شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب التوبة . قال العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط : أحدها : أن يقلع عن المعصية . والثاني : أن يندم على فعلها . والثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا . فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب التوبة " : التوبة مِن تاب يتوب إذا رجع ، وهي الرجوع من معصية الله إلى طاعته ، وأعظمها وأوجبها التوبة من الكفر إلى الإيمان ، قال الله تعالى : (( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ )) .
ثم يليها التوبة من الكبائر من كبائر الذنوب .
ثم المرتبة الثالثة : التوبة من صغائر الذنوب .
والواجب على المرء أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من كل ذنب ، وللتوبة شروط ثلاثة كما قال المؤلف -رحمه الله- ولكنها بالتتبع تبلغ إلى خمسة : الشرط الأول : الإخلاص لله بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله عز وجل وأن يتوب الله عليه ويتجاوز عما فعل من المعصية ، لا يقصد بذلك مراءاة الناس والتقرب إليهم ، ولا يقصد بذلك دفع الأذية من السلطات وولي الأمر ، وإنما يقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة وأن يعفو الله عن ذنوبه .
الشرط الثاني : الندم على ما فعل من المعصية ، لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة ، يعني بمعنى أن يتحسر على ما سبق منه وينكسر مِن أجله ، ولا يرى أنه في حلٍ منه حتى يتوب إليه ، حتى يتوب منه إلى الله .
الشرط الثالث : أن يُقلع عن الذنب الذي هو فيه ، وهذا من أهم شروطه والإقلاع عن الذنب : إن كان الذنب ترك واجب فالإقلاع عنه بفعله ، مثل أن يكون شخص لا يزكي ، فأراد أن يتوب إلى الله ، فلابد مِن أن يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها ، إذا كان الإنسان مقصرا في بر الوالدين فإنه يجب عليه أن يقوم ببرهما ، إذا كان مقصرا في صلة الرحم فإنه يجب عليه أن يصل الرحم ، وإن كانت المعصية بفعل محرم فالواجب أن يقلع عنه فورا ، ولا يبقى فيه ولا لحظة ، إذا كانت من أكل الربا مثلا فالواجب أن يتخلص من الربا بتركه والبعد عنه ، وإخراج ما اكتسبه عن طريق الربا ، إذا كانت المعصية بالغش والكذب على الناس وخيانة الأمانة فالواجب عليه أن يقلع عن ذلك ، وإذا كان اكتسب مالا عن هذا الطريق المحرم فالواجب عليه أن يرده إلى صاحبه ، أو يستحله منه ، إذا كانت غيبة فالواجب أن يقلع عن غيبة الناس ، والتكلم في أعراضهم ، أما أن يقول : إنه تائب إلى الله وهو مصر على ترك الواجب أو مصر على فعل المحرم ، فإن هذه التوبة غير مقبولة ، بل إن هذه التوبة كالاستهزاء بالله عز وجل ، كيف تتوب إلى الله وأنت مصر على معصيته ؟ لو أنك تعامل بشرا من الناس وتقول : أنا تبت إليك وأنا نادم خلاص ما أعود ، ثم في نيتك وفي قلبك أنك ستعود وعدت ، فإن هذا سخرية بالرجل فكيف بالله رب العالمين ، فالإنسان التائب حقيقة هو الذي يقلع عن الذنب ، من الغريب أن بعض الناس تجلس إليه وتجده يتأوه من وجود الربا وهو في نفسه يرابي والعياذ بالله ، أو يتأوه مِن الغيبة وأكل لحوم الناس وهو مِن أكثر الناس غيبة نسأل الله العافية ، أو يتأوه من الكذب وضياع الأمانة في الناس وهو من أكذب الناس وأضيعهم للأمانة .
على كل حال الإنسان لابد أن يقلع عن الذنب الذي تاب منه ، فإن لم يقلع فتوبته مردودة ولا تنفعه عند الله عز وجل ، ويأتي البقية إن شاء الله .
الطالب : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال -رحمه الله تعالى- : " قال الله تعالى : (( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) ، وقال تعالى : (( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )) ، وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً )) " .
