قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة . قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) ... " .
1 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة . قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة . قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " .
قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب التفكر في عظيم مخلوقات الله عز وجل وفي أحوال الدنيا والآخرة وحمل النفس على الاستقامة " التفكر هو أن الإنسان يعمل فكره في الأمر حتى يصل فيه إلى نتيجة وقد أمر الله تعالى به أي بالتفكر وحث عليه في كتابه لما يتوصل إليه الإنسان به من المطالب العالية والإيمان واليقين
قال الله تعالى (( قل إنما أعظكم بواحدة )) يعني قل يا محمد للناس جميعا ما أعظكم إلا بواحدة يعني ما أقدم لكم موعظة إلا بواحدة فقط إذا قمتم بها أدركتم المطلوب ونجوتم من المرهوب ما هي (( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) أن تقوموا لله أي مخلصين له تقومون بطاعة الله عز وجل على الوجه الذي أمركم به مخلصين له ثم بعد ذلك تتفكروا فإذا فعلتم ذلك فهذه موعظة وأي موعظة وفي هذه الآية إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان إذا قام لله بعمل أن يتفكر ماذا فعل في هذا العمل هل قام به على الوجه المطلوب هل قصّر هل زاد ماذا حصل له من هذا العمل من طهارة القلب وزكاء النفس وغير ذلك لا يكن كالذي يؤدي أعماله الصالحة وكأنها عادات يفعلها كل يوم بل تفكر يا أخي تفكر ماذا حصل لك من هذه العبادة ماذا أثرت على قلبك على استقامتك ولنضرب لهذا مثلا بالصلاة قال الله تبارك وتعالى (( واستعينوا بالصبر والصلاة )) وقال تعالى (( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) فلنفكر هل نحن إذا صلينا زدنا طاقة وقوة ونشاطا على الأعمال الصالحة حتى تكون الصلاة معينة لنا لننظر الواقع أن هذا لا يكون إلا نادرا نادرا باعتبار الإنسان نفسه ونادرا باعتبار أفراد الناس فانظر ماذا حصل لك من الصلاة هل صارت معينة لك على طاعة الله على المصائب على غيرها كما يذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا كان حزبه أمر فزع إلى الصلاة يعني إذا أهمّه وأغمه فزع إلى الصلاة عليه الصلاة والسلام
كذلك قال الله تعالى (( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) فكّر إذا صليت هل أنت إذا صليت وجدت في نفسك كراهة للفحشاء كراهة للمنكر كراهة للمعاصي أو أن الصلاة لا تفيدك في هذا إذا عرفت هذه الأمور عرفت نتائج الأعمال الصالحة وكنت متعظا بما وعظك به النبي صلى الله عليه وسلم (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) ومثال آخر في الزكاة، الزكاة هي المال الواجب في الأموال الزكوية يصرفه الإنسان للجهات التي أمر الله بها وقد بيّن الله فوائدها فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) فإذا أديت زكاتك فانظر هل طهرتك هذه الزكاة من الأخلاق الرذيلة هل طهرتك من الذنوب هل زكّتك مالك هل زكّتك نفسك انظر كثير من الناس يؤدي الزكاة وكأنها غرم كأنها غرامة يؤديها وهو كاره نسأل الله العافية يؤديها وهو لا يشعر بأنها تطهره ولا بأنها تزكي نفسه وعلى هذا بقية الأعمال قم لله ثم تفكر ماذا حصل فهذه موعظة عظيمة إذا اتعظ الإنسان بها نفعته وصلحت أحواله نسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأعمال والأحوال
2 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة . قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " .
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الآيات الكريمة الدالة على التفكر وقد سبقت الآيات التي في سورة سبأ (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا )) ثم ذكر المؤلف رحمه الله قول الله تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) إلى آخره هذه الآية هي أول الآيات العشر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها كلما استيقظ من صلاة الليل فينبغي للإنسان إذا استيقظ من صلاة الليل أن يقرأ من هذه الآية إلى آخر سورة آل عمران العشر الأخيرة من سورة آل عمران
قوله تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض )) يعني في خلقهما من حيث الحجم والكبر والعظمة وغير ذلك مما أودع الله فيهما في هذا الخلق آيات ففي النجوم آيات من آيات الله في الشمس آيات من آيات الله في القمر آيات من آيات الله في الأشجار آيات من آيات الله في البحار في الأنهار في كل ما خلق الله في السماوات والأرض آيات عظيمة تدل على كمال وحدانيته جل وعلا وعلى كمال قدرته وعلى كمال رحمته وعلى كمال حكمته يقول عز وجل (( إن في خلق السماوات والأرض )) وجمع السماوات وأفرد الأرض لأن السماوات سبع كما ذكره الله في عدة آيات (( الله الذي خلق سبع سماوات )) (( قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم )) أما الأرض فإن الله تعالى لم يذكرها في القرآن إلا مفردة لأن المعتبر المراد به الجنس الشامل لجميع الأراضين وقد أشار الله في سورة الطلاق إلى أن الأراضين سبع فقال (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن )) مثلهن في العدد وليس مثلهن في الخلقة والعظم بل السماوات أعظم من الأرض بكثير لكنهن مثل السماوات في العدد
وقد جاءت السنة صريحة في ذلك مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام ( من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه يوم القيامة من سبع أراضين )
(( في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار )) اختلاف الليل والنهار من وجوه متعددة
أولا من جهة أن الليل مظلم والنهار مضيء كما قال تعالى (( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ))
ومنها اختلافهما في الطول والقصر أحيانا يطول الليل وأحيانا يطول النهار وأحيانا يتساويان كما قال تعالى (( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل )) يدخل هذا في هذا مرة فيأخذ منه وهذا في هذا مرة فيأخذ منه هذا من اختلاف الليل والنهار
من اختلاف الليل والنهار اختلافهما في الحر والبرودة تارة تكون الجو حارا وتارة يكون باردا هذا من اختلاف الليل والنهار
من اختلافهما أيضا الخصب والجدب تارة تكون الدنيا جدبا ودهرا وسنين وتارة تكون خصبا وربيعا ورخاء هذا من اختلاف الليل والنهار
من اختلاف الليل والنهار اختلافهما في الحرب والسلم تارة تكون حربا وتارة تكون سلما وتارة تكون عزة وتارة تكون ذلة كما قال الله تعالى (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )) ومن تأمل اختلاف الليل والنهار وجد فيهما من آيات الله عز وجل ما يبهر العقول
وقوله تعالى (( لآيات لأولي الألباب )) آيات يعني علامات واضحة بينة على وحدانية الله وكمال قدرته وعزته وعلمه وحكمته ورحمته وغير ذلك من آياته وقوله (( لأولي الألباب )) أي لأصحاب الألباب فماهي الألباب، الألباب جمع لب وهو العقل وأولو الألباب يعني أصحاب العقول وذلك لأن العقل لب والإنسان بلا عقل قشور بلا لب الأصل في الإنسان هو العقل ولهذا سمي لبا وأما إنسان بلا عقل فإنه قشور
ولكن ما المراد بالعقل هل المراد بالعقل الذكاء لا الذكاء شيء والعقل شيء آخر ربّ ذكي نابغ في ذكائه لكنه مجنون في تصرفه فالعاقل حقيقة هو ما يعقل صاحبه عن سوء التصرّف هذا العقل وإن لم يكن ذكيا فإذا منّ الله على الإنسان بالذكاء والعقل تمت عليه النعمة وقد يكون الإنسان ذكيا وليس بعاقل وعاقلا وليس بذكي جميع الكفار وإن كانوا أذكياء كلهم ليسوا عقلاء (( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون )) كل إنسان يتصرف تصرفا سيئا فليس بعاقل فأولو الألباب هم أولو العقول الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض وينظرون في الآيات ويعتبرون بها ويستدلون بها على من هي آيات له هؤلاء هم أصحاب العقول هم أصحاب الألباب فاحرص يا أخي على أن تتفكر في خلق السماوات والأرض وأن تتدبر ما فيهما من الآيات وكذلك في الأيام والليالي وكيف تتغير الأحوال وكيف تنقلب من حال إلى حال وكل ذلك بيد الله عز وجل وكل ذلك من آياته والله الموفق
القارئ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه لله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب التفكر " وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) الآية والآيات في الباب كثيرة "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
3 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) ..." .
