تفسير سورة فصلت-09b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك بظلام للعبيد )) أي بذي ظلم لقوله تعالى (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة )) [ 40 : 4 ] .
(( ظَلَّام )) فسَّرَها المؤلف بأنها صيغة نسبة وليست صيغة مبالَغة، لأنَّ (فَعَّالًا) تأتي للنسبة كنَجَّار وحداد وخَشَّاب وما أشبه ذلك، وتأتي للمبالَغة فهنا هل (ظلَّام) هنا للمبالغة أو للنسبة؟ يتعيَّن أن تكون للنسبة، لأنك لو جعلْتَها للمبالغة لكان المنفِيُّ هو المبالغة في الظُّلْم دون أصْل الظلم والمعلوم أنَّ الله تعالى منفِيٌّ عنه الظلم أصلُه والمبالَغَةُ فيه، إذًا يتعَيَّن أن نقول: إنَّ (ظلام) صيغةُ نسبة وليست صيغة مبالغة ولهذا فسَّرَها بقوله: " أي بذي ظلم " واستدل بقوله تعالى: (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة )) نعم، لا يَظلِم مثقال ذرة ومَن انتفى عنه الظلم في مثقال ذرة لا يمكن أن يكون لديه ظلمٌ بأكثَر ولا بمثقال ذرة أيضًا ولا بدون مثقال ذرة، فإن قال قائل: إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة مفهومُه أنَّ ما دونها يمكن قلنا: لا، لأنَّ (مِثْقَالَ ذَرَّة) جِيءَ به على سبيل المبالغة ما هو التمثيل المبالغة، وما كان قيدًا للمبالغة فإنه لا مفهوم له أرأَيْتم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من اقتطع شبرًا من الأرض ظُلمًا طُوِّقَه يوم القيامة مِن سبع أرضين )؟ فهل نقول: مَن اقتطع نصف شبِر لا يُعاقب عليه؟ لا لكن ذكرَه على سبيل المبالغة، نعم (( وما ربك بظلام للعبيد )) أي بذي ظُلم وقوله: (( للعبيد )) أيُّ العبيد شرعًا أو كونًا؟ كونًا للعبيد كونًا يعني لن يظلِم حتى الكافر لا يظلمُه الله عز وجل، فإن قال قائل: إنَّ الله تعالى -وحاشا- يظلِم الكافر الكافر مُتِّع في الدنيا ولتقل ألف سنة على كفر -وعبد الله الأفغاني أظنه يفكر- فسُيَخَلَّد في النار كم؟ إلى الأبد آلاف وملايين السنين مع أنَّه لم يكفر إلا ألف سنة فالعقوبة زائدة على العمل وهذا ظُلْم لو قال قائل هكذا قلنا: كلَّا والله إنَّ الله تعالى أعذَرَ إلى هذا الرجل ببعث الرسل وإنزال الكتب وأعطاه عقْلًا وقال: إن فعلْتَ كذا أدبْتُك أبد الآبدين فأقْدَم باختياره، وهل إذا فعَل ما يوجب هذه العقوبة باختياره ثم عُوقِب بها هل يقال: إنَّه مظلوم؟ أبدًا لا يقال: إنَّه مظلوم، هذا لو كان جاهلًا بالعقوبة لقلنا: نعم الواجب ألا يعاقب إلا بمقدار ذنبِه كمًّا وكيفًا لكنا نقول: هذا الرجل قد علِم وأُعذِرَ إليه بإرسال الرسل وبيان ما يُعَذَّب به ومع ذلك أصَرّ كأنه يقول: أنا لا أبالي إذا عُذِّبْتُ أبد الآبدين وحينئذ يكون هو الذي جنَى على نفسه وفعل ما يوجب هذا العذاب المؤبَّد.
(( وما ربك بظلام للعبيد ))
(( وما ربك بظلام للعبيد ))
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك بظلام للعبيد )) أي بذي ظلم لقوله تعالى (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة )) [ 40 : 4 ] . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد )) .
في هذه الآية من الفوائد: الحَثّ على العمَل الصالح لقوله: (( من عمل صالحا فلنفسه )) لأنك متى علِمْت أنَّ عملَك لنفسك فسوف تجتَهد في ذلك إذًا ففيه الحَث على العمل الصالح.
ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ كل عمل لا إخلاصَ فيه فهو ضرَرٌ على صاحبِه وليس له، لأننا فسَّرْنا العمل الصالح بأنه ما جمع بين شرطين: الإخلاص والمتابعة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من عمِلَ عملًا بدعيًّا فعملُه عليه لا له، لأنه لا يدخل في العمل الصالح، طيب إخوانَنا! كثيرٌ مِن الذين يعمَلُون بهذه البدع تجدهم يبكُون ويخشعون وتلِين قلوبهم ولهم مِن البكاء ما لا يكون عند المخلِصِين المتَّبعِين فماذا نقول؟ أجيبوا؟ نقول: (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) فلا يخدعَنَّك هذا الشيء الذي يقع منهم، لأنَّ هذا من إغواء الشيطان لهم وغروره إياهم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يمكن أن يصِل ثواب العمل الصالح إلى الغير لقوله: (( فلنفسه )) وبهذا أخذ أكثر العلماء وقالوا: " إنَّ الميت لا ينتفع إلا بعمَل ولدِه فقط أما غيرُه فلا " يعني لو أنَّك اعتمَرْت لصديق لك مَيِّتٍ أو حيٍّ لا يستطيع العمرة فإن ذلك لا ينفعُه ليش؟ لأن مَن عمل صالحًا فلنفسه لا يتعدَّى غيره وما جاءت به السنة من صيام المرأة نذْرَ شهرٍ على أمِّها أو حَجِّها عن أبيها الذي لا يثبت على الراحلة فهذا إنما وقع مِن الولد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أطيبَ ما أكلْتُم من كسبِكم وإنَّ أولادكم من كسبِكم ) فالعمل مِن كسب الأب والأم وهو جُزءٌ من أبيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فاطمة بَضْعَةٌ مني يَريبها ما رابني ) قال ذلك على المنبر وأشار عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وهو حديث طويل أشار إلى التنديد بعلي بن أبي طالب وأثنَى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنتِه زينب وقال: ( حدثني فصدَقَني ووعدني فوفا لي ) وانتقد عليًّا، لأنه قيل: إنه أراد أن يتزوج بنت أبي جهل فقام الرسول وخطب الناس وقال: ( فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني ) وتكلَّم بكلام غليظ لكن الأمر عدَلَ عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم متأثر هذا التأثر وأنه لا يمكن أن يُجمَع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله لأن هذا يكون متحَدَّث الناس، على كل حال نحن نقول إنَّ بعض أهل العلم أخذ بما يفيده ظاهر هذه الآية وقال: لا ينفَع العمل لأي إنسان نويتَه إلَّا مَن الولد، ولكنَّ كثيرًا من العلماء قال: بل إنَّ الذي ينتفع به الميت مِن ولدِه لا مانع أن ينتفع به مِن غيرِه وربما يُستَدَّلُ بذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة قال: ( مَن شبرمة؟ ) قال: أخٌ لي أو قريبٌ لي فقال: أخ أو قريب وهو محرِمٌ عنه قالوا: فهذا يدل على أنه يجوز للإنسان أن ينُوبَ عن غيره فيقال: هذه النِّيَابة عن الغير والحجُّ أيضًا يُسَلَّم له، ولكن الذي يظهَر لي أنَّه لا فرْق بين الولد وغيره وبين الحجِّ وغيره لكن الذي ننتقِدُه إسْرافُ الناس الآن في الأعمال للأموات تجدُه يحفُظ القرآن في رمضان عدة مرات ويقول: المرة الأولى لأمي والثانية لأبوي والثالثة لجدتي والرابعة لجدي والخامسة لأخي والسادسة لأختي والسابعة لعمي والثامنة لعمتي ويطلع رمضان ليس له ثواب كله أعطاه الناس هذا غلَط هذا إفراط وليس مِن هدي السلف الصالح، كذلك أيضًا بعض الناس يُسرِف ويخالِف السنة في إسرافِه تجده يذهب يعتمِر أول عمرة له وفي نفس الوقت وهو بمكة ثاني عمرة لأمه وثالث عمرة لأبيه كل يوم عمرة وإذا قدَّرْنا أنه بقي عشرة أيام وله عشرة أقارب: عشر عُمْرات نعم، هذا غلط ليس من هدي السلف والشرع ليس حسب الذَّوق أو ميل النفس أو الهوى الشرع محدد هل ورد عن السلف أنهم يكررون العمرة؟ لا لأنفسهم ولا لغيرهم ما ورد إطلاقًا فأصْل تكرار العمرة في سفر واحد أصله غير مشروع، ولهذا قال عطاء بن أبي رباح وهو عالم مكة في زمنه قال: " لا أدري هؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم أيأثمون أم يسلَمُون " يعني معناه أنه ليس لهم أجر لأنه ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة فلذلك يجب عليكم أنتم طلبة العلم أن تُبَيِّنُوا للناس حتى وإن انتقدُوكم، دائمًا نحن نُحذِّر من هذا في الحرم ونقول: هذا غلط وليس بمشروع ثم يأتون يذهبون إلى ناسٍ من الناس ويقول: لا ما يخالف أول يوم لك وثاني يوم لأمك وثالث يوم لأبوك ما يخالف، عَطْه [أعطاه] العالِم كل واحد عمرة وإن كثُرَ أقاربك وقلَّت أيامك في مكة فلا بأس أن تأخُذ عمرتين في يوم ما فيه مانع وإن كثروا أكثَر وقلَّت الأيام أقل اجعل عمرتين في اليوم وعمرتين في الليل، لا إله إلا الله مَن قال هذا؟ لكن المشكلة أن بعض العلماء يتهاونون في هذه الأمور ولا يريحون عباد الله تجده مسكين في أيام موسم الحج يتكلف كَلافًا عظيما في الزحام والمشقة ومع ذلك يُصِرّ على أن يأتي بعمرة لأبيه وأمه مع أنَّ هذا ليس من هدي السلف ويضَيِّق على الناس الناس يضيق بعضهم على بعض فنسأل الله الهداية، طيب إذًا على كل حال قوله: (( فلنسفه )) استدل بها بعض العلماء على ايش؟ على أنَّ العمل الصالح لا يتعَدَّى الغير أي لا يتعدَى فاعلَه ونحن نقول: ما جاءت به السنة فهو مخصِّصٌ لهذا والسنة تفَسِّر القرآن وتبَيِّنُه، ثم هل يقاس عليه؟ هذا محل نظر وعندي أنه لا بأس أن يقاس عليه، لأن الذي ورد إنما هو قضايا أعيان، فإذا كان قضايا أعيان وربما نقول: ونقيس على هذه العين ما شابهها لكن الذي يُنكَر هو الإسراف والإفراط.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ مَن أساء فعلى نفسه أساء لا يضُرُّ الله شيئًا ولكن لو قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ مَن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة؟ طيب إذًا هذا الإنسان صارت إساءة غيره عليه والله يقول: (( من أساء فعليها )) على نفسه فقط فيقال: إن كونَه سَنَّ هذه السيئة هو عملُه الذي تبِعَه الناس عليه ولولا أنَّه فعل ما فعلَه الناس فالناس إنما فعلوا اتباعًا له فيكون هذا في الحقيقة مِن فعلِه، لأنه هو ا لذي سَنَّ هذه السنة السيئة، ولهذا ما مِن إنسان يقتُل نفسًا عمدًا بغير حقّ إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ منها عرفتم؟ مَن الذي قتل أول من بني آدم؟ هو قابيل قتل هابيل، قتل هابيل حسدًا بدون إساءةٍ إليه قرَّبَا قربانًا فتقبَّل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقال له: لأقتلنك. ليش؟ حسدًا، لأن الله قبِل من صاحبِه ولم يقبل، فأرشده صاحبه أرشده إلى ما يكون به القبول قال: (( إنما يتقبل الله من المتقين )) ومعنى الآية حثُّه على أن يتَّقِي وليس المعنى أنه يمدَح نفسه أنه كان مُتَّقِيًا فقُبِل وإنما يحُثّ على التقوى كأنه يقول: اتَّق الله يتقَبَّل منك، ثم قال له: (( لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين )) ولعلَّ هذا لم يكن مشروعًا في عهدِهم أن يُدافِع الإنسان عن نفسِه لأن في شريعتنا مَن أراد قتلك يجب عليك أن تُدافِعَه يجِب حتى لو قتلتَه فهو في النار ولو قتلَك فأنت شهيد، لكن لعله في عهدهم لم يكن ذلك مشروعًا وهو مِن الآصار التي كتبَها الله على مَن قبلنا ونجَّانَا الله منها (( إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء )) إلى آخره المهم على كل حال نقول: مَن سنَّ سُنَّة سيئة فسَنُّه مِن عملِه فيكون وزرُ مَن عمل بها عليه، لأنه هو الذي سَنَّها.
ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء الظلم عن الله عز وجل لقوله: (( وما ربك بظلام للعبيد )) وهذه من صفات النفي أو من صفات الإثبات؟ من صفات النفي، وصفات الله تعالى نوعان: صفات إثبات وصفات نفي فصفات الإثبات كثيرة جدًّا وصفات النفي أقَلّ ولكن مع ذلك صفات النفي هي في الحقيقة صفات إثبات، لأنَّ المراد بالنَّفي إثبات ضِدِّ ذلك فمثلًا (( ما ربُّك بظلام )) المراد إثْبَات كمَال عدلِه وأنَّ عدلَه لا ظلمَ فيه بوجهٍ من الوجوه، انتبه، إذًا خذ قاعدة عريضة: لا يوجد النفيُ المحضُ في صفاتِ الله أبدًا كلُّ نفيٍ في صفات الله فهو إثبات، إثبات لايش؟ إثبات للنفي ولَّا إثبات لضده؟ إثبات لضدِّه فكأنَّه يقول عز وجل: هو أعدلُ الحاكمين ولا ظلم في حكمِه إطلاقًا واضح؟ طيب (( وما كان ربك نسِيًّا )) مِن صفات النفي أو الإثبات؟ من صفات النفي لكن لإثباتِ كمال علمِه وأنه لكمال علمِه لا يرِدُ عليه النسيان إطلاقًا، علْمُنا نحنُ يرِد عليه النسيان وهو أيضًا حاصِلٌ بعد جهل سابق (( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا )) فعلمُنا في الواقع معِيبٌ من وجوه مو من وجهين:
الوجه الأول: أنه مسبوق بجهل، الثاني: أنه ملحُوق بنسيان، الثالث: أنه ليس شاملًا عامًّا.
على كل حال نقول هذا النفي في صفَةِ الله لا يُراد به النفي المحض بل هو إثباتٌ في الواقع إذ أنَّ المراد به؟ أي أنت
الطالب: إثبات كمال ضده
الشيخ : إثبات كمالِ ضدِّه (( ما ربك بظلام )) أي أنَّه عدْلٌ لا ظُلْمَ في عدلِه إطلاقًا.
