تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم )) والآيات في الباب كثيرة معلومة ... " .
الشيخ : فالتقوى إذن سبب لزيادة الفهم ويدخل في ذلك أيضا الفراسة أن الله يعطي المتقي فراسة يميّز بها حتى بين الناس بمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق أنه بر أو فاجر حتى إنه ربما يحكم على الشخص وهو لم يعاشره ولم يعرف عنه شيئا بسبب ما أعطاه الله من الفراسة ويدخل في ذلك أيضا ما يحصل للمتقين من الكرامات التي لا تحصل لغيرهم ومن ذلك ما حصل لكثير من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم يخطب على المنبر في المدينة فسمعوه يقول في أثناء الخطبة " يا سارية الجبل يا سارية الجبل " فتعجبوا من يخاطب وكيف يقول هذا الكلام في أثناء الخطبة فإذا الله سبحانه وتعالى قد كشف له عن سرية في العراق كان قائدها سارية بن زنيب وكان العدو قد حصرهم فكشف الله لعمر عن هذه السرية كأنما يشاهدها رأي عين فقال لقائدها يا سارية الجبل يعني تحصن بالجبل فسمعه سارية وهو القائد وهو في العراق ثم اعتصم بالجبل هذه أيضا من التقوى لأن كرامات الأولياء كلها جزاء لهم على تقواهم لله عز وجل فالمهم أن من آثار التقوى أن الله تعالى يجعل للإنسان فرقانا يفرّق به بين الحق والباطل وبين البر والفاجر وبين أشياء كثيرة لا تحصل لغير المتقي الثانية الفائدة الثانية قال (( ويكفر عنكم سيئاتكم )) وتكفير السيئات يكون بالأعمال الصالحة فإن الأعمال الصالحة تكفر الأعمال السيئة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) فالكفارة تكون بالأعمال الصالحة وهذا يعني أن الإنسان إذا اتقى الله سهّل له الأعمال الصالحة التي يكفّر الله بها عنه الفائدة الثالثة قال (( ويغفر لكم )) بأن ييسركم للاستغفار والتوبة فإن هذا من نعمة الله على العبد أن ييسره للاستغفار والتوبة ومن البلاء للعبد أن يظن أن ما كان عليه من الذنوب ليس بذنب فيصرّ عليه والعياذ بالله كما قال الله تعالى (( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) كثير من الناس لا يقلع عن الذنب لأنه زين له والعياذ بالله فألفه وصعب عليه أن ينتشل نفسه منه لكن إذا كان متقيا لله عز وجل سهّل الله له الإقلاع عن الذنوب حتى يغفر له وربما يغفر الله له بسبب تقواه فتكون تقواه كالمكفرة لسيئاته كما حصل لأهل بدر رضي الله عنهم فإن الله اطلع على أهل البدر وقال ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) فتقع الذنوب من أهل بدر مغفورة يغفرها الله عز وجل لما حصل منهم من الغزوة العظيمة التي نفع الله بها المسلمين (( والله ذو الفضل العظيم )) أي صاحب الفضل العظيم الذي لا يعدله شيء ولا يوازيه شيء فإذا كان الله تعالى موصوفا بهذه الصفة فاطلب الفضل منه سبحانه وتعالى وذلك بتقواه والرجوع إليه والله أعلم
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل: يا رسول الله من أكرم الناس ؟ قال: ( أتقاهم ) فقالوا: ليس عن هذا نسألك قال ( فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ) قالوا: ليس عن هذا نسألك قال ( فعن معادن العرب تسألوني ؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) . متفق عليه . وفقهوا : بضم القاف على المشهور وحكى كسرها أي : علموا أحكام الشرع ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( قيل يا رسول الله من أكرم الناس قال أتقاهم فقالوا ليس عن هذا نسألك قال يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) متفق عليه وفقهوا بضم القاف على المشهور وحكي كسرها أي علموا أحكام الشرع " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل: يا رسول الله من أكرم الناس ؟ قال: ( أتقاهم ) فقالوا: ليس عن هذا نسألك قال ( فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ) قالوا: ليس عن هذا نسألك قال ( فعن معادن العرب تسألوني ؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) . متفق عليه . وفقهوا : بضم القاف على المشهور وحكى كسرها أي: علموا أحكام الشرع ... " .
الشيخ : تقدم لنا الكلام على الآيات التي ساقها المؤلف رحمه الله في تقوى الله عز وجل ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل من أكرم الناس فقال ( أتقاهم ) يعني أن أكرم الناس أتقاهم لله وهذا الجواب مطابق تماما لقوله تعالى (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الناس من حيث النسب ولا من حيث الحسب ولا من حيث المال ولا من حيث الجمال وإنما ينظر سبحانه وتعالى إلى الأعمال فأكرم الناس عنده أتقاهم له ولهذا يمدّ أهل التقوى بما يمدهم به من الكرامات الظاهرة أو الباطنة لأنهم هم أكرم خلقه عنده ففي هذا حثٌ على تقوى الله عز وجل وأنه كلما كان الإنسان أتقى لله فهو أكرم عنده ولكن الصحابة لا يريدون هذا بهذا السؤال لا يريدون الأكرم عند الله قالوا ( لسنا عن هذا نسألك ) ثم ذكر لهم أن أكرم الخلق ( يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ) يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فإنه عليه الصلاة والسلام كان نبيا من سلالة الأنبياء فكان من أكرم الخلق فقالوا ( لسنا عن هذا نسألك ) قال ( فعن معادن العرب تسألونني ) معادن يعني أصولهم يعني أصولهم وأنسابهم ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا ) يعني أن أكرم الناس من حيث النسب والمعادن والأصول هم الخيار في الجاهلية لكن بشرط إذا فقهوا فمثلا من المعروف أن بني هاشم هم خيار قريش فيكونون هم خيارهم في الإسلام لكن بشرط أن يفقهوا في دين الله وأن يتعلموا من دين الله فإن لم يكونوا فقهاء فإنهم وإن كانوا من خيار العرب معدنا فإنهم ليسوا أكرم الخلق عند الله وليسوا خيار الخلق ففي هذا دليل على أن الإنسان يشرف بنسبه لكن بشرط أن يكون لديه فقه في دينه وهذا لا شك فيه أن النسب له أثر ولهذا كان بنو هاشم أطيب الناس نسبا وأشرفهم نسبا ومن ثمَّ كان منهم نبي الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف الخلق و(( الله أعلم حيث يجعل رسالته )) فلولا أن هذا البطن من بني آدم أشرف البطون ما كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلا في أشرف البطون وأعلى الأنساب والشاهد من هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أكرم الخلق أتقاهم لله ) فإذا كنت تريد أن تكون كريما عند الله وذا منزلة عنده فعليك بالتقوى فكلما كان الإنسان لله أتقى كان عنده أكرم أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتقين اللهم صلّ وسلم عليه
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الحديث ساقه المؤلف رحمه الله لما فيه من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى بعد أن ذكر حال الدنيا فقال ( إن الدنيا حلوة خضرة ) حلوة في المذاق خضرة في المرأى والشيء إذا كان خضرا حلوا فإن العين تطلبه أولا ثم تطلبه النفس ثانيا والشيء إذا اجتمع فيه طلب العين وطلب النفس فإنه يوشك للإنسان أن يقع فيه فالدنيا حلوة في مذاقها خضرة في مرآها فيغتر الإنسان بها وينهمك فيها ويجعلها أكبر همه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن الله تعالى مستخلفنا فيها فينظرُ كيف نعمل فقال ( وإن الله مستخلفكم فيها فينظرُ كيف تعملون ) هل تقومون بطاعته وتنهون النفس عن الهوى وتقومون بما أوجب الله عليكم ولا تغتروا بالدنيا أو أن الأمر بالعكس ولهذا قال ( فاتقوا الله ) اتقوا الله يعني قوموا بما أمركم به واتركوا ما نهاكم عنه ولا تغرنكم حلاوة الدنيا ونضرتها كما قال تعالى (( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) ثم قال ( فاتقوا الله واتقوا النساء ) اتقوا النساء يعني احذروهن وهذا يشمل الحذر من المرأة في كيدها مع زوجها ويشمل أيضا الحذر من النساء وفتنتهن ولهذا قال ( فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) افتتنوا في النساء فضلوا وأضلوا والعياذ بالله ولذلك نجد أعداءنا أعداء ديننا أعداء شريعة الله عز وجل يركزون اليوم على مسألة النساء وتبرجهن واختلاطهن بالرجال ومشاركتهن للرجال في الأعمال حتى يصبح الناس كأنهم الحمير لا يهمهم إلا بطونهم وفروجهم والعياذ بالله وتصبح