تفسير سورة الشورى-07b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد قوله تعالى : (( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور )) .
هو قدح في القرآن لأنه على زعمهم كلام مفترى من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ولقد قالوا : (( إنما يعلمه بشر )) فقال الله تعالى: (( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ))، قدح في الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل أصدق الخلق في مقام المفتري على من ؟ على الله، والافتراء على الله أشد من الافتراء على غيره ولهذا قال عز وجل : (( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا )) .
ومن فوائد الآية : إثبات المشيئة لله عز وجل تؤخذ من قوله : (( فإن يشأ الله يختم )). وهل مشيئة الله مجردة عن الحكمة أو لا يشاء شيئا إلا لحكمة ؟ الثاني : لقول الله تعالى: (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما )) فبين أنه عز وجل له المشيئة التامة وأردف ذلك بقوله : (( إن الله كان عليما حكيما )) ليتبين أن مشيئة الله سبحانه وتعالى ليست مجرد مشيئة عبثا ولكن لحكمة .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم مربوب لله يفعل به ما شاء، تؤخذ من: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) نعم .
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن القلب محل الإدراك والعقل والتصرف لقوله : (( يختم على قلبك )) فدل هذا على أن مدار التصرف كله على القلب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الطبع على القلب عقوبة سواء كان طبعا على العلم أو طبعا على القصد والإرادة، فإنه عقوبة بلا شك، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك ) فالإنسان يجب ألا يعتمد على ما في قلبه من اليقين فإن هذا ربما يزول، بل عليه أن يسأل الله دائما التثبيت، يؤخذ من قوله : (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) .
من فوائد الآية الكريمة: حسن أدلة القرآن الكريم حيث استدل بأمر واضح على ما زعمه هؤلاء، وهو أنه لو شاء الله أن يفتري الرسول صلى الله عليه وسلم على الله كذبا لختم على قلبه وأنساه ما عنده، ثم محا الله الباطل الذي افتراه ثم أحق الحق بكلماته .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن الله تعالى لا يقر على باطل، يمحوا الله الباطل فلا يمكن أن يقر الله تعالى على باطل، ويتفرع على هذه الفائدة فائدة عظيمة وهي:
ما فعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه فهل نحكم بجوازه لأن الله اطلع عليه وسكت عنه، أو لا نحكم به حتى نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه ؟ الأول، لأن الله لا يقر على باطل، والوحي ما زال ينزل، ولهذا يخطئ بعض العلماء رحمهم الله إذا استدل بما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم فنقول : هب أنه لم يعلم فإن الله قد علم، مثال ذلك قال بعض أهل العلم : إنه لا يصح أن يكون الإمام متنفلا والمأموم منفردا، يعني لا يصح أن يصلي الفجر خلف من يصلي النافلة، هذا هو المذهب عندنا قيل لهم : هذا قول مردود لأن معاذ بن جبل كان يصلي صلاة العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب إلى قومه فيصلي به تلك الصلاة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا : لا حجة في هذا لأننا لم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه، فالجواب: إذا لم يطلع عليه اطلع الله عليه، ولو كان باطلا عند الله لبينه، كما بين حال الذين يبيتون ما لا يرضى من القول ويكتمونه عن الناس فقال : (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول )).
إذا دفعنا شبهة هؤلاء الذين قالوا : لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأن الله علمه ولو كان باطلا لم يقره، على أننا نقول : يبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به ومعاذ قد شكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يطيل في الصلاة، لكن نريد أن نتنزل مع الخصم ونقول: هب أن النبي لم يعلم به فإن الله قد علم به .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا يمكن أن يمكن الله تعالى لأحد كافر تمكينا مطلقا، من أين نأخذها ، من يعرف ؟
الطالب: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )).
الشيخ : أي نعم، نأخذها من: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) فلا يمكنك من الباطل، وقولنا : التمكين المطلق خرج به ما لو مكن الله تعالى للكافر على وجه لا يستقر، كما حصل في غزوة أحد فإن المشركين هزموا المسلمين، لكنه ليس هزما مستقرا، بل هو من حكمة الله عز وجل أن يمكن للكفار حتى يتشجعوا على حرب المسلمين ثم يقضي المسلمون عليهم .
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن الله سبحانه وتعالى إذا محا الباطل جعل مكانه الحق لقوله : (( ويمحوا الله الباطل ويحق الحق )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الكلمات لله لقوله: (( بكلماته )) والله سبحانه وتعالى متكلم بكلام حقيقي بحروف وأصوات مسموعة ومحاورة بينه وبين من شاء من خلقه، وهذا مذهب السلف الصالح، وعليه جرت المحنة العظيمة على أئمة المسلمين من أمراء الجور والظلم وعلماء السوء، حيث ابتدعت الجهمية والمعتزلة القول بأن الله لا يتكلم وإنما يخلق كلاما، فقالوا: إن الله عز وجل لا يتكلم لكن يخلق كلاما، وكلامه مخلوق، فيقال لو قلنا : بأن كلام الله مخلوق لبطلت الشريعة لأنه يستوي الأمر والنهي والخبر والاستخبار والقصص، تستوي لأنها مخلوقة لا يمتاز بعضها عن بعض، فهي باعتبار الصوت كزمجرة الرعد، وباعتبار الكتابة كنقوش الجدار، لأنها مخلوقة، وحينئذ لا أمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار ولا شيء، وتلطفت طائفة فلم توفق وقالوا: إن كلام الله غير مخلوق لكن كلامه هو المعنى القائم بنفسه وما سمع منه فهو عبارة عن كلام الله وهو مخلوق، فانظر كيف ضلت هذه الطائفة حتى صارت أشد ضلالا من الذين قالوا: إن الكلام مخلوق، ما معنى كلامهم ؟ يقولون: كلام الله هو المعنى القائم بنفسه كما لو أنك في نفسك قدرت أن تتكلم بقول ثم قلت، هم يقولون : إن الله تعالى أضمر الكلام في نفسه ثم خلق أصواتا تدل عليه، فيكون هذا الذي في المصحف ليس كلام الله لكنه مخلوق خلقه الله ليعبر عما في نفس الله، المعتزلة يقولون الذي في المصاحف كلام الله مخلوق والأشاعرة يقولون : ليس كلام الله وهو مخلوق، فأيهما أقرب إلى الصواب ؟ المعتزلة أقرب، وهؤلاء يزعمون أنهم العقلاء أعني الأشاعرة وأنهم حاولوا الجمع بين المعقول والمنقول ولكنهم أفسدوا المنقول والمعقول، فنحن نقول: إن الله يتكلم بكلام مسموع وبحروف متتالية، والله يفعل ما يشاء: (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) .
