تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( على ظهره إن في ذلك لأيات لكل صبار شكور )) هو المؤمن يصبر في الشدة ويشكر في الرخاء .
((إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )) صبار صيغة مبالغة أي كثير الصبر، شكور كثير الشكر، فما وجه الجمع بين الصبر والشكر ؟ وجهه ظاهر لأن هذه السفن إن جرت على ما ينبغي فوظيفة الإنسان الشكر، وإن جرت على مالا ينبغي فوظيفته الصبر، فالصابر والشاكر كلاهما سيرى من آيات الله عز وجل في هذه السفن ما يوقن أن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وأنه رحيم بالعباد وغير ذلك مما سيراه.
قال: " هو المؤمن يصبر في الشدة ويشكر في الرخاء "وقد يقال : المؤمن والكافر، لكن الكافر يصبر ولا يشكر، المؤمن يصبر ويشكر، يصبر في موضع الصبر ويشكر في موضع الشكر، الكافر يصبر في موضع الصبر ويتحمل، ولكن لا يشكر في موضع الشكر وإنما يزداد بطرا وأشرا.
1 - تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( على ظهره إن في ذلك لأيات لكل صبار شكور )) هو المؤمن يصبر في الشدة ويشكر في الرخاء . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( أو يوبقهن )) عطف على يسكن أي يغرقهن بعصف الريح بأهلهن (( بما كسبوا )) أي أهلهن من الذنوب (( ويعف عن كثير )) منها فلا يغرق أهله .
2 - التعليق على تفسير الجلالين : (( أو يوبقهن )) عطف على يسكن أي يغرقهن بعصف الريح بأهلهن (( بما كسبوا )) أي أهلهن من الذنوب (( ويعف عن كثير )) منها فلا يغرق أهله . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( ويعلم )) بالرفع مستأنف ، وبالنصب معطوف على تعليل مقدر ، أي يغرقهم لينتقم منهم ويعلم (( الذين يجادلون فى ءاياتنا ما لهم من محيص )) مهرب من العذاب ، وجملة النفي سدت مسد مفعولي يعلم والنفي معلق عن العمل .
أولا فيها قراءتان: ويعلم، ويعلم، على قراءة الرفع الواو استئنافية، التقدير: وهو يعلم الذين يجادلون، وعلى قراءة النصب وجهها المؤلف بأنها معطوفة على تعليل مقدر أي: يغرقهم لينتقم منهم ويعلم، قال : (( أو يوبقهن بما كسبوا ويعفوا عن كثيرويعلم)) تجد أن الكلام لا يتناسب إلا إذا قدر ما يناسبه، المقدر على كلام المؤلف أي: يغرقهم لينتقم منهم، أي: وليعلم (( الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص )) أي مهرب من العذاب، المعنى واضح، طيب:(( ويعلم الذين يجادلون في آياتنا )) الذين فاعل(( يجادلون في آياتنا )) المجادلة هي المناظرة والمخاصمة مأخوذة من الجدل وهو الفتل، يقال: جدل الحبل أي فتله، وسمي المناظر مجادلا لأن كل واحد من المتناظرين يفتل حجته لتقوى على حجة الآخر، هذا أصل المجادلة، وهي المنازعةوالمخاصمة،(( في آياتنا ))ليثبتوا الباطل ويبطلوا الحق، تأمل مجادلة المشركين للأنبياء ما قصدهم ؟ إبطال الحق الذي جاءت به الرسل وإثبات الباطل الذي هم عليه،(( يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص ))ما لهم: ما نافية، ولا يصح أن تكون هنا حجازية لعدم الترتيب حيث قدم الخبر، إذا ما نفيها مجرد لا تعمل، ومحيص: مبتدأ مؤخر دخلت عليه من الزائدة، والمحيص المهرب، قال : " (( ما لهم من محيص )) مهرب من العذاب، وجملة النفي سدت مسد مفعولي يهرب والنفي معلق عن العمل "هذا جواب سؤال مقدر وهو أين مفعولا يعلم ؟ لأن يعلم من أفعال القلوب التي تنصب المبتدأ والخبر، يعني أنها من أخوات ظن تنصب مفعولين، أين المفعولان ؟يقول المؤلف رحمه الله :إن عملها معلق الآن، معلق بالنفي، فجملة النفي سدت مسد المفعولين، وهذا يعلم من درس النحو لأن أفعال القلوب: إما أن تعمل، وإما أن تعلق، وإما أن تلغى، إذا ألغيت بطل عملها في المحل واللفظ، وإذا علقت بقي عملها في المحل دون اللفظ، وإذا عملتعملت باللفظ والمحل.
