تتمة فوائد قوله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ )) .
المشهد الرابع: نعم صاحب القرية مر على قرية وهي خاوية على عروشها فقال: (( أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثَه )).
المشهد الخامس: إبراهيم قال: (( رب أرِنِي كيف تحيي الموتى )) فأمرَه الله عز وجل أن يذبَحَ أربعة من الطيور ويجعلَ على كل جبل منها جزءًا وأن يدعُوَها ففعل فأقبلَتْ إليه حيَّة إما أنها تطير أو تمشِي بسرعة هذه خمسة مشاهد مذكورة في البقرة كلها تدُلُّ على إمكان الإحياء بعد الموت.
أمَّا قصة عيسى فكذلك أيضًا كان عيسى عليه الصلاة والسلام يحيي الموتى بإذن الله، يقف على الميت ويقول: يا فلان قم. ويقوم بل يقف على القبر، الميت مدفون ويأمره أن يخرُج حيًّا فيخرُج كما قال تعالى: (( وإذ تخرج الموتى بإذني ))، وفي الدجال أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه يقطَع رجلًا جزلتين ويمُرُّ بينهما ثم يقِف ويأمرُه أن يُقبِل يأمُر هذا الميت القطعتين أن يُقبِل فيلتَئِم حالًا ويقوم، والناس ينظرون، هذا أيضًا شاهد محسوس فالمهم أنَّ البعث دلَّ عليه السَّمع والعقل والحس، طيب هذا الكافر يقول: (( ما أظنُّ الساعة قائمة )).
من فوائد هذه الآية الكريمة أيضًا: أن هذا الكافر عنده من العُجْب والثقة بنفسه على أنه ليس له شيء يثِقُ به ما أمكنه أن يقول: (( ولئن رُجِعْتُ إلى ربي إنَّ لي عنده للحسنى )).
ومن فوائد الآية: أنَّ الإقرار بالربوبية لا يُدخِل الإنسان في الإسلام، لأنَّ هذا المـُنكِر مُقِرّ بالربوبية مِن أين نأخذه؟ ليقول: (( ولئن رجعت إلى ربي )) والمشركون كانوا مُقرين بالربوبية (( ولئن سألْتَهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )) لكنَّ الإقرار بالربوبية لا يغنِي عن الإنسان شيئًا ولقد فخِر بعض الناس الجهال أنَّ أحد رُواد الفضاء شهد بأنَّ لهذا الكون خالقًا لَمَّا صَعِد في الفضاء ورأى الأرض ورأى ما حوله من الآيات شهِد بأنَّ لها خالق، فصار بعض الناس الجهال يُطَنْطِن على إثبات أنَّ للكون خالقًا بشهادة هذا الرجل الكافر وهذا حقِيقةً يدُلُّ على ضَعف إيمانِه لأنَّ خبر الله ورسوله عن ذلك أصدَق وأوجَب للإيمان، نعم لو كنا نجادل شخصًا منكرًا لا يؤمن بالأديان فنقول له: صاحبك الذي هو مثلك أقرَّ بأنَّ للكون خالقًا ربما ينفَع فيكون هذا من باب إقامة حجتِه عليه لكننا نجعَل هذا حجَّة مطلقة فيه نظر.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة التأكيد على أنَّ هؤلاء الكافرين سوف يُخبَرُون بما عملوا لقوله: (( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ))، متى هذا؟ يكون يوم القيامة، فإن قال قائل: هل لهذا القيد مفهوم؟ أو هو لبيان الواقع؟ (( فلننبئن الذين كفروا )) فالجواب لبيان الواقع، ليس له مفهوم، لأنَّك لو جعلت له مفهومًا لكان المؤمنون لا يُنَبَّئُون بما عملوا مع أنهم يُنَبَّئُون قال الله تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الله يخلو بعبده المؤمن فيُقَرِّرُه بذنوبِه: عملت كذا في يوم كذا. إذًا تقييدُ الإنباء بالكافر لبيان الواقع يعني هؤلاء الذين كذَّبوا واقِعُهم أنهم سيُنَبَّئُون بما عملوا.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ كلَّ شيء مقيَّد محفُوظ على الإنسان كلّ شيء مقيَّد محسوب على الإنسان نأخذُه من قوله: (( بما عملوا )) فإنَّ (ما) اسم موصول تفيد العموم وقد قال الله تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) أيّ قول تلفِظُ به فلديك رقيب حاضر -عتيد يعني حاضر- يكتب ما تقول.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ عذاب هؤلاء الكفار سيكون غليظًا أي شديدًا لأنَّ الغِلْظَة معناها القسوة وهي في كل موضع بحسبه فغِلَظ الطباع ليس كغلظ الطين أو العجين أو ما أشبه ذلك، غِلَظ العذاب ليس كغلظ الطين والعجين وغِلَظ القول وما أشبه ذلك كل غِلْظَة بحسبها.
