تفسير سورة الشورى-04a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة بيان اختلاف الفرق الإسلامية في فهم هذه الآية : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) .
والأشاعرة هم أكثر الناس انتشارا في البلاد الإسلامية، ولهذا يجب أن نعرف مذهبهم تماما ونعرف الرد عليهم حتى يتقلص هذا المذهب أو يزول بالكلية، ونسأل الله تعالى أن يزيله إلى الحق، يقولون : نثبت هذه الصفات السبع وغيرها لا، ولذلك يقولون في استعمالهم للنصوص ما سوى هذا: إما أن نفوضه ونقول: لا ندري معناه، وإما أن نؤوله ونحن نسمي تأويلهم تحريفا لأن التأويل الذي لا دليل عليه تحريف، طيب وفي ذلك يقول ناظم عقيدتهم : " وكل نص أوهم التشبيه أوله أو فوض ورم تنزيها " والله عجيب، إن فوضناه أو أولناه بمعنى التحريف فإننا لم نرم التنزيه بل وقعنا في العيب، وجهه لأن إذا قلنا : لا نعلم هذا المعنى، لا نعلم معنى، فهذا يعني أن الله أنزل علينا كتابا مجهولا لا يدرى معناه، وليته لا يدرى معناه في أمور تتعلق بفعل العبد كالصلاة والطهارة في العقيدة، وإن حرفناه وقعنا أيضا في بلاء في اتهام الله عز وجل أنه لم يبين لعباده إلا ما كان خلاف الحق، وكلاهما شيء كبير، حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله يقول : إن قول أهل التفويض من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، وأنه هو الذي فتح للفلاسفة القدح في الدين وقالوا : إذا كنتم لا تعرفون المعنى وأنتم عجم بالنسبة للقرآن العربي نحن نعرف، وصاروا يخبطون خبط عشواء.
الآن نعود إلى مذهب الأشاعرة يثبتون لله سبع صفات: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، ومع ذلك إثباتهم لها ليس كإثبات أهل السنة والجماعة، نضرب مثلا بالكلام، الكلام يقولون : الله عز وجل ما هو يتكلم بصوت مسموع أبدا، وإنما كلامه هو المعنى القائم بنفسه، وما يسمعه العباد فإنما هو عبارة عن الكلام مخلوق، فلما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( إني فرضت عليك خمسين صلاة ) بهذا اللفظ أو معناه، الله ما قاله، لأن الكلام هو المعنى القائم بنفسه، لكن خلق أصواتا سمعها النبي صلى الله عليه وسلم تعبر عما في نفسه، سبحان الله الآن لو تفكرنا لوجدنا قولهم هذا أخبث من قول الجهمية، ليش ؟ الجهمية عندهم صراحة قالوا : كلام الله مخلوق ومسموع لكنه مخلوق، هؤلاء قالوا : كلام الله غير مخلوق لكنه غير مسموع، هو المعنى القائم بنفسه ويخلق أصواتا تسمع تعبر عما في نفسه، أيهم أصرح ؟ الجهمية، ما بين أيدينا القرآن هذا، الجهمية يقولون : هذا كلام الله حقيقة لكنه مخلوق، الأشاعرة يقولون : لا، هذا ما هو كلام الله حقيقة، هذا عبارة عن كلام الله، وكلام الله هو المعنى القائم بالنفس، أيهم أحسن ؟ الأول، وكلاهما غير حسن، لكن نحن نقول أحسن كما قال الله عز وجل : (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقر )) مع أنه ما فيه خير مستقر أهل النار، على كل حال الأشعرية أثبتوا سبع صفات قيل لهم: ما هو الدليل على إثبات الصفات السبع ونكر ما سواها ؟ قالوا : الدليل العقل، العقل دل على إثبات هذه الصفات ولم يدل على إثبات غيرها، إذن حكموا العقل فيما يثبتون لله ولم يحكموا الله فيما يثبت لنفسه، وهذا عدوان في حق الله عز وجل، من الذي يحكم على نفسه لنفسه ؟ الله عز وجل، أنتم تحكمون على الله قالوا : الله خاطبنا ولنا عقول لابد أن نعمل العقول، قلنا : طيب، أعطونا دليلا عقليا على هذه الصفات السبع، قالوا : نعم نعطيكم أدلة عقلية، الإيجاد يدل على القدرة، لأن العاجز لا يوجد شيئا، ومعلوم أننا نرى المخلوقات تتواجد شيئا فشيئا، قالوا: إيجادها يدل على القدرة، طيب المخلوقات الكائنة بعضها إنسان وبعضها حصان وبعضها جمل وبعضها شمس وبعضها قمر وبعضها سماء وبعضها أرض، هذا التخصيص يدل على الإرادة، لولا الإرادة ما صار هذا كذا وهذا كذا، إذن أثبتنا الإرادة والقدرة، هذه المخلوقات محكمة متقنة ما فيها تناقض ولا تصادم، لم نرى الشمس يوما من الأيام اصطدمت بالأرض أو بالقمر أو بالنجوم، محكم متقن يدل على العلم، إذن ثبت ثلاث صفات عن طريق العقل: وهي العلم والإرادة والقدرة، قالوا: وهذه الصفات لا يمكن أن تقوم إلا بحي، فثبتت بذلك صفة الحياة، قالوا: والحي إما أن يكون سميعا بصيرا متكلما، أو أصم أعمى أخرس، والأول كمال والثاني: نقص والله تعالى منزه عن النقص، فوجب أن يكون سميعا بصيرا متكلما، فنحن قد نوافقهم على هذا ونقول: العقل دل على ذلك، لكن ما سوى هذه دل عليها الشرع ونحن نتنزل معهم إلى آخر شيء، نقول: ما سوى ذلك دل عليه الشرع، ومن المعلوم أن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول، لأن الأدلة قد تتعدد على مدلول واحد، فإذا قدرنا أن العقل لم يدل على الصفات التي أثبتها الله لنفسه سوى السبع فقد دل عليها الشرع، والشرع يثبت بدليل واحد وبدليلين وبثلاثة المهم أن يكون له دليل، هذه واحدة، هذا جواب، جواب آخر أن نمنع من كون العقل لم يدل على بقية الصفات ونقول : بقية الصفات منها ما دل عليه العقل ومنها ما دل عليه السمع فقط، فمثلا إنزال المطر إنبات النبات رفع الوباء بسط الرزق، ممن هذا ؟ من الله عز وجل، ماذا يدل عليه هذا ؟ يدل على الرحمة دلالة واضحة أقوى من دلالة التخصيص على الإرادة، لأن دلالة التخصيص على الإرادة لا يفهمه إلا ذاك إلا طالب العلم المختص، حتى طالبة العلم أحيانا ننشب نحن وإياهم، يقول: كيف دلت التخصيص على الإرادة ؟ لكن كون هذه الأمور النافعة، حصول النعم واندفاع النقم تدل على الرحمة، هل هو خفي أو واضح ؟ واضح، حتى العامي، العامي يخرج من بيته في الصباح وقد جاء المطر في الليل فيقول : مطرنا بفضل الله ورحمته وهو عامي فنقول لهم : الآن ما نفيتموه زاعمين أن العقل لا يدل عليه فلنا عنه جوابان :
الجواب الأول أننا لا نسلم أن العقل لا يدل عليه، بل نقول : إن العقل يدل عليه وإن كان لا يدل على كل صفة لكن بالجملة .
ثانيا : أن نقول : هب أن العقل لا يدل عليه لكن دل عليه السمع القرآن والسنة، ولا يلزم من انتفاء دلالة العقل أن لا يثبت الشيء بدليل آخر، لأن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول، وهذه قاعدة مفيدة وأضرب لكم ذلك بشيء محسوس، مكة كم لها من طريق ؟ طرق متعددة، فإذا قدر أن هذا الطريق يمتنع السير معه لوجود قطاع طريق أو وجود أمطار أفسدته أو ما شابه ذلك، ألا يمكن أن نصل إلى مكة من طريق آخر ؟ بلى، هكذا المعاني، إذا انتفى دليل من الأدلة لكن وجدنا دليل آخر هل ننكر هذا المدلول لأن أحد الأدلة غير قائم ؟ لا، ما دام هذا الدليل غير قائم فهناك دليل آخر.
ولذلك هدى الله أهل السنة والجماعة إلى القول الوسط لا تمثيل ولا تعطيل قالوا : نثبت لله عز وجل جميع ما وصف به نفسه في القرآن أو فيما صحت به السنة، لاحظوا لا بد هذا القيد بالنسبة للسنة فيما صحت به السنة، لأن من الأحاديث ما هو ضعيف أو موضوع ، القرآن لا تقل : ما صح في القرآن لأن كله صحيح، في السنة لابد أن تقيد أو ما صحت به السنة، نثبت كل صفة ولا نتحاشى ولا نتهيب، إذا كان الله عز وجل أثبت لنفسه يدا وقال : (( بل يداه مبسوطتان )) هل علينا أن نتهيب من إثبات اليد بل هل لنا أن نتهيب ؟ لا يجوز أبدا، بل الهيبة أن نخالف، أثبت اليد ولا تبالي، أثبت ربك لنفسه وجها تتهيب من إثبات الوجه ؟ لا، التهيب حقيقة من نفي الوجه، أما ما أثبته الله فيجب أن نثبته لكن على هذه القاعدة: ليس كمثله شيء، فنقول : لله وجه وليس كوجه المخلوق، يقينا أنه ليس كأوجه المخلوقين، فإن قال قائل : ما دليلك ؟ لماذا لا تحمل الوجه على الوجه المعروف ؟ دليله: (( ليس كمثله شيء )).
