شرح رياض الصالحين-12b
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتؤتي الزكاة ... " . وفيه ذكر أهل الزكاة .
الشيخ : " لأنهم قتلوا ظلما من الذي أكرههم الظلم على الذي أكرههم وإن كانوا غير صادقين بل هم مختارون طائعون فهذا ما أصابهم وهم الذين جروه على أنفسهم "
وقد قال رحمه الله في تعليل ذلك إنه لا يعلم المكره من غير المكره لأن ذلك محله القلب فالاختيار والكراهة محلها القلب فلا يعلم المكره من غيره فلو قال أنا مكره قلنا ولو كنت مكرها نحن الآن نقتلك ولو كنت مكرها دفاعا عن الحق وحسابك على الله نعم لو فرض أنه أسر وهو مسلم حقيقة فإنه لا يجوز قتله أما في ميدان القتال فإنه يقتل وقد ذكرها رحمه الله في الفتاوي أظن ذلك في كتاب الجهاد
على كل حال نحن نقول إن الذي يقاتل حفظا لماله أو حفظا لبيته أو حفظا لبلاده فإنه لا يخلو من أمرين بالنسبة لحفظ البلاد
إن كان يحافظ على البلاد لأنها بلاد إسلامية حماية لما فيها من الإسلام فهو في سبيل الله ولا شك وهو إذا قتل من الشهداء
وإن كان يحافظ عليها لأنها بلده لا يريد أن يضيع كما لا يريد أن يضيع ماله فهذا إن قتل فهو شهيد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( وقاتله إن قتل ) المقاتل ( فهو في النار ) والعياذ بالله
وقوله تعالى (( وفي سبيل الله )) يشمل إعطاء الزكاة للمجاهدين أنفسهم وشراء الأسلحة لهم فشراء الأسلحة من الزكاة جائز من أجل الجهاد في سبيل الله قال أهل العلم ومن ذلك أن يتفرغ شخص لطلب العلم قادر على التكسب لكنه تفرغ من أجل أن يطلب العلم فإنه يعطى من الزكاة مقدار حاجته لأن طلب العلم جهاد في سبيل الله
أما من تفرغ للعبادة فلا يعطى من الزكاة بل يقال اكتسب وبهذا عرفنا شرف العلم على العبادة فلو جاءنا رجلان أحدهما ديّن طيب حبيب يقول أنا أستطيع أن أتكسب لكن أحب أن أتفرغ للعبادة للصيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن فأعطوني من الزكاة وكفوني العمل نقول لا نعطيك اكتسب وجاء رجل آخر قال أنا أريد أن أتفرغ لطلب العلم أنا قادر على التكسب لكن إن ذهبت أن أتكسب لم أطلب العلم أعطوني ما يكفيني من أجل أن أتفرغ لطلب العلم قلنا مرحبا نعطيك ما يكفيك لطلب العلم وهذا دليل على شرف العلم وطلبه ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد بقي علينا من أهل الزكاة ابن السبيل وهو الصنف الثامن من أصناف أهل الزكاة وابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته فلم يكن معه ما يوصله إلى بلده فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده وليس هذا من باب الفقراء والمساكين لأنه غني هو في بلده غني جدا لكن قصرت به النفقة في أثناء السفر فيعطى ما يوصله إلى بلده ولو كان غنيا وسمي ابن سبيل لمصاحبته للسفر كما يقال " ابن الماء " في طير الماء الذي يألف الماء ويوقع عليه هؤلاء ثمانية أصناف لا يجوز صرف الزكاة في غيرهم فلا يجوز أن تصرف الزكاة في بناء المساجد ولا في إصلاح الطرق ولا في بناء المدارس ولا غيرها من طرق الخير لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الأصناف بصيغة محصورة فقال (( إنما الصدقات للفقراء )) وإنما تفيد الحصر وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه ولو قلنا بجواز صرف الزكاة في جميع وجوه الخير لفاتت فائدة الحصر ولكن بناء المساجد وإصلاح الطرق وبناء المدارس وما أشبهها تفعل عن طرق أخرى عن طرق البر والصدقات والتبرعات هذا هو الركن الثالث من أركان الإسلام الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل في حديثه الطويل
وقد قال رحمه الله في تعليل ذلك إنه لا يعلم المكره من غير المكره لأن ذلك محله القلب فالاختيار والكراهة محلها القلب فلا يعلم المكره من غيره فلو قال أنا مكره قلنا ولو كنت مكرها نحن الآن نقتلك ولو كنت مكرها دفاعا عن الحق وحسابك على الله نعم لو فرض أنه أسر وهو مسلم حقيقة فإنه لا يجوز قتله أما في ميدان القتال فإنه يقتل وقد ذكرها رحمه الله في الفتاوي أظن ذلك في كتاب الجهاد
على كل حال نحن نقول إن الذي يقاتل حفظا لماله أو حفظا لبيته أو حفظا لبلاده فإنه لا يخلو من أمرين بالنسبة لحفظ البلاد
إن كان يحافظ على البلاد لأنها بلاد إسلامية حماية لما فيها من الإسلام فهو في سبيل الله ولا شك وهو إذا قتل من الشهداء
وإن كان يحافظ عليها لأنها بلده لا يريد أن يضيع كما لا يريد أن يضيع ماله فهذا إن قتل فهو شهيد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( وقاتله إن قتل ) المقاتل ( فهو في النار ) والعياذ بالله
وقوله تعالى (( وفي سبيل الله )) يشمل إعطاء الزكاة للمجاهدين أنفسهم وشراء الأسلحة لهم فشراء الأسلحة من الزكاة جائز من أجل الجهاد في سبيل الله قال أهل العلم ومن ذلك أن يتفرغ شخص لطلب العلم قادر على التكسب لكنه تفرغ من أجل أن يطلب العلم فإنه يعطى من الزكاة مقدار حاجته لأن طلب العلم جهاد في سبيل الله
أما من تفرغ للعبادة فلا يعطى من الزكاة بل يقال اكتسب وبهذا عرفنا شرف العلم على العبادة فلو جاءنا رجلان أحدهما ديّن طيب حبيب يقول أنا أستطيع أن أتكسب لكن أحب أن أتفرغ للعبادة للصيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن فأعطوني من الزكاة وكفوني العمل نقول لا نعطيك اكتسب وجاء رجل آخر قال أنا أريد أن أتفرغ لطلب العلم أنا قادر على التكسب لكن إن ذهبت أن أتكسب لم أطلب العلم أعطوني ما يكفيني من أجل أن أتفرغ لطلب العلم قلنا مرحبا نعطيك ما يكفيك لطلب العلم وهذا دليل على شرف العلم وطلبه ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد بقي علينا من أهل الزكاة ابن السبيل وهو الصنف الثامن من أصناف أهل الزكاة وابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته فلم يكن معه ما يوصله إلى بلده فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده وليس هذا من باب الفقراء والمساكين لأنه غني هو في بلده غني جدا لكن قصرت به النفقة في أثناء السفر فيعطى ما يوصله إلى بلده ولو كان غنيا وسمي ابن سبيل لمصاحبته للسفر كما يقال " ابن الماء " في طير الماء الذي يألف الماء ويوقع عليه هؤلاء ثمانية أصناف لا يجوز صرف الزكاة في غيرهم فلا يجوز أن تصرف الزكاة في بناء المساجد ولا في إصلاح الطرق ولا في بناء المدارس ولا غيرها من طرق الخير لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الأصناف بصيغة محصورة فقال (( إنما الصدقات للفقراء )) وإنما تفيد الحصر وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه ولو قلنا بجواز صرف الزكاة في جميع وجوه الخير لفاتت فائدة الحصر ولكن بناء المساجد وإصلاح الطرق وبناء المدارس وما أشبهها تفعل عن طرق أخرى عن طرق البر والصدقات والتبرعات هذا هو الركن الثالث من أركان الإسلام الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل في حديثه الطويل
1 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتؤتي الزكاة ... " . وفيه ذكر أهل الزكاة . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتصوم رمضان ... " . وفيه ذكر تعريف الصيام و وشروطه .