3 - التعليق على تفسير الجلالين : (( ويعلم )) بالرفع مستأنف ، وبالنصب معطوف على تعليل مقدر ، أي يغرقهم لينتقم منهم ويعلم (( الذين يجادلون فى ءاياتنا ما لهم من محيص )) مهرب من العذاب ، وجملة النفي سدت مسد مفعولي يعلم والنفي معلق عن العمل . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص )) .
فمن فوائدها : التهديد بإغراق السفن بالمعاصي .
ومن فوائد الآية : التحذير من المعاصي وأنها سبب للعقوبات لقوله : (( بما كسبوا )).
ومن فوائد الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى يعفوا عن كثير من السيئات فلا يعاقب عليها لقوله : (( ويعفوا عن كثير ))يعني حتى مع إغراق السفن يعفوا الله تبارك وتعالى عن كثير .
ومن فوائد الآية الكريمة : تهديد أولئك العصاة بأنهم ليس لهم مهرب من الله عز وجل لقوله : (( يعلم الذين يجادلون في آياتنا )).
ومنها ذم المجادلة لإبطال الحق تؤخذ من قوله: (( ويعلم الذي يجادلون )) أما المجادلة لإثبات الحق فإنها واجبة حيث كان الإنسان يجيدها ويحسنها قال الله تبارك وتعالى:(( وجادلهم بالتي هي أحسن ))وقال تعالى :(( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ))فالمجادلة لإثبات الحق وإبطال الباطل واجبة، لكن بشرط أن يكون عند الإنسان علم بما يجادل به، فإن لم يكن له علم فالواجب ألا يجادل،لأنه إذا جادل لإثبات الحق بدون علم فقد تنعكس القضية عليه، يورد عليه من الشبهات ما لا يستطيع دفعه وحينئذ ينقطع، وانقطاع المجادل بالحق ليس ضرره على نفسه، بل هو على نفسه وعلى الحق الذي يجادل من أجل إثباته.
وهل المجادلة تحصل بالغريزة أو بالمران ؟ الجواب: بهما كليهما، قد يعطي الله سبحانه وتعالى الإنسان قوة حجة وقريحة وسرعة إجابة، وهذا من الله عز وجل، وقد يكون قليلا من هذه الناحية في أصل خلقته ولكن مع المجادلة يتمرن، ولهذا كان بعض أهل العلم إذا أراد أن يحرر مسألة ويثبتها فرض نفسه مع مجادل، فيوردعلى نفسه إشكالا ثم يجيب عنه، ثم إشكالا ثم يجيب عنه حتى يتمرن على المجادلة.
ويذكر أن عاميا يجادله نصراني يقول له: أنتم أيها المسلمون ظلمة قال: بما ؟ قال: لأنكم تجيزون أن تتزوجوا منا ولا تجيزون أن نتزوج منكم، إذا جاء هذا الإيراد على شخص لا يعرف المجادلة قال: صحيح، فقال العامي: إننا نؤمن برسولكم ولا تؤمنون برسولنا، آمنوا برسولنا نزوجكم، وهذه حجة صحيحة أو لا ؟ صحيحة لا شك، فإذا كانت صحيحة من عامي كان هذا دليلا على أن المجادلة تكون غريزة وتكون بالمراس والتمرن .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن لا مفر لمن حاد الله ورسوله من عقوبة الله لقوله: (( ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص))من المعلوم أن يعلم تنصب مفعولين، فأين مفعولاها ؟ جملة: ((ما لهم من محيص))،ماذا يسمى ؟ يسمى تعليقا، وذكرنا لكم أن ظن وأخواتها تكون عاملة ومعلقة وملغاة.
