تتمة فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " ... جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، ... " .
ومن فوائده : حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقا لأن الله قال : (( نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) ، فأعظم الناس خُلُقا وأحسن الناس خُلُقا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان يعود أصحابه ، ويزورهم ويسلم عليهم حتى إنه يمر بالصبيان الصبيان الصغار ، فيسلم عليهم صلوات الله وسلامه عليه ، والله الموفق .
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد سبق الكلام على بعض فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، حين جاءه النبيُ صلى الله عليه وسلم يعوده مِن وجع كان به ، وسبق لنا شيء من الكلام على عيادة المريض ، وما ينبغي للإنسان أن يفعله عند عيادته للمريض ، ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي للإنسان مشاورةُ أهل العلم ، لأن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يتصدق بشيء مِن ماله قال : ( يا رسولَ الله إني ذو مال كثير ، ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : لا ، قال : بالشطر ؟ قال : لا ، قال : بالثلث ؟ قال : الثلث والثلث كثير ) : ففيه استشارة أهل العلم والرأي ، وكل إنسان بحسبه ، فمثلا إذا كنت تريد أن تقدم على شيء مما يتعلق في أمور الدين فشاور أهل العلم ، لأنهم أعلم بأمور الدين من غيرهم ، إذا أردت أن تشتري بيتا فشاور أصحاب المكاتب العقارية ، إذا أردت أن تشتري سيارة فاستشر المهندسين في ميكانيكية السيارات ، وهكذا ، ولهذا يُقال : " إنه لا خاب من استشار ولا ندم من استخار " ، والإنسان بلا شك لا ينبغي له أن يُكمِّل نفسه ، من ادعى الكمال لنفسه فهو الناقص ، بل لا بد أن يراجع خصوصا في الأمور الهامة التي تتعلق بمسائل الأمة ، فإن الإنسان قد يحمله الحماس والعاطفة على فعل شيء هو في نفسه حق ولا بأس به ، لكن التحدث عنه قد يكون غير مصيب ، إما في الزمان أو في المكان أو في الحال .
1 - تتمة فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " ... جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، ... " . أستمع حفظ
فائدة : دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة .
الطالب : الرسول صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : الرسول صلى الله عليه وسلم أَسَدُّ الناس رأيا وأرجحهم عقلا وأبلغهم نصحا صلوات الله وسلامه عليه ، الإنسان ربما تأخذه العاطفة فيندفع ويقول : هذا لله ، هذا أنا أفعله ، سأصدع بالحق سأقول سوف لا تأخذني في الله لومة لائم وما أشبه ذلك من الكلام ، ثم تكون العاقبة وخيمة ، ثم إن الغالب أن الذي يحكِّم العاطفة ويتبع العاطفة ولا ينظر للعواقب ولا للنتائج ولا يقارن بين الأمور ، الغالب أنه يحصل على يديه مِن المفاسد ما لا يعلمه إلا الله عز وجل ، مع أن نيته طيبة ، وقصده حسن ، لكن لم يحسن أن يتصرف ، لأن هناك فرقا بين حسن النية وحسن التصرف ، قد يكون الإنسان حسن النية لكنه سيء التصرف ، وقد يكون سيء النية ، والغالب أن سيء النية يكون سيء التصرف ، لكن مع ذلك قد يحسن التصرف لينال غرضه السيء ، فالإنسان يُحمد على حسن نيته ، لكن قد لا يحمد على سوء فعله ، إلا أنه إذا عُلِم منه أنه معروف بالنصح والإرشاد فإنه يعذر بسوء تصرفه ، ويُلتمس له العذر ، ولا ينبغي أيضا أن يُتخذ مِن فعله هذا الذي لم يكن موافقا للحكمة ، لا ينبغي بل لا يجوز أن يُتخذ منه قدح في هذا المتصرِف ، وأن يُحمَّل ما لا يتحمله ، ولكن يعذر ويبين له وينصح ويرشد ويقال : يا أخي هذا كلامك أو فعلك حسن طيب ، وصوابه في نفسه ، لكنه غير صواب في محله أو في زمانه أو في مكانه ، المهم أن في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يستشير مَن هو أكمل منه رأيا ، وأكثرُ منه علما .