الشيخ : أما الرابع فهو صوم رمضان وهو الشهر الذي بين شعبان وشوال وسمي رمضان قيل لأنه كان أول تسمية الشهور صادف أنه في شدة الرمضاء والحر فسمي رمضان وقيل لأنه تطفأ به حرارة الذنوب لأن الذنوب حارة ( ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) والمهم أن هذا الشهر معلوم للمسلمين ذكره الله سبحانه وتعالى باسمه في كتابه فقال (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )) ولم يذكر الله اسما لشهر من الشهور سوى هذا الشهر
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به ولكنه لا يجب إلا على من تمت فيه الشروط الآتية: أن يكون مسلما أن يكون بالغا عاقلا مسلما قادرا مقيما سالما من الموانع هذه ستة شروط فإن كان صغيرا لم يجب عليه الصوم وإن كان مجنونا لم يجب عليه الصوم وإن كان كافرا لم يجب عليه الصوم
وإن كان عاجزا فعلى قسمين إن كان عجزه يرجى زواله كالمرض الطارئ أفطر ثم قضى أياما بعدد ما أفطر وإن كان عجزا لا يرجى زواله كالكبر والأمراض التي لا يرجى برؤها فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا
مقيما ضده المسافر فالمسافر ليس عليه صوم ولكنه يقضي من أيام أخر
سالما من الموانع احترازا من الحائض والنفساء فإنه لا يجب عليهما الصوم بل ولا يجوز أن يصوما ولكنهما تقضيان
صوم رمضان يكون بعدد أيامه إما تسعة وعشرين وإما ثلاثين حسب رؤية الهلال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) عدة شعبان إن كان في أول الشهر وعدة رمضان إن كان في آخر الشهر
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به ولكنه لا يجب إلا على من تمت فيه الشروط الآتية: أن يكون مسلما أن يكون بالغا عاقلا مسلما قادرا مقيما سالما من الموانع هذه ستة شروط فإن كان صغيرا لم يجب عليه الصوم وإن كان مجنونا لم يجب عليه الصوم وإن كان كافرا لم يجب عليه الصوم
وإن كان عاجزا فعلى قسمين إن كان عجزه يرجى زواله كالمرض الطارئ أفطر ثم قضى أياما بعدد ما أفطر وإن كان عجزا لا يرجى زواله كالكبر والأمراض التي لا يرجى برؤها فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا
مقيما ضده المسافر فالمسافر ليس عليه صوم ولكنه يقضي من أيام أخر
سالما من الموانع احترازا من الحائض والنفساء فإنه لا يجب عليهما الصوم بل ولا يجوز أن يصوما ولكنهما تقضيان
صوم رمضان يكون بعدد أيامه إما تسعة وعشرين وإما ثلاثين حسب رؤية الهلال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) عدة شعبان إن كان في أول الشهر وعدة رمضان إن كان في آخر الشهر
2 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتصوم رمضان ... " . وفيه ذكر تعريف الصيام و وشروطه . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه ... " .
الشيخ : أما الركن الخامس فهو حج البيت بيت الله سبحانه وتعالى يعني قصده يعني قصده لأداء المناسك التي بينها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فحج البيت أحد أركان الإسلام
ومن حج البيت العمرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم سماها حجا أصغر ولكن له شروط منها البلوغ والعقل والإسلام والحرية والاستطاعة خمسة شروط فإذا اختل شرط واحد منها فإنه لا يجب ولكن العجز عن الحج إن كان بالمال فإنه لا يجب عليه لا بنفسه ولا بنائبه وإن كان بالبدن فإن كان عجزا يرجى زواله انتظر حتى يعافيه الله ويزول المانع وإن كان لا يرجى زواله كالكبر فإنه يلزمه أن ينيب عنه من يأتي بالحج لأن امرأة سألت النبي عليه الصلاة والسلام قالت ( إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم ) فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على أنها سمت هذا فريضة مع أنه لا يستطيع لكنه قادر بماله فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ( حجي عنه )
هذه خمسة أركان هي أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره بذلك قال له ( صدقت ) صدقت قال عمر ( فعجبنا له يسأله ويصدقه ) لأن الذي يصدق الشخص بقوله يعني أن عنده علما من ذلك فعجبنا كيف يسأله ثم يقول صدقت السائل إذا أجيب يقول فهمت لا يقول صدقت لا يصدق الذي أخبره لكن جبريل عليه الصلاة والسلام عنده علم من هذا ولهذا قال ( صدقت ) ويأتي إن شاء الله بقية ما سأل عنه
القارئ : العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث عمر : " قال ( جبريل فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) "
ومن حج البيت العمرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم سماها حجا أصغر ولكن له شروط منها البلوغ والعقل والإسلام والحرية والاستطاعة خمسة شروط فإذا اختل شرط واحد منها فإنه لا يجب ولكن العجز عن الحج إن كان بالمال فإنه لا يجب عليه لا بنفسه ولا بنائبه وإن كان بالبدن فإن كان عجزا يرجى زواله انتظر حتى يعافيه الله ويزول المانع وإن كان لا يرجى زواله كالكبر فإنه يلزمه أن ينيب عنه من يأتي بالحج لأن امرأة سألت النبي عليه الصلاة والسلام قالت ( إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم ) فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على أنها سمت هذا فريضة مع أنه لا يستطيع لكنه قادر بماله فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ( حجي عنه )
هذه خمسة أركان هي أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره بذلك قال له ( صدقت ) صدقت قال عمر ( فعجبنا له يسأله ويصدقه ) لأن الذي يصدق الشخص بقوله يعني أن عنده علما من ذلك فعجبنا كيف يسأله ثم يقول صدقت السائل إذا أجيب يقول فهمت لا يقول صدقت لا يصدق الذي أخبره لكن جبريل عليه الصلاة والسلام عنده علم من هذا ولهذا قال ( صدقت ) ويأتي إن شاء الله بقية ما سأل عنه
القارئ : العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث عمر : " قال ( جبريل فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) "