ثم قال تعالى في وصف أولي الألباب (( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) يعني يذكرون الله في كل حال قياما وقعودا وعلى جنوبهم وذكر الله عز وجل نوعان:
نوع مطلق في كل وقت وهو الذي يشرع للإنسان دائما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا قال له إن شرائع الإسلام كثرت علي وإني كبير فقال ( لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ) هكذا روي عن النبي عليه الصلاة والسلام وقالت عائشة رضي الله عنها ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) أي في كل حين فذكر الله هذا مطلق لا يتقيد بعدد بل هو إلى الإنسان على نشاطه
والنوع الثاني ذكر مقيد بعدد أو في حال من الأحوال وهو كثير منها أذكار الصلوات في الركوع والسجود وبعد السلام وأذكار الدخول للمنزل والخروج منه وأذكار الدخول للمسجد والخروج منه وأذكار الركوب على الدابة وأشياء كثيرة شرعها الله عز وجل لعباده من أجل أن يكونوا دائما على ذكر على ذكر الله عز وجل ومنها أذكار النوم عند النوم وعند الاستيقاظ
فالمهم أن الله شرع لعباده من الأذكار ما يجعلهم إذا حافظوا عليها يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
واعلم أن الذكر أيضا يكون على وجهين ذكر تام وهو ما تواطأ عليه القلب واللسان وذكر ناقص وهو ما كان باللسان مع غفلة القلب وأكثر الناس نسأل الله أن يعاملنا جميعا بعفوه أكثر الناس عندهم ذكر باللسان مع غفلة القلب فتجده يذكر الله وقلبه يذهب يمينا وشمالا في دكانه في سيارته في بيعه في شرائه لكن هو مأجور على كل حال ولكن الذكر التام هو الذي يكون ذكرا لله باللسان وبالقلب يعني أنك تذكر الله بلسانك وتذكر الله بقلبك أحيانا يكون الذكر بالقلب أنفع للعبد من الذكر باللسان المجرد إذا تفكر الإنسان في نفسه في قلبه في آيات الله عز وجل الكونية والشرعية بقدر ما يستطيع حصل على خير كثير قال (( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض )) يقولون (( ربنا ما خلقت هذا باطلا )) يتفكرون في خلق السماوات والأرض لماذا خلقت وكيف خلقت وما أشبه ذلك ثم يقولون في قلوبهم وألسنتهم (( ربنا ما خلقت هذا باطلا )) أي لابد أن يكون لخلق السماوات والأرض غاية محمودة يحمد الرب عليها عز وجل ليس خلق السماوات والأرض باطلا خلقت ليوجد الناس يأكلون ويشربون ويتمتعون كما تتمتع الأنعام لا هي مقصودة لغرض عظيم قال الله تعالى (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) (( ربنا ما خلقت هذا باطلا )) وقد قال الله عز وجل إن الذين يظنون أن الله خلق هذا باطلا هم أصحاب النار قال الله تبارك وتعالى (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) فكل من ظن أن الله سبحانه وتعالى خلق هذه الخليقة لتوجد ثم تفنى فقط بدون أن يكون هناك غاية ومرجع فإنه من الذين كفروا (( ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) الناس لابد أن يموتوا ولابد أن يحاسبوا ولابد أن يبعثوا ولابد أن يؤولوا إلى دارين لا ثالث لهما إما الجنة وإما إلى النار نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة وأن يعيذنا من النار
يقول عز وجل (( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) أي تنزيها لك أن تخلق هذه السماوات والأرض باطلا (( فقنا عذاب النار )) فيتوسلون إلى الله عز وجل بما يثنون عليه من صفات الكمال أن يقيهم عذاب النار
ووقاية عذاب النار تكون بأمرين:
الأمر الأول أن يعصمك الله من الذنوب لأن الذنوب هي سبب دخول النار والثاني أن يمن الله عليك إذا عصيت للتوبة والإقلاع لأن الإنسان بشر لابد أن يعصي لكن باب التوبة مفتوح ولله الحمد قال الله تعالى (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا )) مهما عملت من المعاصي إذا رجعت إلى الله وتبت تاب الله عليك لكن إن كان المعصية تتعلق بالآدمي فلابد من الاستبراء من حقه إما بوفائه أو باستحلاله منه لأنه حق آدمي لا يغفر حق الله يغفره مهما عظم حق الآدمي لابد أن تستبرئ منه إما بإبراء أو أداء ومع هذا لو فرض أنك لم تدرك صاحبك ولم تعرفه أو لم تتمكن من إيفائه لكونه دراهم كثيرة ليس عندك وفاء وعلم الله من نيتك أنك صادق في توبتك فإن الله تعالى يتحمل عنك يوم القيامة ويرضي صاحبك والله الموفق
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب التفكر " وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) الآية والآيات في الباب كثيرة "
4 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )) ..." . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) ... " .