وفيه أيضا من الفوائد : أنه ينبغي للمستشير أن يذكر الأمر على ما هو عليه حقيقة ، لا يلوذ يمينا وشمالا ، بل يذكر الأمر حقا على ما هو عليه حتى يتبين للمستشَار حقيقة الأمر ، ويبني مشورته على هذه الحقيقة ، ولهذا قال سعد : " إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة " ، فقوله : " إني ذو مال " : بيان لسبب العطية التي يريد أن يعطيها ، " ولا يرثني إلا ابنة لي " : بيان لانتفاء المانع ، يعني ما في مانع أني أُعطي كثيرا لأني ما عندي وارث ، ففيه أنه ينبغي في الاستشارة أن يذكر الإنسان أسباب الشيء ، وأن يذكر موانعه وجميع ما يتعلق به ، حتى يكون المشير على بينة وبرهان ، فيشير بما يرى أنه حق ، والمستشار عليه أن يتقي الله عز وجل فيما أشار فيه ، وألا تأخذه العاطفة في مراعاة المستشير ، لأن بعض الناس إذا استشاره الشخص ورأى أنه يميل إلى أحد الأمرين أو أحد الرأين ذهب يشير عليه به ، يقول : أنا أحب أن يوافق الذي أرى أنه يناسبه ، وهذا خطأ ، خطأ عظيم وخيانة ، الواجب إذا استشارك أن تقول له ما ترى أنه حق وأنه نافع سواء أرضاه أم لم يرضه ، وأنت إذا فعلت هذا كنت ناصحا وأديت ما عليك ، ثم إن أخذ به ورأى أنه صواب فذاك ، وإن لم يأخذ به فقد برئت ذمتك ، أما أن تستنتج من كلامه أنه يميل إلى كذا ثم تشير عليه فيه ، فهذا غلط ، غلط عظيم خيانة ، مع أنك ربما تستنج شيئا خطأ ، قد تستنتج أنه يريد كذا وهو لا يريده ، فتكون خسرانا من وجهين : من جهة الفهم السيء ، ومن جهة القصد السيء - يرحمك الله - وفي قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا ) : دليل على أنه لا حرج أن يستعمل الإنسان كلمة : لا ، وليس فيها شيء ، فالنبي عليه الصلاة والسلام استعمل كلمة : لا ، وأصحابه رضي الله عنهم استعملوا معه كلمة : لا ، فجابر رضي الله عنه لما أعيا جمله ، ولحقه النبي عليه الصلاة والسلام -هي قصة عجيبة- جابر كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر وكان على جمل هزيل لا يمشي ، تعب فلحقه النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف لحقه وهو هزيل ؟ يعني أن الجمل قدام الناس ؟ لا ، لكن من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه راعي أمته أنه يمشي في الآخر ، ما يمشي قدامهم ، يمشي وراهم ، لأجل أحد احتاج ولا شيء يساعده عليه الصلاة والسلام ، شوف التواضع وحسن الرعاية ، لحق جابرا وإذا جمله أعيا ما يمشي ، فضربه النبي ، ضرب الجمل ودعا له ، وقال : ( بعنيه بأوقية فقال جابر : لا ) ، شوف قال : لا للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أنكر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ، والنبي عليه الصلاة والسلام هنا لما قال له سعد : ( أتصدق بثلثي مالي . قال : لا ) إذن ما في مانع أن تقول : لا ، وليس سوء أدب ولا سوء خلق ، كثير من الناس الآن يأنف أن يقول : لا ، يقول : سلامتك ، سلامتك ، سلامتك لا بأس طيب تدعو له بالسلامة ، لكن إذا قلت : لا ، فليس عليك عيب .
ومن فوائد هذا الحديث أنه لا يجوز للمريض مرضا مخوفا أن يُعطي أكثر من الثلث ، إلا إذا أجازه الورثة ، لأن الورثة تعلق حقهم بالمال ، لما مرض الرجل تعلق حق الورثة بالمال ، فلا يجوز أن يعطي أكثر من الثلث ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الثلثين لا ، وفي النصف لا ، وفي الثلث قال : ( الثلث والثلث كثير ) .
وفيه دليل على أنه ينبغي أن يكون عطاءه أقل من الثلث كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الثلث والثلث كثير ) ، والله الموفق .
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجميعن ، أما بعد :
فقد سبق لنا بعض الفوائد من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يعودُه من مرض كان به ، وأنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتصدق به ، فاستشار النبيَ صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بالثلثين ، ثلثي ماله ، فقال : ( لا . قال : فالشطر ؟ قال : لا ، قال : فالثلث ؟ قال : الثلث والثلث كثير ) ، ثم بين النبيُ صلى الله عليه وسلم أنه إذا ترك ورثته أغنياء كان خيرا من أن يتركهم عالة يتكففون الناس .
فمن فوائد هذا الحديث بالإضافة إلى ما سبق : أنه لا يجوز للإنسان إذا كان مريضا مرضا يُخشى منه الموت أن يتبرع بأكثر من الثلث من ماله ، لا صدقة ولا مشاركة في بناء مساجد ، ولا هبة ، ولا غير ذلك ، لا يزيد على الثلث ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بما زاد على الثلث .
ومن فوائده أنه ينبغي أن يغض من الثلث ، يعني الربع الخمس دون ذلك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى استحباب الغض من الثلث في قوله : ( والثلث كثير ) ، وبهذا استدل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حيث قال : ( لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الثلث والثلث كثير ) .
والوصية كالعطية ، فلا يجوز أن يوصي الإنسان بشيء مِن ماله بعد موته زائدٍ على الثلث ، بل يكون من الثلث فأقل ، والأفضل في الوصية أن تكون بالخمُس ، بخمس المال ، لأن أبا بكر رضي الله عنه قال : " أرضى بما رضيه الله لنفسه الخمس " : فأوصى بخمسه رضي الله عنه ، ومن ثَمَّ قال فقهاؤنا رحمهم الله : " يُسن أن يوصي بالخمس إن ترك مالا كثيرا " .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه إذا كان مال الإنسان قليلا ، وكان ورثته فقراء فالأفضل ألا يوصي بشيء لا قليل ولا كثير ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) ، خلافا لما يظنه بعض العوام أنه لابد من الوصية ، هذا خطأ ، الإنسان الذي ماله قليل وورثته فقراء ليس عندهم مال ، لا ينبغي له أن يوصي ، الأفضل ألا يوصي ، ويظن بعض العامة أنه إذا لم يوص لم يكن له أجر وليس كذلك ، بل إذا ترك المال لورثته فهو مأجور في هذا ، وإن كان الورثة سوف يرثونه قهرا ، لكن إذا جاء مسترشدا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم لقوله : ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) : فإنه أجره في ذلك أفضل من أن يتصدق عنه بشيء من ماله .
ومن فوائد هذا الحديث : خوف الصحابة المهاجرون الذين هاجروا من مكة ، خوفهم أن يموتوا في مكة ، لأن سعدًا رضي الله عنه قال : ( أُخلَّف بعد أصحابي ) ، وهذه الجملة استفهامية يعني أأخلف ؟ وهذا استفهام توقعي مكروه ، يعني أنه لا يحب أن يتخلف فيموت في مكة ، وقد خرج منها مهاجرا إلى الله ورسوله ، وهكذا كل شيء تركه الإنسان لله لا ينبغي له أن يرجع فيه ، وقد سبق لنا في شرح الحديث أن من ذلك ما فعله بعض الناس حيث تخلصوا من جهاز التلفزيون لما رأوا مِن مضاره ومفاسده ما يربو على منافعه ومصالحه ، تركوه لله فكسروه ، ثم جاؤوا يسألون هل يعيدونه مرة ثانية ؟
نقول : لا تعده مرة أخرى ، ما دمت قد تخلصت منه ابتغاء وجه الله فلا ترجع فيما تركته لله .