3 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره به فقال ( صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال جبريل أخبرني عن الإيمان ) والإيمان محله القلب والإسلام محله الجوارح ولهذا نقول الإسلام عمل ظاهري والإيمان أمر باطني فهو في القلب فالإيمان هو اعتقاد الإنسان للشيء اعتقادا جازما به لا يتطرّق إليه الشك ولا الاحتمال بل يؤمن به كما يؤمن بالشمس رابعة النهار لا يمتري فيه فهو إقرار جازم لا يلحقه شك موجب للقبول والإذعان لقبول ما جاء في شرع الله والإذعان له إذعانا تاما فالإيمان فقال له ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) هذه ستة أركان هي أركان الإيمان ( أن تؤمن بالله ) أي تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى موجود حي عليم قادر وأنه سبحانه وتعالى رب العالمين لا رب سواه وأن له الملك المطلق وله الحمد المطلق وإليه يرجع الأمر كله وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة لا يستحقها أحد سواه سبحانه وتعالى وأنه هو الذي عليه التكلان ومنه النصر والتوفيق وأنه متصف بكل صفات الكمال على وجه لا يماثل صفات المخلوقين لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء إذن تؤمن بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته لابد من هذا
فمن أنكر وجود الله فهو كافر والعياذ بالله كافر مخلد في النار ومن تردد في ذلك أو شك فهو كافر لأنه لابد من الإيمان الجزم بأن الله سبحانه وتعالى حي عليم قادر موجود ومن شك في ربوبيته فإنه كافر ومن أشرك به أحدا في ربوبيته فهو كافر من قال إن الأولياء يدبرون الكون ولهم تصرف في الكون فدعاهم واستغاث بهم واستنصر بهم فإنه كافر والعياذ بالله لأنه لم يؤمن بالله ومن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فهو كافر لأنه لم يؤمن بانفراده بالألوهية فمن سجد للشمس أو للقمر أو للشجر أو للنهر أو للبحر أو للجبال أو للملك أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة لأنه أشرك بالله معه غيره
وكذلك من أنكر على وجه التكذيب شيئا مما وصف الله به نفسه فإنه كافر لأنه مكذب لله ورسوله فإذا أنكر صفة من صفات الله على وجه التكذيب فهو كافر لتكذيبه لما جاء في الكتاب والسنة فإذا قال مثلا " إن الله لم يستو على العرش ولا ينزل إلى السماء الدنيا " فهو كافر
وإذا أنكرها على وجه التأويل فإنه ينظر هل تأويله سائغ يمكن أن يكون محلا للاجتهاد أو لا فإن كان سائغا فإنه لا يكفر لكنه يفسّق لخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة
وأما إذا كان ليس له مسوغ فإن إنكار التأويل الذي لا مسوغ له كإنكار التكذيب فيكون أيضا كافرا والعياذ بالله
هذا الإيمان بالله وإذا آمنت بالله على هذا الوجه فإنك سوف تقوم بطاعته ممتثلا أمره مجتنبا نهيه لأن الذي يؤمن بالله على الوجه الصحيح لابد أن يقع في قلبه تعظيم الله على الإطلاق ولابد أن يقع في قلبه محبة الله على الإطلاق فإذا أحب الله حبا مطلقا لا يساويه أي حب وإذا عظم الله تعظيما مطلقا لا يساويه أي تعظيم فإنه بذلك يقوم بأوامر الله وينتهي عما نهى الله عنه
كذلك يجب عليك من جملة الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء فوق كل شيء على عرشه استوى والعرش فوق المخلوقات كلها وهو أعظم المخلوقات التي نعلمها لأنه جاء في الأثر ( أن السماوات السبع والأراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ) انتبهوا السماوات السبع على كبرها والأراضون السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ألق حلقة من حلق المغفر في فلاة من الأرض وانظر نسبة هذه الحلقة إلى الفلاة ماذا تقول، تقول لا شيء ما هذه الحلقة بالنسبة للفلاة ليست بشيء وفي بقية الأثر ( وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) إذن فالكرسي بالنسبة للعرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض فانظر عظم هذا العرش ولهذا وصفه الله بالعظم قال (( رب العرش العظيم )) وقال (( ذو العرش المجيد )) في قراءة فوصفه الله بالمجد وبالعظمة وكذلك بالكرم فهذا العرش استوى الله تعالى فوقه فالله فوق العرش والعرش فوق جميع المخلوقات والكرسي وهو صغير بالنسبة للعرش وسع السماوات والأرض كما قال تعالى (( وسع كرسيه السماوات والأرض )) يجب عليك أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء وأن جميع الأشياء ليست بالنسبة إلى الله شيئا ليست شيئا بالنسبة إلى الله فالله تعالى أعظم وأجل من أن يحيط به العقل أو الفكر بل حتى البصر إذا رأى الله والله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون في الجنة لا يمكن أن يدركوه أو يحيطوا به كما قال تعالى (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) فشأن الله أعظم شأنٍ وأجلّ شأن فلابد أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى على هذا الوجه العظيم حتى يوجب لك أن تعبده حق عبادته ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الأركان
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره به فقال ( صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال جبريل أخبرني عن الإيمان ) والإيمان محله القلب والإسلام محله الجوارح ولهذا نقول الإسلام عمل ظاهري والإيمان أمر باطني فهو في القلب فالإيمان هو اعتقاد الإنسان للشيء اعتقادا جازما به لا يتطرّق إليه الشك ولا الاحتمال بل يؤمن به كما يؤمن بالشمس رابعة النهار لا يمتري فيه فهو إقرار جازم لا يلحقه شك موجب للقبول والإذعان لقبول ما جاء في شرع الله والإذعان له إذعانا تاما فالإيمان فقال له ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) هذه ستة أركان هي أركان الإيمان ( أن تؤمن بالله ) أي تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى موجود حي عليم قادر وأنه سبحانه وتعالى رب العالمين لا رب سواه وأن له الملك المطلق وله الحمد المطلق وإليه يرجع الأمر كله وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة لا يستحقها أحد سواه سبحانه وتعالى وأنه هو الذي عليه التكلان ومنه النصر والتوفيق وأنه متصف بكل صفات الكمال على وجه لا يماثل صفات المخلوقين لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء إذن تؤمن بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته لابد من هذا
فمن أنكر وجود الله فهو كافر والعياذ بالله كافر مخلد في النار ومن تردد في ذلك أو شك فهو كافر لأنه لابد من الإيمان الجزم بأن الله سبحانه وتعالى حي عليم قادر موجود ومن شك في ربوبيته فإنه كافر ومن أشرك به أحدا في ربوبيته فهو كافر من قال إن الأولياء يدبرون الكون ولهم تصرف في الكون فدعاهم واستغاث بهم واستنصر بهم فإنه كافر والعياذ بالله لأنه لم يؤمن بالله ومن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فهو كافر لأنه لم يؤمن بانفراده بالألوهية فمن سجد للشمس أو للقمر أو للشجر أو للنهر أو للبحر أو للجبال أو للملك أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة لأنه أشرك بالله معه غيره
وكذلك من أنكر على وجه التكذيب شيئا مما وصف الله به نفسه فإنه كافر لأنه مكذب لله ورسوله فإذا أنكر صفة من صفات الله على وجه التكذيب فهو كافر لتكذيبه لما جاء في الكتاب والسنة فإذا قال مثلا " إن الله لم يستو على العرش ولا ينزل إلى السماء الدنيا " فهو كافر
وإذا أنكرها على وجه التأويل فإنه ينظر هل تأويله سائغ يمكن أن يكون محلا للاجتهاد أو لا فإن كان سائغا فإنه لا يكفر لكنه يفسّق لخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة
وأما إذا كان ليس له مسوغ فإن إنكار التأويل الذي لا مسوغ له كإنكار التكذيب فيكون أيضا كافرا والعياذ بالله
هذا الإيمان بالله وإذا آمنت بالله على هذا الوجه فإنك سوف تقوم بطاعته ممتثلا أمره مجتنبا نهيه لأن الذي يؤمن بالله على الوجه الصحيح لابد أن يقع في قلبه تعظيم الله على الإطلاق ولابد أن يقع في قلبه محبة الله على الإطلاق فإذا أحب الله حبا مطلقا لا يساويه أي حب وإذا عظم الله تعظيما مطلقا لا يساويه أي تعظيم فإنه بذلك يقوم بأوامر الله وينتهي عما نهى الله عنه
كذلك يجب عليك من جملة الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء فوق كل شيء على عرشه استوى والعرش فوق المخلوقات كلها وهو أعظم المخلوقات التي نعلمها لأنه جاء في الأثر ( أن السماوات السبع والأراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ) انتبهوا السماوات السبع على كبرها والأراضون السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ألق حلقة من حلق المغفر في فلاة من الأرض وانظر نسبة هذه الحلقة إلى الفلاة ماذا تقول، تقول لا شيء ما هذه الحلقة بالنسبة للفلاة ليست بشيء وفي بقية الأثر ( وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) إذن فالكرسي بالنسبة للعرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض فانظر عظم هذا العرش ولهذا وصفه الله بالعظم قال (( رب العرش العظيم )) وقال (( ذو العرش المجيد )) في قراءة فوصفه الله بالمجد وبالعظمة وكذلك بالكرم فهذا العرش استوى الله تعالى فوقه فالله فوق العرش والعرش فوق جميع المخلوقات والكرسي وهو صغير بالنسبة للعرش وسع السماوات والأرض كما قال تعالى (( وسع كرسيه السماوات والأرض )) يجب عليك أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء وأن جميع الأشياء ليست بالنسبة إلى الله شيئا ليست شيئا بالنسبة إلى الله فالله تعالى أعظم وأجل من أن يحيط به العقل أو الفكر بل حتى البصر إذا رأى الله والله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون في الجنة لا يمكن أن يدركوه أو يحيطوا به كما قال تعالى (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) فشأن الله أعظم شأنٍ وأجلّ شأن فلابد أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى على هذا الوجه العظيم حتى يوجب لك أن تعبده حق عبادته ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الأركان
4 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد سبق لنا شيء من الكلام على معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الإيمان أن تؤمن بالله ) وذكرنا ما تيسر من ذلك ونحن نكمل أيضا ما تيسر في هذا الدرس فإن من الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم مافي السماوات ومافي الأرض من قليل وكثير وجليل ودقيق (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ))
وكذلك تؤمن بأن الله تعالى على كل شيء قدير وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون مهما كان هذا الأمر وانظر وانظر إلى بعث الناس وخلق الناس، خلق الناس الناس ملايين لا يحصيهم إلا الله عز وجل وقد قال الله تعالى (( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة )) كل الخلائق خلقهم وبعثهم كنفس واحدة وقال عز وجل في البعث (( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة )) وترى شيئا في آيات الله من آيات الله في حياتك اليومية فإن الإنسان إذا نام فقد توفاه الله كما قال تعالى (( وهو الذي يتوفاكم بالليل )) وفاة لكنها ليست وفاة تامة تفارق فيه الروح الجسد مفارقة تامة لكن مفارقة لها نوع اتصال بالبدن ثم يبعث الله النائم من نومه فيحس بأنه قد حيّ حياة جديدة وكان أثر هذا يظهر قبل أن توجد هذه الأنوار الكهربائية لما كان الناس إذا غشيهم الليل أحسوا بالظلمة وأحسوا بالوحشة وأحسوا بالسكون فإذا انبلج الصبح أحسوا بالإسفار والنور والانشراح فيجدون لذة لاقبال الليل يجدون لذة لإدبار الليل وإقبال النهار
أما اليوم فقد أصبحت فقد أصبحت الليالي والأيام كأنها في النهار فلا نجد اللذة التي كنا نجدها من قبل ولكن مع ذلك يحس الإنسان بأنه إذا استيقظ من نومه فكأنما استيقظ إلى حياة جديدة وهذه من رحمة الله وحكمته
وكذلك نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى سميع بصير يسمع كل ما نقول وإن كان خفيا قال الله تبارك وتعالى (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) وقال الله عز وجل (( يعلم السر وأخفى )) يعني أخفى من السر وهو ما يكنه الإنسان في نفسه كما قال تعالى (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) ما تحدثه به نفسه يعلمه الله وإن كان لم يظهر للعباد وهو عز وجل بصير يبصر دبيب النمل الأسود على الصخرة السوداء في ظلمة الليل لا يخفى عليه فإذا آمنت بعلم الله وقدرته وسمعه وبصره أوجب لك ذلك أن تراعي ربك عز وجل وألا تسمعه إلا ما يرضى به وألا تفعل إلا ما يرضى به لأنك إن تكلمت سمعك أي شيء تتكلمه يسمعك الله أي شيء تفعله يراك الله فأنت تخشى ربك وتخاف من ربك أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك وكذلك تخشى من ربك أن تسمعه ما لا يرضاه وأن تسكت عما أمرك به