ومن فوائدها : عموم علم الله عز وجل وبطون علم الله، أنه علم عميق يصل إلى أخفى شيء، من أين ؟ (( إنه عليم بذات الصدر )) .
ومن فوائدها : الفائدة المسلكية المهمة وهي أن الإنسان إذا علم بأن الله تعالى عليم بما في قلبه فإنه سوف يمسك عن كل إرادة سيئة ويقدم على كل إرادة حسنة.
ومنها أنه يجب على العبد أن يصحح ما في قلبه لأن المدار عليه، قال الله تبارك وتعالى : (( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور )).
واعلم يا أخي أن الحكم في الدنيا على الظاهر والحكم في الآخرة على الباطن، فهل تحسن ظاهرك ليحكم عليك في الدنيا بما يقتضيه هذا الظاهر أو تحسن باطنك ليحكم لك يوم القيامة بما يقتضيه هذا الباطن، أيهما ؟ الثاني، ولهذا لا تغتر بكثرة الركوع والسجود وبكاء العين وما أشبه ذلك بل انظر إلى ما في القلب، وإن كانت هذه الأعمال التي ذكرتها علامة على صلاح القلب لكن ثبت الإيمان في القلب، عليك بإصلاح القلب قبل كل شيء، اغرس في قلبك محبة الله ورسوله، اغرس في قلبك محبة الشريعة وإن ثقلت عليك كما قال تعالى : (( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) [البقرة:216] اغرس في قلبك محبة المؤمنين، لا تكره أي مؤمن وإن أساء إليه، إن أساء إليك المؤمن فاكره إساءته أما هو شخصيا فلا تكرهه، اغرس في قلبك الولاية لكل مسلم والعداوة لكل كافر، وهلم جرا، المهم أن تعتني بصلاح قلبك لأنه هو الذي عليه مدار الحساب يوم القيامة، قال الله تعالى : (( إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر )) أي: تختبر السرائر، اللهم أصلح ظواهرنا وبواطننا يا رب العالمين .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن المدار على القلوب وأنها في الصدور، القلوب في الصدور وبها العقل، قال الله تعالى: (( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها )) (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) وعلى هذا فيجب علينا أن نؤمن بأن العقل في القلب لأن الآية في هذا صريحة أو ظاهرة، وأما قول بعضهم: إن العقل في الدماغ فضعيف مقابل بقول العالم الخالق عز وجل، ولكن الدماغ لا شك أنه إذا اختل اختل تصرف الإنسان، وأصل العقل في القلب بلا شك قال الإمام أحمد رحمه الله: " العقل في القلب وله اتصال بالدماغ "، ونروي عن شيخنا عبد الرحمن رحمه الله أن أحد المعتزلة حكم عليه بالقتل على حين اختلاف بين الناس في العقل أهو في الدماغ أم في القلب فقال لهم : إذا قتلتموني فأبينوا رأسي ثم إن كان العقل في قلبي حركت يدي أو قال : أصبعي، وإن كان في الدماغ راح مع الدماغ، ففعلوا فلما قتلوه حرك العضو الذي قال لهم على الوجه الذي قال لهم، وهذا دليل حسي إن ثبتت القصة دليل حسي على أن العقل في القلب، لأنه حرك عضوه إما أصبع أو يده على الوجه الذي ذكر لهم، وهذا يدل على أنه استحضر في قلبه بعد أن بان رأسه، استحضر في قلبه ما وعدهم به وأداه كما وعدهم، فإن ثبتت هذه القصة فهي دليل حسي وإن لم تثبت فعندنا دليل سمعي، ما هو الدليل السمعي يا جماعة ؟ الدليل السمعي عند العلماء هو الذي ثبت في الكتاب والسنة.
ومن فوائد الآية : إثبات المشيئة لله عز وجل تؤخذ من قوله : (( فإن يشأ الله يختم )). وهل مشيئة الله مجردة عن الحكمة أو لا يشاء شيئا إلا لحكمة ؟ الثاني : لقول الله تعالى: (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما )) فبين أنه عز وجل له المشيئة التامة وأردف ذلك بقوله : (( إن الله كان عليما حكيما )) ليتبين أن مشيئة الله سبحانه وتعالى ليست مجرد مشيئة عبثا ولكن لحكمة .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم مربوب لله يفعل به ما شاء، تؤخذ من: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) نعم .
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن القلب محل الإدراك والعقل والتصرف لقوله : (( يختم على قلبك )) فدل هذا على أن مدار التصرف كله على القلب .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن الطبع على القلب عقوبة سواء كان طبعا على العلم أو طبعا على القصد والإرادة، فإنه عقوبة بلا شك، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك ) فالإنسان يجب ألا يعتمد على ما في قلبه من اليقين فإن هذا ربما يزول، بل عليه أن يسأل الله دائما التثبيت، يؤخذ من قوله : (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) .
