تفسير سورة فصلت-08a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة الكلام على مذاهب الناس في مسألة أفعال العباد والاحتجاج بالقدر .
وكم لِظلَامِ الليل عندك مِن يدٍ تُحَدِّث أنَّ الـمَانَوِيَّةَ تكْذِبُ
(كم) للتكثير "كم لظلام الليل عندك من يد" أي مِن نعمة "تحدث أن المانوية" وهم فرقة مِن المجوس "تكذب" لأنَّ المانوية يقولون: الظلمة تخلق ايش؟
الطالب: الشر
الشيخ : والنِّعَم خير ولَّا شر؟ خير يقول لممدوحِه: أنت تجود ليلًا ونهارًا مما يكَذِّب المانوية الذين يقولون إنَّ الظلمة تخلق الشر، على كلِّ حال نحن نقول: إنَّ الجبرية قوبِلَتْ بدعتُهم ببدعة، واعلم أنَّ البدعة لا يمكن أن تُقاوم ببدعة، لأنك إذا ابتدعت ادعى عليك هو ادعى هو عليك، ومِن ذلك ما يفعلُه بعض الناس في يوم عاشوراء يوم عاشوراء عند الرافضة يوم حُزْن وبلاء، جاء أناس مِن أهل السنة قالوا: إذًا نجعله يوم فرح وسرور وينبغي يوم عاشوراء أن نتزَيَّن ونتجَمَّل ونُوَسِّع على العيال ونكشف بهم ونريهم الأشياء، ضد الحُزْن لكن هل هذا صحيح؟ لا، لأن إذا فعلْنا هذا قالت الرافضة: ما دليلكم على هذا؟ فلا يمكن أن تقابَل البدعة ببدعة أبدًا لا تُقابَل إلا بالسنة، نحن نُقابِل الجبرية الذين ينكرون مشيئة العبد بدلالة الكتاب والسنة أنَّ للإنسان مشيئة، ونقابل القدرية بأنَّ الله تعالى له مُلْك السماوات والأرض وما تشاءون إلا أن يشاء الله أفهمتم؟، إذًا أنا إذا شئتُ شيئًا وفعلتُه أقول: إنَّ الله شاءَ ذلك قبل أن أشاء، لا يمكن أن أشاءَ شيئًا وأفعلَه دون أن يكون الله تعالى شاءَه أبدًا، { عبد الله الأفغاني! وين أنت؟ } طيب فإذا قال قائل: أنت إذا قلت هذا وأنَّ مشيئتَك بعد مشيئة الله وتابِعَةٌ لمشيئة الله لزِم على ذلك أن يحتَجَّ العاصي علينا بقدرِ الله ومشيئَتِه، العاصي يشاء المعصية ويفعل المعصية قلنا له ليش؟ قال: لأنَّ الله شاء ذلك، أنتم تقولون إنه ما مِن مشيئةٍ للعبد إلا وهي مسبُوقَةٌ بمشيئة الله (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله )) أنا وش أسوي؟ شاءَ الله أن أفعل ففعلْت كيف تلومونني على أمرٍ كتبَه الله عليّ وشاءَه علَيّ؟ ايش نقول؟ نقول: قبل كل شيء مَن أعلمَك أنَّ الله شاء ذلك؟ هل أحد يعلم أنَّ الله شاءَ الشيء إلا بعد وقوعه؟ لا يعلم (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا )) أنا مثلًا عندما أقوم وأصلي أعلم أنني لما شئْتُ الصلاة وفعلْت فقد شاءَها الله عز وجل مِن قبل، لكن قبلَ أن أُصَلّي هل أعلَم أنَّ الله شاء أن أُصَلِّي أم لا؟
الطلبة: لا أعلم
الشيخ : لا؟ لام ألف؟ متأكدون؟
الطلبة: نعم.
الشيخ : طيب، العاصي حين يفعل المعصية هل يعلَم أنَّ الله شاءَ له أن يفعَلَ المعصية قبل أن يفعلَها؟ لا، إذًا لا حُجَّةَ له، وما أحسن ما قاله بعض العلماء إنَّ القدر سِرٌّ مكْتُوم لا يُعلَم إلا بعد وقوع المقدور، وهو كذلك هذا جوابٌ مفحم لا يمكن أن يتخَطَّاه المجرِم قيدَ أنملة، طيب ثم نقول له: ألستَ الآن إذا كان أمامك نارٌ محرِقَة أو أودية مُغْرِقة ألست تُحْجِم عنها ولا تُقْدِم عليها؟
الطالب: بلى
الشيخ : طيب لماذا لا تُقدِم وتُلقِي نفسَك في النار وتقول: .. هذه مشيئة الله؟ لا يمكن أن يُقدِم لا على أودية مغرِقة ولا على نارٍ محْرِقة ويدَّعِي أن ذلك بمشيئة الله لا يمكن، نقول: إذًا لماذا لم تتجَنَّب المعاصي التي علِمْت بوعد الله عز وجل أو وعيده أنَّها سببٌ لدخول النار؟ لِماذا؟ هذا نخاطِبُه حينما نريد منه أن يتجَنب المعاصي، عندما نريد أن يفعل الطاعات نقول: تعال: نزلَ في الصحف مسابقة على وظِيفتين إحداهما عشرة آلاف ريـال في الشهر والثانية عشرة .. في الشهر إلى أين يذهب؟
الطالب: عشرة آلاف
الشيخ : لا يا جماعة يذهب إلى عشرة ونقول هذا تقدير الله؟ ..لا. طيب نقول: ألست تذهب إلى عشرة آلاف؟ تريد هذا الراتب الجيد، طيب العمل الصالح عُرِض عليك عمل صالح بأنَّ جزاءَ الحسنة بعشْر أمثالها إلى سبعمائة ضعف لماذا لا تُقدِم عليها؟ كما كنت تُقدِم على ما تراه حظًّا لك في عمَلِ الدنيا فلماذا لا تُقدِم على ما تراه حظًّا لك في عمل الآخرة؟ وبهذا تنقطع حجة الظالم سواءٌ ظلمَ بفعل المحرمات أو بترك الواجبات، لا حرج نقول تعرضنا لهذا وإن كان ليس مِن خصائص علم التفسير لأنَّ هذا من علم العقيدة المهِمّ، ربما يُشوِّش على الإنسان مثلُ بهذه الإيرادات من الجبرية أو من القدرية فنقول بما سمعتم، والأمر والحمد لله واضح حتى أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام حلَّ هذه المشكلة بكلمتين فقط قال عليه الصلاة والسلام وهو على شفِير قبرٍ لإحدى بناته قال: ( ما منكم من أحد إلا وقد كُتِب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) قالوا: يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتَّكِل على الكتاب؟ هذا اعتراض لكنه اعتراض في بادي الأمر كما قال تعالى: (( بادي الرأي )) ما دام مكتوب الشيء ما حاجة نعمل، هذا مكتوب من أهل السعادة خلاص نال السعادة .. لِيَنَم لأنه من أهل السعادة، هذا من أهل الشقاوة أيضًا لا يعمل، لأنه من أهل الشقاوة ما حاجة يعمل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام كلمتين: ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له ) سبحان الله ما ذهب يأتي بفلسفة وتطويل: بكلمتين ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له ) هذا الذي مِن قِبَلِنا أن نعمل ثم كُلٌّ مُيسر لِما خُلِق له فإذا وجدت من نفسك أنَّ الله يسَّر لك الخير والهدى والنشاط على العبادة فاعلم أنك ممن كُتِب من أهل السعادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أمَّا أهل السعادة فيُيَسَّرُون لعمل السعادة وأما أهل الشقاوة فيُيَسرون لعمل أهل الشقاوة ) فالأمر والحمد لله واضح جدًّا أنه لا حجة للعاصي بالقدر على معصيته، ولا للمتهاون في الواجب بالقدر على تهاونه، الأمر أوضح مِن أن يحتاج إلى كثيرِ كلام، { يرحمك الله } لكن لَمَّا كان الشيطان يأتي للإنسان ويقول: كذا وكذا، بقي علينا أن يقال: أليس آدم قد احتج بالقدر؟ أوليس الله تعالى قد احتَجّ بالقدر فقال لرسوله: (( ولو شاء الله ما أشركوا )) فما هو الجواب؟ الجواب أن يقال: أما قوله تعالى: (( ولو شاء الله ما أشركوا ))