كذلك إذا علمت أو إذا آمنت بتمام قدرة الله فإنك تسأله كل ما تريده مما لا يكون فيه اعتداء في الدعاء ولا تقل إن هذا بعيد إن هذا شيء لا يمكن كل شيء ممكن على قدرة الله كل شيء ممكن على قدرة الله
فها هو موسى عليه الصلاة والسلام لما وصل إلى البحر الأحمر هاربا من فرعون وقومه أمره الله أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق اثني عشر طريقا كان الماء بين هذه الطرق كالجبال وفي لحظة يبس البحر وصاروا يمشون عليه كأنما يمشون على صحراء لم يصبها الماء أبدا بقدرة الله سبحانه وتعالى
ويذكر أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما كان يفتح بلاد فارس ووصل إلى دجلة النهر المعروف في العراق عبر الفرس النهر مشرّقين وكسّروا الجسور وأغرقوا السفن لئلا يعبر إليهم المسلمون فاستشار رضي الله عنه الصحابة وفي النهاية قرروا أن يعبروا النهر فعبروا النهر يمشون على سطح الماء بخيلهم وإبلهم ورجلهم لم يمسهم سوء
فمن الذي أمسك هذا البحر حتى صار كالصفاء كالحجر يسير عليه الجند من غير أن يغرقوا إنه الله عز وجل الذي على كل شيء قدير
وكذلك جرى للعلاء بن حضرمي رضي الله عنه حينما غزا البحرين لما غزاها واعترض لهم البحر دعا الله سبحانه وتعالى فعبروا على سطح الماء من غير أن يمسهم سوء
والآيات آيات الله كثيرة فكل ما أخبر الله به في كتابه أو أخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام أو شاهده الناس من خوارق العادات فإن الإيمان به من الإيمان بالله لأنه إيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى
من الإيمان بالله سبحانه وتعالى أن تعلم أنه يراك فإن لم تكن تراه " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذه مسألة يغفل عنها كثير من الناس تجده يتعبد لله وكأن العبادة أمر عادي يفعلها على سبيل العادة لا يفعلها كأنه يشاهد ربه عز وجل وهذا نقص في الإيمان ونقص في العمل
ومن الإيمان بالله أن تؤمن بأن الحكم لله العلي الكبير الحكم الكوني والشرعي كله لله لا حاكم إلا الله سبحانه وتعالى وبيده كل شيء كما قال الله تعالى (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )) فكم من ملك سلب ملكه بين عشية وضحاها وكم من إنسان عادي صار ملكا بين عشية وضحاها لأن لأن الأمر بيد الله وكم من إنسان عزيز يرى أنه غالب لكل أحد فيكون أذل عباد الله بين عشية وضحاها وكم من إنسان ذليل يكون عزيزا بين عشية وضحاها لأن الملك والحكم لله سبحانه وتعالى
كذلك الحكم الشرعي لله ليس لأحد فالله تعالى هو الذي يحلل ويحرّم ويوجب وليس أحد من الخلق له الفصل في ذلك الإيجاب والتحريم والتحليل لله ولهذا نهى الله عباده أن يصفوا شيئا بالحلال والحرام بدون إذن فقال الله تبارك وتعالى (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم )) فالحاصل أن الإيمان بالله بابه واسع جدا ولو ذهب الإنسان يتكلم عليه لبقي أياما كثيرة ولكن الإشارة تغني عن طويل العبارة والله الموفق
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد سبق لنا شيء من الكلام على معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الإيمان أن تؤمن بالله ) وذكرنا ما تيسر من ذلك ونحن نكمل أيضا ما تيسر في هذا الدرس فإن من الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم مافي السماوات ومافي الأرض من قليل وكثير وجليل ودقيق (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ))
وكذلك تؤمن بأن الله تعالى على كل شيء قدير وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون مهما كان هذا الأمر وانظر وانظر إلى بعث الناس وخلق الناس، خلق الناس الناس ملايين لا يحصيهم إلا الله عز وجل وقد قال الله تعالى (( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة )) كل الخلائق خلقهم وبعثهم كنفس واحدة وقال عز وجل في البعث (( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة )) وترى شيئا في آيات الله من آيات الله في حياتك اليومية فإن الإنسان إذا نام فقد توفاه الله كما قال تعالى (( وهو الذي يتوفاكم بالليل )) وفاة لكنها ليست وفاة تامة تفارق فيه الروح الجسد مفارقة تامة لكن مفارقة لها نوع اتصال بالبدن ثم يبعث الله النائم من نومه فيحس بأنه قد حيّ حياة جديدة وكان أثر هذا يظهر قبل أن توجد هذه الأنوار الكهربائية لما كان الناس إذا غشيهم الليل أحسوا بالظلمة وأحسوا بالوحشة وأحسوا بالسكون فإذا انبلج الصبح أحسوا بالإسفار والنور والانشراح فيجدون لذة لاقبال الليل يجدون لذة لإدبار الليل وإقبال النهار
أما اليوم فقد أصبحت فقد أصبحت الليالي والأيام كأنها في النهار فلا نجد اللذة التي كنا نجدها من قبل ولكن مع ذلك يحس الإنسان بأنه إذا استيقظ من نومه فكأنما استيقظ إلى حياة جديدة وهذه من رحمة الله وحكمته
وكذلك نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى سميع بصير يسمع كل ما نقول وإن كان خفيا قال الله تبارك وتعالى (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) وقال الله عز وجل (( يعلم السر وأخفى )) يعني أخفى من السر وهو ما يكنه الإنسان في نفسه كما قال تعالى (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) ما تحدثه به نفسه يعلمه الله وإن كان لم يظهر للعباد وهو عز وجل بصير يبصر دبيب النمل الأسود على الصخرة السوداء في ظلمة الليل لا يخفى عليه فإذا آمنت بعلم الله وقدرته وسمعه وبصره أوجب لك ذلك أن تراعي ربك عز وجل وألا تسمعه إلا ما يرضى به وألا تفعل إلا ما يرضى به لأنك إن تكلمت سمعك أي شيء تتكلمه يسمعك الله أي شيء تفعله يراك الله فأنت تخشى ربك وتخاف من ربك أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك وكذلك تخشى من ربك أن تسمعه ما لا يرضاه وأن تسكت عما أمرك به
كذلك إذا علمت أو إذا آمنت بتمام قدرة الله فإنك تسأله كل ما تريده مما لا يكون فيه اعتداء في الدعاء ولا تقل إن هذا بعيد إن هذا شيء لا يمكن كل شيء ممكن على قدرة الله كل شيء ممكن على قدرة الله
فها هو موسى عليه الصلاة والسلام لما وصل إلى البحر الأحمر هاربا من فرعون وقومه أمره الله أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق اثني عشر طريقا كان الماء بين هذه الطرق كالجبال وفي لحظة يبس البحر وصاروا يمشون عليه كأنما يمشون على صحراء لم يصبها الماء أبدا بقدرة الله سبحانه وتعالى
ويذكر أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما كان يفتح بلاد فارس ووصل إلى دجلة النهر المعروف في العراق عبر الفرس النهر مشرّقين وكسّروا الجسور وأغرقوا السفن لئلا يعبر إليهم المسلمون فاستشار رضي الله عنه الصحابة وفي النهاية قرروا أن يعبروا النهر فعبروا النهر يمشون على سطح الماء بخيلهم وإبلهم ورجلهم لم يمسهم سوء
فمن الذي أمسك هذا البحر حتى صار كالصفاء كالحجر يسير عليه الجند من غير أن يغرقوا إنه الله عز وجل الذي على كل شيء قدير
وكذلك جرى للعلاء بن حضرمي رضي الله عنه حينما غزا البحرين لما غزاها واعترض لهم البحر دعا الله سبحانه وتعالى فعبروا على سطح الماء من غير أن يمسهم سوء
والآيات آيات الله كثيرة فكل ما أخبر الله به في كتابه أو أخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام أو شاهده الناس من خوارق العادات فإن الإيمان به من الإيمان بالله لأنه إيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى
من الإيمان بالله سبحانه وتعالى أن تعلم أنه يراك فإن لم تكن تراه " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذه مسألة يغفل عنها كثير من الناس تجده يتعبد لله وكأن العبادة أمر عادي يفعلها على سبيل العادة لا يفعلها كأنه يشاهد ربه عز وجل وهذا نقص في الإيمان ونقص في العمل
ومن الإيمان بالله أن تؤمن بأن الحكم لله العلي الكبير الحكم الكوني والشرعي كله لله لا حاكم إلا الله سبحانه وتعالى وبيده كل شيء كما قال الله تعالى (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )) فكم من ملك سلب ملكه بين عشية وضحاها وكم من إنسان عادي صار ملكا بين عشية وضحاها لأن لأن الأمر بيد الله وكم من إنسان عزيز يرى أنه غالب لكل أحد فيكون أذل عباد الله بين عشية وضحاها وكم من إنسان ذليل يكون عزيزا بين عشية وضحاها لأن الملك والحكم لله سبحانه وتعالى
كذلك الحكم الشرعي لله ليس لأحد فالله تعالى هو الذي يحلل ويحرّم ويوجب وليس أحد من الخلق له الفصل في ذلك الإيجاب والتحريم والتحليل لله ولهذا نهى الله عباده أن يصفوا شيئا بالحلال والحرام بدون إذن فقال الله تبارك وتعالى (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم )) فالحاصل أن الإيمان بالله بابه واسع جدا ولو ذهب الإنسان يتكلم عليه لبقي أياما كثيرة ولكن الإشارة تغني عن طويل العبارة والله الموفق
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وملائكته ... " .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد تكلمنا بما يسر الله على قوله صلى الله عليه وسلم ( الإيمان أن تؤمن بالله ) قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وملائكته ) والملائكة هم عالم غيبي خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور وجعل لهم أعمالا خاصة كل إنسان يعمل بما أمره الله به وقد قال الله سبحانه وتعالى في ملائكة النار (( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فهم ليس عندهم استكبار عن الأمر ولا عجز عنه يفعلون ما أمروا به ويقدرون عليه بخلاف البشر، البشر قد يستكبرون عن الأمر وقد يعجزون عنه أما الملائكة فخلقوا لتنفيذ أمر الله سواء في العبادات المتعلقة بهم أو في مصالح الخلق فمثلا جبريل أشرف الملائكة موكل بالوحي ينزل به من الله على رسله وأنبيائه فهو موكل بأشرف شيء ينتفع به الخلق والعباد وهو ذو قوة أمين مطاع، مطاع بين الملائكة ولهذا كان أشرف الملائكة كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم أشرف الرسل قال الله سبحانه وتعالى (( علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى )) يعني علّم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن (( شديد القوى )) يعني ذو القوى الشديدة وهو جبريل (( ذو مرة )) أي ذو هيئة حسنة (( فاستوى )) أي كمل وعلا وهو بالأفق الأعلى وقال عز وجل (( إنه لقول رسول كريم )) يعني جبريل (( ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ))
ومن هؤلاء أيضا من وكّلوا بمصالح الخلق من جهة أخرى في حياة الأرض والنبات مثل ميكائيل فإن ميكائيل موكّل بالقطر يعني بالمطر والنبات وفيهما حياة الأبدان حياة الناس وحياة البهائم فالأول جبريل موكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي وهذا موكل بما فيه حياة الأبدان وهو القطر والنبات
ومنهم إسرافيل، إسرافيل أحد حملة العرش العظام وهو موكل بالنفخ في الصور، الصور قرن عظيم دائرته كما بين السماء والأرض ينفخ فيه إسرافيل فإذا سمعه الناس سمعوا صوتا لا عهد لهم به صوتا مزعجا فيفزعون ثم يصعقون يموتون من شدة هذا الصوت ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون تتطاير الأرواح من هذا القرن من هذا الصور ثم ترجع كل روح إلى بدنها الذي تعمره في الدنيا لا تخطئه شعرة سبحان الله بأمر الله عز وجل هؤلاء ثلاثة كلهم موكلون بما فيه الحياة أولهم جبريل موكل بما فيه حياة القلوب والثاني ميكائيل بما فيه حياة النبات والأرض والثالث إسرافيل بما فيه حياة الأبدان
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على الله بربوبيته لهؤلاء الملائكة الثلاثة في افتتاح صلاة الليل فيقول في افتتاح صلاة الليل بدل سبحانك اللهم وبحمدك يقول " اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "
ومنهم من وكّل بقبض الأرواح بقبض الأرواح وهو ملك الموت وله أعوان أعوان يساعدونه على ذلك وينزلون بالكفن والحنوط للروح التي تخرج من الجسد إن كان من أهل الإيمان وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم
الطالب : آمين
الشيخ : فإنهم ينزلون بكفن من الجنة وحنوط من الجنة وإن كان والعياذ بالله من أهل النيران نزلوا بحنوط من النار وكفن من النار ثم يجلسون عند المحتضر الذي حضر أجله ويخرجون روحه حتى تبلغ الحلقوم فإذا بلغت الحلقوم استلها ملك الموت ثم أعطاهم إياها فوضعوها في الحنوط والكفن الملائكة تكفّن وتحنط الروح والبشر يكفنون ويحنطون ايش؟ البدن شف العناية من الله العناية من الله بالآدمي ملائكة يكفنون روحه وبشر يكفنون بدنه ولهذا قال الله تعالى (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) لا يفرطون في حفظها ولا يفرطون فيها
ملك الموت أعطاه الله تعالى قدرة على قبض الأرواح في مشارق الأرض ومغاربها يقبضها ولو ماتوا في لحظة واحدة لو فرض أن جماعة أصابهم حادث وماتوا في آن واحد فإن ملك الموت يقبض هذه الأرواح جميعا ولا تستغرب لأن الملائكة لا يقاسون بالبشر الملائكة أعطاهم الله سبحانه وتعالى قدرة عظيمة أشد من الجن، الجن أقوى من البشر والملائكة أقوى من الجن انظر قصة سليمان (( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن )) عفريت يعني قوي شديد (( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) أين مكان العرش في اليمن وسليمان في الشام مسيرة شهر قال آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإن عليه لقوي أمين وكان له عادة يقوم من مقامه في ساعة معينة (( فقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) أيهما أسرع؟ هاه الثاني لا شك يعني مد بصرك ما ترده إلا وقد جاءك (( فلما رآه )) حالا رآه مستقرا عنده قال العلماء هذا الذي عنده علم من الكتاب دعا الله باسمه الأعظم فحملت الملائكة العرش من اليمن إلى الشام في هذه اللحظة إذن فالملائكة أقوى من الجن فلا تستغرب أن يموت الناس في مشارق الأرض ومغاربها وأن يقبض أرواحهم ملك واحد كما قال تعالى (( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون )) فإذا قال الله لهذا الملك اقبض روح كل من مات هل يمكن أن يقول لا نعم لا يمكن (( لا يعصون الله ما أمرهم )) ولهذا لما قال الله للقلم اكتب، اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة القلم جماد كتب أو لم يكتب كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فالله عز وجل إذا أمر بأمر لا يمكن يعصى إلا المردة من الجن أو من بني آدم أما الملائكة لا يعصون الله على كل حال هؤلاء أربعة من الملائكة
الخامس مالك مالك هذا الموكل بالنار هو خازنها وقد ذكره الله تعالى في قوله عن أهل النار (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون )) ما معنى (( ليقض علينا )) يعني ليمتنا ويهلكنا ويرحنا مما نحن فيه قال (( إنكم ماكثون ))
السادس خازن الجنة وورد في بعض الآثار أن اسمه رضوان رضوان هذا موكل بالجنة كما أن مالكا موكل بالنار فمن علمنا اسمه من الملائكة آمنا به باسمه ومن لم نعلم باسمه آمنا به على سبيل الإجمال آمنا بعمله الذي نعلمه وبوصفه وبكل ما جاء به الكتاب والسنة من أوصاف هؤلاء الملائكة
طيب قلنا إن الملائكة عالم غيبي فهل يمكن أن يروا الجواب نعم قد يرون قد يرون إما على صورتهم التي خلقوا عليها وإما على صورة من أراد الله أن يكونوا على صورته فجبريل رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليها في موضعين في الأرض وفي السماء في الأرض في غار حراء قرب مكة وفي السماء عند سدرة المنتهى (( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى )) أتدرون كيف رآه، رآه وله ستمئة جناح قد سدّ الأفق ملأ الأفق كله وله ستمئة جناح ولا يعلم قدرها إلا الله عز وجل لكن إذا كان الشيء عاليا وسد الأفق فهو معناه أنه واسع جدا فهذا الذي رآه النبي عليه الصلاة والسلام على صورته مرتين أحيانا يأتي بصورة إنسان كما في الحديث الذي نحن فيه الآن فقد جاء بصورة رجل شديد سواد الشعر شديد بياض الثياب لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه الصحابة أتى بصورة بشر والله على كل شيء قدير قد أعطاهم الله سبحانه وتعالى ذلك أن يتصوروا بصور البشر إما باختيارهم وإما بإرادة الله يأمرهم أن يكونوا على هذه الصورة الله أعلم إنما هذه حال الملائكة عليهم الصلاة والسلام وتفاصيل ما ورد فيهم مذكور في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن علينا أن نؤمن بهؤلاء الملائكة وأنهم أقوياء أشداء قال الله تعالى لهم في غزوة بدر (( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان )) فكانوا يقاتلون مع الصحابة في بدر
فقد تكلمنا بما يسر الله على قوله صلى الله عليه وسلم ( الإيمان أن تؤمن بالله ) قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وملائكته ) والملائكة هم عالم غيبي خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور وجعل لهم أعمالا خاصة كل إنسان يعمل بما أمره الله به وقد قال الله سبحانه وتعالى في ملائكة النار (( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فهم ليس عندهم استكبار عن الأمر ولا عجز عنه يفعلون ما أمروا به ويقدرون عليه بخلاف البشر، البشر قد يستكبرون عن الأمر وقد يعجزون عنه أما الملائكة فخلقوا لتنفيذ أمر الله سواء في العبادات المتعلقة بهم أو في مصالح الخلق فمثلا جبريل أشرف الملائكة موكل بالوحي ينزل به من الله على رسله وأنبيائه فهو موكل بأشرف شيء ينتفع به الخلق والعباد وهو ذو قوة أمين مطاع، مطاع بين الملائكة ولهذا كان أشرف الملائكة كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم أشرف الرسل قال الله سبحانه وتعالى (( علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى )) يعني علّم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن (( شديد القوى )) يعني ذو القوى الشديدة وهو جبريل (( ذو مرة )) أي ذو هيئة حسنة (( فاستوى )) أي كمل وعلا وهو بالأفق الأعلى وقال عز وجل (( إنه لقول رسول كريم )) يعني جبريل (( ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ))
ومن هؤلاء أيضا من وكّلوا بمصالح الخلق من جهة أخرى في حياة الأرض والنبات مثل ميكائيل فإن ميكائيل موكّل بالقطر يعني بالمطر والنبات وفيهما حياة الأبدان حياة الناس وحياة البهائم فالأول جبريل موكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي وهذا موكل بما فيه حياة الأبدان وهو القطر والنبات
ومنهم إسرافيل، إسرافيل أحد حملة العرش العظام وهو موكل بالنفخ في الصور، الصور قرن عظيم دائرته كما بين السماء والأرض ينفخ فيه إسرافيل فإذا سمعه الناس سمعوا صوتا لا عهد لهم به صوتا مزعجا فيفزعون ثم يصعقون يموتون من شدة هذا الصوت ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون تتطاير الأرواح من هذا القرن من هذا الصور ثم ترجع كل روح إلى بدنها الذي تعمره في الدنيا لا تخطئه شعرة سبحان الله بأمر الله عز وجل هؤلاء ثلاثة كلهم موكلون بما فيه الحياة أولهم جبريل موكل بما فيه حياة القلوب والثاني ميكائيل بما فيه حياة النبات والأرض والثالث إسرافيل بما فيه حياة الأبدان
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على الله بربوبيته لهؤلاء الملائكة الثلاثة في افتتاح صلاة الليل فيقول في افتتاح صلاة الليل بدل سبحانك اللهم وبحمدك يقول " اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "
ومنهم من وكّل بقبض الأرواح بقبض الأرواح وهو ملك الموت وله أعوان أعوان يساعدونه على ذلك وينزلون بالكفن والحنوط للروح التي تخرج من الجسد إن كان من أهل الإيمان وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم
الطالب : آمين
الشيخ : فإنهم ينزلون بكفن من الجنة وحنوط من الجنة وإن كان والعياذ بالله من أهل النيران نزلوا بحنوط من النار وكفن من النار ثم يجلسون عند المحتضر الذي حضر أجله ويخرجون روحه حتى تبلغ الحلقوم فإذا بلغت الحلقوم استلها ملك الموت ثم أعطاهم إياها فوضعوها في الحنوط والكفن الملائكة تكفّن وتحنط الروح والبشر يكفنون ويحنطون ايش؟ البدن شف العناية من الله العناية من الله بالآدمي ملائكة يكفنون روحه وبشر يكفنون بدنه ولهذا قال الله تعالى (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) لا يفرطون في حفظها ولا يفرطون فيها
ملك الموت أعطاه الله تعالى قدرة على قبض الأرواح في مشارق الأرض ومغاربها يقبضها ولو ماتوا في لحظة واحدة لو فرض أن جماعة أصابهم حادث وماتوا في آن واحد فإن ملك الموت يقبض هذه الأرواح جميعا ولا تستغرب لأن الملائكة لا يقاسون بالبشر الملائكة أعطاهم الله سبحانه وتعالى قدرة عظيمة أشد من الجن، الجن أقوى من البشر والملائكة أقوى من الجن انظر قصة سليمان (( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن )) عفريت يعني قوي شديد (( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) أين مكان العرش في اليمن وسليمان في الشام مسيرة شهر قال آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإن عليه لقوي أمين وكان له عادة يقوم من مقامه في ساعة معينة (( فقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) أيهما أسرع؟ هاه الثاني لا شك يعني مد بصرك ما ترده إلا وقد جاءك (( فلما رآه )) حالا رآه مستقرا عنده قال العلماء هذا الذي عنده علم من الكتاب دعا الله باسمه الأعظم فحملت الملائكة العرش من اليمن إلى الشام في هذه اللحظة إذن فالملائكة أقوى من الجن فلا تستغرب أن يموت الناس في مشارق الأرض ومغاربها وأن يقبض أرواحهم ملك واحد كما قال تعالى (( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون )) فإذا قال الله لهذا الملك اقبض روح كل من مات هل يمكن أن يقول لا نعم لا يمكن (( لا يعصون الله ما أمرهم )) ولهذا لما قال الله للقلم اكتب، اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة القلم جماد كتب أو لم يكتب كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فالله عز وجل إذا أمر بأمر لا يمكن يعصى إلا المردة من الجن أو من بني آدم أما الملائكة لا يعصون الله على كل حال هؤلاء أربعة من الملائكة
الخامس مالك مالك هذا الموكل بالنار هو خازنها وقد ذكره الله تعالى في قوله عن أهل النار (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون )) ما معنى (( ليقض علينا )) يعني ليمتنا ويهلكنا ويرحنا مما نحن فيه قال (( إنكم ماكثون ))
السادس خازن الجنة وورد في بعض الآثار أن اسمه رضوان رضوان هذا موكل بالجنة كما أن مالكا موكل بالنار فمن علمنا اسمه من الملائكة آمنا به باسمه ومن لم نعلم باسمه آمنا به على سبيل الإجمال آمنا بعمله الذي نعلمه وبوصفه وبكل ما جاء به الكتاب والسنة من أوصاف هؤلاء الملائكة
طيب قلنا إن الملائكة عالم غيبي فهل يمكن أن يروا الجواب نعم قد يرون قد يرون إما على صورتهم التي خلقوا عليها وإما على صورة من أراد الله أن يكونوا على صورته فجبريل رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليها في موضعين في الأرض وفي السماء في الأرض في غار حراء قرب مكة وفي السماء عند سدرة المنتهى (( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى )) أتدرون كيف رآه، رآه وله ستمئة جناح قد سدّ الأفق ملأ الأفق كله وله ستمئة جناح ولا يعلم قدرها إلا الله عز وجل لكن إذا كان الشيء عاليا وسد الأفق فهو معناه أنه واسع جدا فهذا الذي رآه النبي عليه الصلاة والسلام على صورته مرتين أحيانا يأتي بصورة إنسان كما في الحديث الذي نحن فيه الآن فقد جاء بصورة رجل شديد سواد الشعر شديد بياض الثياب لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه الصحابة أتى بصورة بشر والله على كل شيء قدير قد أعطاهم الله سبحانه وتعالى ذلك أن يتصوروا بصور البشر إما باختيارهم وإما بإرادة الله يأمرهم أن يكونوا على هذه الصورة الله أعلم إنما هذه حال الملائكة عليهم الصلاة والسلام وتفاصيل ما ورد فيهم مذكور في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن علينا أن نؤمن بهؤلاء الملائكة وأنهم أقوياء أشداء قال الله تعالى لهم في غزوة بدر (( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان )) فكانوا يقاتلون مع الصحابة في بدر
اضيفت في - 2011-05-25