تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال الذين كفروا )) في النار (( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس )) أي إبليس وقابيل سنا الكفر والقتل (( نجعلهما تحت أقدامنا )) في النار (( ليكونا من الأسفلين )) أي أشد عذابا منا .
وقولُه: (( أضَلَّانا من الجن والإنس )) (الجن) على كلام المؤلف هو إبليس والإنس: قابيل والصواب العموم، فإن قال قائل نحن نعلم أنَّ الإنسان يُضِلُّه البشر يأتي إنسانٌ سَيِّء ويُضِلُّه لكن كيف يكون مِن الجن؟ نقول: لأنَّ الجنَّ وعلى رأسِهم الشيطان يأمُر الإنسان بالفحشاء ويأمُرُه بالمنكر ويأمُرُه بالكفر فيكون بذلك مُضِلًّا له أرأيتم ما حصل مِن آدم وزوجِه ألم يكُنِ الشيطان قد أضَلَّهما؟ بلى قد أضَلَّهما، نهاهما الله عن الأكل من الشجرة فجاء الشيطان ودلَّاهما بغرور وجعل يُقسِم لهما أنَّه ناصح ووسْوَس إليهما حتى أكَلا مِن الشجرة، نعم.
(( نجعلْهما تحت أقدامنا )) (نجعلْهما) بالجزم جواب الأمر في قوله: (( أرْنَا )) يعني: إن أرَيْتَنا إياهما نجعلْهما تحت أقدامنا في النار، ولا شك أن الذي يجعلُه الإنسان تحت قدمِه قد أذَلَّه أعظَمَ إذلال ولهذا مِن الأمثال السائرة أنَّ الإنسان إذا أراد إعزَاز الشخص قال: أنت مني على الرأس، وإذا أراد إذلالَه قال: أنت تحتَ قدمي، فهم يقولون: أرنا هذين الذين أضلَّانا نجعلْهما تحت أقدامنا (( ليكونَا من الأسفلين )) أي أشدَّ عذابًا منا " كما كانا عالِيَيْن علينا مِن قبل فلْنَجعلْهما نحن الآن تحت أقدامنا ليكونَا مِن الأسفلين
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وقال الذين كفروا )) في النار (( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس )) أي إبليس وقابيل سنا الكفر والقتل (( نجعلهما تحت أقدامنا )) في النار (( ليكونا من الأسفلين )) أي أشد عذابا منا . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين )) .
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الإنسان ينبغي له أن يبتعِد بل يجب عليه أن يبتعد عن قُرناء السوء لقوله: (( الذين أضلانا من الجن والإنس )) وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم مِن جليس السوء فقال: ( المَرْء على دِين خليلِه فلينظُرْ أحدُكم مَن يُخَالِل )) أي على دينِ صديقِه ومُحِبِّه (فلينظر أحدُكم من يخالل)، وقال عليه الصلاة والسلام: ( مثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يُحرِق ثيابك وإما أن تَجِد منه رائحة خبيثة ) فاحذَر قرينَ السوء لا تجتمِعْ به لا تُصادِقْه لا تستَأْمِنْه على أيِّ شيء.
ومن فوائد الآية الكريمة تَبَرُّؤ التابعين من المتْبُوعين يومَ القيامة ويشهَدُ لذلك قوله تعالى: (( إذ تبَرَّأ الذين اتُّبِعُوا مِن الذين اتَّبَعُوا ورأوا العذاب )) فالمتبوعين في آية البقرة يتبرَّؤُون من التابعين كما أنَّ التابعين أيضًا يتبرَّؤُون من المتبوعين.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الإضلال يكُون من الجن والإنس لقوله: (( أضَلَّانا من الجن والإنس )) فمصاحبة الإنسي للإنسي واضح، مُصاحَبَة الجني للإنسي أيضًا مستفادة من قوله تعالى: (( وقيَّضْنَا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم )).
ومن فوائد الآية الكريمة شِدَّةُ حَنَقِ هؤلاء الضالين على الـمُضِلِّين لقوله: (( نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين )).
