تتمة فوائد قوله تعالى : (( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين )) .
من فوائد الآية الكريمة الحذَر من الوساوس التي يلقيها الشيطان لفاعلِ المعصية ويزَيِّنُها له ويقول هذه سهلة الله غفورٌ رحيم افعَلْ هذا ثم تُبْ وما أشبه ذلك، احذَر من هذا، فإنَّ هذا وعدُ الشيطان (( وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا )).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ هؤلاء الذين تابعوا القرناء قد خسِرُوا، لقوله: (( إنهم كانوا خاسرين )).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ هؤلاء الذين استحسنوا ما زَيَّن لهم القرناء حَقَّ عليهم القول، وسبق أنَّ القول على رأي المؤلف هو: (( لأملأن جهنم )) وعلى ما ذكرناه هو قوله: (( إنَّ الذين حقَّتْ عليهم كلمة ربك لا يؤمنون )) ولا يبعد أن يكون المراد بذلك الأمران جميعًا.
من فوائد الآية الكريمة كثرَة الضالين بهؤلاء القرناء لقوله: (( وحقَّ عليهم القول في أمم )).
نبدأ الدرس الجديد قال الله تعالى:
1 - تتمة فوائد قوله تعالى : (( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال الذين كفروا )) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه )) ائتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته (( لعلكم تغلبون )) فيسكت عن القراءة .
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال الذين كفروا )) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه )) ائتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته (( لعلكم تغلبون )) فيسكت عن القراءة . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة قوة تأثِير القرآن على سامعه وهذا هو الواقع لقوله تعالى: (( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السَّمع وهو شهيد )) لكن القرآن إنما يؤثر على مَن يفهم اللغة العربية ومعاني الكلمات، وأما الأعجمي حقيقة أو حُكمًا فإنه لا يتأثَّر بها، ثانيًا إنما يؤثِّر القرآن وهو كمال التأثير على المؤمن به أما المكذِّب المستكبر فلا حتى إنَّه يقول: هذا أساطير الأولين.
ومن فوائد الآية الكريمة أنه لا يجوز اللغط والضوضاء حين قراءة القرآن فإما أن تستمِعَ إليه وإما أن تقوم، أمَّا أن تجلس إلى قارئ القرآن وتُثير الأصوات واللغط والضوضاء فهذا أقَلُّ ما فيه أنَّه شبيهٌ بصنيع من؟ المشركين هذا أقل ما فيه، يعني لو قدرنا أنَّ هؤلاء القوم الذين عندَهم اللغط والضوضاء لا يُرِيدون أن يُشَوِّشُوا على القارئ ولا يريدون ألا يستمِعَ قراءتَه أحد لكن نقول: أدنى ما فيه أنه مشابِه لعمل المشركين، ويتفرَّع على ذلك ما يفعله بعضُ الناس في متاجرهم ومساكنِهم يفتَحُون القرآن على المسَجِّل ويجعلونه يقرَأ وتجدُهم في ضوضاء وفي كلام قبيح وفي كذب، وهذا إهانةٌ للقرآن فنقول: إما أن تستمِع إلى كلام الله وإما أن تُغْلِقَه، أما أن يبقَى يقرأ وهذا يشتم وهذا يلعَن وهذا يكذِب وهذا يغِشّ فهذا في غاية الامتهان لكلام الله عز وجل، وإن لم يُرِدْهُ الإنسان فإن صورتُه صورةُ الامتهان.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ التشويش على الداعية قد يظُنُّ فاعلُه أنه يغلِب ويصِل إلى مقصوده ولكن ليس الأمر كذلك، وجه الدلالة مِن هذا أن هؤلاء المشركين لم يحصل لهم مطلُوبُهم مِن الغَلَبة
3 - فوائد قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون )) . أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) .