طيب قوله :((ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ))هل هذا مدح أو ذم ؟ذم، طيب كيف يكون ذما وقد أمر الله بمجادلة أهل الكتاب ؟ إذا نقول المجادلة لإظهار الحق وبيانه مأمور بها، والمجادلة التي للعكس لإبطال الحق وإظهار الباطل هذه هي التي عليها الوعيد، تمام.
4 - فوائد قوله تعالى : (( أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص )) . أستمع حفظ
قراءة الآيات القرآنية .
القارئ : (( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ))[الشورى:36].
تفسير قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) .
قال:" يتمتع فيها ثم يزول (( وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا ... )) " إلى آخره، ما هنا اسم موصول بمعنى الذي، وخير خبر المبتدأ،(( وأبقى ))فوصفه الله بوصفين مهمين جدا، الأول: أنه خير والثاني: أنه أبقى، لأن ما في الدنيا فهو متاع زائل منغص لا يكاد يمر بك أسبوع إلا وجدت التنغيص، وهذا على حد قول الشاعر :
"فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر "
أما الآخرة فهي خير محض ليس فيه شر، وأيضا هوأبقى يعني أدوم، متاع الدنيا قليل يزول سريعا بخلاف ما عند الله عز وجل،(( للذين آمنوا )) آمنوا بإيش ؟ بكل ما يجب الإيمان به، وقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال له:( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) إذا آمنوا بما يجب الإيمان به، هذه العبارة لتشمل كل شيء،(( وعلى ربهم يتوكلون ))قدم المعمول لإفادة الحصر والعناية به (( وعلى ربهم يتوكلون ))الرب هو الخالق المالك المدبر، يتوكلون: أي يعتمدون ويفوضون أمرهم إليه تبارك وتعالى، والتوكل فسره بعضهم بأنه: " صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله تبارك وتعالى "صدق الاعتماد على الله يعني: أن تعتمد على الله اعتمادا صادقا لا تلتفت لسواه، في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله عز وجل يعني: تعتمد عليه عز وجل وأنت واثق بأنه حسبك وسيعينك، والتوكل على الله نصف الدين كما قال عز وجل : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) إذ لا يمكن للإنسان أن يأتي بشرائع الإسلام إلا بالتوكل على الله والاعتماد عليه، انظر إلى قوله : (( إياك نعبد وإياك نستعين ))وإلى قوله: (( فاعبده وتوكل عليه )) تجد أن الله تعالى قسم الدين إلى قسمين: عبادة واستعانة.
6 - تفسير قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) . أستمع حفظ
التعليق على تفسير الجلالين : (( فما أوتيتم )) خطاب للمؤمنين وغيرهم (( من شيء )) من أثاث الدنيا (( فمتاع الحياة الدنيا )) يتمتع به فيها ثم يزول (( وما عند الله )) من الثواب (( خير وأبقى للذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون )) ويعطف عليهم .
" (( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا )) يتمتع به فيها ثم يزول "هذا هو الواقع أن متاع الحياة الدنيا يزول أو يزال عنه، يعني: إما هذا وإما هذا، لو قدر أن الإنسان يبقى غنيا صحيح الجسم آمن المقام، أليس من الجائز أن يسلب هذا ؟ بلى، فيكون متاعا قد زال، فإن لم يزل عنه زال الإنسان عنه، من الذي متع أبد الآبدين ؟ لا يوجد، قال الله تعالى : (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فه الخالدون ))(( وما عند الله خير وأبقى ))ما هذه اسم موصول مبتدأ، وخير خبره (( وما عند الله خير وأبقى )) خير من متاع الدنيا في ذاته ونوعه وكل متعه، وأبقى أي أدوم، لأن متاع الدنيا يزول، فنعيم الآخرة جمع بين الوصفين: أنه خير، وأنه أبقى، فباعتبار نوعه وجنسه وأصنافه هو خير، وباعتبار بقائه هو أبقى، والإنسان لا يريد من النعيم إلا هذا، لا يريد إلا الأكمل والأبقى حتى لا يزول عنه، لكن لمن ؟ للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، واعلم أن مثل هذه العبارة وردت على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول : أو يخاطب بها الشخص بعينه فيقال له: إن الآخرة خير لك .