وما أنت عليهم بحفيظ فهذا تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام تسلية له حيث قال الله له: ولو شاء الله ما أشركوا فشركُهم بمشيئة الله، ومعلومٌ أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يرضى بقضاء الله، ولهذا يجِب علينا أن ننظُر إلى أهل المعاصي بنظَرَيْن: نظَر قدرِيّ ونظر شرعي: النظر القدري أن نرضَى بما وقع من معاصيهم لأنه بتقدير من؟ بتقدير الله، النظر الشرعي أن نُلزِمَهم بشرع الله نُقيم عليهم الحدود والتَّعزيرات وغير ذلك مما يحمِلُهم على فعل الطاعات وترك المحرمات، انتبهوا يا إخوان للمسائل هذه مهمة جدًّا، طيب إذًا نقول: إن قوله تعالى للرسول: (( ولو شاء الله ما أشركوا )) الغرض منه ايش؟ تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنه إذا علم أن ذلك بمشيئة الله رضِي، ولكنَّ الله تعالى أبطَلَ هذه الدعوى منهم بقوله تعالى: (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ -ماذا قال بعده؟- كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ -أي بشريعة الله- حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا - بعقوبَةِ الله- ))[الأنعام:148] أبطل الله هذه الحجة لأنهم أرادُوا بذلك ايش؟ أرادوا بذلك إبطَالَ الشرع بالقدر فبيَّنَ الله تعالى أنه عذَّبَهم، آدم احتَجَّ عليه موسى وقال له: خيَّبْتَنا أخرجْتنا ونفسَك من الجنة. بماذا؟ بمعصيته بأكل الشجرة، فقال له آدم: أتلومُني على شيءٍ كتبه الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( فحَجَّه آدم ) وفي رواية: ( فحَجَّ آدمُ موسى ) ومعنى حجَّه أي غلبه في الحجة، فاحتَجَّ آدم بالقدر الذي كُتِب عليه قبل أن يُخلَق وخُصِم موسى، هذا الحديث يحتَجُّ به من؟ أهل المعاصي على معاصيهم ويقولون: إنَّ آدم احتَجَّ بالقدر على موسى وحكَم النبي صلوات الله وسلامه عليه حكم لِمَن؟ لآدم وقال: إنه حجَّ فنحن نحتَجُّ بالقدر كما احتَجَّ أبونا، نجيب عن هذا بجوابين: الجواب الأول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنَّ آدم لم يحتَجَّ بالقدر على المعصية وإنما احتَجَّ بالقدر على الخروج مِن الجنة، أما المعصية فقد اعتذر منها آدم و(( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[الأعراف:23] (( فتلقى آدم من ربه كلمات )) أفهمتم؟ فآدم لا يمكن أن يحتَجَّ بالقدر على المعصية إطلاقًا، وهو أجلُّ قدْرًا مِن أن يحتَجَّ بالقدر على معصية الله، وإنما احتَجَّ بالقدر على إخراجِه من الجنة لا على سبب الإخراج، والاحتجاج بالقدَر على المصائِب أمرٌ جائِز وهو غايةُ التسليم لله عز وجل، أرأيتم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( المؤمن القوي خيرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كُلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعُك واستعِن بالله ولا تعجَزْ وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلْتُ لكان كذا وكذا ولكن قل: قَدَرُ الله وما شَاء فعل ) وهذا احتجاجٌ بالقدر لكن بعد فعل الأسباب، فالاحتجاج بالقدَر على المصائِب أمرٌ جائز، والإنسان عندما يصاب بالمصيبة ويقول: إنَّا لله وإنا إليه راجعون فهذا يعنِي التسليم للقدر، حطوا بالكم يا جماعة انتبهوا، إذًا احتجاجُ آدم بالقدَر على ايش؟ على المصيبة لا على المعصِية، هذا وجه، وجهٌ آخر: ما كان لموسى عليه الصلاة والسلام أن يلُومَ أباه على ذنبٍ تاب منه وحصَل له بعدَه أن اجتباه ربه وهداه لا يمكن، أدنى واحد من الناس إذا أُصِيب أحدٌ بذنب ثم تاب فإنه لن يُوَجِّهَ اللوم إليه قال الله تعالى: (( وعصى آدم ربه فغوى * ثم -بعد هذا- اجتباه ربه -أي اصطفاه واختاره- فتاب عليه وهدى )) هذه المنزلة ما حصَّلَها قبل أن تحْصُل له المعصية، إذًا لا يمكن لموسى أن يلوم أباه على ذنب تاب منه وارتفع بعد التوبة منه منزِلَةً عند الله عز وجل هذا لا يمكن هذا لا يكون مِن أدنى واحد فضلًا عن رجلٍ من أولي العزم مِن الرسل، هذا جواب من؟ جواب شيخ الإسلام ابن تيمية وهو جواب جيد لا شَك، وذهب ابن القيم رحمه الله إلى جواب آخر وقال: إنَّ الاحتجاج بالقدر على المعصية بعد التوبة منها والإقلاع عنها مقبُولٌ لا لِرفْعِ اللَّوم واستباحة الاستمرار، فيقول الاحتجاج بالقدر نوعان: نوع: احتجاجٌ بالقدر بعد فوات الأوان مع الإقلاع عن المعصية وحُسْن الحال فهذا جائز، واحتجاجٌ بالقدر لدفع اللوم والاستمرار في المعصية فهذا ممنوع، عرفت؟ يعني إذا قدَّرْنا أنَّ احتجاج آدم عليه الصلاة والسلام بالقدَر على المعصية التي تاب منها وهداه الله واجتباه يكون جائز على هذا التقدير، لأنَّ آدم ما احتَجّ بذلك ليستمِرّ احتَجّ بذلك لأنه قد فات، ونظير هذا الآن فيما عندنا الآن لو أنَّ إنسان زنَا -والعياذ بالله- وهو رجل خير لكن غلبَتْه شهوتُه وزنا ثم تاب وقلنا له: يا فلان كيف يقع منك هذا الشيء؟ .. والله هذا قضاء وقدَر وإلَّا فلستُ من أهل هذا الأمر لكن المقدَّر كان. نقبَل منه ولَّا ما نقبل؟ نقبل منه، لكن لو كان يزني ويستمِر نقول: تب إلى الله يقول.. هذا غصب. غصب سبحان الله غصب وأنت الآن ممارس لهذا العمل ما هو غصْب، على كل حال يقول ابن القيم: الاحتجاج بالقدر بعد وقوعه تسليمًا للقدر وتفويضًا لأمر الله لا استمرارًا ولا دفعًا لِلَّوْم فهذا جائز، ثم استدل بقصة وقعت مِن علي بن أبي طالب وزوجه فاطمة رضي الله عنها حين دخل عليهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما: ( ألا تصليان؟ ) قال علي: يا رسول الله! أنفسنا بيد الله لو شاء لأقامَ. احتَجّ بايش؟ بالقدر فخرج النبي صلى الله عليه وسلم أو تولى عنهما يضرب على فخذه ويقول: ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا ) فالرسول عليه الصلاة والسلام هل قبِلَ منهما؟ انتبهوا إن قلتم: قبِل على الإطلاق ما هو صحيح، وإن قلتم: قبِل الواقع لكنه كرِه الجدال فهذا هو الواقع، لأنه لو أراد الإنكار عليهما لقال غير ذلك لقال: لا حجة لكما في هذا لكنَّه جعلَ ذلك من باب الجدل الذي نهَى عنه فقد خرج يومًا من الأيام على أصحابه وهم يتجادَلُون في القدر فغضِب عليه الصلاة والسلام كأنما فُقِئَ في وجهِه حبُّ الرمان احمَرَّ وجهُه ونهى عن التنازع في القدر، طيب إذًا المخرج الثاني من قصة آدم مع موسى ايش هو؟ أنَّ آدم احتج بالقدر على أمر مضى وانقضى وتخلَّص منه ولكن قال هذا: أمر فرط مني ولكلٍّ منهما وجهة ولكنَّ الوجهة الأولى في ظنِّي أنها أقوى، لأنَّ موسى لا يمكن أن يلومَ أباه على أمرٍ تاب منه لكن الثانية لها وُجهة نظر لا شك إنما لا نُنَزِّل قصة آدم وموسى عليها بل نقول: هي في سائر الناس الآن لو أنك لُمْتَ شخصًا على أمرٍ فعله من معصية الله ثم احتَجّ بالقدر بعد أن تاب فأنا أقبَل منه وهذا يقع كثيرًا كثيرًا ما يفعل الإنسان الذنب ثم يتنَدَّم ندامةً عظيمة ثم يقول: قدَرُ الله وما شاء فعل كيف يقع مني هذا؟ كيف تغلبُني نفسي؟ نعم وهذا أمرٌ لا بأس به، أطلنا في هذا عليكم لكن اعذرونا لأن نرى أنه لا بد لطالب العلم أن يكونَ عنده كما يقولون خلفِيَّة وأنا أقول: ما هي خلفية أن يكونَ عنده عِلْمٌ بمثل هذه الأمور لِيُخَلِّص بها نفسَه من الشبهات التي يُورِدُها عليه الشيطان ولِيتخَلَّصَ بها من شبهاتٍ يورِدُها عليه أولياء الشيطان