1 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب التوبة . قال العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط : أحدها : أن يقلع عن المعصية . والثاني : أن يندم على فعلها . والثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا . فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة ، وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه ، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كانت غيبة استحله منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي ... " .
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد سبق لنا ذكر شروط التوبة ، وأنها خمسة : الإخلاص لله ، والندم على فعل المعصية ، والإقلاع عنها ، والإقلاع عنها : يعني ترك المحرم إن كانت المعصية فعل محرم ، وفعل الواجب إن كانت المعصية ترك واجب ، والإقلاع عن الذنب : إما أن يكون إقلاعا عن ذنب يتعلق في حق الله عز وجل ، فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربك ، ولا ينبغي بل قد نقول : لا يجوز أن تُحدث الناس بما صنعت من المحرم أو ترك الواجب ، لأن هذا بينك وبين الله ، فإذا كان الله قد مَنَّ عليك بالستر وسترك عن العباد فلا تحدث أحدا بما صنعت إذا تبتَ إلى الله ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين ) ، ومن المجاهرة أن يفعل الإنسان الذنب ، كما جاء في الحديث ، أن يفعل الذنب ثم يصبح يحدث به الناس يقول : فعلت كذا وكذا إلى آخره ، إلا أن بعض العلماء قال : إذا فعل الإنسان ذنبا فيه حدّ ، فإنه لا بأس أن يذهب إلى الإمام الذي يقيم الحدود مثل الأمير ، ويقول : إنه فعل الذنب الفلاني ويريد أن يطهره منه ، ومع ذلك فالأفضل أن يستر على نفسه ، هذا هو الأفضل ، يعني يباح له أن يذهب إلى ولي الأمر إذا فعل معصية فيها حد كالزنا مثلا ، فيقول : إنه فعل كذا وكذا يطلب إقامة الحد عليه ، لأن الحد كفارة للذنب ، أما المعاصي الأخرى فاسترها على نفسك ، كما سترها الله ، وكذلك الزنا وشبهه استره على نفسك بالنسبة لغير ولي الأمر ، لا تفضح نفسك ما دمتَ تبت بينك وبين الله فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .
أما إذا كان الذنب بينك وبين الخلق : فإن كان مالا فلا بد أن تؤديه إلى صاحبه ، ولا تقبل التوبة إلا بأدائه ، مثل أن تكون قد سرقت مالا من شخص ، وتبت من هذا ، فلا بد أن توصل المسروق إلى المسروق منه ، جحدت حقا لشخص يعني في ذمتك دين لإنسان ، وأنكرته ثم تبت فلا بد أن تذهب إلى صاحب الدين الذي أنكرته عليه وتقر عنده وتعترف حتى يأخذ حقه ، فإن كان قد مات فإنك تعطيه ورثته ، فإن لم تعرفهم أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكانا ، فتصدق به عنه ، تصدق به عنه تخلصا منه ، والله سبحانه وتعالى يعلمه ويعطيه إياه ويؤديه إليه ، أما إذا كانت المعصية التي فعلتها مع البشر ضربا وما أشبهه ، فاذهب إليه ومكنه مِن أن يضربك مثلما ضربته ، إن كان على الظهر فعلى الظهر ، على الرأس فعلى الرأس ، في أي مكان ضربته فليقتص منك ، لقول الله تعالى : (( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا )) ولقوله : (( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ )) ، هذا اثنين ، وإن كان بقول ، أذية بقول ، مثل أن تكون قد سببته أمام الناس ووبخته وعيرته فلا بد أن تذهب إليه وتستحل منه بما تتفق أنت وإياه عليه ، حتى لو قال : لا أسمح لك إلا بكذا وكذا من الدراهم فأعطه .
الرابع : أن يكون الحق غِيبة يعني : أنك تكلمت به في غيبته وقدحت فيه عند الناس وهو غائب ، فهذه اختلف فيها العلماء فمنهم من قال : لا بد أن تذهب إليه وتقول له : يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس ، فأرجوك أن تسمح عني وتحللني ، وقال بعض العلماء : لا ، لا تذهب إليه ، بل فيه تفصيل : فإن كان قد علم بهذه الغيبة فلابد أن تذهب إليه وتستحله ، وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه واستغفر له وتحدث بمحاسنه في المجالس التي كنت تغتابه فيها ، فإن الحسنات يذهبن السيئات ، وهذا القول أصح ، وهو أن الغيبة إذا كان صاحبها لم يعلم بأنك اغتبته ، فإنه يكفي أن تذكره بمحاسنه في المجالس التي اغتبته فيها ، وأن تستغفر له ، قل : اللهم اغفر له كما جاء في الحديث : ( كفارة من اغتبته أن تستغفر له ) ، فلابد في التوبة مِن أن تصل الحقوق إلى أهلها .