2 - فوائد قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا )) على التوحيد وغيره مما وجب عليهم (( تتنزل عليهم الملئكة )) عند الموت (( أن )) بأن (( لا تخافوا )) من الموت وما بعده (( ولا تحزنوا )) على ما خلفتم من أهل وولد فنحن نخلفكم فيه (( وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون )).
وقوله: (( تتنزل عليهم الملائكة )) (تتنَزَّل) مدلولها يخالف مدلول (تَنْزِل)، لأن (تتنزل) فيها زيادة على (تنزل) ما الزيادة؟ التاء فهذه الزيادة تقتَضِي معنيين: المعنى الأول أن تنَزُّلَهم يكون شيئًا فشيئًا (تتنَزَّل) لا تنزِل دفعة واحدة، والثاني: أنَّ التَّنَزُّل أو النُّزُول مُتَكَرِّر (تتنزل عليهم) يعني كلَّما دعَتْ حالُهم إلى تنَزُّل الملائكة عليهم تنَزَّلَتْ عليهم، فصار الفرق الآن بين (تنزل) و(تتنزل) مِن وجهين: الوجه الأول أنَّ (تنزل) تعني النزول مرة واحدة ودفعة واحدة، و(تتنزل) تقتضي تَكرار النزول وأنَّه يكون شيئًا فشيئًا، (( عليهم الملائكة )) سبق الكلام على ذكر الملائكة، وقول المؤلف: " عند الموت " فيه نظر، لأنَّ الله تعالى لم يُقَيِّد ذلك فالظاهر أنَّ الملائكة تتنَزَّل عليهم كلما دعَتِ الحاجة إلى النُّزُول عند الموت وعند الخوف وعند المعارك وفي كلِّ حال تقتَضي أن تنزِلَ الملائكة عليهم، لأنَّ الله أطلَق، (( تتنزل عليهم - ألا )) أي: " بأن (لا تخافُوا) من الموت وما بعدَه (ولا تحزنوا) على ما خلَّفْتم من أهل وولد فنحن نخلفُكم فيهم " نحن نقول: ألا تخافوا من مستقْبَلكم ولا تحزَنُوا على ماضيكم، لأنَّ الإنسان عند الخوف إما أن يخَافَ مِن المستقبل أو يحْزَن على ما مضى فيقول: لو أنِّي فعلت كذا لكان كذا لَمْ يحدث لي الخوف مثلًا، فالملائكة تتنزل عليهم فتقول: لا تخافوا من المستقبل ولا تحزنوا من الماضي، وقَدَّم الخوف من المستقبل، لأنه أهَمُّ مِن الحزن على ما مضى، لأنَّ مستقبَل الإنسان هو الذي يجعَلُه يسير أو يتوَقَّف فلهذا بدأ به قبل ذِكْر الحُزْن، وإذا جعلناه مثلًا مما يدعو إلى التنزل حال الموت فالإنسان عند الموت حالُه تقتَضي أن يُزَاد قوةً ونشاطًا على الإيمان والتوحيد فتتنزل عليهم الملائكة عند الموت أيضًا وتبَشِّرُهم بهذا (( ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) (أبشروا) هذه هي مِن البَشَارة وهي الإخبار { اجلس يا ولد! هذا أظنه ابن مبارك تعال عند أبوك } (( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) البَشَارة هي الإخبار بما يسُرّ، وسُمِّيَت بَشارَة، لأنه إذا سُرَّ الإنسان ظهرَت علامة السرور على وجهِه فتغيَّرَت بشَرَة الوجه، وقد تُطلَق البشارة على الإخبار بما يسُوء من باب التهكم قال الله تعالى: (( بشِّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما )) وقال تعالى: (( فبشرهم بعذاب أليم )) مع أنَّ هذا مما يسوء لكنَّه على سبيل التهكم بهم كما تقول أنت للعاصي: أبشِر بسوء العاقبة أبشِر بالنار وما أشبه ذلك مما يكون تهكُّمًا به، (( أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) (الجنة) هي الدار التي أعدَّها الله لأوليائِه وفيها -كما في القرآن الكريم- (( لا تعلم نفس ما أُخْفِي لهم من قرة أعين )) وفيها كما جاء في الحديث القدسي ( ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطَر على قلبِ بشر )، (( بالجنة التي كنتم توعدون )) مَن وعدَهم بها؟ وعدَهم الله عز وجل قال الله تعالى: (( وعدَ الله المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ))، (( التي كنتم توعدون ))
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا )) على التوحيد وغيره مما وجب عليهم (( تتنزل عليهم الملئكة )) عند الموت (( أن )) بأن (( لا تخافوا )) من الموت وما بعده (( ولا تحزنوا )) على ما خلفتم من أهل وولد فنحن نخلفكم فيه (( وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون )). أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا )) أي نحفظكم فيها (( وفي الأخرة )) أي نكون معكم فيها حتى تدخلوا الجنة (( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) تطلبون (( نزلا )) رزقا مهيأ منصوب بجعل مقدرا (( من غفور رحيم )) أي الله .
