن هذا الذي هو مهين ولا يكاد يُبين )) بماذا عُذِّب؟ بالماء الذي كان بالأمس يفْتَخِرُ به.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة بلاغةُ القرآن في الإقناع وإقامة الحجة لقوله: (( أو لم يروا أنَّ الله الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوة )) وجهُ ذلك أنه قال: (( الذي خلقهم )).
ومن فوائد الآية الكريمة جوازُ عقْدِ المفاضلة بين الخالق والمخلوق، لقوله: (( أشد منهم قوة )) مع أنه سبحانه وتعالى أشدُّ مِن كُلِّ أحد لكن المقام مقام مُحَاجَّة ومقام الـمُحَاجَّة لا بأس أن يُذكَر فيها المفاضلة بين الـمُفَضَّل والـمُفَضَّل عليه، ونظيرُ هذا بل أبلغ منه قول الله تعالى: (( آلله خير أم ما يشركون )) أفِيدُوني: هل في أصنامهم خير؟ الطالب: لا. الشيخ : لكن هذا مِن باب الـمُحَاجَّة وأنَّ الإنسان يُحَاجُّ الخصمَ بما يُقِرُّ به