تفسير سورة الشورى-01a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
بيان أهمية علم التفسير .
الشيخ : وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد أحب أن أقدم الشكر لمؤسسة الاستقامة الإسلامية في عنيزة على هذه الملاحظة الجيدة، وهي ترقب حاجات الناس في المناسبات التي تحتاج إلى تنبيه على الأمور الهامة حتى يكون الناس فيها على بصيرة في دين الله عز وجل .
المقدم : وقد كانت البداية بهذا التفسير في شهر ربيع الأول من 1418 للهجرة والنهاية في غرة ربيع الثاني من العام المتمم 1420 هـ ضمن دروس الشيخ محمد رحمه الله التي يعقدها في الجامع الكبير في عنيزة، والآن مع الشريط الأول .
الشيخ : قبل أن نبدأ بالتفسير أحب أن أحث طلاب العلم على تعلم تفسير القرآن، لأن القرآن أشرف كتاب وأعظم كتاب، فإنه كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة وسمعه جبريل فألقاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن هذا شأن الصحابة رضي الله عنهم، فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " ومن المعلوم أن الإنسان إذا قرأ القرآن بدون معرفة لمعناه فإنه لا يستفيد منه شيئا، كما لو قرأ كتاب الفقه أو كتاب الطب أو كتاب أدب وهو لا يعرف المعنى فإنه لا يستفيد من هذا شيئا.
أهم شيء في القرآن أن تتدبر آياته وتتعظ بها كما قال الله تعالى: (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) يوجد بعض الناس تميل نفسه إلى فن من فنون العلم، ويهمل القرآن، لو ناقشته في أقل معنى للآيات وجدته ليس عنده منها خبر، ولا وقف منها على عين ولا أثر، وهذا نقص كبير في العلم، أصل المعلومات وأهمها وأشرفها وأجلها هو تعلم القرآن الكريم، ولذلك تنبغي العناية به.
واعلم أن القرآن الكريم لم ينزل على أنه كتاب نحو أو كتاب صرف أو كتاب فلك أو ما أشبه ذلك، إنما نزل ليستقيم العبد في معاملته مع الله ومعاملته مع الخلق، ولذلك تجد القرآن الكريم لا يعتني كثير بالآيات الكونية الفلكية وإنما يشير إليها إشارة، لكنه في الأحكام الشرعية يأتي بها بالتفصيل والبيان، ولقد حاول بعض المتأخرين أن ينزل المعلومات الكونية الفلكية والأرضية، حاول أن يجعل القرآن دالا عليها بالتفصيل، فصار يسوق الآيات ويتكلف في معناها ليخضعها إلى موافقة ما قيل عن علم الفلك والأرض، وهذا غلط لأن القرآن إنما نزل لهداية الخلق في العبادات والمعاملات، وما أتى فيه من كلام عن الأمور الكونية فهذا أتى على وجه إجمالي، التفصيل فيه قليل إن كان هناك تفصيل، فليعتني طالب العلم بتفسير كلام الله عز وجل،
المقدم : وقد كانت البداية بهذا التفسير في شهر ربيع الأول من 1418 للهجرة والنهاية في غرة ربيع الثاني من العام المتمم 1420 هـ ضمن دروس الشيخ محمد رحمه الله التي يعقدها في الجامع الكبير في عنيزة، والآن مع الشريط الأول .
الشيخ : قبل أن نبدأ بالتفسير أحب أن أحث طلاب العلم على تعلم تفسير القرآن، لأن القرآن أشرف كتاب وأعظم كتاب، فإنه كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة وسمعه جبريل فألقاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن هذا شأن الصحابة رضي الله عنهم، فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " ومن المعلوم أن الإنسان إذا قرأ القرآن بدون معرفة لمعناه فإنه لا يستفيد منه شيئا، كما لو قرأ كتاب الفقه أو كتاب الطب أو كتاب أدب وهو لا يعرف المعنى فإنه لا يستفيد من هذا شيئا.
أهم شيء في القرآن أن تتدبر آياته وتتعظ بها كما قال الله تعالى: (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) يوجد بعض الناس تميل نفسه إلى فن من فنون العلم، ويهمل القرآن، لو ناقشته في أقل معنى للآيات وجدته ليس عنده منها خبر، ولا وقف منها على عين ولا أثر، وهذا نقص كبير في العلم، أصل المعلومات وأهمها وأشرفها وأجلها هو تعلم القرآن الكريم، ولذلك تنبغي العناية به.
واعلم أن القرآن الكريم لم ينزل على أنه كتاب نحو أو كتاب صرف أو كتاب فلك أو ما أشبه ذلك، إنما نزل ليستقيم العبد في معاملته مع الله ومعاملته مع الخلق، ولذلك تجد القرآن الكريم لا يعتني كثير بالآيات الكونية الفلكية وإنما يشير إليها إشارة، لكنه في الأحكام الشرعية يأتي بها بالتفصيل والبيان، ولقد حاول بعض المتأخرين أن ينزل المعلومات الكونية الفلكية والأرضية، حاول أن يجعل القرآن دالا عليها بالتفصيل، فصار يسوق الآيات ويتكلف في معناها ليخضعها إلى موافقة ما قيل عن علم الفلك والأرض، وهذا غلط لأن القرآن إنما نزل لهداية الخلق في العبادات والمعاملات، وما أتى فيه من كلام عن الأمور الكونية فهذا أتى على وجه إجمالي، التفصيل فيه قليل إن كان هناك تفصيل، فليعتني طالب العلم بتفسير كلام الله عز وجل،
الكلام على سورة الشورى.