من فوائد الآية الكريمة: حسن أدلة القرآن الكريم حيث استدل بأمر واضح على ما زعمه هؤلاء، وهو أنه لو شاء الله أن يفتري الرسول صلى الله عليه وسلم على الله كذبا لختم على قلبه وأنساه ما عنده، ثم محا الله الباطل الذي افتراه ثم أحق الحق بكلماته .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن الله تعالى لا يقر على باطل، يمحوا الله الباطل فلا يمكن أن يقر الله تعالى على باطل، ويتفرع على هذه الفائدة فائدة عظيمة وهي:
ما فعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه فهل نحكم بجوازه لأن الله اطلع عليه وسكت عنه، أو لا نحكم به حتى نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه ؟ الأول، لأن الله لا يقر على باطل، والوحي ما زال ينزل، ولهذا يخطئ بعض العلماء رحمهم الله إذا استدل بما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم فنقول : هب أنه لم يعلم فإن الله قد علم، مثال ذلك قال بعض أهل العلم : إنه لا يصح أن يكون الإمام متنفلا والمأموم منفردا، يعني لا يصح أن يصلي الفجر خلف من يصلي النافلة، هذا هو المذهب عندنا قيل لهم : هذا قول مردود لأن معاذ بن جبل كان يصلي صلاة العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب إلى قومه فيصلي به تلك الصلاة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا : لا حجة في هذا لأننا لم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه، فالجواب: إذا لم يطلع عليه اطلع الله عليه، ولو كان باطلا عند الله لبينه، كما بين حال الذين يبيتون ما لا يرضى من القول ويكتمونه عن الناس فقال : (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول )).
إذا دفعنا شبهة هؤلاء الذين قالوا : لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأن الله علمه ولو كان باطلا لم يقره، على أننا نقول : يبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به ومعاذ قد شكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يطيل في الصلاة، لكن نريد أن نتنزل مع الخصم ونقول: هب أن النبي لم يعلم به فإن الله قد علم به .
ومن فوائد الآية الكريمة : أنه لا يمكن أن يمكن الله تعالى لأحد كافر تمكينا مطلقا، من أين نأخذها ، من يعرف ؟
الطالب: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )).
الشيخ : أي نعم، نأخذها من: (( فإن يشأ الله يختم على قلبك )) فلا يمكنك من الباطل، وقولنا : التمكين المطلق خرج به ما لو مكن الله تعالى للكافر على وجه لا يستقر، كما حصل في غزوة أحد فإن المشركين هزموا المسلمين، لكنه ليس هزما مستقرا، بل هو من حكمة الله عز وجل أن يمكن للكفار حتى يتشجعوا على حرب المسلمين ثم يقضي المسلمون عليهم .
من فوائد هذه الآية الكريمة : أن الله سبحانه وتعالى إذا محا الباطل جعل مكانه الحق لقوله : (( ويمحوا الله الباطل ويحق الحق )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الكلمات لله لقوله: (( بكلماته )) والله سبحانه وتعالى متكلم بكلام حقيقي بحروف وأصوات مسموعة ومحاورة بينه وبين من شاء من خلقه، وهذا مذهب السلف الصالح، وعليه جرت المحنة العظيمة على أئمة المسلمين من أمراء الجور والظلم وعلماء السوء، حيث ابتدعت الجهمية والمعتزلة القول بأن الله لا يتكلم وإنما يخلق كلاما، فقالوا: إن الله عز وجل لا يتكلم لكن يخلق كلاما، وكلامه مخلوق، فيقال لو قلنا : بأن كلام الله مخلوق لبطلت الشريعة لأنه يستوي الأمر والنهي والخبر والاستخبار والقصص، تستوي لأنها مخلوقة لا يمتاز بعضها عن بعض، فهي باعتبار الصوت كزمجرة الرعد، وباعتبار الكتابة كنقوش الجدار، لأنها مخلوقة، وحينئذ لا أمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار ولا شيء، وتلطفت طائفة فلم توفق وقالوا: إن كلام الله غير مخلوق لكن كلامه هو المعنى القائم بنفسه وما سمع منه فهو عبارة عن كلام الله وهو مخلوق، فانظر كيف ضلت هذه الطائفة حتى صارت أشد ضلالا من الذين قالوا: إن الكلام مخلوق، ما معنى كلامهم ؟ يقولون: كلام الله هو المعنى القائم بنفسه كما لو أنك في نفسك قدرت أن تتكلم بقول ثم قلت، هم يقولون : إن الله تعالى أضمر الكلام في نفسه ثم خلق أصواتا تدل عليه، فيكون هذا الذي في المصحف ليس كلام الله لكنه مخلوق خلقه الله ليعبر عما في نفس الله، المعتزلة يقولون الذي في المصاحف كلام الله مخلوق والأشاعرة يقولون : ليس كلام الله وهو مخلوق، فأيهما أقرب إلى الصواب ؟ المعتزلة أقرب، وهؤلاء يزعمون أنهم العقلاء أعني الأشاعرة وأنهم حاولوا الجمع بين المعقول والمنقول ولكنهم أفسدوا المنقول والمعقول، فنحن نقول: إن الله يتكلم بكلام مسموع وبحروف متتالية، والله يفعل ما يشاء: (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) .
ومن فوائدها : عموم علم الله عز وجل وبطون علم الله، أنه علم عميق يصل إلى أخفى شيء، من أين ؟ (( إنه عليم بذات الصدر )) .
ومن فوائدها : الفائدة المسلكية المهمة وهي أن الإنسان إذا علم بأن الله تعالى عليم بما في قلبه فإنه سوف يمسك عن كل إرادة سيئة ويقدم على كل إرادة حسنة.
ومنها أنه يجب على العبد أن يصحح ما في قلبه لأن المدار عليه، قال الله تبارك وتعالى : (( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور )).
