تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن معناه: تذهب أول النهار خماصا: أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا: أي ممتلئة البطون ... "
الشيخ : الطير رزقها على الله عز وجل لأنها طيور ليس لها مالك تطير في الجو وتغدو إلى أوكارها وتستجلب رزق الله عز وجل الطير تغدو خماصا تغدو يعني تذهب في أول النهار لأن الغدوة أول النهار خماصا يعني جائعة كما قال تعالى (( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم )) مخمصة يعني مجاعة ( تغدو خماصا ) يعني جائعة ليس في بطونها شيء لكنها متوكلة على ربها عز وجل وتروح بطانا تروح يعني ترجع في آخر النهار لأن الرواح هو آخر النهار بطانا أي ممتلئة البطون من رزق الله عز وجل ففي هذا دليل على مسائل: أولا أنه ينبغي للإنسان أن يعتمد على الله حق الاعتماد ثانيا أنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها حتى الطير في جو السماء لا يمسكه في جو السماء إلا الله ولا يرزقه إلا الله كل دابة في الأرض من أصغر ما يكون من الدواب الذر ومن أكبر ما يكون الفيلة وأشباهها كل دابة في الأرض فإن على الله رزقها كما قال الله تعالى (( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها )) ولقد ضل ضلالا مبينا من أساء الظن بربه فقال " لا تكثروا من الأولاد تضيق عليكم الأرزاق " كذبوا ورب العرش إذا أكثروا من الأولاد أكثر الله من رزقهم لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها رزق أطفالك وأولادك على الله عز وجل هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم لكن أكثر الناس بل لكن كثيرا من الناس عندهم سوء ظن بالله عز وجل ويعتمدون على الأمور المادية المنظورة ولا ينظرون إلى المدى البعيد ويتطلعون إلى الله عز وجل وأنه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد أكثر من الأولاد تكثر لك الأرزاق هذا هو الصحيح وفي هذا دليل أيضا على أن الإنسان إذا توكل على الله حق التوكل فليفعل الأسباب ولقد ضل من قال " لا أفعل السبب وأنا متوكل " هذا غير صحيح المتوكل هو الذي يفعل الأسباب معتمدا على الله عز وجل ولهذا قال ( كما يرزق الطير تغدو خماصا ) تغدو تذهب تطلب الرزق ليست الطيور في أوكارها ولكنها تغدو وتطلب الرزق فأنت إذا توكلت على الله حق التوكل فلابد أن تفعل الأسباب التي شرعها الله لك من طلب الرزق من وجه حلال بالزراعة بالتجارة بالعمالة بأي شيء من أسباب الرزق اطلب الرزق اطلب الرزق معتمدا على الله ييسر الله لك الرزق وفي هذا دليل ومن فوائد هذا الحديث أن الطيور وغيرها من مخلوقات الله تعرف الله تعرف الله نعم كما قال الله تعالى (( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده )) يعني ما من شيء إلا يسبح بحمد الله (( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ))(( ولله يسجد من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء )) فالطيور تعرف خالقها عز وجل وتطير تطلب الرزق بما جبلها الله عليه من الفطرة التي تهتدي بها إلى مصالحها وتغدو إلى أوكارها في آخر النهار بطونها ملأى وهكذا دواليك في كل يوم والله عز وجل يرزقها وييسر لها الرزق وانظر إلى حكمة الله كيف تغدو هذه الطيور إلى محلات بعيدة وتهتدي بالرجوع إلى أماكنها لا تخطئها لأن الله عز وجل أعطى كل شيء خلقه ثم هدى والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبت خيرا ) متفق عليه وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: وذكر نحوه ثم قال واجعلهن آخر ما تقول ) ..." .
القارئ : قال رحمه الله تعالى " عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبحت خيرا ) " الشيخ : أصبت القارئ : " ( وإن أصبحت أصبت خيرا ) متفق عليه وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل وذكر نحوه ثم قال واجعلهن آخر ما تقول ) " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبت خيرا ) متفق عليه وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: وذكر نحوه ثم قال واجعلهن آخر ما تقول ) ..." .