ثم نبدأ درس اليوم، يقول: سورة الشورى، ويقال: سورة شورى، تقال هذا وهذا، أما الشورى فأل فيها للبيان، وأما شورى فهي مأخوذة من قوله : (( وأمرهم شورى بينهم )) وليس فيها أل، فهذه السورة تسمى سورة شورى وسورة الشورى، يقول: مكية، ما معنى مكية هل المراد ما نزل بمكة أو المراد ما نزل قبل الهجرة؟ المراد الثاني، ما نزل بعد الهجرة ولو في مكة فهو مدني، كقوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي )) هذه نزلت في عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، وما نزل قبل الهجرة ولو في الأسفار أو في أي مكان فإنه مكي، إذاً الحد الفاصل بين السور المكية والمدنية هو الهجرة طيب.
يقول: إلا (( قل لا أسألكم عليه )) الآيات الأربع، استثنى المؤلف رحمه الله من هذه السورة هذه الآيات الأربع، يعني أنها مدنية وبقية السورة مكية، ولكن لاحظوا أن أي إنسان يستثني آيات من سورة مدنية لتكون هذه الآيات مكية أو بالعكس فإننا نطالبه بالدليل، وإلا فالأصل أن السورة المكية مكية بجميع آياتها، وأن السورة المدنية مدنية بجميع آياتها، قد يقول قائل: الشاهد مثلا أو الدليل أن أسلوب الآيات المدنية يختلف عن أسلوب الآيات المكية، نقول: هذا لا يكفي، قد يقول مثلا قائل: الدليل على الاستثناء أن هذه الآيات مثلا تبحث في الفروع فروع الدين وهذه علامة على أنها مدنية، لأن غالب السور المكية تبحث في أصول الدين، نقول: هذا ليس بدليل، وعلى هذا فالأصل أن هذه السورة مكية بجميع آياتها حتى يقوم دليل واضح على أن هذه الآيات التي استثناها المؤلف مدنية،
ثم اعلم أن جميع السور المبدوءة بالحروف الهجائية مكية إلا سورتين هما البقرة وآل عمران، والباقي كله مكي، ثم قال : ثلاث وخمسون آية، الآية هي عبارة عن جملة من القرآن الكريم انفصلت عما قبلها انفصالا معنويا أو انفصالا توقيفيا ؟ انفصالا توقيفيا، يعني أن الآيات فصل هذه عن هذه بالتوقيف، وليس تابعا للمعنى، ولهذا تجدون قول الله تبارك وتعالى: (( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون )) هاتان آيتان مع أن: (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) مرتبطة تماما بقوله : (( فويل للمصلين )) المهم أن فصل آية عن آية إنما هو بالتوقيف، كذلك أيضا وضع الآيات بعضها إلى بعض هو أيضا توقيفي، ليس للرأي فيه مجال وليس لأحد فيه أي عمل، بل هو توقيفي إذا نزلت الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ضعوا هذه الآية في مكان كذا من سورة كذا ).
فصار الآن فصل الآيات بعضها عن بعض ... طيب ترتيبها ؟ توقيفي، أما السور فبعضها ترتيبه توقيفي وبعضها ترتيبه غير توقيفي، فمثل البقرة وآل عمران ترتيبها توقيفي، آل عمران بعد البقرة، ولا يشكل عليك حديث حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ بالبقرة ثم قرأ بالنساء ثم قرأ بآل عمران، لأن الترتيب النهائي أن آل عمران بعد البقرة، ويكون حديث حذيفة قبل الترتيب النهائي، ولهذا تجدون في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرن دائما بين البقرة وآل عمران كقوله : ( اقرءوا الزهراوين ) يعني البقرة وآل عمران، فصار عندنا ترتيب السور بعضه توقيفي وبعضه غير توقيفي، ترتيب الآيات توقيفي، تفصيل الآيات توقيفي، وإنما سميت القطعة أو الجملة من القرآن آية لأنها معجزة، يعني الآية الواحد لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها لا في موضعها ولا في صيغتها ولا في مدلولها .
يقول: إلا (( قل لا أسألكم عليه )) الآيات الأربع، استثنى المؤلف رحمه الله من هذه السورة هذه الآيات الأربع، يعني أنها مدنية وبقية السورة مكية، ولكن لاحظوا أن أي إنسان يستثني آيات من سورة مدنية لتكون هذه الآيات مكية أو بالعكس فإننا نطالبه بالدليل، وإلا فالأصل أن السورة المكية مكية بجميع آياتها، وأن السورة المدنية مدنية بجميع آياتها، قد يقول قائل: الشاهد مثلا أو الدليل أن أسلوب الآيات المدنية يختلف عن أسلوب الآيات المكية، نقول: هذا لا يكفي، قد يقول مثلا قائل: الدليل على الاستثناء أن هذه الآيات مثلا تبحث في الفروع فروع الدين وهذه علامة على أنها مدنية، لأن غالب السور المكية تبحث في أصول الدين، نقول: هذا ليس بدليل، وعلى هذا فالأصل أن هذه السورة مكية بجميع آياتها حتى يقوم دليل واضح على أن هذه الآيات التي استثناها المؤلف مدنية،
ثم اعلم أن جميع السور المبدوءة بالحروف الهجائية مكية إلا سورتين هما البقرة وآل عمران، والباقي كله مكي، ثم قال : ثلاث وخمسون آية، الآية هي عبارة عن جملة من القرآن الكريم انفصلت عما قبلها انفصالا معنويا أو انفصالا توقيفيا ؟ انفصالا توقيفيا، يعني أن الآيات فصل هذه عن هذه بالتوقيف، وليس تابعا للمعنى، ولهذا تجدون قول الله تبارك وتعالى: (( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون )) هاتان آيتان مع أن: (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) مرتبطة تماما بقوله : (( فويل للمصلين )) المهم أن فصل آية عن آية إنما هو بالتوقيف، كذلك أيضا وضع الآيات بعضها إلى بعض هو أيضا توقيفي، ليس للرأي فيه مجال وليس لأحد فيه أي عمل، بل هو توقيفي إذا نزلت الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ضعوا هذه الآية في مكان كذا من سورة كذا ).