والثاني : أن تأتي مقيدة بأوصاف محبوبة مطلوبة .
والثالث: أن تأتي مطلقة .
اسمع قول الله عز وحل لنبيه صلى الله عليه وسلم:(( وللآخرة خير لك من الأولى )) فالآن نشهد أن الآخرة للنبي صلى الله عليه وسلم خير له من الأولى، هذا قيد بشخص معين، المقيد بأوصاف كالآية التي معنا، وكقوله تعالى: (( ولدار الآخرة خير للذين اتقوا )) فهذه مقيدة بأوصاف .
الثالثة : مطلقة كقوله تعالى : (( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى )) لكن هذا المطلق يحمل على المقيد أو يقال هذا باعتبار وصفه لا باعتبار من يحصل له، فيقول من حيث الإجمال الآخرة خير وأبقى، أما من حيث التفصيل فيفصل في كل موضع بحسبه. نعم .
7 - التعليق على تفسير الجلالين : (( فما أوتيتم )) خطاب للمؤمنين وغيرهم (( من شيء )) من أثاث الدنيا (( فمتاع الحياة الدنيا )) يتمتع به فيها ثم يزول (( وما عند الله )) من الثواب (( خير وأبقى للذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون )) ويعطف عليهم . أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) .
في هذه الآية فوائد : منها التزهيد في الدنيا وأنها زائلة .
ومن فوائدها : إنذار الكفار بأن ما هم فيه من النعيم ليس بشيء بالنسبة لنعيم الآخرة.وذكر أهل التاريخ أن ابن حجر رحمه الله صاحب فتح الباري كان قاضي القضاة في مصر، فمر ذات يوم برجل يهودي زيات يعني يعمل في الزيت كل ثيابه وسخة وأوانيه وفي تعب شديد، فمر ابن حجر العسقلاني رحمه الله وهو قاضي القضاة مر بمركبه تجره الخيول أو البغال وفي أبهة، فأوقفه اليهودي وقال: ما تقولون في قول نبيكم:( إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) كيف يتفق هذا مع الحال التي نحن عليها الآن ؟ أنت مؤمن وفي هذا النعيم، واليهودي يهودي وفي هذا العناء والتعب، كيف يتفق ؟ فأجابه الحافظ ابن حجر بجواب على البديهة فقال : ما أنا فيه من النعيم بالنسبة لنعيم الآخرة سجن، لأن الآخرة خير وهذا ليس بشيء، وأنت بما أنت فيه من العناء بالنسبة لعذاب النار في جنة، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، آمن على طول لأن هذا دخل عقله وأن ما قاله الرسول حق، الدنيا مهما كانت فهي بالنسبة للآخرة سجن ما هي شيء، ولكن الدنيا مهما كانت من الضيق فهي بالنسبة للنار جنة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن حياتنا هذه دنيا،دنيا من الدنو أي القرب أو من الدناءة أي الخسة والحقارة، تشمل المعنيين جميعا، فهي قريبة لأنها سابقة على الآخرة، من حين يولد الإنسان وهو فيها، وهو دنيئة أي حقيرة بالنسبة للآخرة، إذن دنيا مؤنث أدون، وهي إما من الدنو وإما من الدناءة والحقارة، ففيها تحقير الدنيا .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة : أن ما عند الله خير من الدنيا بأجمعها لقوله : (( وما عند الله خير وأبقى )) إذا فيه التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة .
من فوائد الآية الكريمة: الثناء على من جمع بين الإيمان والتوكل لقوله : (( للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )).
من فوائدها : أن التوكل عبادة يجب إفراد الله به، وجه الدلالة ؟ تقديم المعمول، هذا دليل وجوب إفراد الله به، وأما الدليل على أنه عباده فلأن الله تعالى ذكره في مقام الثناء ولا ثناء إلا في عبادة .