(كم) للتكثير "كم لظلام الليل عندك من يد" أي مِن نعمة "تحدث أن المانوية" وهم فرقة مِن المجوس "تكذب" لأنَّ المانوية يقولون: الظلمة تخلق ايش؟
الطالب: الشر
الشيخ : والنِّعَم خير ولَّا شر؟ خير يقول لممدوحِه: أنت تجود ليلًا ونهارًا مما يكَذِّب المانوية الذين يقولون إنَّ الظلمة تخلق الشر، على كلِّ حال نحن نقول: إنَّ الجبرية قوبِلَتْ بدعتُهم ببدعة، واعلم أنَّ البدعة لا يمكن أن تُقاوم ببدعة، لأنك إذا ابتدعت ادعى عليك هو ادعى هو عليك، ومِن ذلك ما يفعلُه بعض الناس في يوم عاشوراء يوم عاشوراء عند الرافضة يوم حُزْن وبلاء، جاء أناس مِن أهل السنة قالوا: إذًا نجعله يوم فرح وسرور وينبغي يوم عاشوراء أن نتزَيَّن ونتجَمَّل ونُوَسِّع على العيال ونكشف بهم ونريهم الأشياء، ضد الحُزْن لكن هل هذا صحيح؟ لا، لأن إذا فعلْنا هذا قالت الرافضة: ما دليلكم على هذا؟ فلا يمكن أن تقابَل البدعة ببدعة أبدًا لا تُقابَل إلا بالسنة، نحن نُقابِل الجبرية الذين ينكرون مشيئة العبد بدلالة الكتاب والسنة أنَّ للإنسان مشيئة، ونقابل القدرية بأنَّ الله تعالى له مُلْك السماوات والأرض وما تشاءون إلا أن يشاء الله أفهمتم؟، إذًا أنا إذا شئتُ شيئًا وفعلتُه أقول: إنَّ الله شاءَ ذلك قبل أن أشاء، لا يمكن أن أشاءَ شيئًا وأفعلَه دون أن يكون الله تعالى شاءَه أبدًا، { عبد الله الأفغاني! وين أنت؟ } طيب فإذا قال قائل: أنت إذا قلت هذا وأنَّ مشيئتَك بعد مشيئة الله وتابِعَةٌ لمشيئة الله لزِم على ذلك أن يحتَجَّ العاصي علينا بقدرِ الله ومشيئَتِه، العاصي يشاء المعصية ويفعل المعصية قلنا له ليش؟ قال: لأنَّ الله شاء ذلك، أنتم تقولون إنه ما مِن مشيئةٍ للعبد إلا وهي مسبُوقَةٌ بمشيئة الله (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله )) أنا وش أسوي؟ شاءَ الله أن أفعل ففعلْت كيف تلومونني على أمرٍ كتبَه الله عليّ وشاءَه علَيّ؟ ايش نقول؟ نقول: قبل كل شيء مَن أعلمَك أنَّ الله شاء ذلك؟ هل أحد يعلم أنَّ الله شاءَ الشيء إلا بعد وقوعه؟ لا يعلم (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا )) أنا مثلًا عندما أقوم وأصلي أعلم أنني لما شئْتُ الصلاة وفعلْت فقد شاءَها الله عز وجل مِن قبل، لكن قبلَ أن أُصَلّي هل أعلَم أنَّ الله شاء أن أُصَلِّي أم لا؟
الطلبة: لا أعلم
الشيخ : لا؟ لام ألف؟ متأكدون؟
الطلبة: نعم.
الشيخ : طيب، العاصي حين يفعل المعصية هل يعلَم أنَّ الله شاءَ له أن يفعَلَ المعصية قبل أن يفعلَها؟ لا، إذًا لا حُجَّةَ له، وما أحسن ما قاله بعض العلماء إنَّ القدر سِرٌّ مكْتُوم لا يُعلَم إلا بعد وقوع المقدور، وهو كذلك هذا جوابٌ مفحم لا يمكن أن يتخَطَّاه المجرِم قيدَ أنملة، طيب ثم نقول له: ألستَ الآن إذا كان أمامك نارٌ محرِقَة أو أودية مُغْرِقة ألست تُحْجِم عنها ولا تُقْدِم عليها؟
الطالب: بلى
الشيخ : طيب لماذا لا تُقدِم وتُلقِي نفسَك في النار وتقول: .. هذه مشيئة الله؟ لا يمكن أن يُقدِم لا على أودية مغرِقة ولا على نارٍ محْرِقة ويدَّعِي أن ذلك بمشيئة الله لا يمكن، نقول: إذًا لماذا لم تتجَنَّب المعاصي التي علِمْت بوعد الله عز وجل أو وعيده أنَّها سببٌ لدخول النار؟ لِماذا؟ هذا نخاطِبُه حينما نريد منه أن يتجَنب المعاصي، عندما نريد أن يفعل الطاعات نقول: تعال: نزلَ في الصحف مسابقة على وظِيفتين إحداهما عشرة آلاف ريـال في الشهر والثانية عشرة .. في الشهر إلى أين يذهب؟
الطالب: عشرة آلاف
الشيخ : لا يا جماعة يذهب إلى عشرة ونقول هذا تقدير الله؟ ..لا. طيب نقول: ألست تذهب إلى عشرة آلاف؟ تريد هذا الراتب الجيد، طيب العمل الصالح عُرِض عليك عمل صالح بأنَّ جزاءَ الحسنة بعشْر أمثالها إلى سبعمائة ضعف لماذا لا تُقدِم عليها؟ كما كنت تُقدِم على ما تراه حظًّا لك في عمَلِ الدنيا فلماذا لا تُقدِم على ما تراه حظًّا لك في عمل الآخرة؟ وبهذا تنقطع حجة الظالم سواءٌ ظلمَ بفعل المحرمات أو بترك الواجبات، لا حرج نقول تعرضنا لهذا وإن كان ليس مِن خصائص علم التفسير لأنَّ هذا من علم العقيدة المهِمّ، ربما يُشوِّش على الإنسان مثلُ بهذه الإيرادات من الجبرية أو من القدرية فنقول بما سمعتم، والأمر والحمد لله واضح حتى أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام حلَّ هذه المشكلة بكلمتين فقط قال عليه الصلاة والسلام وهو على شفِير قبرٍ لإحدى بناته قال: ( ما منكم من أحد إلا وقد كُتِب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) قالوا: يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتَّكِل على الكتاب؟ هذا اعتراض لكنه اعتراض في بادي الأمر كما قال تعالى: (( بادي الرأي )) ما دام مكتوب الشيء ما حاجة نعمل، هذا مكتوب من أهل السعادة خلاص نال السعادة .. لِيَنَم لأنه من أهل السعادة، هذا من أهل الشقاوة أيضًا لا يعمل، لأنه من أهل الشقاوة ما حاجة يعمل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام كلمتين: ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له ) سبحان الله ما ذهب يأتي بفلسفة وتطويل: بكلمتين ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له ) هذا الذي مِن قِبَلِنا أن نعمل ثم كُلٌّ مُيسر لِما خُلِق له فإذا وجدت من نفسك أنَّ الله يسَّر لك الخير والهدى والنشاط على العبادة فاعلم أنك ممن كُتِب من أهل السعادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أمَّا أهل السعادة فيُيَسَّرُون لعمل السعادة وأما أهل الشقاوة فيُيَسرون لعمل أهل الشقاوة ) فالأمر والحمد لله واضح جدًّا أنه لا حجة للعاصي بالقدر على معصيته، ولا للمتهاون في الواجب بالقدر على تهاونه، الأمر أوضح مِن أن يحتاج إلى كثيرِ كلام، { يرحمك الله } لكن لَمَّا كان الشيطان يأتي للإنسان ويقول: كذا وكذا، بقي علينا أن يقال: أليس آدم قد احتج بالقدر؟ أوليس الله تعالى قد احتَجّ بالقدر فقال لرسوله: (( ولو شاء الله ما أشركوا )) فما هو الجواب؟ الجواب أن يقال: أما قوله تعالى: (( ولو شاء الله ما أشركوا ))
