شرح قرة عيون الموحدين-07
الشيخ صالح الفوزان
قرة عيون الموحدين
الحجم ( 5.72 ميغابايت )
التنزيل ( 1492 )
الإستماع ( 287 )


32 - حصين بن عبد الرحمن ( قال كنت عند سعيد بن جبير فقال أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة فقلت أنا ثم قلت أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت قال فماذا صنعت قلت استرقيت قال فما حملك على ذلك قلت حديث حدثناه الشعبي فقال وما حدثكم قلت حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال لا رقية إلا من عين أو حمة فقال قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة ) أستمع حفظ

50 - " ( والنبي ومعه الرجل والرجلان ) أي : أتباعه ( والنبي وليس معه أحد ) أي : يبعث في قومه، فلا يتبعه منهم أحد كما قال تعالى (( ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين. وما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزئون )) وفيه دليل على أن الناجي من الأمم هو القليل قديما وحديثا والأكثر غلبت عليهم الطباع البشرية فعصوا الرسل فهلكوا كما قال تعالى (( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله )) وقال تعالى (( وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين )) وقال (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين )) وأمثال هذه الآيات في القرآن كثير " أستمع حفظ

57 - " قوله ( فنظرت فإذا سواد عظيم - وفي رواية : قد سد الأفق -، فقيل لي : هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) ففيه فضيلة هذه الأمة، وأنهم أكثر الأمم تابعا لنبيهم صلى الله عليه وسلم وقد كثروا في عهد الصحابة رضي الله عنهم وفي وقت الخلفاء الراشدين ومن بعدهم فملؤوا القرى والأمصار والقفار وكثر فيهم العلم واجتمعت لهم الفنون في العلوم النافعة فمازالت هذه الأمة على السنة في القرون الثلاثة المفضلة وقد قلوا في آخر الزمان. " أستمع حفظ

66 - " ولا يكتوون إذا كان فيهم ما يستشفى بالكي منه ولا يتطيرون والطيرة شرك فتركوا الشرك رأسا ولم ينزلوا حوائجهم بأحد فيسألونه الرقية فما فوقها، وتركوا الكي وإن كان يراد للشفاء والحامل لهم على ذلك : قوة توكلهم على الله، وتفويضهم أمورهم إليه، وأن لا تتعلق قلوبهم بشيء سواه في ضمن ما دبره وقضاه ؛ فلا يرغبون إلا إلى ربهم، ولا يرهبون إلا منه، ويعتقدون أن ما أصابهم بقدره واختياره لهم، فلا يفزعون إلا إليه وحده في كشف ضرهم، قال تعالى عن يعقوب عليه السلام (( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )) " أستمع حفظ

67 - " قوله ( فقام عكاشة بن محصن ) صحابي مشهور شهد بدرا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من ببني أسد بن خزيمة، قتله طليحة بن خويلد شهيدا، وكان قد سار مع خالد بن الوليد لقتال أهل الردة، فقاتل بني أسد لردتهم عن الإسلام، وكان فيهم طليحة، وقد ادعى النبوة وصدقوه، فأكرم الله عكاشة على يده لما كان كافرا، ثم بعد ذلك هداه الله إلى الإسلام، وجاهد الفرس مع سعد بن أبي وقاص، وصار له في الفرس وقائع معروفة في السير، وكان ممن استشهد في قتالهم في وقعة الجسر المشهورة . قوله : ( فقال : يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم ) فيه : أن شفاعة الحي لمن سأله الدعاء إنما كانت بدعائه، وبعد الموت قد تعذر ذلك بأمور لا تخفى على من له بصيرة . فمن سأل ميتا أو غائبا فقد سأله ما لا يقدر عليه، وكل من سأل أحدا ما لا يقدر عليه إلا الله فقد جعله ندا لله تعالى، كما كان المشركون كذلك، وقال تعالى (( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون )) أنه ربكم، وخالقكم ومن قبلكم، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة، فلا ترغبوا عنه إلى غيره، بل أخلصوا له العبادة بجميع أنواعها فيما تطلبونه من قليل أو كثير . قوله ( أنت منهم ) لما كان يعلمه صلى الله عليه وسلم من إيمانه وفضله وجهاده كما في الحديث ( لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم ) قوله ( ثم قم رجل آخر فقال : ادع الله أن يجعلني منهم، فقال سبقك بها عكاشة ) والظاهر أنه أراد - صلوات الله وسلامه عليه - سد الذريعة، لئلا يتتابع الناس بسؤال ذلك فيسأله من ليس أهلا له، وذلك منه صلى الله عليه وسلم تعريض كما لا يخفى " أستمع حفظ