أثبت الله تعالى أنه يأتي يوم القيامة: (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) أتتهيب أن تصف الله بالمجيء ؟ لا، ما نتهيب نقول : نصف الله بالمجيء، لكن هل هو كمجيء الملك على فرس أو سيارة أو ما أشبه ذلك ؟ لا، يقينا ليس كذلك، لكنه مجيء يليق بجلاله، أثبت الله لنفسه أنه استوى على العرش في عدة مواضع من القرآن تبلغ سبعة بهذا اللفظ: (( استوى على العرش )) هل تتهيب أن تثبت ذلك لله ؟ لا، بل هو مستو حقيقة، أتهيب أن أقول : (( استوى )) بمعنى استولى، لأن استوى بمعنى استولى تحريف للكلم على مواضعه، لكنني أؤمن إيمانا لا شك فيه أن هذا الاستواء لا يماثل استواء المخلوقين في أي حال من الأحوال، استوائي على الفك أو على البعير لو أزيل ما استويت عليه لسقطت لا شك، لكن استواء الله على العرش ليس كذلك، ليس استواء احتياج إلى العرش، لأن الله غني عن العرش وعن غيره، لكنه استواء عظمة وسلطان، حققوا العقيدة لا تغركم الأوهام، وما ذنب الإنسان إذا قال : أنا أؤمن بكل ما أثبته لنفسه ؟ ليس ذنبا، بل هذا حقيقة الانقياد والاستسلام لله عز وجل، لكن يجب شيء واحد وهو أن تؤمن بأنه لا مثيل له، لأن الله قال: (( لا تضربوا لله الأمثال )) وقال : (( ليس كمثله شيء )) (( ولا تجعلوا لله أندادا )) وأشبه ذلك، وأنت لا تعلم الغيب، الله عز وجل هو الذي يعلم وهو أخبرك عن نفسه بكذا فقل : آمنا وصدقنا.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن المعطلة أقسام : قسم عطلوا البعض، وقسم عطلوا الصفة دون الاسم، وقسم عطلوا الصفة والاسم نفيا لا إثباتا، يعني بمعنى قالوا : لا نصف الله بشيء ثابت لكن نصفه بالنفي، وقسم قالوا : لا نصفه لا بالنفي ولا بالإثبات، إن وصفناه بثابت شبهناه بالموجودات وإن وصفناه بمنفي شبهناه بالمعدومات.
الآن نعود إلى مذهب الأشاعرة يثبتون لله سبع صفات: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، ومع ذلك إثباتهم لها ليس كإثبات أهل السنة والجماعة، نضرب مثلا بالكلام، الكلام يقولون : الله عز وجل ما هو يتكلم بصوت مسموع أبدا، وإنما كلامه هو المعنى القائم بنفسه، وما يسمعه العباد فإنما هو عبارة عن الكلام مخلوق، فلما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( إني فرضت عليك خمسين صلاة ) بهذا اللفظ أو معناه، الله ما قاله، لأن الكلام هو المعنى القائم بنفسه، لكن خلق أصواتا سمعها النبي صلى الله عليه وسلم تعبر عما في نفسه، سبحان الله الآن لو تفكرنا لوجدنا قولهم هذا أخبث من قول الجهمية، ليش ؟ الجهمية عندهم صراحة قالوا : كلام الله مخلوق ومسموع لكنه مخلوق، هؤلاء قالوا : كلام الله غير مخلوق لكنه غير مسموع، هو المعنى القائم بنفسه ويخلق أصواتا تسمع تعبر عما في نفسه، أيهم أصرح ؟ الجهمية، ما بين أيدينا القرآن هذا، الجهمية يقولون : هذا كلام الله حقيقة لكنه مخلوق، الأشاعرة يقولون : لا، هذا ما هو كلام الله حقيقة، هذا عبارة عن كلام الله، وكلام الله هو المعنى القائم بالنفس، أيهم أحسن ؟ الأول، وكلاهما غير حسن، لكن نحن نقول أحسن كما قال الله عز وجل : (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقر )) مع أنه ما فيه خير مستقر أهل النار، على كل حال الأشعرية أثبتوا سبع صفات قيل لهم: ما هو الدليل على إثبات الصفات السبع ونكر ما سواها ؟ قالوا : الدليل العقل، العقل دل على إثبات هذه الصفات ولم يدل على إثبات غيرها، إذن حكموا العقل فيما يثبتون لله ولم يحكموا الله فيما يثبت لنفسه، وهذا عدوان في حق الله عز وجل، من الذي يحكم على نفسه لنفسه ؟ الله عز وجل، أنتم تحكمون على الله قالوا : الله خاطبنا ولنا عقول لابد أن نعمل العقول، قلنا : طيب، أعطونا دليلا عقليا على هذه الصفات السبع، قالوا : نعم نعطيكم أدلة عقلية، الإيجاد يدل على القدرة، لأن العاجز لا يوجد شيئا، ومعلوم أننا نرى المخلوقات تتواجد شيئا فشيئا، قالوا: إيجادها يدل على القدرة، طيب المخلوقات الكائنة بعضها إنسان وبعضها حصان وبعضها جمل وبعضها شمس وبعضها قمر وبعضها سماء وبعضها أرض، هذا التخصيص يدل على الإرادة، لولا الإرادة ما صار هذا كذا وهذا كذا، إذن أثبتنا الإرادة والقدرة، هذه المخلوقات محكمة متقنة ما فيها تناقض ولا تصادم، لم نرى الشمس يوما من الأيام اصطدمت بالأرض أو بالقمر أو بالنجوم، محكم متقن يدل على العلم، إذن ثبت ثلاث صفات عن طريق العقل: وهي العلم والإرادة والقدرة، قالوا: وهذه الصفات لا يمكن أن تقوم إلا بحي، فثبتت بذلك صفة الحياة، قالوا: والحي إما أن يكون سميعا بصيرا متكلما، أو أصم أعمى أخرس، والأول كمال والثاني: نقص والله تعالى منزه عن النقص، فوجب أن يكون سميعا بصيرا متكلما، فنحن قد نوافقهم على هذا ونقول: العقل دل على ذلك، لكن ما سوى هذه دل عليها الشرع ونحن نتنزل معهم إلى آخر شيء، نقول: ما سوى ذلك دل عليه الشرع، ومن المعلوم أن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول، لأن الأدلة قد تتعدد على مدلول واحد، فإذا قدرنا أن العقل لم يدل على الصفات التي أثبتها الله لنفسه سوى السبع فقد دل عليها الشرع، والشرع يثبت بدليل واحد وبدليلين وبثلاثة المهم أن يكون له دليل، هذه واحدة، هذا جواب، جواب آخر أن نمنع من كون العقل لم يدل على بقية الصفات ونقول : بقية الصفات منها ما دل عليه العقل ومنها ما دل عليه السمع فقط، فمثلا إنزال المطر إنبات النبات رفع الوباء بسط الرزق، ممن هذا ؟ من الله عز وجل، ماذا يدل عليه هذا ؟ يدل على الرحمة دلالة واضحة أقوى من دلالة التخصيص على الإرادة، لأن دلالة التخصيص على الإرادة لا يفهمه إلا ذاك إلا طالب العلم المختص، حتى طالبة العلم أحيانا ننشب نحن وإياهم، يقول: كيف دلت التخصيص على الإرادة ؟ لكن كون هذه الأمور النافعة، حصول النعم واندفاع النقم تدل على الرحمة، هل هو خفي أو واضح ؟ واضح، حتى العامي، العامي يخرج من بيته في الصباح وقد جاء المطر في الليل فيقول : مطرنا بفضل الله ورحمته وهو عامي فنقول لهم : الآن ما نفيتموه زاعمين أن العقل لا يدل عليه فلنا عنه جوابان :
الجواب الأول أننا لا نسلم أن العقل لا يدل عليه، بل نقول : إن العقل يدل عليه وإن كان لا يدل على كل صفة لكن بالجملة .
ثانيا : أن نقول : هب أن العقل لا يدل عليه لكن دل عليه السمع القرآن والسنة، ولا يلزم من انتفاء دلالة العقل أن لا يثبت الشيء بدليل آخر، لأن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول، وهذه قاعدة مفيدة وأضرب لكم ذلك بشيء محسوس، مكة كم لها من طريق ؟ طرق متعددة، فإذا قدر أن هذا الطريق يمتنع السير معه لوجود قطاع طريق أو وجود أمطار أفسدته أو ما شابه ذلك، ألا يمكن أن نصل إلى مكة من طريق آخر ؟ بلى، هكذا المعاني، إذا انتفى دليل من الأدلة لكن وجدنا دليل آخر هل ننكر هذا المدلول لأن أحد الأدلة غير قائم ؟ لا، ما دام هذا الدليل غير قائم فهناك دليل آخر.
ولذلك هدى الله أهل السنة والجماعة إلى القول الوسط لا تمثيل ولا تعطيل قالوا : نثبت لله عز وجل جميع ما وصف به نفسه في القرآن أو فيما صحت به السنة، لاحظوا لا بد هذا القيد بالنسبة للسنة فيما صحت به السنة، لأن من الأحاديث ما هو ضعيف أو موضوع ، القرآن لا تقل : ما صح في القرآن لأن كله صحيح، في السنة لابد أن تقيد أو ما صحت به السنة، نثبت كل صفة ولا نتحاشى ولا نتهيب، إذا كان الله عز وجل أثبت لنفسه يدا وقال : (( بل يداه مبسوطتان )) هل علينا أن نتهيب من إثبات اليد بل هل لنا أن نتهيب ؟ لا يجوز أبدا، بل الهيبة أن نخالف، أثبت اليد ولا تبالي، أثبت ربك لنفسه وجها تتهيب من إثبات الوجه ؟ لا، التهيب حقيقة من نفي الوجه، أما ما أثبته الله فيجب أن نثبته لكن على هذه القاعدة: ليس كمثله شيء، فنقول : لله وجه وليس كوجه المخلوق، يقينا أنه ليس كأوجه المخلوقين، فإن قال قائل : ما دليلك ؟ لماذا لا تحمل الوجه على الوجه المعروف ؟ دليله: (( ليس كمثله شيء )).
أثبت الله تعالى أنه يأتي يوم القيامة: (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) أتتهيب أن تصف الله بالمجيء ؟ لا، ما نتهيب نقول : نصف الله بالمجيء، لكن هل هو كمجيء الملك على فرس أو سيارة أو ما أشبه ذلك ؟ لا، يقينا ليس كذلك، لكنه مجيء يليق بجلاله، أثبت الله لنفسه أنه استوى على العرش في عدة مواضع من القرآن تبلغ سبعة بهذا اللفظ: (( استوى على العرش )) هل تتهيب أن تثبت ذلك لله ؟ لا، بل هو مستو حقيقة، أتهيب أن أقول : (( استوى )) بمعنى استولى، لأن استوى بمعنى استولى تحريف للكلم على مواضعه، لكنني أؤمن إيمانا لا شك فيه أن هذا الاستواء لا يماثل استواء المخلوقين في أي حال من الأحوال، استوائي على الفك أو على البعير لو أزيل ما استويت عليه لسقطت لا شك، لكن استواء الله على العرش ليس كذلك، ليس استواء احتياج إلى العرش، لأن الله غني عن العرش وعن غيره، لكنه استواء عظمة وسلطان، حققوا العقيدة لا تغركم الأوهام، وما ذنب الإنسان إذا قال : أنا أؤمن بكل ما أثبته لنفسه ؟ ليس ذنبا، بل هذا حقيقة الانقياد والاستسلام لله عز وجل، لكن يجب شيء واحد وهو أن تؤمن بأنه لا مثيل له، لأن الله قال: (( لا تضربوا لله الأمثال )) وقال : (( ليس كمثله شيء )) (( ولا تجعلوا لله أندادا )) وأشبه ذلك، وأنت لا تعلم الغيب، الله عز وجل هو الذي يعلم وهو أخبرك عن نفسه بكذا فقل : آمنا وصدقنا.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن المعطلة أقسام : قسم عطلوا البعض، وقسم عطلوا الصفة دون الاسم، وقسم عطلوا الصفة والاسم نفيا لا إثباتا، يعني بمعنى قالوا : لا نصف الله بشيء ثابت لكن نصفه بالنفي، وقسم قالوا : لا نصفه لا بالنفي ولا بالإثبات، إن وصفناه بثابت شبهناه بالموجودات وإن وصفناه بمنفي شبهناه بالمعدومات.