النساء وكأنهن دمى أي صور لا يهتم الناس إلا بشكل المرأة كيف يزينونها كيف يجملونها كيف يأتون لها بالمجملات والتحسينات وما يتعلق بالشعر وما يتعلق بالجلد وتنتف الشعر الساق الذراع الوجه كل شيء حتى يجعلوا أكبر هم النساء هو أن تكون المرأة كالصورة كأنها صورة من بلاستيك لا يهمها عبادة ولا يهمها أولاد ثم إن أعداءنا أعداء دين الله أعداء شريعة الله أعداء الحياء يريدون أن يقحموا المرأة في وظائف الرجال حتى يضيقوا على الرجال الخناق ويجعلوا الشباب يتسكعون في الأسواق ليس لهم شغل ويحصل من فراغهم هذا شر كبير وفتنة عظيمة لأن الشباب والفراغ والغنى من أعظم المفاسد كما قيل " إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة " فهم يقحمون النساء الآن بالوظائف الوظائف الرجالية ويدعون الشباب ليفسد الشباب ويفسد النساء أتدرون ماذا يحدث يحدث بتوظيفهن مع الرجال مفسدة الاختلاط ومفسدة الزنا والفاحشة سواء في زنا العين أو زنا اللسان أو زنا اليد أو زنا الفرج كل ذلك محتمل محتمل إذا كان المرأة مع الرجل في الوظيفة وما أكثر الفساد في البلاد التي يتوظف فيها الرجال والنساء ثم إن المرأة إذا وظفت فإنها سوف تنعزل عن بيتها وعن زوجها وتصبح الأسر متفككة ثم إنها إذا وظّفت سوف يحتاج البيت إلى خادم وحينئذ نستجلب نساء العالم من كل مكان وعلى كل دين وعلى كل خلق ولو كان الدين على غير دين الإسلام ولو كان الخلق على خلق فاسد نستجلب النساء ليكن خدما في البيوت ونجعل نساءنا تعمل في محل رجالنا نعطّل رجالنا ونشغل نساءنا ثم إن هذا أيضا فيه مفسدة عظيمة وهي تفكك الأسرة لأن الطفل إذا نشأ ليس أمامه إلا الخادم نسي أمه ونسي أباه وفقد الطفل تعلقه بأمه ففسدت البيوت وتشتت الأسر وحصل في ذلك من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله ولا شك أن أعداءنا وأذناب أعدائنا لأنه يوجد فينا أذناب لهؤلاء الأعداء درسوا عندهم وتلطخوا بأفكارهم السيئة ولا أقول إنهم غسلوا أدمغتهم بل أقول إنهم لوّثوا أدمغتهم بهذه الأفكار الخبيثة المعارضة لدين الإسلام قد يقولون إن هذا لا يعارض العقيدة ولكننا نقول هو يهدم العقيدة ليس معارضة العقيدة أن الإنسان يقول إن الله له شريك أو إن الله ليس بموجود أو ما أشبه ذلك لا هذه المعاصي تهدم العقيدة هدما لأن الإنسان يبقى يكون كأنه ثور أو حمار لا يهتم بالعقيدة ولا بالعبادة لأنه متعلق بالدنيا وبزخارفها وبالنساء وقد جاء في الحديث الصحيح ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) ما ترك فتنة أضر على الرجال من النساء ولهذا يجب علينا نحن ونحن والحمد لله أمة مسلمة أن نعارض هذه الأفكار وأن نبث ضدها في كل مكان وفي كل مناسبة وإن كان يوجد عندنا قوم لا كثرهم الله ولا أنالهم مقصودهم يوجد منا في هذه البلاد قوم يريدون هذا الأمر يريدون هذه الفتنة وهذا الشر لهذا البلد المسلم المسالم المحافظ لكنهم يعلمون أن آخر معقل للمسلمين هو هذه البلاد التي تشمل مقدسات المسلمين وقبلة المسلمين ليفسدوها حتى تفسد الأمة الإسلامية كلها كل الأمة الإسلامية ينظرون إلى هذه البلاد ماذا تفعل فإذا انهدم الحياء والدين في هذه البلاد فسلام علينا سلام على الدين والحياء لهذا أقول يا إخواني يجب علينا شبابا وكهولا وشيوخا وعلماء ومتعلمين أن نعارض هذه الأفكار وأن نقيم الناس كلهم ضدها حتى لا تسري فينا سريان النار في الهشيم فتحرقنا نسأل الله تعالى أن يجعل كيد هؤلاء الذين يدبرون مثل هذه الأمور في نحورهم وألا يبلغهم منالهم وأن يكبتهم برجال صالحين حتى تخمد فتنتهم إنه جواد كريم