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العذاب في الآخرة (( ولنُذيقَنَّهم من عذاب غليظ )) فهل هناك عذابٌ قبل الآخرة؟ الجواب نعم يُعذَّب الإنسان في قبره قبل أن يُبعَث، وهذا ثابِت في القرآن والسنة استمِعْ إليه في القرآن قال الله تعالى: (( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) فقوله: (( أخرجوا أنفسكم )) يدل على أنهم شحيحون في أنفسهم لا يريدون أن تخرج ولهذا يقال: (( أخرجوا أنفسكم )) توبيخًا ثم يقال لهم (( اليوم تجزون عذاب الهون )) متى اليوم؟ يوم موتكم تُجزون عذاب الهون وهذه نصّ في إثبات عذاب القبر وقال الله تبارك وتعالى عن آل فرعون: (( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ))[غافر:46]، وأما السنة فطافحة في ذلك وكثيرة ومنها ما أجمع المسلمون عليه فكلّ المسلمين يقولون في الصلاة أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر. وهل يتصوّر أن أحدًا يتعوَّذ مِن شيء إلا وهو يُؤمن بوجوده؟ عجيب لا يتصَوَّر إذًا فعذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، وعليه فيكون العذاب المذكور في قوله: (( ولنذيقنهم من عذاب غليظ )) هو عذاب الآخرة وهو أشدّ من عذاب القبر أجارنا الله وإياكم مِن ذلك نعم.
الطالب: ......
الشيخ : أي نعم، لا ما يصلح
1 - تتمة فوائد قوله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ )) . أستمع حفظ
ما حكم إضافة العمل إلى النفس مع الاعتراف بالفضل لله .؟
قراءة الآيات القرآنية .
الشيخ : سبحانه وبحمده
التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا أنعمنا على الإنسان )) الجنس (( أعرض )) عن الشكر (( ونئا بجانبه )) ثنى عطفه متبخترا ، وفي قراءة بتقديم الهمزة (( وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) كثير .
4 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا أنعمنا على الإنسان )) الجنس (( أعرض )) عن الشكر (( ونئا بجانبه )) ثنى عطفه متبخترا ، وفي قراءة بتقديم الهمزة (( وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) كثير . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط )) .
ومن فوائدها: أنَّ الإنسان يحِبُّ الخير دائمًا، لقوله: (( لا يسأم - من دعاء الخير )) وهذا بطبيعة الإنسان أنه يحب الخير وهو ما يلائم نفسه ومراده.
ومن فوائدها: أنَّ الإنسان الذي ليس عنده إيمان إذا مسَّه الشر يَئِس وقَنِط مِن رحمة الله.
ومن فوائدها: ذمُّ أهل اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل، لأن الله تعالى ساق هذا مسَاقَ الذَّمّ.
ومن فوائد الآية: أنه لا ينبغي للإنسان أن يُغلِّبَ جانِب اليأس والقنوط كما أنه لا يُغلِّب جانب الرحمة، لأنه إن غلَّب جانب الرجاء والرحمة فإنه يدخل فيمن لا يأمن مكر الله، وإن غلَّب جانب اليأس والقنوط دخل في أهل اليأس والقنوط، وهل الذي ينبغي للإنسان أن يُغَلِّب الرجاء أو يُغلِّب الخوف؟ اختلَف السَّالكون إلى الله عز وجل في هذا فمنهم مَن قال: ينبغي أن يغَلِّب جانب الخوف لِيحذَرَ المعاصي ويتجنَّبَها لأنَّه إذا غلَّب جانب الخوف خاف وحذِر من المعاصي، ومنهم من قال: يغلِّب جانب الرجاء، لأنَّ الله تعالى عند حُسْن ظن عبده به وإذا غلَّب الرجاء ابتعد عن اليأس والقنوط، ومنهم من قال: إنَّه ينبغي ألا يغلِّب هذا على هذا وأن يجعلَ خوفَه ورجائَه واحدًا قال الإمام أحمد رحمه الله: " ينبغي أن يكون خوفُه ورجائُه واحدًا فأيُّهما غلَب هلك صاحبه " وقال بعضهم: ينبغي للإنسان أن يكون بين الخوف والرجاء كالطائر بين جناحيه إن انخفض أحدهما سقط، وقال بعض أهل العلم: ينبغي أن يغلِّب جانب الرجاء عند فِعل الطاعة فيرجُو القبول والثَّواب ويغَلِّب جانب الخوف عند الهَمّ بالمعصية حتى لا يعصِيَ الله عز وجل، ومن العلماء مَن يقول: يغَلِّب جانب الرجاء عند المرض حتى إذا مات لقي الله وهو يحسِنُ به الظَّنّ، وفي حال الصِّحَّة يغلِّب جانب الخوف، لأن حال الصحة يدعو الإنسان إلى البطر والأشر فلْيغلب جانب الخوف، كل هذه الأقوال التي تبلُغ ستة أو سبعة كلُّها في الواقع تنظُر إلى حال العبد، ولهذا نرى في هذه المسألة أنَّ الإنسان ينظر إلى حاله فإن كان قد عمل عملًا صالحًا وكدح فيما يُرضي الله فلْيغلِّب جانب الرجاء، كلما عمل طاعة غلَّب جانب الرجاء أنَّ الله سبحانه وتعالى تجاوزَ عنه أن الله تعالى قبلَها وسيُثِيبُه، وإذا رأى مِن نفسه العلو والتعاظُم فلْيغَلِّب جانب الخوف حتى يسير إلى الله تعالى سيرا حسنًا
فوائد قوله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ الرحمة إنما هي مِن الله عز وجل لا يستطيع الإنسان أن يجلب لنفسه نفعًا ولا أن يدفع عنها ضررًا بل ذلك إلى الله ولكن الله قد جعل لكل شيء سببًا فللرحمة أسباب وللعذاب أسباب.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان حال هذا الإنسان الذي إذا أصابته الرحمة والخير قال: (( هذا لي )) ثم ادَّعى دعوى أخرى أنه لو رَجَع إلى الله لوجدَ عنده خيرًا من ذلك مع أنَّه ينكِر قيام الساعة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ الإقرار بالربوبية لا يكفي في توحيد الإنسان وإيمانِه، لأنَّ هذا الرجل قد أقَرَّ بالربوبِيَّة في قوله: (( رُجِعْتُ إلى رَبِّي )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تهديدُ مَن هذه حالُه بأنَّ الله سبحانه وتعالى سوف يُقَرِّرُه بذنوبه ويُذِيقُه من العذاب الغليظ لقوله: (( فلننبئن الذين كفروا )).
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ الإظهار في موضع الإضمار في موضعِه خيرٌ من الإضمار، يعني إذا دارَ الأمر بين أن تأتِي بضمِير المتحَدث عنه أو باسمٍ ظاهر فإنَّ الأصل أن تأتِي بالضمير، لكن إذا صار هناك فائدة في الإظهار في محل الإضمار فهو أولى وأحسن، الإظهار في موضع الإضمار في قوله: (( فلننبئن الذين كفروا )) ولو أضمر لقال: فلننبئنه لكنه أظهر في موضع الإضمار، الإظهار في موضع الإضمار ذكرْنا أن فيه ثلاث فوائد مَن يحفظُها؟
الطالب: .....