1 - تتمة بيان اختلاف الفرق الإسلامية في فهم هذه الآية : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) . أستمع حفظ
تتمة تفسير قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) .
طيب قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) نرى في بعض الكتب: " إن الله لا شبيه له " فهل هذا التعبير يماثل قولنا : إن الله لا مثل له ؟ لا، ولهذا التعبير بقولنا : نؤمن بإثبات ذلك بلا تمثيل خير من التعبير بقولنا : نثبت ذلك بلا تشبيه مع أننا نرى أكثر الكتب التي بأيدينا أنهم يقولون: بلا تشبيه، لكن هذا نقص، التعبير بلا تمثيل أولى، أولا: لأنه تعبير القرآن وكلما أمكنك أن تعبر بالقرآن أو السنة عن المعاني التي تريد فهو أولى .
ثانيا : أن التشبيه عند قوم يعنون به إثبات الصفات ويقولون : كل من أثبت لله صفة فهو مشبه فإذا قلت : أنت بلا تشبيه وكان هذا المخاطب لا يفهم من التشبيه إلا الإثبات فهم منك أنك لا تثبت شيئا، ثم إن التشبه أيضا له احتمالات، إن نفيت التشبيه من كل وجه فهذا لا يمكن، لأنه لابد أن يشترك الخالق والمخلوق في أصل الصفة، فالحياة مثلا عندنا حياة والله تعالى حي، أصل الحياة موجود، لكن المنفي أن تكون حياتنا مماثلة لحياة الله، السمع موجود فينا وموجود عند الله عز وجل، فإن الله تعالى سميع، فلابد من اشتراك في الأصل، وجودنا نحن موجودون والرب عز وجل كذلك واجب الوجود، وهلم جرا، فصار التعبير بنفي التمثيل أولى من التعبير بنفي التشبيه.
طيب قال تعالى : (( وهو السميع البصير )) هذا رد على من ؟ المعطلة، والجملة الأولى: (( ليس كمثله شيء )) على الممثلة، السميع أي ذو السمع وسمع الله عز وجل له معنيان :
المعنى الأول : الاستجابة كقوله تعالى : (( إن ربي لسميع الدعاء )) معنى سميع أي مستجيب، وليس المراد أنه يسمعه فقط لأن مجرد كونه يسمعه ولا يستجيب قليل الفائدة، لكن: (( إن ربي لسميع الدعاء )) أي مستجيبه، واستجابته إياه تستلزم سماعه لا شك، ومن ذلك أيضا، أي من كون السماع بمعنى الاستجابة، قول المصلي : " سمع الله لمن حمد " يعني أنه سمع صوته أو استجاب له ؟ استجاب له، لأن كما قلت لكم : مجرد سماع الصوت لا يفيد شيئا بالنسبة للداعي، ولهذا لو قال لك إنسان : يا فلان أرجوا أن تساعدني تقول : أسمع، يعني أسمع بأذني، هل يستفيد من هذا أو لا يستفيد ؟ لا يستفيد، لأنه سيقول لك : إذا كنت تسمع أعطني، فصار كل ما أضيف للدعاء من السمع فمعناه الاستجابة طيب .
النوع الثاني من السمع : إدراك المسموعات، بمعنى أنه لا يخفى على الله أي صوت، قرب أم بعد خفي أم بان، فإن الله يسمع كل شيء، أرأيتم قوله تعالى : (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ))[المجادلة:1] أين الله ؟ في السماء على العرش، وأين المكان الذي كانت هذه تشتكي فيه ؟ في الأرض، تقول عائشة رضي الله عنها : " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد كانت تجادل الرسول عليه الصلاة والسلام وإني لفي الحجرة يخفى علي بعض حديثها " وهي في الحجرة، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء، سمع المجادلة وسمع التحاور وأنزل حل المشكلة، إذا سمع بمعنى سمع الإدراك شامل لكل صوت، ثم هذا السمع إما أن يكون للتأييد أو للتهديد أو للإحاطة، ثلاثة أقسام : إما أن يكون للتأييد أو للتهديد أو للإحاطة، التأييد مثل قوله تبارك وتعالى لموسى وهارون : (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) هذا لماذا قال الله عز وجل : (( أسمع وأرى )) ؟ تأييدا لهما، يعني أسمع ما تقولان وما يقال لكما، والأمر أمره عز وجل، هذا سماع يراد به التأييد .