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) . رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) . رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . من الأحاديث التي أوردها المصنف رحمه الله في باب التقوى هذا الحديث حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) فكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الله عز وجل بهذا الدعاء ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) الهدى هنا بمعنى العلم والنبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى العلم كغيره من الناس لأن الله سبحانه وتعالى قال له (( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما )) وقال الله له (( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما )) فهو عليه الصلاة والسلام محتاج إلى العلم فيسأل الله الهدى والهدى إذا ذكر وحده يشمل العلم والتوفيق العلم والتوفيق للحق أما إذا قرن معه ما يدل على التوفيق للحق فإنه يفسر بمعنى العلم لأن الأصل في اللغة العربية أن العطف يقتضي المغايرة فيكون الهدى له معنى وما بعده مما يدل على التوفيق له معنى آخر وأما قوله ( والتقى ) فالمراد بالتقى هنا تقوى الله عز وجل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه التقى يعني أن يوفقه لتقوى الله لأن الله عز وجل هو الذي بيده مقاليد كل شيء فإذا وكل العبد إلى نفسه ضاع ولم يحصل على شيء فإذا وفقه الله عز وجل ورزقه التقى صار مستقيم على تقوى الله عز وجل وأما قوله ( العفاف ) فالمراد به أن يمنّ الله عليه بالعفاف والعفة عن كل ما حرم الله عليه فيكون عطفه على التقوى من باب عطف الخاص على العام إن خصصنا العفاف بالعفاف عن شيء معين وإلا فهو من باب عطف المترادفين فالعفاف أن يعف الإنسان عن كل ما حرم الله عليه فيما يتعلق بجميع المحارم التي حرمها الله عز وجل وأما الغنى فالمراد به الغنى عما سوى الله يعني الغنى عن الخلق بحيث لا يفتقر الإنسان إلى أحد سوى ربه سبحانه وتعالى والإنسان إذا وفقه الله ومنّ عليه بالاستغناء عن الخلق صار عزيز النفس غير ذليل لأن الحاجة إلى الخلق ذل ومهانة والحاجة إلى الله عز وعبادة فهو يسأل عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل الغنى فينبغي لنا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء وأن نسأل الله الهدى والتقى والعفاف والغنى وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وأن الذي يملك ذلك هو الله وفيه دليل أيضا على إبطال من تعلقوا بالأولياء والصالحين في جلب المنافع ودفع المضار كما يفعل بعض الجهال الذين يدعون الرسول عليه الصلاة والسلام إذا كانوا عند قبره أو يدعون من يزعمونهم أولياء من دون الله فإن هؤلاء ضالون في دينهم سفهاء في عقولهم لأن هؤلاء المدعوين هم بأنفسهم لا يملكون لأنفسهم شيئا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملَك )) وقال له (( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله )) وقال له (( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا )) فالإنسان يجب أن يعلم أن البشر مهما أوتوا من الوجاهة عند الله عز وجل ومن المنزلة والمرتبة عند الله فإنهم ليسوا مستحقين لأن يدعو من دون الله بل إنهم أعني من لهم جاه عند الله من الأنبياء والصالحين يتبرؤون تبرؤا تاما ممن يدعونهم من دون الله عز وجل قال عيسى عليه الصلاة والسلام لما قال له الله (( أأنت قلت للناس اتخذوني وأميَّ إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق )) ليس من حق عيسى ولا غيره أن يقول للناس اتخذوني إلها من دون الله (( ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم مافي نفسي ولا أعلم مافي نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم )) فالحاصل أن ما نسمع عن بعض جهال المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يأتون إلى قبور من يزعمونهم أولياء فيدعون هؤلاء الأولياء فإن هذا العمل سفه في العقل وضلال في الدين وهؤلاء لن ينفعوا أحدا أبدا هم جثث هامدة جثث هامدة هم بأنفسهم لا يستطيعون الحراك فكيف يتحركون لغيرهم والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى ) . رواه مسلم ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " وعن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى ) . رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من حلف على يمين فرأى غيرها أتقى لله منها فليأت الذي هو أتقى ) اليمين هي الحلف بالله عز وجل أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته ولا يجوز الحلف بغير الله