الطالب: عربي
الشيخ : عربي، العادة أنَّ الكلام إذا كان في سياق الإضمار فإنَّ الذي يأتي هو الإضمار يعني الضَّمير، فإذا جاء الظاهر موضِع الضمير فسوف يتَوَقّف الإنسان لماذا جاء الظاهر موضع الضمير فيكون في ذلك انتباه له. هذه فائدة، الفائدة الثانية الحكم على مَرْجِع هذا الضمير بمقتضى هذا الاسم الظاهر ففي الآية التي معنا (( فلنذيقن الذين كفروا )) إذًا يكون الفائدة: الحكم عليهم بالكفر، وهكذا كلما كان الإظهار في موضع الإضمار فاحكُم عليه بهذه الفائدة، الفائدة الثالثة: العموم لو قال: فلنُذِيقَنَّهم صار هذا الوعيد خاصًّا بالذين قالوا: لا تسمعوا لهذا القرآن. فإذا قال: فلنذيقن الذين كفروا صار عامًّا لهم ولغيرهم واضح؟ ...(( فلنذيقَنَّ الذين كفروا عذابًا شديدًا )) هنا (عذابا شديدا) منصوب فما الذي نصبَه صالح؟
الطالب: (( فلنذيقَنَّ الذين كفروا ))
الشيخ : الذي نصبه (فلنذيقن)؟ هل نُذِيق تنصِب مفعولًا واحدًا أو مفعُولين؟
الطالب: تنصب مفعولًا واحدًا
الشيخ : مفعولًا واحدًا؟
الطالب: مفعولين
الشيخ : مفعُولين؟ كيف مفعولين؟ وش الدليل أنها تنصب مفعولين؟ لأنَّ لدينا قاعدة أنَّ الفعل إذا تعدَّى لواحد فأُدْخِلَت عليه همزة التعدية تعدَّى لاثنين، وإذا كان يتعَدَّى لاثنين فأُدخِلَتْ عليه الهمزة تعدى إلى ثلاثة، مثال ذلك مثلًا (ذاق) (ذاق) تتعدى إلى كم؟ واحد ( ذاقَ طعمَ الإيمان مَن رضِي بالله ربًّا ) فإذا دخلت عليها الهمزة تعَدَّت إلى مفعولين، و(رأى) تقول رأيتُ الرجل قائمًا تنصب مفعُولين فإذا أدخَلْت عليها الهمزة تعدَّت إلى ثلاثة فتقول: أرَيْتُ زيدًا الرجلَ قائمًا، هذا قاعدة عربِيَّة مُطَّرِدة أن الفعل، نعم نبدأ من الأول: إذا كان لازمًا فدخَلت عليه الهمزة ايش؟ تعدَّى لواحد، إذا كان متعدِّيًا لواحد فدخلَت عليه الهمزة تعدَّى لاثنين، إذا كان متعَدِّيًا لاثنين فدخلت عليه الهمزة تعدَّى لثلاثَة، طيب (( فلنذيقن الذين كفروا عذابًا شديدًا )) (عذابًا) أي عقوبَة شديدة قويَّة (( ولنجزينهم )) معطوف على (لنذيقن) (( أسوأَ الذي كانوا يعملون )) (لنجزينهم) هذه تنصب مفعولين الأول الهاء والثاني (أسوأ)
4 - تفسير قوله تعالى : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : قال الله تعالى فيهم : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) أي أقبح جزاء عملهم .
5 - التعليق على تفسير الجلالين : قال الله تعالى فيهم : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) أي أقبح جزاء عملهم . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) .
وفيه دليل على أنَّه ليس مِن القدح أن يقُومَ الإنسان بطاعَة الله خوفًا مِن عذاب الله واضح؟ أنه لا حرج وليس من القدح أن يتجَنَّب الإنسان معصية الله خوفًا من عقابه، خلافًا لِمَن قال: اعبُدِ الله لله لا طمعًا في ثوابِه ولا خوفًا من عقابِه، وهؤلاء ترُدُّ عليهم النصوص كلُّها، بل إنَّ الله تعالى جعل عقوبة الدنيا سببًا للردع عن المعاصي قال الله تعالى في قضية السارق: (( فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبَا نكالًا مِن الله )) فلم يشرَعِ الله الحدود إلا من أجل أن يخاف الناس منها ويجتَنِبُوا المعاصي، والقرية التي دُمِّرَت قرية بني إسرائيل حتى صار أهلها قِرَدَةً خاسئين لماذا؟ (( فجعلناها نكالًا لما بين يديها وما خلفها ))، فالحاصل أنَّه لا حرَجَ على الإنسان أن يدعَ المعاصي خوفًا من عقوبة الله الدنيوية أو الأخروية، ولا يُعَدُّ ذلك قدحًا في سلوكه ومنهجه.