وما أنت عليهم بحفيظ فهذا تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام تسلية له حيث قال الله له: ولو شاء الله ما أشركوا فشركُهم بمشيئة الله، ومعلومٌ أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يرضى بقضاء الله، ولهذا يجِب علينا أن ننظُر إلى أهل المعاصي بنظَرَيْن: نظَر قدرِيّ ونظر شرعي: النظر القدري أن نرضَى بما وقع من معاصيهم لأنه بتقدير من؟ بتقدير الله، النظر الشرعي أن نُلزِمَهم بشرع الله نُقيم عليهم الحدود والتَّعزيرات وغير ذلك مما يحمِلُهم على فعل الطاعات وترك المحرمات، انتبهوا يا إخوان للمسائل هذه مهمة جدًّا، طيب إذًا نقول: إن قوله تعالى للرسول: (( ولو شاء الله ما أشركوا )) الغرض منه ايش؟ تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنه إذا علم أن ذلك بمشيئة الله رضِي، ولكنَّ الله تعالى أبطَلَ هذه الدعوى منهم بقوله تعالى: (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ -ماذا قال بعده؟- كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ -أي بشريعة الله- حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا - بعقوبَةِ الله- ))[الأنعام:148] أبطل الله هذه الحجة لأنهم أرادُوا بذلك ايش؟ أرادوا بذلك إبطَالَ الشرع بالقدر فبيَّنَ الله تعالى أنه عذَّبَهم، آدم احتَجَّ عليه موسى وقال له: خيَّبْتَنا أخرجْتنا ونفسَك من الجنة. بماذا؟ بمعصيته بأكل الشجرة، فقال له آدم: أتلومُني على شيءٍ كتبه الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( فحَجَّه آدم ) وفي رواية: ( فحَجَّ آدمُ موسى ) ومعنى حجَّه أي غلبه في الحجة، فاحتَجَّ آدم بالقدر الذي كُتِب عليه قبل أن يُخلَق وخُصِم موسى، هذا الحديث يحتَجُّ به من؟ أهل المعاصي على معاصيهم ويقولون: إنَّ آدم احتَجَّ بالقدر على موسى وحكَم النبي صلوات الله وسلامه عليه حكم لِمَن؟ لآدم وقال: إنه حجَّ فنحن نحتَجُّ بالقدر كما احتَجَّ أبونا، نجيب عن هذا بجوابين: الجواب الأول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنَّ آدم لم يحتَجَّ بالقدر على المعصية وإنما احتَجَّ بالقدر على الخروج مِن الجنة، أما المعصية فقد اعتذر منها آدم و(( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[الأعراف:23] (( فتلقى آدم من ربه كلمات )) أفهمتم؟ فآدم لا يمكن أن يحتَجَّ بالقدر على المعصية إطلاقًا، وهو أجلُّ قدْرًا مِن أن يحتَجَّ بالقدر على معصية الله، وإنما احتَجَّ بالقدر على إخراجِه من الجنة لا على سبب الإخراج، والاحتجاج بالقدَر على المصائِب أمرٌ جائِز وهو غايةُ التسليم لله عز وجل، أرأيتم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( المؤمن القوي خيرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كُلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعُك واستعِن بالله ولا تعجَزْ وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلْتُ لكان كذا وكذا ولكن قل: قَدَرُ الله وما شَاء فعل ) وهذا احتجاجٌ بالقدر لكن بعد فعل الأسباب، فالاحتجاج بالقدَر على المصائِب أمرٌ جائز، والإنسان عندما يصاب بالمصيبة ويقول: إنَّا لله وإنا إليه راجعون فهذا يعنِي التسليم للقدر، حطوا بالكم يا جماعة انتبهوا، إذًا احتجاجُ آدم بالقدَر على ايش؟ على المصيبة لا على المعصِية، هذا وجه، وجهٌ آخر: ما كان لموسى عليه الصلاة والسلام أن يلُومَ أباه على ذنبٍ تاب منه وحصَل له بعدَه أن اجتباه ربه وهداه لا يمكن، أدنى واحد من الناس إذا أُصِيب أحدٌ بذنب ثم تاب فإنه لن يُوَجِّهَ اللوم إليه قال الله تعالى: (( وعصى آدم ربه فغوى * ثم -بعد هذا- اجتباه ربه -أي اصطفاه واختاره- فتاب عليه وهدى )) هذه المنزلة ما حصَّلَها قبل أن تحْصُل له المعصية، إذًا لا يمكن لموسى أن يلوم أباه على ذنب تاب منه وارتفع بعد التوبة منه منزِلَةً عند الله عز وجل هذا لا يمكن هذا لا يكون مِن أدنى واحد فضلًا عن رجلٍ من أولي العزم مِن الرسل، هذا جواب من؟ جواب شيخ الإسلام ابن تيمية وهو جواب جيد لا شَك، وذهب ابن القيم رحمه الله إلى جواب آخر وقال: إنَّ الاحتجاج بالقدر على المعصية بعد التوبة منها والإقلاع عنها مقبُولٌ لا لِرفْعِ اللَّوم واستباحة الاستمرار، فيقول الاحتجاج بالقدر نوعان: نوع: احتجاجٌ بالقدر بعد فوات الأوان مع الإقلاع عن المعصية وحُسْن الحال فهذا جائز، واحتجاجٌ بالقدر لدفع اللوم والاستمرار في المعصية فهذا ممنوع، عرفت؟ يعني إذا قدَّرْنا أنَّ احتجاج آدم عليه الصلاة والسلام بالقدَر على المعصية التي تاب منها وهداه الله واجتباه يكون جائز على هذا التقدير، لأنَّ آدم ما احتَجّ بذلك ليستمِرّ احتَجّ بذلك لأنه قد فات، ونظير هذا الآن فيما عندنا الآن لو أنَّ إنسان زنَا -والعياذ بالله- وهو رجل خير لكن غلبَتْه شهوتُه وزنا ثم تاب وقلنا له: يا فلان كيف يقع منك هذا الشيء؟ .. والله هذا قضاء وقدَر وإلَّا فلستُ من أهل هذا الأمر لكن المقدَّر كان. نقبَل منه ولَّا ما نقبل؟ نقبل منه، لكن لو كان يزني ويستمِر نقول: تب إلى الله يقول.. هذا غصب. غصب سبحان الله غصب وأنت الآن ممارس لهذا العمل ما هو غصْب، على كل حال يقول ابن القيم: الاحتجاج بالقدر بعد وقوعه تسليمًا للقدر وتفويضًا لأمر الله لا استمرارًا ولا دفعًا لِلَّوْم فهذا جائز، ثم استدل بقصة وقعت مِن علي بن أبي طالب وزوجه فاطمة رضي الله عنها حين دخل عليهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما: ( ألا تصليان؟ ) قال علي: يا رسول الله! أنفسنا بيد الله لو شاء لأقامَ. احتَجّ بايش؟ بالقدر فخرج النبي صلى الله عليه وسلم أو تولى عنهما يضرب على فخذه ويقول: ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا ) فالرسول عليه الصلاة والسلام هل قبِلَ منهما؟ انتبهوا إن قلتم: قبِل على الإطلاق ما هو صحيح، وإن قلتم: قبِل الواقع لكنه كرِه الجدال فهذا هو الواقع، لأنه لو أراد الإنكار عليهما لقال غير ذلك لقال: لا حجة لكما في هذا لكنَّه جعلَ ذلك من باب الجدل الذي نهَى عنه فقد خرج يومًا من الأيام على أصحابه وهم يتجادَلُون في القدر فغضِب عليه الصلاة والسلام كأنما فُقِئَ في وجهِه حبُّ الرمان احمَرَّ وجهُه ونهى عن التنازع في القدر، طيب إذًا المخرج الثاني من قصة آدم مع موسى ايش هو؟ أنَّ آدم احتج بالقدر على أمر مضى وانقضى وتخلَّص منه ولكن قال هذا: أمر فرط مني ولكلٍّ منهما وجهة ولكنَّ الوجهة الأولى في ظنِّي أنها أقوى، لأنَّ موسى لا يمكن أن يلومَ أباه على أمرٍ تاب منه لكن الثانية لها وُجهة نظر لا شك إنما لا نُنَزِّل قصة آدم وموسى عليها بل نقول: هي في سائر الناس الآن لو أنك لُمْتَ شخصًا على أمرٍ فعله من معصية الله ثم احتَجّ بالقدر بعد أن تاب فأنا أقبَل منه وهذا يقع كثيرًا كثيرًا ما يفعل الإنسان الذنب ثم يتنَدَّم ندامةً عظيمة ثم يقول: قدَرُ الله وما شاء فعل كيف يقع مني هذا؟ كيف تغلبُني نفسي؟ نعم وهذا أمرٌ لا بأس به، أطلنا في هذا عليكم لكن اعذرونا لأن نرى أنه لا بد لطالب العلم أن يكونَ عنده كما يقولون خلفِيَّة وأنا أقول: ما هي خلفية أن يكونَ عنده عِلْمٌ بمثل هذه الأمور لِيُخَلِّص بها نفسَه من الشبهات التي يُورِدُها عليه الشيطان ولِيتخَلَّصَ بها من شبهاتٍ يورِدُها عليه أولياء الشيطان
تتمة فوائد قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) .
ومن فوائد الآية الكريمة إثبات عِلْمِ الله تعالى بكل ما يعمل هؤلاء لقوله: (( إنَّه بما تعملون بصير )).