أما الشرط الرابع : فهو العزم على ألا تعود في المستقبل : من شروط التوبة أن تعزم بأنك لن تعود إلى هذا العمل في المستقبل ، فإن كنت تنوي أن تعود إليه عندما تسنحُ لك الفرصة ، فإن التوبة لا تصح ، مثل رجل كان والعياذ بالله يستعين بالمال على معصية الله ، يشتري به المسكرات ، يذهب إلى البلاد يزني والعياذ بالله ويسكر فأصيب بفقر افتقر ، وقال : اللهم إني تبت إليك ، وهو كاذب يقول : تبت إليك ولكن هو بنيته أنه إذا عادت الأمور إلى مجاريها الأولى فعل فعله الأول ، فهذه توبة عاجز ، هذه تبت أم لم تتب لست بقادر ، لأنه يوجد بعض الناس يصاب بفقر ، يقول : خلاص تركت الذنوب ، لكن في قلبه يحدثه قلبه أنه لو عاد إليه ما افتقده لعاد إلى المعصية مرة ثانية ، فهذا توبته غير مقبولة ، لأنها توبة العاجز وتوبة العاجز لا تنفعه ، وبقي الشرط الخامس نتكلم عليه إن شاء الله في الدرس المقبل .
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال -رحمه الله تعالى- : " ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي .
وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقال تعالى : (( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه )) ، وقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
سبق لنا الكلام على شروط التوبة ، وأن الإنسان يجب أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من كل ذنب حسب ما تقدم من الشروط ، والذي سبق لنا منها أربعة : الإخلاص لله ، والندم على ما فعل ، والإقلاع عن ذلك ، والعزم على ألا يعود .
أما الشرط الخامس : فهو أن يتوب في زمن تقبل فيه التوبة ، فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة ، وذلك على نوعين : النوع الأول : باعتبار كل إنسان بحسبه ، والنوع الثاني : باعتبار العموم .
أما الأول : فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل ، قبل حلول الأجل يعني الموت ، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفع التائب ، لقول الله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ )) : هؤلاء ليس لهم توبة ، وقال تعالى : (( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ )) : فالإنسان إذا عاين الموت وحضره الأجل فهذا يعني أنه أيس من الحياة ، فتكون توبته في غير محلها ، بعد أن أيس من الحياة وعرف أنه لا بقاء له يذهب فيتوب ، هذه توبة اضطرار ، فلا تنفعه ولا تقبل منه ، لابد أن تكون التوبة سابقة ، أما النوع الثاني : وهو العموم فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر : ( بأن الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) : فإذا طلعت الشمس من مغربها لم ينفع أحدا توبة ، قال الله تعالى : (( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا )) : وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
إذن فلابد أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة ، فإن لم تكن كذلك فلا توبة للإنسان .
ثم اختلف العلماء رحمهم الله هل تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره أو لا ؟
في هذا ثلاثة أقوال لأهل العلم : منهم من قال : إنها تصح التوبة من الذنب وإن كان مصرا على ذنب آخر ، فتقبل توبته من هذا الذنب ويبقى الإثم عليه في الذنب الآخر ، بكل حال .
ومنهم من قال : لا تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على ذنب آخر .
ومنهم من فصل فقال : إن كان الذنب الذي أصر عليه من جنس الذنب الذي تاب منه فإنها لا تقبل ، وإلا قبلت ، مثال ذلك : رجل تاب من الربا ولكنه يزني والعياذ بالله ، أو يشرب الخمر ، ولنقل يشرب الخمر ، تاب من الربا ولكنه مصر على شرب الخمر ، فهنا قال بعض العلماء : إن توبته من الربا لا تقبل ، كيف يكون تائبا إلى الله وهو مصر على معصيته ؟
وقال بعض العلماء : بل تقبل ، لأن الربا شيء وشرب الخمر شيء آخر ، وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف -رحمه الله- ، وقال : إنها تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره عند أهل الحق ، فهذا فيه الخلاف ، بعضهم يقول : تقبل ، وبعضهم يقول : لا تقبل .
أما إذا كان من الجنس مثل أن يكون الإنسان والعياذ بالله مبتلى بالزنا ، ومبتلى أيضا بالاطلاع على النساء والنظر إليهن بشهوة ، وما أشبه ذلك ، فهل تقبل توبته من الزنا وهو مصر على النظر إلى النساء لشهوة أو بالعكس ، هذا فيه أيضا خلاف ، فمنهم من يقول : تصح ومنهم من يقول : لا تصح التوبة ، ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه يصح التوبة ، أن التوبة تصح من ذنب مع الإصرار على غيره ، لكن لا يُعطى الإنسان اسم التائب على سبيل الإطلاق ، ولا يستحق المدح الذي يمدح به التائبون ، لأن هذا لم يتب توبة تامة ، تاب توبة ناقصة ، تاب من هذا الذنب فيرتفع عنه إثم هذا الذنب ، لكنه لا يستحق أن يوصف بالتوبة على سبيل الإطلاق ، بل يقال : هذا توبته ناقصة وقاصرة ، فهذا هو القول الذي تطمئن إليه النفس : أنه لا يعطى الوصف على سبيل الإطلاق ، ولا يحرم من التوبة التي تاب تابها من هذا الذنب ، والله الموفق .
2 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة ، وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه ، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كانت غيبة استحله منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة ، وإجماع الأمة على وجوب التوبة قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقال تعالى : (( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه )) ، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا )) ... " .
سبق أن المؤلف -رحمه الله- قال : " إن النصوص من الكتاب والسنة تظاهرت وتضافرت على وجوب التوبة من جميع المعاصي " ، وصدق -رحمه الله- فإن الآيات كثيرة في الحث على التوبة وبيان فضلها وأجرها ، وكذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين الله تعالى في كتابه أنه يحب التوابين ويحب المتطهرين ، التوابين : الذين يكثرون التوبة إلى الله عز وجل ، كلما أذنبوا ذنبا تابوا إلى الله .
ثم ذكر المؤلف من الآيات قول الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) : هذه هذه الجملة ختم الله بها آيات بل آيتي وجوب غض البصر : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) إلى قوله تعالى : (( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) : ففي هذه الآية دليل على وجوب التوبة من عدم غض البصر وحفظ الفرج ، لأن غض البصر : يعني قصره وعدم إطلاقه ، وحفظ الفرج كل ذلك من أسباب الهلاك ، وأسباب الشقاء ، وأسباب البلاء وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء ، وقد كانت فتنة بني إسرائيل في النساء ) ، ولهذا كان أعداؤنا أعداء الإسلام ، بل أعداء الله ورسوله من اليهود والنصارى والمشركين والشيوعيين وأشباهمم وأذنابهم وأتباعهم كل هؤلاء يحرصون غاية الحرص على أن يفتنوا المسلمين بالنساء ، يدعون إلى التبرج ، يدعون إلى اختلاط المرأة بالرجل ، يدعون إلى التفسخ بالأخلاق ، يدعون إلى ذلك بألسنتهم وأقلامهم وأعمالهم والعياذ بالله ، لأنهم يعلمون أن الفتنة العظيمة التي ينسى بها الإنسان ربه ودينه إنما تكون في النساء ، النساء التي أو اللاتي يَفتن أصحاب العقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما رأيتُ من ناقصاتِ عقل ودين أذهبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكن ) ، هل تريد شيئا أبين من هذا ؟ ( أذهب للب الرجل ) : لعقله الحازم ، فما بالك بالرجل المهين الذي ليس عنده حزم ولا عزم ولا دين ولا رجولة يكون أشد وأشد والعياذ بالله ، لكن الرجل الحازم النساء يذهبن عقله ، نسأل الله العافية ، وهذا هو الواقع ، لذلك قال الله تعالى عقب الأمر بغض البصر من الرجال والنساء قال : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقوله عز وجل : (( توبوا إلى الله جميعا )) : يدل على أنه ينبغي لنا ، بل يجب علينا أن نتواصى بالتوبة وأن يتفقد بعضنا بعضًا هل الإنسان تاب من ذنبه أو بقي مصرا عليه ، لأنه وجه الخطاب للجميع : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون )) ، وفي قوله تعالى : (( لعلكم تفلحون )) : دليل على أن التوبة من أسباب الفلاح ، والفلاح كما قال أهل العلم بالتفسير واللغة : الفلاح : " كلمة جامعة يحصل بها المطلوب ويزول بها المرهوب " ، فهي كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة ، وكل إنسان يطلب خير الدنيا والآخرة ، ما تجد إنسانا حتى الكافر يريد الخير ، لكن من الناس من يوفق ومنهم من لا يوفق .
الكافر يريد الخير لكن يريد خير الدنيا ، لأنه رجل بهيمي ، هو شر الدواب عند الله (( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا )) : شر من كل دابة تدب على الأرض الكافر ، ومع ذلك هو يريد الخير ، يريد الرفاهية يريد التنعم بهذه الدنيا ، لكنها الدنيا جنته والآخرة والعياذ بالله عذابه وناره ، المهم أن كل إنسان يريد الفلاح لكن على حسب الهمة ، المؤمن يريد الفلاح في الدنيا والآخرة ، والكافر لا يؤمن بالآخرة فهو يريد الفلاح في الدنيا .
من أسباب الفلاح التوبة إلى الله عز وجل : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) : أي لتنالوا الفلاح وذلك بحصول المطلوب وزوال المرهوب والله الموفق .
3 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة ، وإجماع الأمة على وجوب التوبة قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقال تعالى : (( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه )) ، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا )) ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري . وعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) رواه مسلم ... " .
قال -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر مِن سبعين مرة ) ، رواه البخاري .
وعن الأغرِّ بن يسار المزني رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) ، رواه مسلم " .
4 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري . وعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري . وعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) رواه مسلم ... " .
تقدم الكلام على ما ذكره المؤلف رحمه الله من وجوب التوبة وشروطها ، وما ساقه من الآيات الدالة على وجوبها ، وهذان الحديثان ذكرهما المؤلف رحمه الله ليستدل على ذلك بالسنة ، لأنه كلما تضافرت الأدلة على الشيء قوي وصار أوكد ، وصار أوجب ، فذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم بأنه يستغفر الله ويتوب إليه أكثر من سبعين مرة ) هذا وهو النبي عليه الصلاة والسلام الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة ، وفي حديث الأغر بن يسار المزني أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) : ففي هذين الحديثين دليل على وجوب التوبة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فقال : ( يا أيها الناس توبوا إلى الله ) ، فإذا تاب الإنسان إلى ربه حَصَّل بذلك فائدتين : الفائدة الأولى : امتثال أمر الله ورسوله ، وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير ، على امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة . والفائدة الثانية : الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث كان صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله في اليوم مئة مرة ، يعني يقول : أتوب إلى الله أتوب إلى الله ، والتوبة لابد فيها من صدق بحيث إذا تاب الإنسان إلى الله أقلع عن الذنب ، أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه منطوٍ على فعل المعصية أو على ترك الواجب أو يتوب إلى الله بلسانه وجوارحه مصرة على فعل المعصية ، فإن توبته لا تنفعه ، بل إنها أشبه ما تكون بالاستهزاء بالله عز وجل ، كيف تقول : أتوب إلى الله من معصية وأنت مصر عليها ؟! أو تقول : أتوب إلى الله من معصية وأنت عازم على فعلها ؟! الإنسان لو عامل بشرًا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي ويستهزئ بي ، كيف يتنصَّل مِن أمر عندي وهو متلبس به ما هذا إلا هزء ولعب ، فكيف برب العالمين !!
إن من الناس من يقول : إنه تائب من الربا ولكنه والعياذ بالله مصر عليه ، يمارس الربا صريحا ، ويمارس الربا مخادعة ، وقد مر بنا كثيرا أن الذي يمارس الربا بالمخادعة أعظم إثما وجرماً من الذي يمارس الربا بالصراحة ، لأن الذي يمارس الربا بالمخادعة جنى على نفسه مرتين ، أولا : الوقوع في الربا ، وثانيا : مخادعة الله عز وجل ، وكأن الله سبحانه وتعالى لا يعلم ، وهذا يوجد كثيرا في الناس اليوم ، الذين يتعاملون بالربا صريحا أمرهم واضح ، لكن من الناس من يتعامل بالربا خيانة ومخادعة ، تجد عنده أموالا لها سنوات عديدة في الدكان فيأتي الغني بشخص فقير يقوده للمذبحة والعياذ بالله ، فيأتي إلى صاحب الدكان الذي عنده هذه البضاعة ويبيعها على الفقير بالدين بيعا صوريا ، كلٌ يعلم أنه ليس بيعا حقيقيا ، لأن هذا المشتري المدين لا يقلبه ، لا يقلب المال ولا ينظر إليه ولا يهمه ، بل لو كان أكياسا من الرمل وبيعت عليه على أنها رز أو سكر أخذها ، لأنه لا يهمه ، يهمه أن يقضي حاجته ، فيبيعها عليه مثلا بعشرة آلاف لمدة سنة ، وينصرف بدون أن ينقلها من مكانها ثم يبيعها هذا المدين على صاحب الدكان بتسعة آلاف مثلا ، فيؤكل هذا الفقير من وجهين : من جهة الذي ديَّنه ، ومن جهة صاحب الدكان ، ويقولون : إن هذا صحيح ، بل يسمونه : التصحيح ، يقول : تعال أصحح عليك أو أصحح لك كذا وكذا ، سبحان الله ! هذا تصحيح ؟! هذا تلطيخ بالذنوب والعياذ بالله ، ولهذا يجب علينا إذا كنا صادقين مع الله سبحانه وتعالى في التوبة أن نُقلع عن الذنوب والمعاصي إقلاعا حقيقيا ، ونكرهها ونندم على فعلها حتى تكون التوبة توبة نصوحا .
وفي هذين الحديثين دليل على أنَّ نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أشد الناس عبادة لله ، وهو كذلك ، فإنه أخشانا لله وأتقانا لله وأعلمنا بالله صلوات الله وسلامه عليه .
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام مُعلم الخير بلسانه وفعاله ، بمقاله وفعاله ، فكان يستغفر الله ويأمر الناس بالاستغفار حتى يتأسوا به امتثالا للأمر واتباعا للفعل ، وهذا من كمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه لأمته ، فينبغي لنا نحن أيضا أن نتأسى به ، إذا أمرنا الناس بأمر أن نكون أول من يمتثل هذا الأمر ، وإذا نهيناهم عن شيء أن نكون أول من ينتهي عنه ، لأن هذا هو حقيقة الداعي إلى الله ، بل هذا حقيقة الدعوة إلى الله عز وجل ، أن تفعل ما تأمر به وتترك ما تنهى عنه ، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا بالتوبة وهو عليه الصلاة والسلام يتوب أكثر منا ، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم ويهدينا وإياكم صراطه المستقيم .
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري . وعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مئة مرة ) رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ! أخطأ من شدة الفرح ) . ... " .
قال -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي حمزة أنسِ بن مالك الأنصاري خادمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( للهُ أفرحُ بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرضِ فلاة ) ، متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : ( للهُ أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِن أحدكم كان على راحلته بأرضِ فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامُه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس مِن راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمةً عنده بخطامها ، ثم قال مِن شدة الفرح : اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربك ! أخطأ مِن شدة الفرح ) " .
الشيخ : الله أكبر ، الحمد لله .