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات العذاب، وهل يكون في الدنيا أو في القبر أو في الآخرة أو في الجميع؟ في الجميع، قال الله تعالى: (( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى )) وهذا عذاب الدنيا (( دون العذاب الأكبر )) وهو عذاب الآخرة (( لعلهم يرجعون )) وهذا يتعين أن يكون المراد بالعذاب الأدنى ليس عذابَ القبر كما قيل، بل هو عذاب الدنيا، لأنَّ عذاب القبر لا يمكن فيه الرجوع، فإذًا العذاب الأدنى هو عذاب الدنيا، والعذاب الأكبر هو عذاب الآخرة، ولهذا جاء في حديث المتلاعِنَين أنَّ الرسول قال:( عذابُ الدنيا أهون من عذاب الآخرة ).
طيب من فوائد الآية الكريمة إثبات الجزاء بالأسوأ لقوله: (( أسوأ الذي كانوا يعملون )).
ومن فوائدِها أنَّ الجزاءَ مِن جنس العمل، فالجزاء الصالح للعملِ الصالح، والجزاء السَّيِّء للعمل السيء، وهذا -سبحان الله- حتى في مجازاة الدنيا قال الله تعالى: (( وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفَا وأصلحَ فأجرُه على الله )) فإذا أساءَ إليك إنسان بسيِّئَة فلك أن تقابلَه بمثلها، وإن عفوت وأصلحت فأجرُك على الله. نعم
6 - فوائد قوله تعالى : (( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون )) . أستمع حفظ
يا شيخ بارك الله فيكم كما تفضلتم أن كثيرا من الناس يشغلون القرآن في المنازل والمتاجر لكن إذا كان القرآن في منزل وكان أهله لم يعتادوا السب والشتم واللغط لكن ربما يتحدثون في المطبخ ثم إن إذاعة القرآن يأتي فيها مرات حديث وهم يحبون القرآن ويستفيدون فوائد كثيرة ويقولون إذا لم نشغل القرآن تأتي الهواجس .؟
الشيخ : ... تطول الشرح هل هم يلْغُون فيه ولّا لا؟
الطالب: لكن لا ينتبهون أحيانًا
الشيخ : هذه حتى الإنسان اللي يقرأ والمصحف بين يديه لا ينتبِه أحيانًا، أحيانًا يقرأ بفمِه وقلبُه ليس بقارئ.
الطالب: المحظُور اللغو فقط؟
الشيخ : اللغو نعم، المحظور إن مثل الناس داجِّين وصاجِّين بدنياهم والقرآن يُقرَأ، أما مثلا امرأة تطبخ أو تصلِّح شاي أو تغسل ثيابها وتستمِع للقرآن فهذا ما يُوجب التَّلاهي عنه، نعم.