تتمة فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " ... جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، ... " .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ما مِن إنسان يعمل عملا يبتغي به وجه الله إلا ازداد به رفعة ودرجة حتى وإن كان في مكان لا يحل له البقاء فيه ، لأن العمل شيء والبقاء شيء آخر ، ولهذا كان القول الراجح مِن أقوال أهل العلم أن الإنسان إذا صلى في أرض مغصوبة ، فإن صلاته صحيحة ، لأن النهي ليس عن الصلاة ، بل النهي عن الغصب ، فالنهي منصَبٌ على شيء غير الصلاة فتكون صلاته صحيحة في هذا المكان المغصوب ، لكنه آثم ببقائه في هذا المكان المغصوب ، نعم لو ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تصل في أرض مغصوبة ، لقلنا إذا صليت في الأرض المغصوبة صلاتك باطلة ، كما نقول : إنك إذا صليت في المقبرة فصلاتك باطلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ) ، هذا غير صلاة الجنازة ، لأن صلاة الجنازة تجوز حتى في المقبرة .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الإنسان إذا أنفق نفقة يبتغي بها وجه الله فإنه يثاب عليها ، حتى النفقات على أهله وزوجته بل وعلى نفسه إذا ابتغى بها وجه الله أثابه الله عليها ، وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يستحضر نية التقرب إلى الله في كل ما ينفق حتى يكون له في ذلك أجر ، كل شيء تنفقه صغيرا كان أم كبيرا ، على نفسك على أهلك على أصحابك على أي واحد من الناس ، إذا ابتغيت به وجه الله أثابك الله على ذلك ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على فوائده .
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد :
فقد سبق ما تيسر من الفوائد على حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عاده في مرضه ، وأنه استشار النبيَ صلى الله عليه وسلم في الصدقة بثلثي ماله ، أو نصفه ، أو ثلثه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( الثلث والثلث كثير ) ، وأنه رضي الله عنه تخوَّف أن يموت بمكة وقد هاجر منها ، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يموت بمكة ، وأنه سيبقى حسب ما توقعه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أمضِ لأصحابي هجرتهم ) : سأل النبيُ صلى الله عليه وسلم ربه أن يمضي لأصحابه هجرتهم وذلك بثباتهم على الإيمان ، وبقائهم في الأوطان التي هاجروا إليها من مكة ، ولهذا قال : ( ولا تردهم على أعقابهم ) الرد على العقب يعني : الكفر بعد الإسلام والعياذ بالله ، كما قال الله تعالى : (( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) .
( لكن البائس ) يقوله النبي صلى لله عليه وسلم : ( البائس سعدُ بن خولة ) : سعد بن خولة رضي الله عنه من المهاجرين الذين هاجروا من مكة ولكن الله قدَّر أن يموت فيها ، فمات فيها فرثى له النبي عليه الصلاة والسلام ، يعني توجع له أن مات بمكة ، وقد كان يكرهون أن يموت المهاجر في الأرض التي هاجر منها ، هذا ما تيسر من الكلام على هذا الحديث ،والمؤلف رحمه الله تعالى ذكره في باب النية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد : ( إنك لن تعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به رفعة ودرجة ) ، وقال له : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ) ، فأشار في هذا الحديث إلى الإخلاص في كون الإنسان يبتغي بعمله وبإنفاقِ ماله وجهَ الله حتى ينال على الأجر وزيادة الدرجات والرفعة عند الله عز وجل ، والله الموفق .
3 - تتمة فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " ... جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم ... " .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) ، رواه مسلم " .
4 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ) وفي لفظ : ( قلوبكم وأعمالكم ) : هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم )) ، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى العباد ، إلى أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة أو صحيحة أو سقيمة ، ولا ينظر إلى الصور هل هي جميلة أو ذميمة ؟ لا ، كل هذا ليس بشيء عند الله ، وكذلك لا ينظر إلى الأنساب هل هي رفيعة أو دنيئة ، ولا ينظر إلى الأموال ، ولا ينظر إلى شيء من هذا أبدا ، ليس بين الله تعالى وبين خلقه صلة إلا بالتقوى ، فمن كان لله أتقى ، كان من الله أقرب وكان عند الله أكرم .
