في قوله تعالى : (( يسبحون له بالليل والنهار )) قلنا الباء بمعنى في هل هذا جار على مذهب البصريين .؟
الشيخ : اذكر الآن عشان نعرف.
الطالب: نحمِد الله ونشكر فضله.
الشيخ : أي طيب أليس الله تبارك وتعالى يقول: (( اشكروا نعمة الله ))؟
الطالب: نعم.
الشيخ : والمراد نعمة الله المخلوقة ما هي الصفة يعني: ما أنعم الله، كذلك أشكُرُ فضل الله ليس معناه إني أجعَل هذه الصفة مشْكُورة لكن هذا الفضل الذي مَنَّ الله به عليّ أشكر الله عليه.
الطالب: يعني جائزة هذه العبارة؟
الشيخ : ما فيها شيء.
الطالب: قوله يا شيخ: (( بالليل والنهار )) ... علماء البصرة الذين ينكرون .. الحروف ... كيف تجيبون على مثل هذه الآيات؟
الشيخ : حِنّا بارك الله فيك لدينا قاعدة أنه إذا دَلَّ القرآن على شيءٍ جائز فلا عبرةَ بمَن خالف، هذه واحدة، ثانيًا: إذا اختلف النحويون في مسألة فإنَّنا نتْبَع الأسهل، ما فيه دليل شرعي مثلًا يؤيد هؤلاء أو هؤلاء فنتْبَع الأسهل، وأنا قد أعطيت طلابنا هذه القاعدة على أنكم إذا رأيتم علماء البصرة وعلماء الكوفة مختلفين في شيء فاتْبَعُوا الأسهل وقولوا: الحمد لله على الراحة، نعم، خُذْ هذه القاعدة إن شاء الله معك عشان تحملها إلى قومك.
الطالب: لأنَّ شيخ الإسلام يُغَلِّظ
الشيخ : لا هذه مي هي بمثل هذه شيخ الإسلام يُغلِّظ فيما إذا ضُمِّن الفعل معنًى يناسِب حرف الجر مثل: (( عينًا يشرَبُ بها عباد الله )) منهم مَن يقول: (بها) الباء بمعنى (مِن) يشرَبُ منها عباد الله، ونحن نقول: لا، الأَوْلَى أن تُضَمِّن الفعل معنًى يناسِب الحرف فهمت؟، أما الآيات التي معنا (( يسَبِّحُون له بالليل )) فلا تستقيم.
1 - في قوله تعالى : (( يسبحون له بالليل والنهار )) قلنا الباء بمعنى في هل هذا جار على مذهب البصريين .؟ أستمع حفظ
الذي يقول : إن الله ليس داخل العالم ولا خارجه . هل هذا كفره صريح .؟
الشيخ : لا، هذه والله ما أستطيع إني أحكم عليهم بالكفر.
الطالب: ....عقلية يا شيخ على علو الله
الشيخ : إي ما يخالف لكن هم يقولوا: ما ننكر علو الله لكن نريد نفسِّرُه بالعُلُوّ المعنوي يعني أنه عالي القدرة عالي السَّمع عالي البصر وما أشبه ذلك.
يقول بعض الطوائف : إن السحر علم ويستدلون بقوله تعالى : (( وقال الذي عنده من الكتاب )) فكيف نرد عليهم .؟
الشيخ : السحر؟ نحن نقول: السحر علم أليس الله تعالى قال عن الملكين: (( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه )) ما فيه إشكال أنه علم.
الطالب: ... هذه الآية
الشيخ : لا هذا ما هو بصحيح يعني كأنهم يريدون أنَّ هذا ساحر الذي عندَه عِلْم من الكتاب قال: (( علمٌ من الكتاب )) ما قال: علمٌ من السحر، ثم إنَّ السحر لا يمكن أن يُغَيِّر الحقائق السحر يُخَيِّل الأشياء يعني بمعنى أنه يجعَل المسحور يرَى الساكن متحرِّكًا والمتحرِّك ساكنًا أما أن [قطع]
3 - يقول بعض الطوائف : إن السحر علم ويستدلون بقوله تعالى : (( وقال الذي عنده من الكتاب )) فكيف نرد عليهم .؟ أستمع حفظ
قراءة الآيات القرآنية .
تفسير قوله تعالى : (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )) .