واعلم يا أخي أن الحكم في الدنيا على الظاهر والحكم في الآخرة على الباطن، فهل تحسن ظاهرك ليحكم عليك في الدنيا بما يقتضيه هذا الظاهر أو تحسن باطنك ليحكم لك يوم القيامة بما يقتضيه هذا الباطن، أيهما ؟ الثاني، ولهذا لا تغتر بكثرة الركوع والسجود وبكاء العين وما أشبه ذلك بل انظر إلى ما في القلب، وإن كانت هذه الأعمال التي ذكرتها علامة على صلاح القلب لكن ثبت الإيمان في القلب، عليك بإصلاح القلب قبل كل شيء، اغرس في قلبك محبة الله ورسوله، اغرس في قلبك محبة الشريعة وإن ثقلت عليك كما قال تعالى : (( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) [البقرة:216] اغرس في قلبك محبة المؤمنين، لا تكره أي مؤمن وإن أساء إليه، إن أساء إليك المؤمن فاكره إساءته أما هو شخصيا فلا تكرهه، اغرس في قلبك الولاية لكل مسلم والعداوة لكل كافر، وهلم جرا، المهم أن تعتني بصلاح قلبك لأنه هو الذي عليه مدار الحساب يوم القيامة، قال الله تعالى : (( إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر )) أي: تختبر السرائر، اللهم أصلح ظواهرنا وبواطننا يا رب العالمين .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن المدار على القلوب وأنها في الصدور، القلوب في الصدور وبها العقل، قال الله تعالى: (( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها )) (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) وعلى هذا فيجب علينا أن نؤمن بأن العقل في القلب لأن الآية في هذا صريحة أو ظاهرة، وأما قول بعضهم: إن العقل في الدماغ فضعيف مقابل بقول العالم الخالق عز وجل، ولكن الدماغ لا شك أنه إذا اختل اختل تصرف الإنسان، وأصل العقل في القلب بلا شك قال الإمام أحمد رحمه الله: " العقل في القلب وله اتصال بالدماغ "، ونروي عن شيخنا عبد الرحمن رحمه الله أن أحد المعتزلة حكم عليه بالقتل على حين اختلاف بين الناس في العقل أهو في الدماغ أم في القلب فقال لهم : إذا قتلتموني فأبينوا رأسي ثم إن كان العقل في قلبي حركت يدي أو قال : أصبعي، وإن كان في الدماغ راح مع الدماغ، ففعلوا فلما قتلوه حرك العضو الذي قال لهم على الوجه الذي قال لهم، وهذا دليل حسي إن ثبتت القصة دليل حسي على أن العقل في القلب، لأنه حرك عضوه إما أصبع أو يده على الوجه الذي ذكر لهم، وهذا يدل على أنه استحضر في قلبه بعد أن بان رأسه، استحضر في قلبه ما وعدهم به وأداه كما وعدهم، فإن ثبتت هذه القصة فهي دليل حسي وإن لم تثبت فعندنا دليل سمعي، ما هو الدليل السمعي يا جماعة ؟ الدليل السمعي عند العلماء هو الذي ثبت في الكتاب والسنة.
1 - تتمة فوائد قوله تعالى : (( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور )) . أستمع حفظ
قر اءة الآيات القرآنية .
ثم قال الله تبارك وتعالى.
القارئ : (( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ))[الشورى:25-26].
القارئ : (( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ))[الشورى:25-26].
تفسير قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) .
الشيخ :(( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) قال: (( وهو الذي يقبل التوبة )) الله عز وجل يقبل توبة التائبين، بل ويحب توبة التائبين كما قال الله عز وجل : (( إن الله يجب التوابين ويحب المتطهرين )) فما هي التوبة ؟ التوبة هي الرجوع من معصية الله إلى طاعة الله، وتقع كلية وجزئية، كلية بأن يتوب الإنسان من كل ذنب ومنها توبة الكافر فإنها كلية يمحوا الله تعالى بها كل ما سلف من ذنبه كما قال جل وعلا : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )) ويقول المسلم: اللهم إني أستغفرك من جميع الذنوب وأتوب إليك، هذه كلية. التوبة الخاصة: أن يتوب من ذنب معين كإنسان تاب من أكل الربا لكنه مصر على شرب الخمر والعياذ بالله، فهذه توبة خاصة جزئية، ما هي شاملة، وسيأتي إن شاء الله الكلام عليها قريبا، للتوبة شروط خمسة:
الأول : الإخلاص لله .
والثاني : الندم على ما فعل .
والثالث : الإقلاع عنه .
والرابع : العزم على ألا يعود .
والخامس: أن تكون التوبة قبل غلق الأبواب، وأن تكون التوبة في زمن الإمكان.
طيب، الإخلاص بأن يكون الحامل على التوبة خوف الله عز وجل ورجاء التقرب إليه، بألا يقصد بذلك دنيا ولا جاه ولا شيئا من مخلوقات الله عز وجل، لا يريد إلا الوصول إلى رضا الله عز وجل ودار كرامته، والإخلاص كما تعلمون بارك الله فيكم شرط في كل عمل.
الثاني: الندم على ما مضى من الذنب بحيث يشعر الإنسان بالحزن والتأسف كيف وقع منه هذا الذنب، والندم هو انفعال في النفس يحصل بفعل الإنسان وبغير فعله، لكن كلامنا في الندم في التوبة الذي يكون بفعله بمعنى أن يتحسر ويتأسف أن وقع منه الذنب ولا يكون حاله كحال من لم يذنب.
الثالث: الإقلاع عن الذنب فإن كان معصية بمحرم فليجتبه، وإن كان إفراطا في واجب فليفعله، وعلى هذا فمن زعم أنه تائب من الغيبة ولكنه لا يدع فرصة تحصل فيها الغيبة إلا اغتاب فهل نقول إنه تائب ؟ ... لأنه لم يقلع، كذلك من جحد مال شخص وأنكره وقال إنه تائب فلابد أن يرد المال إلى صاحبه وإلا فلا تقبل توبته، ومن اغتاب شخصا أي ذكره بما يكره في غيبته فلابد أن يقلع عن ذلك ويتحلل صاحب الغيبة، يذهب إليه ويقول: سامحني حللني فقد قلت فيك قولا قد تبت منه، لابد من هذا، فإن قال: إن ذهبت إليه أستحله أخشى أن يظن الأمر أكبر مما قلت فتقع العداوة، فالجواب وإن كان كذلك: أنت أبرئ ذمتك وكونه يترتب على ذلك عداوة أو ما أشبه ذلك ليس إليك، نعم لو فرض أن صحابك لم يعلم بغيبتك إياه فهنا يكفي أن تندم، وتقلع عن غيبته في المستقبل، وتذكره في المجلس الذي اغتبته فيه بما له من صفات حميدة.