إذن لا تفتخر بمالك ولا بجمالك ولا ببدنك ولا بأولادك ولا بقصورك ولا بسياراتك ولا بشيء من هذه الدنيا أبدا ، إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك ، فاحمد الله عليه ، قال : ( ولكن ينظر إلى قلوبكم ) : فالقلوب هي التي عليها المدار ، وهذا يؤيد الحديث الذي صدَّر المؤلفُ به الكتاب : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، القلوب هي التي عليها المدار ، كم من إنسان ظاهر عمله أنه صحيح وجيد وصالح لكن لما بُني على خراب صار خرابا ، النية هي الأصل ، تجد رجلين يصليان في صف واحد بإمام واحد يكون بين صلاتيهما كما بين المشرق والمغرب ، لماذا ؟ لأن القلب أحدهما قلبه غافل ، بل ربما يكون مُرائيا في صلاته والعياذ بالله يريد بها الدنيا ، والآخر قلبه حاضر يريد بصلاته وجه الله واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينهما فرق عظيم ، فالعلم على ما في القلب ، وعلى ما في القلب يكون الجزاء يوم القيامة ، كما قال الله تعالى : (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) : تُختبر السرائر ما هي الظواهر ، في الدنيا الحكم بين الناس على الظاهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) ، لكن في الآخرة العلم على ما في السرائر -نسأل الله أن يطهر سرائرنا وإياكم- العلم على ما في السرائر ، إذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير ، وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله ، وقال الله تعالى : (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )) : فالعلم على ما في القلب ، وإذا كان الله تعالى في كتابه وكان رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته يؤكدان على إصلاح النية ، فالواجب على الإنسان أن يصلح نيته ، يصلح قلبه ، ينظر ما في قلبه من الشك فيزيل هذا الشك إلى اليقين ، كيف ؟ إذا قال الإنسان إذا كان فيه شك كيف يكون يقين ؟ ينظر في الآيات ، ينظر في الآيات : (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )) ، (( إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين )) ، (( (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )) ، أنت انظر في آيات الله ، إذا ألقى الشيطان في قلبك الشك فانظر في آيات الله ، انظر في هذا الكون ، انظر من يدبره ، انظر كيف تتغير الأحوال ، كيف يداول الله الأيام بين الناس حتى تعلم أن لهذا الكون مدبرا حكيما عز وجل ، الشرك طهر قلبك من الشرك ، كيف أطهر قلبي من الشرك ؟ أطهر قلبي بأن أقول لنفسي : إن الناس لا ينفعونني ، إن عصيت الله لم ينقذوني من العقاب ، وإن أطعت الله لم يجلبوا إلي الثواب ، من الذي يجلب لك الثواب ؟ هو الله ، من الذي يدفع عنك العقاب ؟ هو الله ، إذا كان الأمر كذلك فلماذا تشرك بالله عز وجل ؟! لماذا تنوي بعبادتك أن تتقرب إلى الخلق ؟! ولهذا من تقرب إلى الخلق بما يتقرب به إلى الله ابتعد الله عنه وابتعد عنه الخلق ، يعني لا يزيده تقربه إلى الخلق بما يقربه إلى الله إلا بعدا من الله ومن الخلق ، لأن الله إذا رضي عنك أرضى عنك الناس ، وإذا سخط عليك أسخط عليك الناس ، نعوذ بالله من سخطه وعقابه ، المهم يا أخي عالج القلب ، عالج القلب دائما ، كن دائما في غسيل للقلب حتى يطهر كما قال الله تعالى : (( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُم )) ، (( لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُم )) فتطهير القلب أمر مهم جدا ، أسأل الله أن يطهر قلبي وقلوبكم وأن يجعلنا له مخلصين ولرسوله متبعين .
الطالب : آمين .
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله )) متفق عليه ... " .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياءً ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) ، متفق عليه " .
6 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله )) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) متفق عليه ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء ) وفي لفظ : ( ويقاتل ليُرى مكانه أي ذلك في سبيل الله ؟ قال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) ، وقوله : ( من قاتل لتكون ) : في هذا إخلاص النية لله عز وجل ، وهذا هو الذي ساق المؤلف الحديث من أجله ، إخلاص النية ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن الذي يقاتل على هذه الوجوه الثلاثة :شجاعة وحمية ويرى مكانه ، أما الذي يقاتل شجاعة فمعناه : أنه رجل شجاع يحب القتال ، لأن الرجل الشجاع متصف بالشجاعة ، والشجاعة لابد لها من ميدان تظهر فيه ، فتجد الشجاع يحب أن الله ييسر له قتالا ليقاتل ويظهر شجاعته ، فهو يقاتل لأنه شجاع يحب القتال . الثاني : يقاتل حمية ، حمية على مَن ؟ حمية على قوميته ، حمية على قبيلته ، حمية على وطنه ، حمية لأي عصبية كانت . الثالث : يقاتل ليُرى مكانه يعني ليراه الناس ويعرفوا أنه شجاع فعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال كلمة موجزة ميزانا للقتال ، فقال : ( مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) ، وعدل النبي عليه الصلاة والسلام عن ذكر هذه الثلاثة ليكون أعم وأشمل ، لأن الرجل ربما يقاتل من أجل الاستيلاء على الأوطان والبلدان ، يقاتل مِن أجل أن يحصل على امرأة يسبيها من هؤلاء القوم ، المهم أن النيات ما لها حد ، لكن هذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ميزان تام عدل ، ومِن هنا نعلم أنه يجب أن تعدَّل اللهجة التي يتفوه بها اليوم كثير من الناس ، اللهجة لهجتان : لهجة يقاتلون للقومية ، القومية العربية ، والقتال للقومية العربية قتال جاهلي مَن قُتل فيه فليس شهيدا ، فقد الدنيا وخسر الآخرة ، لأنه ليس ذلك في سبيل الله ، القتال لأجل القومية العربية هو قتال جاهلي ، لا يفيد الإنسان شيئا ، ولذلك على الرُّغم من قوة الدعاية للقومية العربية لم نستفد شيئا ، اليهود استولوا على بلادنا ، نحن تفككنا ، دخل في ميزان هذه القومية قوم كفار من النصارى وغير النصارى ، وخرج منها قومٌ مسلمون من غير العرب فخسرنا ملايين العالم ، ملايين الناس من أجل هذه القومية ، ودخل فيها قوم لا خير فيهم ، قوم إذا دخلوا في شيء كتب عليه الخذلان والخسارة ، أيضا القومية العصبية الثانية أو الحمية الثانية : حمية الوطن ، أن نقاتل لأجل الوطن نحن إذا قاتلنا لأجل الوطن لم يكن فرق بين قتالنا وبين قتال الكافر عن وطنه ، حتى الكافر يقاتل عن وطنه ويدافع عن وطنه ، والذي يقتل من أجل الدفاع عن الوطن فقط ليس بشهيد ، ولكن الواجب علينا ونحن مسلمون وفي بلد إسلامي ولله الحمد نسأل الله أن يثبتنا على ذلك ، الواجب أن نقاتل من أجل الإسلام في بلادنا ، انتبه للفرق ، نقاتل من أجل الإسلام في بلادنا ، نحمي الإسلام الذي في بلادنا ، نحمي الإسلام لو كنا في أقصى الشرق أو الغرب ، لو كان بلادنا في أقصى الشرق أو الغرب قاتلنا للإسلام ، ما هو لوطننا فقط ، فيجب أن تصحح هذه النغمة فيقال : نحن نقاتل من أجل الإسلام في وطننا ، أو من أجل وطننا لأنه إسلامي ندافع عن الإسلام الذي فيه ، أما مجرد الوطنية فإنها نية باطلة ، لا تفيد الإنسان شيئا ، وليس فرق بين الإنسان الذي يقول إنه مسلم والإنسان الذي يقول إنه كافر إذا كان القتال من أجل الوطن لأنه وطنه ، وما يُذكر من أن حب الوطن من الإيمان ، وأن ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كذب ، هذا كذب ليس حديثا عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، حب الوطن إن كان لأنه وطن إسلامي فهذا تحبه لأنه وطن إسلامي ، ولا فرق بين وطنك الذي هو مسقط رأسك أو الوطن البعيد من بلاد المسلمين ، كلها وطن إسلامي يجب أن نحميه ، على كل حال يجب أن نعلم أن النية الصحيحة هي أن نقاتل من أجل الدفاع عن الإسلام في بلدنا ، أو مِن أجل وطنا لأنه وطن إسلامي لا لمجرد الوطنية ، هذا في القتال من أجل الوطن يجب أن يصحح .