الأول: ما دلَّ الدليلُ على أنَّه خاصٌّ برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو خاص به، والثاني: ما دلَّ الدليل على العموم فهو للعموم، والثالث: ما لا دليلَ فيه على هذا ولا على هذا فيصِحّ أن يكون خاصًّا بالرسول وأن يكون موجَّهًا لكُلِّ مَن يتأتى خطابُه، ففي قوله تعالى: (( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك )) الخطاب خاصٌّ بالرسول عليه الصلاة والسلام إذْ أنَّ هذا لا يتأَتَّى لغيره، وفي قوله تعالى: (( يا أيها الرسول بَلِّغْ ما أنزل إليك من ربك )) هذا أيضا خاصٌّ به، وفي قوله تعالى: (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن )) هذا عام دل الدليل عليه، لأنه قال: (( يا أيها النبي )) ثم قال: (( إذا طلقتم )) وغالب ما يأتي ألَّا يكون فيه دليل لهذا ولا لهذا فنقول: إمَّا أنه مُوَجَّهٌ للرسول عليه الصلاة والسلام وأمتُه تكُونُ متأسِّيَةٌ به في ذلك، وإما أن يقال: إنه خطاب لكلِّ مَن يتأتى خطابه، في هذه الآية (( أنك ترى الأرض )) هل الخطاب هنا خاص بالرسول؟ لا، بل هو عامٌّ له ولغيره، إما أنَّ غيرَه داخلٌ في ذلك في أصْل المخاطبة وإمَّا بالتَّبَع
5 - تفسير قوله تعالى : (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن ءاياته أنك ترى الأرض خاشعة )) يابسة لا نبات فيها (( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت )) تحركت (( وربت )) انتفخت وعلت (( إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )).
أوَّلًا: أنَّ مِن آياتِ الله الدالة على قدرَتِه أنَّ الأرض اليابسة الهامدة إذا نزَل عليها الماء نبتَتْ واهتَزَّتْ ورَبَتْ وهل أحد يستطيع أن يفعَل مثل ذلك؟ أبدًا قال الله تعالى: (( أفرأيتم ما تحرثون * ْأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون )) لا أحد يستطيع مهما بلغَ مِن القوة أن يُنبِتَ ورقة ًواحدة، وقد تحدَّى الله عز وجل جميع الخلق فقال: (( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إنَّ الذين تدعُون مِن دون الله لن يخلقُوا ذبابًا ولو اجتمعوا له )) وهذا تحَدٍّ بالأمر الكوني القدري، وتحدَّى اللهُ الخلق بالأمر الشرعي فقال: (( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ))[الإسراء:88] إذًا فالإنسان عاجِز مهما كان.
6 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن ءاياته أنك ترى الأرض خاشعة )) يابسة لا نبات فيها (( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت )) تحركت (( وربت )) انتفخت وعلت (( إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )). أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )) .
وفيه أيضًا: الاستدلَال بالأدلة العقلية، أنَّ الإنسان يستَدِل بالمحسُوس على المعقول، يعني أنَّ قُدْرَةَ الله على هذا تدُلُّ على قُدْرَتِه على الآخر.
ومن فوائدها أيضا: استعمال القياس وأنَّ القياس ثابِت، لأنَّ الله تعالى قاسَ إحياءَ الموتى على إحياءِ الأرض.
ومِن فوائد الآية الكريمة: تأكِيد ما ينبغِي تأكيدُه سواءٌ كان ذلك بإنكار منكِر أو شكِّ شاكّ أو أهمية الأمر، لأنَّ التأكيدات تكون إمَّا لأهمية الأمر وإمَّا لرَفْعِ الشك والتَّرَدُّد في الشيء حتى يكونَ أمرًا يقينيًّا، وإمَّا لإثبات الشيء المنكَر، فمثلًا إذا كانت الآية تُخاطِب الذين ينكرون البعث فهذا الإِثبات لِإِثْبَات مُنكَر يعني إثبات شيء أنكرَه قوم، وإذا كانت الآية تخاطِب مَن يترددون في ذلك فهي لرفع الشك والتردد وإذا قدَّرْنا أنَّها تخاطب مَن لا شك عنده ولا إنكار فهو لأهمية الأمر لأهمية الموضوع لأنَّ الإيمان بذلك هو الذي يحدُو الإنسان إلى أن يعمَل لولا أن الإنسان يؤمن بأنه سوف يُبعَث ويُجازَى لكان غيرَ نشيط على العمل، أكثر ما يُنَشِّطُ الإنسان على العمل هو خوفُه يوم القيامة.