الرابع: العزم على ألا يعود، بأن يقع في قلبه أنه لن يعود لهذه المعصية، فإن كان تاب لكنه متردد فيما لو تيسرت له هذه المعصية أيفعلها أم لا ؟ فالتوبة غير صحيحة، لابد أن يعزم على ألا يعود، فإن عاد ؟ يعني عزم ألا يعود ثم عاد بعد ذلك هل تبطل التوبة ؟ الجواب: لا تبطل، التوبة الأولى صحيحة لكن عليه أن يجدد التوبة للذنب الثاني، ولهذا كانت العبارة: العزم على ألا يعود، وليست العبارة بشرط ألا يعود، وبينهما فرق ؟ ... إذا قلنا: العزم على ألا يعود وعزم ألا يعود ثم عاد فالتوبة الأولى صحيحة، لكن عليه أن يجدد التوبة للذنب الثاني، أما إذا قلنا: بشرط ألا يعود فهذا يقتضي أنه لو عاد لبطلت التوبة وليس كذلك.
الشرط الخامس: ومع أعظمه أن تكون التوبة في زمن الإمكان، فإن فات الأوان لم تنفع وفوات الأوان عام وخاص، العام طلوع الشمس من مغربها، والخاص حضور الموت، أما الأول فدليله قول الله تبارك وتعالى : (( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) [الأنعام:158] فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بأنها الشمس تطلع من مغربها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها ) أما الخاص فهو حضور الأجل، فإنه إذا حضر الموت لم تقبل التوبة لقول الله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ )) [النساء:18] الشاهد قوله : (( حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) وهذا الشرط يستلزم أن تكون التوبة على الفور بدون تأخير، وجه ذلك أنه لا يعلم متى يأتيه الموت، فقد يموت بغتة على فراشه أو على كرسيه أو وهو ساجد أو راكع، وحينئذ يتبين أن التوبة واجبة على الفور، فاستدرك أيها العبد، استدرك نفسك إن كان في أمر بينك وبين الله أو بينك وبين الخلق لأنك لا تدري متى يأتي الموت.
الخلاصة شروط قبول التوبة خمسة نعدها :
أولا : الإخلاص لله عز وجل .
ثانيا : الندم على الذنب .
ثالثا : الإقلاع في الحال .
رابعا : العزم على ألا يعود .
خامسا : أن تكون التوبة في زمن الإمكان، نسأل الله لنا ولكم التوبة.
الأول : الإخلاص لله .
والثاني : الندم على ما فعل .
والثالث : الإقلاع عنه .
والرابع : العزم على ألا يعود .
والخامس: أن تكون التوبة قبل غلق الأبواب، وأن تكون التوبة في زمن الإمكان.
طيب، الإخلاص بأن يكون الحامل على التوبة خوف الله عز وجل ورجاء التقرب إليه، بألا يقصد بذلك دنيا ولا جاه ولا شيئا من مخلوقات الله عز وجل، لا يريد إلا الوصول إلى رضا الله عز وجل ودار كرامته، والإخلاص كما تعلمون بارك الله فيكم شرط في كل عمل.
الثاني: الندم على ما مضى من الذنب بحيث يشعر الإنسان بالحزن والتأسف كيف وقع منه هذا الذنب، والندم هو انفعال في النفس يحصل بفعل الإنسان وبغير فعله، لكن كلامنا في الندم في التوبة الذي يكون بفعله بمعنى أن يتحسر ويتأسف أن وقع منه الذنب ولا يكون حاله كحال من لم يذنب.
الثالث: الإقلاع عن الذنب فإن كان معصية بمحرم فليجتبه، وإن كان إفراطا في واجب فليفعله، وعلى هذا فمن زعم أنه تائب من الغيبة ولكنه لا يدع فرصة تحصل فيها الغيبة إلا اغتاب فهل نقول إنه تائب ؟ ... لأنه لم يقلع، كذلك من جحد مال شخص وأنكره وقال إنه تائب فلابد أن يرد المال إلى صاحبه وإلا فلا تقبل توبته، ومن اغتاب شخصا أي ذكره بما يكره في غيبته فلابد أن يقلع عن ذلك ويتحلل صاحب الغيبة، يذهب إليه ويقول: سامحني حللني فقد قلت فيك قولا قد تبت منه، لابد من هذا، فإن قال: إن ذهبت إليه أستحله أخشى أن يظن الأمر أكبر مما قلت فتقع العداوة، فالجواب وإن كان كذلك: أنت أبرئ ذمتك وكونه يترتب على ذلك عداوة أو ما أشبه ذلك ليس إليك، نعم لو فرض أن صحابك لم يعلم بغيبتك إياه فهنا يكفي أن تندم، وتقلع عن غيبته في المستقبل، وتذكره في المجلس الذي اغتبته فيه بما له من صفات حميدة.
الرابع: العزم على ألا يعود، بأن يقع في قلبه أنه لن يعود لهذه المعصية، فإن كان تاب لكنه متردد فيما لو تيسرت له هذه المعصية أيفعلها أم لا ؟ فالتوبة غير صحيحة، لابد أن يعزم على ألا يعود، فإن عاد ؟ يعني عزم ألا يعود ثم عاد بعد ذلك هل تبطل التوبة ؟ الجواب: لا تبطل، التوبة الأولى صحيحة لكن عليه أن يجدد التوبة للذنب الثاني، ولهذا كانت العبارة: العزم على ألا يعود، وليست العبارة بشرط ألا يعود، وبينهما فرق ؟ ... إذا قلنا: العزم على ألا يعود وعزم ألا يعود ثم عاد فالتوبة الأولى صحيحة، لكن عليه أن يجدد التوبة للذنب الثاني، أما إذا قلنا: بشرط ألا يعود فهذا يقتضي أنه لو عاد لبطلت التوبة وليس كذلك.