ومن فوائد الآية الكريمة : فضيلة الجمع بين هذه الصفات المذكورة، لأن كل صفة منها صفة مدح لا شك، لكن اجتماعها يكون أكمل، أرأيت لو وصفت إنسانا بالكرم فقلت فلان كريم أليس مدحا ؟ طيب، إذا قلت: شجاع انضم الآن الكرم إلى الشجاعة وانضمام الصفتين بعضهما إلى بعض يولد صفة ثالثة وهو جمعه بين الصفات، طيب وهكذا نقول في كل الصفات المتعددة : أن جمعها يزيد الموصوف بها ثناء، طيب .
من فوائد الآية الكريمة : وجوب التوكل على الله لقوله: (( وعلى ربهم يتوكلون )) حيث قدم المعمول.
فإن قال قائل : أيجوز أن يتوكل على الغير فيما يقدر عليه ؟ الجواب: نعم، ولكن لا يجعل هذا التوكل تفويضا يتعلق القلب به، لأن هناك فرقا بين أن أقول: يا فلان وكلتك تشتري لي كذا وكذا، هنا أعتمد عليه لكني لا أفوض الأمر إليه، بل أنا حين أقول: يا فلان اشتري لي كذا وكذا أعتبر نفسي فوقه أو دونه ؟ فوقه،لأني أنا الآن الذي بيدي الأمر آمره وأنهاه، لكن الاعتماد الذي هو التفويض المطلق هذا لا يكون إلا لله عز وجل، فإذا أورد علينا إنسان هذا الإيراد الذي ذكرته نقول : الجواب سهل التوكيل في الشيء لا يدل على التفويض المطلق، التوكيل على الشيء لا يتعلق القلب بنفس المتوكل عليه، بخلاف التوكل على الله، فبهذا يظهر الفرق. ويقال للإنسان الذي وكل غير :إنه ليس ناقص التوكل، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل علي بن أبي طالب في حجة الوداع أن ينحر عنه بقية هديه.
وكل عروة بن الجعد أن يشتري له أضحية، اسمع القصة أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم دينارا وقال: اشتري لي به أضحية فاشترى أضحيتين بدينار ثم باع واحدة منهما بدينار، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار، الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينقصه شيء، ديناره الذي سلمه له رجع إليه، وشاته التي يريدها حصلت له، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في بيعه فكان لا يشتري شيئا إلا ربح فيه حتى لو اشترى ترابا لربح فيه ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، العلماء أخذوا من هذه القصة جواز التصرف في مال الغير لمصلحة، لأن عروة تصرف اشترى شاتين وهو مأمور بشاة واحدة، باع واحدة وهو لم يؤمر بالبيع لكن هذا لمصلحة الغير،إلا أنه مع ذلك موقوف على إجازته فلو أن هذا المتصرف قال له صاحبه: لا أرضى بهذا التصرف فإنه يرد، لو علمنا أن فلانا يريد أن يبيع بيته قد عرضه للبيع وجاء شخص وبذل فيه مالا كثيرا، بذل مثل قيمته مرتين، فجاء رجل وتقدم وباع، يجوز أو لا يجوز ؟ يجوز لأني أعرف أن الرجل عازم على بيع البيع، وهو إذا عزم على بيع البيت سيكون بيعه بثمن المثل، فإذا جاء إنسان بذل أكثر من قيمة المثل مرتين مثلا وتقدم شخص لم يوكل وباعه فالبيع صحيح، لأن هذا تصرف للغير بما يحبه، لكن لو فرض أن صاحب البيت قال: لا أجيز هذا، فحينئذ يرد البيع، فيبقى إشكال آخر مع المشتري يقول: أنا اشتريت ولا علي منك أنت وصاحبك، والموكل يقول: أنا لم أرضى، والوكيل يقول: أنا راضي، فما الحل ؟ الحل إذا كان الوكيل قد أخبر المشتري بأنه وكيل وأن البيت لفلان ثم قال فلان وهو الموكل: أنا لا أرضى بهذا البيع فسخ، وإلا بقي البيع وضمن الوكيل ما يطلبه الموكل، والله الموفق.