7 - يا شيخ بارك الله فيكم كما تفضلتم أن كثيرا من الناس يشغلون القرآن في المنازل والمتاجر لكن إذا كان القرآن في منزل وكان أهله لم يعتادوا السب والشتم واللغط لكن ربما يتحدثون في المطبخ ثم إن إذاعة القرآن يأتي فيها مرات حديث وهم يحبون القرآن ويستفيدون فوائد كثيرة ويقولون إذا لم نشغل القرآن تأتي الهواجس .؟ أستمع حفظ
ألا يمكن أن نأحذ من قوله تعالى : (( ولنجزينهم أسوأ الذين كانوا يعلمون )) أنه يجازيهم أسوأ عملهم هذا وهو لغوهم وذلك بأن لا يهتدوا إلى معانيه التي تهيديهم إلى الخير فيكون مجازاتهم من جنس عملهم .؟
الشيخ : لا، لأنَّ هذا (( فلنذيقن الذين كفروا عذابًا شديدًا )) هذا في الآخرة الوعيد هنا في الآخرة. نعم
8 - ألا يمكن أن نأحذ من قوله تعالى : (( ولنجزينهم أسوأ الذين كانوا يعلمون )) أنه يجازيهم أسوأ عملهم هذا وهو لغوهم وذلك بأن لا يهتدوا إلى معانيه التي تهيديهم إلى الخير فيكون مجازاتهم من جنس عملهم .؟ أستمع حفظ
ما وجه استدلال أهل العلم بقوله تعالى : (( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى )) على عذاب القبر .؟
الشيخ : ظنُّهم أنَّ العذاب هنا عقوبة الآخرة وقالوا: إنَّ عقوبة القبر قبل عقوبة يوم القيامة.
الطالب: (( لعلهم يرجعون )) كيف يوجِّهونَها؟
الشيخ : يمكن يوجهونها يعني يحرفُونها عن ظاهرِها فيقول: (( لعلَّهم يرجعون )) يعني أخبرْنَاهم بذلك لعلهم يرجعون لكن هذا خلاف ظاهر اللفظ، نعم.
9 - ما وجه استدلال أهل العلم بقوله تعالى : (( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى )) على عذاب القبر .؟ أستمع حفظ
سؤال عن الأدلة التي في القرآن الدالة على عذاب القبر .؟
الشيخ : كثير في القرآن ما مرَّ عليك؟ ما هي إلا هالآية هذي اللي فيها إشكال عندك؟
الطالب: آل فرعون بس
الشيخ : وش آل فرعون؟
الطالب: (( النار يعرضون عليها غدُوًّا وعشِيًّا ))
الشيخ : (( النار يعرضون عليها غدُوًّا وعشِيًّا ويوم تقوم الساعة أدخِلُوا آل فرعون أشدَّ العذاب )) (( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفَرُوا الملائكة يضرِبُون وجوهَهم وأدبارَهم )) (( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون )) نعم
ما حكم من يستدل بقوله تعالى : (( ولنذيقهم من العذاب الأدنى )) أنه عذاب في الدنيا و " من " للتبعيض فتكون البقية في عذاب القبر .؟
الشيخ : أي آية؟
الطالب: (( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى )) بعضهم يستدل بها على عذاب القبر يقول: إن العذاب الأدنى هو عذاب الدنيا، ولكن (مِن) في الآية للتبعيض فعلى هذا تبقى لهم بقية من العذاب يعذبون في القبر
الشيخ : لا لا هذه (من) للبيان بيانية (من) بيانية هذا هو الأقرب، يجوز أن تكون للتبعيض ولنذيقنهم بعض العذاب الأدنى، ما له حاجة يعني إثبات عذاب القبر -والحمد لله- جاء في آياتٍ صريحة ما نحتاج أن نأتي عليه بآية تحتمل هذا وهذا وهي في غيره أرجح، .. في الدنيا ليس لها ... إطلاقًا.
11 - ما حكم من يستدل بقوله تعالى : (( ولنذيقهم من العذاب الأدنى )) أنه عذاب في الدنيا و " من " للتبعيض فتكون البقية في عذاب القبر .؟ أستمع حفظ
ما حكم الاستماع للقرآن في المسجل والترديد معه .؟
الشيخ : يعني للتَّحَفُّظ عنه؟
الطالب: للحفظ ولتحسين النطق
الشيخ : لا بأس ما في مانع، آخر سؤال
هل يجب الاستماع للقرآن إذا قرأ في غير الصلاة .؟
الشيخ : في الصلاة يعني؟
الطالب: نعم في غير الصلاة
الشيخ : لا، الصحيح ما يجلس هناك لكن لا يجوز اللغط ولهذا قال الإمام أحمد في قوله تعالى: (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ))[الأعراف:204] قال: " أجمَعُوا أنَ هذه في الصلاة " أما غير الصلاة ما يجب أن يستَمِع لأن لو قلنا بوجوب الاستماع، لقلنا: إذا شرَعَ قارئ يقرَأ وأنتَ إلى جنبِه حرُمَ عليك أن تقوم، لوُجوب الاستماع، وهذا ما أظنُّ أحدًا من العلماء يقول به، الممنوع اللَّغْو واللَّغَط نعم.