لا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بجبريل ولا بأي أحد من الخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) وقال ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) فمن حلف بغير الله فهو آثم ولا يمين عليه لأنها يمين غير منعقدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولا ينبغي للإنسان أن يكثر من اليمين فإن هذا هو معنى قوله تعالى (( واحفظوا أيمانكم )) على رأي بعض المفسرين قال (( واحفظوا أيمانكم )) يعني لا تكثروا الحلف بالله وإذا حلفت فينبغي أن تقيد اليمين بالمشيئة بمشيئة الله فتقول " والله إن شاء الله " لتستفيد بذلك فائدتين عظيمتين: الفائدة الأولى أن يتيسر لك ما حلفت عليه والفائدة الثانية أنك لو حنثت فلا كفارة عليك فمن حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث ولو خالف ما حلف عليه ولكن اليمين، اليمين التي توجب الكفارة هي اليمين على شيء مستقبل أما اليمين على شيء ماضي فلا كفارة فيها ولكن إن كان الحالف كاذبا فهو آثم وإن كان صادقا فلا شيء عليه فالحلف على شيء ماضي لا تسأل فيه هل عليك كفارة أو ليس عليه كفارة لأنه لا كفارة على يمين في شيء ماضي وإنما يسأل عن هل يأثم أو يسلم؟ إن كان صادقا فهو سالم وإن كان كاذبا فهو آثم مثال هذا لو قال قائل " والله ما فعلت كذا " فهنا ليس عليه كفارة صدق أو كذب لكن إن كان صادقا أنه لم يفعله فهو سالم من الإثم وإن كان كاذبا يعني إن كان قد فعله فهو آثم أما اليمين التي فيها الكفارة فهي التي على شيء مستقبل فإذا حلفت على شيء مستقبل فقلت والله لا أفعل كذا فهنا نقول إن فعلته فعليك الكفارة وإن لم تفعله فلا كفارة عليك " والله لا أفعل كذا " نقول الآن هذه يمين منعقدة فإن فعلته وجبت عليك الكفارة وإن لم تفعله فلا كفارة عليك ولكن هل الأفضل أن أفعل ما حلفت على تركه أو الأفضل ألا أفعل؟ في هذا الحديث بيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنك إذا حلفت على يمين ورأيت غيرها أتقى لله منها فكفّر عن يمينك وأت الذي هو أتقى فإذا قال قائل " والله لا أكلم فلانا " وهو مسلم فإن الأتقى لله أن تكلمه لأن هجر المسلم حرام فكلمه وكفر عن يمينك لأن هذا أتقى لله ولو قلت " والله لا أزور قريبي " فهنا نقول زيارة القريب صلة صلة رحم وصلة الرحم واجبة فصل قريبك وكفّر عن يمينك لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول ( فرأى غيرها أتقى لله منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ) وعلى هذا فقس فصار الخلاصة الآن أن نقول اليمين على شيء ماضي لا يبحث فيه عن الكفارة لأنه ليس فيها كفارة لكن إما أن يكون الحالف سالما وإما أن يكون آثما فإن كان كاذبا فهو آثم وإن كان صادقا فهو سالم اليمين على المستقبل هي التي فيها الكفارة فإذا حلف الإنسان على شيء مستقبل وخالف ما حلف عليه وجبت عليه الكفارة إلا أن يقرن يمينه بمشيئة الله فيقول إن شاء الله فهذا لا كفارة عليه ولو خالف والله الموفق القارئ : الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي أمامة صدى بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: ( اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أمواكم وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم ) رواه الترمذي في آخر كتاب الصلاة وقال حديث حسن صحيح ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال ( اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم ) رواه الترمذي في آخر كتاب الصلاة وقال حديث حسن صحيح "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي أمامة صدى بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: ( اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أمواكم وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم ) رواه الترمذي في آخر كتاب الصلاة وقال حديث حسن صحيح ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع ) وكانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين راتبة وعارضة فأما الراتبة فهي خطبه في الجمع