6 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ! أخطأ من شدة الفرح ) . ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ! أخطأ من شدة الفرح ) . ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادمِ النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان رضي الله عنه حين قَدِم النبيُ صلى الله عليه وسلم المدينة ، أتت به أمُّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له : ( هذا أنس بن مالك يخدمك ، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وصار أنس من خدام النبي صلى الله عليه وسلم ) ، ذكر أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( للهُ أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب إليه مِن هذا الرجل الذي سقط عن راحلته بعد أن أضلها ) وذكر القصة : رجل كان في أرض فلاة ، ليس حوله أحد ، لا ماء ولا طعام ولا أناس ، ضل بعيره : يعني ضاع البعير ، فجعل يطلبه فلم يجده ، فذهب إلى شجرة ونام تحتها ينتظر الموت ، قد أيس من بعيره وأيس من حياته ، لأن طعامه وشرابه على بعيره والبعير قد ضاع ، فبينما هو كذلك إذا بناقته عنده قد تعلق خطامها بالشجرة التي هو نائم تحتها ، فبأي شيء تقدرون هذا الفرح ؟! هذا الفرح لا يمكن أن يتصوره أحد إلا مَن وقع في مثل هذه الحالة ، لأنه فرح عظيم ، فرح بالحياة بعد الموت ، ولهذا أخذ بالخطام فقال : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) : أراد أن يثني على الله فيقول : اللهم أنت ربي وأنا عبدك ، لكن من شدة فرحه أخطأ فقلب القضية وقال : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) : ففي هذا الحديث دليل على فرح الله عز وجل بالتوبة مِن عبده إذا تاب إليه ، وأنه يحب ذلك سبحانه وتعالى محبة عظيمة ، ولكن لأجل حاجته إلى أعمالنا وتوبتنا ، فالله غني عنا ولكن لمحبته سبحانه وتعالى للكرم ، فإنه يحب سبحانه وتعالى أن يعفو ويغفر أحبُّ إليه من أن ينتقم ويؤاخذ ، ولهذا يفرح بتوبة الإنسان ، ففي هذا الحديث حثٌ على التوبة ، لأن الله يحبها وهي من مصلحة العبد ، وفيه إثبات الفرح لله عز وجل ، فهو سبحانه وتعالى يفرح ويغضب ويكره ويحب لكنَّ هذه الصفات ليست كصفاتنا لأن الله يقول : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، بل هو فرح يليق بعظمته وجلاله ولا يشبهه فرح المخلوقين ، ولا يشبه فرحَ المخلوقين .
وفيه أيضا دليل على أن الإنسان إذا أخطا في قول من الأقوال ولو كان كفرا سَبَقَ لسانُه إليه فإنه لا يؤاخذ به ، فهذا الرجل قال كلمة كفر ، لأن قول الإنسان لربه : أنت عبدي وأنا ربك هذا كفر لا شك ، لكن لما كان هذا صدر عن خطأ من شدة الفرح أخطأ ، ما عرف يتكلم صار غير مؤاخذ به ، فإذا أخطأ الإنسان في كلمة ، كلمة كفر فإنه لا يؤاخذ بها ، وكذلك غيرها من الكلمات لو سبَّ أحدا على وجه الخطأ بدون قصد أو طلق زوجته على وجه الخطأ بدون قصد ، أو أعتق عبده على وجه الخطأ بدون قصد ، فكل هذا لا يترتب عليه شيء ، لأن الإنسان لم يقصده فهو كاللغو في اليمين ، وقد قال الله تعالى : (( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ )) بخلاف المستهزئ ، فإن المستهزي يكفر إذا قال كلمة الكفر ، ولو كان مستهزئا ، لقول الله تعالى : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) فالمستهزئ قصد الكلام وقصد معناه ، لكن على سبيل السخرية والهزء ، فلذلك كان كافرا ، بخلاف الإنسان الذي لم يقصد ، فإنه لا يعتبر قوله شيئا ، وهذا من رحمة الله عز وجل ، والله الموفق .
7 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ! أخطأ من شدة الفرح ) . ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،قال : ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم . وعن أبي عبد الرحمان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ( إن الله - عز وجل - يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الترمذي، وقال : حديث حسن ... " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تابَ قبل أن تطلع الشمسُ مِن مغربها تاب الله عليه ) ، رواه مسلم .
وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله عز وجل يقبلُ توبة العبد ما لم يُغرغر ) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه الأحاديث الثلاثة .
8 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،قال : ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم . وعن أبي عبد الرحمان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ( إن الله - عز وجل - يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الترمذي، وقال : حديث حسن ... " . أستمع حفظ