أما قتال الدفاع ، يعني لو أن أحدا صال عليك في بيتك يريد أخذ مالك أو يريد أن ينتهك عرض أهلك مثلا فإنك تقاتله ، قاتله كما أمرك بذلك النبي عليه الصلاة والسلام ، فقد سئل عن الرجل يأتيه إنسان يقول : أعطني مالك قال : ( لا تعطه ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله . قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : إن قتلك فأنت شهيد . قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : إن قتله فهو في النار ) ، لأنه معتد ظالم حتى وإن كان مسلما ، إذا جاء مسلم يريد أن يقاتلك ويخرجك من بلدك من بيتك قاتله ، إن قتله فهو في النار ، وإن قتلك فأنت شهيد ، لا تقول والله كيف أني أقتل مسلم ؟ كيف أقدم على قتل مسلم ؟!
هو المعتدي ، ولو كتفنا أيدينا أمام المعتدين الظالمين الذين لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة ولا دينا ، لكان المعتدون لهم السلطة وأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ، ولذلك نقول : هذه المسألة ليست من باب قتال الطلب ، قتال الطلب معلوم أنني لا أذهب أقاتل مسلما أطلبه ، لكن أدفع عن نفسي ومالي وأهلي ولو كان مؤمنا ، ما هو مسلم فقط ، لو كان من أعظم الناس إيمانا ، مع أنه لا يمكن أبدا أن يكون شخص معه إيمان يُقدم على مسلم يقاتله ليستولي على أهله وماله أبدا ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) ، لا إيمان لإنسان يقاتل المسلمين إطلاقا ، فإذا كان هذا الرجل فاقد الإيمان أو ناقص الإيمان ، فإنه يجب أن نقاتله دفاعا عن النفس وجوبا ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( قاتله ) وقال : ( إن قتلته فهو في النار ، وإن قتلك فأنت شهيد ) : لأنك تقاتل دون مالك ودون أهلك ودون نفسك .
فالحاصل أن هناك قتالين : قتال للطلب ، أذهب أنا أقاتل الناس مثلا في بلادهم هذا لا يجوز إلا في شروط معينة ، مثلا : قال العلماء : " إذا ترك أهل قرية الأذان -الأذان وهو مو من أركان الإسلام- إذا ترك أهل قرية الأذان وجب على ولي الأمر أن يقاتلهم حتى يؤذنوا " ، لأنهم تركوا شعيرة من شعائر الإسلام ، إذا تركوا صلاة العيد قالوا : ما نصلي صلاة العيد لا في بيوتنا ولا في الصحراء يجب أن نقاتلهم ، حتى لو فُرض أن قوما قالوا : يا جماعة تعالوا هل الأذان من أركان الإسلام ؟ قلنا : لا ، لكنه من شعائر الإسلام ، فنقاتلكم حتى تؤذنوا ، إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين مثل قبيلتان بينهما عصبية تقاتلا ، وجب علينا أن نصلح بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى وجب أن نقاتلها حتى تفيء إلى أمر الله ، مع أنها مؤمنة لكن فرق بين قتال الدفاع وقتال الطلب ، الطلب ما نطلب إلا مسلما أو من أباح الشارع قتاله ، وأما الدفاع فلا بد أن ندافع ، خلاصة الكلام في هذا الدرس : أنه يجب علينا أن نصحح النية ، نقاتل دفاعا عن الإسلام الذي في بلادنا ، أو عن أوطاننا التي فيها الإسلام لأجل الإسلام الذي فيها ، أما أن نقاتل من أجل الوطن فقط لأنه ترابنا وأنه مسقط رؤوسنا وما أشبه ذلك فهذا قتال جاهلي لا خير فيه ، ومن قتل فيه فليس من الشهداء ، لذلك نرجو منكم أن تنبهوا على هذه المسألة .
7 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