ومن فوائد الآية الكريمة: عموم قدرة الله عز وجل، لقوله: (( إنه على كل شيء قدير )) فلا يُعجِزُه شيء لِتمام علمِه وتمَام قدرته، قال الله تعالى: (( وما كان الله لِيعجزَه مِن شيءٍ في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) لأنَّ العاجز إما أن يكون لعدَم علمِه وإما أن يكون لعدم قدرته، فنفَى الله عز وجل العجز وبيَّن أنَّ ذلك بسبب كمال علمه وقدرته { انتبه يا ولد الأخ انتبه } طيب إذًا (( إن الله على كل شيء قدير )) ذكر الجلال السيوطي غفَر الله لنا وله في سورة المائدة كلامًا منكرًا قال: " وخَصَّ العقلُ ذاتَه فليس عليها بقَادِر " يعني كأنه يقول: على كل شيء قدير إلا على ذاتِه فليس عليها قادرًا وهذا لا شك أنه قولٌ منكر كأنه يقول مثلًا: هل يقدِر الله عز وجل على أن يُفنِيَ نفسَه؟ على كلامه، نقول: هذا قولٌ ساقط، لأنَّ القدرة إنما تتعلق بالشيء الممكن أما الشيء المستحيل فهو مستحيل، وليس مستَحِيلا على قدرتنا لا، المستحيل على قدرتنا غير المستحيل على قُدرَة الله، لكن المستحيل لذاته فإنه لا يمكن أن تتعَلَّق به قدرة ولا غير قدرة إلَّا العلم، ولهذا قال السَّفَّارِيني في العقيدة: بقُدْرَةٍ تعلَّقَتْ بِمُمْكِن، فيقال للجلال عفا الله عنا وعنه: إن أردت أنَّ الله ليس بقادر على أن يُفنِي نفسه فهذا أمرٌ غير وارِد إطلاقًا، لأن القدرة لا تتعلق بهذا، وإن أردت أنَّه غير قادر على أن ينزل إلى السماء الدنيا وأن يأتي للفَصل بين عباده وأن يستَوي على عرشه ونحو ذلك من الأفعال الاختيارية فهذا كذِب، بل هو قادر على ذلك لكنَّ السيوطي عفا الله عنا وعنه ممن يرَوْن أنَّ الأفعال الاختيارية لا تقُوم بالله يعني يقول: إنَّ الله ما يمكن ينزل ولا يستوي ولا يأتِي يوم القيامة، لأنَّ هذه على زعمه حوادِث والحوادث لا تتعَلَّق إلا بحادث، على كل حال هذه فلسفة جاءَ بها أهل الكلام وما أكثر ما جاءوا به من الكلام، وكلامُهم كلامٌ في كلام، لا فائدة فيه، تطويلٌ بلا فائدة، إضاعة للوقت بلا فائدة، مُؤَدٍّ إلى الشَّكّ والترَدُّد بلا فائدة، ولهذا قال بعضهم: " أكثَرُ الناس شَكًّا عند الموت أهلُ الكلام " نعوذ بالله، لماذا؟ لأنهم لم يبْنُوا عقيدتهم على الكتاب والسنة بنَوْها على وهمِيَّاتٍ ظنُّوها عَقْلِيًّات فضَلُّوا وأضلوا، نحن نقول كما قال ربنا عز وجل: (( إن الله على كل شيء قدير )) فقط ويكفِي، أما العلم فهو أوسع من القدرة العلم أوسع من القدرة، لأنَّ العلم يتعلق بالواجب والمستحيل والممكن، يعني علمُ الله متعَلِّق بكُلِّ شيء يتعلق حتى بالمستحيل قال الله تعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) وهذا مستحيل ومع ذلك تعلَّق به العلم، (( ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومَن فِيهن )) وهذا أيضًا مِن المستحيل على حكمة الله عز وجل.
ومن فوائد الآية الكريمة: الاستدلال بالعموم على الخصوص فالله تعالى استدَلَّ على قدْرَتِه على إحياء الموتى بدليلين: أحدهما خاص والثاني: عام الخاص، ما هو الخاص؟ إحياء الأرض بعد موتها، العام: (( إنه على كل شيء قدير )) وينبني على هذه الفائدة أنَّ العام يتناوَلُ جميعَ أفراده وقد ذَكَرَ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله حين علَّمَ أُمَّتَه التشَهُّد قال: ( إذا فعلتم ذلك فقد سَلَّمْتُم على كلِّ عبدٍ صالح في السماء والأرض ) فمثلًا إذا قال الرجل: دُورِي وَقْف. يشمل جمِيع الدُّور؟
الطالب: نعم
الشيخ : طيب، ولو قال: سياراتي لفلان. يشمل جميع السيارات، ولو قال: نسائِي طوالق. يشمَل كل امرأة له، ولو قال: عبيدِي أحرار. شمل كُلَّ عبد، المهم أنَّ العام يتناول جميعَ أفرادِه طيب
7 - فوائد قوله تعالى : (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين يلحدون )) من ألحد ولحد (( في ءاياتنا )) القرآن بالتكذيب (( لا يخفون علينا )) فنجازيهم .
آياتٌ شرعية وهي الوحي المنَزَّل على الأنبياء والرسل، وآياتٌ قدَرِيَّة وهي المخلوقات كلُّ المخلوقات آياتٌ قدرية تدُلُّ على خالِقِها وبارئِها، وفي ذلك يقول الشاعرُ الصادِقُ في قوله:
فوا عجبًا كيف يُعصَى الإله أم كيف يجحَدُه الجاحد
وفي كل شـــــيءٍ له آيةٌ تدلُّ على أنَّه واحد
كلُّ المخلوقات آيةٌ من آيات الله، إذًا الآيات قسمان: كونية وهي جميع المخلوقات، شرعية وهي الوحي المنَزَّل على الرسل عليهم الصلاة والسلام، طيب الإلحاد في الآيات الكونية يكون بواحد مِن أمور ثلاثة: إما بإضافتها إلى غير الله، وإما باعتقادِ مُشارك لله فيها، وإما باعتقاد مُعِينٍ لله فيها كم هذه؟ ثلاثة: الأول نسبَتُها إلى غير الله فيقول مثلًا: الذي خلق السماء القوة الطبيعية هذا إلحاد في الآيات الكونية، أو اعتقاد مُشارك لله فيها مثل أن يقول: الذي يدَبِّر الكون هو الله والإمام الفلاني كما تقوله بعض الرافضة الثالث: اعتقاد معينٍ لله فيها يعني كأن الله عجَز عن إقامة السماوات والأرض فأعانه آخَر هذا هو الإلحاد في آيات الله الكونية وإلى هذا يشير قوله تعالى: (( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير )) كُل الثلاثة نفاها (( لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض )) على سبيل الاستقلال (( وما لهم فيهما من شرك )) على سبيل المشاركة (( وما له )) أي ما لله (( منهم من ظهير )) أي مُعِين، مرة ثانية نقول: الإلحاد في الآيات الكونية يا صالح ما هو؟
الطالب: إما بإضافتها لغير الله، أو اعتقاد مشارك لله عز وجل، أو اعتقاد معين لله.
الشيخ : إما بنسبتها إلى غير الله أو اعتقاد مشارك لله فيها أو اعتقاد معين لله فيها كلُّ هذا إلحاد، الآيات الشرعية قلنا: إنها هي ما نزل مِن الوحي على رُسُل الله، الإلحاد فيها يكون بتكذيبها وتحريفِها ومخالفَتِها أيضًا في ثلاثة أمور يكون بثلاثة أمور: تكذيبِها أو تحريفِها أو مخالفَتِها، هذا الإلحاد في الآيات الشرعية فمَن كذَّب وقال: إنَّ محمدًا مثلًا لم ينزِلْ عليه وحي وإنما يعَلِّمُه بشَر فهو مُلحِد، ومَن حرَّفَها وغيَّرَ معناها أو غيَّر لفظَها فهو مُلْحِد لأنَّ التحريف يكون لفظًا ويكون معنى، والثالث: مَن خالَفها فهو مُلْحِد فمَن عصَى الله فهو مُلحِد لكنَّه ليس الإلحاد الذي نفهَمُه وهو الخُروج من الدين بل هو مُلحِدٌ إلحادًا بقدر ما فعل مِن المعصية والمخالفة، دليل ذلك قوله تعالى: (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )) الدليل هذا سمعي، دليل عقلي أنَّنا قلنا: الإلحاد في اللغة هو الميل والعاصي المخالِف للأوامر مائِل بلا شك، الإلحاد في الآيات الشرعية يكون يا أخ
الطالب: ثلاثة
الشيخ : بثلاثة ولَّا بواحدة من ثلاثة؟
الطالب: بواحد مِن بثلاثة إمَّا بتكذيبِها أو تحريفِها أو مخالفَتِها.
الشيخ : تمام، طيب هؤلاء الذين يُلحِدُون في هذا أو في هذا يقول الله عز وجل: (( لا يخفَون علينا )) هذه صفة نفي (( لا يخفون )) نفَى الله عز وجل أن يخفَى عليه هؤلاء لِمَاذَا؟ لِكمَال علمِه، واعلَمْ أنَّه لا يمكن أن يُوجَد في صفات الله نفْيٌ محْض بل كُلّ ما نفَى الله عن نفسِه فهو متضَمِّن لكمال وإثبات وهذه دعْها قاعدة عندك لا تفرِّطْ بها، لا يُوجَد في صفات الله نفْيٌ محْض بل كُلّ ما نفَى الله عن نفسِه فإنَّه متضَمِّنٌ لكمال، فمثلًا (( لا يخفون علينا )) ليش؟ لكمال علمِه فإنَّ الله تعالى كامل العلم مُحيطٌ بكل شيء (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلُنا لديهم يكتبون )) طيب إذًا (لا يخفون علينا) أي لا تخفَى علينا حالهم ولا أعيانُهم لِكمال العلم، و..المراد بهذه الجملة المراد بها التَّهديد كما تقول لابنك: يا بُنَيّ اذهَبْ لِمَا شئت فإنك لا تخفى عليّ لا يخفى عليَّ فعلك، فالمراد بها التهديد وهي في غاية التهديد، لأنه إذا قال الله عز وجل: (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا )) فسوف ترتَعِدُ الفرائِص من هذا الوعيد، ثم قال (( لا يخفون علينا )) فنجازيهم " المؤلف رحمه الله يقول: " (في آياتنا) القرآن بالتكذيب " ففي تفسير المؤلف قصور: أولا: أنه جعل الآيات هنا الآيات الشرعية وهذا غلَط: الآيات أعم، ثانيًا: أنه لم يجعَل الإلحاد في الآيات الشرعية إلا بنَوعٍ واحد مِن الإلحاد وهو التكذيب وقد قلنا: إنَّ الإلحاد فيها يكون بواحد من ثلاثة أمور: إما التكذيب أو التحريف أو المخالفة طيب
8 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين يلحدون )) من ألحد ولحد (( في ءاياتنا )) القرآن بالتكذيب (( لا يخفون علينا )) فنجازيهم . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي ءامنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) تهديد لهم .
الطالب: (( من يأتي آمنا يوم القيامة )).
الشيخ : (( أفمن يلقى في النار )) استفهام من الله عز وجل (( أفمن يلقى في النار خيرٌ أمَّن يأتي آمنا يوم القيامة )) الجواب لا شك أنه الثاني طيب، وفي قوله: (أفمن يؤتى) [كذا] هذا نتيجَةُ قوله (( لا يخفون علينا )) إذًا فالمعنى: لا يخفون علينا وسنُلْقِيهم في النار لأنَّ هذه هي النتيجة مِن قوله: (( لا يخفون علينا )) فيكون المعنى: لا يخفون علينا وسنُلْقِيهم في النار وأخبِرُوني: أفمن يُلقَى في النار خير أمَّن يأتي آمنا يوم القيامة؟ والجواب أنَّ الناس بصوتٍ واحد سيقولون: مَن يأتِي آمنًا يوم القيامة فهو الخَيْر، وقوله: (( أفمن يلقى في النار خير )) (يلقى) يفيد هذا أنَّ أهل النار -والعياذ بالله- إذا وردوها لا يدخُلُوها طائعين ولا مُختارين ولكنَّهم يُلقَوْن إلقاءً كما يُلقَى الحجر من على الجبل قال الله تعالى: (( كلَّما أُلْقِيَ فيها فوجٌ سألَهم خزنتها )) (كلما ألقي فيها) وقال تعالى: (( يوم يُدَعُّون إلى نارِ جهنم دعًّا )) لأنهم لا يريدون أن يذهبوا، ولكن قد ثبتَ أنَّ النار تُمَثَّل لهم كالسراب فيأتُون إليها سراعًا نقول: لا منافاة هي تُمَثَّل لهم كالسراب وهم يريدون الشُّرْب فيأتون إليها سِراعًا فإذا وصلوا إليها وعرفُوا أنها النار حينئِذٍ يقِفون ثم يُدَعُّون إلى نار جهنم دعًّا أعاذَنا الله وإياكم منها ثم يُلقَون فيها إلقاءً، وقوله: (( خيرٌ أمَّن يأتي آمِنًا يوم القيامة )) وهم المؤمنون الذين لا يُلْحِدُون في آيات الله هؤلاء يأتون يوم القيامة آمِنِين، قال الله تعالى: (( الذين آمنوا ولم يلبِسُوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن )) في الدنيا أو الآخرة؟ في الدنيا والآخرة، طيب (( أمَّن يأتِي آمِنًا )) إعراب (آمِنًا) لماذا صارَت بالنصب وقبلَها فعل مضارع؟
الطالب: حال
الشيخ : حال، أين الفاعل؟
الطالب: فاعل (يأتي)
الشيخ : الفاعل مستَتِر التقدير: أمَّن يأتِي هو آمِنًا يوم القيامة، يوم القيامة يعني به يوم البعث والنشور وسُمِّي يوم القيامة لوجوه ثلاث: الأول أنَّ الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين كما قال تعالى: (( يوم يقوم الناس لرب العالمين ))، الثاني: أنَّه يُقَام فيه العدل كما قال تعالى: (( ونضَعُ الموازين القسط ليوم القيامة ))، والثالث: أنَّه يُقَامُ فيه الأشهاد (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) فلهذا سُمِّيَ يومَ القيامة لوجوه ثلاث الأخ؟
الطالب: إما لقيام الناس من قبورهم
الشيخ : لقيام الناس من قبورهم لرب العالمين الدليل؟
الطالب: (( يوم يقوم الناس لرب العالمين ))
الشيخ : هذا واحد، الثاني؟
الطالب: الثاني: قيام الأشهاد
الشيخ : نعم، الدليل؟
الطالب: (( ويوم يقوم الأشهاد )) ..
الشيخ : طيب، الثالث؟
الطالب: قيام الموازين بالقسط
الشيخ : أنه يُقَام فيهم العدل، الدليل؟
الطالب: (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )).
الشيخ : طيب بارك الله فيك، (( أمَّن يأتي آمنا يوم القيامة اعمَلُوا ما شئتم )) يعني: بعد هذا الإنذار والتهديد والوعيد (( اعملوا ما شئتم )) وهذه جملة أيضًا تفيد التهديد بلا شَكّ يعني: اعملُوا ما شئتم مِن الخير أو من الشر (( إنه بما تعملون بصير )) إذًا (( اعملوا ما شئتم )) ليست إباحَة أنَّ الإنسان يعمَل ما شاء كما يدَّعي هؤلاء أنَّ الحُرِّيَّة أن تعمَلَ ما شئت عند هؤلاء الكفار الإنسان حُرّ في دينه يَدِينُ بما شاء، حُرّ في أخلاقِه يتخَلَّق بما شاء، حُرّ بأعماله يعمل ما شاء هكذا عندهم، ونحن نقول: لا، الحُرِّيَّة المطلقة هي الرِّقُّ الـمُطْلَق لأنك إذا تحرَّرْت من قُيود الشرع تقَيَّدتَّ بقُيود الشر، ولهذا يقول ابن القيم في النونية: " هربُوا مِن الرِّقِّ الذي خُلِقُوا له " ما هو الرِّقّ الذي خُلِقْنا له؟ عبادة الله عز وجل " وبُلُوا " يعني ابْتُلُوا " برِقِّ النفس والشيطان " صاروا عبيدًا لأنفسِهم والشَّيَاطِين فرُّوا مِن رقِّهم لله إلى رقِّهم للهوى والشيطان، فنقول: إنَّ قوله: (( اعملوا ما شئتم )) ليس إطلاقا بمعنى ليس إباحة ولكنَّه تهديد وهو أسلوبٌ عرَبِيٌّ مبين منذ نزَل القرآن وإلى يومنا هذا، ولهذا أكَّدَه بقوله: (( إنه بما تعملون بصير )) قال المؤلف: " تهديد لهم " (( إنَّه )) الضمير يعود على من؟ على الله عز وجل وقوله: (( بما تعملون بصير )) أي عليم، وقوله: (( بما تعلمون بصير )) قُدِّم على عاملِه لسببين:
أحدهما: لفظي، والثاني: معنوي، أما اللفظي فهو لتناسب الآيات رُؤُوس الآيَات والقرآن الكريم كما تعلَمون نزل بلسانٍ عربِي يُراعي التَّناسب اللفظي والمعنوي، والفائدة الثانية: أنَّه أشَدُّ تهدِيدًا مما إذا جَاء متأخِّرًا عن عامِلِه كأنه يقول: لو لم يكن عالِمًا بأيِّ شيء لكانَ عالِمًا بأعمالكم، فهنا الحَصْر لِبيان التهديد لهؤلاء كأنَه يقول: لو خَفِي عليه كُلُّ شيء لم يَخْفَ عليه أعمالكم
9 - التعليق على تفسير الجلالين : (( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي ءامنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) تهديد لهم . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) .
أولا: تحريمُ الإلحاد في آيات الله، وجه ذلك أنَّ الله تعالى هدَّد الملحدين في آيات الله.
ثانيا: إثباتُ الآيات والتَّقسيم مِن عندِنا مبْنِيٌّ على التتبع والاستقراء أفهمتم؟ يعني إثبات أنَّ الله له آيات كونية وشرعية الآية ليس فيها ذلك لكن بالتَّتَبُّع والاستقراء علِمْنا أنَّ آياتِ الله تنقسم إلى قسمين: شرعِيَّة وكونية.
ومن فوائد الآية الكريمة: تهدِيدُ الـمُلْحِدين بأنَّ الله مُطَّلِعٌ عليهم لا يخفى عليه شيء من أحوالهم.
ومن فوائدها: سَعَةُ علم الله تبارك وتعالى وأنَّه لا يخفى عليه شيء.
ومن فوائدها: أنَّ الإلحاد سبَبٌ لدخول النار لقوله: (( أفمن يلقى في النار )) مِثْل مَن؟ الملحدين.
ومِن فوائد الآية الكريمة: أنَّ أهل النار -والعياذ بالله- يُلْقَون فيها إلقَاءً ويُدَعُّونَ إليها دَعًّا إهانَةً لهم وإِذْلَالًا لقوله: (( أفمن يُلقَى في النار )).
ومِن فوائد الآية الكريمة: جواز المفاضلة بين شيئين بينَهما مِن التباين أكثر مما بين السماء والأرض إفحامًا للخصم أنتم معنا؟ الدليل: (( أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة )) كلٌّ يعرف أنَّ الثاني خير وأنه لا حاجة إلى الاستفهام لكن مِن أجْل إِفحام الخَصْم وإقامَة الحجة عليه، ونظير ذلك قوله تعالى: (( آلله خير أما يشركون )) كُلٌّ يعرِف أنَّ الله خير لكن هذا مِن باب إفحام الخصم، ومنه قوله تعالى: (( قل ءأنتم أعلم أم الله )) كُلٌّ يعرف أنَّ الأعلم هو الله لكن هذا أيضًا مِن باب إفحام الخصم، وهذه فائدة انتبِهُوا لها أنَّ المفاضلة بين شيئَيْن التفاوَتُ بينهما ظاهر لا يُرَاد به المقارَنة ولكن يُرَاد به إفحَام الخصم.
طيب من فوائد الآية الكريمة: أنَّ مَن استقام في آيات الله ولم يُلحِد فيها فإنَّه يأتي يوم القيامة آمِنًا لقوله: (( أمَّن يأتي آمنا يوم القيامة )) في مقابل الملحدين الذين يُلْقَون في النار.
ومن فوائد الآية الكريمة: عظَمَةُ الله عز وجل وقوة سلطانه لقوله: (( اعملوا ما شئتم ))فإنَّ مثل هذا التهديد لا يكون إلا مِن كامِل السلطان.
ومن فوائد الآية: إثبات يوم القيامة لقولِه: (( يوم القيامة )).
ومنها أيضًا: أنَّ الناسَ في يوم القيامة بين آمِنٍ وخائِف لقوله: (( أمن يأتي آمنا يوم القيامة )).
10 - فوائد قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) . أستمع حفظ
الكلام على مذاهب الناس في مسألة أفعال العباد .
الطالب: ما له اختيار
الشيخ : هم يقولون: هكذا اللي ينزِل باختياره لا فرق، فقيل لهم: إذا كان كذلك فإنَّ مِن أظلَم الظلم أن يُعَذِّبَ اللهُ الظالم لأنَّ الظالم يقول: أنا مُجبَر ما لي قُدرَة ولا لي اختيار، قالوا: لا، لا يمكن، الظُّلْم في حَقِّ الله مستحِيلٌ مستحِيلٌ لذاتِه لا لِأَنَّ الله لا يُريدُه لكنَّه مستحيل لذاتِه لماذا؟ فقالوا: لأنه تصَرُّفُ الخالق في مُلكِه والمتصَرِّف في ملكه ليس بظالِم، واضح؟ ولهذا قال ابن القيم عنهم: " والظلمُ عندَهُم الـمُحَالُ لذاتِه " ونحن نقول: أخطَأْتم لأنَّ الله تعالى شرَعَ شرائع وأوعَد مَن خالَفَها ووعَد مَن وافقَها وأعطى الإنسان حرية والظُّلْم ممكِن في حَقِّ الله لكنَّه مستحِيلٌ عليه إرادَةً بمعنى أنه لا يريد الظلم ولو شاء لَظَلَم لكنه لا يريده، وليس وصفَه إطلاقًا قال الله تعالى: (( وما ربك بظلام للعبيد )) وقال: (( ما يُبَدَّلُ القول لدي وما أنا بظلام للعبيد )) وقال الله تعالى في نفي إرادة الظلم: (( وما الله يُريد ظلمًا للعباد )) وكيف يتَمَدَّحُ الله عز وجل بأمْر مستحيل؟ هذا غير ممكن لولا أنَّ الظلم ممكِن ما كان وصْفُ الله به كمالًا فهو ممْكِن أن يُعَذِّب الإنسان الذي أمْضَى ليلَه ونهارَه في طاعة الله ممكِن عقلًا أو لا؟ عقلًا ممكِن، لكنَّ الله تعالى لا يُريد هذا لذلك بطَلَ قولهم بأنَّه الظَّلم محالٌ في حَقِّ الخالق لأنَّه يتصرف في ملكه، على كلِّ حال في الآية هذه (( اعملوا ما شئتم )) دليل على إثباتِ المشيئة لِلعبد وهو يرُدُّ ردًّا واضِحًا على الجبرية، العجب أنَّه قامَ أناس ضد الجبرية فدَاوَوُا البدعة ببِدْعة قالوا: الإنسان له مشيئة وإرادَة واخْتِيار لكنَّه منفصِل عن إرادة الله تعالى ومشيئَتِه مُستقِلّ بالعمل ما لله فيه إرادَة إطلاقًا، كيف؟ قال: نعم أنت الآن تذهب وتجيء باختيارك لا تشعُر أن أحدًا يجبِرُك أو يكرهك فإذًا لا علاقةَ لله بفعلك أنت تفعل مختارًا مستقِلًّا عن إرادة الخالق، أفهمتم الآن؟ طيب، أيهم أقرب إلى المعقول الجبرية أو القدرية؟ القدرِيَّة أقرب للمعقول، لأن كل إنسان يعرِف أنَّه يفعَل الشيء باختياره وأنَّه يُحمَد على فعلِه للخير ويُذَمّ على فعلِه الشر ولو كان بغير اختيار ما استَحَقّ أن يُحمَد على الخير ولا أن يُذَمَّ على الشَّرّ كُلٌّ يعلَم ذلك، ولهذا يُسَمَّوْن العقلَانيين، لأنهم يُحَكِّمُون العقل حتى في مثل هذا الأمر، إذًا نقول: قُوبِلَت بدعَةُ الجبرية ببدعة مَن؟ القدرية الذين أثْبَتُوا للإنسان إرادَةً استقلالًا ولهذا يُسَمَّوْن مجُوس هذه الأمة، مجوس هذه الأمة كيف؟ لأنَّ المجوس يقولون: الحوادِث لها خالقان: الظُّلمة والنُّور، كلّ ما في الدنيا مِن شَرّ فخالقُه الظلمة، كُلّ ما فيها مِن خير فخالقُه النور، لأنَّ الأشياء اللي في الدنيا كلها إمَّا خير وإما شر، فيجب أن يكون هناك إلهان: إلَهُ الخير وإلَه الشر، أيُّهما المناسب للخير؟ النُّور لأن النور فيه سَعَة الصدر وانشراح، وأيهما أنسَب للشر؟ الظلمة، قالوا: إذًا جميع ما يحْدُث في الكون له خالقان: ظلمة ونُور، الظلمة تخلُق الشر والنور يخْلُق الخير وفي هذا يقول المتنبي في ممدُوحِه:
وكم لظلام الليل عندك من يد تحَدِّث أنَّ المانَوِيَّة تكذب
(كم) للتكثير "كم لظلام الليل عندك مِن يَدٍ" أي من نعمة "تحَدِّث أنَّ المانوية" وهم فرقة من المجوس "تكذب" لأنَّ المانوية يقولون الظلمة تخلق الشر، والنِّعَم خير ولا شر؟ خير، يقول لممدوحِه: أنت تجُود ليلًا ونهارًا مما يُكَذِّب المانَوِيَّة الذين يقولون: إنَّ الظلمة تخلُق الشر، على كل حال نحن نقول: إنَّ الجبرية قوبِلَتْ بدعتهم ببدْعة واعْلَمْ أن البدعة لا يمكن أن تُقَاوَم ببدعة لأن