الثاني : ما يراد به التهديد مثل قول الله تبارك وتعالى : (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) ما المراد بهذه الآية ؟ ليس المراد مجرد أن الله يخبر أنه يسمع سرهم ونجواهم، المراد بذلك التهديد، ونظير هذا قوله تعالى : (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) هذا تهديد بدليل قوله : (( سنكتب ما قالوا )) فهذا تهديد،
الإحاطة: أن يخبر مثل: (( وهو السميع البصير )) إخبار بأنه تعالى محيط بكل شيء سمعا، وكما في قصة المجادلة فإن الله تعالى أخبر بذلك ليعلمنا أنه محيط بها، أعود مرة ثانية في السمع، ينقسم إلى سمع بمعنى الاستجابة وسمع بمعنى إدراك المسموع، الأول مثاله قوله تعالى : (( إن ربي لسميع الدعاء )) وقول المصلي : " سمع الله لمن حمد ".
والثاني ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول ما يراد به التأييد .
والثاني : ما يراد به التهديد .
والثالث : ما يراد به الإحاطة، وعرفتم الأمثلة.
طيب: (( البصير )) لها معنيان :
المعنى الأول : إدراك الشيء بالبصر .
والثاني : العلم، فهنا: (( البصير )) تشمل المعنيين، فبصر الله تعالى محيط بكل شيء لا يخفى عليه، والدليل على أن بصير تتضمن البصر قوله في الحديث الصحيح : ( حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه من انتهى إليه بصره من خلقه ) يعني لأحرقت كل شيء، لأن بصر الله ينتهي إلى كل شيء، فالمعنى لأحرقت هذه السبحات، والسبحات هي البهاء والعظمة كل شيء لا إله إلا الله.
بصير بمعنى عليم مثل قوله تعالى : (( بصير بما تعملون )) ومعلوم أنا نعمل أشياء لا ترى، في قلوبنا أشياء لا ترى والله يعلمها، فإذا البصير من أسماء الله عز وجل أي ذو البصر، وله معنيان: بصير بمعنى إدراك المرئيات ببصره.
والثاني : بمعنى العليم.
إخوتنا إذا سمعتم أسماء الله وصفاته فليس المقصود أن نعلم المعنى فقط، بل أن نتعبد لله بها، فإذا علمنا أنه سميع أوجب لنا أن نخاف من قول يغضب الله لأن الله يسمع، إذا علمنا أنه بصير أوجب لنا أن نحذر من كل فعل يغضب الله، لأن الله تعالى يبصره ويراه، ففي هذه الأسماء التي يخبرنا الله بها تربية للإنسان أن يحذر الله عز وجل من أن يخالفه بقول أو فعل.
(( ليس كمثله شيء هو السميع البصير )) ولعلنا أشبعنا الكلام في هذا، وأهم شيء أن تبني عقيدتك على أمرين : إثبات ما أثبته الله لنفسه في القرآن أو السنة .
والثاني: نفي المماثلة أنه لا مثيل له.
ثانيا : أن التشبيه عند قوم يعنون به إثبات الصفات ويقولون : كل من أثبت لله صفة فهو مشبه فإذا قلت : أنت بلا تشبيه وكان هذا المخاطب لا يفهم من التشبيه إلا الإثبات فهم منك أنك لا تثبت شيئا، ثم إن التشبه أيضا له احتمالات، إن نفيت التشبيه من كل وجه فهذا لا يمكن، لأنه لابد أن يشترك الخالق والمخلوق في أصل الصفة، فالحياة مثلا عندنا حياة والله تعالى حي، أصل الحياة موجود، لكن المنفي أن تكون حياتنا مماثلة لحياة الله، السمع موجود فينا وموجود عند الله عز وجل، فإن الله تعالى سميع، فلابد من اشتراك في الأصل، وجودنا نحن موجودون والرب عز وجل كذلك واجب الوجود، وهلم جرا، فصار التعبير بنفي التمثيل أولى من التعبير بنفي التشبيه.
طيب قال تعالى : (( وهو السميع البصير )) هذا رد على من ؟ المعطلة، والجملة الأولى: (( ليس كمثله شيء )) على الممثلة، السميع أي ذو السمع وسمع الله عز وجل له معنيان :
المعنى الأول : الاستجابة كقوله تعالى : (( إن ربي لسميع الدعاء )) معنى سميع أي مستجيب، وليس المراد أنه يسمعه فقط لأن مجرد كونه يسمعه ولا يستجيب قليل الفائدة، لكن: (( إن ربي لسميع الدعاء )) أي مستجيبه، واستجابته إياه تستلزم سماعه لا شك، ومن ذلك أيضا، أي من كون السماع بمعنى الاستجابة، قول المصلي : " سمع الله لمن حمد " يعني أنه سمع صوته أو استجاب له ؟ استجاب له، لأن كما قلت لكم : مجرد سماع الصوت لا يفيد شيئا بالنسبة للداعي، ولهذا لو قال لك إنسان : يا فلان أرجوا أن تساعدني تقول : أسمع، يعني أسمع بأذني، هل يستفيد من هذا أو لا يستفيد ؟ لا يستفيد، لأنه سيقول لك : إذا كنت تسمع أعطني، فصار كل ما أضيف للدعاء من السمع فمعناه الاستجابة طيب .
النوع الثاني من السمع : إدراك المسموعات، بمعنى أنه لا يخفى على الله أي صوت، قرب أم بعد خفي أم بان، فإن الله يسمع كل شيء، أرأيتم قوله تعالى : (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ))[المجادلة:1] أين الله ؟ في السماء على العرش، وأين المكان الذي كانت هذه تشتكي فيه ؟ في الأرض، تقول عائشة رضي الله عنها : " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد كانت تجادل الرسول عليه الصلاة والسلام وإني لفي الحجرة يخفى علي بعض حديثها " وهي في الحجرة، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء، سمع المجادلة وسمع التحاور وأنزل حل المشكلة، إذا سمع بمعنى سمع الإدراك شامل لكل صوت، ثم هذا السمع إما أن يكون للتأييد أو للتهديد أو للإحاطة، ثلاثة أقسام : إما أن يكون للتأييد أو للتهديد أو للإحاطة، التأييد مثل قوله تبارك وتعالى لموسى وهارون : (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) هذا لماذا قال الله عز وجل : (( أسمع وأرى )) ؟ تأييدا لهما، يعني أسمع ما تقولان وما يقال لكما، والأمر أمره عز وجل، هذا سماع يراد به التأييد .
الثاني : ما يراد به التهديد مثل قول الله تبارك وتعالى : (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) ما المراد بهذه الآية ؟ ليس المراد مجرد أن الله يخبر أنه يسمع سرهم ونجواهم، المراد بذلك التهديد، ونظير هذا قوله تعالى : (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) هذا تهديد بدليل قوله : (( سنكتب ما قالوا )) فهذا تهديد،
الإحاطة: أن يخبر مثل: (( وهو السميع البصير )) إخبار بأنه تعالى محيط بكل شيء سمعا، وكما في قصة المجادلة فإن الله تعالى أخبر بذلك ليعلمنا أنه محيط بها، أعود مرة ثانية في السمع، ينقسم إلى سمع بمعنى الاستجابة وسمع بمعنى إدراك المسموع، الأول مثاله قوله تعالى : (( إن ربي لسميع الدعاء )) وقول المصلي : " سمع الله لمن حمد ".
والثاني ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول ما يراد به التأييد .
والثاني : ما يراد به التهديد .
والثالث : ما يراد به الإحاطة، وعرفتم الأمثلة.
طيب: (( البصير )) لها معنيان :
المعنى الأول : إدراك الشيء بالبصر .
والثاني : العلم، فهنا: (( البصير )) تشمل المعنيين، فبصر الله تعالى محيط بكل شيء لا يخفى عليه، والدليل على أن بصير تتضمن البصر قوله في الحديث الصحيح : ( حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه من انتهى إليه بصره من خلقه ) يعني لأحرقت كل شيء، لأن بصر الله ينتهي إلى كل شيء، فالمعنى لأحرقت هذه السبحات، والسبحات هي البهاء والعظمة كل شيء لا إله إلا الله.
بصير بمعنى عليم مثل قوله تعالى : (( بصير بما تعملون )) ومعلوم أنا نعمل أشياء لا ترى، في قلوبنا أشياء لا ترى والله يعلمها، فإذا البصير من أسماء الله عز وجل أي ذو البصر، وله معنيان: بصير بمعنى إدراك المرئيات ببصره.
والثاني : بمعنى العليم.
إخوتنا إذا سمعتم أسماء الله وصفاته فليس المقصود أن نعلم المعنى فقط، بل أن نتعبد لله بها، فإذا علمنا أنه سميع أوجب لنا أن نخاف من قول يغضب الله لأن الله يسمع، إذا علمنا أنه بصير أوجب لنا أن نحذر من كل فعل يغضب الله، لأن الله تعالى يبصره ويراه، ففي هذه الأسماء التي يخبرنا الله بها تربية للإنسان أن يحذر الله عز وجل من أن يخالفه بقول أو فعل.
(( ليس كمثله شيء هو السميع البصير )) ولعلنا أشبعنا الكلام في هذا، وأهم شيء أن تبني عقيدتك على أمرين : إثبات ما أثبته الله لنفسه في القرآن أو السنة .
والثاني: نفي المماثلة أنه لا مثيل له.
الكلام على حكم التكييف في صفات الله تعالى .
بقي شيء آخر: هل علينا أن نكيف الصفة بدون أن لا تكون مماثلا ؟ الجواب: لا، لا يجوز أن نكيف الصفة لأن ا لله تعالى قال : (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) وقال عز وجل : (( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) [الأعراف:33] هل أنت علمت كيفية الله عز وجل، كيفية صفاته، لا، أنا أؤمن بأنه ينزل لكن لا أدري كيف ينزل، أؤمن بأنه استوى على العرش ولكن لا أدري كيف استوى، فالكيفية لا يجوز للإنسان أن يتخيلها، ولا يجوز أن ينطق بها، لأن الله أعظم من كل تخيل تتخيله، ولأنك لو تخيلت فإنك سوف تعبد صنما، لأن هذا المتخيل لابد أن يكون عندك تصور أنك تعبد هذا الذي تتخيله، فتكون من جنس الممثلين، وفي مقدمة النونية لابن القيم قال : " المعطل يعبد عدما والممثل يعبد صنما " إذا لا تتخيل الكيفية، ولهذا جاء في الأثر: ( تفكروا في آيات الله ولا تفكروا في ذات الله ) الآيات تفكر فيها، السماء والأرض النجوم البشر المخلوقات الأخرى تفكر فيها بقدر ما تستطيع لتستدل بها على الخالق عز وجل، لكن في ذات الله، لا، لا تتفكر، طيب هل لنا أن نتفكر في معاني أسماء الله وصفاته ؟ نعم، بل يجب أن نتفكر في المعنى، والمعنى غير الكيفية، سئل الإمام مالك رحمه الله قيل له يا أبا عبد الله: (( الرحمن على العرش استوى )) كيف استوى ؟ أتدرون ماذا حصل للإمام مالك ؟ قام يتصبب عرقا وأطرق رأسه حياء وخجلا، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، نحن تمر علينا هذه الكلمة مر الرياح لا تؤثر في القلوب شيئا، لكن أهل المعرفة بالله الذين هم أهله لابد أن يتأثروا، أطرق برأسه وقام يتصبب عرقا، ثم رفع رأسه وقال : " يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك ـ يعني ما أظنك ـ إلا مبتدعا " ثم أمر به فأخرج لا مقام له عندي، هؤلاء هم الرجال، فالمعاني معلومة ولا يمكن أن يخاطبنا الله عز وجل بما لا نعلم أبدا، لكن الكيفيات مجهولة، فإن قال قائل : كيف أتصور المعنى ولا أتصور الكيفية ؟ قلنا : هذا سهل، الآن لو أقول لك : فلان صعد على السطح، تعرف معنى صعد ؟ نعم، لكن هل تعرف كيف صعد مع أنه مثلك ؟ لا تعرف كيف صعد، يمكن صعد على يديه ورجليه، يمكن صعد بعربية، يمكن صعد محمولا، يمكن صعد يمشي على يديه، ما فيه ناس يمشون على أيديهم الآن ؟ شاهدنا من يمشي على يديه يا جماعة، من هذا الطرف إلى الطرف الآخر، ويمكن يمشي على رأسه ؟ هذه ما أظنه لأنه لا يمكن أن ينقز على الرأس، لكن على كل حال نحن الآن إذا قيل فلان : صعد على السطح، أنا أعرف معنى الصعود، لكن كيف صعد ؟ ما تدري، فإذا عقل المعنى دون الكيفية أمر واقع، فنحن نؤمن بأن الله عز وجل استوى على العرش لكن لا نكيف ذلك ولا ندري كيفيته، وما لا ندري كيفيته لا يجوز أن نتكلم فيه، كما قال الله عز وجل : (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )) أرجوا الله تعالى أن ينفع بهذا الكلام، لأنه كلام مهم جدا كلام في العقيدة، ولا يمكن أن يستريح الإنسان راحة نفسية ولا أن يتخلى على الشبهات إلا إذا لزم مذهب أهل السنة والجماعة، نثبت لله ما أثبته لنفسه وننفي ما نفاه عن نفسه، وإثباتنا إثبات تنزيه لا إثبات تمثيل، ونفينا نفي تنزيه لا نفي تعطيل، والله الموفق.
ما الفرق بين قول أن القرآن هو عبارة عن كلام الله وقول هو حكاية عن كلام الله .؟
السائل : ما الفرق بين قول القرآن عبارة عن كلام الله وحكاية، ما هو الفرق ؟
الشيخ : الفرق العبارة أنه لا علاقة بين ما في نفسه وما خلقه، قد يكون في نفسه شيء الآن ويخلقه بعد ساعة أو ساعتين، الحكاية كحكاية الصدى، الصدى الآن إذا كنت بين جبال وتكلمت يرد عليك، هذا يسمى حكاية، وهذا يلزم منه أن يكون ما يسمع في الحال.
الشيخ : الفرق العبارة أنه لا علاقة بين ما في نفسه وما خلقه، قد يكون في نفسه شيء الآن ويخلقه بعد ساعة أو ساعتين، الحكاية كحكاية الصدى، الصدى الآن إذا كنت بين جبال وتكلمت يرد عليك، هذا يسمى حكاية، وهذا يلزم منه أن يكون ما يسمع في الحال.
ما معنى قول بعض أهل السنة : " نؤمن بالصفات بلا كيف ولا معنى " .؟
... الشيخ : هذه العبارة للموفق رحمه الله في عقيدته، هي التي جاء بها الإمام أحمد، نفس الإمام أحمد فسر، قال: " نؤمن بذلك لا كيف ولا معنى " ومراده لا معنى: ما ذهب إليه أهل التحريف الذين يجعلون لآيات الصفات معنى يعينونه هم، لأنه قال : " لا كيف " ردا على الممثلة " ولا معنى " ردا على المعطلة، فالمراد بالمعنى الذي نفاه الإمام أحمد وتبعه ابن قدامة رحمه الله المراد به المعنى الذي ابتكره هؤلاء المعطلة .
كيف نرد على من يقول أن ظاهر آيات الصفات يقتضي التمثيل .؟
الطالب : كيف نرد على من يقول ظاهر آيات الصفات يقتضي التمثيل ... مع أن قوله : (( ليس كمثله شيء )) يمنع ذلك ؟
الشيخ : قل : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )).
الشيخ : قل : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )).
اضيفت في - 2011-05-25