الشيخ : ذكر المؤلف رحمه الله في باب اليقين والتوكل حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عند نومه إذا أوى إلى فراشه أن يقول هذا الذكر الذي يتضمن تفويض الإنسان أمره إلى ربه وأنه معتمد على الله في ظاهره وباطنه مفوض أمره إليه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يضطجع على الجنب الأيمن لأن ذلك هو الأفضل وقد ذكر الأطباء أن النوم على الجنب الأيمن أفضل للبدن وأصح من النوم على الجنب الأيسر وذكر أيضا بعض أرباب السلوك والاستقامة أنه أقرب إلى استيقاظ الإنسان لأن النوم على الجنب الأيسر ينام الإنسان على القلب فينام ولا يستيقظ بسرعة بخلاف النوم على الجنب الأيمن فإنه يبقى القلب متعلقا ويكون أقل عمقا في منامه فيستيقظ بسرعة وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يجعلهن آخر ما يقول مع أن هناك ذكرا بل أذكارا عند النوم تقال غير هذه مثلا التسبيح والتحميد والتكبير فإنه ينبغي للإنسان إذا نام اضطجع على فراشه أن يقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمدلله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين هذا من الذكر لكن حديث البراء يدل على أن ما أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم به يجعلهن آخر ما يقول وقد أعاد البراء بن عازب هذا الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم ليتيقنه فقال ( آمنت بكتابك الذي أنزلت ورسولك الذي أرسلت ) فرد عليه النبي عليه الصلاة والسلام وقال ( قل ونبيك الذي أرسلت ) لا تقل رسولك الذي أرسلت قل ونبيك الذي أرسلت قال أهل العلم وذلك لأن الرسول يكون من البشر ويكون من الملائكة كما قال الله تعالى عن جبريل (( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين )) وأما النبي فلا يكون إلا من البشر فإذا قال ورسولك الذي أرسلت فإن اللفظ صالح لأن يكون المراد به جبريل لكن إذا قال " ونبيك الذي أرسلت " اختص بمحمد صلى الله عليه وسلم هذا من وجه ومن وجه آخر أنه إذا قال رسولك الذي أرسلت فإن دلالة هذا اللفظ على النبوة من باب دلالة اللزوم وأما إذا قال نبيك الذي أرسلت فإنه يدل على النبوة دلالة مطابقة ومعلوم أن دلالة المطابقة أقوى من دلالة اللزوم أو الالتزام الشاهد من هذا الحديث قوله ( وفوضت أمري إليك ) وقوله ( لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ) فإن التوكل تفويض الإنسان أمره إلى ربه وكونه لا يلجأ ولا يطلب منجا من الله إلا إلى الله عز وجل إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له فإذا الله بالإنسان شيئا فلا مرد له إلا الله عز وجل يعني إلا أن تلجأ إلى ربك سبحانه وتعالى فينبغي الإنسان إذا أراد النوم أن ينام على الجنب الأيمن وأن يقول هذا الذكر وأن يجعله آخر ما يقول والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رءوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) متفق عليه ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رءوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهما في الغار والمشركون على فم الغار لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) يعني ما ظنك هل أحد يقدر عليهما أو ينالهما بسوء وهذه القصة كانت حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جهر بالدعوة ودعا الناس وتبعوه وخاف المشركون قاموا ضد دعوته وضايقوه وآذوه بالقول وبالفعل فأذن الله له بالهجرة من مكة إلى المدينة فهاجر عليه الصلاة والسلام على رأس ثلاث عشرة سنة من مبعثه هاجر إلى المدينة ولم يصحبه إلا أبو بكر رضي الله عنه والدليل والخادم فهاجر بأمر الله وصحبه أبو بكر ولما سمع المشركون بخروجه من مكة جعلوا لمن جاء به مئة بعير ولمن جاء بأبي بكر مئة بعير وصار الناس يطلبون الرجلين في الجبال في الأودية في المغارات في كل مكان حتى وقفوا على الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهو غار ثور اختفيا فيه ثلاث ليال حتى يبرد عنهم الطلب فقال أبو