فصار الآن فصل الآيات بعضها عن بعض ... طيب ترتيبها ؟ توقيفي، أما السور فبعضها ترتيبه توقيفي وبعضها ترتيبه غير توقيفي، فمثل البقرة وآل عمران ترتيبها توقيفي، آل عمران بعد البقرة، ولا يشكل عليك حديث حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ بالبقرة ثم قرأ بالنساء ثم قرأ بآل عمران، لأن الترتيب النهائي أن آل عمران بعد البقرة، ويكون حديث حذيفة قبل الترتيب النهائي، ولهذا تجدون في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرن دائما بين البقرة وآل عمران كقوله : ( اقرءوا الزهراوين ) يعني البقرة وآل عمران، فصار عندنا ترتيب السور بعضه توقيفي وبعضه غير توقيفي، ترتيب الآيات توقيفي، تفصيل الآيات توقيفي، وإنما سميت القطعة أو الجملة من القرآن آية لأنها معجزة، يعني الآية الواحد لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها لا في موضعها ولا في صيغتها ولا في مدلولها .
قراءة الآيات القرآنية .
الشيخ : قال الله تعالى.
القارئ: (( حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) .
القارئ: (( حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم )) .
التعليق على تفسير الجلالين : (( حم * عسق )) الله أعلم بمراده به .
الشيخ : (( حم عسق )) هذه خمسة أحرف: ح م ع س ق، خمسة أحرف لكنها أحرف هجائية، يعني هي مثل أ ب ت ث ج ح خ، هذه ح م ع س ق، ليس لنا أن نتكلم لماذا اختار الله عز وجل هذه الحروف بعينها دون غيرها ! هذا ليس إلينا ولا يمكننا أن نحيط بذلك علما، لكن لنا أن نسأل هل لهذه الحروف معنى أو ماذا؟ المؤلف يقول: " الله أعلم بمراده به " وهذا يقتضي أنه أثبت لهذه الحروف معاني لكنها غير معلومة، وهذه الحروف الهجائية التي ابتدأت بها بعض السور اختلف فيها العلماء رحمهم الله سلفا وخلفا ما معناها، وهل هي رموز أو أسماء للسور التي ابتدأت بها أو ماذا ؟ ولكننا إذا طبقنا ذلك على ما تقتضيه الأدلة وجدنا أنها حروف هجائية ليس لها معنى، الدليل أنه لا يوجد في القرآن شيء ليس له معنى معلوم لجميع الناس، لأنه لو قدر أن في القرآن شيئا مجهولا لجميع الناس لم يكن هذا القرآن بيانا للناس، لأن مقتضى البيان ألا يكون فيه شيء إلا كان معلوما للناس جميعا أو لبعض الناس، أما أن يوجد فيه ما ليس معلوما لجميع الناس فهذا لا يمكن، وقد قال الله تعالى: (( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء )) وقال تعالى: (( ونزلنا عليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) وقال تعالى: (( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه )) وهذا يشمل البيان اللفظي والبيان المعنوي، إذا اعلم أنه لا يوجد شيء في القرآن لا يفهم الناس معناه، أبدا، لابد أن يفهموا معناه، فإذا وجد شيء لا يعرف معناه يعني ذلك أنه ليس له معنى، هذه واحدة.
ثانيا إذا طبقنا هذه الحروف على قول الله تبارك وتعالى: (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) وقوله تعالى: (( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) قلنا هذه الحروف في لغة العرب وش معناها ؟ ليس لها معنى، إذا فمقتضى كون القرآن باللسان العربي المبين ألا يكون لهذه الحروف معنى، لأن هذه الحروف ليس لها معنى في اللغة العربية، وهذا هو الذي نقله ابن كثير رحمه الله عن إمام المفسرين في عهده مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى، الذي أخذ تفسير القرآن عن عبد الله بن عباس قال : " إن هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى " نجزم بذلك أو لا ؟ نجزم بذلك لا تخرسا ولكن استدلالا بالقرآن واستدلالا بحال القرآن، استدلالا بالقرآن لأنه نزل باللغة العربية وهذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في اللغة العربية، استدلالا بحال القرآن أن القرآن ليس فيه شيء لا يعرف الناس معناه كلهم، لابد أن يكون فيه شيء معلوم، وعلى هذا فإننا نجزم بأن هذه الحروف ذاتها ليس لها معنى، لكن إذن يرد علينا إشكال، إذا قلنا ليس لها معنى صار إنزالها وكلام الرب بها عز وجل عبثا، والله تبارك وتعالى لا يفعل شيئا عبثا فنقول: ليس بعبث، هي ذاتها ليس لها معنى، لكن لها مغزى يقترن بالتحدي، وهو أن يقال: إنكم أيها العرب تركبون كلامكم من هذه الحروف، والقرآن لم يأت بحرف لم تتكلموا به، بل كله من الحروف التي تتكلمون بها، وهذا مثال: ح م ع س ق، ومع هذا عجزتم أن تأتوا بمثله، فيكون في هذا معزى عظيم، وهو أن القرآن الذي أعجزكم أيها العرب مع أنكم أئمة الفصاحة هل أتى بحروف جديدة تقولون: والله لا نعرف هذه الحروف أو هو من الحروف التي أنتم تنطقون بها ؟ الجواب الثاني، ومع ذلك أعجزكم، ويدل لهذا المغزى الذي أقره شيخ الإسلام رحمه الله ومن سبقه ومن لحقه، يدل على هذا أنك لا تكاد تجد سورة مبدوءة بهذه الحروف إلا وبعدها ذكر القرآن الكريم أو ذكر ما لا يمكن إلا بالوحي.