والأعياد فإنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس في كل جمعة وفي كل عيد واختلف العلماء رحمهم الله في خطبة صلاة الكسوف هل هي راتبة أو عارضة وسبب اختلافهم أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ولما صلى قام فخطب الناس عليه الصلاة والسلام فذهب بعض العلماء إلى أنها من الخطب الراتبة وقال إن الأصل أنما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم فهو ثابت مستقر ولم يقع الكسوف مرة أخرى فيترك النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة حتى نقول إنها من الخطب العارضة وقال بعض العلماء بل هي من الخطب العارضة التي إن كان لها ما يدعو إليها خطب وإلا فلا ولكن الأقرب أنها من الخطب الراتبة وأنه يسن للإنسان إذا صلى صلاة الكسوف أن يقوم فيخطب الناس ويذكرهم ويخوفهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أما الخطب العارضة فهي التي يخطبها عند الحاجة إليها مثل خطبته صلى الله عليه وسلم حينما اشترط أهل بريرة وهي جارية اشترتها عائشة رضي الله عنها فاشترط أهلها أن يكون الولاء لهم ولكن عائشة رضي الله عنها لم تقبل بذلك فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( خذيها واشترطي لهم الولاء ) ثم قام فخطب الناس وأخبرهم أن الولاء لمن أعتق وكذلك خطبته حينما شفع أسامة بن زيد رضي الله عنه في المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها فأهم قريشا شأنها فطلبوا من يشفع لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبوا من زيد بن ثابت فطلبوا من أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع فشفع ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( أتشفع في حد من حدود الله ) ثم قام فخطب الناس وأخبرهم بأن الذي أهلك من كان قبلنا ( أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد ) في حجة الوداع خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وخطب يوم النحر ووعظ الناس وذكرهم وهذه خطبة من الخطب الرواتب التي يسن لقائد الحجيج أن يخطب الناس كما خطبهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان من جملة ما ذكر في خطبته في حديث الوداع أنه قال ( أيها الناس اتقوا ربكم )( أيها الناس اتقوا ربكم ) وهذا كقوله تعالى (( يا أيها الناس اتقوا ربكم )) فأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس جميعا أن يتقوا ربهم الذي خلقهم وأمدهم بنعمه وأعدهم لقبول رسالاته فأمرهم أن يتقوا الله ( صلوا خمسكم ) يعني صلوا الصلوات الخمس التي فرضها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم ( وصوموا شهركم ) يعني شهر رمضان ( وأدوا زكاة أموالكم ) يعني أعطوها مستحقها ولا تبخلوا بها ( وأطيعوا أمراءكم ) يعني من جعلهم الله أمراء عليكم وهذا يشمل أمراء المناطق والبلدان ويشمل الأمير العام أمير الدولة كلها فإن الواجب على الرعية طاعتهم في غير معصية الله أما في معصية الله فلا تجوز طاعتهم ولو أمروا بذلك لأن طاعة المخلوق لا تقدم على طاعة الخالق جل وعلا ولهذا قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) فعطف طاعة ولاة الأمور على طاعة الله ورسوله وهذا يدل على أنها تابعة لأن المعطوف تابع للمعطوف عليه لا مستقل ولهذا تجد أن الله جل وعلا قال (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول )) فأتى بالفعل ليتبين بذلك أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم طاعة مستقلة يعني تجب طاعته استقلالا كما تجب طاعة الله ومع هذا فإن طاعته من طاعة الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما يرضي الله أما غيره من ولاة الأمور فإنهم قد يأمرون بغير ما يرضي الله ولهذا جعل طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله ولا يجوز للإنسان أن يعصي ولاة الأمور في غير معصية الله ويقول إن هذا ليس بدين لأن بعض الجهال إذا نظمت ولاة الأمور أنظمة لا تخالف الشرع قال لا، لا يلزمني أن أقوم بهذه الأنظمة لأنها ليست بشرع لا توجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله وهذا من جهله بل نقول إن امتثال هذه الأنظمة موجود في كتاب الله وموجود في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة أمر بطاعة ولاة الأمور ومنها هذا الحديث فطاعة ولاة الأمور فيما ينظمونه مما لا يخالف أمر الله ورسوله مما أمر الله به ورسوله ولو كنا لا نطيع ولاة الأمور إلا بما أمر الله به ورسوله لم يكن للأمر بطاعتهم فائدة لأن طاعة الله ورسوله مأمور بها سواء أمر بها ولاة الأمور أم لم يأمروا بها فهذه الأمور التي أوصى بها النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع تقوى الله الصلوات الخمس الزكاة الصيام طاعة ولاة الأمور هذه من الأمور الهامة التي يجب على الإنسان أن يعتني بها وأن يمتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها والله أعلم
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب اليقين والتوكل . قال الله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )) وقال تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) وقال تعالى (( فإذا عزمت فتوكل على الله )) والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة وقال تعالى (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) أي كافيه وقال تعالى (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون )) والآيات في فضل التوكل كثيرة معروفة ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " باب اليقين والتوكل قال الله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )) وقال تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب اليقين والتوكل . قال الله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )) وقال تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب اليقين والتوكل " جمع المؤلف بينهما لأن التوكل ثمرة من ثمرات اليقين فاليقين هو قوة الإيمان والثبات حتى كأن الإنسان يرى بعينه ما أخبر الله به ورسوله من شدة يقينه فاليقين هو ثبات وإيمان ليس معه شك بوجه من الوجوه فيرى الغائب الذي أخبر الله عنه ورسوله يراه كأنه حاضر بين يديه وهو أعلى اعلى درجات الإيمان هذا اليقين يثمر ثمرات جليلة منها التوكل على الله عز وجل والتوكل على الله اعتماد الإنسان على ربه عز وجل في ظاهره وباطنه في جلب المنافع ودفع المضار أن يعتمد الإنسان على الله في ظاهره وباطنه في جلب المنافع ودفع المضار (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ففي هاتين المرتبتين اليقين والتوكل يحصل للإنسان مقصوده في الدنيا والآخرة ويستريح ويعيش مطمئنا سعيدا لأنه موقن بكل ما أخبر الله به ورسوله متوكل على الله عز وجل ثم ذكر المؤلف آيات في هذا الباب منها قوله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله )) رضي الله عنهم الأحزاب طوائف من قبائل متعددة تألبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعوا على حربه وتجمع نحو عشرة آلاف مقاتل من قريش وغيرهم وحاصروا المدينة ليقضوا على النبي صلى الله عليه وسلم وحصل في هذه الغزوة أزمة عظيمة على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى في وصفها (( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر )) من شدة الخوف (( وتظنون بالله الظنونا )) الظنون البعيدة (( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزال شديدا )) فانقسم الناس في هذه الأزمة العظيمة العصيبة إلى قسمين بينهم الله عز وجل في هذه الآيات قال (( هناك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا )) أعوذ بالله المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر والذين في قلوبهم مرض من المؤمنين وعندهم نقص في يقينهم قالوا (( ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا )) قالوا كيف يقول محمد إنه سيفتح كسرى وقيصر وصنعاء وهو الآن محاصر من هؤلاء الناس كيف يمكن هذا فقالوا (( ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا )) أما المؤمنون فقال الله عنهم (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب ))