شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... فأخبرني عن الساعة قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال: يا عمر أتدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم ومعنى تلد الأمة ربتها أي سيدتها ومعناه أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها وبنت السيد في معنى السيد وقيل غير ذلك والعالة الفقراء وقوله مليا أي زمنا طويلا وكان ذلك ثلاثا ... " .
الشيخ : ثم قال جبريل ( أخبرني عن الساعة ) يعني عن قيام الساعة التي يبعث فيها الناس ويجازون فيها على أعمالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) المسؤول عنها يعني نفسه عليه الصلاة والسلام بأعلم من السائل يعني جبريل يعني أنك إذا كنت يا جبريل تجهلها فأنا كذلك أجهلها فهذان رسولان كريمان أحدهما رسول ملكي والثاني رسول بشري وهما أكمل الرسل فأكمل الرسل من الملائكة جبريل وأكمل الرسل من البشر محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فكل منهما ينفي أن يكون له علم بالساعة لأن علم الساعة عند من بيده إقامتها عز وجل وهو الله تبارك وتعالى كما قال تعالى في آيات متعددة (( يسألونك عن الساعة قل إنما علمها عند الله ))(( يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله )) في آيات متعددة فعلمها عند الله فمن ادعى علم الساعة فإنه كاذب ومن أين له أن يعلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم وجبريل لا يعلم وهما أفضل الرسل ولكن الساعة لها أمارات كما قال تعالى (( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها )) علاماتها ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم جبريل أنه لا علم له بذلك قال ( فأخبرني عن أماراتها ) علامتها الدالة على قربها فقال ( أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ) الأول أن تلد الأمة ربتها يعني أن تكون الأمة المملوكة تتطور بها الحال حتى تكون ربة للمماليك الآخرين وهو كناية عن كثرة الأموال وكذلك الثاني ( وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ) يعني الحفاة الذين ليس لهم نعال من الفقر العراة ليس لهم كسوة من الفقر العالة الفقراء يتطاولون في البنيان يعني أنهم لا يلبثون إلا أن يكونوا أغنياء يتطاولون في البنيان حساً ومعنى يتطاولون في البنيان حساً بأن يرفعوا بنيانهم إلى السماء يتطاولون فيها معنىً بأن يحسنوها ويزينوها ويدخلون عليها كل ما يكون من مكملاتها لأن لديهم وفرة من المال وكل هذا وقع كل هذا وقع وهناك أمارات أخرى وعلامات أخرى ذكرها أهل العلم في باب الملاحم والفتن وأشراط الساعة وهي كثيرة ثم انطلق جبريل عليه الصلاة والسلام ولبثوا ما شاء الله أن يلبثوا ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ( أتدري من السائل قال الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) وفي هذا الحديث إلقاء المسائل على الطلبة ليمتحنهم كما ألقى النبي عليه الصلاة والسلام المسألة على عمر وفيه أيضا جواز قول الإنسان " الله ورسوله أعلم " ولا يلزمه أن يقول الله ثم رسوله لأن علم الشريعة الذي يصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام من علم الله فعلم الرسول من علم الله سبحانه وتعالى فصح أن يقال " الله ورسوله أعلم " كما قال الله تعالى (( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله )) فقال (( ما آتاهم الله ورسوله )) ولم يقل ثم رسوله لأن الإتيان هنا إتيان شرعي وإيتاء النبي صلى الله عليه وسلم الشرعي من إيتاء الله فالمسائل الشرعية يجوز أن تقول فيها " الله ورسوله " بدون ثم أما المسائل الكونية كالمشيئة وما أشبهها فلا تقل الله ورسوله قل الله ثم رسوله ولهذا لما قال رجل لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم " ما شاء الله وشئت " قال ( أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده ) وفي هذا دليل على أن السائل إذا سأل عن شيء يعلمه من أجل أن ينتفع الحاضرون فإنه يكون معلما لهم لأن الذي أجاب النبي عليه الصلاة والسلام وجبريل سائل لم يعلّم الناس لكن كان سببا في هذا الجواب الذي انتفع به الناس قال بعض العلماء فينبغي لطالب العلم إذا جلس مع عالم في مجلس أن يسأل عن المسائل التي تهم الحاضرين وإن كان يعلم حكمها من أجل أن ينفع الحاضرين ويكون معلما لهم وفي هذا دليل على بركة العلم وأن العلم ينتفع به السائل والمجيب كما قال هنا ( يعلمكم دينكم ) وفي هذا دليل أيضا في الحديث دليل على أنه حديث عظيم يشتمل على الدين كله ولهذا قال يعلمكم دينكم لأنه مشتمل على أصول العقائد وأصول الأعمال أصول العقائد في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وأصول الأعمال وهي أركان الإسلام الخمسة والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى وعن أبي ذر جندب بن جنادة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) هذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية للمؤلف رحمه الله وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام أوصى بثلاث وصايا عظيمة: الوصية الأولى قال ( اتق الله حيثما كنت ) وتقوى الله هي اجتناب المحارم وفعل الأوامر هذه التقوى أن تفعل ما أمرك الله به إخلاصا لله واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تترك ما نهى الله عنه امتثالا لنهي الله عز وجل وتنزّها عن محارم الله مثال ذلك تقوم بما أوجب الله عليك في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة فتأتي بها كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها وتكملها بالمكملات فمن أخلّ بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها أو أركانها فإنه لم يتق الله بل نقص من تقواه بقدر ما نقص من ترك بقدر ما نقص بترك ما أمر الله به في صلاته في الزكاة تقوى الله فيها أن تحصي جميع أموالك التي فيها الزكاة وتخرج زكاتها طيبة بها نفسك من غير بخل ولا تقتير ولا تأخير فمن لم يفعل فإنه لم يتق الله في الصيام تأتي بالصوم كما أمرت مجتنبا فيه اللغو والرفث والصخب والغيبة والنميمة وغير ذلك مما ينقص الصوم ويزيل روح الصوم ومعناه الحقيقي وهو الصوم عما حرّم الله عز وجل وهكذا بقية الواجبات تقوم بها طاعة لله امتثالا لأمره إخلاصا له اتباعا لرسوله وكذلك في المنهيات تترك ما نهى الله عنه امتثالا لنهي الله عز وجل حيث نهاك فانته الثانية ( أتبع السيئة الحسنة تمحها ) يعني إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة فإن الحسنات يذهبن السيئات ومن الحسنات بعد السيئات أن تتوب إلى الله من السيئات فإن التوبة من أفضل الحسنات كما قال الله تعالى (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) وقال تعالى (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) وكذلك الأعمال الصالحة تكفر السيئات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر ) وقال ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) فالحسنات يذهبن السيئات الثالثة ( خالق الناس بخلق حسن ) والوصيتان الأوليان في معاملة الخالق والثالثة في معاملة الخلق أن تعاملهم بخلق حسن تحمد عليه ولا تذم فيه وذلك بطلاقة الوجه وصدق القول وحسن المخاطبة وغير ذلك من الأخلاق الحسنة وقد جاءت النصوص الكثيرة بفضل الخلق الحسن حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ) وأخبر ( أن أولى الناس به صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) فالأخلاق الحسنة مع كونها مع كونها مسلك حسن في المجتمع ويكون صاحبها محبوبا إلى الناس هي فيها أجر عظيم يناله الإنسان في يوم القيامة فاحفظ هذه الوصايا الثلاث من النبي صلى الله عليه وسلم ( اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي ( احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي ( احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين فيما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يعني راكبا معه فقال لي ( يا غلام احفظ الله يحفظك ) قال له يا غلام لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيرا فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو قد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة أو أقل فكان راكبا مع النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فوجه إليه هذا النداء يا غلام ( احفظ الله يحفظك ) كلمة جليلة عظيمة احفظ الله وذلك بحفظ شرعه ودينه بأن تمتثل لأوامره وتجتنب نواهيه وكذلك بأن تتعلم من دينه من شريعته سبحانه وتعالى ما تقوم به عباداتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عز وجل لأن كل هذا من حفظ الله الله سبحانه وتعالى نفسه ليس بحاجة لأحد حتى يحفظ ولكن المراد حفظ دينه وشريعته كما قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم )) وليس المعنى تنصرون ذات الله لأن الله سبحانه وتعالى غني عن كل أحد ولهذا قال في آية أخرى (( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم )) ولا يعجزونه (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض )) إذن ( احفظ الله يحفظك ) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله ولكن حفظه في ماذا حفظه في بدنه حفظه في ماله في أهله في دينه وهذا أهم الأشياء أن الله يحفظك في دينك يسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى كما قال تعالى (( والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم )) وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا كما جاء في الحديث أن الإنسان إذا أذنب صار في قلبه نكتة سوداء فإن تاب محيت وإن أذنب ثانية انضم إليها نكتة ثانية وثالثة ورابعة حتى يطبع على قلبه نسأل الله العافية إذن يحفظك في دينك في بدنك في مالك في أهلك وأهمها حفظ الدين نسأل الله أن يحفظ علينا وعليكم ديننا ( احفظ الله تجده تجاهك ) وفي لفظ آخر ( تجده أمامك ) احفظ الله أيضا بحفظ شريعته بالقيام بأمره واجتناب نهيه تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله أمامك يدلك على كل خير ويذود عنك كل شر ولاسيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكل على الله كان الله حسبه أي كافيه ومن كان الله حسبه فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله (( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين )) يعني وحسب من اتبعك من المؤمنين (( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله )) فإذا كان الله حسب الإنسان يعني كافيه فإنه لن يناله سوء ولهذا قال ( احفظ الله تجده تجاهك ) أو ( تجده أمامك ) والمراد بحفظه حفظ شريعته ولاسيما في التوكل عليه والاستعانة به ثم قال له ( إذا سـألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) يعني لا تعتمد على أحد على مخلوق إذا سألت فاسأل الله مثلا إنسان فقير ليس عنده مال يسأل الله يقول اللهم ارزقني اللهم هيئ لي ررقا فيأتيه الرزق من حيث لا يحتسب لكن لو سأل الناس فربما يعطونه أو يمنعونه ولهذا جاء في الحديث ( لأن يأخذ أحدكم حبلة فيحتطب ثم يبيعه لكان خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) فكذلك أنت إذا سألت اسأل الله قل اللهم ارزقني اللهم اغنني بفضلك عمن سواك وما أشبه ذلك من الكلمات التي تتجه بها إلى الله عز وجل وكذلك أيضا ( إذا استعنت فاستعن بالله ) الاستعانة طلب العون لا تطلب العون من أي إنسان إلا للضرورة القصوى ومع ذلك إذا اضطررت إلى الاستعانة بالمخلوق فاجعل ذلك وسيلة وسببا لا ركنا تعتمد عليه اجعل الركن الأصيل هو الله عز وجل ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله ولهذا تكره المسألة لغير الله عز وجل في قليل أو كثير لا تسأل إلا الله عز وجل ولا تستعن إلا بالله والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسّر لك العون سواء كان بأسباب معلومة أو بأسباب غير معلومة قد يعينك الله بسبب غير معلوم لك فيدفع عنك من الشر ما لا طاقة لأحد به وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلّله لك حتى يعينك ولكن مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد لا يجوز لك أن تنسى المسبب وهو الله عز وجل كما يفعله بعض الجهلة الآن
فائدة حول استعانة السعودية بالقوات الأجنبية الكافرة .
الشيخ : لما استعانت الدولة بالكفار وحصل منهم العون الظاهر البيّن صار الناس والعياذ بالله بعض العامة بعض الجهلة يقدّسون هؤلاء الكفرة وما علم هؤلاء أن هؤلاء الكفرة أعداء لهم سواء أعانوهم أو لم يعينوهم هم أعداء لكم إلى يوم القيامة أعداء إلى يوم القيامة ولا يجوز لأحد أن يواليهم أو يناصرهم أو يدعو لهم كما سمعنا من بعض العامة الجهال يقولون سوف نضحي لفلان أو فلان من الكفرة والعياذ بالله وسوف نسمي أبناءنا بأسمائهم نسأل الله العافية هم لولا أن الله ذللهم وسخرهم لكم ما نفعوكم بشيء النافع الضار هو الله وهو الذي يسرهم وسخرهم ليعينوكم ويدافعوا عنكم وهو من تسخير الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين أن يسخر لهم كفارا يذودون عنهم كما جاء في الحديث ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم ) ولكن ليس معنى هذا أن ننسى فضل الله سبحانه وتعالى الذي سخرهم ونجعل الفضل لهم ونحترمهم ونساعدهم وربما يدعون لهم بالمغفرة حتى إن سمعنا بعض الجهلة يقولون سوف نضحي لهم إذا جاء عيد الأضحى أعوذ بالله كفار تضحي لهم الكافر لا يجوز أن تدعو له بالرحمة (( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )) الشاهد أن الواجب علينا إذا استعنا أن نستعين بالله وإذا استعنا بأحد من المخلوق فيجب علينا أن نعتقد بأنه سبب يسخره الله لنا وليس هو كل شيء لو شاء الله لخذلهم وإن كانوا أقوى من عدوهم الذي كانوا يقاتلونه ولكن الله سبحانه وتعالى جعل دفع الشر بما حصل عندهم من القوة كل هذا من نعمة الله علينا نحن فيجب علينا أن نشكر الله أولا وآخرا لأنه هو الذي سخرهم وجاء بهم من بلادهم حتى يدافعوا عن بلادنا وحتى يأخذوا على يد الظالم حتى يزول ظلمه أما أن نقدسهم أو أن نعتقد بقلوبنا أنهم هم السبب الأول والأخير فإن هذا جهل وضلال فيجب علينا أيها الإخوة أن نزيل هذا من قلوب العامة إذا سمعنا أحدا يركن إليهم ويقول هم الذين نصرونا مئة بالمئة وهم الأول والآخر يجب علينا أن نبين لهم أن هذا خلل في التوحيد ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتب الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي ( احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين فيما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يعني راكبا معه فقال لي ( يا غلام احفظ الله يحفظك ) قال له يا غلام لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيرا فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو قد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة أو أقل فكان راكبا مع النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فوجه إليه هذا النداء يا غلام ( احفظ الله يحفظك ) كلمة جليلة عظيمة احفظ الله وذلك بحفظ شرعه ودينه بأن تمتثل لأوامره وتجتنب نواهيه وكذلك بأن تتعلم من دينه من شريعته سبحانه وتعالى ما تقوم به عباداتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عز وجل لأن كل هذا من حفظ الله الله سبحانه وتعالى نفسه ليس بحاجة لأحد حتى يحفظ ولكن المراد حفظ دينه وشريعته كما قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم )) وليس المعنى تنصرون ذات الله لأن الله سبحانه وتعالى غني عن كل أحد ولهذا قال في آية أخرى (( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم )) ولا يعجزونه (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض )) إذن ( احفظ الله يحفظك ) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله ولكن حفظه في ماذا حفظه في بدنه حفظه في ماله في أهله في دينه وهذا أهم الأشياء أن الله يحفظك في دينك يسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى كما قال تعالى (( والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم )) وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا كما جاء في الحديث أن الإنسان إذا أذنب صار في قلبه نكتة سوداء فإن تاب محيت وإن أذنب ثانية انضم إليها نكتة ثانية وثالثة ورابعة حتى يطبع على قلبه نسأل الله العافية إذن يحفظك في دينك في بدنك في مالك في أهلك وأهمها حفظ الدين نسأل الله أن يحفظ علينا وعليكم ديننا ( احفظ الله تجده تجاهك ) وفي لفظ آخر ( تجده أمامك ) احفظ الله أيضا بحفظ شريعته بالقيام بأمره واجتناب نهيه تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله أمامك يدلك على كل خير ويذود عنك كل شر ولاسيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكل على الله كان الله حسبه أي كافيه ومن كان الله حسبه فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله (( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين )) يعني وحسب من اتبعك من المؤمنين (( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله )) فإذا كان الله حسب الإنسان يعني كافيه فإنه لن يناله سوء ولهذا قال ( احفظ الله تجده تجاهك ) أو ( تجده أمامك ) والمراد بحفظه حفظ شريعته ولاسيما في التوكل عليه والاستعانة به ثم قال له ( إذا سـألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) يعني لا تعتمد على أحد على مخلوق إذا سألت فاسأل الله مثلا إنسان فقير ليس عنده مال يسأل الله يقول اللهم ارزقني اللهم هيئ لي ررقا فيأتيه الرزق من حيث لا يحتسب لكن لو سأل الناس فربما يعطونه أو يمنعونه ولهذا جاء في الحديث ( لأن يأخذ أحدكم حبلة فيحتطب ثم يبيعه لكان خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) فكذلك أنت إذا سألت اسأل الله قل اللهم ارزقني اللهم اغنني بفضلك عمن سواك وما أشبه ذلك من الكلمات التي تتجه بها إلى الله عز وجل وكذلك أيضا ( إذا استعنت فاستعن بالله ) الاستعانة طلب العون لا تطلب العون من أي إنسان إلا للضرورة القصوى ومع ذلك إذا اضطررت إلى الاستعانة بالمخلوق فاجعل ذلك وسيلة وسببا لا ركنا تعتمد عليه اجعل الركن الأصيل هو الله عز وجل ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله ولهذا تكره المسألة لغير الله عز وجل في قليل أو كثير لا تسأل إلا الله عز وجل ولا تستعن إلا بالله والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسّر لك العون سواء كان بأسباب معلومة أو بأسباب غير معلومة قد يعينك الله بسبب غير معلوم لك فيدفع عنك من الشر ما لا طاقة لأحد به وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلّله لك حتى يعينك ولكن مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد لا يجوز لك أن تنسى المسبب وهو الله عز وجل كما يفعله بعض الجهلة الآن
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي ( احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) . " .
الشيخ : سبق الكلام على أول هذا الحديث حتى وصلنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) قال ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) فبيّن النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الجملة أن الأمة لو اجتمعت كلها على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك فإذا وقع منهم نفع لك فاعلم أنه من الله لأنه هو الذي كتبه لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بل قال ( لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) فالناس بلا شك ينفع بعضهم بعضا ويعين بعضهم بعضا ويساعد بعضهم بعضا لكن كل هذا مما كتبه الله للإنسان فالفضل فيه لله أولا عز وجل هو الذي سخر لك من ينفعك ويحسن إليك ويزيل كربتك وكذلك بالعكس ( لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) فإذا كانت الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك فإن الإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقا بربه متكلا عليه لا يهتم بأحد لأنه يعلم أنهم لو اجتمعوا لو اجتمع كل الخلق على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه وحينئذ يعلّق رجاءه بالله ويعتصم به ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه ولهذا نجد نجد الناس في سلف هذه الأمة لما اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه لم يضرهم كيد الكائدين ولا حسد الحاسدين (( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط )) ثم قال عليه الصلاة والسلام ( رفعت الأقلام وجفت الصحف ) يعني أن ما كتبه الله فقد انتهى رفع والصحف جفت من المداد ولم يبق مراجعة ( فما أصابك لم يكن ليخطئك ) كما في اللفظ الثاني ( وما أخطأك لم يكن ليصيبك ) وفي اللفظ الثاني قال عليه الصلاة والسلام ( واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) يعني اعلم علم يقين أن النصر مع الصبر فإذا صبرت وفعلت ما أمرك الله به من وسائل النصر فإن الله تعالى ينصرك والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة لأن العدو يصيب الإنسان من كل جهة فقد يشعر الإنسان أنه لن يطيق عدوه فيستحسر ويدع الجهاد وقد يشرع في الجهاد ولكن إذا أصابه الأذى استحسر وتوقف وقد يستمر ولكنه يصيبه الألم من عدوه فهذا أيضا يجب أن يصبر عليه قال الله تعالى (( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله )) وقال تعالى (( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما )) فإذا صبر الإنسان وصابر ورابط فإن الله سبحانه وتعالى ينصره واعلم أن الفرج مع الكرب كلما اكتربت الأمور وضاقت فإن الفرج قريب لأن الله عز وجل يقول في كتابه (( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أأله مع الله قليلا ما تذكرون )) فكلما اشتدت الأمور فانتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى ( وأن مع العسر يسرا ) فكل عسر فبعده يسرٌ بل إن العسر محفوف بيسرين يسر سابق ويسر لاحق قال الله تعالى (( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )) وقال ابن عباس رضي الله عنهما " لن يغلب عسر يسرين " فهذا الحديث الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عباس ينبغي للإنسان أن يكون على ذكر له دائما وأن يعتمد على هذه الوصايا النافعة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أنس رضي الله عنه قال " إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات . رواه البخاري وقال الموبقات المهلكات . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه متفق عليه . والغيرة بفتح الغين وأصلها الأنفة " ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات رواه البخاري وقال الموبقات المهلكات وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله يغار وغيره الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أنس رضي الله عنه قال " إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات رواه البخاري وقال الموبقات المهلكات ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنتم قال : " إنكم تعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات " أنس بن مالك رضي الله عنه عمّر فبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم حوالي تسعين سنة فتغيرت الأمور في عهده رضي الله عنه واختلفت أحوال الناس وصاروا يتهانون في بعض الأمور العظيمة، العظيمة في عهد الصحابة رضي الله عنهم مثل صلاة الجماعة كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتخلف أحد عنها إلا منافق أو مريض معذور ولكن الناس تهانوا بها ولم يكونوا على ما كان عليه الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بل إن الناس في عهدنا صاروا يتهانون بالصلاة نفسها لا بصلاة الجماعة فقط فلا يصلون أو يصلون ويخلون أو يؤخرون الصلاة عن وقتها كل هذه أعمال يسيرة عند بعض الناس لكنها في عهد الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات كذلك أيضا الغش في عهد النبي عليه الصلاة والسلام قال ( من غش فليس منا ) لكن انظر إلى الناس اليوم تجد أن الغش عندهم أهون من كثير من الأشياء بل إن بعضهم والعياذ بالله يعدّ الغش من الشطارة في البيع والشراء والعقود ويرى أن هذا من باب الحذق والذكاء والدهاء نسأل الله العافية مع أن النبي عليه الصلاة والسلام تبرأ من الإنسان الذي يغش الناس من ذلك الكذب الكذب من الأشياء العظيمة في عهد الصحابة رضي الله عنهم يرونه من الموبقات لكنه عند كثير من الناس يعده أمرا هينا لكن كثيرا من الناس يعده أمرا هينا فتجده يكذب ولا يبالي بالكذب مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) وربما يكذب في أمور أخطر فيجحد ما يجب عليه للناس أو يدّعي ما ليس له ويحاكمهم عند القاضي ويحلف على ذلك فيكون والعياذ بالله ممن يلقى الله وهو عليه غضبان إلى غير ذلك من المسائل الكثيرة التي يعدها الصحابة رضي الله عنهم من الموبقات من المهلكات ولكن الناس اختلفوا فصارت في أعينهم أدق من الشعر وذلك لأنه كلما قوي الإيمان عظمت المعصية عند الإنسان وكلما ضعف الإيمان خفت المعصية في قلب الإنسان ورآها أمرا هينا يتهاون ويتكاسل عن الواجب ولا يبالي لأنه ضعيف الإيمان والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه . متفق عليه . والغيرة بفتح الغين وأصلها الأنفة " ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) . متفق عليه . والغيرة بفتح الغين وأصلها الأنفة " ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله يغار وغيرته أن يأتي الرجل محارمه ) أي محارم الله الغيرة صفة حقيقية ثابتة لله عز وجل ولكنها ليست كغيرتنا بل هي أعظم وأجل والله سبحانه وتعالى بحكمته أوجب على العباد أشياء وحرّم عليهم أشياء وأحل لهم أشياء فما أوجبه عليهم فهو خير لهم في دينهم ودنياهم في حاضرهم ومستقبلهم وما حرمه عليهم فإنه شر لهم في دينهم ودنياهم وحاضرهم ومستقبلهم فإذا حرم الله على عباده أشياء فإنه يغار عز وجل أن يأتي الإنسان محارمه وكيف يأتي الإنسان محارم ربه والله سبحانه وتعالى إنما حرمها من أجل مصلحة العبد أما الله سبحانه وتعالى فإنه لا يضره أن يعصي الإنسان ربه لكن يغار كيف يعرف الإنسان بل كيف يعلم أن الله سبحانه حكيم ورحيم ولا يحرّم شيئا على عباده بخلا منه عليهم به به ولكن من أجل مصلحتهم ثم يأتي العبد فيتقدم فيعصي الله عز وجل ولاسيما في الزنا نسأل الله العافية فإنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ) لأن الزنا فاحشة الزنا طريق سافل سيء ومن ثمَّ حرم الله على عباده الزنا وجميع وسائل الزنا كما قال تعالى (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) فإذا زنا العبد والعياذ بالله فإن الله يغار غيرة أشد وأعظم من غيرته على ما دونه من المحارم وكذلك أيضا من باب أولى وأشد اللواط نسأل الله العافية إتيان الذكرِ الذكر فإن هذا أعظم وأعظم ولهذا جعله الله تعالى أشد في الفحش من الزنا فقال لوط لقومه (( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين )) الفاحشة وفي الزنا قال (( إنه كان فاحشة )) يعني فاحشة من الفواحش أما اللواط فجعله الفاحشة العظمى نسأل الله العافية وكذلك أيضا السرقة شرب الخمر وكل المحارم يغار الله منها لكن بعضها يكون أشد غيرة من بعض حسب الجرم وحسب المضار التي تترتب على ذلك وفي هذا الحديث إثبات الغيرة لله وسبيل أهل السنة والجماعة فيه وفي غيره من أحاديث الصفات وآيات الصفات أنهم يثبتونها لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به يقولون إن الله يغار لكن ليست كغيرة المخلوق وإن الله تعالى يفرح ولكن ليس كفرح المخلوق وإن الله سبحانه وتعالى له من الصفات الكاملة ما يليق به ولا تشبه صفات المخلوقين والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك ؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا قال فأي المال أحب إليك ؟ قال الإبل أو قال البقر شك الراوي فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس فمسحه عنه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك ؟ قال البقر فأعطي بقرة حاملا وقال بارك الله لك فيها فأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك قال أن يرد الله إلي بصري فأبصر الناس فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك ؟ قال الغنم فأعطي شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري فقال الحقوق كثيرة فقال كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثل ما رد هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري ؟ فقال قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك متفق عليه والناقة العشراء بضم العين وبالمد هي الحامل قوله أنتج وفي رواية فنتج معناه تولى نتاجها والناتج للناقة كالقابلة للمرأة وقوله ولد هذا هو بتشديد اللام أي تولى ولادتها وهو بمعنى أنتج في الناقة فالمولد والناتج والقابلة بمعنى لكن هذا للحيوان وذاك لغيره وقوله انقطعت بي الحبال هو بالحاء المهملة والباء الموحدة أي الأسباب وقوله لا أجهدك معناه لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أو تطلبه من مالي وفي رواية البخاري لا أحمدك بالحاء المهملة والميم ومعناه لا أحمدك بترك شيء تحتاج إليه كما قالوا ليس على طول الحياة ندم أي على فوات طولها
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا فقال فأي المال أحب إليك قال الإبل أو قال البقر ) شك الراوي ( فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها فأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني الذي قذرني الناس فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر فأعطي بقرة حاملا قال بارك الله لك فيها ) "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك ؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا قال فأي المال أحب إليك ؟ قال الإبل أو قال البقر شك الراوي فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس فمسحه عنه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك ؟ قال البقر فأعطي بقرة حاملا وقال بارك الله لك فيها .... ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ) إسرائيل هو إسحاق بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أخو إسماعيل ومن ذريته أي من ذرية إسرائيل موسى وهارون وعيسى وجميع بني إسرائيل كلهم من ذرية إسحاق عليه الصلاة والسلام وإسماعيل أخو إسحاق فهم والعرب أبناء عم
فائدة : أقسام الأخبار التي جاءت عن بني إسرائيل و منهج التعامل معها .
الشيخ : وقد جاءت أخبار كثيرة عن بني إسرائيل وهي ثلاثة أقسام الأول ما جاء في القرآن والثاني ما جاء في صحيح السنة والثالث ما جاء عن أحبارهم وعن علمائهم فأما الأول والثاني فلا شك في أنه حق ولا شك في قبوله مثل قوله تعالى (( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله )) ومن السنة مثل هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما روي عنهم عن أحبارهم وعلمائهم فإنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول ما شهد الشرع ببطلانه فهذا باطل يجب رده وهذا يقع كثيرا فيما ينقل من الإسرائيليات في تفسير القرآن فإنه ينقل في تفسير القرآن كثير من الأخبار الإسرائيلية التي يشهد الشرع ببطلانها والثاني ما شهد الشرع بصدقه فهذا يقبل لا لأنه من أخبار بني إسرائيل ولكن لأن الشرع شهد بصدقه وأنه حق والثالث ما لم يكن في الشرع تصديقه ولا تكذيبه فهذا يتوقف فيه لا يصدقون ولا يكذبون لأننا إن صدقناهم فقد يكون باطلا فنكون قد صدقناهم بباطل وإن كذبناهم فقد يكون حقا فكذبناهم بحق ولهذا نتوقف فيه ولكن مع ذلك لا حرج من التحديث به فيما ينفع في ترغيب أو ترهيب ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن ثلاثة من بني إسرائيل ابتلاهم الله عز وجل بعاهات في أبدانهم أحدهم أبرص والثاني أقرع ليس على رأسه شعر والثالث أعمى لا يبصر فأراد الله سبحانه وتعالى أن يبتليهم ويختبرهم لأن الله سبحانه وتعالى يبتلي العبد بما شاء ليبلوه هل يصبر أو يضجر إذا كان ابتلاه بضراء وهل يشكر أو يبطر إذا كان ابتلاه بسراء فبعث الله إليهم ملكا ملكا من الملائكة وأتاهم يسألهم أي شيء أحب إليهم فبدأ بالأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قذر الناس به لأن أهم شيء على الإنسان أن يكون معافى من العاهات ولاسيما العاهات العاهات المكروهة عند الناس فمسحه