ومِن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العدْل في أعلَى مقاماته كيف؟ حيث قال: (( للعبيد )) أي لِعبيدِه وهذا أبلغ لو قلت لك: أنت لا تظلِم عبيدِك فهو أبلَغ مما لو قلت: أنت لا تظلم الناس ليش؟ لأن عدمَ ظلمك الناس لأنَّه لا سيطرة لك عليهم لكن إذا كنت لا تظلِمُ عبيدك كان هذا أبلَغ في إثبات العدل، إذا كنت لا تظلِم مَن لك سلطة لك عليه فلَأن لا تظلم مَن لا سلطة لك عليه من باب أولى، إذًا فقابل (( وما ربك بظلام للعبيد )) بقول القائل: فلانٌ لا يظلِم الناس أيُّهما أبلغ؟ الأول، لأنه إذا كان لا يظلِم عبيدَه مع أنهم عبيدُه يفعل فيهم ما شاء فلأن لا يظلِم غيرَهم -ولكن هذا على سبيل الفرض وإلَّا كُلّ مَن في السماوات والأرض آتي الرحمن عبدًا.
ومن فوائد الآية الكريمة: الردُّ على الجبرية، يقول الجبرية: إنَّ الظلمَ في حق الله محال. وانتفَاء المحال ليس مدحًا أقول لكم الآن: انتفاء المحال ليس مدحًا.
الطالب: .....
الشيخ : لا، ليش؟ لأنَّ المحال لا يمكن وجوده لذاتِه ولو أرادَه الإنسان لم يُوجَد، لأنه محال، لكن انتفاء الممكن إذا كان الانتفاء مدحًا فهو مدْح، هنا (( ما ربك بظلام )) هل تفيد الآية أنَّ الظلم في حقه ممكن؟ نعم تُفيد أنه ممكن لكن لكَمال عدلِه لا يمكن، فالظلم ليس محالًا لذاته في حقِّ الله بل هو محالٌ لكمالِ عدل الله، أنتم فاهمين ولَّا لا؟ وبهذا يتحَقَّق المدْح مدح الله تعالى بانتفاء الظلم عنه، أما لو كان شيئا محالًا لا يمكن فالمحال لا يمدح به.
(( وما ربك بظلام للعبيد )) نمشي ولَّا انتهى الوقت؟
ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ كل عمل لا إخلاصَ فيه فهو ضرَرٌ على صاحبِه وليس له، لأننا فسَّرْنا العمل الصالح بأنه ما جمع بين شرطين: الإخلاص والمتابعة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من عمِلَ عملًا بدعيًّا فعملُه عليه لا له، لأنه لا يدخل في العمل الصالح، طيب إخوانَنا! كثيرٌ مِن الذين يعمَلُون بهذه البدع تجدهم يبكُون ويخشعون وتلِين قلوبهم ولهم مِن البكاء ما لا يكون عند المخلِصِين المتَّبعِين فماذا نقول؟ أجيبوا؟ نقول: (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) فلا يخدعَنَّك هذا الشيء الذي يقع منهم، لأنَّ هذا من إغواء الشيطان لهم وغروره إياهم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يمكن أن يصِل ثواب العمل الصالح إلى الغير لقوله: (( فلنفسه )) وبهذا أخذ أكثر العلماء وقالوا: " إنَّ الميت لا ينتفع إلا بعمَل ولدِه فقط أما غيرُه فلا " يعني لو أنَّك اعتمَرْت لصديق لك مَيِّتٍ أو حيٍّ لا يستطيع العمرة فإن ذلك لا ينفعُه ليش؟ لأن مَن عمل صالحًا فلنفسه لا يتعدَّى غيره وما جاءت به السنة من صيام المرأة نذْرَ شهرٍ على أمِّها أو حَجِّها عن أبيها الذي لا يثبت على الراحلة فهذا إنما وقع مِن الولد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أطيبَ ما أكلْتُم من كسبِكم وإنَّ أولادكم من كسبِكم ) فالعمل مِن كسب الأب والأم وهو جُزءٌ من أبيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فاطمة بَضْعَةٌ مني يَريبها ما رابني ) قال ذلك على المنبر وأشار عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وهو حديث طويل أشار إلى التنديد بعلي بن أبي طالب وأثنَى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنتِه زينب وقال: ( حدثني فصدَقَني ووعدني فوفا لي ) وانتقد عليًّا، لأنه قيل: إنه أراد أن يتزوج بنت أبي جهل فقام الرسول وخطب الناس وقال: ( فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني ) وتكلَّم بكلام غليظ لكن الأمر عدَلَ عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم متأثر هذا التأثر وأنه لا يمكن أن يُجمَع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله لأن هذا يكون متحَدَّث الناس، على كل حال نحن نقول إنَّ بعض أهل العلم أخذ بما يفيده ظاهر هذه الآية وقال: لا ينفَع العمل لأي إنسان نويتَه إلَّا مَن الولد، ولكنَّ كثيرًا من العلماء قال: بل إنَّ الذي ينتفع به الميت مِن ولدِه لا مانع أن ينتفع به مِن غيرِه وربما يُستَدَّلُ بذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة قال: ( مَن شبرمة؟ ) قال: أخٌ لي أو قريبٌ لي فقال: أخ أو قريب وهو محرِمٌ عنه قالوا: فهذا يدل على أنه يجوز للإنسان أن ينُوبَ عن غيره فيقال: هذه النِّيَابة عن الغير والحجُّ أيضًا يُسَلَّم له، ولكن الذي يظهَر لي أنَّه لا فرْق بين الولد وغيره وبين الحجِّ وغيره لكن الذي ننتقِدُه إسْرافُ الناس الآن في الأعمال للأموات تجدُه يحفُظ القرآن في رمضان عدة مرات ويقول: المرة الأولى لأمي والثانية لأبوي والثالثة لجدتي والرابعة لجدي والخامسة لأخي والسادسة لأختي والسابعة لعمي والثامنة لعمتي ويطلع رمضان ليس له ثواب كله أعطاه الناس هذا غلَط هذا إفراط وليس مِن هدي السلف الصالح، كذلك أيضًا بعض الناس يُسرِف ويخالِف السنة في إسرافِه تجده يذهب يعتمِر أول عمرة له وفي نفس الوقت وهو بمكة ثاني عمرة لأمه وثالث عمرة لأبيه كل يوم عمرة وإذا قدَّرْنا أنه بقي عشرة أيام وله عشرة أقارب: عشر عُمْرات نعم، هذا غلط ليس من هدي السلف والشرع ليس حسب الذَّوق أو ميل النفس أو الهوى الشرع محدد هل ورد عن السلف أنهم يكررون العمرة؟ لا لأنفسهم ولا لغيرهم ما ورد إطلاقًا فأصْل تكرار العمرة في سفر واحد أصله غير مشروع، ولهذا قال عطاء بن أبي رباح وهو عالم مكة في زمنه قال: " لا أدري هؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم أيأثمون أم يسلَمُون " يعني معناه أنه ليس لهم أجر لأنه ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة فلذلك يجب عليكم أنتم طلبة العلم أن تُبَيِّنُوا للناس حتى وإن انتقدُوكم، دائمًا نحن نُحذِّر من هذا في الحرم ونقول: هذا غلط وليس بمشروع ثم يأتون يذهبون إلى ناسٍ من الناس ويقول: لا ما يخالف أول يوم لك وثاني يوم لأمك وثالث يوم لأبوك ما يخالف، عَطْه [أعطاه] العالِم كل واحد عمرة وإن كثُرَ أقاربك وقلَّت أيامك في مكة فلا بأس أن تأخُذ عمرتين في يوم ما فيه مانع وإن كثروا أكثَر وقلَّت الأيام أقل اجعل عمرتين في اليوم وعمرتين في الليل، لا إله إلا الله مَن قال هذا؟ لكن المشكلة أن بعض العلماء يتهاونون في هذه الأمور ولا يريحون عباد الله تجده مسكين في أيام موسم الحج يتكلف كَلافًا عظيما في الزحام والمشقة ومع ذلك يُصِرّ على أن يأتي بعمرة لأبيه وأمه مع أنَّ هذا ليس من هدي السلف ويضَيِّق على الناس الناس يضيق بعضهم على بعض فنسأل الله الهداية، طيب إذًا على كل حال قوله: (( فلنسفه )) استدل بها بعض العلماء على ايش؟ على أنَّ العمل الصالح لا يتعَدَّى الغير أي لا يتعدَى فاعلَه ونحن نقول: ما جاءت به السنة فهو مخصِّصٌ لهذا والسنة تفَسِّر القرآن وتبَيِّنُه، ثم هل يقاس عليه؟ هذا محل نظر وعندي أنه لا بأس أن يقاس عليه، لأن الذي ورد إنما هو قضايا أعيان، فإذا كان قضايا أعيان وربما نقول: ونقيس على هذه العين ما شابهها لكن الذي يُنكَر هو الإسراف والإفراط.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ مَن أساء فعلى نفسه أساء لا يضُرُّ الله شيئًا ولكن لو قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ مَن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة؟ طيب إذًا هذا الإنسان صارت إساءة غيره عليه والله يقول: (( من أساء فعليها )) على نفسه فقط فيقال: إن كونَه سَنَّ هذه السيئة هو عملُه الذي تبِعَه الناس عليه ولولا أنَّه فعل ما فعلَه الناس فالناس إنما فعلوا اتباعًا له فيكون هذا في الحقيقة مِن فعلِه، لأنه هو ا لذي سَنَّ هذه السنة السيئة، ولهذا ما مِن إنسان يقتُل نفسًا عمدًا بغير حقّ إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ منها عرفتم؟ مَن الذي قتل أول من بني آدم؟ هو قابيل قتل هابيل، قتل هابيل حسدًا بدون إساءةٍ إليه قرَّبَا قربانًا فتقبَّل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقال له: لأقتلنك. ليش؟ حسدًا، لأن الله قبِل من صاحبِه ولم يقبل، فأرشده صاحبه أرشده إلى ما يكون به القبول قال: (( إنما يتقبل الله من المتقين )) ومعنى الآية حثُّه على أن يتَّقِي وليس المعنى أنه يمدَح نفسه أنه كان مُتَّقِيًا فقُبِل وإنما يحُثّ على التقوى كأنه يقول: اتَّق الله يتقَبَّل منك، ثم قال له: (( لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين )) ولعلَّ هذا لم يكن مشروعًا في عهدِهم أن يُدافِع الإنسان عن نفسِه لأن في شريعتنا مَن أراد قتلك يجب عليك أن تُدافِعَه يجِب حتى لو قتلتَه فهو في النار ولو قتلَك فأنت شهيد، لكن لعله في عهدهم لم يكن ذلك مشروعًا وهو مِن الآصار التي كتبَها الله على مَن قبلنا ونجَّانَا الله منها (( إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء )) إلى آخره المهم على كل حال نقول: مَن سنَّ سُنَّة سيئة فسَنُّه مِن عملِه فيكون وزرُ مَن عمل بها عليه، لأنه هو الذي سَنَّها.
ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء الظلم عن الله عز وجل لقوله: (( وما ربك بظلام للعبيد )) وهذه من صفات النفي أو من صفات الإثبات؟ من صفات النفي، وصفات الله تعالى نوعان: صفات إثبات وصفات نفي فصفات الإثبات كثيرة جدًّا وصفات النفي أقَلّ ولكن مع ذلك صفات النفي هي في الحقيقة صفات إثبات، لأنَّ المراد بالنَّفي إثبات ضِدِّ ذلك فمثلًا (( ما ربُّك بظلام )) المراد إثْبَات كمَال عدلِه وأنَّ عدلَه لا ظلمَ فيه بوجهٍ من الوجوه، انتبه، إذًا خذ قاعدة عريضة: لا يوجد النفيُ المحضُ في صفاتِ الله أبدًا كلُّ نفيٍ في صفات الله فهو إثبات، إثبات لايش؟ إثبات للنفي ولَّا إثبات لضده؟ إثبات لضدِّه فكأنَّه يقول عز وجل: هو أعدلُ الحاكمين ولا ظلم في حكمِه إطلاقًا واضح؟ طيب (( وما كان ربك نسِيًّا )) مِن صفات النفي أو الإثبات؟ من صفات النفي لكن لإثباتِ كمال علمِه وأنه لكمال علمِه لا يرِدُ عليه النسيان إطلاقًا، علْمُنا نحنُ يرِد عليه النسيان وهو أيضًا حاصِلٌ بعد جهل سابق (( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا )) فعلمُنا في الواقع معِيبٌ من وجوه مو من وجهين:
الوجه الأول: أنه مسبوق بجهل، الثاني: أنه ملحُوق بنسيان، الثالث: أنه ليس شاملًا عامًّا.
على كل حال نقول هذا النفي في صفَةِ الله لا يُراد به النفي المحض بل هو إثباتٌ في الواقع إذ أنَّ المراد به؟ أي أنت
الطالب: إثبات كمال ضده
الشيخ : إثبات كمالِ ضدِّه (( ما ربك بظلام )) أي أنَّه عدْلٌ لا ظُلْمَ في عدلِه إطلاقًا.
ومِن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العدْل في أعلَى مقاماته كيف؟ حيث قال: (( للعبيد )) أي لِعبيدِه وهذا أبلغ لو قلت لك: أنت لا تظلِم عبيدِك فهو أبلَغ مما لو قلت: أنت لا تظلم الناس ليش؟ لأن عدمَ ظلمك الناس لأنَّه لا سيطرة لك عليهم لكن إذا كنت لا تظلِمُ عبيدك كان هذا أبلَغ في إثبات العدل، إذا كنت لا تظلِم مَن لك سلطة لك عليه فلَأن لا تظلم مَن لا سلطة لك عليه من باب أولى، إذًا فقابل (( وما ربك بظلام للعبيد )) بقول القائل: فلانٌ لا يظلِم الناس أيُّهما أبلغ؟ الأول، لأنه إذا كان لا يظلِم عبيدَه مع أنهم عبيدُه يفعل فيهم ما شاء فلأن لا يظلِم غيرَهم -ولكن هذا على سبيل الفرض وإلَّا كُلّ مَن في السماوات والأرض آتي الرحمن عبدًا.
ومن فوائد الآية الكريمة: الردُّ على الجبرية، يقول الجبرية: إنَّ الظلمَ في حق الله محال. وانتفَاء المحال ليس مدحًا أقول لكم الآن: انتفاء المحال ليس مدحًا.
الطالب: .....
الشيخ : لا، ليش؟ لأنَّ المحال لا يمكن وجوده لذاتِه ولو أرادَه الإنسان لم يُوجَد، لأنه محال، لكن انتفاء الممكن إذا كان الانتفاء مدحًا فهو مدْح، هنا (( ما ربك بظلام )) هل تفيد الآية أنَّ الظلم في حقه ممكن؟ نعم تُفيد أنه ممكن لكن لكَمال عدلِه لا يمكن، فالظلم ليس محالًا لذاته في حقِّ الله بل هو محالٌ لكمالِ عدل الله، أنتم فاهمين ولَّا لا؟ وبهذا يتحَقَّق المدْح مدح الله تعالى بانتفاء الظلم عنه، أما لو كان شيئا محالًا لا يمكن فالمحال لا يمدح به.
(( وما ربك بظلام للعبيد )) نمشي ولَّا انتهى الوقت؟
أصحاب البدع هل يدخلون في قوله تعالى : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا )) والآية في الكفار .؟
الطالب: ..... الذين يعملون ....
الشيخ : يكون في قلبه.
الطالب: ..... واستدللنا بقوله تعالى ...