ننظر الآن: (( ألم )) في أول البقرة وش بعدها ؟ (( ذلك الكتاب ))، في آل عمران: (( ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب )) الأعراف: (( المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه )) وهلم جرا، ليس فيه إلا سورتان أو ثلاث، لكن حقيقة الأمر أن الذي يلي هذه الحروف لا يتأتى العلم به إلا عن طريق الوحي: (( حم عسق )) نقول في تفسيرها: هذه حروف هجائية ليس لها معنى لكن لها مغزى طيب.
ثانيا إذا طبقنا هذه الحروف على قول الله تبارك وتعالى: (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) وقوله تعالى: (( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) قلنا هذه الحروف في لغة العرب وش معناها ؟ ليس لها معنى، إذا فمقتضى كون القرآن باللسان العربي المبين ألا يكون لهذه الحروف معنى، لأن هذه الحروف ليس لها معنى في اللغة العربية، وهذا هو الذي نقله ابن كثير رحمه الله عن إمام المفسرين في عهده مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى، الذي أخذ تفسير القرآن عن عبد الله بن عباس قال : " إن هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى " نجزم بذلك أو لا ؟ نجزم بذلك لا تخرسا ولكن استدلالا بالقرآن واستدلالا بحال القرآن، استدلالا بالقرآن لأنه نزل باللغة العربية وهذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في اللغة العربية، استدلالا بحال القرآن أن القرآن ليس فيه شيء لا يعرف الناس معناه كلهم، لابد أن يكون فيه شيء معلوم، وعلى هذا فإننا نجزم بأن هذه الحروف ذاتها ليس لها معنى، لكن إذن يرد علينا إشكال، إذا قلنا ليس لها معنى صار إنزالها وكلام الرب بها عز وجل عبثا، والله تبارك وتعالى لا يفعل شيئا عبثا فنقول: ليس بعبث، هي ذاتها ليس لها معنى، لكن لها مغزى يقترن بالتحدي، وهو أن يقال: إنكم أيها العرب تركبون كلامكم من هذه الحروف، والقرآن لم يأت بحرف لم تتكلموا به، بل كله من الحروف التي تتكلمون بها، وهذا مثال: ح م ع س ق، ومع هذا عجزتم أن تأتوا بمثله، فيكون في هذا معزى عظيم، وهو أن القرآن الذي أعجزكم أيها العرب مع أنكم أئمة الفصاحة هل أتى بحروف جديدة تقولون: والله لا نعرف هذه الحروف أو هو من الحروف التي أنتم تنطقون بها ؟ الجواب الثاني، ومع ذلك أعجزكم، ويدل لهذا المغزى الذي أقره شيخ الإسلام رحمه الله ومن سبقه ومن لحقه، يدل على هذا أنك لا تكاد تجد سورة مبدوءة بهذه الحروف إلا وبعدها ذكر القرآن الكريم أو ذكر ما لا يمكن إلا بالوحي.
ننظر الآن: (( ألم )) في أول البقرة وش بعدها ؟ (( ذلك الكتاب ))، في آل عمران: (( ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب )) الأعراف: (( المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه )) وهلم جرا، ليس فيه إلا سورتان أو ثلاث، لكن حقيقة الأمر أن الذي يلي هذه الحروف لا يتأتى العلم به إلا عن طريق الوحي: (( حم عسق )) نقول في تفسيرها: هذه حروف هجائية ليس لها معنى لكن لها مغزى طيب.
التعليق على تفسير الجلالين في قوله تعالى : (( كذلك )) أي مثل ذلك الإيحاء (( يوحي إليك و )) أوحى (( إلى الذين من قبلك الله )) فاعل الإيحاء (( العزيز )) في ملكه (( الحكيم )) في صنعه .
" (( كذلك )) أي مثل ذلك الإيحاء (( يوحي إليك و )) أوحى (( إلى الذين من قبل الله )) فاعل الإيحاء "، كذلك تأتي في القرآن كثيرا، وإعرابها في جميع المواطن إلا يسيرا أن تقول : الكاف: نائبة المناب مثل منصوبة على أنها مفعول مطلق وعاملها ما يأتي بعدها، الكاف: بمعنى مثل منصوبة على أنها مفعول مطلق عاملها ما يأتي بعدها، حول الكاف إلى مثل تقول: مثل ذلك، أين العامل فيها ؟ يوحي، أي يوحي إليك مثل ذلك الإيحاء الله العزيز الحكيم، طيب.
وقوله ذلك المشار إليه الوحي النازل على الرسول عليه الصلاة والسلام، يوحي إليك، الوحي: في اللغة الإعلام بسرعة وخفاء، ويطلق على الرمز: (( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا )) ويطلق على الإلهام كما في قوله: (( وأوحى ربك إلى النحل )) وقوله: (( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه )) أما في الاصطلاح فالوحي: إعلام الله تعالى بالشرع لأنبيائه ورسله،
وقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) الواو حرف عطف وإلى الذين من قبلك معطوفة على إليك، وإذا كانت معطوفة على إليك كان تقدير الفعل ويوحي إلى الذين من قبلك، لكن لاحظوا أن المؤلف رحمه الله صرفها، فقال: " وأوحى إلى الذين من قبلك " فقدر فعلا ماضيا مع أنها معطوفة على معمول فعل مضارع فلماذا ؟ لأن إيحاء الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم مستمر، وإيحائه إلى من سبقه ماض منتهي، فلهذا قدر المؤلف فعلا ماضيا، ولكننا نقول الأصل عدم التقدير، لأن القرآن كامل لا يحتاج إلى تقدير إلا ما دعت الضرورة إليه، هنا لا ضرورة ونقول: (( كذلك يوحي إليك و )) يوحي (( إلى الذين من قبلك )) ويكون ذكر الإيحاء لن سبقنا من باب ذكر صورة الحال، فإنه سبحانه وتعالى حين وحيه إلى من سبق يوحي ... في المضارع فيكون هذا على حكاية الحال.
وقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) المراد بهم الأنبياء والرسل، " الله فاعل الإيحاء " لو قال : فاعل يوحي كان أحسن من حيث بيان الإعراب، فعلى هذا نقول: يوحي فعل مضارع، والله فاعل، يوحي الله، الله هو علم على ربنا عز وجل، قيل: وأصله الإله، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، كما حذفت الهمزة من خير وشر في قولهم: فلان خير من فلان أو فلان شر من فلان، والتقدير أخير وأشر، الله: معنى هذه الكلمة العظيمة قيل أنه اسم جامد ليس له معنى فهو غير مشتق، لكن هذا القيل غير صحيح لأن الله تعالى قال: (( ولله الأسماء الحسنى )) والاسم المجرد عن معنى لا يدخل في الحسنى بل ولا في الحسن، فكل اسم من أسماء الله فإنه متضمن لصفة من صفات الله أو أكثر، وليس في أسماء الله اسم جامد لا يحمل معنى أبدا، وعلى هذا فنقول: الله مشتق من الإلوهية، والإلوهية هي التذلل للمألوه مع المحبة والتعظيم، إذن فالله بمعنى المتأله إليه حبا وتعظيما.
قال: " (( الله العزيز )) في ملكه (( الحكيم )) في صنعه " أولا قال: العزيز في ملكه، لكن لم يفسر معنى العزة، العزيز في الأصل الغالب، العزيز يعني الغالب القاهر لمن سواه عز وجل، واستمع إلى قول الله تعالى عن المنافقين: (( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) من يريدون بالأعز ؟ يريدون أنفسهم، ويريدون بالأذل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ماذا قال الله ردا عليهم ؟ قال: (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) أي لله الغلبة ولرسوله وللمؤمنين وتأمل قوله: (( ولله العزة )) ولم يقل: والله الأعز مع أنهم هم يقولون: الأعز والأذل، لم يقل: والله أعز قال: ولله العزة، لأنه لو قال: والله هو الأعز لأثبت للمنافقين عزة مفضولة، لكن الحقيقة أنه لا عزة للمنافق، بل هو مغلوب دائما، بل حاله تدل على أنه مغلوب لأنه مختفي جبان، يظهر أنه مسلم وليس بمسلم، ولهذا: نقول إن الكافرين الخلص الصرحاء أشجع من المنافقين لأنهم يصرحون ويعلنون، المنافق ذليل يظهر الإسلام خوفا من المسلمين، ويبطن الكفر لأنه كافر والعياذ بالله، الخلاصة العزيز المؤلف رحمه الله لم يبين معناها فنقول: العزة يعني الغلبة.
الحكيم يقول: " في صنعه " وهذا ناقص جدا، لأن حكمة الله تعالى في صنعه وفي شرعه، فهو حكيم في صنعه أي في خلقه، وهو حكيم في شرعه، واقرأ قول الله تعالى في سورة الممتحنة: (( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا )) كل هذه أحكام شرعية ثم قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) فهو جل وعلا حكيم في شرعه، وحكيم في صنعه يعني في خلقه، كل ما خلقه الله تعالى فالحكمة تقتضي وجوده، وكل ما أعدمه الله تعالى فالحكمة تقتضي عدمه، هذا أمر مسلم به، كل ما شرع الله إيجابا أو تحريما أو تحليلا فالحكمة تقتضي شرعه كذلك، الواجب تقتضي الحكمة إيجابه، والمحرم تقتضي الحكمة تحريمه، والمباح تقتضي الحكمة إباحته، لكن لا يلزم من وجود الحكمة في ذلك أن تكون معلومة لنا، لا يلزم من هذا، هو فيه حكمة لكن قد نعلمها وقد لا نعلمها، وهل إذا حجب عنا علمها يعني العدم ؟ لا، لأننا قاصرون في كل شيء، خلق الإنسان ضعيفا في كل شيء، ضعيف في قوته في إدراكه في علمه في كل شيء، ولهذا قالوا ما هي الروح يا محمد ؟ قال الله تعالى: (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ))[الإسراء:85] ختم الآية بقوله: (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) كأنه يقول: ما بقي عليكم من العلم إلا الروح حتى تسألوا عنها، بل الذي فاتكم من العلم أكثر من الذي أدركتموه ولهذا قال : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ولذلك واجب المسلم تجاه خلق الله وتجاه شرع الله أن يستسلم تماما، وأن يقول: هذا هو الحكمة، أضرب مثلا في الشرائع، لماذا يأتي الناس بحصى حجرات صغيرة يضربون بها مكانا معينا ؟ قد يقال قائل : ما الحكمة ؟ فنقول: مجرد كون الله شرع ذلك دليل على الحكمة، ونكتفي بهذا مع أن من أعظم الحكم فيه كمال التعبد، أن يأتي الإنسان بحجر يضرب بها مكانا لمجرد امتثال أمر الله، ففيها كمال التعبد، لأن انقاد النفس لما تعلم فائدته أسهل من انقيادها لما لا تعلم فائدته، وانقيادها لما لا تعلم فائدته أبلغ في التذلل والتعبد لله عز وجل، مع أن هذا العمل مقرون بذكر، كل حصاة ترميها تقول: الله أكبر، مقرون أيضا بإتباع كل حصاة ترميها وأنت تشعر أنك متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على كل حال نقول: إن قصر المؤلف الحكيم على حكمة الصنعة قاصر بلا شك، فهو حكيم في صنعه وحكيم في شرعه تبارك وتعالى.
وقوله ذلك المشار إليه الوحي النازل على الرسول عليه الصلاة والسلام، يوحي إليك، الوحي: في اللغة الإعلام بسرعة وخفاء، ويطلق على الرمز: (( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا )) ويطلق على الإلهام كما في قوله: (( وأوحى ربك إلى النحل )) وقوله: (( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه )) أما في الاصطلاح فالوحي: إعلام الله تعالى بالشرع لأنبيائه ورسله،
وقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) الواو حرف عطف وإلى الذين من قبلك معطوفة على إليك، وإذا كانت معطوفة على إليك كان تقدير الفعل ويوحي إلى الذين من قبلك، لكن لاحظوا أن المؤلف رحمه الله صرفها، فقال: " وأوحى إلى الذين من قبلك " فقدر فعلا ماضيا مع أنها معطوفة على معمول فعل مضارع فلماذا ؟ لأن إيحاء الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم مستمر، وإيحائه إلى من سبقه ماض منتهي، فلهذا قدر المؤلف فعلا ماضيا، ولكننا نقول الأصل عدم التقدير، لأن القرآن كامل لا يحتاج إلى تقدير إلا ما دعت الضرورة إليه، هنا لا ضرورة ونقول: (( كذلك يوحي إليك و )) يوحي (( إلى الذين من قبلك )) ويكون ذكر الإيحاء لن سبقنا من باب ذكر صورة الحال، فإنه سبحانه وتعالى حين وحيه إلى من سبق يوحي ... في المضارع فيكون هذا على حكاية الحال.
وقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) المراد بهم الأنبياء والرسل، " الله فاعل الإيحاء " لو قال : فاعل يوحي كان أحسن من حيث بيان الإعراب، فعلى هذا نقول: يوحي فعل مضارع، والله فاعل، يوحي الله، الله هو علم على ربنا عز وجل، قيل: وأصله الإله، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، كما حذفت الهمزة من خير وشر في قولهم: فلان خير من فلان أو فلان شر من فلان، والتقدير أخير وأشر، الله: معنى هذه الكلمة العظيمة قيل أنه اسم جامد ليس له معنى فهو غير مشتق، لكن هذا القيل غير صحيح لأن الله تعالى قال: (( ولله الأسماء الحسنى )) والاسم المجرد عن معنى لا يدخل في الحسنى بل ولا في الحسن، فكل اسم من أسماء الله فإنه متضمن لصفة من صفات الله أو أكثر، وليس في أسماء الله اسم جامد لا يحمل معنى أبدا، وعلى هذا فنقول: الله مشتق من الإلوهية، والإلوهية هي التذلل للمألوه مع المحبة والتعظيم، إذن فالله بمعنى المتأله إليه حبا وتعظيما.
قال: " (( الله العزيز )) في ملكه (( الحكيم )) في صنعه " أولا قال: العزيز في ملكه، لكن لم يفسر معنى العزة، العزيز في الأصل الغالب، العزيز يعني الغالب القاهر لمن سواه عز وجل، واستمع إلى قول الله تعالى عن المنافقين: (( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) من يريدون بالأعز ؟ يريدون أنفسهم، ويريدون بالأذل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ماذا قال الله ردا عليهم ؟ قال: (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) أي لله الغلبة ولرسوله وللمؤمنين وتأمل قوله: (( ولله العزة )) ولم يقل: والله الأعز مع أنهم هم يقولون: الأعز والأذل، لم يقل: والله أعز قال: ولله العزة، لأنه لو قال: والله هو الأعز لأثبت للمنافقين عزة مفضولة، لكن الحقيقة أنه لا عزة للمنافق، بل هو مغلوب دائما، بل حاله تدل على أنه مغلوب لأنه مختفي جبان، يظهر أنه مسلم وليس بمسلم، ولهذا: نقول إن الكافرين الخلص الصرحاء أشجع من المنافقين لأنهم يصرحون ويعلنون، المنافق ذليل يظهر الإسلام خوفا من المسلمين، ويبطن الكفر لأنه كافر والعياذ بالله، الخلاصة العزيز المؤلف رحمه الله لم يبين معناها فنقول: العزة يعني الغلبة.
الحكيم يقول: " في صنعه " وهذا ناقص جدا، لأن حكمة الله تعالى في صنعه وفي شرعه، فهو حكيم في صنعه أي في خلقه، وهو حكيم في شرعه، واقرأ قول الله تعالى في سورة الممتحنة: (( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا )) كل هذه أحكام شرعية ثم قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) فهو جل وعلا حكيم في شرعه، وحكيم في صنعه يعني في خلقه، كل ما خلقه الله تعالى فالحكمة تقتضي وجوده، وكل ما أعدمه الله تعالى فالحكمة تقتضي عدمه، هذا أمر مسلم به، كل ما شرع الله إيجابا أو تحريما أو تحليلا فالحكمة تقتضي شرعه كذلك، الواجب تقتضي الحكمة إيجابه، والمحرم تقتضي الحكمة تحريمه، والمباح تقتضي الحكمة إباحته، لكن لا يلزم من وجود الحكمة في ذلك أن تكون معلومة لنا، لا يلزم من هذا، هو فيه حكمة لكن قد نعلمها وقد لا نعلمها، وهل إذا حجب عنا علمها يعني العدم ؟ لا، لأننا قاصرون في كل شيء، خلق الإنسان ضعيفا في كل شيء، ضعيف في قوته في إدراكه في علمه في كل شيء، ولهذا قالوا ما هي الروح يا محمد ؟ قال الله تعالى: (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ))[الإسراء:85] ختم الآية بقوله: (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) كأنه يقول: ما بقي عليكم من العلم إلا الروح حتى تسألوا عنها، بل الذي فاتكم من العلم أكثر من الذي أدركتموه ولهذا قال : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ولذلك واجب المسلم تجاه خلق الله وتجاه شرع الله أن يستسلم تماما، وأن يقول: هذا هو الحكمة، أضرب مثلا في الشرائع، لماذا يأتي الناس بحصى حجرات صغيرة يضربون بها مكانا معينا ؟ قد يقال قائل : ما الحكمة ؟ فنقول: مجرد كون الله شرع ذلك دليل على الحكمة، ونكتفي بهذا مع أن من أعظم الحكم فيه كمال التعبد، أن يأتي الإنسان بحجر يضرب بها مكانا لمجرد امتثال أمر الله، ففيها كمال التعبد، لأن انقاد النفس لما تعلم فائدته أسهل من انقيادها لما لا تعلم فائدته، وانقيادها لما لا تعلم فائدته أبلغ في التذلل والتعبد لله عز وجل، مع أن هذا العمل مقرون بذكر، كل حصاة ترميها تقول: الله أكبر، مقرون أيضا بإتباع كل حصاة ترميها وأنت تشعر أنك متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على كل حال نقول: إن قصر المؤلف الحكيم على حكمة الصنعة قاصر بلا شك، فهو حكيم في صنعه وحكيم في شرعه تبارك وتعالى.