قال المؤلف رحمه الله تعالى ذاكرا الآيات التي فيها الدعوة إلى التفكر في آيات الله عز وحل ذكر منها ما سبق
ثم قال وقوله وقوله تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت )) أفلا ينظرون هذا من باب الحث على النظر في هذه الأمور الأربعة:
إلى الإبل كيف خلقت كيف خلقها الله عز وجل على هذا الجسم الكبير المتحمل لحمل الأثقال كما قال تعالى (( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس )) هذه الإبل الكبيرة الأجسام القوية ذللها الله عز وجل لعباده حتى كان الصبي يقودها إلى ما يريد مع أنها لو عتت ما استطاع الناس أن يدركوها ولهذا كان من المشروع أن الإنسان إذا استوى على ظهرها راكبا قال (( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين )) مقرنين يعني مطيقين لأن قرين الإنسان من كان على مثله وعلى شاكلته فمعنى المقرن يعني المطيق يعني لسنا مطيقين لها لولا أن الله سخرها لنا عز وجل سخره الله عز وجل لعباده فمنها ركوبهم ومنها يأكلون منها ما يركب ويحمل عليه ويكون ممرنا على ذلك ومنها ما يؤكل يأكله الناس ينتفعون به وكذلك أيضا لهم فيها منافع ومشارب فيتخذون من جلودها بيوتا ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين إلى غير ذلك من الآيات العظيمة التي تحملها هذه الإبل
(( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت )) هذه السماء العظيمة رفعها الله عز وجل رفعا عظيما باهرا لا يستطيع أن يناله أحد من الخلق حتى الجن على قوتهم يقولون (( كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا )) ويقول عز وجل (( وجعلنا السماء سقفا محفوظا )) هذه السماوات العظيمة كيف رفعها الله تعالى بغير عمد (( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها )) يعني ترونها كذلك مرفوعة بغير عمد فاعتبروا فيها
وفي هذه السماوات من آيات الله عز وجل الشيء الكثير فهي رفعت هذا الرفع العظيم وفيما بينها وبين الأرض آيات عظيمة من الأفلاك والنجوم الشمس القمر الرياح السحب وغير ذلك من آيات الله
قال (( وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت )) هذه الجبال الصم العظيمة الكبيرة لو أن الخلق اجتمعوا كلهم بقواهم ما كونوا مثلها الآن تجد المعدات الكبيرة والرفاعات والحمّالات وغيرها إذا أرادوا أن يردموا شيئا وردموا لا يردمون إلا شيئا بسيطا مع المشقة الشديدة هذه الجبال الصم يجب أن نتفكر فيها كيف نصبها الله عز وجل نصبها سبحانه وتعالى على حكمة عظيمة لأن الله سبحانه وتعالى جعل في هذه الجبال التي نصبها مصالح عظيمة كبيرة
منها أنها رواسي ترسّي الأرض تمسكها عن الاضطراب كما قال تعالى (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) يعني أن تضطرب فلولا أن الله رسّاها بهذه الجبال لكانت مضطربة كالسفينة على ظهر الماء في شدة الأمواج ولكن الله جعلها بهذه الجبال ساكنة قارة لا تضطرب ولا تميد بأهلها
هذه الجبال أيضا تقي من أهوية ورياح شديدة عاصفة في بعض الأماكن
تقي أيضا من برودة عظيمة تأتي من ناحية القطب وتقي أيضا من حرارة شديدة
وكذلك أيضا في سفوحها من آيات الله عز وجل من النبات والأودية والمعادن شيء عظيم كثير فلهذا قال (( وإلى الجبال كيف نصبت ))
قال (( وإلى الأرض كيف سطحت )) إلى الأرض كيف سطحها الله جعلها الله تعالى سطحا وسخرها للعباد جعلها ذلولا مذللة بحيث لم تكن تربتها لينة جدا لا يستقرون عليها ولا صلبة جدا لا ينتفعون منها بل جعلها سبحانه وتعالى رخوة مسطحة مبسوطة حتى ينتفع الناس بما حتى ينتفع الناس على سطحها بما يسر الله سبحانه وتعالى لهم من الأسباب النافعة وهذه الأرض المسطحة هي أيضا كروية يعني أنها شبه الكرة مستديرة من كل جانب إلا أنها مفرطحة من الناحية الشمالية والجنوبية من ناحية القطبين الشمالي والجنوبي ولذلك لو أن أحدا من الناس ركب طائرة متجها نحو المغرب على خط مستقيم مستقيم لكان يخرج إلى المكان الذي أقلعت منه الطائرة وهذا يدل على أنها مستديرة لأن الإنسان يصل طرفها بطرفها
ويدل على هذا قوله تعالى (( إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت )) وهذا يكون يوم القيامة فقوله (( إذا الأرض مدت )) يدل على أنها الآن ليست ممدودة لكنها مسطوحة يعني أنها كالسطح لأنها لكبر جرمها لا يتبين فيها الانحناء الذي يكون في الكرة فهذه الأشياء الأربعة (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت )) يحثنا الله عز وجل على النظر فيها بعين البصر وعين البصيرة بعين البصر الذي هو الإدراك الحسي وعين البصيرة التي هي الإدراك العقلي حتى نستدل بها على ما تدل عليه من آيات الله من علم وقدرة وحكمة ورحمة وغير ذلك والله الموفق
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب التفكر " وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) الآية والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق ( الكيس من دان نفسه ) "
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر )) ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " .
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الآيات التي فيها الحث على التفكر في آيات الله (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) ولم يكمل المؤلف الآية لأن هذا ورد في عدة آيات من كتاب الله ففي عدة آيات يحث الله عز وجل عباده على أن يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم
ومنها قوله تعالى في سورة القتال (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها )) فأمر الله بالسير والسير ينقسم إلى قسمين سير بالقدم وسير بالقلب
أما السير بالقدم فأن يسير الإنسان في الأرض على أقدامه يعني أو على راحلته من بعير أو سيارة أو طيارة أو غيرها حتى ينظر ماذا حصل للكافرين وماذا كانت حال الكافرين
وأما السير بالقلب فهذا يكون بالتأمل والتفكر فيما نقل من أخبارهم وأصح كتاب وأصدق كتاب وأنفع كتاب نقل أخبار الأولين كتاب الله عز وجل كما قال الله تعالى (( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )) والقرآن مملوء من أخبار الأولين المكذبين للرسل والمؤيدين للرسل وبيّن الله عاقبة هؤلاء وهؤلاء ولهذا ينبغي للإنسان أن يقرأ الآيات التي فيها أخبار من سبق وأن يسأل عن معناها ويستفسر حتى يكون على بصيرة من الأمر
وكذلك أيضا ما جاءت به السنة من أخبار الماضين فإنها جاءت بالأحاديث الكثيرة النافعة وهي إذا صحت عن النبي عليه الصلاة والسلام أصدق منقول من الأخبار ثم بعد ذلك ما نقله المؤرخون ولكن يجب أن تكون فيما نقله المؤرخون على حذر لأن غالب كتب التاريخ ليس لها أصل وليس لها إسناد وإنما هي أخبار تتناقل بين الناس فيجب الحذر منها وأن يحرص الإنسان على أن يتتبعها برفق
ثم هذه الأخبار الواردة في غير الكتاب والسنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول ما شهد شرعنا ببطلانه فهذا يجب رده وبيان خطئه وكذبه حتى يكون الناس منه على بصيرة
والثاني ما أيده الكتاب والسنة فهذا يقبل بشهادة القرآن والسنة له بالصحة
والثالث ما لم يؤيده القرآن ولا السنة فهذا يتوقف فيه لأن الأمم السابقة ليس بيننا وبينهم إسناد متصل حتى يمكن أن نعرف صحة ما نقل عنهم ولكنه ينقل ويكون أخبار إسرائيليات ينظر فيها ولكن يتوقف لا تقبل ولا ترد هذا هو العدل
ثم أشار المؤلف رحمه الله إلى الحديث السابع السابق وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) هذا الكيس يعني الحازم الفطن المنتبه المنتهز للفرص هو الذي يدين نفسه أي يحاسبها فينظر ماذا أهمل من الواجب وماذا فعل من المحرّم وماذا أتى به من الواجب وماذا اجتنبه من المحرم حتى يصلح نفسه هذا هو الكيس أما العاجز فهو الذي يتبع نفسه هواها يدع نفسه وهواها ما هوت نفسه أخذ به وما كرهت نفسه لم يأخذ به سواء وافق شرع الله أم لا هذا هو العاجز وما أكثر العاجزين اليوم الذين يتبعون أنفسهم هواها ولا يبالون بمخالفة الكتاب والسنة ولا يهتمون بهذا نسأل الله لنا ولهم الهداية ( والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) ويعني يقول سيغفر لي سوف أستقيم فيما بعد سوف أقوم بالواجب فيما بعد سوف أترك هذا فيما بعد أو يقول الله يهديني وإذا نصحته قال اسأل الله لي الهداية اسأل لي الهداية وما أشبه ذلك هذا عاجز عاجز الكيّس هو الذي يعمل بحزم وجد ويحاسب نفسه ويكون عنده قوة في أمر الله وفي دين الله وفي شرع الله حتى يتمكن من ضبط نفسه وإلا فإن الله تعالى يقول في كتابه (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي )) نسأل الله أن يرحمنا وإياكم برحمته وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
6 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا )) والآيات في الباب كثيرة ومن الأحاديث الحديث السابق الكيس من دان نفسه ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد .قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) ... " .