الشيخ : بيان الصفة أو الوصْف الذي استحَقَّ من أجلِه أن يُعاقَب بهذه العقوبة، الثاني؟
الطالب:.....
الشيخ : يعني معناه التسجيل عليهم بالكفر التسجيل على من هذه حالُه بالكفر.
الطالب: بيان العموم
الشيخ : نعم بيان العموم يعني أنَّ هذا الوعيد ليس لهذا الرجل وحدَه بل لِكُلِّ كافر هذا بالنسبة للآية التي معنا، ففي الإظهار في موضع الإضمار هذه الفوائد، فيه أيضا فائدة رابعة وهي: انتباه المخاطب، لأنَّ الكلام إذا كان على نسَقٍ واحد بضمائره ومظهَرَاتِه فإنَّ الإنسان لا ينتبه لكن إذا جاء شيء يخرج الكلام عن سياقِه فإنَّه لا بد أن ينتبه.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات البعث لقوله: (( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ )).
ومن فوائدها: عمومُ عِلْمِ الله عز وجل لأنَّ الـمُنْبِئَ بالعمل لا بدَّ أن يكون عالِمًا به.
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان عظمة الله سبحانه وتعالى حيث أضَاف الضَّمَائِرَ إليه بصيغة الجمع والجمْعُ للواحد يُرَاد به التعظيم، ثم قال الله تعالى: (( وإذا أنعمْنا على الإنسان أعرض ونَئَا بجانبه )) المراد بالإنسان هنا الجنس كما قال المؤلف، يعني أنَّ جنس الإنسان بالنظر إلى كونِه إنسانًا فقط هذه حالُه إذا أنعَمْنا على الإنسان أعرض عن الشُّكْر، وما هو الشكر؟ الشكر حقيقةً هو طاعة الله عز وجل هذا هو الشكر ويكون بالقلب وباللسان وبالجوارح، ويدلّ على أنَّ الشكر هو طاعة الله قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال الله تعالى: (( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا )) وقال للمؤمنين: (( يا أيها الذين آمنوا كلُوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله )) ) فجعلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم الشُّكْرَ لله هو العمل الصالح، يعني القيام بطاعة الله، فالشكر إذًا هو القيام بطاعة الله ويكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح، أما بالقلب فهو شُعُور الإنسان بأنَّ هذه النعمة مِن الله سبحانه وتعالى، وأنَّه لولا فَضْلُ الله ما حَصَلَت له فيُقِرُّ بقلبِه ويعترِف أنَّ ذلك مِن عند الله وليس بحولِه وقُوَّتِه، وأما اللسان الشكر باللسان فالتحدثُ بنعمة الله عز وجل اعترافًا بفضله لا افتخارًا على خلقِه، بأن يقول: الحمد لله قد رزقَني الله أموالًا وأولادًا وعلمًا وجاهًا وما أشبه ذلك، ومِن الشكر باللسان جميعُ الطاعات القولِيَّة فإنَّها مِن الشكر باللسان فقراءَة القرآن الأخ! هل هي من الشكر أو لا؟
الطالب: لا
الشيخ : مِن الشكر لأنَّ كلَّ طاعَةٍ باللسان فهي مِن شُكرِ الله عز وجل، الشُّكْر بالجوارح العمل كالركوع والسجود والقيام والقعود والصدقة وما إلى ذلك وفي هذا يقول الشاعر:
أفادتْكُم النَّعْمَاءُ مني ثلاثةً يدي ولساني والضَّمِير المحَجَّبَا
6 - فوائد قوله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ )) . أستمع حفظ
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا أنعمنا على الإنسان )) الجنس (( أعرض )) عن الشكر (( ونئا بجانبه )) ثنى عطفه متبخترا ، وفي قراءة بتقديم الهمزة (( وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) كثير .