الشرط الخامس: ومع أعظمه أن تكون التوبة في زمن الإمكان، فإن فات الأوان لم تنفع وفوات الأوان عام وخاص، العام طلوع الشمس من مغربها، والخاص حضور الموت، أما الأول فدليله قول الله تبارك وتعالى : (( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) [الأنعام:158] فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بأنها الشمس تطلع من مغربها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها ) أما الخاص فهو حضور الأجل، فإنه إذا حضر الموت لم تقبل التوبة لقول الله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ )) [النساء:18] الشاهد قوله : (( حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) وهذا الشرط يستلزم أن تكون التوبة على الفور بدون تأخير، وجه ذلك أنه لا يعلم متى يأتيه الموت، فقد يموت بغتة على فراشه أو على كرسيه أو وهو ساجد أو راكع، وحينئذ يتبين أن التوبة واجبة على الفور، فاستدرك أيها العبد، استدرك نفسك إن كان في أمر بينك وبين الله أو بينك وبين الخلق لأنك لا تدري متى يأتي الموت.
الخلاصة شروط قبول التوبة خمسة نعدها :
أولا : الإخلاص لله عز وجل .
ثانيا : الندم على الذنب .
ثالثا : الإقلاع في الحال .
رابعا : العزم على ألا يعود .
خامسا : أن تكون التوبة في زمن الإمكان، نسأل الله لنا ولكم التوبة.
3 - تفسير قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) منهم (( ويعفوا عن السيئات )) المتاب عنها (( ويعلم ما تفعلون )) بالياء والتاء .
قال الله تبارك وتعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) قال المؤلف: " منهم " فصرف معنى عن إلى معنى من، وهذا مبني على ما سبق من أن حروف المعاني تتناوب أي ينوب بعضها عن بعض، ولكن إبقاء اللفظ على ظاهره أولى، ويكون يقبل التوبة عن عباده مضمنا معنى: يعفوا عنهم، فيقبل التوبة عن عباده أي يقبلها ويعفو عنهم، ونجعل عن على بابها ويكون قوله : (( ويعفوا عن السيئات )) كالتوكيد لما سبق.
" (( يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات )) المتاب عنها " والعفو مأخوذ من قولهم : عفا الأثر إذا أخفته الرياح، وهو التجاوز عن العقوبة بالذنوب، والسيئات: جمع سيئة وهي كل ما يسوء الإنسان فعله أو وقوعه، والمراد بالسيئات هنا ـ تفسيري لها على حسب اللفظ ـ والمراد بها هنا مخالفة الشرع، فكل ما خالف الشرع فهو سيئة سواء كان بترك واجب أو فعل محرم.
(( ويعلم ما تفعلون )) يقول: " بالياء والتاء " ما تفعلون وما يفعلون، أما على قراءة ما يفعلون فهي مطابقة للضمائر السابقة (( ويعلم ما يفعلون )) أي ما يفعله العباد، وأما على قراءة التاء فهي من باب الالتفات عن الغيبة إلى الخطاب، وأسلوب الالتفات أسلوب بلاغي ويقصد به تنبيه المخاطب على ما سيلقى إليه، وذلك لأن الكلام إذا كان على وتيرة واحده فإن الإنسان ينسجم معه وربما يغفل عنه، وإذا اختلف وقف الإنسان، لماذا صار الأمر كذلك ؟ انتبه صار الالتفات على قراءة: (( ويعلم ما تفعلون )) التفات من الغيبة إلى الخطاب، الالتفات فن معروف في البلاغة، من فوائده تنبيه المخاطب، انظر إلى قول الله تعالى : (( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نقيبا )) [المائدة:12] مقتضى السياق أن يقول : وبعث منهم، لكن قال : (( وبعثنا منهم )) فانتقل من الغيبة إلى التكلم لأجل تنبيه المخاطب قال : (( ويعلم ما تفعلون )) علمه بما نعمل يشمل العلم بالأشياء الظاهرة والأشياء الباطنة، قد يذنب الإنسان ذنبا ظاهرا يعلمه الناس ويعلمه عز وجل، يعلمه رب الناس، وقد يكون خفيا لا يعلمه الناس ولكن يعلمه الله تبارك وتعالى، نعم .
السائل : إذا ورد في تفسير التوبة كذا عن بعض الصحابة والتابعين هل هو من باب ذكر أهم الشروط أو هو بذكر أعظمها ؟
الشيخ : هو إما أنه من باب الاقتصار على بعض الشروط أو أنهم يخاطبون أحدا يعرفون أن الرجل لم يندم قد أتى بوجه واسع غير مهتم ولا مكترث فركزوا على هذا الشرط دون غيره.
" (( يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات )) المتاب عنها " والعفو مأخوذ من قولهم : عفا الأثر إذا أخفته الرياح، وهو التجاوز عن العقوبة بالذنوب، والسيئات: جمع سيئة وهي كل ما يسوء الإنسان فعله أو وقوعه، والمراد بالسيئات هنا ـ تفسيري لها على حسب اللفظ ـ والمراد بها هنا مخالفة الشرع، فكل ما خالف الشرع فهو سيئة سواء كان بترك واجب أو فعل محرم.