قراءة الآيات القرآنية .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى:
التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك )) العذاب الشديد وأسوأ الجزاء (( جزاء أعداء الله )) بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واوا (( النار )) عطف بيان لـ (( جزاء )) المخبر به عن ذلك (( لهم فيها دار الخلد )) أي إقامة لا انتقال منها (( جزاء )) منصوب على المصدر بفعله المقدر (( بما كانوا بئاياتنا )) القرآن (( يجحدون )).
" (( النار لهم فيها دار الخلد )) أي إقامةٌ لا انتقالَ منها " (دار الخلد) أضاف الدار إلى الخُلد مِن باب إضافة الموصُوف إلى صفتِه، يعني دار الخلود التي ليس فيها انتقال، ويجوز أن تكُون مِن باب إضافة الشيء إلى نوْعِه، لأنَّ الدور تنقَسِم إلى أقسام: دورٌ هي دورُ انتقال ودورٌ هي دار خلد، فدُور الانتقال بطْن الأم، والثاني: الحياة الدنيا، والثالث: البرزخ، ودار الخلد هي الأخيرة، ويذكر أنَّ أعرابِيًّا سمِع قارئًا يقرأ (( ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر )) فقال: والله ما الزائر بمُقِيم وإنَّ هناك -يعني- دارًا أخرى وهذا لا شكَّ أنَّه مِن قوة الاستنباط والفهم.
" (جزاءً) منصوب على المصدر بفعله المقَدَّر " منصوب على المصدر والمصدر لابد له مِن عامل، والعامل تارة يكون مِن لفْظِ المصدر وتارة يكون من معناه، فإذا قلت: قمتُ وقوفًا. فالعامل مِن معناه، وإذا قلت: وقَفْت وقوفًا فالعامل مِن لفظه، المقَدَّر يُقَدَّر مِن لفظِه ولا يُقَدَّر مِن معناه، لأنَّنا لا نلْجَأُ إلى تقْدِير المعنى إلا إذا وُجِد أمامنا ما يختَلِف في لفظه، { يرحمك الله } وأما إذا لم نجد فيُقدَّر مِن لفظه وعلى هذا فيكون التقدير: يجزون جزاءً، (( بما كانوا بآياتنا يجحدون )) أي بكونهم يجحَدون وعلى هذا فـ(ما) هنا مصدرية ولا تصِحُّ أن تكون موصولة، وقال: " (( بما كانوا بآياتنا )) القرآن (( يجحدون )) " أي يُكَذِّبُون، وإنما قدَّرنا يكذبون مِن أجل تعدِّيها بالباء، لأنَّ جَحَدَ تتعَدَّى بنفسها فيقال جَحَدُّت الشيء يعني أنكَرْتُه، لكن إذا عُدِّي المعمُول بالباء صار الجَحْد مُضَمّنًا معنى التكذيب أي: بما كانوا يُكَذِّبُون بآياتنا
15 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك )) العذاب الشديد وأسوأ الجزاء (( جزاء أعداء الله )) بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واوا (( النار )) عطف بيان لـ (( جزاء )) المخبر به عن ذلك (( لهم فيها دار الخلد )) أي إقامة لا انتقال منها (( جزاء )) منصوب على المصدر بفعله المقدر (( بما كانوا بئاياتنا )) القرآن (( يجحدون )). أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون )) .