7 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وإذا أنعمنا على الإنسان )) الجنس (( أعرض )) عن الشكر (( ونئا بجانبه )) ثنى عطفه متبخترا ، وفي قراءة بتقديم الهمزة (( وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) كثير . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) .
ومن فوائدها: أنَّ ما يتمَتَّعُ به الإنسان من النعيم فإنما هو مِن عند الله لقوله (( وإذا أنعمنا على الإنسان )).
ومن فوائدها: التحذير من هذه الحال فإذا رأى الإنسان من نفسِه أنَّه عند النّعْمة يفرح ويبطَر ويتهاون بما أوجب الله عليه فليعلَم أنَّه داخل في هذا الإنسان المذموم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ الإنسان يعرف من نفسه الضعف إذا أصابه الضرر ويلجأ إلى الله، حتى الكافر يعرف من نفسه الضعف ويلجأ إلى الله عز وجل.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ الكفار يؤمنون بالله وبأنَّه هو كاشف الضُّر لقوله: (( فذو دعاء عريض ))، الإعراض في قوله: (( إذا أنعمنا على الإنسان )) هذه جملة شرطية فأين الجواب؟ الأخ، أنت؟ (( إذا أنعمنا على الإنسان أعرض و نأى بجانبه )) أنت رفعْتَ اليد اليسرى وهذا ليس مِن الأدب ولذلك سوف يكون تعزيرك بحرمانك من الإجابة، نعم.
الطالب: أعرض ونأى بجانبه
الشيخ : (( أعرض )) هذا الجواب، (( و نأى بجانبه )) معطُوف عليه، هذا صحيح، وأين الجواب في قوله: (( إذا مسَّه الشر ))؟
الطالب: (( فذو دعاء عريض ))
الشيخ : (( فذو دعاء عريض ))، طيب (( ذو دعاء عريض )) أين عاملها؟
الطالب: .....
الشيخ : مقدر؟ قلها على التقدير؟
الطالب:.....
الشيخ : فهو ذو دعاء عريض، طيب (فهو ذو دعاء عريض) لماذا اقترنت الفاء بجواب الشرط؟
الطالب: ......
الشيخ : لأنَّ جواب الشرط جُملة اسمية وإذا كان جوابُ الشرط جملةً اسمية وجبَ قرنُها بالفاء ولا تسقُطُ إلا نادرًا، ما هي الجمل التي إذا وقعَتْ جوابًا للشَّرْط فإنها تقتَرِن بالفاء؟
الطالب: اسمية طلبية
الشيخ : مجموعة في قول الناظم:
اسمية طلبية وبجامد وبلن وقد وبالتنفيس
نعم، إذا وقع جواب الشرط جُملةً مِن هذه الجمل السبع وجب اقترانُه بالفاء ولا تُحذَف إلا نادرًا مثل قول الشاعر: " مَن يفعل الحسناتِ اللهُ يشكرُها " الأصل: مَن يفعل الحسناتِ فالله يشكرها. لكنها سقطت إما لضرورة الشعر وإما للقلة لأنها تسقُط حتى في النَّثْر لكن ذلك قليل، المهم افهموا الآن: أنَّه متى وقعت جملةُ الجواب إحدَى هذه الجُمَل فإنه يجِب اقترانُها بالفاء
8 - فوائد قوله تعالى : (( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( قل أرءيتم إن كان )) أي القرآن (( من عند الله )) كما قال النبي (( ثم كفرتم به من )) أي لا أحد (( أضل ممن هو فى شقاق )) خلاف (( بعيد ))عن الحق ؟ أوقع هذا موقع منكم بيانا لحالهم .
الطالب: بن عوض
الشيخ : يلَّا يا ابن عوض
الطالب: ذُكِرت قبل قليل
الشيخ : لا تقول ذُكر قبل قليل .. أعدت ما قيل
الطالب: .. الإظهار في موضع الإضمار؟
الشيخ : أي نعم، فائدته؟
الطالب: فائدته منها: بيان الصفة التي يستحقها المتعلَّق، ..التسهيل على هؤلاء الطلبة
الشيخ : تمام.