7 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد .قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد . قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) ... " .
قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب المسارعة إلى الخيرات وحث من أقبل على خير أن يتمه من غير تردد " هذا العنوان تضمن شيئين:
الشيء الأول المبادرة والمسارعة إلى الخير
والثاني أن الإنسان إذا عزم على الشيء وهو خير فليمض فيه ولا يتردد أما الأول وهو المبادرة فإن ضد المبادرة التواني والكسل وكم من إنسان توانى وكسل ففاته خير كثير ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) فالإنسان ينبغي له أن يسارع في الخيرات كلما ذكر له شيء من الخير بادر إليه فمن ذلك الصلاة والصدقة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام إلى غير ذلك من مسائل الخير سارع إليها لأن الإنسان لا يدري فربما يتوانى في الشيء ولا يقدر عليه بعد ذلك إما بموت أو مرض أو فوات أو غير هذا وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا أراد أحدكم الحج فليعجل فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له ) قد يعرض له شيء يمنعه من الفعل فسارع إلى الخير ولا تتوان ثم ذكر المؤلف قول الله تبارك وتعالى (( فاستبقوا الخيرات )) استبقوها يعني اسبقوا إليها وهو أبلغ من سابقوا إلى الخيرات فالاستباق معناه أن الإنسان يسبق إلى الخير ويكون من أول الناس في الخير ومن ذلك المسابقة في الصفوف في الصلاة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ) وقال في النساء ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقواما في مؤخرة المسجد لم يسبقوا ولم يتقدموا فقال ( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل ) فأنت انتهز الفرصة واسبق إلى الخير وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء )) إلى آخره قال سارعوا إلى المغفرة والجنة أما المسارعة إلى المغفرة فأن يسارع الإنسان إلى ما فيه مغفرة الذنوب من الاستغفار استغفار الله عز وجل اللهم اغفر لي اللهم إني أستغفرك وما أشبه ذلك وكذلك أيضا إلى ما فيه المغفرة مثل الوضوء الصلوات الخمس الجمعة إلى الجمعة رمضان إلى رمضان فإن الإنسان إذا توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) فإنه تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وكذلك إذا توضأ فإن خطاياه تخرج من أعضاء وضوئه مع آخر قطرة من قطر الماء فهذا من أسباب المغفرة
من أسباب المغفرة أيضا الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فليسارع الإنسان إلى أسباب المغفرة
الثاني قال (( وجنة عرضها السماوات والأرض )) وهذا يكون بفعل المأمورات أن تسارع إلى الجنة بالعمل لها ولا عمل للجنة إلا العمل الصالح هذا هو الذي يكون سببا لدخول الجنة فسارع إليه ثم بيّن الله هذه الجنة أن عرضها السماوات والأرض وهذا يدل على سعتها وعظمها وأنه لا يقدر قدرها إلا الله عز وجل فسارع إلى هذه بفعل ما يوصلك إليها من الأعمال الصالحة والله الموفق
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال رحمه الله تعالى " باب في المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) "
8 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد . قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد . قال الله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وقال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) ... " .
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في المسارعة إلى الخيرات وحث من أقبل على الخير أن يعزم عليه ويمضي فيه من غير تردد وتقدم الكلام على الآية الأولى وهي قوله تعالى (( فاستبقوا الخيرات )) وعلى أول الآية الثانية هي قوله تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) يقول الله عز وجل (( أعدت للمتقين )) يعني هيئت لهم والذي أعدّها لهم هو الله عز وجل كما جاء في الحديث القدسي ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ومن هم المتقون قال الله تعالى (( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين )) هؤلاء هم المتقون (( الذين ينفقون في السراء والضراء )) يعني يبذلون أموالهم في السراء يعني في حال الرخاء وكثرة المال والسرور والانبساط وفي الضراء ضيق العيش والانقباض ولكن لم يبيّن الله سبحانه وتعالى هنا مقدار ما ينفقون ولكنه بيّنه في آيات كثيرة فقال تعالى (( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ))