تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب اليقين والتوكل . قال الله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )) ... " .
الشيخ : فقال الله عنهم (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله )) الفرق بين الطائفتين هؤلاء لما رأوا الأحزاب ورأوا هذه الشدة علموا أنه سيعقبها نصر وفرج وقالوا (( هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله )) سيكون النصر وستفتح كسرى وستفتح ممالك كسرى وقيصر واليمن وهكذا كان ولله الحمد الشاهد قوله (( قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله )) وهذا غاية اليقين أن يكون الإنسان عند الشدائد وعند الكرب ثابتا مؤمنا موقنا عكس من كان توكله ضعيفا ويقينه ضعيفا فإنه عند المصائب والكرب ربما ينقلب على وجهه كما قال الله تعالى (( ومن الناس من يعبد الله على حرف )) يعني على طرف (( فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه )) والعياذ بالله (( خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين )) كثير من الناس ما دام في عافية فهو مطمئن ولكن إذا ابتلي والعياذ بالله انقلب على وجهه ينقلب على وجهه فربما يصل إلى حد الردة والكفر يعترض على الله بالقضاء والقدر يكره تقدير الله وبالتالي يكره الله والعياذ بالله لأنه كان بالأول لم يصبه أذى لم تصبه فتنة ولكنه في الثاني أصابته الفتنة فانقلب على وجهه وفي هذه الآيات وأشباهها دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يخاف يخاف ويوجل ويخشى من زيغ القلب ويسأل الله دائما الثبات فإنه ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه والعياذ بالله فنسأل الله مقلب القلوب أن يثبت قلوبنا على طاعته وأن يرزقنا الاستقامة على دينه والثبات عليه القارئ : قال رحمه الله تعالى " باب اليقين والتوكل قال الله تعالى (( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )) وقال تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) وقال تعالى (( فإذا عزمت فتوكل على الله )) والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة "
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . في سياق الآيات التي ذكرها المؤلف رحمه لله تعالى في باب اليقين والتوكل ما سبق الكلام عليه في الآية الأولى ثم ذكر المؤلف رحمه الله الآية الثانية وهي قوله تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) هذه الآية نزلت في الصحابة رضي الله عنهم حين حصل عليهم ما حصل في غزوة أحد مما أصابهم من القرح والجروح والشهداء فقيل لهم إن أبا سفيان كان قد عزم على الكرة عليكم وجمع لكم الناس فندبهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى ملاقاته ومقابلته فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح وأصيبوا بهذه النكبة العظيمة قتل منهم سبعون رجلا استشهدوا في سبيل الله وحصل للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من صحابته رضي عنهم ما حصل ومع هذا استجابوا لله والرسول قال الله تعالى (( للذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم )) يعني أن أبا سفيان ومن معه مِن مَن بقي من كبراء قريش جمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم يريدون استئصاله ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره قيل لهم للصحابة اخشوا هؤلاء ولكنهم ازدادوا إيمانا لأن المؤمن كلما اشتدت به الأزمات ازداد إيمانا بالله لأنه يؤمن بأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا لهذا زادهم إيمانا هذا القول (( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) حسبنا يعني كافينا في مهماتنا وملماتنا (( ونعم الوكيل )) أي نعم الكافي جل وعلا فإنه نعم المولى ونعم النصير ولكنه إنما يكون ناصرا لمن انتصر به واستنصر به فإنه عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين إذا اتجه الإنسان إليه في أموره أعانه وساعده وتولاه ولكن البلاء من بني آدم البلاء منا حيث يكون الإعراض كثيرا في الإنسان ويعتمد على الأمور المادية دون الأمور المعنوية قال تعالى (( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء )) ذهبوا ولكنهم لم يجدوا كيدا وأبو سفيان ومن معه ولوا على أدبارهم ولم يكروا على النبي صلى الله عليه وسلم فكتبت للصحابة غزوة من غير قتال كتبت هذه الرجعة غزوة من غير قتال قال تعالى (( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) ثم قال (( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )) يخوّف أولياءه يعني يخوّفكم أنتم أولياءه يعني يلقي في قلوبكم الخوف من أوليائه (( فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )) فالشيطان يأتي إلى المؤمن يقول احذر أن تتكلم في فلان تراه إنسان يمكن يحبسك يمكن يقول فيك يمكن يقول فيك كذا وكذا فيخوّفك إياك اصح أن تخبر عن فلان المجرم لأنه مجرم يؤذيك ويفعل ويفعل ولكن المؤمن لا يمكن أن يخاف أولياء الشيطان لأن الله قال (( قاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا )) كيده وأولياؤه ضعيف بالنسبة للحق فعلى الإنسان ألا يخاف في الله لومة لائم وألا يخاف إلا الله ولكن يجب أن يكون سيره على هدى من الله عز وجل إذا كان سيره على هدى من الله فلا يخافن من أحد والله الموفق القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الآيات في باب اليقين والتوكل " وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) وقال تعالى (( فإذا عزمت فتوكل على الله )) وقال تعالى (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) وقال تعالى (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون )) والآيات في فضل التوكل كثيرة معلومة "
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وقال تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) وقال تعالى (( فإذا عزمت فتوكل على الله )) والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة وقال تعالى (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) أي كافيه وقال تعالى (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون )) والآيات في فضل التوكل كثيرة معروفة ... " . ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . سبق لنا الآيات التي ذكرها المؤلف رحمه الله في باب اليقين والتوكل ثم ساق بعض الآيات في هذا ومنها قوله تعالى (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) وهو الله عز وجل اعتمد عليه في أمورك كلها دقيقها وجليلها لأن الله عز وجل إذا لم ييسر لك الأمر لم يتيسر لك ومن أسباب تيسيره أن تتوكل عليه لاسيما إذا داهمتك الأمور وكثرت الهموم وازدادت الخطوب فإنه لا ملجأ لك إلا الله عز وجل فعليك بالتوكل عليه والاعتماد عليه حتى يكفيك وفي قوله تعالى (( الذي لا يموت )) دليل على امتناع الموت على الرب عز وجل (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) فالله عز وجل لا يموت لكمال حياته فإنه دائما هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء ثم إنه سبحانه وتعالى لا ينام أيضا لكمال حياته وقيوميته قال الله تعالى (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم )) أما الإنس والجن فإنهم ينامون ويموتون وأما الرب عز وجل فإنه لا ينام لأنه غني عن النوم البشر ينامون لأنهم بحاجة له فإن الأبدان تتعب وتسأم وتمل والنوم راحة راحة عما مضى من التعب وتجديد نشاط لما يستقبل من العمل أما الله سبحانه وتعالى فإنه لا تأخذه سنة ولا نوم وقال الله تعالى (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) أي كافيه فإذا توكلت على الله كفاك كل شيء وإذا توكلت على غير الله وكلك الله إليه ولكنك تخذل ولا تتحقق لك أمورك وقال تعالى (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياتهم زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون أولئك هم المؤمنون حقا ))(( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم )) أي إذا ذكرت عظمته وجلاله وسلطانه خافت القلوب ووجلت وتأثر الإنسان حتى إن بعض السلف إذا تليت عليه آيات الخوف يمرض أياما حتى يعوده الناس أما نحن قلوبنا قاسية نسأل الله لنا أن يليّن قلوبنا فإنها تتلى علينا آيات الخوف وتمر وكأنها شراب بارد نسأل الله العافية لكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجل قلبه وخاف كان بعض السلف إذا قيل له اتق الله ارتعد حتى يسقط ما في يده أما قلوبنا الآن أحجار أو أشد يقال للإنسان اتق الله اتق الله اتق الله ولكن لا يستفيد (( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا )) إذا سمعوا كلام الله عز وجل ازدادوا إيمانا من وجهين: الوجه الأول: التصديق بما أخبر الله به من أمور الغيب الماضية والمستقبلة والثاني: القبول والإذعان لأحكام الله فيمتثلون ما أمر الله به فيزداد بذلك إيمانهم وينتهون عما نهى الله عنه تقرّبا إليه وخوفا منه فيزداد إيمانهم فهم إذا تليت عليهم آياته ازدادوا إيمانا من هذين الوجهين وهكذا إذا رأيت من نفسك أنه كلما تلوت القرآن ازددت إيمانا فإن ذلك من علامات التوفيق أما إذا كنت تقرأ القرآن ولا تتأثر به فعليك بمداواة نفسك عليك بمداواة نفسك لا أقول أن تذهب إلى المستشفى تأخذ جرعة من حبوب أو مياه أو غيرها ولكن عليك بمداواة القلب فإن القلب إذا لم ينتفع بالقرآن ولم يتعظ به فإنه قلب قاسٍ مريض نسأل الله العافية فأنت يا أخي أنت طبيب نفسك لا تذهب للناس اقرأ القرآن إن رأيت أنك تتأثر به إيمانا وتصديقا وامتثالا فهنيئا لك فأنت مؤمن وإلا فعليك بدواء نفسك داو نفسك قبل أن يأتيك موت لا حياة بعده أعني موت قلب أما موت الجسد فبعده حياة بعده بعث جزاء حساب يقول عز وجل (( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون )) على ربهم فقط يتوكلون وهنا قدّم المعمول على ربهم إشارة إلى الاختصاص والحصر وأنهم لا يتوكلون إلا على الله عز وجل لأن غير الله إذا توكلت عليه فإنما توكلت على شخص مثلك مثلك ولا يحرص على منفعتك كما تحرص أنت على منفعة نفسك ولكن اعتمد على الله عز وجل ولهذا قال (( وعلى ربهم يتوكلون )) لا على غيره يعتمدون على الله في أمور دينهم وفي أمور دنياهم (( الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون )) يقيمون الصلاة يأتون بها مستقيمة بواجباتها وشروطها وأركانها ويكملونها بمكملاتها ومن ذلك أن يصلوها في أوقاتها ومن ذلك أن يصلوها مع المسلمين في مساجدهم لأن صلاة الجماعة كان الناس لا يتخلفون عنها إلا منافق أو معذور قال ابن مسعود رضي الله عنه " لقد رأيتنا " يعني مع الرسول عليه الصلاة والسلام " وما يتخلف عنها " أي عن الصلاة " إلا منافق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين " يعني رجل مريض " يؤتى به يهادى بين الرجلين " يعني معناه ماسكه اثنين " يمشون به رويدا رويدا حتى يقام في الصف " لا يثنيهم عن الحضور إلى المساجد حتى المرض رضي الله عنهم أما كثير من الناس اليوم فإنهم على العكس من ذلك يتكاسلون ويتأخرون عن صلاة الجماعة ولهذا لو قارنت بين الصلوات النهارية وصلاة الفجر لرأيت فرقا بينا لأن الناس يلحقهم الكسل في صلاة الفجر من نوم ولا يهتمون بها كثيرا (( ومما رزقناهم ينفقون )) أي ينفقون أموالهم في مرضاة الله وحسب أوامر الله وفي المحل المناسب (( أولئك هم المؤمنون حقا )) حقا هذه توكيد للجملة التي قبلها يعني أحق ذلك حقا (( لهم مغفرة ورزق كريم )) نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم بمنه وكرمه إنه جواد كريم
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ يرفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه ؟ فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة ) متفق عليه ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ) " الشيخ : لا يسترقون القارئ : " ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة ) متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ يرفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي : انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه ؟ فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . سبق لنا ما ذكره المؤلف رحمه الله من آيات التوكل ثم ذكر هذا الحديث العظيم الذي أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمم عرضت عليه يعني أري الأمم عليه الصلاة والسلام وأنبياءهم يقول ( فرأيت النبي ومعه الرهيط ) يعني معه الرهط القليل يعني ما بين الثلاثة إلى العشرة ( والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ) يعني أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليسوا كلهم قد أطاعهم قومهم بل بعضهم لم يطعه أحد من قومه وبعضهم أطاعه الرهط وبعضهم أطاعه الرجل والرجلان وانظر أن نوحا عليه الصلاة والسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يذكرهم بالله ويدعوهم إلى الله قال الله تعالى (( وما آمن معه إلا قليل )) كل هذه المدة ألف سنة إلا خمسين عاما وهو يدعوهم ولكنه لم يلق منهم قبولا بل ولا سلم من شرهم قال (( وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في أذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا )) وكانوا يمرون به فيسخرون منه يقول ( فرفع لي سواد ) رفع لي سواد يعني بشر كثير فيهم جهمة من كثرتهم فظننت أنهم أمتي ( فقيل هذا موسى وقومه ) لأن موسى من أكثر الأنبياء أتباعا بعث في بني إسرائيل وأنزل الله عليه التوراة التي هي أم الكتب الإسرائيلية قال ( ثم قيل لي انظر فنظرت إلى الأفق فإذا سواد عظيم ) وفي لفظ ( قد سد الأفق فقيل انظر إلى الأفق الثاني فنظرت إليه فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ) فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا لأنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه صلوات الله وسلامه عليه فكان أكثر الأنبياء تابعا قد ملأ أتباعه ما بين الأفقين ( ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ) مع هذه الأمة سبعون ألفا يدخلون الجنة لا يحاسبون ولا يعذبون من الموقف إلى الجنة بدون حساب ولا عذاب اللهم اجعلنا منهم الطالب : آمين الشيخ : وقد ورد أن مع كل واحد من سبعين الألف سبعين ألفا إذن اضرب سبعين ألف في سبعين ألف يكون هؤلاء الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ( ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك ) يقولون من هم هؤلاء من هؤلاء ( قال بعضهم لعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يعني لعلهم الصحابة ( وقال آخرون لعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء )كل أتى بما يظن فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فأخبروه فقال صلى الله عليه وسلم ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) هذا لفظ مسلم وفيه لا يرقون والمؤلف رحمه الله قال إنه متفق عليه وكان ينبغي أن يبين أن هذا اللفظ لفظ مسلم فقط دون رواية البخاري وذلك أن قوله لا يرقون كلمة غير صحيحة لا تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام لأن معنى لا يرقون يعني لا يقرأون على المرضى وهذا باطل فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرقي على المرضى وأيضا القراءة على المرضى إحسان فكيف يكون انتفاؤها سببا لدخول الجنة بلا حساب ولا عذاب فالمهم أن هذه اللفظة لفظة شاذة خطأ لا يجوز اعتمادها والصواب ( هم الذين لا يسترقون ) يعني لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليه إذا أصابهم شيء ( ولا يكتوون ) لا يطلبون من أحد أن يكويهم إذا مرضوا ( ولا يتطيرون ) يعني لا يشاءمون ( وعلى ربهم يتوكلون ) يعني يعتمدون على الله وحده فهذه أربع صفات لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون الشاهد من هذه قوله ( وعلى ربهم يتوكلون ) هذا هو المناسب لباب التوكل إذن نقول إن قوله لا يرقون خطأ بل إن الذي يقرأ على غيره محسن وعمله هذا من أسباب كثرة الثواب لا من أسباب حرمان دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب ( لا يسترقون ) يعني لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لأنهم معتمدون على الله ولأن الطلب فيه شيء من الذل لأنه سؤال تسأل غيرك ربما تحرجه وهو لا يريد أن يقرأ وربما إذا قرأ عليك لا يبرأ المرض فتتهمه وما أشبه ذلك لهذا قال ( لا يسترقون ) لا يكتوون يعني لا يطلبون من أحد أن يكويهم لأن الكي عذاب بالنار لا يلجأ إليه إلا عند الحاجة ( ولا يتطيرون ) يعني لا يتشاءمون لا بمرئي ولا بمسموع ولا بمشموم ولا بمذوق لا يتطيرون أبدا وقد كان العرب في الجاهلية يتطيرون إذا طار الطير وذهب نحو اليسار تشاءموا إذا رجع تشاءموا وإذا تقدم نحو الأمام صار لهم نظر آخر وكذلك نحو اليمين والطيرة محرمة لا يجوز لأحد أن يتطير لا بطيور ولا بأيام ولا بشهور ولا بغيرها يتطير العرب فيما سبق بشهر شوال يتطيرون به إذا تزوج الإنسان فيه يقولون إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق فكانت عائشة رضي الله عنها تقول ( سبحان الله إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في شوال ودخل بها في شوال وكانت أحب نسائه إليه ) كيف يقال إن اللي يتزوج في شوال ما يوفق كانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء يوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ما فيه تشاؤم كان بعضهم يتشاءم بالوجوه إذا رأى وجها ينكره تشاءم حتى إن بعضهم إذا فتح دكانه وصار أول من يأتيه رجل أعور وإلا أعمى غلّق دكانه قال اليوم ما في رزق ما دام هذا أول من جاء ما في رزق يتشاءمون والعياذ بالله والتشاؤم كما أنه شرك أصغر فهو أيضا حسرة على الإنسان يتألم من كل شيء يراه لكن لو اعتمد على الله وترك هذه هذه الخرافات لسلم ولصار عيشه صافيا سعيدا أما قوله ( وعلى ربهم يتوكلون ) فمعناه أنهم يعتمدون على الله في كل شيء لا يعتمدون على غيره لأنه جل وعلا هو الذي قال في كتابه (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ومن كان الله حسبه فقد كفي كل شيء هذا الحديث العظيم فيه صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه ( فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ) ما شاء الله بادر بادر إلى الخير وسبق إليه ( قال أنت منهم ) ولهذا نحن نشهد الآن بأن عكاشة بن محصن رضي الله عنه يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب نشهد على هذا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له أنت منهم ( فقام رجل آخر قال ادع الله أن يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة ) فرده النبي عليه الصلاة والسلام لكنه رد لطيف لم يقل لست منهم بل قال ( سبقك بها عكاشة ) واختلف العلماء لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( سبقك بها عكاشة ) فقيل لأنه كان يعلم أن هذا الذي قال ادع الله أن يجعلني منهم قد علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه منافق والمنافق لا يدخل الجنة فضلا عن أن يكون يدخلها بلا حساب ولا عذاب وقال بعض العلماء بل قال ذلك لئلا ينفتح الباب فيقوم من لا يستحق أن يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب ويقول ادع الله أن يجعلني منهم وعلى كل حال فنحن لا نعلم علما يقينيا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع الله له إلا لسبب معين الله أعلم لكننا نستفيد من هذا فائدة وهو الرد الجميل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن قوله ( سبقك بها عكاشة ) ما يجرحه لا يجرحه ولا يحزنه سبق بها عكاشة وسبحان الله صارت هذه مثلا إلى يومنا هذا كلما طلب الإنسان شيئا قد سبق به قيل سبقك بها عكاشة أورد بعض العلماء إشكالا على هذا الحديث وقال إذا اضطر الإنسان إلى القراءة إلى أن يطلب من أحد أن يقرأ عليه مثل أصيب بعين أصيب بسحر أصيب بجن اضطر هل إذا ذهب يطلب من يقرأ عليه يخرج من استحقاق دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب فقال بعض العلماء نعم هذا ظاهر الحديث وليعتمد على الله ويتصبر ويسأل الله العافية وقال بعض العلماء بل إن هذا فيمن استرقى قبل أن يصاب فيمن استرقى قبل أن يصاب يعني بأن قال اقرأ عليّ ألا تصيبني العين ألا يصيبني السحر ألا يصيبني الجن ألا يصيبني الحمى فيكون هذا من باب من طلب الرقية لأمر متوقع لا واقع وكذلك الكي طيب فإذا قال إنسان الذين يكوون غيرهم هل يحرمون من هذا الجواب لا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( ولا يكتوون ) يعني لا يطلبون من يكويهم ولم يقل ولا يكوون وهو عليه الصلاة والسلام قد كوى أكحل سعد بن معاذ رضي الله عنه سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري أصيب يوم الخندق في أكحله فانفجر الدم والأكحل إذا انفجر دمه قضى على الإنسان انفجر الدم فكواه النبي صلى الله عليه وسلم في العرق حتى وقف الدم والنبي عليه الصلاة والسلام هو أول من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب فالذين يكوون محسنون والذين يقرأون على الناس محسنون لكن الكلام على الذين يسترقون أي يطلبون من يقرأ عليهم أو يكتوون يطلبون من يكويهم والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا (( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) . رواه البخاري . وفي رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا (( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) رواه البخاري وفي رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان آخر قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا (( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل )) . رواه البخاري . وفي رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما " حسبنا الله ونعم الوكيل " قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا (( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) وإبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام هما خليلان لله عز وجل قال الله تعالى (( واتخذ الله إبراهيم خليلا )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ) والخليل معناه الحبيب الذي بلغت محبته الغاية ولا نعلم أن أحدا وصف بهذا الوصف إلا محمدا صلى الله عليه وسلم وإبراهيم هما الخليلان وإنك لتسمع أحيانا يقول بعض الناس " إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله وموسى كليم الله " والذي يقول إن محمدا حبيب الله فيه شيء في كلامه نظر لأن لأن الخلّة أبلغ من المحبة فإذا قال محمد حبيب الله فهذا فيه نوع نقص من حق الرسول عليه الصلاة والسلام لأن أحباب الله كثيرون فالمؤمنون يحبهم الله المحسنون يحبهم الله المقسطون يحبهم الله والأحباب كثيرون لله لكن الخلة لا نعلم أنها ثبتت إلا لمحمد وإبراهيم وعلى هذا فنقول الصواب إبراهيم خليل الله ومحمد خليل الله وموسى كليم الله على أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد كلمه الله سبحانه وتعالى كلاما بدون واسطة حين عرج به إلى السماوات السبع هذه الكلمة قالها إبراهيم " حسبنا الله ونعم الوكيل " حين ألقي في النار وذلك أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأبوا وأصروا على الكفر والشرك فقام ذات يوم على أصنامهم فكسرها وجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم فلما رجعوا وجدوا آلهتهم قد كسّرت انتقموا والعياذ بالله لأنفسهم فقالوا ماذا نصنع بإبراهيم قالوا حرّقوه انتصارا لآلهتهم (( وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين )) فأوقدوا نارا عظيمة عظيمة جدا ثم رموا إبراهيم في هذه النار ويقال إنها إنهم لعظم النار لم يتمكنوا من القرب منها وأنهم رموا إبراهيم فيها بالمنجنيق رموه بالمنجنيق من بعد فلما رموه قال " حسبنا الله ونعم الوكيل " فما الذي حدث قال الله تعالى (( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) بردا ضد حر سلام ضد هلاك لأن النار حارة محرقة مهلكة فأمر الله هذه النار أن تكون بردا وسلاما عليه فكانت بردا وسلاما والمفسرون بعضهم ينقل عن بني إسرائيل في هذه القصة أن الله لما قال يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم صارت جميع جميع نيران الدنيا بردا وهذا ليس بصحيح لأن الله وجه الخطاب إلى نار معينة (( يا نار كوني بردا )) وعلماء النحو يقولون إنه إذا جاء التركيب على هذا الوجه صار نكرة مقصودة يعني لا يشمل كل نار بل هو للنار التي ألقي فيها إبراهيم فقط وهذا هو الصحيح وبقية نيران الدنيا بقيت على ما هي عليه قال العلماء أيضا ولما قال الله تعالى (( كوني بردا )) قرن ذلك بقوله كوني سلاما لأنه لو قال كوني بردا فقط لكانت بردا حتى تهلكه لأن كل شيء يمتثل لأمر عز وجل كل شيء يمتثل لأمر الله انظر إلى قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها )) فماذا قالا (( قالتا أتينا طائعين )) أتينا طائعين منقادين لأمر الله عز وجل أما الخليل الثاني الذي قال " حسبنا الله ونعم الوكيل " فهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين رجعوا من أحد قيل لهم (( إن الناس قد جمعوا لكم )) يريدون أن يأتوا إلى المدينة ويقضوا عليكم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قال الله تعالى (( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )) فينبغي لكل إنسان رأى من الناس جمعا له أو عدوانا عليه أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل فإذا قال هكذا كفاه الله شرهم كما كفى إبراهيم ومحمدا عليهما الصلاة والسلام فاجعل هذه الكلمة دائما على بالك إذا رأيت من الناس عدوانا عليك حسبنا الله ونعم الوكيل يكفيك الله عز وجل همهم والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) . رواه الترمذي وقال: حديث حسن معناه: تذهب أول النهار خماصا : أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا: أي ممتلئة البطون ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) رواه الترمذي وقال حديث حسن معناه تذهب أول النهار خماصا أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا أي ممتلئة البطون "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن معناه: تذهب أول النهار خماصا : أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا : أي ممتلئة البطون ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في باب التوكل واليقين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن يقول النبي عليه الصلاة والسلام حاثا أمته على التوكل ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله ) يعني توكلا حقيقيا تعتمدون على الله عز وجل اعتمادا تاما في طلب رزقكم وفي غيره لرزقكم كما يرزق الطير، الطير رزقها على الله عز وجل لأنها طيور ليس لها مالك تطير في الجو وتغدو إلى أوكارها وتستجلب رزق الله عز وجل