ومن فوائدها تخصِيص الحكم بما فيه النزاع وإن كان عامًّا، يعني وإن كان الحكم عامًّا فلنا أن نُخَصِّص هذا الحكم في محَلِّ النزاع، من أين يؤخذ؟ مِن تقديم المعمول (( بما تعملون بصير )) لا نقول: هذا الحصر حقيقي أنَّه لا يعلم عز وجل إلَّا ما عمِلُوا بل يعلم كل شيء لكن لَمَّا كان الكلام في عملِهم جاء الحكم بصيغة الحصر، مِن أجل شدة التحذير وأنّهم لن يفوتوا الله عز وجل، والله أعلم
ومن فوائدها تخصِيص الحكم بما فيه النزاع وإن كان عامًّا، يعني وإن كان الحكم عامًّا فلنا أن نُخَصِّص هذا الحكم في محَلِّ النزاع، من أين يؤخذ؟ مِن تقديم المعمول (( بما تعملون بصير )) لا نقول: هذا الحصر حقيقي أنَّه لا يعلم عز وجل إلَّا ما عمِلُوا بل يعلم كل شيء لكن لَمَّا كان الكلام في عملِهم جاء الحكم بصيغة الحصر، مِن أجل شدة التحذير وأنّهم لن يفوتوا الله عز وجل، والله أعلم
2 - تتمة فوائد قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) . أستمع حفظ
في قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه وفاطمة قلنا أنه قبل الواقع لكن كره المجادلة .؟
الطالب: .. قصة علي رضي الله عنه أو زوجته فاطمة مع النبي صلى الله عليه وسلم.. الرسول صلى الله عليه وسلم قبِل الواقع .. كره .....
الشيخ : قَبِل الواقع وهو احتجاجُهم بالقَدَر، النائم في الحقيقة ما عليه لوم (( هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ) من؟ الله فيقول: أنفسنا بأيدي الله لو شاء أن نقُوم لقُمْنا هذا واقع، أما الجدل فكونُه يجادِل النبي عليه الصلاة والسلام بالقدر هذا أمرٌ لا ينبغي، ولهذا تشعُر بأنه ما هو راضي يضرب على فخِذِه ..(( وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا )) والجدل قد يكون بحق ويُقْبَل حتى وإن كان فيه جدَل إذا كان بحق يُقبَل
الشيخ : قَبِل الواقع وهو احتجاجُهم بالقَدَر، النائم في الحقيقة ما عليه لوم (( هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ) من؟ الله فيقول: أنفسنا بأيدي الله لو شاء أن نقُوم لقُمْنا هذا واقع، أما الجدل فكونُه يجادِل النبي عليه الصلاة والسلام بالقدر هذا أمرٌ لا ينبغي، ولهذا تشعُر بأنه ما هو راضي يضرب على فخِذِه ..(( وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا )) والجدل قد يكون بحق ويُقْبَل حتى وإن كان فيه جدَل إذا كان بحق يُقبَل
3 - في قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه وفاطمة قلنا أنه قبل الواقع لكن كره المجادلة .؟ أستمع حفظ
هل مقابلة التمثيل الساقط بالتمثيل الهادئ يعد من مقابلة البدعة بالبدعة .؟
الطالب: بارك الله فيكم يا شيخ أعطيتنا قاعدة وهي إذا وجدنا بدعة لا نقابلها ببدعة ونقابلها بالسنة، إن وجدنا ما يسمى الآن التمثيل ...
الشيخ : طيب لا مانع.
الطالب: فإذا وجدنا الآن ما يُسمَّى بالتمثيل الساقط فالبعض دعَا إلى تمثيل هادف فهل هذا مقابلة بدعة بِبدعة؟
الشيخ : مسألة التمثيل ما هو بدعة في حدِّ ذاته، التمثيل تقريبٌ للمعاني بصورتها الفعلية، وقد وردَ التَّمثيل في الحديث الصحيح في قصة الـمَلَك الذي جاء إلى الأبرَص والأقرع والأعمى بصورته التي عليها وقال: إنه مسكين وابن سبيل. وهو ليس مسكينًا ولا ابنَ سبِيل ولا أبرَص ولا أقرَع ولا أعمَى لكن هذا للتقريب، إنما المبالغة في التمثيل بحيث لا ندعُو الناس إلَّا به هذا هو الخطأ، فنقول: الدعوة إلى الله تعالى لها وسائِل كلّ ما يكون فيه تصوِير الواقع والتَّحْذِير منه بدون أن يشتَمِل على كذب أو محاكاة للبهائم أو ما أشبه ذلك أو محاكاة الرجل للمرأة وبالعكس فلا مانِعَ منه، فنحن لا نُنكِرُ التمثيل مطلقًا ولا نُحَبِّذُه ونُنْكِر أن يكونَ هو الوسيلة للدعوة إلى الله، لأنك إذا عوَّدت الناس على ألا تدعُوَهم إلى الله إلا بهذه الوسيلة نسُوا الأهَمّ وهو موعِظَةُ القرآن والسنة. نعم
الشيخ : طيب لا مانع.
الطالب: فإذا وجدنا الآن ما يُسمَّى بالتمثيل الساقط فالبعض دعَا إلى تمثيل هادف فهل هذا مقابلة بدعة بِبدعة؟
الشيخ : مسألة التمثيل ما هو بدعة في حدِّ ذاته، التمثيل تقريبٌ للمعاني بصورتها الفعلية، وقد وردَ التَّمثيل في الحديث الصحيح في قصة الـمَلَك الذي جاء إلى الأبرَص والأقرع والأعمى بصورته التي عليها وقال: إنه مسكين وابن سبيل. وهو ليس مسكينًا ولا ابنَ سبِيل ولا أبرَص ولا أقرَع ولا أعمَى لكن هذا للتقريب، إنما المبالغة في التمثيل بحيث لا ندعُو الناس إلَّا به هذا هو الخطأ، فنقول: الدعوة إلى الله تعالى لها وسائِل كلّ ما يكون فيه تصوِير الواقع والتَّحْذِير منه بدون أن يشتَمِل على كذب أو محاكاة للبهائم أو ما أشبه ذلك أو محاكاة الرجل للمرأة وبالعكس فلا مانِعَ منه، فنحن لا نُنكِرُ التمثيل مطلقًا ولا نُحَبِّذُه ونُنْكِر أن يكونَ هو الوسيلة للدعوة إلى الله، لأنك إذا عوَّدت الناس على ألا تدعُوَهم إلى الله إلا بهذه الوسيلة نسُوا الأهَمّ وهو موعِظَةُ القرآن والسنة. نعم
في قصة محاجة آدم موسى في الحديث أن آدم أخبر أن الله كتب عليه ذلك قبل أن يخلقه بأربعين سنة وفي الحديث الآخر أنه لما خلق القلم قال له اكتب فهل خلق آدم قبل القلم .؟
الطالب: ..ذكرت في قصة احتجَاج آدم على موسى وأنه قال: كيف تلومني على شيءٍ .. الله عليَّ قبل أن أُخلق بأربعين سنة .. هذا يدل على أن آدم خُلِق قبل [كذا] خلق القلم بأربعين سنة ..؟
الشيخ : لا لا هو كُتِبَ عليه قبل أن يُخلق قبل أن أُخلق مكتوبٌ قبْل خَلْق آدم.
الطالب: يعني بأن القلم أول ما خلق الله القلم قال: اكتب ..
الشيخ : .. خليك معاي الآن أنا أُصَحِّح سؤالَك: فهِمْت مِن كلامك أنَّ هذا يدل على أنَّ آدم خُلِق قبل أن يُكْتَبَ عليه، آدَم خُلِق بعد أن كُتِب عليه لكن بأربعين سنة فكيف نجمَع بين قوله (بأربعين سنة) وبين أنَّ الله تعالى خلقَ القلم فقال له: اكتب قبل أن يخلُق السماوات بخمسين ألف سنة؟ يقال إذا صحَّت الكلمة هذه وكانت محفوظة فإنَّ هذه كتابَة أُخرى خاصَّة بآدم نعم
الشيخ : لا لا هو كُتِبَ عليه قبل أن يُخلق قبل أن أُخلق مكتوبٌ قبْل خَلْق آدم.
الطالب: يعني بأن القلم أول ما خلق الله القلم قال: اكتب ..
الشيخ : .. خليك معاي الآن أنا أُصَحِّح سؤالَك: فهِمْت مِن كلامك أنَّ هذا يدل على أنَّ آدم خُلِق قبل أن يُكْتَبَ عليه، آدَم خُلِق بعد أن كُتِب عليه لكن بأربعين سنة فكيف نجمَع بين قوله (بأربعين سنة) وبين أنَّ الله تعالى خلقَ القلم فقال له: اكتب قبل أن يخلُق السماوات بخمسين ألف سنة؟ يقال إذا صحَّت الكلمة هذه وكانت محفوظة فإنَّ هذه كتابَة أُخرى خاصَّة بآدم نعم
5 - في قصة محاجة آدم موسى في الحديث أن آدم أخبر أن الله كتب عليه ذلك قبل أن يخلقه بأربعين سنة وفي الحديث الآخر أنه لما خلق القلم قال له اكتب فهل خلق آدم قبل القلم .؟ أستمع حفظ
هل وصف الله بالظلم في مقابلة الظالم جائز .؟
الطالب: يا شيخ حفظك الله كيف نرُدّ على مَن قالوا أنَّ الظلم يمكن يُطلَق على الله تعالى مِن باب المقابلة قالوا إن رد الظالم على الظالم كمال واستدلوا ببيت الجاهلي:
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
الشيخ : {يضحك} أقول: هذا مِن العجب أين في القرآن والسنة أنَّ الله تعالى ذكَرَ وصف نفسه بالظلم في مقابَلةِ الظالم؟ وين؟
الطالب: ما فيه
الشيخ : .. إذا كان ما في ليش يسمى الله بالظلم؟ وهو قد نفاه عن نفسه
الطالب: قالوا أن الرد على الظالم كمال
الشيخ : لا لا أبدًا، الانتقام من الظالم كمال لكن أن يُرَدَّ على الظالم بظُلْم لا، ولهذا لم يأتِ في القرآن والسنة (فلما ظلمونا ظلمناهم) بل قال: (( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ))، أما الاستهزاء فنعم الخداع نعم المكر الكَيْد هذا لا بأس ذكَرَ الله تعالى هذه الأوصاف في مقابَلَة مَن عاملَه بمثلها انتهى الوقت؟
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
الشيخ : {يضحك} أقول: هذا مِن العجب أين في القرآن والسنة أنَّ الله تعالى ذكَرَ وصف نفسه بالظلم في مقابَلةِ الظالم؟ وين؟
الطالب: ما فيه
الشيخ : .. إذا كان ما في ليش يسمى الله بالظلم؟ وهو قد نفاه عن نفسه
الطالب: قالوا أن الرد على الظالم كمال
الشيخ : لا لا أبدًا، الانتقام من الظالم كمال لكن أن يُرَدَّ على الظالم بظُلْم لا، ولهذا لم يأتِ في القرآن والسنة (فلما ظلمونا ظلمناهم) بل قال: (( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ))، أما الاستهزاء فنعم الخداع نعم المكر الكَيْد هذا لا بأس ذكَرَ الله تعالى هذه الأوصاف في مقابَلَة مَن عاملَه بمثلها انتهى الوقت؟
قراءة الآيات القرآنية .
القارئ: (( ... لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ * مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ))
مناقشة تفسير قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) .
الشيخ : بس أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى: (( إنَّ الذي يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا )) ما معنى الإلحاد لغة؟
الطالب: الميل
الشيخ : الـمَيْل من أين اشْتُقّ؟
الطالب: من (أَلْحَدَ) يعني ألحد اللحد
الشيخ : اي نعم من لَحْدِ القَبْر لِميلِه إلى جانبٍ منه، طيب الإلحاد يكون في أسماء الله ويكون في آيات الله يلا يا صالح
الطالب: .. يكن في آيات الله عز وجل آياته الكونية ولَّا آياته الشرعية
الشيخ : يكون في أسماء الله
الطالب: وصفاته
الشيخ : ويكونُ في آيات الله طيب ما هو الدليل على كونه في أسماء لله؟
الطالب: (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )).
الشيخ : طيب وفي الآيات؟
الطالب: (( إن الذين يلْحِدون في آياتنا لا يخفون علينا ))
الشيخ : (( إن الذين يلْحِدون في آياتنا لا يخفون علينا )) طيب بماذا يكون الإلحاد في أسماء الله عبيد الله؟
الطالب: في أسماء الله
الشيخ : القاعدة العامة فيها أو الضابط الميل بها عما يجب أن يسمي الله بما لم يسم بها نفسه مثاله الآيات الإلحاد في آيات الله.
الطالب: في أسماء الله ... أو يسمى الله بما لم يسم نفسه
الشيخ : القاعدة العامة فيها أو الضابط: الميل بها عما يجب. ثم فَصِّل
الطالب: أن يسمي الله بما لم يسمي نفسه
الشيخ : أن يسمي الله بما لم يسَمِّ به نفسه مثالُه؟ نحن شرحنا هذا؟
الطالب: في أسماء الله .... الشرعية فقط
الشيخ : أي طيب إذًا الآيات الإلحاد في آيات الله؟
الطالب: ثلاث أقسام: .....
الشيخ : الإلحاد في الآيات الكونية
الطالب: يُنسَب إلى غير الله
الشيخ : أن تُنسَبَ إلى غير الله .... نعم أحسنت، بس، أن ينسُبَها إلى غير الله مثل يا كمال!؟
الطالب: ما حضرت كأن ينسب مثلًا
الشيخ : طيب خلاص ما حضرت ما حضرت
الطالب: كأن يقول: الذي أنزل المطر هو الوليد بن ...
الشيخ : نعم أحسنت يعني يعتقد أنَّ أحدا خلَق شيئًا منفَرِدًا به، المشاركة؟
الطالب: أن يدعي أنه معين لله
الشيخ : كيف معين لله؟ نقول: مشارك، نعم
الطالب: مثلما يعتقد بعض الرافضة أنَّ هذا الكون ...
الشيخ : أنَّ مع الله إلهًا يدَبِّر الكون يُدَبِّره مباشرة، طيب الثالث:
الطالب: ... معين
الشيخ : معينًا يعني يكون الله منفرد بالخلق لكن فيه مَن يساعده؟ ولكن هذا المساعد ليس له شِرْكَة في الخلق وبهذا نعرِف الفرق بين الـمُعين والـمُشارك، ما هو الدليل على انتفاء هذه الأمور الثلاثة من القرآن؟
الطالب: ... (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ))
الشيخ : أحسنت، الإلحاد في الآيات الشرعية عبد الله الأفغاني!
الطالب: إما بالتكذيب ... مخالفته وإما بالتحريف
الشيخ : نعم يكون بتكذِيبها وتحرِيفِها والثالث: مخالَفَتِها طيب أحسنت
الطالب: الميل
الشيخ : الـمَيْل من أين اشْتُقّ؟
الطالب: من (أَلْحَدَ) يعني ألحد اللحد
الشيخ : اي نعم من لَحْدِ القَبْر لِميلِه إلى جانبٍ منه، طيب الإلحاد يكون في أسماء الله ويكون في آيات الله يلا يا صالح
الطالب: .. يكن في آيات الله عز وجل آياته الكونية ولَّا آياته الشرعية
الشيخ : يكون في أسماء الله
الطالب: وصفاته
الشيخ : ويكونُ في آيات الله طيب ما هو الدليل على كونه في أسماء لله؟
الطالب: (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )).
الشيخ : طيب وفي الآيات؟
الطالب: (( إن الذين يلْحِدون في آياتنا لا يخفون علينا ))
الشيخ : (( إن الذين يلْحِدون في آياتنا لا يخفون علينا )) طيب بماذا يكون الإلحاد في أسماء الله عبيد الله؟
الطالب: في أسماء الله
الشيخ : القاعدة العامة فيها أو الضابط الميل بها عما يجب أن يسمي الله بما لم يسم بها نفسه مثاله الآيات الإلحاد في آيات الله.
الطالب: في أسماء الله ... أو يسمى الله بما لم يسم نفسه
الشيخ : القاعدة العامة فيها أو الضابط: الميل بها عما يجب. ثم فَصِّل
الطالب: أن يسمي الله بما لم يسمي نفسه
الشيخ : أن يسمي الله بما لم يسَمِّ به نفسه مثالُه؟ نحن شرحنا هذا؟
الطالب: في أسماء الله .... الشرعية فقط
الشيخ : أي طيب إذًا الآيات الإلحاد في آيات الله؟
الطالب: ثلاث أقسام: .....
الشيخ : الإلحاد في الآيات الكونية
الطالب: يُنسَب إلى غير الله
الشيخ : أن تُنسَبَ إلى غير الله .... نعم أحسنت، بس، أن ينسُبَها إلى غير الله مثل يا كمال!؟
الطالب: ما حضرت كأن ينسب مثلًا
الشيخ : طيب خلاص ما حضرت ما حضرت
الطالب: كأن يقول: الذي أنزل المطر هو الوليد بن ...
الشيخ : نعم أحسنت يعني يعتقد أنَّ أحدا خلَق شيئًا منفَرِدًا به، المشاركة؟
الطالب: أن يدعي أنه معين لله
الشيخ : كيف معين لله؟ نقول: مشارك، نعم
الطالب: مثلما يعتقد بعض الرافضة أنَّ هذا الكون ...