بكر " يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا " لأننا في الغار تحته فقال ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) وفي كتاب الله أنه قال له (( لا تحزن إن الله معنا )) فيكون قال الأمرين أي قال (( لا تحزن إن الله معنا )) وقال ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) يعني هل أحد يقدر عليهما بأذية أو غير ذلك والجواب لا أحد يقدر لأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا مذل لمن أعز ولا معز لمن أذل (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )) وفي هذه القصة دليل على كمال توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه وأنه معتمد عليه ومفوض إليه أمره وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل وفيه دليل على أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة فما يوجد في بعض التواريخ أن العنكبوت نسجت على باب الغار وأنه نبت فيه شجرة وأنه كان على غصنها حمامة وأن المشركين لما جاءوا إلى الغار قالوا هذا ما فيه أحد فهذه الحمامة على غصن شجرة على بابه وهذه العنكبوت قد عششت على بابه كل هذا لا صحة له لأن الذي منعهما الذي منع المشركين من رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه أبي بكر الذي منع المشركين من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر ليس أمورا حسية تكون لهما ولغيرهما بل هي أمور معنوية آية من آيات الله عز وجل حجب الله أبصار المشركين عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر أما لو كان نسجت العنكبوت أو الشجرة نبتت عليه أو فيه حمامة على غصنها فهذه أمور حسية كل يختفي به عن غيره ولكن الأمر آية من آيات الله عز وجل فالحاصل أن ما يذكر في كتب التاريخ في هذا لا صحة له بل الحق الذي لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى أعمى أبصار المشركين عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال ( بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة قال الترمذي: حديث حسن صحيح وهذا لفظ أبي داود ..." .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال ( بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة قال الترمذي حديث حسن صحيح وهذا لفظ أبي داود " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال ( بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة قال الترمذي: حديث حسن صحيح وهذا لفظ أبي داود ..." .
الشيخ : نقل المؤلف رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها عن أم سلمة رضي الله عن أم سلمة رضي الله عنها في باب التوكل واليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال ( بسم الله آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل او أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي ) الشاهد من هذا الحديث قوله ( اعتصمت بالله توكلت على الله ) فإن في هذا دليل فإن في هذا دليلا على أن الإنسان ينبغي له إذا خرج من بيته أن يقول هذا الذكر الذي منه التوكل على الله والاعتصام به لأن الإنسان إذا خرج من بيته فهو عرضة لأن يصيبه شيء أو يعتدي عليه حيوان من عقرب أو حية أو ما أشبه ذلك فيقول ( آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله ) وسبق لنا أن التوكل على الله هو الاعتماد عليه مع الثقة به وحسن الظن وقوله ( اللهم إني أعوذ بك أن أضل ) يعني أضل في نفسي ( أو أضل ) أن يضلني أحد ( أو أزل ) يعني من الزلل وهو الخطأ ( أو أزل ) يعني أن أحدا يتوصل إلى فعل الخطأ يصدر مني ( أو أظلم ) يعني أظلم غيري ( أو أظُلم ) يظلمني غيري ( أو أجهل ) يعني أسفه ( أو يجهل عليّ ) يسفه عليّ أحد ويعتدي علي أحد فهذا الذكر ينبغي أن يقوله الإنسان إذا خرج من بيته لما فيه من اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والاعتصام به والله الموفق القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) ... " .
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب الاستقامة " الاستقامة هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص لله عز وجل ثم ذكر المؤلف عدة آيات في هذا فقال وقول الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم والخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم يكون له ولأمته إلا إذا قام دليل على أنه خاص به فإنه يختص به وأما إذا لم يقم دليل على أنه خاص به فإنه له وللأمة فمما دلّ الدليل على أنه خاص به مثل قوله تعالى (( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك )) فإن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ومثل قوله (( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم )) هذا أيضا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم وأما إذا لم يقم دليل على أنه خاص به فهو له وللأمة وعلى هذه القاعدة يكون قوله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) عاما له ولأمته كل واحد يجب عليه أن يستقيم كما أمر لا يبدل في دين الله ولا يزيد فيه ولا ينقص ولهذا قال في نفس الآية (( ولا تتبع أهواءهم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا )) قالوا ربنا الله أي خالقنا ومالكنا ومدبر أمورنا فنحن نخلص له ثم استقاموا على ذلك على قولهم (( ربنا الله )) فقاموا بشريعة الله هؤلاء الذين اتصفوا بهذين الوصفين قالوا ربنا الله ثم استقاموا (( تتنزل عليهم الملائكة )) ملكا بعد ملك (( ألا تخافوا ولا تحزنوا )) يعني أن الملائكة تتنزل عليهم بأمر الله في كل موطن مخوف في كل موطن مخوف ولاسيما عند الموت يقولون لهم لا تخافوا ولا تحزنوا لا تخافوا فيما تستقبلون من أموركم ولا تحزنوا على ما مضى من أموركم وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون والبشرى هي الإخبار بما يسر ولا شك أن الإنسان يسره أن يكون من أهل الجنة أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون لأن كل من قال ربي الله واستقام على دين الله فإنه من أهل الجنة يقولون لهم أيضا (( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) فالملائكة أولياء للذين (( قالوا ربنا الله ثم استقاموا )) في الحياة الدنيا تسددهم وتساعدهم وتعينهم وكذلك في الآخرة تتلقاهم الملائكة يوم البعث والحساب هذا يومكم الذي كنتم توعدون فيبشرونهم بالخير في مقام الخوف والشدة قال الله عز وجل (( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) لكم فيها أي في الآخرة ما تشتهي أنفسكم وذلك في نعيم الجنة فإن الجنة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين (( ولكم فيها ما تدعون )) أي ما تطلبون من كل نعيم بل لهم فوق ذلك (( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد )) لهم زيادة على ما يدّعونه ويطلبونه ويتمنونه (( نزلا من غفور رحيم )) يعني أن الجنة نزل لهم ضيافة من غفور رحيم، غفور غفر لهم سيئاتهم رحيم بهم رفع لهم درجاتهم هذا جزاء الذين يقولون ربنا الله ثم يستقيمون وفي هذا دليل على أهمية الاستقامة على دين الله بأن يكون الإنسان ثابتا لا يزيد ولا ينقص ولا يبدل ولا يغير فأما من غلا في دين الله أو جفا عنه أو بدّل فإنه لم يكن مستقيما الاستقامة لابد لها من الاعتدال في كل شيء حتى يكون الإنسان مستقيما على شريعة الله عز وجل والله الموفق القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .؟ قال رحمه الله تعالى " باب في الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) "
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال: قل: ( آمنت بالله ثم استقم ) . رواه مسلم ... " .
القارئ : " وعن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال ( قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال قل آمنت بالله ثم استقم ) رواه مسلم "
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...باب الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في الاستقامة " الاستقامة هي الثبات على دين الله وعلى شرعه وأن يكون الإنسان ملتزما بالشريعة لا زائدا فيها ولا ناقصا عنها ثم ذكر المؤلف قول الله عز وجل (( فاستقم كما أمرت )) وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والخطاب له خطاب له ولأمته ما لم يدل الدليل على أنه خاص به فإن دل الدليل على أنه خاص به فهو له وحده وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ))(( الذين قالوا ربنا الله )) يعني آمنوا به ربا ورضوا بدينه ورضوا بشرعه ورضوا بقضائه وقدره ورضوا بكل ما جاء منه سبحانه وبحمده (( ثم استقاموا )) على الدين هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة من السماء تؤيدهم وتثبتهم وتشجعهم تقول لهم (( ألا تخافوا ولا تحزنوا )) ومتى هذا التنزل هل يكون عند الموت أو يكون عند الشدائد؟ الصحيح أنه يكون عند الشدائد عند الموت وغيره حتى عند الجهاد والقتال ومهاجمة الأعداء تتنزل عليهم تثبتهم وتطمئنهم ألا تخافوا في المستقبل ولا تحزنوا على ما مضى وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون البشارة هي الإخبار بما يسر وتكون في الخير وربما تكون في الشر مثل قوله تعالى (( فبشرهم بعذاب أليم )) فإن العذاب الأليم ليس يسر لكن هذا من باب التهكم بهم يعني أن الله عز وجل أو أن الملائكة تبشرهم بالعذاب الأليم تهكما بهم كقوله تعالى (( ذق إنك أنت العزيز الكريم )) وقوله (( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) اللهم اجعل الملائكة أولياءنا بمنّك وكرمك (( نحن أولياؤكم )) الذين يتولاكم بالنصر والتأييد والتثبيت بأمر الله كما قال تعالى (( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ))(( نحن أولياءكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) فإنهم يتولون المؤمنين الذين استقاموا على دين الله يتلقونهم يوم المحشر يقولون (( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )) وكذلك في الجنة (( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) أي ما تطلبون (( نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) هذه الآية تشبه التي قبلها وكل وكل هذه الآيات الثلاث تدل على أهمية الإيمان والاستقامة
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال: قل: آمنت بالله ثم استقم رواه مسلم ... " .
الشيخ : ولهذا سأل سفيان بن عبدالله البجلي رضي الله عنه سأل النبي صلى الله وسلم سؤالا فقال " قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك " يعني يكون كافيا شاملا جامعا مانعا لا أحتاج معه إلى سؤال أحد قال ( قل آمنت بالله ثم استقم ) آمنا بالله ونسأله الاستقامة آمنت بالله يعني آمنت إيمانا لا كفر معه يقينا لا شك معه بالله عز وجل وأنه رب الخلق وأنه لا إله إلا هو وأنه الكامل في أسمائه وصفاته وأنه رب كل شيء ومليكه ثم استقم على دينه وشرعه فهذه كلمة قالها النبي عليه الصلاة والسلام لمن قال له " قل لي قولا في الإسلام لا أسأل عنه أحدا غيرك " فأنت يا أخي اقبل وصية النبي صلى الله عليه وسلم قل آمنت بالله ثم استقم على دين الله فهذا يحصل لك به سعادة الدنيا والآخرة والله الموفق القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال ( قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال قل آمنت بالله ثم استقم ) رواه مسلم " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الباب الذي نحن فيه هو باب الاستقامة وقد سبق لنا تفسيرها وتفسير الآيات التي جاءت بها أما الأحاديث فذكر المؤلف رحمه الله عن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه أنه قال " يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك " يعني قل لي قولا يكون فصلا وحاسما ولا يحتاج إلى سؤال أحد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قل ( آمنت بالله ثم استقم ) فقوله عليه الصلاة والسلام ( قل آمنت ) ليس المراد بذلك مجرد القول باللسان فإن من الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين ولكن المراد بذلك قول القلب واللسان أيضا يعني أن يقول الإنسان بلسانه بعد أن يقر بذلك في قلبه ويعتقده اعتقادا جازما لا شك فيه لأنه لا يكفي الإيمان بالقلب ولا الإيمان باللسان لابد من الإيمان بالقلب واللسان ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول وهو يدعو الناس إلى الإسلام يقول ( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) فقال قولوا بألسنتكم كما أنه لابد من القول بالقلب وقوله ( آمنت بالله ) يشمل الإيمان بوجود الله عز وجل وبربوبيته وبأسمائه وصفاته وبأحكامه وبأخباره وكل ما يأتي من قبله عز وجل تؤمن به فإذا آمنت بذلك فاستقم على دين الله استقم عليه يعني لا تحد عنه لا يمينا ولا شمالا لا تقصّر ولا تزد استقم على الدين استقم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وذلك بالإخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسوله استقم على الصلاة استقم على الزكاة استقم على الصيام على الحج على جميع شريعة الله وفي قوله عليه الصلاة والسلام ( قل آمنت بالله ثم ) دليل على أن الاستقامة لا تكون إلا بعد الإيمان وأن من شرط الأعمال الصالحة أي من شرط صحتها وقبولها أن تكون مبنية على الإيمان فلو أن الإنسان عمل بظاهره على ما ينبغي ولكن باطنه خراب في شك أو في اضطراب أو في إنكار وتكذيب فإن ذلك لا ينفعه ولهذا اتفق العلماء رحمهم الله على أن من شروط صحة العبادة وقبولها أن يكون الإنسان مؤمنا بالله أي معترفا به وبجميع ما جاء من قبله تبارك وتعالى هذا الحديث يستفاد منه أيضا أن الإنسان ينبغي له إذا قام بعمل أن يشعر بأنه يقوم به لله وأنه يقوم به بالله وأنه يقوم به في الله لأنه لا يستقيم على دين الله إلا بعد الإيمان بالله عز وجل فيشعر بأنه يقوم به لله أي مخلصا وبالله أي مستعينا وفي الله أي متبعا لشرعه وهذه مستفادة من قوله تعالى (( إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم )) فالأول قيام لله والثاني قيام به والثالث قيام فيه أي في شرعه ولهذا نقول إن المراد بالصراط المستقيم في الآية الكريمة هو شرع الله عز وجل الموصل إليه والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا واعملوا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) رواه مسلم والمقاربة: القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير والسداد الاستقامة والإصابة ويتغمدني يلبسني ويسترني قال العلماء: معنى الاستقامة: لزوم طاعة الله تعالى وهي من جوامع الكلم وهي نظام الأمور وبالله التوفيق ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا واعملوا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) رواه مسلم والمقاربة: القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير والسداد الاستقامة والإصابة ويتغمدني يلبسني ويسترني قال العلماء: معنى الاستقامة: لزوم طاعة الله تعالى وهي من جوامع الكلم وهي نظام الأمور وبالله التوفيق ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . لما ذكر المؤلف رحمه الله الآيات الواردة في الاستقامة والأحاديث الواردة فيها ذكر الحديث الذي فيه ما يدل على أن الاستقامة إنما تجب بحسب الاستطاعة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا ) قاربوا يعني قاربوا ما أمرتم به واحرصوا على أن تقربوا منه بقدر المستطاع وقوله ( سددوا ) أي سددوا على الإصابة أي احرصوا على أن تكون أعمالكم مصيبة، مصيبة للحق بقدر المستطاع وذلك لأن الإنسان مهما بلغ من التقوى فإنه لابد أن يخطئ كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) وقال عليه الصلاة والسلام ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) فالإنسان مأمور بأن يقارب ويسدد بقدر ما يستطيع ثم قال عليه الصلاة والسلام ( واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله ) يعني لن ينجو من النار بعمله وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجب لله عز وجل من الشكر وما يجب له على عباده من الحقوق ولكن يتغمد الله سبحانه وتعالى المرء برحمته فيغفر له فلما قال هكذا ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) قالوا ( ولا أنت ) قال ( ولا أنا ) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجيه عمله ( إلا أن يتغمدني الله برحمة منه ) فدلّ ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية فإنه لن ينجو بعمله حتى النبي عليه الصلاة والسلام لولا أن الله منّ عليه بأن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ما أنجاه عمله فإن قال قائل هناك نصوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح ينجي من النار ويدخل الجنة مثل قوله تعالى (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) فكيف يجمع بين هذا وبين الحديث الذي سمعناه والجواب عن ذلك أن يقال يجمع بينهما بأن المنفي دخول الإنسان الجنة بالعمل أي في المقابلة أما المثبت فهو أن العمل سبب وليس عوضا فالعمل لا شك أنه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ولكنه ليس هو العوض وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة ولكن فضل الله ورحمته هما السبب هما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإنسان لا يعجب بعمله مهما كان مهما عمل من الأعمال الصالحة لا تعجب بعملك عملك قليل بالنسبة لحق الله عليك وفيه أيضا من الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يكثر الله دائما من السؤال بأن يتغمده الله برحمته أكثر من هذا قل " اللهم تغمدني برحمة منك وفضل " دائما لأن عملك لن يوصلك إلى مرضاة الله إلا برحمة الله عز وجل وفيه دليل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم ولهذا لما قال ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) استفصلوا هل هذا العموم شامل له أم لا فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنه شامل له ومن تدبر أحوال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنهم أحرص الناس على العلم وأنهم لا يتركون شيئا يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم إلا سألوا عنه والله الموفق القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله )) "