8 - فوائد قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )) . أستمع حفظ
سؤال عن معنى الولي والنصير في قوله تعالى: (( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )) ؟.
الشيخ : لا، الولي هو الذي يتولى الأمور وقد لا يستطيع المدافعة، والنصير يستطيع أن يدافع، فليس لهم ولي يجلب الخيرات ولا نصير يدفع الشرور.
9 - سؤال عن معنى الولي والنصير في قوله تعالى: (( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )) ؟. أستمع حفظ
هل المصائب تكون لمن يعصي الله تعالى فقط .؟
الشيخ : الجواب أن هذا لمن أصيبوا، فيبين لهم أن هذا بما كسبت أيديهم لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الله، وأما الإصابة بدون ذنب فهذه لرفعة الدرجات، لأن الإصابة يقابلها الصبر لابد من صبر عليها، والصبر درجة عالية لا ينالها إلا من وفق لها، ولا يمكن أن يقال صابر لمن لم يمسه أذى، ولهذا كان البلاء الذي للأنبياء مضاعفا علىالبلاء الذي على غيرهم حتى في الأمراض فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوعك كما يوعك الرجلان منا، وشدد عليه في الموت عليه الصلاة والسلام حتى يكون آخر حياته على أتم مقامات الصبر، أما إذا قيل ذلك في المذنبين فالمراد أن ينتهوا عن ذنوبهم...لا، هذه ما هي عقوبة من الله عز وجل، خزي يعني ذل، أن هؤلاء المسيطرين المستكبرين سوف يعود أمرهم إلى ذل وفي الآخرة يعذبون، نعم.
في قوله تعالى : (( ويعلم الذين يجادلون في آياتنا )) هل المقصود بالآيات الشرعية أو الكونية .؟
الشيخ : الكونية والشرعية، فالمجادلة بالآية الكونية أن يقول لماذا قدر الله كذا ؟ ولماذا يقدر الله على الشعب المسلم الحروب والفتن وما أشبه ذلك ؟ وفي الآية الشرعية واضح، يقول: لما أوجب الله كذا ولما حرم كذا وما أشبه ذلك.
11 - في قوله تعالى : (( ويعلم الذين يجادلون في آياتنا )) هل المقصود بالآيات الشرعية أو الكونية .؟ أستمع حفظ
ما المقصود بالجدال في قوله تعالى : (( ولا تجادلوا أهل الكتاب )) .؟
الشيخ : نعم المراد بذلك جدال المراء الذي يقصد به المغالبة، أما الذي يقصد به إثبات الحق فواجب حتى قوله تعالى في الحج : (( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ))هذا الجدال الذي من أجل أن يماري السفهاء أو بغير فائدة، أما لإثبات الحق فلابد منه، نعم. ... يجب للمجادل لإثبات الحق أن تكون نيته إعلاء كلمة الله.
الطالب : إن شابه شيء من الرياء يبطل ؟
الشيخ :يبطل لكن يجب أن الإنسان يدافع الرياء أو يقصد بالرياء أن يعلوا على هذا العدو المجادل بالباطل، هذا ما فيها بأس.
هل " من " في قوله تعالى : (( فما أوتيتم من شيء )) زائدة .؟
الشيخ : لا، عدلنا عنها، قلنا:(( وما أوتيتم من شيء )) قلنا: بيانية في الأول، ولكن تبين أن ما ليست نافية، لكنها زائدة لعموم النفي أي: أي شيء أتيتموه فمتاع الحياة الدنيا .
سؤال عن معنى قوله تعالى : (( وينشر رحمته )) .؟
الشيخ : فسره المؤلف.
الطالب : فهل يقال في الدعاء، دعاء حين نزول المطر إنه رحمة ؟
الشيخ : ذكرنا أن كلام المؤلف قاصر، المراد بنشر الرحمة ما يحدث من آثار المطر. نسأل الله تعالى أن يشملنا وإياكم برحمته، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضى.