قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال: فأخبرني عن الساعة قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال: يا عمر أتدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم ومعنى تلد الأمة ربتها أي سيدتها ومعناه أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها وبنت السيد في معنى السيد وقيل غير ذلك والعالة الفقراء وقوله مليا أي زمنا طويلا وكان ذلك ثلاثا
قوم صالح أهلكوا بالرجفة والصيحة .
فرعون أهلك بالماء بالغرق ، وكان يفتخر بالماء يقول لقومه : (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ )) يعني موسى (( وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ )) فأغرقه الله تعالى بالماء ، فهذه جملة ما تشير إليه هذه الآية الكريمة : (( إن ربك لبالمرصاد )) ، واسمحوا لنا إن أطلنا عليكم ، لأن المقام يقتضي ذلك ، والله أعلم .
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه .
وقال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام؟! ) " .
1 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال: فأخبرني عن الساعة قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال: يا عمر أتدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم ومعنى تلد الأمة ربتها أي سيدتها ومعناه أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها وبنت السيد في معنى السيد وقيل غير ذلك والعالة الفقراء وقوله مليا أي زمنا طويلا وكان ذلك ثلاثا أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) والآيات في الباب كثيرة معلومة ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في بقية الآيات التي ساقها في باب المراقبة عن الله عز وجل ، يقول سبحانه وتعالى عن نفسه : (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) : يعلم : يعني الله عز وجل ، يعلم خائنة الأعين أي : خيانتها ، فالخائنة هنا مصدر كالعاقبة والعافية وما أشبهه ، ويجوز أن تكون اسم فاعل على أنها من خان يخون ، فيكون من باب إضافة الصفة إلى موصوفها .
على كل حال هذه المسألة نحوية ما تهم ، المهم أن للأعين خيانة ، الأعين لها خيانة وذلك أن الإنسان ينظر إلى الشيء ، ولا تظن أنه ينظر إليه نظرا محرما ، ولكن الله عز وجل يعلم أنه ينظر نظرا محرما ، كذلك ينظر إلى الشخص نظر كراهية ، والشخص المنظور لا يدري أن هذا نظر كراهية ، ولكن الله تعالى يعلم أنه ينظر نظر كراهية ، كذلك ينظر الشخص إلى شيء محرم ، ولا يدري الإنسان الذي يرى هذا الناظر ، لا يدري أنه ينظر إلى هذا الشيء نظر إنكار أو نظر رضا ، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم ذلك ، فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين ، ويعلم أيضا ما تخفي الصدور : يعني القلوب ، لأن القلوب في الصدور ، والقلوب هي التي يكون بها العقل ويكون بها الفهم ويكون فيها التدبير ، أو يكون بها التدبير ، كما قال الله تبارك وتعالى : (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا * فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) ، سبحان الله ! كأن هذه الآية يعني تنزل على حال الناس اليوم ، بل حال الناس من قديم ، يعني هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب ؟
هذه مسألة أشكلت على كثير من النظار الذين ينظرون إلى الأمور نظرة مادية لا يرجعون فيها إلى قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلا فالحقيقة أن الأمر فيها واضح : أن العقل في القلب ، وأن القلب في الصدر : (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )) بهذه القلوب ، (( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) : ولم يقل القلوب التي في الأدمغة قال : (( التي في الصدور )) ، فالأمر فيه واضح جدا أن العقل يكون بالقلب ، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فما بالك بأمر شهد به كتاب الله ، والله تعالى هو الخالق العالم بكل شيء ، وشهدت به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم !
إن الواجب علينا إزاء ذلك أن نطرح كل قول يخالف كتابَ الله وسنةَ رسوله صلى الله عليه وسلم وأن نجعله تحت أقدامنا ، وألا نرفع به رأسا ، إذًا القلب هو محل العقل ، ولا شك ، ولكن الدماغ محل التصور ، محل التصور يتصور الأشياء ، ثم إذا تصورها وجهزها بعث بها إلى القلب ، ثم القلب يأمر أو ينهى ، يعني كأنه على حسب ما نعرف كأن الدماغ سكرتير يجهز الأشياء ثم يدفعها إلى القلب ، ثم القلب يوجه يأمر أو ينهى ، وهذا ليس بغريب : (( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ )) ، في هذا الجسم أشياء غريبة تحار فيها العقول ، ليس بغريب أن الله سبحانه وتعالى يجعل التصور في الرأس ، فيتصور الدماغ وينظم الأشياء حتى إذا لم يبق إلا الأوامر أرسلها إلى القلب ، ثم القلب يحرك يأمر أو ينهى ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( إذا صلحت صلح الجسد ) ، فلولا أن الأمر للقلب ما كان : ( إذا صلح صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، إذًا فالقلوب هي محل العقل والتدبير للشخص ولكن لا شك أن لها اتصالا بالدماغ ، ولهذا إذا اختل الدماغ فسد التفكير وفسد العقل ، فهذا مرتبط بهذا ، لكن العقل المدبر في القلب ، والقلب في الصدر : (( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) .