الشيخ : أنَّ مع الله إلهًا يدَبِّر الكون يُدَبِّره مباشرة، طيب الثالث:
الطالب: ... معين
الشيخ : معينًا يعني يكون الله منفرد بالخلق لكن فيه مَن يساعده؟ ولكن هذا المساعد ليس له شِرْكَة في الخلق وبهذا نعرِف الفرق بين الـمُعين والـمُشارك، ما هو الدليل على انتفاء هذه الأمور الثلاثة من القرآن؟
الطالب: ... (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ))
الشيخ : أحسنت، الإلحاد في الآيات الشرعية عبد الله الأفغاني!
الطالب: إما بالتكذيب ... مخالفته وإما بالتحريف
الشيخ : نعم يكون بتكذِيبها وتحرِيفِها والثالث: مخالَفَتِها طيب أحسنت
8 - مناقشة تفسير قوله تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )) . أستمع حفظ
فائدة : في كيفية الإلحاد في أسماء الله تعالى مع تتمة مناقشة تفسير الآية السابقة .
(( إنَّ الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا )) نحن لم نتكَلَّم عن الإلحاد في الأسماء، لأنه ليس في الآية لكن إتمامًا للفائدة نقول: الإلحاد يكون في أسماء الله وهو الـمَيْل بها عمَّا يجب، وذلك أوَّلًا: أن يُسَمِّيَ اللهَ تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسَه كتسمِيَةِ الفلاسِفَةِ له عِلَّةً فَاعلة يقولون: إنَّ الله هو العلةُ الفاعلة لهذا الكون، وتسمية النصارى إيَّاه أبًا يسمونه الأَب، الأب والابن والروح القدس، الثاني: أن يُنكِر شيئًا مِن الأسماء أو مما دَلَّت عليه وهذا عكْس الأول: الأول سمَّى الله بما لم يُسَمِّ به نفسه والثاني أنكَرَ ما سمَّى الله به نفسَه إما إنكارًا كلِّيًا وإما إنكارًا جزئِيَّا أو يُنكِر ما تضمَّنَتْه الأسماء من المعاني والصفات، أنتم معن؟ ينكر الأسماء أو بعضها أو ما دلت عليه من المعاني والصفات، فمثلًا الذين يقولون: إنَّ الله سبحانه تعالى ليس له أسماء ولا صفات كغلاة المعتزلة والجهمية هؤلاء ملحِدُون، والذين يقولون: له أسماء لكن ليس لها معاني هؤلاء أيضًا ملْحدون كما هو المشهور من مذهب المعتزلة، والذين ينكِرُون بعضَ الصفات كالأشاعرة هم أيضًا ملحدُون فيقولون مثلًا: إنَّ الله لا يثبُت له من الصفات إلَّا سبع صفات زعَمُوا أنَّ العقل دلَّ عليها وأنَّ الباقي لا يدُلُّ عليه العقل، وقد تكلمنا على هذا كثيرًا ولا حاجة إلى إعادته، كم هذه من نوع؟
الطالب: نوعان
الشيخ : نوعان: الأول: تسمية الله بما لم يسم به نفسه، والثاني عكس ذلك أنه ينكر الأسماء أو ما تضمنته من المعاني والصفات إما الجميع وإما البعض، الثالث: أن يشتَقَّ مِن أسمائه أسماءً للأصنام ومنه اشتقَاق اللات من الإله، والعُزَّى من العزيز ومَنَاة من الـمَنَان هذا أيضًا مِن الإلحاد في أسماء الله، كل الإلحاد هذا وغيرُه في أسماء الله قد توَعَّد الله مَن سَلَكَه في قوله: (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))، طيب في قوله تعالى: (( لا يخفون علينا )) نوع من أنواع الصفات يعني العلماء يقولون: الصفات تنقسم إلى قسمين: فمِن أيِّ الأنواع قوله: (( لا يخفون علينا ))؟ ارفع صوتك جزاك الله خير
الطالب: الصفات المنفية
الشيخ : أحسنت مِن الصفات المنفية بارك الله فيك، وسؤالنا الآن: هل الله عز وجل له أسماء منفِيَّة بمعنى أنها نفْيٌ محْض أو لا؟ بنفْيٍ محْض؟ إذًا ما معنى النفي الذي يتَّصِفُ الله به أحيانًا؟ إثباتُ كمَال ضِدِّ الـمَنفِيّ طيب فمثلًا (لا يخفون علينا) فيها إثْبَات كمَال العلم، ما المراد بهذه الجملة (لا يخفون علينا)؟ لا مو معناه ما المراد بها يعني الغرض منها؟
الطالب: الإخبار بعلم الله سبحانه وتعالى
الشيخ : لا لا ما هو هذا
الطالب: يا شيخ التهديد
الشيخ : التَّهديد المراد بها التهديد، نعم، في الآية الكريمة (( أفمن يُلقَى في النار خيرٌ أمَّن يأتي آمِنًا يوم القيامة )) قد يقول قائل: إنَّ هذا الاستفهام لا معنى له لأنَّ كُلَّ أحدٍ يعرِف أنَّ مَن يأتِي آمنًا يوم القيامة خيرٌ ممن يُلقَى في النار
الطالب: هو جواب لقولِه سبحانَه تعالى: (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا )) فأجاب سبحانه: (( أفمن يلقى في النار
الشيخ : لا لا ما أقصد ما مناسبة هذه لما قبلها هذا الذي ذكرت المناسبة، لكن أقول: (( أفمن يُلقَى في النار خيرٌ أمَّن يأتي آمِنًا يوم القيامة )) يسأل الله سبحانه وتعالى هل هذا خيْر أو لا، أقول: هذا كيف يسأل عنه وهو معلوم؟ المقصود استفهام إنكاري يعني فهو في الواقع خبَر، هذا وجه وجهٌ طيب أنَّ المقصود: لا يسْتَوي مَن يُلقَى في النار ومَن يأتي آمِنًا يوم القيامة فالاستفهام خبري، الوجه الثاني؟
الطالب: يا شيخ نقول أن مثل هذا التعبير يُراد به إفحَام الخصم
الشيخ : أن هذا التعبيرَ يُراد به إفحَام الخصم نعم، هل له نظِير؟
الطالب: نعم قوله تعالى: (( ءاللهُ خيرٌ أما يشركون ))
الشيخ : نعم له نظير (( ءاللهُ خيرٌ أما يشركون )) معروف أنَّه لا مناسبة فضلًا عن المفاضلة بين الله عز وجل وبين آلهتهم لكن هذا مِن باب إفحام الخصم أي أن آلهتَهم ليس فيها خيْر وكذلك مَن يُلقَى في النار ليس فيه خير، ما هو الضمان للإتيان آمِنًا يوم القيامة سامي العقيل! مَنِ الذي يأتي آمِنًا يوم القيامة؟
الطالب: ذكرَهم الله في كتابه (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ))
الشيخ : ذكرَهم الله في قوله: (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظُلم
الطالب: أولئك لهم الأمن
الشيخ : كَمِّل (( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )) الأمْن في الدنيا والآخرة بارك الله فيك، وقفنا على هذا أظن؟ قال الله تعالى: (( اعملوا ما شئتم )) (اعملوا ما شئتم) هذا أمر .... إذًا ناخذ الفوائد ولّا ... ماشي
الطالب: نوعان
الشيخ : نوعان: الأول: تسمية الله بما لم يسم به نفسه، والثاني عكس ذلك أنه ينكر الأسماء أو ما تضمنته من المعاني والصفات إما الجميع وإما البعض، الثالث: أن يشتَقَّ مِن أسمائه أسماءً للأصنام ومنه اشتقَاق اللات من الإله، والعُزَّى من العزيز ومَنَاة من الـمَنَان هذا أيضًا مِن الإلحاد في أسماء الله، كل الإلحاد هذا وغيرُه في أسماء الله قد توَعَّد الله مَن سَلَكَه في قوله: (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))، طيب في قوله تعالى: (( لا يخفون علينا )) نوع من أنواع الصفات يعني العلماء يقولون: الصفات تنقسم إلى قسمين: فمِن أيِّ الأنواع قوله: (( لا يخفون علينا ))؟ ارفع صوتك جزاك الله خير
الطالب: الصفات المنفية