الطالب: ومن فوائده أيضًا بيان العموم يعني أنّ كل من فعل هذا فإن هذا يعم
الشيخ : الوصف ... نعم أحسنْت، ثلاثة:
الطالب: ومن فوائده أيضًا:
الشيخ : الآن نحتَجُّ عليك بقولك: تقدَّم قبل قليل
الطالب: التنبيه.
الشيخ : زين، تنبيه المخاطب حيث صار السياق على خلاف ما كان يتوقَّع وهذا يُؤَدِّي إلى تنَبُّهِه
9 - التعليق على تفسير الجلالين : (( قل أرءيتم إن كان )) أي القرآن (( من عند الله )) كما قال النبي (( ثم كفرتم به من )) أي لا أحد (( أضل ممن هو فى شقاق )) خلاف (( بعيد ))عن الحق ؟ أوقع هذا موقع منكم بيانا لحالهم . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد )) .
أولا: تحدِّي هؤلاء المكذِّبِين للرسول صلى الله عليه وسلم الكافرين بالقرآن وأنهم بعد أن علموا الحق كفرُوا به.
من فوائدها: أنَّ القرآنَ كلام الله لقوله: (( أرأيتم إن كان مِن عند الله )) وجهُ ذلك: أنَ القرآن وصْف وصِفَة لا بد أن يقوم بموصوف وإذا كان من عند الله لزِم أن يكون الموصُوف به هو الله عز وجل، انتبه يا أخ! الآن هذه الآية فيها دليل على أنَّ القرآن كلام الله وجهُ ذلك: أنَّ القرآن وصف، لأنَّه كلام والوصف لابد أن يقُوم بموصوف وإذا كان من عند الله فمَن الموصوف به؟ هو الله عز وجل وهذا ما نُؤمن به ويُؤمِن به السلف أهلُ السنة والجماعة بأنَّ القرآن كلامُ الله تكلَّم به حقيقة بحروفٍ وسمِعَه منه جبريل وألقَاه على قلْبِ النبي صلى الله عليه وسلم.
يرى أهلُ التعطيل أنَّ القرآن كلامُ الله لكنه مخلوق ليس وصفًا من صفاته بل هو مخلوقٌ مِن مخلوقاته وهذا رأي الجهمية والمعتزلة، هذا الرأي يُبطِل الأمر والنَّهي ويبطِل الشريعة كلها، لأنه إذا كان كذلك صار مجرَّد أصوات أو مجرد حروف لا مدلُول لها كما نسمع صوت الرعد مثلًا لا نستفيد منه شيئا إنما هو شيء يسمع فقط وليس له معنى، أو حروف خُلِقت على هذا النحو كأنها نقشٌ في جِدَار أو في باب، نُقُوش ليس لها معنى، ولهذا يُعتبر هذا القول مِن أشدِّ الإلحاد، لأنَّه تبطلُ به الشريعة تامة فمثلًا قل إذا قلنا إنها مخلوقة إن رسمتَها في ورقة صارَت صورة كلمَة فقط كأنَّها نقش لأنها مي هي كلام، وإن تكلمت بها فالصوت مخلوق بل والله عز وجل حين تكلم بها وأوحَاها إلى جبريل يعتبَر خلَقَ صوتًا ليس له معنى، لأنَّه مخلوق من المخلوقات والله عز وجل فرَّق بين الخلْق والأمر فقال: (( ألا له الخلق والأمر )) وقال: (( وكذلك أوحَيْنا إليك روحا من أمرنا )) ولا من خلقنا؟ مِن أمرنا، فالقائلون بأنَّ القرآن كلامُ الله لكنه مخلوق قد عطَّلُوا الشرائع نهائِيًّا إذ أنه ليس هناك أمر ولا نهي، وهناك قول آخر الأشاعرة يقولون: إن القرآن كلام الله لكنَّه -أي الكلام- هو المعنى القائم بنفسِه أما ما سمعَه جبريل فإنه مخلوق، فالقرآن عندهم كلام الله لكن كلام الله هو المعنى القائم بنفسه، وأما ما يسمع من الله عز وجل كمناجاته موسى وكلامه بالوحي إلى جبريل فإنه مخلوق عبارة عن المعنى القائم بالنفس، هذا المعنى أشدّ وأخبث من قول المعتزلة لماذا؟ لأنَّ المعتزلة يقولون: ما نقرَأُهُ في المصاحف كلام الله حقًّا. والأشاعرة يقولون: عبارَةٌ عن كلام الله وليس كلامَ الله، والكل متفقون على أن ما نقرأه في المصاحِف مخلُوق لكن المعتزلة يقولون: هو كلام الله. والأشعرية يقولون: عبارة عن كلام الله. فصاروا من هذه الناحية أخبثَ وأشَرّ مِن المعتزلة والجهمية، أمَّا نحن فنؤمن بأنَّ ما كُتِب في المصاحف وحُفِظ في الصدور فإنه كلام الله وهو غيرُ مخلوق، فإن قال قائل: أرأيت القارئ يقرأ نسمَعُ صوتَه بالقراءة هل هذا الصوت مخلوق أو غير مخلوق؟ فنقول: هو مخلوق، لأنَّ صوت الإنسان وصف من أوصافه فهو مخلُوق كأصلِه، لكن الملفوظ به والمصَوَّتَ به غير مخلوق، وهناك فرق بين الصَّوْت والنُّطْق وبين المصَوَّت به والمنطُوق به أليس كذلك؟ أنا لو قرأت كتاب ألفه عالم من العلماء فأنا أقرأه الصَّوت صوتي لكن المقرُوء للعالم الذي كتب الكتاب، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب العقيدة الواسطية: " الكلام إنما يضاف حقيقةً إلى مَن قاله مبتدئًا لا إلى ما قاله مبلِّغًا مؤديًّا " فصار لو أراد الإنسان يستفصل هل لفظُ الإنسان بالقرآن مخلوق أو لا؟ ماذا نقول؟ نقول: لفظُه الذي هو تلفُّظُه مخلوق، لأنه حركة في لسانه وشفتَيه وصوته، وأما الملفوظ به فإنه كلام الله غير مخلوق، ويدل لهذا أنَّ الله تعالى قال: في القرآن الكريم (( إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين )) مَن الرسول هنا؟ جِبْرِيل وقال (( إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر )) مَن الرسول هنا؟ محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يمكن أن يكون كلامٌ واحد لِمتكلِّمَيْن اثنين لكن أضافه إليهما، لأنهما رسولان مُبلِّغَان عن الله، ولهذا قال: (( لقول رسول )) في الآيتين فتنبَّه لهذا وتفطَّن له، ذُكِر عن الإمام أحمد رحمه الله: أنَّ مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومَن قال: غير مخلوق فهو مبتدع، هكذا رُوِي عنه، وفي رواية من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يُريد القرآن فهو جهمي، ومَن قال: غير مخلوق فهو مبتدع، فالرواية الثانية عنه فسَّرَت الرواية الأولى أي من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يريد القرآن الذي هو الملفوظ به، فإن قال قائل: هل يمكن أن يراد باللفظ الملفوظ؟ قلنا: نعم، لأن (لفظ) مصدر والمصدر يأتي أحيانًا بمعنى اسم المفعول كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ ) و(رد) بمعنى مردود، وكما في قوله تعالى: (( وإن كن أولات حمل )) أي أولات محمُول فالحَمْل مصدر ويُراد به اسم المفعول، على كل حال نحن نقول في كلام الله عز وجل: إنَّه كلامٌ مسموع بحرْف وصوْت وأنَّه غيرُ مخلوق وأنَّه صِفةٌ من صفاته.