5 - التعليق على تفسير الجلالين في قوله تعالى : (( كذلك )) أي مثل ذلك الإيحاء (( يوحي إليك و )) أوحى (( إلى الذين من قبلك الله )) فاعل الإيحاء (( العزيز )) في ملكه (( الحكيم )) في صنعه . أستمع حفظ
الكلام على حكمة الله .
لابد أن نعرف ما هي الحكمة، يقول العلماء: إن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى إذا خلق شيئا أو شرع شيئا فإنه في مكانه اللائق به، ولهذا قال بعض السلف: " إن الله تعالى لم يأمر بشيء فيقول العقل ليته لم يأمر به ولم ينه عن شيء فيقول: العقل ليته لم ينه عنه " فكل ما ثبت بالشرع فإنه لا ينافي العقل، بل إن العقل يؤيد ويشهد بصحته، فالحكيم إذن هو واضع الأشياء مواضعها سواء الشرعية أو الكونية، فما أمر الله بشيء فقال العقل: ليته لم يأمر به وما نهى الله عن شيء فقال العلق: ليته لم ينه عنه، أما في الأمور الكونية فإن الله سبحانه وتعالى ربما يقدر أشياء تظنها فسادا فإذا بها تكون صلاحا وخيرا، قال الله تبارك وتعالى: (( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) فالله سبحانه وتعالى قد يقدر أشياء إذا نظر إليها الإنسان أول وهلة قال: هذه ما فيها فائدة، أو قال: هذه مضرة، لكن إذا تأمل وجد أن الحكمة تقتضي ذلك، نعم، وأنت أيها العبد إذا آمنت أن الله حكيم في شرعه وحكيم في خلقه فإنه لا يبقى لك شك في أن ما شرعه خير وما قدره خير، طيب.
وللحكيم معنى آخر غير الحكمة وهو الحاكم، لأن هذه المادة ح ك م تدل على المعنيين على الحكمة وعلى الحكم، فهو سبحانه وتعالى هو الحاكم يحكم في الناس ويحكم بين الناس، يحكم في الناس بما يلزمهم به من الأحكام الشرعية، ويحكم بين الناس فيما يختصمون فيه فهو الحاكم، وحكمه مبني على العدل التام، لا ظلم ولا جور لا بالنسبة لا يحكم به بين الناس ولا بالنسبة لما يحكم به في الناس، كله عدل كله خير، إذن الحكيم له معنى آخر وهو الحكم، الحكم ينقسم إلى حكم قدري وحكم شرعي، ولهذا إذا أصيب الإنسان بمصيبة قال: هذا حكم الله، هذا تعبير عامي، يعني القدري أو الشرعي ؟ القدري، لكن إذا قيل له: يجب عليك كذا وكذا قال: ليش يحب ؟ قال: هذا حكم الله الشرعي، وكلاهما في القرآن، فمن الأول أعني الحكم القدري قول الله تبارك وتعالى عن أخ يوسف: (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن الله أبي أو يحكم الله لي )) أي يقدر لي، لم يقل: يحكم في قال: (( أو يحكم الله لي )) فالحكم هنا قدري، ومثال الثاني الحكم الشرعي قول الله تبارك وتعالى حينما ذكر أحكام الكافرات اللاتي يأتين من الكفار إلى المؤمنين قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) حكم الله الشرعي أو الكوني ؟ الشرعي، طيب ما الفرق بين الحكم الشرعي والحكم القدري ؟ الفرق بينهما أن الحكم القدري يكون فيما يرضاه الله وفيما لا يرضاه الله، يسرق الرجل يزني يشرب الخمر، هذا من حكم الله القدري أو الشرعي ؟ القدري، وهذا لا يرضاه الله، يصلي الإنسان يتصدق يصوم يحج هذا حكم الله كوني أو شرعي ؟ هو قدري لكن يرضاه الله أو لا يرضاه الله ؟ يرضاه الله، إذن الحكم الكوني أو القدري إن شئت يكون فيما يرضاه الله ومالا يرضاه الله، أما الحكم الشرعي فلا يكون إلا فيما يرضاه الله، فلا يحرم الله شيئا إلا وهو يرضى ألا يكون، ولا يوجب شيئا إلا وهو يرضى أن يكون،
كذلك أيضا فرق آخر الحكم الكوني أو القدري والمعنى واحد لا بد من وقوعه، إذا حكم الله بشيء كونا لابد أن يقع، الحكم الشرعي قد يقع وقد لا يقع، هل كل الناس ملتزمون بأحكام الله الشرعية ؟ لا، فهذان فرقان بين الحكم الكوني والحكم الشرعي وكلاهما يتضمنه قوله تعالى: (( الحكيم )) .