(( ويعلم ما تفعلون )) يقول: " بالياء والتاء " ما تفعلون وما يفعلون، أما على قراءة ما يفعلون فهي مطابقة للضمائر السابقة (( ويعلم ما يفعلون )) أي ما يفعله العباد، وأما على قراءة التاء فهي من باب الالتفات عن الغيبة إلى الخطاب، وأسلوب الالتفات أسلوب بلاغي ويقصد به تنبيه المخاطب على ما سيلقى إليه، وذلك لأن الكلام إذا كان على وتيرة واحده فإن الإنسان ينسجم معه وربما يغفل عنه، وإذا اختلف وقف الإنسان، لماذا صار الأمر كذلك ؟ انتبه صار الالتفات على قراءة: (( ويعلم ما تفعلون )) التفات من الغيبة إلى الخطاب، الالتفات فن معروف في البلاغة، من فوائده تنبيه المخاطب، انظر إلى قول الله تعالى : (( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نقيبا )) [المائدة:12] مقتضى السياق أن يقول : وبعث منهم، لكن قال : (( وبعثنا منهم )) فانتقل من الغيبة إلى التكلم لأجل تنبيه المخاطب قال : (( ويعلم ما تفعلون )) علمه بما نعمل يشمل العلم بالأشياء الظاهرة والأشياء الباطنة، قد يذنب الإنسان ذنبا ظاهرا يعلمه الناس ويعلمه عز وجل، يعلمه رب الناس، وقد يكون خفيا لا يعلمه الناس ولكن يعلمه الله تبارك وتعالى، نعم .
السائل : إذا ورد في تفسير التوبة كذا عن بعض الصحابة والتابعين هل هو من باب ذكر أهم الشروط أو هو بذكر أعظمها ؟
الشيخ : هو إما أنه من باب الاقتصار على بعض الشروط أو أنهم يخاطبون أحدا يعرفون أن الرجل لم يندم قد أتى بوجه واسع غير مهتم ولا مكترث فركزوا على هذا الشرط دون غيره.
4 - التعليق على تفسير الجلالين : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) منهم (( ويعفوا عن السيئات )) المتاب عنها (( ويعلم ما تفعلون )) بالياء والتاء . أستمع حفظ
ما حكم من فسر يختم بمعنى يربط في قوله تعالى : (( فإن يشإ الله يختم على قلبك )) .؟
السائل : ...
الشيخ : خطأ، لأنه زعم أنه يختم يعني: يربط على قلبك، والربط ثناء لا يتناسب مع السياق، ولم تأتي يختم بمعنى يربط، بل تأتي يختم بمعنى يطبع كما قال الله تعالى : (( ختم الله على قلوبهم )) وقال : (( بل طبع على قلوبهم )) نعم ... أي نعم يجوز، لأن التعبير بمعنى الكلام، ووصف الأفعال واسع، بالنسبة لأفعال الله عز وجل واسع ما هو من جنس الأسماء، كل ما يصح أن ينسب لله فهو يتعبد به، نعم.
الشيخ : خطأ، لأنه زعم أنه يختم يعني: يربط على قلبك، والربط ثناء لا يتناسب مع السياق، ولم تأتي يختم بمعنى يربط، بل تأتي يختم بمعنى يطبع كما قال الله تعالى : (( ختم الله على قلوبهم )) وقال : (( بل طبع على قلوبهم )) نعم ... أي نعم يجوز، لأن التعبير بمعنى الكلام، ووصف الأفعال واسع، بالنسبة لأفعال الله عز وجل واسع ما هو من جنس الأسماء، كل ما يصح أن ينسب لله فهو يتعبد به، نعم.
ما الفرق بين قول الأشاعرة عن كلام الله " عبارة " والكلابية في قولهم " حكاية " .؟
السائل : ما الفرق بين عبارة عن كلام الله وبين حكاية عن كلام الله ؟
الشيخ : ليس هناك فرق بين، لكن الأشاعرة يقولون : عبارة والكلابية يقولون : إنه حكاية، فالعبارة معناه أن الله خلق هذا الصوت ليعبر عما في نفسه، والحكاية تشبه الصدى، إذا كان الإنسان بين جبال وتكلم تجد كل الجبال لها صوت، تحكي صوت الله، وعلى كل حال العبارات الباطلة كلها سيئة. والله أعلم.
الشيخ : ليس هناك فرق بين، لكن الأشاعرة يقولون : عبارة والكلابية يقولون : إنه حكاية، فالعبارة معناه أن الله خلق هذا الصوت ليعبر عما في نفسه، والحكاية تشبه الصدى، إذا كان الإنسان بين جبال وتكلم تجد كل الجبال لها صوت، تحكي صوت الله، وعلى كل حال العبارات الباطلة كلها سيئة. والله أعلم.
مناقشة تفسير قوله تعالى : (( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور * وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) .
الشيخ : طيب في أم هنا متصلة أو منقطعة ؟ ... ما هو الفرق بين المتصلة والمنقطعة ؟ ... يعني بمعنى أو، ولابد شيء آخر أنه لابد فيها من ذكر شيئين متقابلين، أما المنقطعة فهي التي بمعنى بل ولا تقتضي إبطالا، يعني لا تقتضي الجمع بين شيئين متماثلين، طيب.
الشيخ : قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) نسأل عن شروط التوبة إجمالا ؟ خمسة : الإخلاص لله تعالى، والثاني الندم ...
الشيخ : ما تقول في توبة رجل سرق من شخص مالا ثم غاب المسروق منه ولم يعلم به وأيس من رجوعه ؟ هو ندم وتاب لله وخاف من عقاب الله ... الآن لا يعلم عنه اختل شرط بغير اختياره ... يعني معناه لا تتم توبته إلا إذا أخرج هذا المسروق عن ملكه فتصدق به، تمام طيب.
الشيخ : قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) نسأل عن شروط التوبة إجمالا ؟ خمسة : الإخلاص لله تعالى، والثاني الندم ...
الشيخ : ما تقول في توبة رجل سرق من شخص مالا ثم غاب المسروق منه ولم يعلم به وأيس من رجوعه ؟ هو ندم وتاب لله وخاف من عقاب الله ... الآن لا يعلم عنه اختل شرط بغير اختياره ... يعني معناه لا تتم توبته إلا إذا أخرج هذا المسروق عن ملكه فتصدق به، تمام طيب.
7 - مناقشة تفسير قوله تعالى : (( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور * وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) . أستمع حفظ
إذا كان المسروق منه كافرا فكيف يتصدق عنه .؟
الشيخ : إذا كان المسروق منه كافر كيف يتصدق به عنه وهو لا تنفعه الصدقة ؟
الطالب: نية التصدق لا تكون للكافر ولكن نيته التبرأ من هذا المال.
الشيخ : ما يخالف ما الذي يتبع هذا ؟
الشيخ : معلوم هذا شرط سواء مسلم أو كافر، لكن هذا لم أذكره لكم، هذا يجعل في بيت المال، لأن بيت المال بيت لكل مال مجهول صاحبه، طيب.
الطالب: نية التصدق لا تكون للكافر ولكن نيته التبرأ من هذا المال.
الشيخ : ما يخالف ما الذي يتبع هذا ؟
الشيخ : معلوم هذا شرط سواء مسلم أو كافر، لكن هذا لم أذكره لكم، هذا يجعل في بيت المال، لأن بيت المال بيت لكل مال مجهول صاحبه، طيب.
فوائد قوله تعالى : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون )) .
ثم قال الله عز وجل : (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات )) .
من فوائد هذه الآية الكريمة: رحمة الله تعالى بعباده حيث حثهم على التوبة وجهه في قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فإن هذا ليس مجرد خبر أن الله يقبل بل هو حث من الله وجل أن نتوب إلى الله، اللهم وفقنا للتوبة يا رب العالمين، نظير ذلك أن أقول: من زارني أعطيته مائة درهم، معنى هذا حث الناس على الزيارة، كل إنسان سوف يقبل على الزيارة: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) حث للناس بلا شك على التوبة إلى الله عز وجل .
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان كرم الرب عز وجل حيث يقبل التوبة عن عباده مهما كان الذنب، واقرأ قول الله تبارك وتعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) [الزمر:53] التوبة من الكفر مقبولة أو غير مقبولة ؟ مقبولة، والإسلام يهدم ما قبله مهما عظم حتى من سب الله أو رسوله ثم أسلم تقبل توبته لعموم الأدلة، وقد قال الله تعالى : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا )) يعني عن كفرهم (( يغفر لهم ما قد سلف )) ... وإن عظمت لقوله : (( ما قد سلف )) وما اسم موصول يفيد العموم، حتى لو قتل هذا الرجل الكافر ألف رجل مؤمن ثم أسلم تاب الله عليه، ولذلك إذا أسلم الكفار وقد أتلفوا أموال المسلمين في الحرب هل يضمنون أموال المسلمين ؟ لا يضمنون أموال المسلمين، لأن الإسلام يهدم ما قبله .
ومن فوائد الآية الكريمة : الإشارة إلى لطف الله تبارك وتعالى حيث قال : (( عن عباده )) كأنه والله أعلم لما كانوا عبيدا له عاملهم بالرفق والعفو والتوبة .
ومن فوائد الآية الكريمة أن الله إذا تاب على العبد عفا عن سيئاته مهما عظمت لقوله: (( ويعفوا عن السيئات )).
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات عموم علم الله سبحانه وتعالى لكل ما نفعل لقوله تعالى: (( ويعلم ما تفعلون )).
يتفرع على هذه الفائدة التحذير من المخالفة وجه ذلك: (( ويعلم ما تفعلون )) يعني: فاحذروا أن تفعلوا شيئا يغضبه فإنه عالم بكم.
من فوائد هذه الآية الكريمة: رحمة الله تعالى بعباده حيث حثهم على التوبة وجهه في قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فإن هذا ليس مجرد خبر أن الله يقبل بل هو حث من الله وجل أن نتوب إلى الله، اللهم وفقنا للتوبة يا رب العالمين، نظير ذلك أن أقول: من زارني أعطيته مائة درهم، معنى هذا حث الناس على الزيارة، كل إنسان سوف يقبل على الزيارة: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) حث للناس بلا شك على التوبة إلى الله عز وجل .
ومن فوائد الآية الكريمة: بيان كرم الرب عز وجل حيث يقبل التوبة عن عباده مهما كان الذنب، واقرأ قول الله تبارك وتعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) [الزمر:53] التوبة من الكفر مقبولة أو غير مقبولة ؟ مقبولة، والإسلام يهدم ما قبله مهما عظم حتى من سب الله أو رسوله ثم أسلم تقبل توبته لعموم الأدلة، وقد قال الله تعالى : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا )) يعني عن كفرهم (( يغفر لهم ما قد سلف )) ... وإن عظمت لقوله : (( ما قد سلف )) وما اسم موصول يفيد العموم، حتى لو قتل هذا الرجل الكافر ألف رجل مؤمن ثم أسلم تاب الله عليه، ولذلك إذا أسلم الكفار وقد أتلفوا أموال المسلمين في الحرب هل يضمنون أموال المسلمين ؟ لا يضمنون أموال المسلمين، لأن الإسلام يهدم ما قبله .
ومن فوائد الآية الكريمة : الإشارة إلى لطف الله تبارك وتعالى حيث قال : (( عن عباده )) كأنه والله أعلم لما كانوا عبيدا له عاملهم بالرفق والعفو والتوبة .
ومن فوائد الآية الكريمة أن الله إذا تاب على العبد عفا عن سيئاته مهما عظمت لقوله: (( ويعفوا عن السيئات )).
ومن فوائد الآية الكريمة : إثبات عموم علم الله سبحانه وتعالى لكل ما نفعل لقوله تعالى: (( ويعلم ما تفعلون )).
يتفرع على هذه الفائدة التحذير من المخالفة وجه ذلك: (( ويعلم ما تفعلون )) يعني: فاحذروا أن تفعلوا شيئا يغضبه فإنه عالم بكم.
اضيفت في - 2011-05-25