2 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) والآيات في الباب كثيرة معلومة ... " . أستمع حفظ
قراءة متن حديث : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ... " .
القارئ : في سياق حديث جبريل : " ( حتى جلسَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإسلامُ أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسولُ الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) " .
3 - قراءة متن حديث : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح حديث : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ... " .
سبق الكلام على أول حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، في مجيء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل ، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر فيقال إنه مسافر ، أو إنه أعرابي ، ولا يعرفه أحد من الحاضرين فيقال : إنه من أهل المدينة ، فأمره غريب ، ( حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ) : أسند ركبتي جبريل إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ، ( ووضع كفيه على فخذيه ) : قال العلماء : وضع جبريل كفيه على فخذي نفسه لا على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك من كمال الأدب في جلسة المتعلم أمام المعلم ، أنه يجلس بأدب واستعدادٍ لما يسمع واستماع لما يقال ، جلس هذه الجلسة .
4 - تتمة شرح حديث : " ... عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ... " .
لكن الأعراب لبعدهم عن العلم وجهل أكثرهم إذا جاؤوا : يا محمد .
قال : ( أخبرني عن الإسلام ) يعني ما هو الإسلام ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) : هذا واحد ، تشهد بلسانك نطقا ، وبقلبك إقرارا أن لا إله إلا الله يعني : لا معبود حقٌ إلا الله سبحانه وتعالى ، وألوهية الله فرع عن ربوبيته ، لأن مَن تأله لله فقد أقر بالربوبية ، إذ أن المعبود لابد أن يكون ربا ، ولابد أيضا أن يكون كامل الصفات ، ولهذا نجد أو تجد الذين ينكرون صفات الله عز وجل عندهم نقص عظيم في العبودية ، لأنهم يعبدون مَن ؟ لا شيء ، فالرب لابد أن يكون كامل الصفات حتى يعبد بمقتضى هذه الصفات ، ولهذا قال الله تعالى : (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) ادعوه : يعني تعبدوا له وتوسلوا بأسمائه إلى مطلوبكم ، فالدعاء هنا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة ، المهم أنه قال : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، فلا إله مِن الخلق ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا شمس ولا قمر ولا شجر ولا حجر ولا بر ولا بحر ولا ولي ولا صدِّيق ولا شهيد ، لا إله إلا الله وحده ، وهذه الكلمة أرسل الله بها جميع الرسل ، فقال الله تعال : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )) ، وقال تعالى : (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) ، (( اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) : ابعدوا عن الشرك ، هذه الكلمة إذا حققها الإنسان وقالها من قلب ، ملتزما بما تقتضيه من الإيمان والعمل الصالح ، فإنه يدخل الجنة بها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) : جعلنا الله وإياكم منهم ، ( أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ) : تشهد بأن محمدا بن عبد الله الهاشمي القرشي العربي رسولَ الله ، ولم يذكر من سواه من الرسل ، لأنه نسخ جميع الأديان ، كل ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه ناسخ لما قبله من الأديان ، كل الأديان باطلة ببعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ، فدين اليهود باطل ، ودين النصارى باطل غير مقبول عند الله لقول الله تعالى : (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) ، يتعبون في عباداتهم التي ابتدعوها يتعبون تعبا عظيما وينصبون نصبا عظيما ، وكل هذا هباء لا ينفعهم بشيء ، لن يُقبل منهم (( وهو في الآخرة من الخاسرين )) : لو ربحوا في الدنيا ما ربحوا في الآخرة لأن أديانهم باطلة ، فالذين يدعون الآن من النصارى أنهم منتسبون للمسيح عيسى ابن مريم هم كاذبون والمسيح بريء منهم ، ولو جاء المسيح لقاتلهم وسينزل في آخر الزمان ولا يقبل إلا الإسلام ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فلا يقبلها من أحد ، لا يقبل إلا الإسلام ، وقوله : أن محمدا رسول الله إلى مَن ؟ إلى الخلق كافة ، كما قال تعالى : (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً )) : للعالمين كلهم ، وقال تعالى : (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) : فهو رسول إلى جميع الخلق ، وقد أقسم صلى الله عليه وسلم : ( أنه لا يسمع به أحد يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جاء به إلا كان من أصحاب النار ) ، ولذلك نحن نؤمن ونعتقد بأن جميع النصارى واليهود وغيرهم من الكفرة كلهم من أصحاب النار ، لأن هذا شهادة النبي عليه الصلاة والسلام ، والجنة حرام عليهم لأنهم كفرة أعداء لله ولرسله ، أعداء لإبراهيم ولنوح ولمحمد ولموسى ولعيسى ولجميع الرسل ، ليسوا على شيء ، وقوله : ( أن محمدا رسول الله ) مع قوله : ( أن تشهد أن لا إله إلا الله ) هذان جَمَعا شرطي العبادة ، وهما : الإخلاص لله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن مَن قال : لا إله إلا الله أخلص لله ، ومن شهد أن محمد رسول الله اتبع رسول الله ولم يتبع سواه ، ولهذا عُد هذان ركنا واحدا من أركان الإسلام ، لأنهما يعودان إلى شيء واحد وهو تصحيح العبادات ، لأن العبادات لا تصح إلا بمقتضى هاتين الشهادتين ، شهادة لا إله إلا الله التي يكون بها الإخلاص ، وأن محمد رسول الله التي يكون بها الاتباع ، والله الموفق .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث جبريل : ( وقال : يا محمد ) ، في سياق حديث عمر " ( قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) " .
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وأن محمدا رسول الله ... " .
في سياق حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقصة جبريل حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإيمان ، عن الإسلام والإيمان والإحسان قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) سبق الكلام على قوله : ( تشهد أن لا إله إلا الله ) ، أما قوله : ( وأن محمدا رسول الله ) : فإنه يجب أن تشهد بلسانك ، مقرا بقلبك أن محمدا رسول الله ، أرسله الله إلى العالمين جميعا ، رحمة بالعالمين كما قال تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) .
وأن تؤمن بأنه خاتم النبيين كما قال الله تعالى : (( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ، فلا نبي بعده ، ومن ادعى النبوة بعده فهو كافر كاذب ، ومن صدقه فهو كافر ، ويلزم مِن هذه الشهادة أن تتبعه في شريعته ، وفي سنته ، وألا تبتدع في دينه ما ليس منه ، ولهذا نقول : إن أصحاب البدع الذين يبتدعون في شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس منها ، إنهم لم يحققوا شهادة أن محمدا رسول الله ، حتى وإن قالوا : نحن نحبه نحن نعظمه ، فإنهم لو أحبوه تمام المحبة وعظموه تمام التعظيم ما تقدموا بين يديه ، ولا أدخلوا في شريعته ما ليس منها ، فالبدعة مضمونها حقيقة القدح في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، مضمون البدعة القدح بالرسول صلى الله عليه وسلم ، كأنما يقول هذا المبتدع : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل الدين ولا الشريعة ، لأن هناك دين وشريعة ما جاء بها ، ثم فيها أيضا في البدعة محذور آخر عظيم جدا ، وهو : أنه يتضمن تكذيب قول الله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) ، لأن الله إذا كان أكمل الدين فمعناه أنه لا دين بعد ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهؤلاء المبتدعون شرعوا في دين الله ما ليس منه ، من تسبيحات وتهليلات وحركات وغير ذلك ، فهم في الحقيقة مكذبون لمضمون قوله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) .
وكذلك قادحون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، متهمون إياه بأنه لم يكمل الشريعة للبشر ، وحاشاه من ذلك .
من تمام شهادة أن محمدا رسول الله أن تصدقه فيما أخبر به ، تصدقه فيما أخبر به ، كل ما صح عنه وجب عليك أن تصدق به ، وألا تعارض هذا بعقلك وتقديراتك وتصوراتك ، لأنك لو لم تؤمن إلا بما صدق به عقلُك لم تكن مؤمنا حقيقة ، بل متبعا لهواك لا آخذا بهداك ، الإنسان الذي يؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام حقا يقول فيما صح عنه مِن الأخبار : سمعنا وآمنا وصدقنا ، أما أن يقول : كيف يكون كذا كيف يكون كذا ؟ فهذا غير مؤمن ، غير مؤمن حقيقة ، ولذلك يخشى على أولئك القوم الذين يحكمون عقولهم فيما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم إذا كانوا لا يقبلون إلا ما شهدت به عقولهم ، وعقولهم بلا شك قاصرة ، فإنهم لم يؤمنوا حقا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشهدوا أنه رسول الله على وجه الحقيقة ، عندهم من ضعف هذه الشهادة بمقدار ما عندهم من التشكك فيما أخبر به .
كذلك من تحقيق شهادة أنَّ محمدا رسول الله : ألا تغلو فيه فتنزله بمنزلة أكبر من المنزلة التي أنزله الله إياها ، مثل : أولئك الذين يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكشف الضر ، حتى إنهم عند قبره يسألون النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أن يكشف الضر عنهم ، وأن يجلب النفع لهم ، هذا غلو في الرسول وشرك بالله عز وجل ، لا يقدر أحد على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى ، والنبي عليه الصلاة والسلام بعد موته لا يملك لأحد شيئا أبدا ، حتى الصحابة رضي الله عنهم لما أصابهم القحط في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستسقوا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ، ما جاؤوا إلى القبر يسألون الرسول أو يقولون : ادع الله لنا أو اشفع لنا عند الله ينزل الغيث ، لا ، قال عمر يدعو الله : ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا ، ثم أمر العباس أن يقوم ويدعو الله تعالى بإنزال الغيث ) لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ميت ، ما له عمل بعد موته ، هو الذي قال : ( إذا مات ابن آدم أو الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ، فالنبي عليه الصلاة والسلام بنفسه لا يملك شيئا ، لا يملك أن يدعو لك وهو في قبره أبدا ، فمن أنزله فوق منزلته التي أنزله الله فإنه لم يحقق شهادة أن محمدا رسول الله ، بل شهد أن محمدا رب مع الله ، نعوذ بالله ، لأن معنى كونه رسولا أنه عَبد لا يعبد ، ورسول لا يكذب ، نحن في صلاتنا كل يوم نقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، عبد : عبد كغيره من العباد ، مربوب ، والله تعالى هو المعبود عز وجل وهو الرب . فإذًا نقول لهؤلاء الذين نجدهم يغلون برسول الله صلى الله عليه وسلم وينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله ، نقول لهم : إنكم لم تحققوا لا شهادة أن لا إله إلا الله ولا شهادة أن محمدا رسول الله .
فالمهم أن هاتين الشهادتين عليهما مدار عظيم ، عليهما كل الإسلام ، كل الإسلام يدور عليهما ، لذلك لو أراد الإنسان أن يتكلم على ما يتعلق بهما منطوقا ومفهوما ومضمونا وإشارة لاستغرق أياما ، ولكن نحن أشرنا إشارة إلى ما يتعلق بهما ، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يحققهما عقيدة وقولا وفعلا ، اللهم صل على محمد .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث عمر : " ( وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتقيم الصلاة ... " . وفيه ذكر قدر الصلاة ووقت فرضها .
قال المؤلف -رحمه الله- فيما نقله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة مجيء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ، وسبق لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( الإسلام أن تشهد أن لا إلا الله وأن محمدا رسول الله ) ، وتقدم الكلام على معنى هاتين الكلمتين ، وأن معناهما عظيم ، ولو أن الإنسان تتبع ما يجب في الكلام عليهما لأمضى وقتا كثيرا ، ولكننا أشرنا فيما سبق إلى ما نرجو أن يكون فيه بركة .
أما الركن الثاني : فهو إقام الصلاة ، الصلاة : سميت صلاة لأنها صلة بين العبد وبين الله ، فإن الإنسان إذا قام يصلي فإنه يناجي ربه ، يناجيه يحاوره يأخذ معه ويرد ، كما ثبت ذلك بالحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الله سبحانه وتعالى قال ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن الله تعالى قال : قَسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي ، فإذا قال : (( الرحمن الرحيم )) قال : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : (( مالك يوم الدين )) قال : مجدني عبدي ، فإذا قال : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) قال : هذا بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : (( اهدنا الصراط المستقيم )) إلى آخره ، قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) : فتأمل أخذ وإعطاء ، محاورة مناجاة بين الإنسان وبين ربه ، ومع ذلك فالكثير منا في هذه المناجاة معرِض بقلبه ، تجده يتجول يمينا وشمالا مع أنه يناجي مَن يعلم من في الصدور عز وجل ، وهذا من جهلنا وغفلتنا ، فالواجب علينا ونسأل الله أن يعيننا عليه : أن تكون قلوبنا حاضرة في حال الصلاة ، حتى تبرأ ذمتنا وحتى ننتفع بها ، لأن الفوائد المرتبة على الصلاة إنما تكون على صلاة كاملة ، ولهذا كلنا يقرأ قول الله عز وجل : (( أقم الصلاة )) (( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )) ، ومع ذلك يأتي الإنسان ويصلي فلا يجد في قلبه إنكارا لمنكر أو عرفا لمعروف زائدا عما سبق حين دخوله في الصلاة ، يعني لا يتحرك القلب ، ولا يستفيد لماذا ؟ لأن الصلاة ناقصة ، هذه الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد فرضها الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بدون واسطة من الله إلى رسول الله ، وفرضها عليه في أعلى مكان وصله بشر ، وفرضها عليه في أشرف ليلة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي ليلة المعراج ، وفرضها عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة ، هذه أربعة أمور :
أولا : لم يكن فرضها كفرض الزكاة والصيام والحج ، بل هو من الله مباشرة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام .
ثانيا : من ناحية المكان في أعلى مكان وصل إليه بشر ، يعني لم تفرض على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الأرض ، لا ، وهو في السماء ، فوق السموات السبع .
من ناحية الزمان في أشرف ليلة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ليلة المعراج لم تفرض في أي وقت ، بل في هذا الزمان الفاضل بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
في الكمية لم تفرض صلاة واحدة ، خمسين صلاة ، مما يدل على محبة الله لها وأنه يحب من عبده أن يكون دائما مشغولا بها ، ولكن الله تعالى جعل لكل شيء سببا ، لما نزل الرسول عليه الصلاة والسلام مُسلما لأمر الله قانعا بفريضة الله ومرَّ بموسى سأله موسى : ( ماذا فرض الله على أمتك ؟ قال : خمسين صلاة في اليوم والليلة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، إنني جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، اذهب إلى ربك واسأله أن يخف عن أمتك ، فذهب إلى الله ) وجعل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل حتى جعلها الله خمسة ، لكن سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وله الحمد والفضل قال : ( هي خمس بالفعل وخمسون في الميزان ) ، وليس هذا من باب قبيل الحسنة بعشر أمثالها ، لا ، من باب قبيل الفعل الواحد يجزئ عن خمسين فعلا ، يعني الخمس صلوات هذه عن خمسين صلاة ، عن خمسين صلاة كأننا صلينا خمسين صلاة ، كل صلاة الحسنة بعشر أمثالها ، لأنه لو كان هذا من باب مضاعفة الحسنات لم يكن هناك فرق بين الصلوات وغيرها ، لكن هي هذا خاصة ، صل خمسا كأنما صليت خمسين صلاة ، قال : ( هي خمس بالفعل وخمسون في الميزان ) ، وهذا يدل على عظم هذه الصلاة ، ولهذا فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده في اليوم والليلة خمس مرات ، خمس مرات لابد منها ، لابد أن تكون مع الله عز وجل تناجيه خمس مرات في اليوم والليلة ، لو أن الواحد من الناس حصل له مقابلة بينه وبين الملك خمس مرات باليوم لعد ذلك من مناقبه ، ولفرح بذلك ، قال : كل يوم أجالس الملك خمس مرات ، أنت تناجي ملك الملوك عز وجل في اليوم والليلة خمس مرات على الأقل ، فلماذا لا تفرح بهذا ؟ احمد الله عز وجل على هذه النعمة ، وأقم الصلاة ، وقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( وتقيم الصلاة ) : يعني تأتي بها قويمة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها ، من أهم شروطها : الوقت ، لقول الله تعالى : (( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً )) ، وإذا كانت الصلوات خمسا فأوقاتها كم ؟ خمسة أو ثلاثة ، خمسة لغير أهل الأعذار ، وثلاثة لأهل الأعذار الذين يجوز لهم الجمع ، فالظهر والعصر يكون وقتاهما وقتا واحدا إذا جاز الجمع ، والمغرب والعشاء يكون وقتاهما وقتا واحدا إذا جاز الجمع ، هذان وقتان ، والفجر وقت واحد ، ولهذا فصلها الله عز وجل في كتابه قال : (( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ )) ، ثم قال : (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ )) ، ولم يقل لدلوك الشمس إلى طلوع الشمس ، قال : (( إلى غسق الليل )) : وغسق الليل متى يكون ؟ يكون عند منتصفه ، لأن أشدَّ ما يكون ظلمة في الليل منتصف الليل ، لأن منتصف الليل هو أبعد ما تكون الشمس عن النقطة التي فيها هذا المنتصف ، ولهذا كان القول الراجح أن الأوقات خمسة كما يلي : الفجر من طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق ، إلى أن تطلع الشمس .
7 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتقيم الصلاة ... " . وفيه ذكر قدر الصلاة ووقت فرضها . أستمع حفظ