وللحكيم معنى آخر غير الحكمة وهو الحاكم، لأن هذه المادة ح ك م تدل على المعنيين على الحكمة وعلى الحكم، فهو سبحانه وتعالى هو الحاكم يحكم في الناس ويحكم بين الناس، يحكم في الناس بما يلزمهم به من الأحكام الشرعية، ويحكم بين الناس فيما يختصمون فيه فهو الحاكم، وحكمه مبني على العدل التام، لا ظلم ولا جور لا بالنسبة لا يحكم به بين الناس ولا بالنسبة لما يحكم به في الناس، كله عدل كله خير، إذن الحكيم له معنى آخر وهو الحكم، الحكم ينقسم إلى حكم قدري وحكم شرعي، ولهذا إذا أصيب الإنسان بمصيبة قال: هذا حكم الله، هذا تعبير عامي، يعني القدري أو الشرعي ؟ القدري، لكن إذا قيل له: يجب عليك كذا وكذا قال: ليش يحب ؟ قال: هذا حكم الله الشرعي، وكلاهما في القرآن، فمن الأول أعني الحكم القدري قول الله تبارك وتعالى عن أخ يوسف: (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن الله أبي أو يحكم الله لي )) أي يقدر لي، لم يقل: يحكم في قال: (( أو يحكم الله لي )) فالحكم هنا قدري، ومثال الثاني الحكم الشرعي قول الله تبارك وتعالى حينما ذكر أحكام الكافرات اللاتي يأتين من الكفار إلى المؤمنين قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) حكم الله الشرعي أو الكوني ؟ الشرعي، طيب ما الفرق بين الحكم الشرعي والحكم القدري ؟ الفرق بينهما أن الحكم القدري يكون فيما يرضاه الله وفيما لا يرضاه الله، يسرق الرجل يزني يشرب الخمر، هذا من حكم الله القدري أو الشرعي ؟ القدري، وهذا لا يرضاه الله، يصلي الإنسان يتصدق يصوم يحج هذا حكم الله كوني أو شرعي ؟ هو قدري لكن يرضاه الله أو لا يرضاه الله ؟ يرضاه الله، إذن الحكم الكوني أو القدري إن شئت يكون فيما يرضاه الله ومالا يرضاه الله، أما الحكم الشرعي فلا يكون إلا فيما يرضاه الله، فلا يحرم الله شيئا إلا وهو يرضى ألا يكون، ولا يوجب شيئا إلا وهو يرضى أن يكون،
كذلك أيضا فرق آخر الحكم الكوني أو القدري والمعنى واحد لا بد من وقوعه، إذا حكم الله بشيء كونا لابد أن يقع، الحكم الشرعي قد يقع وقد لا يقع، هل كل الناس ملتزمون بأحكام الله الشرعية ؟ لا، فهذان فرقان بين الحكم الكوني والحكم الشرعي وكلاهما يتضمنه قوله تعالى: (( الحكيم )) .
فوائد قوله تعالى : (( كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم )) .
من فوائد الآيات بيان قدرة الله تبارك وتعالى حيث إن كلامه المنزل على نبيه من الحروف التي يتكلم بها الناس ويركبون منها كلامهم ومع ذلك أعجزهم، وجه الدلالة: (( حم عسق )) .
ومن فوائدها: إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (( يوحي إليك )) .
ومن فوائدها: إثبات النبوة في الأمم السابقة لقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) .
ومن فوائدها: إثبات هذين الاسمين لله عز وجل وهما: (( العزيز الحكيم )) واعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى لابد أن تتضمن شيئين:
الأول: ثبوت ذلك اسما لله تبارك وتعالى، فمثلا العزيز الآن نحن نشهد أن من أسماء الله العزيز كذلك نشهد أن من أسماء الله الحكيم.
والشيء الثاني مما تضمنه: الصفة التي دل عليها هذا الاسم، فمثلا العزيز دل على العزة والحكيم على الحكمة، لابد لكل اسم من هذين، قد يتضمن الاسم شيئا ثالثا: وهو الفعل المترتب على ذلك، وإن شئت فقل: الأثر المترتب على ذلك، فمثلا السميع يتضمن إثبات اسم السميع لله، صحيح، وإثبات السمع له، والصفة معنى زائد على الذات، والثالث: أنه يسمع كل شيء، طيب في الحكيم نقول كذلك: إثبات الحكيم اسما لله .
والثاني: إثبات الحكمة على أحد المعنيين، وإثبات الحكم على المعنى الآخر .
والثالث: أن الله سبحانه وتعالى يحكم بين العباد ويحكم في العباد .
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة كمال عزته وكمال حكمته لأن الله قرن بين العزيز الحكيم إشارة إلى أن عزته وغلبته مبنية على الحكمة.
ومن فوائدها: إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (( يوحي إليك )) .
ومن فوائدها: إثبات النبوة في الأمم السابقة لقوله: (( وإلى الذين من قبلك )) .
ومن فوائدها: إثبات هذين الاسمين لله عز وجل وهما: (( العزيز الحكيم )) واعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى لابد أن تتضمن شيئين:
الأول: ثبوت ذلك اسما لله تبارك وتعالى، فمثلا العزيز الآن نحن نشهد أن من أسماء الله العزيز كذلك نشهد أن من أسماء الله الحكيم.
والشيء الثاني مما تضمنه: الصفة التي دل عليها هذا الاسم، فمثلا العزيز دل على العزة والحكيم على الحكمة، لابد لكل اسم من هذين، قد يتضمن الاسم شيئا ثالثا: وهو الفعل المترتب على ذلك، وإن شئت فقل: الأثر المترتب على ذلك، فمثلا السميع يتضمن إثبات اسم السميع لله، صحيح، وإثبات السمع له، والصفة معنى زائد على الذات، والثالث: أنه يسمع كل شيء، طيب في الحكيم نقول كذلك: إثبات الحكيم اسما لله .
والثاني: إثبات الحكمة على أحد المعنيين، وإثبات الحكم على المعنى الآخر .
والثالث: أن الله سبحانه وتعالى يحكم بين العباد ويحكم في العباد .
ومن فوائد هذه الآيات الكريمة كمال عزته وكمال حكمته لأن الله قرن بين العزيز الحكيم إشارة إلى أن عزته وغلبته مبنية على الحكمة.
اضيفت في - 2011-05-25