الشيخ : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا )).
الطالب: ..... مع أن هذه الآية نزلت في الكفار ....
الشيخ : كل مَن عمِل سيِّئًا وهو يظُنُّ أنَّه مُحْسِن داخِل في الآية وإن كان هذه الآية (( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه )) لكنها تشْمَل حتى غيرُهم نعم.
الطالب: .....
الشيخ : نتْبَع هذا الآن نحكُم بهذا على أنَّه ما ثبَتَ قُبحُه بعمَل معَيَّن يشاركه ما وافقَه في العِلَّة، نعم
الطالب:..... غير الشرك كالمعاصي إذا .. إليها ولم يعمل بها ...
الشيخ : يكون في قلبه.
الطالب: ..... واستدللنا بقوله تعالى ...
الشيخ : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا )).
الطالب: ..... مع أن هذه الآية نزلت في الكفار ....
الشيخ : كل مَن عمِل سيِّئًا وهو يظُنُّ أنَّه مُحْسِن داخِل في الآية وإن كان هذه الآية (( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه )) لكنها تشْمَل حتى غيرُهم نعم.
الطالب: .....
الشيخ : نتْبَع هذا الآن نحكُم بهذا على أنَّه ما ثبَتَ قُبحُه بعمَل معَيَّن يشاركه ما وافقَه في العِلَّة، نعم
الطالب:..... غير الشرك كالمعاصي إذا .. إليها ولم يعمل بها ...
3 - أصحاب البدع هل يدخلون في قوله تعالى : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا )) والآية في الكفار .؟ أستمع حفظ
في حديث : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت أنفسها ما لم تتحدث أو تعمل ) فمتى يأثم من كان في نيته أن يعصي الله .؟
الشيخ : ( إن الله تجاوَزَ عن أمتي ما حدَّثَتْ به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) نعم.
الطالب:..... المعاصي
الشيخ : يعني أرادها.
الطالب: ولم يعملها ..
الشيخ : أقول لك: أرادها أو لا؟
الطالب: أنل لا أقول: أرادها لأنه لو أرادها
الشيخ : إيش معنى هذا؟
الطالب: يعني فكَّر فيها
الشيخ : فكر فيها ولكن ما هَمَّ بها هذا لا شيءَ عليه لكن السلامة أسلَم ولهذا نقول: إنَّ مَن أراد المعصية ولم يفعلها له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يعجَز عنها ويفعل الأسباب التي يريد الوصول بها إليها ولكن يعجَز كرجل سارق همَّ بالسرقة ووضع السُّلَّم على الجدار ليصعَدَ منه وبينما هو في أثناء الصعود إذا برجل يمُرُّ مِن الشارع فنزَلَ وهرب هذا يُكتَب له عمل السيئة كأنه عمِلَها تمامًا مع أنَّه لم يعملْها نقول: لأنه أرادها وعمِلَ لها لكن عجَز والدليل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى المسلمان بسيفَيْهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا: يا رسول الله هذا القاتل -يعني في النار- فما بال المقتول قال: ( لأنه كان حريصًا على قتْلِ صاحبه ) إذًا مَن هَمَّ بالسيئة وعمِلَ لها عملها لكن عجَز عن إتمامِها كُتِب له وزرُها كاملًا.
الثانية: مَن هَمَّ بها وتمنَّاها ولكنَّه عَجَز عنها بدون أن يعمَل عملَها فهذا عليه وزرُ النية والدليل على هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبَر عن رجُلٍ آتاه الله المال فجعَل يتخَبَّط فيه فقال الفقير: لو أنَّ لي مثلَ مَالِ فلان لعملْتُ فيه عمل فلان قال: ( فهو بنِيَّتِه فهما في الوِزْر سَوَاء ) في الوِزر العملي أو في الوزر الإرادي؟ الإرادي لأن هذا لم يعمَل.
الثالثة: أن يكون همَّ بها هَمَّ بالسيئة وعزَمَ عليها ولكن تذَكَّر خشية الله فتركَها خوفًا مِن الله فهذا يُكتَبُ له ذلك حسنةً كاملة واضح؟ هناك قسم رابع لكن ما يدخل في تقسيمنا وهو مَن لم تطرَأْ له المعصِية ما طرأَتْ على بالِه فهذا لا يُكتَب له ولا عليه كإنسان مستقِيم ولا يطرَأْ على بالِه السرقة ولا الزنا ولا شرب الخمر هذا ليس له ولا عليه، لكن هذا غير داخل في تقسيم الإرادة نتكَلَّم على تقسِيم الإرادة يعني مَن أرادَ السوء
الطالب:..... المعاصي
الشيخ : يعني أرادها.
الطالب: ولم يعملها ..
الشيخ : أقول لك: أرادها أو لا؟
الطالب: أنل لا أقول: أرادها لأنه لو أرادها
الشيخ : إيش معنى هذا؟
الطالب: يعني فكَّر فيها
الشيخ : فكر فيها ولكن ما هَمَّ بها هذا لا شيءَ عليه لكن السلامة أسلَم ولهذا نقول: إنَّ مَن أراد المعصية ولم يفعلها له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يعجَز عنها ويفعل الأسباب التي يريد الوصول بها إليها ولكن يعجَز كرجل سارق همَّ بالسرقة ووضع السُّلَّم على الجدار ليصعَدَ منه وبينما هو في أثناء الصعود إذا برجل يمُرُّ مِن الشارع فنزَلَ وهرب هذا يُكتَب له عمل السيئة كأنه عمِلَها تمامًا مع أنَّه لم يعملْها نقول: لأنه أرادها وعمِلَ لها لكن عجَز والدليل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى المسلمان بسيفَيْهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا: يا رسول الله هذا القاتل -يعني في النار- فما بال المقتول قال: ( لأنه كان حريصًا على قتْلِ صاحبه ) إذًا مَن هَمَّ بالسيئة وعمِلَ لها عملها لكن عجَز عن إتمامِها كُتِب له وزرُها كاملًا.
الثانية: مَن هَمَّ بها وتمنَّاها ولكنَّه عَجَز عنها بدون أن يعمَل عملَها فهذا عليه وزرُ النية والدليل على هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبَر عن رجُلٍ آتاه الله المال فجعَل يتخَبَّط فيه فقال الفقير: لو أنَّ لي مثلَ مَالِ فلان لعملْتُ فيه عمل فلان قال: ( فهو بنِيَّتِه فهما في الوِزْر سَوَاء ) في الوِزر العملي أو في الوزر الإرادي؟ الإرادي لأن هذا لم يعمَل.
الثالثة: أن يكون همَّ بها هَمَّ بالسيئة وعزَمَ عليها ولكن تذَكَّر خشية الله فتركَها خوفًا مِن الله فهذا يُكتَبُ له ذلك حسنةً كاملة واضح؟ هناك قسم رابع لكن ما يدخل في تقسيمنا وهو مَن لم تطرَأْ له المعصِية ما طرأَتْ على بالِه فهذا لا يُكتَب له ولا عليه كإنسان مستقِيم ولا يطرَأْ على بالِه السرقة ولا الزنا ولا شرب الخمر هذا ليس له ولا عليه، لكن هذا غير داخل في تقسيم الإرادة نتكَلَّم على تقسِيم الإرادة يعني مَن أرادَ السوء
4 - في حديث : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت أنفسها ما لم تتحدث أو تعمل ) فمتى يأثم من كان في نيته أن يعصي الله .؟ أستمع حفظ
ما هي صيغة العمل إذا أراد مهدي الثواب أن يعمله لغيره .؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم، هنا صيغَتان لمن أراد أن يعمل لغيره: الصيغة الأولى: أن ينوِيَ النية للغير مِن ابتداء العمل مِن الأصل مِن حين ما أراد أن يكبر نوَى أنها لأبيه أو أمه فهذا يصِحّ ولا إشكال فيه، لأنَّه كالذي -انتبه يا حجَّاج- لأنَّه كالذي يحجُّ ناويًا الحج عن أبيه أو أمِه من الأصل.
الثانية: أن يعمَلَ العمل ثم بعد الفراغ منه ينويه لأبيه وأمه هذه اختلَف فيها العلماء حتى الذين يقولون: بجواز إهداءِ القُرَب اختلفوا هل يصِحُّ هذا أم لا؟ ووجه الفرق بين هذه والتي قبلها أنَّ التي قبلها ابتدَأ النية مِن أول الفعل فهو يفعَل يتحرَّك ويتكلَّم يشعر أنه قائِمٌ به عن الغير، أمَّا هذا فقد صلى وانتهى من صلاته على أنها له فثبَت الأجر له وإذا ثبت الأجر له فليس من حقِّه أن يتصرف بالثواب، هو يتصرف بالعمل أما الثواب فلا يعني فيقول هؤلاء: إنَّه إذا أهدى العمل بعد فعله لا يصِلُ إلى المهْدَى إليه ليش؟ لأنَّ العمل ثبَتَ لنفسِه وانتهى العمل والنِّيَّة لنفسِه وإذا أهداه لغيرِه فقد تصرف في الثواب وال تصرف في الثواب ليس إليه وإنما هو ايش إلى مَن؟ إلى الله عز وجل، وليس هذا أمرا مالِيًّا تقول والله أبعطي فلان عشرة دراهم مئة درهم هذا ثواب عند الله عز وجل وكُتِبَ لك وانتهى الأمر، وهذا التفريق تفريقٌ جيد وله معنًى لطيف، أفهمت؟ قل: أنا عندي -وش اسمك؟
الطالب: خالد
الشيخ : يا خالد نصفُك يسمع ونصفك ما يسمع، أنا عندي أنا ما .. الواقع، لماذا؟ لأن نصفك من وراء الصندوق والنصف الثاني ظاهِر الصندوق ولذلك وأشوف النصف اللي من وراء الصندوق هو القلب، لأنَّ القلب في الأيسر، ولذلك لو أردت أن تعِيد لي ما قلت نشوف
الطالب: .....
الشيخ : من أول الأمر نعم.
الطالب: والثاني إذا عمل ....
الشيخ : طيب يعني بعض العلماء يقول: هذا لا يصِحّ الثاني، لأنَّه تصَرُّف في الثواب والأجر تَمّ حينما انتهى مِن العبادة تَمَّ لِمن؟ لهذا الرجل العامل
الطالب: والتصرف في الثواب ...
الشيخ : اي لا جيد ما شاء الله تمام وش لونك قاعد مقابلًا بالكلية؟ طيب فهمتوا الآن يا جماعة؟ أقول: هذا لا شكَّ أنَّه معنى جيد التفريق بين أن تعمَل العمل مِن أولِه لصاحبك وبين أن تعملَه لنفسك ثم بعد ذلك تهدي ثوابه لصاحبِك فيقال: العمل الآن كُتِب لك والثواب كُتِب لك فلا يمكن أن تتصَرَّف فيه، التصرُّف فيه إلى الله عز وجل والله أعلم؟
الطالب:.....
الشيخ : ما قلنا الأول؟ قلنا لا بأس العلماء لا يُفَرِّقُون، لكن الثاني هو اللي فيه الخلاف، نعم عبد الله.
الطالب: ....
الشيخ : ايش؟ التوكيد لايش؟
الطالب: للاهتمام.
الشيخ : للاهتمام؟
الطالب: التوكيد .....
الشيخ : يعني صيغة الخبر يعني؟ هل يؤَكَّد أو لا يُؤكد؟
الشيخ : نعم، هنا صيغَتان لمن أراد أن يعمل لغيره: الصيغة الأولى: أن ينوِيَ النية للغير مِن ابتداء العمل مِن الأصل مِن حين ما أراد أن يكبر نوَى أنها لأبيه أو أمه فهذا يصِحّ ولا إشكال فيه، لأنَّه كالذي -انتبه يا حجَّاج- لأنَّه كالذي يحجُّ ناويًا الحج عن أبيه أو أمِه من الأصل.
الثانية: أن يعمَلَ العمل ثم بعد الفراغ منه ينويه لأبيه وأمه هذه اختلَف فيها العلماء حتى الذين يقولون: بجواز إهداءِ القُرَب اختلفوا هل يصِحُّ هذا أم لا؟ ووجه الفرق بين هذه والتي قبلها أنَّ التي قبلها ابتدَأ النية مِن أول الفعل فهو يفعَل يتحرَّك ويتكلَّم يشعر أنه قائِمٌ به عن الغير، أمَّا هذا فقد صلى وانتهى من صلاته على أنها له فثبَت الأجر له وإذا ثبت الأجر له فليس من حقِّه أن يتصرف بالثواب، هو يتصرف بالعمل أما الثواب فلا يعني فيقول هؤلاء: إنَّه إذا أهدى العمل بعد فعله لا يصِلُ إلى المهْدَى إليه ليش؟ لأنَّ العمل ثبَتَ لنفسِه وانتهى العمل والنِّيَّة لنفسِه وإذا أهداه لغيرِه فقد تصرف في الثواب وال تصرف في الثواب ليس إليه وإنما هو ايش إلى مَن؟ إلى الله عز وجل، وليس هذا أمرا مالِيًّا تقول والله أبعطي فلان عشرة دراهم مئة درهم هذا ثواب عند الله عز وجل وكُتِبَ لك وانتهى الأمر، وهذا التفريق تفريقٌ جيد وله معنًى لطيف، أفهمت؟ قل: أنا عندي -وش اسمك؟
الطالب: خالد
الشيخ : يا خالد نصفُك يسمع ونصفك ما يسمع، أنا عندي أنا ما .. الواقع، لماذا؟ لأن نصفك من وراء الصندوق والنصف الثاني ظاهِر الصندوق ولذلك وأشوف النصف اللي من وراء الصندوق هو القلب، لأنَّ القلب في الأيسر، ولذلك لو أردت أن تعِيد لي ما قلت نشوف
الطالب: .....
الشيخ : من أول الأمر نعم.
الطالب: والثاني إذا عمل ....
الشيخ : طيب يعني بعض العلماء يقول: هذا لا يصِحّ الثاني، لأنَّه تصَرُّف في الثواب والأجر تَمّ حينما انتهى مِن العبادة تَمَّ لِمن؟ لهذا الرجل العامل
الطالب: والتصرف في الثواب ...
الشيخ : اي لا جيد ما شاء الله تمام وش لونك قاعد مقابلًا بالكلية؟ طيب فهمتوا الآن يا جماعة؟ أقول: هذا لا شكَّ أنَّه معنى جيد التفريق بين أن تعمَل العمل مِن أولِه لصاحبك وبين أن تعملَه لنفسك ثم بعد ذلك تهدي ثوابه لصاحبِك فيقال: العمل الآن كُتِب لك والثواب كُتِب لك فلا يمكن أن تتصَرَّف فيه، التصرُّف فيه إلى الله عز وجل والله أعلم؟
الطالب:.....
الشيخ : ما قلنا الأول؟ قلنا لا بأس العلماء لا يُفَرِّقُون، لكن الثاني هو اللي فيه الخلاف، نعم عبد الله.
الطالب: ....
الشيخ : ايش؟ التوكيد لايش؟
الطالب: للاهتمام.
الشيخ : للاهتمام؟
الطالب: التوكيد .....
الشيخ : يعني صيغة الخبر يعني؟ هل يؤَكَّد أو لا يُؤكد؟
متى تكون الجملة الخبرية تؤكد للاهتمام بالأمر .؟
الطالب: .....
الشيخ : يعني قصدك أنَّ الجملة الخبرية تؤَكَّد للاهتمام للأمر؟ أي وش فيه؟
الطالب: .....
الشيخ : في الحال .. لايش؟
الطالب: .....
الشيخ : لا لا لا، لا لا، الاهتمام به حتى وإن كان المخاطَب مُقِرًّا، يعني التوكيد الخبَر للاهتمام به وإن كان المخاطَب مقِرًّا، حالُ المخاطب لا تستدعي التوكيد لأنَّه مُقِرّ لكن الاهتمام به يقتضِي التوكيد، مثلًا (( لا أقسم بيوم القيامة )) إن خاطَبْنا به المؤمن فهو للتوكيد فقط للتوكيد والاهتمام بالأمر، إنْ خاطَبْنا به الـمُنكِر صار للإنكار، نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، نبتدئ الدراسة الصيفية الصباحية في مسجِد الجامع الكبير في عنيزة هذا اليوم السبت الأول مِن ربيع الأول نسأَل الله تبارك تعالى أن يرزُقَنا وإياكم علمًا نافعًا وعملًا صالحًا مُتَقَبَّلًا ورزقًا طيِّبًا واسعًا، وكما سيكون بين أيديكم جدول سوف نسِيرُ عليه بإذْنِ الله، نسأل الله التوفيق، نبدأ الآن التفسير القارِئ من؟ ... مَن أحسنُكم قراءةً وصوتًا؟
الطالب: عبد الله
الشيخ : عبد الله عوض؟ أين هو؟ أي نعم، الأخ عبد ال! سَمِّ الله، (( إليه يرد علم الساعة ))
الشيخ : يعني قصدك أنَّ الجملة الخبرية تؤَكَّد للاهتمام للأمر؟ أي وش فيه؟
الطالب: .....
الشيخ : في الحال .. لايش؟
الطالب: .....
الشيخ : لا لا لا، لا لا، الاهتمام به حتى وإن كان المخاطَب مُقِرًّا، يعني التوكيد الخبَر للاهتمام به وإن كان المخاطَب مقِرًّا، حالُ المخاطب لا تستدعي التوكيد لأنَّه مُقِرّ لكن الاهتمام به يقتضِي التوكيد، مثلًا (( لا أقسم بيوم القيامة )) إن خاطَبْنا به المؤمن فهو للتوكيد فقط للتوكيد والاهتمام بالأمر، إنْ خاطَبْنا به الـمُنكِر صار للإنكار، نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، نبتدئ الدراسة الصيفية الصباحية في مسجِد الجامع الكبير في عنيزة هذا اليوم السبت الأول مِن ربيع الأول نسأَل الله تبارك تعالى أن يرزُقَنا وإياكم علمًا نافعًا وعملًا صالحًا مُتَقَبَّلًا ورزقًا طيِّبًا واسعًا، وكما سيكون بين أيديكم جدول سوف نسِيرُ عليه بإذْنِ الله، نسأل الله التوفيق، نبدأ الآن التفسير القارِئ من؟ ... مَن أحسنُكم قراءةً وصوتًا؟
الطالب: عبد الله
الشيخ : عبد الله عوض؟ أين هو؟ أي نعم، الأخ عبد ال! سَمِّ الله، (( إليه يرد علم الساعة ))
قراءة الآيات القرآنية .
القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ
الشيخ : الاحسن أن تقف
القارئ: (( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ [وقَف] وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاك مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ * لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ))[فصلت:47-50]
الشيخ : الاحسن أن تقف
القارئ: (( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ [وقَف] وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاك مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ * لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ))[فصلت:47-50]
مقدمة بين يدي الدرس في أهمية علم التفسير وأحسن طرق التفسير .
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى: (( إليه يرد علم الساعة )) هذا هو درس التفسير أي: تفسير كتاب الله عز وجل وليُعلْمْ أنَّ أولى ما يُعتَنَى به في معرفة معناه هو كتابُ الله عز وجل، لأنَّه أصدق الكتب وأحكمُها وأنفعُها للقلب والجوارح، ولأنَّ هذا دأْبُ الصحابة رضي الله عنهم فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلَّمُوها وما فيها من العِلْم والعمل، فتَعَلَّمُوا القرآن والعلم والعمَل جميعًا، والطريقة المثلى للتفسير: أن يُفَسَّر القرآن بالقرآن، لأنَّ تفسيرَ القرآن بالقرآن هو تفسيرٌ ممن أنزلَه تبارك وتعالى وهو أعلَمُ بمراده فيُفَسَّر القرآن بالقرآن فإن لم يكن { .. الصف سُدَّ الفرجة هذي، لا لست أريد ـن يدخل واحد بس اقرب لصاحبك} فإن لم يمكن فبالسنة، فإن لم يمكن فبأقوال الصحابة ولاسيما المشهورون منهم بالتفسير كابن عباس رضي الله عنهما وابن مسعود،فإن لم يمكن فهل نرجع إلى أقوال التابعين في هذا أو لا؟ أمَّا مَن عُرِف بالأخذ عن الصحابة رضي الله عنهم فلا شكَّ أن قولَه راجِح على غيره لكنَّه غير مُلزِم، ثم بعد هذا يؤخذ تفسير القرآن من تفسير الأئمة المشهود لهم بالعلم والإيمان، وقد تناول الناس تفسير القرآن فمنهم مَن فسَرَّه بما ذكَرْنا ومنهم مَن فسَّرَه برأيه وحمَل الآيات على ما يعتقِدُه من مذهبٍ ضَالٍّ فكان مستحِقًّا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَن قال في القرآن برأيه فليتبوَّأْ مقعده من النار ) ولهذا يجب عليك أن تتدَبَّر معنى القرآن قبل أن تحْكُم حتى لا يكون القرآن تابعًا لحكمِك، ثم إنَّ الإنسان ينبغي له أن يُفَكِّر أولًا في معنى الآية بنفسِه ويتدَبَّر ويتأَمَّل فإذا انقدح في ذهنِه معنىً من المعاني فليرجِع إلى كلام العلماء لئَلَّا يكون أخطَأ، ولا يكُون إمَّعَة يُرَاجِع ويقول ما قال الناس لا وعليه أوَّلًا أن يتدَبَّر فإذا انقدح في ذهنه معنًى من المعاني فليرجع إلى كلام العلماء لئَلا يكون ضالًّا في هذا الفهم، أما كونُه ليس له هَمّ إلا أن يراجع كتب التفسير فهذا لا بد أن تكون معرفته في القرآن ناقصَة، نحن تكلَّمنا فيما تكلمنا فيه مما سبَق مِن تفسير القرآن حتى انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: (( مَن عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد * إليه يرد عليم الساعة ))
التعليق على تفسير الجلالين : (( إليه يرد علم الساعة )) متى تكن لا يعلمها غيره (( وما تخرج من ثمرات )) وفي قراءة ثمرة (( من أكمامها )) أوعيتها جمع كم بكسر الكاف إلا بعلمه (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا ءاذناك )) أعلمناك الآن (( ما منا من شهيد )) أي شاهد بأن لك شريكا .
(( إليه )) أي إلى الله وحده وإنما قلنا: وحدَه، لتقديم المعمول وتقديمُ المعمول يفيد الحصر وذلك أنَّ المعمول مكانُه أن يكون بعدَ العامِل فإذا تقدَّم فإنَّه يكون من باب تقديم ما حقه التأخير، والقاعدة اللغوية البلاغية أن تقديمَ ما حقُّه التأخير يُفيد الحصر وعلى هذا فقوله: (( إليه يرد )) نقول: المعنى: إليه لا إلى غيره، ومِن أين أخذنا هذا النفي (لا إلى غيره)؟ مِن تقديم المعمول، لأنَّ المعمول حقُّه أن يكون بعد العامل فإذا قُدِّم كان هذا من باب تقديم ما حقُّه التأخير وتقديم ما حقُّه التأخير يفيد الحصر، هذه قاعدة لغوية بلاغية، (( يُرَّد )) أي يُرجَع (( علم الساعة )) قال المفسر: " متى تكون " ثم قال: " لا يعلَمُها غيرُه " أخذ هذا الحصر (لا يعلمها غيره) من تقديم المعمول وهو (إليه)، وهذا لا شك فيه أنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال الله تعالى: (( يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي )) يعني ما علمُها إلا عند ربي (( لا يجلِّيها لوقتها إلا هو ))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سألَه جبريل: ( أخبرني متى الساعة؟ ) قال: ( ما المسئولُ عنها بأعلم من السائل ) يعني أنه لا علم عندي كما أنَّك أنت ليس عندك علم، وعلى هذا فمن ادّعى علْمَ الساعة فهو كاذِبٌ لا شكَّ فيه، ثم هو كافر أيضًا، لأنه مكذِّبٌ للقرآن والسنة.
(( إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها )) قوله: (( وما تخرج )) قد يتراءى للإنسان أن (ما) اسم موصول يعني: ويُرد إليه عِلْم ما تخرُج مِن ثمراتٍ من أكمامها لكنَّ هذا وَهْم وعلى هذا فنقول: (ما) نافية، " (( وما تخرج من ثمرة )) وفي وقراءة (( ثمرات )) " المؤلف فسَّر على قراءة (ثمرة) مفردة والقراءة التي بين أيدينا في المصحف (( مِن ثمراتٍ ))، واعلم أنَّ للمؤلف رحمه الله اصطلاحًا وهو أنًّه إذا قال: وفي قراءة. فهي سبعية وإذا قال: وقُرِئ. فهي قراءةٌ شاذَّة ليست مِن السبع، هذا اصطلاح الجلالين رحمه الله، إذًا في قراءة (( ثمرات )) القراءة هذه سبعية يعني أنها ثابتة وتجوز القراءة بها في الصلاة وتكون حُجَّةً في الأحكام الشرعية وفي الأخبار العِلْمية، أما على صيغة الجمع فواضِح (( من ثمرات )) كل الثمرات وأمَّا على صيغة الإفراد فهي أيضًا تفيد العموم، لأنَّ (( ثمرة )) نكرة في سياق النفي مؤَكَّدًة بـ(مِن) الزائدة فتشمَل جميع الثمرات وعلى هذا فلا اختلافَ في المعنى بين ثمرات وثمرة، (( وما تخرج من ثمرة )) وفي قراءة (( ثمرات )) (( مِن أكمامها )) " أوعيتِها " الأكمام الأوعية يقول: " جمع (كِمّ) -بكسر الكاف- إلا بعلمه " الأكمام هي أوعية الطلع فهذا معروف في النخل وكذلك معروف في الأزهار تجِد الزهرة عليها غلاف يُسمَّى هذا كِمّ، فما تخرُج من ثمرة من كِمِّها إلا بعلم الله عز وجل أي ثمرة تكون صغيرة أو كبيرة مأكولة أو غير مأكولة فهي بعِلْم الله عز وجل، ووجهُ كونِها بعلمه أنَّ هذه الثمرات مخلوقة لله وكلُّ مخلوقٍ لله فهو معلومٌ له لقول الله تعالى: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) فأنت متى أقرَرْت أنَّ الله خالِقُ هذه لزم من إقرارِك أن يكون الله عالِمًا بها، لأنه لا يمكن أن يخلقها وهو لا يعلم ولهذا استدَلَّ الله لذلك بدليل عقلي (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))، (( وما تخرج من ثمرات من أكمامها ولا تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) (( ما تحمل من أنثى )) أيّ أنثى من بني آدم أو من الحيوان أيّ أنثى لا تحمِل ولا تضَع إلا بعلم الله عز وجل فابتداءُ الحمل معلومٌ عند الله ووضعُه كذلك معلومٌ عند الله تبارك وتعالى، نرجع إلى قوله: (( من أنثى )) وإلى قوله: (( من ثمرة )) الإعراب: (مِن) حرف جر.
(( إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها )) قوله: (( وما تخرج )) قد يتراءى للإنسان أن (ما) اسم موصول يعني: ويُرد إليه عِلْم ما تخرُج مِن ثمراتٍ من أكمامها لكنَّ هذا وَهْم وعلى هذا فنقول: (ما) نافية، " (( وما تخرج من ثمرة )) وفي وقراءة (( ثمرات )) " المؤلف فسَّر على قراءة (ثمرة) مفردة والقراءة التي بين أيدينا في المصحف (( مِن ثمراتٍ ))، واعلم أنَّ للمؤلف رحمه الله اصطلاحًا وهو أنًّه إذا قال: وفي قراءة. فهي سبعية وإذا قال: وقُرِئ. فهي قراءةٌ شاذَّة ليست مِن السبع، هذا اصطلاح الجلالين رحمه الله، إذًا في قراءة (( ثمرات )) القراءة هذه سبعية يعني أنها ثابتة وتجوز القراءة بها في الصلاة وتكون حُجَّةً في الأحكام الشرعية وفي الأخبار العِلْمية، أما على صيغة الجمع فواضِح (( من ثمرات )) كل الثمرات وأمَّا على صيغة الإفراد فهي أيضًا تفيد العموم، لأنَّ (( ثمرة )) نكرة في سياق النفي مؤَكَّدًة بـ(مِن) الزائدة فتشمَل جميع الثمرات وعلى هذا فلا اختلافَ في المعنى بين ثمرات وثمرة، (( وما تخرج من ثمرة )) وفي قراءة (( ثمرات )) (( مِن أكمامها )) " أوعيتِها " الأكمام الأوعية يقول: " جمع (كِمّ) -بكسر الكاف- إلا بعلمه " الأكمام هي أوعية الطلع فهذا معروف في النخل وكذلك معروف في الأزهار تجِد الزهرة عليها غلاف يُسمَّى هذا كِمّ، فما تخرُج من ثمرة من كِمِّها إلا بعلم الله عز وجل أي ثمرة تكون صغيرة أو كبيرة مأكولة أو غير مأكولة فهي بعِلْم الله عز وجل، ووجهُ كونِها بعلمه أنَّ هذه الثمرات مخلوقة لله وكلُّ مخلوقٍ لله فهو معلومٌ له لقول الله تعالى: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) فأنت متى أقرَرْت أنَّ الله خالِقُ هذه لزم من إقرارِك أن يكون الله عالِمًا بها، لأنه لا يمكن أن يخلقها وهو لا يعلم ولهذا استدَلَّ الله لذلك بدليل عقلي (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))، (( وما تخرج من ثمرات من أكمامها ولا تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )) (( ما تحمل من أنثى )) أيّ أنثى من بني آدم أو من الحيوان أيّ أنثى لا تحمِل ولا تضَع إلا بعلم الله عز وجل فابتداءُ الحمل معلومٌ عند الله ووضعُه كذلك معلومٌ عند الله تبارك وتعالى، نرجع إلى قوله: (( من أنثى )) وإلى قوله: (( من ثمرة )) الإعراب: (مِن) حرف جر.
9 - التعليق على تفسير الجلالين : (( إليه يرد علم الساعة )) متى تكن لا يعلمها غيره (( وما تخرج من ثمرات )) وفي قراءة ثمرة (( من أكمامها )) أوعيتها جمع كم بكسر الكاف إلا بعلمه (( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا ءاذناك )) أعلمناك الآن (( ما منا من شهيد )) أي شاهد بأن لك شريكا . أستمع حفظ
اضيفت في - 2011-05-25