الشيخ : أحسنت مِن الصفات المنفية بارك الله فيك، وسؤالنا الآن: هل الله عز وجل له أسماء منفِيَّة بمعنى أنها نفْيٌ محْض أو لا؟ بنفْيٍ محْض؟ إذًا ما معنى النفي الذي يتَّصِفُ الله به أحيانًا؟ إثباتُ كمَال ضِدِّ الـمَنفِيّ طيب فمثلًا (لا يخفون علينا) فيها إثْبَات كمَال العلم، ما المراد بهذه الجملة (لا يخفون علينا)؟ لا مو معناه ما المراد بها يعني الغرض منها؟
الطالب: الإخبار بعلم الله سبحانه وتعالى
الشيخ : لا لا ما هو هذا
الطالب: يا شيخ التهديد
الشيخ : التَّهديد المراد بها التهديد، نعم، في الآية الكريمة (( أفمن يُلقَى في النار خيرٌ أمَّن يأتي آمِنًا يوم القيامة )) قد يقول قائل: إنَّ هذا الاستفهام لا معنى له لأنَّ كُلَّ أحدٍ يعرِف أنَّ مَن يأتِي آمنًا يوم القيامة خيرٌ ممن يُلقَى في النار
الطالب: هو جواب لقولِه سبحانَه تعالى: (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا )) فأجاب سبحانه: (( أفمن يلقى في النار
الشيخ : لا لا ما أقصد ما مناسبة هذه لما قبلها هذا الذي ذكرت المناسبة، لكن أقول: (( أفمن يُلقَى في النار خيرٌ أمَّن يأتي آمِنًا يوم القيامة )) يسأل الله سبحانه وتعالى هل هذا خيْر أو لا، أقول: هذا كيف يسأل عنه وهو معلوم؟ المقصود استفهام إنكاري يعني فهو في الواقع خبَر، هذا وجه وجهٌ طيب أنَّ المقصود: لا يسْتَوي مَن يُلقَى في النار ومَن يأتي آمِنًا يوم القيامة فالاستفهام خبري، الوجه الثاني؟
الطالب: يا شيخ نقول أن مثل هذا التعبير يُراد به إفحَام الخصم
الشيخ : أن هذا التعبيرَ يُراد به إفحَام الخصم نعم، هل له نظِير؟
الطالب: نعم قوله تعالى: (( ءاللهُ خيرٌ أما يشركون ))
الشيخ : نعم له نظير (( ءاللهُ خيرٌ أما يشركون )) معروف أنَّه لا مناسبة فضلًا عن المفاضلة بين الله عز وجل وبين آلهتهم لكن هذا مِن باب إفحام الخصم أي أن آلهتَهم ليس فيها خيْر وكذلك مَن يُلقَى في النار ليس فيه خير، ما هو الضمان للإتيان آمِنًا يوم القيامة سامي العقيل! مَنِ الذي يأتي آمِنًا يوم القيامة؟
الطالب: ذكرَهم الله في كتابه (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ))
الشيخ : ذكرَهم الله في قوله: (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظُلم
الطالب: أولئك لهم الأمن
الشيخ : كَمِّل (( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )) الأمْن في الدنيا والآخرة بارك الله فيك، وقفنا على هذا أظن؟ قال الله تعالى: (( اعملوا ما شئتم )) (اعملوا ما شئتم) هذا أمر .... إذًا ناخذ الفوائد ولّا ... ماشي
التعليق على تفسير الجلالين : (( إن الذين كفروا بالذكر )) القرآن (( لما جاءهم )) نجازيهم (( وإنه لكتاب عزيز )) منيع .
قال الله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )) (إنَّ الذين كفَرُوا بالذكر لَمَّا جَاءَهم) هذه جملة مؤكدة بـ(إنَّ) والمراد بالذِّكْر القرآن الكريم كما قال الله تبارك وتعالى: (( وهذا ذكرٌ مبارك أنزلناه )) وقال تعالى: (( وإنه لذكر لك ولقومك )) وسُمِّيَ القرآنُ ذكرًا، لأنَّه يُذَكِّرُ صاحبَه بما للمتقين مِن خَيْر وما للطاغين مِن شَرّ، ولأنَّه ذِكْرٌ لصاحبه أي يرفع الله به ذِكْرَه ذِكْرَ مَن تَمَسَّك به ولهذا قال: (( وإنه لذكر لك ولقومك ))، ولأنه يُذَكِّرُ الإنسانَ بربِّه فإنَّ أقْرَبَ الناس أو مِن أقرَب النَّاس إلى الله مَن تلَا كتابَه، ولهذا نقول: إن تلاوةَ الكتاب أفضَلُ الذِّكْر المطلق وأمَّا الأذكار المعيّنَة المقَيَّدَة بشيء معَيَن فهذه تَبَعٌ لِمَا قُيِّدَتْ به، وقوله: (( لَمَّا جاءهم )) أي: حين جاءهم واعلم أنَّ (لَمَّا) تأتي باللغة العربية لعدة أوجه منها: أن تكون ظرفًا كما في هذه الآية فمعنى (لما جاءهم) أي: حين جاءهم، ومنها أن تأتِيَ نافيَةً جازمة لكنَّها لتَوَقُّع ما بعدَها كقوله تبارك وتعالى: (( بل لَمَّا يذوقوا عذاب )) (لما) هنا بمعنى (لم) فهي نافية لكنَّها لا تدخُل إلا على شيءٍ مُتَوَقَّع فمعنى (لما يذوقوا عذاب) أي لم يذُوقوه ولكنَّهم مستحِقُّون له والعذاب منهم قرِيب، ومنها أنها تأتي بمعنى (إلا) كقوله تعالى: (( إن كُلُّ نفس لَمَّا عليها حافظ )) أي: إلَّا عليها حافظ، ومنها أنَّها تأتي شرطية كقوله تعالى: (( فلَمَّا أنْ جَاء البشير ألْقَاه على وجهه )) (فلما أن جاء) هذه شرطية وتقول: لَمَّا زارَني أكرمْتُه فهذه أربعة أوجه لِمَا [كذا]: الوجه الأول: ظرف، ثاني: نافية جازمة، الثالث: بمعنى (إلا)، الرابع شرطية، (( لَمَّا جاءهم )) أي: حين جاءهم لم يذْكُرِ الله تعالى خبَر (إن) بل حذفَه مِن أجل أن تذْهَبَ النفسُ في تقديرِه كُلَّ مذهَب بمعنى: أن يبقى الإنسان ما الذي يحصُل له فتجِد الإنسان يُؤَمِّل ويفَكِّر كذا أو كذا أو كذا ولهذا قدَّره المفسر بقوله: " نجازيهم " فـ "نُجَازيهم" على تفسير المؤلف هي خبر (إن)، ويجوز أن تُقدَّر غير هذا يمكن أن تقول: إنَّ الذين كفروا بالذكر لَمَّا جاءهم سوف يعاقبون أو لهم نار جهنم أو ما أشبه ذلك المهم أنَّ حذفَه من أجل أن يذهب الذهن كُلَّ مذهبٍ في تقدير الخبر، لكن نعلم علم اليقين أنَّه لا يمكن أن يقَدَّرَ خبرًا سارًّا يعني لا يمكن أن نقول: التقدير: إنَّ الذين كفروا بالذكر لَمَّا جاءهم لهم جنات النعيم هذا مستحيل إنما هو يقدر في أيِّ شيءٍ تقَدِّرُه مِن العذاب، وهذه من بلاغة القرآن أن يجعَل الأمرَ مفتوحًا ليُقَدِّرَه الإنسان كلَّ تقدير، قال: " (( وإنه لكتاب عزيز )) مَنِيع " (وإنه لكتاب) أكَّد الله عز وجل عِزَّة هذا الكتاب بمؤَكِّدَين: (إن) واللام، ومحَطُّ الفائدة في الواقع ليس (كتاب) فقط محَطُّ الفائدة قوله: (عزيز) هذا هو المهم أمَّا (كتاب) كل شيء كتاب كلُّ ما يُكتَب فهو كتاب، نعم (( قالت إني ألقي كتاب كريم * إنه من سليمان )) لكن محَطُّ الفائدة قوله: (عزيز)، (( وإنه لكتاب )) الضمير في (إنه) يعود إلى الذكر وهو القرآن، و(كتاب) هنا بمعنى مكتوب، وهو مكْتُوبٌ في المصاحف، في اللوح المحفوظ، في الصُّحف التي بأيدي الملائكة أعرفتم؟، إذًا هو كتاب في ثلاث مواضع: في اللوح المحفوظ، والثاني: في الصحف التي بأيدي الملائكة، والثالث: في الصحف التي بأيدينا، وقوله: (( عزيز )) قال المؤلف: " منيع " ولا شكَّ أنَّ (منيع) من معاني (عزيز) ولكن هي أعمُّ مما قال المؤلف (عزِيز): بمعنى منيع أي يمتَنِع أن ينالَه أحد بسوءٍ إلا فضحه الله، الثاني: (عزيز) بمعنى غالب فالقرآن لا شكَّ أنَّه غالبٌ على غيرِه، لقول الله تعالى: (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لِيُظهِرَه على الدين كله )) فهو غالبٌ لكل شيء، إذًا هو ممتَنِع أن ينالَه أحدٌ بسوءٍ إلا فَضَحَه الله، والثاني: أنَّه غالِب، ولهذا لَمَّا كانَت الأمةُ الإسلامية متمَسِّكَةً به كانَت غالبةً هدَّت عروش كسرى وقيصر وغيرِهما من الجبابرة، وفُتِحَ به مشارِق الأرض
اضيفت في - 2011-05-25