(( نزلا )) رزقا مُهَيَّئًا منصوب بـ(جُعِل) مقدَّرًا " أي: جُعِل نُزُلًا (( مِن غفورٍ رحيم )) وهو الله عز وجل، لأنَّهم لم يصلُوا إلى الجنة إلا بمغفرَتِه ورحمتِه. نعم
4 - التعليق على تفسير الجلالين : (( نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا )) أي نحفظكم فيها (( وفي الأخرة )) أي نكون معكم فيها حتى تدخلوا الجنة (( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) تطلبون (( نزلا )) رزقا مهيأ منصوب بجعل مقدرا (( من غفور رحيم )) أي الله . أستمع حفظ
في قوله تعالى : (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) أكثر المفسرين جعلها في عذاب القبر والآية عامة .؟
الشيخ : وهو كذلك الآية عامة ويدُلّ لعمومها قوله تعالى: (( مَن عمِل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحْيِيَنَّه حياة طيبة )) فإنَّ مفهومَها أنَّ مَن لم يتَّصِفْ بذلك فليس له حياةٌ طيبة.
الطالب: ما الذي حملهم على اعتقاد يا شيخ على ..
الشيخ : لعلهم فهموا أنَّ السياق يدُلّ على هذا فهنا مثلًا (( ألَّا تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) البَشارة بالجنة حقيقةً إنما تكون عند الموت فلعله السياق ظنُّوا أنه يقتضي التخصيص. نعم
5 - في قوله تعالى : (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) أكثر المفسرين جعلها في عذاب القبر والآية عامة .؟ أستمع حفظ
في قول الكفار كما حكى الله عنهم : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا )) أليس فيه إقرارا بالألوهية .؟
الشيخ : أليس فيه إقرارًا؟
الطالب: بالألوهية؟ توحيد العبادة لأن الدعاء من أنواع العبادة؟
الشيخ : يعني كونُهم دعَوُا الله عز وجل؟ لا دعاء الله تعالى يكون حتى في الدنيا لكنَّهم يدْعُون الله تعالى في الضراء وينسَوْنه في السراء، وهناك أيضًا في الآخرة ربما يُقِرُّون بهذا يعني يُقِرِّون بأنَّه حق لا إله إلا الله ولكن لا ينفعُهم هذا الإقرار. نعم
الطالب: ...
الشيخ : أن الرسول ايش؟
الطالب: صلى سلم
الشيخ : صوصلم؟
الطالب: صلى الله عليه وسلم
الشيخ : أي بَيِّن
الطالب: ...
الشيخ : فقد تكون قد ترِدُ اللَّمَّتَان في آنٍ واحد فيهوَى الإنسان الخير وإذا بالشيطان يصُدُّه عنه، وقد يكون لم يطرَأْ على باله فعلُ الخير والشيطان قد وسْوَسَ له بالشر. نعم
6 - في قول الكفار كما حكى الله عنهم : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا )) أليس فيه إقرارا بالألوهية .؟ أستمع حفظ
دعاء الكفار في قولهم : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس )) هل هو خاص بكفرة الإنس أم هو شامل لكفرة والإنس والجن جميعا .؟
الشيخ : يشمل هذا وهذا، لأنَّ الجنّ يدخُل كافرُهم النار بالإجماع
7 - دعاء الكفار في قولهم : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس )) هل هو خاص بكفرة الإنس أم هو شامل لكفرة والإنس والجن جميعا .؟ أستمع حفظ
لماذا أتت الآية بصيغة الماضي : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس )) .؟
الشيخ : هذا سؤال جيد يقول هذا القول هل حصل أو سيحصُل؟ الجواب: لم يحصل لكنَّه على حكاية الحال، أو يقال: إنَّه لَمَّا تحَقَّقَ وقوعُه صار بمنزلة الماضي كقوله تعالى: (( أتَى أمرُ الله فلا تستعجلوه )) فإنَّ أمرَ الله لم يأتِ بعْد، بدليل قوله: (( فلا تستعجلوه )).