ومن فوائد الآية الكريمة بيان خُلْدِ أهل النار فيها لقوله: (( دارُ الخُلْد ))، وهل التَّخليد مؤَبَّد أو مُؤَقَّت؟ المقطوع به أنه مُؤَبّد، لأنَّ الله تعالى صرح به في آياتٍ ثلاث في النساء وفي الأحزاب وفي الجن، ففي النساء قال الله تبارك وتعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدًا وكان ذلك على الله يسيرا )) وفي سورة الأحزاب (( إنَّ الله لعنَ الكافرين وأعدَّ لهم سعيرا * خالدين فيها أبدًا )) وفي سورة الجن (( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثباتُ عَدْلِ الله عز وجل وأنَّه لا يعذِّبُ أحدًا إلا بذنب لقوله: (( جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون )).
ومن فوائدِها إثباتُ الأسباب يستفَاد مِن قوله: (( بما كانوا بآياتنا يجحدون )) لأنَّ الباء هنا للسببية.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ التكذيب بآياتِ الله رِدَّة، لأنَّ الله وصَفَ المكذبين بأنَّهم أعداء وأنَّ جزاءَهم دارُ الخلد وهذا أمرٌ متفق عليه أنَّ مَن كذَّبَ الله ورسوله فإنه مرتد كافر يستتاب فإن تاب وأقَرّ وإلا قُتِل، فإن قال قائل: من المعلوم أنَّ مَن كذَّبَ شيئًا من القرآن فهو مرتد، لأنَّ القرآن ثبَتَ بالتواتر فهل مَن كذَّبَ بشيءٍ من السنة يكون كذلك؟ نقول: إذا صحَتِّ السنة وقال القائل: أنا أعلَم أنَّ هذا مِن كلام الرسول لكنَّه ليس بصحيح. فهذا مرتد، لأنَّه أقَرَّ بصِحَّة نسبتِه إلى الرسول ثم كذَّبَه، أما لو كذَّبَه بناءً على استبعادِ أن يكون صَدَرَ من الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا لا يكفُر، لأنه متَأَوِّل لكنّه يجِبُ عليه أن ينظُر مرة بعد أخرى حتى يتبَيَّنَ له الأمر، أفهمتم؟ إذًا مَن كذَّب شيئًا من القرآن فهو كافر بدون تفصيل، لثُبُوت القرآن ثُبوتًا متَوَاتِرًا لا توَاتُر مثله في أي كُتبٍ من الكتب، ومَن كذَّبَ شيئًا من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم نظرنا يا أخ! أجِب؟
الطالب: .....
الشيخ : إذا كانت ثابتة؟ قد تكون ثابتة وينكرها ولا يكفُر، الظاهر أنك سهوتَ؟ نعم؟ اقرأ قول الله تعالى: (( فويلٌ للمُصَلِّين * الذين هم عن صلَاتِهم ساهون )) والذين هم عن دراستهم ساهون ربما يكون لهم أدب من شيخهم، نعم
الطالب: ... صحت نسبته عن النبي صلى الله عليه وسلم .....
الشيخ : نقول: إذا قال: إنَّ هذا كلامُ الرسول حَقّ لكنَّه ليس بصحيح فهو كافِر، لأنه كَذَّب ما اعتَرَفَ بأنه قولُ رسولِ الله، أما إذا قال: لا أنا، إنه ينكِرُه، لأنه لم يثْبُتْ عنده فإنه لا يكفر وإن ثبَتَ عند غيرِه.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ آياتِ الله عز وجل بيِّنَة ظاهرة لا يمكن أن يُكَذِّبَ بها أحد لقوله: (( بآياتنا )) وتخصيص المؤلف رحمه الله ذلك بالقرآن فيه شيءٌ من النظر بل يقال: إنَّه أعم.
ومن فوائد الآية الكريمة إثباتُ عظمة الله حيث أتَى بضميرِ الجمع ولم يقل: بآياتي بل قال: (( بآياتنا )) ولا شك أن الله تعالى له العظمة المطلقة مِن كُلِّ وجه
16 - فوائد قوله تعالى : (( ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون )) . أستمع حفظ