8 - لماذا أتت الآية بصيغة الماضي : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس )) .؟ أستمع حفظ
في قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين )) ألا يدل ذلك على أن هذا حاصل في النار .؟
الشيخ : نعم، لا يدل، لأنه يمكن يجعلوهم تحت أقدامهم وهم في عرصات القيامة، يعني لا يلزم أن يكون هذا في النار.
9 - في قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين )) ألا يدل ذلك على أن هذا حاصل في النار .؟ أستمع حفظ
إغواء الجني للإنسي هل يكون من جميع الجن أم من جنس خاص .؟
الشيخ : من المعلوم أنَّ الجِنّ فيهم الصالحون وفيهم دون ذلك وفيهم المسلمون وفيهم الكفار فالذي يُضِلُّ إنما هو الكافر أما الجِنِّيُّ المؤمن فلا يُضِلّ.
الطالب: لكن يا شيخ أحسن الله إليك هل جميع كفار الجن عندهم أو مكَّنَهم الله عز وجل ..؟
الشيخ : لا ما هو على كل حال لكن أصل كُفر الإنسان أصله مِن الشيطان والنَّفس، والشيطان من الجِنّ لا شك فيه (( إلا إبليس كان من الجن )) نعم
قول الله عز وجل حكاية عن ابن آدم : (( لئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك )) ذكرتم أن هذا شرع من قبلنا وأن شرعنا جاء بخلافه ألا يكون هذا في شرعنا فيما يخص بقتال الفتنة .؟
الشيخ : بلى هذا فيه فتنة لكن مسألة قابيل وهابيل ما فيه فتنة ولهذا أمَر الرسول عند الفتنة أن يكونَ الإنسان كخيرِ ابنَيْ آدم فيكُفّ كما فعل عثمان رضي الله عنه حين ثارَ عليه الثُّوَار وأرادَ الصحابة أن يدافعوا عنه أمَرَ بالإمساك.
11 - قول الله عز وجل حكاية عن ابن آدم : (( لئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك )) ذكرتم أن هذا شرع من قبلنا وأن شرعنا جاء بخلافه ألا يكون هذا في شرعنا فيما يخص بقتال الفتنة .؟ أستمع حفظ
قراءة الآيات القرآنية .
مناقشة تفسير قوله تعالى : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) .
الطالب: في كل حال ومنها عند الموت
الشيخ : نعم في كُل حالٍ يحتاجون إلى التأييد والتثبيت ولاسِيَّما عند الموت، طيب يشهَد لهذا قوله تعالى: (( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنِّي معكم فثَبِّتُوا الذين آمنوا ))، عبَّر بقولِه (تتنزل) دون (تنزل) لماذا؟
الطالب: لسببين: الأول التدرج في التنزل، الثاني: .. تكرار ..
الشيخ : طيب أحسنت، قوله: (( أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) سعد! ما هي البشارة؟
الطالب: ترغيب الناس بالمرغوب به؟
الشيخ : الإخبار بما؟
الطالب: يَسُرّ
الشيخ : طيب، وهل تأتي لغير ذلك؟
الطالب: نعم تأتي بما يسوء قد تأتي أحيانًا بما يسوء.
الشيخ : مثالُه؟ أحمد!
الطالب: (( بشِّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ))
الشيخ : (( بشِّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما )) أحسنت، طيب هذه البشارة هي على معناها الحقيقي أو يراد بها شيء آخر يا أحمد؟
الطالب: يراد بها التنكيل عليهم
الشيخ : التهَكُّم يراد بها التهكم مثل قوله تعالى: (( ثم صُبُّوا فوقَ رأسه من عذاب الحميم * ذُقْ إنك أنت العزيز الكريم )) هذا يقال له تهكُّمًا فيه، نعم (( نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) كيف كانوا أوليائَهم في الحياة الدنيا؟
الطالب: أوليائُهم في الحياة الدنيا يعينهم على فعل الخيرات و يحذرونهم فعل المنكرات.
الشيخ : إي نعم، هل لهذا ما يشهَد له في الحديث؟
الطالب: .. قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ للشيطان لَمَّة وللملك لَمَّة )
الشيخ : أحسنت، طيب أظن وقفنا على قوله: (( ولكم فيها ما تدعون ))؟
الطالب: الفوائد ما أخذناها يا شيخ
الشيخ : أي نعم خلونا نكمل الآن الآية
13 - مناقشة تفسير قوله تعالى : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) . أستمع حفظ
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) تطلبون (( نزلا )) رزقا مهيأ منصوب بجعل مقدرا (( من غفور رحيم )) أي الله .
14 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) تطلبون (( نزلا )) رزقا مهيأ منصوب بجعل مقدرا (( من غفور رحيم )) أي الله . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم )) .
ومن فوائد الآية الكريمة الحَثّ على الاستقامَة، الاستقامَة على أي شيء؟ على دينِ الله عز وجل أن يَثْبُتَ عليه ويستقيم عليه ولا يتغَيَّر.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات الملائكة لقولِه: (( تتنَزَّل عليهم الملائكة )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّ الله تعالى سخَّر الملائكة لبنِي آدم في مَواطن كثيرة كما في هذه الآية وكما في قول الله تبارك وتعالى: (( والملائكة يدخُلُون عليهم مِن كُلِّ باب * سلامٌ عليكم بما صبرتم ))، وكما سَخَّرَهم الله تعالى يجلِسون على أبواب المساجد يوم الجمعة يكتبُون الأول فالأول، إلى غير ذلك مِن المواطن التي جاءت في الكتاب والسنة.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الملائكة التي تتَنَزَّل على هؤلاء المؤمنين المسْتَقِيمِين تبَشِّرهم بأمرين بل بثلاثة أمور: أوَّلًا: أنه لا خوف عليهم، والثاني: أنهم لا يحزنون، والثالث: أنَّ الجنة مأواهم، وقد سبق الفرق بين الخَوف والحزن.
نعم ومن فوائد الآية الكريمة تحقِيق البشرى بما يؤَيِّدُها يعني لا يكفي أن تقول لفلان: أبشر بالخير حتى تُبَيِّن ما يؤَيِّد هذه البشرى يؤخذ من هذه الآية وهي قوله: (( التي كنتم توعدون )) وذلك لعلمِهم بأنَّ وعْدَ الله لا يُخلَف.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ الملائكة أولِياء لِمَن آمن واستقَام في الحياة الدنيا وفي الآخرة، أما الحياة الدنيا فهي حفظُهم من المعاصي والزَّلَل وتهيئَتُهم للعمل الصالح ومعونَتُهم على ذلك وتثبيتُهم عليه، وأما في الآخرة فلا تسـ.. فإنَّ الملائكة تتَولاهم تتلَقَّاهم الملائكة وكذلك أيضًا يدخلون عليهم من كل باب في الجنة إلى غيرِ ذلك مما ذَكَر الله عز وجل.
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ للذين آمنوا بالله واستقاموا في الجنة ما تشتَهِيه الأنفس، وفي آية أخرى ما تشتهيه الأنفس وتلَذّ الأعين فيكون لأهل الجنة فيها متعتان: المتعة الأولى بالذَّوق والطعم والثانية بالرُّؤْية والنظر.
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ في الجنة كُلَّ شيء يُطلَب لقوله: (( ولكم فيها ما تدعون )) فكل ما يطلبون فإنه موجودٌ في الجنة نسأل الله أن يجعلَنا وإياكم من أهلها.
مِن فوائد هذه الآية الكريمة أنَّهم يُؤْتَون هذا الرزق في الجنة على أنَّه إِكرام وكرَامَة لقوله: (( نُزُلًا )) وأصْلُ النُّزُل ما يُقَدَّم للضيف من الكرامة.
ومن فوائد الآية أيضًا أنهم إنما وصلوا إلى ذلك بمغفرة الله ورحمتِه لقوله: (( نزلا من غفور رحيم )) ولولا ذلك ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه ولِهذا أخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه لن يدخل الجنة أحدٌ بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ( ولا أنا إلا أن يتغَمَّدَني الله برحمته )، فالإنسان لا يصِل إلى الجنة بالعمل ووجهُ ذلك أنَّه لو قُوبِل العمَل بالنعمة التي أنعم الله بها على الإنسان لم يكُن شيئًا، إذْ أنَّ نِعَم الله لا تحصى ولا تُعَدّ بل قال بعض أهل العلم: إنَّ شُكْرَ نعمة الله على النعمة ايش هو؟ نعمَة يحتَاج إلى شكْر ثانٍ والشكر الثاني نعمة يحتاج إلى شكرٍ ثالث وهلم جرًّا وعليه يقول الشاعر: إذا كان شُكْرِي نعمةَ الله نعمةً علَيَّ في، لا علَيَّ له، لا إله إلا الله
إذا كان شُكْرِي نعمةَ الله نعمةً علَيَّ له في مثلِها يجِبُ الشكر
فكيف بُلوغُ الشكر إلا بفَضْله وإن طالت الأيام واتَّصَل العمر
ومِن فوائد الآية الكريمة إثباتُ اسمَيْن مِن أسماء الله وهما: (الغفور-الرحيم) وهنا نعطيكم فائِدة مفيدة في الأسماء الحسنى: الأسماء الحسنى تدُلُّ على الذات والصفة دلَالَةَ مُطَابقة وتضَمُّن ودلالة التزام، فـ(غفور) يدُل على أنَّ هناك غافِرًا وهو الله، ويدل على صفةِ المغفرة له، إذْ لا يمكن أن يُوجَد اسمٌ مُشتَقٌّ لا يوجد في موصوفِه أصلُ الاشتقاق، ولهذا لا تقول للأعمى إنَّه بصير ولا لِلْأَصَمّ إنَّه سميع، طيب فلا بد إذًا مِن إثبَات الذَّات الـمُتَّصِفَة بما دلَّ عليه الاسم، ولا بُدَّ مِن إثبات الصفة التي اشْتُقَّ منها الاسم، لا بد أيضًا مِن إثبات لازِم تلك الصفة لا بد من هذا، طيب مثال ذلك قال الله تبارك وتعالى: (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ))[الطلاق:12] فأخبر أنه خَلَقَ وبَيَّنَ أنه أخبرَنا بذلك، لِنعلَمَ أنَّه على كل شيء قدير وأنَّ الله قد أحاط بكل شيء علمًا، فكيف دَلَّتْ صفة الخَلْق على العلم والقدرة؟ لأنَّه لا يمكن خلقٌ إلا بايش؟ إلا بعِلْم: يعلم كيف يخلق، ولا يمكِن خَلْق إلا بقدرة ولهذا مَن لا عِلْمَ له لا يمكن أن يخلق، ومَن عندَه عِلْم ولكنَّه عاجِز لا يمكن أن يخلق، أرأيت لو أنَّ شخصًا أراد أن يُصَلِّح مُسَجِّلًا هل يمكن أن يُصَلِّحَه إلا بعِلْمٍ كيف يُصَلِّحُه؟ لا يمكن، وهل يمكن أن يصلِّحَه وهو عاجِز أَشَلّ؟ لا يمكِن، طيب إذًا (الخالق) مِن أسماء الله تتضَمن الدلالة على الذات وهو الله، وعلى صِفة الخلق، وعلى صفة العلم، وعلى صفة القدرة أنتم معنا؟ طيب، تدُلُّ على صفة الخالق الذي هو ذاتُ الله عز وجل، وعلى صفة الخَلْق بالتضمن والمطابقة كيف بالتضَمُّن والمطابقة؟ إذا أُخِذَ اللفظ بكَامل معناه سُمِّيَت الدلالة مطابَقَة، وإذا أخذ ببعْض معناه صارَت الدلالة تضَمُّنًا، وإذا أُخِذَ بما يلْزَمُ على ذلك صارَتْ الدلالة الْتِزَام واضح؟ طيب، فدلالة الخالِق على الذَّات وصِفَةِ الخلق؟ المطابقة، ودلالَتُها على الذات وحدَها؟ تَضَمُّن، وعلى الخلق وحدَه؟ تضَمُّن، وعلى العِلْم والقُدْرَة؟ التزام، طيب نضرِبُ مثلًا في المحسوسات تقول مثلًا: لي دارٌ. الدار كما نعْلم تتضَمَّن حُجَرًا وغُرَفًا وسَاحَاتٍ وأبوابًا وشبابيك وما إلى ذلك، دلالة هذه الكلمة (دار) على كُلِّ هذا على مجموع هذا؟ دلالة مطابقة يا إخوان مطابقة، ودلالَتُها على كُلِّ غُرفة وحُجْرَة وشُبَّاك؟ تضَمُّن، ودلالَتُها على أنَّ لهذا البيت بانِيًا؟ التزام، طيب أسماءُ الله تعالى تُجرَى على هذا كذلك أيضًا يقولون: إذا كان الاسم متعَدِّيًا فلا بُدَّ مِن الإيمان به اسمًا مِن أسماء الله، والإيمانِ بما دَلَّ عليه مِن صفة، والإيمان بما يَتَرَتَّبُ على تلك الصفة مِن أفعال، فالغفور -انتبه!- لا يتِمُّ الإيمان به حتى تؤمِن بأنَّ الله تعالى تسَمَّى بهذا الاسم (غفور) فتؤمن بأنَّ الغفور اسمٌ من أسماء الله، لا بد أن تؤمن بما تضَمَّنَه مِن صفة ايش؟ المغفِرَة، لا بد أن تُؤْمِن بأنَّ الله يغفِر، بمقْتَضَى هذا الاسم (( يغفِرُ لِمَن يشاء ويعذب من يشاء ))، فانتبهوا لهاتين القاعدتين: الدلالة دلالة الاسم على المعنى تتضمَّن ثلاث دلالات: مطابقة تضَمُّن التزام، ثم الاسم مِن أسماء الله إذا كان متعَدِّيًا فلا يتِمُّ الإيمان به إلا بثلاثة أمور: أن تُؤْمِن بأنَّه اسمٌ من أسماء الله، أن تُؤمن بما دلَّ عليه مِن صفة، أن تؤمِن بما يترَتَّبُ عليه من أثَر، فإذا كان الاسم غير متعَدٍّ فلا بد مِن الإيمان بأنَّه اسمٌ من أسماء الله وبما تضَمَّنَه من صفةٍ وليس له أثر، لأنه غير متعَدِّي فالحيُّ مثلًا (الحي) اسم من أسماء الله لا يتِمُّ الإيمان به حتى تؤْمِن بأنَّه اسمٌ من أسماء الله وبأنَّ الله متَّصِفٌ بما دلَّ عليه من صفة وهي: الحياة، هل له أثَر؟ لا، الحياة صِفة لازمة ما تتَعَدَّى لكن السميع؟ مُتعَدِّي السميع ذُو سمْعٍ يسمَع به، البصير ذو بَصر يُبصِرُ به
15 - فوائد قوله تعالى : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن أحسن قولا )) أي لا أحد أحسن قولا (( ممن دعا إلى الله )) بالتوحيد (( وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )).
قال: (( وقال إنني من المسلمين )) قال باللسان أو بالقلب؟ بهما جميعًا، فإن قال قائل: قوله: (( إني من المسلمين )) هو مِن العمل الصالح لا شك فما الفائدة من ذلك؟ قلنا: الفائدة أنه يُعلِن هذا القول ولا يبالي بالمخالَفة، لأنَّ مِن الناس مَن يعمل صالحا لكنَّه تجدُه متسَتِّرًا ليس عنده الشجاعة التي تجعلهُ يُعلِن ذلك، أما هذا فإنه يُعلِن ويقول بلسان المقال