شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة ) رواه مسلم .
وعن أبي صفوان عبد الله بن بسر الأسلمي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله رواه الترمذي ) وقال: حديث حسن .... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( عليك بكثرة السجود ) عليك يعني الزم ( كثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة ) وهذاك الحديث السابق حديث ربيعة بن مالك الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما قال أسألك مرافقتك في الجنة قال ( أعني على نفسك بكثرة السجود ) ففيه دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يكثر من السجود وقد سبق لنا أن كثرة السجود يستلزم كثرة الركوع والقيام والقعود لأن كل ركعة فيها سجودان وفيها ركوع واحد ولا يمكن أن تسجد في الركعة الواحدة ثلاثة سجدات أو أربعا لا إذن كثرة السجود يستلزم كثرة الركوع والقيام والقعود ثم بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يحصل للإنسان من الأجر فيما إذا سجد وهو أنه يحصل له فائدتان عظيمتان الفائدة الأولى أن الله يرفعك بها درجة يعني منزلة عنده وفي قلوب الناس وكذلك في عملك الصالح يرفعك الله بها درجة والثانية الفائدة الثانية يحط عنك بها خطيئة والإنسان يحصل له الكمال بزوال ما يكره وحصول ما يحب فرفع الدرجات مما يحبه الإنسان وحط الخطايا مما يكره الإنسان فإذا رفع له درجة وحط عنه به خطيئة فقد حصل على مطلوبه ونجا من مرهوبه أما حديث عبدالله بن بسر رضي الله عنه فيقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله ) هذا خير الناس لأن الإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قربا إلى الله وزاد رفعة في الآخرة لأن كل عمل يعمله مما زاد به عمره فهو يقرّبه إلى ربه عز وجل فخير الناس من وفق لهذين الأمرين أما طول العمر فإنه من الله وليس للإنسان فيه تصرّف لأن الأعمار بيد الله عز وجل وأما حسن العمل فإن بإمكان الإنسان أن يحسن عمله لأن الله تعالى جعل له عقلا وأنزل الكتب وأرسل الرسل وبيّن المحجة وأقام الحجة فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملا صالحا ولكن إذا عمل عملا صالحا فإن بعض الأعمال الصالحة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها سبب لطول العمر مثل صلة الرحم قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) فصلة الرحم من أسباب طول العمر فإذا كان خير الناس من طال عمره وحسن عمره فإنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله دائما أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله من أجل أن يكون من خير الناس وفي هذا دليل على أن مجرّد طول العمر ليس خيرا للإنسان إلا إذا حسن عمله لأنه أحيانا يكون طول العمر سوءا للإنسان وضررا عليه وشرا عليه كما قال الله تبارك وتعالى (( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين )) فهؤلاء الكفار يملي الله لهم يمدهم بالرزق والعافية وطول العمر والبنين والزوجات لا لخير لهم ولكنه شر لهم والعياذ بالله لأنهم سوف يزدادون بذلك إثما ومن ثم كره بعض العلماء أن يدعو للإنسان بطول البقاء قال لا تقل " أطال الله بقاءك " إلا مقيدا قل " أطال الله بقاءك على طاعته " لأن طول البقاء قد يكون شرا للإنسان نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله وحسنت خاتمته وعاقبته إنه جواد كريم
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أنس رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه، عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد .قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع ! قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه ...." . قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } إلى آخره .
متفق عليه .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين " الشيخ : قاتلت القارئ : " غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد " الشيخ : ليرَين القارئ : " لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرَين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا سعد بن معاذ الجنة ورب الكعبة إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع قال أنس فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل ومثّل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال أنس كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه )) إلى آخرها متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...عن أنس رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه، عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد .قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع ! قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه .قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه )) إلى آخره . متفق عليه ..." .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما رواه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن عمه أنس بن النضر رضي الله عنه أن أنسا لم يكن مع الرسول صلى الله عليه وسلم أعني أنس بن النضر في بدر وذلك لأن غزوة بدر خرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يريد القتال وإنما يريد عير قريش وليس معه إلا ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا معهم سبعون بعيرا وفرسان يتعاقبون عليها وقد تخلّف عنها كثير من الصحابة لأنها ليست غزوة ولم يدع إليها أحد وإنما خرج إليها الخفاف من الناس قال أنس بن النضر للنبي عليه الصلاة والسلام يبين له أنه لم يكن حضر معه في أول قتال قاتل المشركين فيه وقال " لئن أدركت قتالا ليرَين الله ما أصنع " فلما كانت أحد وهي بعد غزوة بدر بسنة وشهر خرج الناس وقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وصارت الدائرة في أول النهار للمسلمين ولكن لما تخلّف الرماة عن الموقع الذي جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم فيه ونزلوا من الجبل كرّ فرسان المشركين على المسلمين من خلفهم واختلطوا بهم وانكشف المسلمون وصارت الهزيمة لما انكشف المسلمون تقدّم أنس بن النضر رضي الله عنه وقال " اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء " يعني أصحابه " وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء " يعني المشركين ثم تقدّم رضي الله عنه فاستقبله سعد بن معاذ فسأله إلى أين فقال " يا سعد إني لأجد ريح الجنة دون أحد " يالله من فضلك وهذا وجدان حقيقي ليس تخيلا أو توهما ولكن من كرامة الله لهذا الرجل أنه شم رائحة الجنة قبل أن يستشهد رضي الله عنه من أجل أن يقدم ولا يحجم فتقدّم فقاتل فقتل رضي الله عنه استشهد ووجد فيه بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف أو برمح أو بسهم حتى إنه قد تمزّق جلده لم يعرفه أحد إلا أخته عرفته ببنانه رضي الله عنه فكان المسلمون يرون أن الله أنزل فيه وفي أشباهه هذه الآية (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) ولاشك أن هذا وأمثاله رضي الله عنهم يدخلون دخولا أوليا في هذه الآية فإنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه قال أنس " والله ليرين الله ما أصنع " ففعل وصنع صنعا لا يصنعه أحد إلا من منّ الله عليه بمثله حتى استشهد ففي هذا دليل أو في هذا الحديث شاهد للباب وهو مجاهدة الإنسان نفسه على طاعة الله فإن أنس بن النضر جاهد نفسه هذا الجهاد العظيم حتى تقدم بعد أن انكشف المسلمون فصارت الهزيمة يقاتل أعداء الله حتى قتل شهيدا رضي الله عنه والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا .فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا: مراء وجاء رجل آخر فتصدق بصاع فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا ! فنزلت (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) متفق عليه . ونحامل بضم النون، وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة، ويتصدق بها . ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا فجاء رجل " الشيخ : ... القارئ : نحامل الشيخ : كنا كنا القارئ : " لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا مراء وجاء رجل آخر فتصدق بصاع فقالوا إن الله لغني عن صاع هذا فنزلت (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) متفق عليه ونحامل بضم النون وبالحاء المهملة أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة ويتصدق بها "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا .فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا: مراء وجاء رجل آخر فتصدق بصاع فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا ! فنزلت (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) متفق عليه ونحامل بضم النون، وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة، ويتصدق بها .... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال لما نزلت آية الصدقة يعني الآية التي فيها الحث على الصدقة يعني التبرع بالمال للفقراء ابتغاء وجه الله هذه هي الصدقة أن يتبرع الإنسان بماله للفقراء ابتغاء وجه الله وسميت صدقة لأن بذل المال لله عز وجل دليل على صدق الإيمان بالله فإن المال من الأمور المحبوبة للنفوس قال الله تعالى (( وتحبون المال حبا جما )) أي كثيرا عظيما فإذا بذله الإنسان ابتغاء وجه الله فإن المحبوب لا يبذل إلا لما هو أحب منه فيكون ذلك دليلا على صدق الإيمان لما نزلت جعل الصحابة رضي الله عنهم يبادرون ويسارعون في بذل الصدقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه هي عادتهم رضي الله عنهم أنهم إذا نزلت الآيات في الأوامر بادروها وامتثلوها وإذا نزلت في النواهي بادروا في تركها ولهذا لما نزلت آية الخمر التي فيها تحريم الخمر وبلغت قوما من الأنصار وكان الخمر بين أيديهم يشربونه قبل أن يحرّم من حين ما سمعوا الخبر أقلعوا عن الخمر ثم خرجوا بالأواني يصبونها في الأسواق حتى جرت الأسواق في الخمر وهذا هو الواجب على كل مؤمن إذا بلغه عن الله ورسوله شيء أن يبادر بما يجب عليه من امتثال هذا الأمر أو اجتناب هذا النهي المهم أن الصحابة بدؤوا رضي الله عنهم يتحاملون الصدقة كل واحد يحمل بقدرته من الصدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل بصدقة كثيرة وجاء رجل بصدقة قليل فكان المنافقون إذا جاء الرجل بالصدقة الكثيرة قالوا هذا مرائي والعياذ بالله يرائي الناس ما قصده وجه الله وإذا جاء الرجل بالصدقة القليلة قالوا إن الله غني عنه جاء رجل بصاع فقالوا إن الله غني عن صاع هذا وهم منافقون والمنافقون يظهرون الشماتة بالمؤمنين دائما أكبر همهم وأعذب مقال لهم وألذ مقال على أسماعهم أن يسمعوا ويقولوا ما فيه سب المسلمين والمؤمنين والعياذ بالله لأنهم منافقون (( هم العدو )) كما قال الله عز وجل فاحذر المنافق احذر المنافق الذي يظهر لك خلاف ما يبطن المهم أنهم صاروا إن جاء رجل بكثير قالوا هذا المرائي وإن جاء بقليل قالوا إن الله غني عن صاعك ولا ينفعك فأنزل الله عز وجل (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات )) يلمزون يعني يعيبون المصدقين يعني المتصدقين والذين يلمزون المصدقين (( المطوعين من المؤمنين في الصدقات )) المطوعين يعني المتطوعين في الصدقات (( والذين لا يجدون إلا جهدهم )) والذين هذه معطوفة على قوله (( المطوعين )) يعني ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم فهم يلمزون هؤلاء وهؤلاء فيسخرون منهم (( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )) فهم سخروا من المؤمنين فسخر الله منهم والعياذ بالله ففي هذا دليل على حرص الصحابة على استباق الخير ومجاهدتهم أنفسهم على ذلك وفي هذا دليل أيضا على أن الله عز وجل يدافع عن المؤمنين فانظر كيف أنزل الله آية في كتاب الله مدافعة عن المؤمنين الذين كان هؤلاء المنافقون يلمزونهم وفيه دليل على شدة العداوة من المنافقين للمؤمنين وأن المؤمنين لا يسلمون منهم إن عملوا كثيرا سبوهم وإن عملوا قليلا سبوهم ولكن الأمر ليس إليهم بل إلى الله عز وجل ولهذا سخر الله منهم وتوعدهم بالعذاب الأليم في قوله (( ولهم عذاب أليم )) أما حكم المسألة هذه فإن الله تعالى قال في كتابه (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) القليل والكثير من الخير سيراه الإنسان ويجازى به والقليل والكثير من الشر سيراه الإنسان وسيجازى عليه وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا تصدق بعدل تمرة أي بما يعادلها من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله تعالى يأخذها بيمينه فيربيها له حتى تكون مثل الجبل قارن بين حبة من التمر وبين الجبل لا نسبة الجبل أعظم بكثير فالله سبحانه وتعالى يجزي الإنسان على ما عمل من خير قل أو كثر ولكن احرص على أن تكون نيتك خالصة لله لا تريد بذلك جزاء ولا شكورا من غير الله وعلى أن تكون متبعا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني اغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
رواه مسلم: وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - قال: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحدث ..." .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم يا عبادي "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ..." .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه في باب المجاهدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى يعني أن الرسول عليه الصلاة والسلام حدّث عن الله أنه قال إلى آخره وهذا يسمى عند أهل العلم بالحديث القدسي أو الحديث الإلهي وأما ما كان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسمى الحديث النبوي هذا الحديث القدسي يقول الله تعالى فيه ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) يقول جل وعلا إني حرمت الظلم على نفسي أي ألا أظلم أحدا لا بزيادة سيئات لم يعملها ولا بنقص حسنات عملها بل هو سبحانه وتعالى حكم عدل محسن فحكمه وثوابه لعباده دائر بين أمرين بين فضل وعدل فضل لمن عمل الحسنات وعدل لمن عمل السيئات وليس هناك شيء ثالث هو الظلم أما الحسنات فإنه سبحانه وتعالى يجازي الحسنة بعشر أمثالها اعمل حسنة تأتك عشر حسنات أما السيئة فبسيئة واحدة فقط قال الله تعالى في سورة الأنعام وهي مكية (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون )) لا يظلمون بنقص ثواب الحسنات ولا يظلمون بزيادة جزاء السيئات بل ربنا عز وجل يقول (( فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما )) ظلما بزيادة في سيئاته ولا هضما بنقص من حسناته وفي قوله تعالى ( إني حرمت الظلم على نفسي ) دليل على أنه جل وعلا يحرّم على نفسه ويوجب على نفسه فمما أوجب على نفسه الرحمة قال الله تعالى (( كتب ربكم على نفسه الرحمة )) ومما حرم على نفسه الظلم وذلك لأنه فعّال لما يريد يحكم بما يشاء فكما أنه يوجب على عباده ويحرّم عليهم يوجب على نفسه ويحرّم عليها جل وعلا لأنه له الحكم التام المطلق وقوله تعالى ( وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) أي لا يظلم بعضكم بعضا والجعل هنا جعلته بينكم محرما هو الجعل الشرعي وذلك لأن الجعل الذي أضافه الله إلى نفسه إما أن يكون كونيا مثل قوله تعالى (( وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا )) وإما أن يكون شرعيا مثل قوله تعالى (( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام )) ما جعل أي ما شرع وإلا فقد جعل ذلك كونا لأن العرب كانوا يفعلون هذا ومثل هذا الحديث جعلته بينكم محرما أي جعلته جعلا شرعيا لا كونيا لأن الظلم يقع وقوله ( جعلته بينكم محرما ) الظلم بالنسبة للعباد فيما بينهم يكون في ثلاثة أشياء بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله وهو يخطب الناس في الحج في حجة الوداع ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ) قالوا نعم قال ( اللهم اشهد ) فهذه ثلاثة أشياء الدماء والأموال والأعراض فالظلم فيما بين البشر حرام في الدماء لا يجوز لأحد أن يعتدي على دم أحد لا على دم تفوت به النفس وهو القتل ولا على دم يحصل به النقص كدم الجروح وكسر العظام وما أشبهها كل هذا حرام لا يجوز واعلم أن كسر الميت كسر عظمه ككسره حيا كما جاء ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام
الشيخ : فالميت محترم لا يجوز أن يؤخذ من أعضائه شيء ولا أن يكسر من أعضائه شيء لأنه أمانة سوف يبعث سوف يبعث بكامله يوم القيامة وإذا كان كذلك فلا يجوز أن نأخذ منه شيئا ولهذا نصّ فقهاء الحنابلة رحمهم الله على أنه لا يجوز أن يؤخذ من الميت شيء من أعضائه ولو أوصى به وذلك لأن الميت محترم كما أن الحي محترم ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) فإذا أخذنا من الميت عضوا أو كسرنا منه عظما كان ذلك جناية عليه وكان اعتداء عليه وكنا آثمين بذلك والميت نفسه لا يستطيع أن يتبرع بشيء من أعضائه لأن أعضاءه أمانة عنده أمانة لا يحل أن يفرّط فيها ولهذا قال الله تعالى (( ولا تقتلوا أنفسكم )) وفسرها عمرو بن العاص رضي الله عنه بأن الإنسان إذا كان عليه جنابة وكان في البر وخاف إن اغتسل أن يتضرر جعل عمرو بن العاص هذا داخلا في الآية فإن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في سرية فأجنب وكانت الليلة باردة فتيمم وصلى بأصحابه فلما رجعوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وبلغه الخبر قال لعمرو ( أصليت بأصحابك وأنت جنب ) يعني لم تغتسل قال " يا رسول الله إني ذكرت قول الله تعالى (( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )) وخفت البرد فتيممت " فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأقره على فعله وعلى استدلاله بالآية لم يقل إن الآية لم تدل على هذا فإذن كل شيء يضر أبداننا أو يفوّت منها شيئا فإنه لا يحل لنا أن نفعله لا تقتلوا أنفسكم لماذا حرّم علينا أن نتناول الدخان وغيره من الأشياء الضارة إلا من أجل حماية البدن فالبدن محترم هذا قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( إن دماءكم ) يشمل إذن الدم الذي يهلك به الإنسان وهو القتل والدم الذي دون ذلك من جرح أو كسر عظم أو ما أشبه ذلك ويأتي إن شاء الله بقية الحديث بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال ( يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) تقدم الكلام على أول هذا الحديث على هذه الجملة وبيّنا أن الظلم يكون في ثلاثة أمور بيّنها الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبه في حجة الوداع وهي الأنفس الدماء والأعراض والأموال فقال ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) سبق الكلام على شيء مما يتعلق بالدماء أما قوله ( وأموالكم ) فإن الأموال قد حرّم الله سبحانه وتعالى على بعضنا أن يأخذ مال أخيه بغير حق بأي نوع من الأنواع سواء أخذه غصبا بأن يأخذه بالقوة أو أخذه سرقة أو اختطافا أو خيانة أو غشا أو كذبا بأي نوع من الأنواع يأخذه فإنه حرام عليه وعلى هذا فالذين يبيعون على الناس بالغش ولاسيما أهل الخضار كل درهم يعني كل ريال بل كل قرش واحد يدخل عليهم زائدا عن الثمن من أجل الغش فإنه حرام فالذين يغشون في البيع أو في الشراء يرتكبون محذورين المحذور الأول العدوان على إخوانهم المسلمين بأخذ أموالهم بغير حق والثاني أنهم ينالون تبرؤ النبي صلى الله عليه وسلم منهم وبئس البضاعة بضاعة يلتحق فيها صاحبها أو يلتحق بها صاحبها بالبراءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه ( من غش فليس مني ) ومن ذلك ما يفعله بعض الجيران تجده يدخل المراسيم على جاره من أجل أن تزيد أرضه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ( من اقتطع من الأرض شبرا بغير حق فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أراضين ) يكون يوم القيامة من سبع أراضين طوقا في عنقه والعياذ بالله يحمله في يوم المحشر هذا من الظلم من الظلم أيضا أن يكون لشخص على شخص دراهم ثم ينكر الذي عليه الحق ويقول ليس عندي لك شيء فهذا من أكل المال بالباطل حتى لو فرض أنه تحاكم إلى القاضي مع خصمه وغلبه عند القاضي فإنه لا يغلبه عند الله قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له وإنما أقضي بنحو ما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر ) لا تظن أنك إذا غلبت خصمك عند القاضي أنك إذا كنت مبطلا تسلم من هذا في الآخرة أبدا لأن القاضي إنما يقضي بنحو ما يسمع ولا يعلم الغيب ولكن علام الغيوب جل وعلا هو الذي يحاسبك يوم القيامة وكذلك أيضا من أنواع الأكل أكل الأموال أن يدعي شخص على آخر ما ليس له، يدعي ما ليس له ويقيم على ذلك بينة شهادة زور ويحكم له بذلك فإن هذا من أكل المال بالباطل والأنواع كثيرة لكنها كلها محرمة إذا لم تكن بحق ولهذا قال عز وجل (( فلا تظالموا )) أما الأعراب فهي أيضا حرام فلا يحل للإنسان أن يقع في عرض أخيه يغتابه في المجالس يسبه فإن ذلك من كبائر الذنوب قال الله عز وجل (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا )) انظر للترتيب اجتنبوا كثيرا من الظن فإذا ظن الإنسان بأخيه شيئا تجسس عليه ولهذا قال (( ولا تجسسوا )) فإذا تجسس صار يغتابه
الشيخ : ولهذا قال في الثالثة المرتبة الثالثة (( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا )) الجواب لا لا يحب بل يكره ولهذا قال (( فكرهتموه )) قال بعض المفسرين إذا كان يوم القيامة فإنه يؤتى بالرجل الذي اغتابه الشخص يمثّل له بصورة إنسان ميت ثم يقال كل من لحمه ويكره على ذلك وهو يكرهه لكن يكره على هذا عقوبة له والعياذ بالله فالغيبة وهي انتهاك أعراض أخيك هذه محرّمة وقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم يعني يكرّون الوجوه والصدور بهذه الأظفار التي من نحاس فقال ( يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) نعوذ بالله ثم إن الإنسان إذا انتهك عرض أخيه فإن أخاه يأخذ منه في الآخرة من حسناته ولهذا يذكر أن بعض السلف قيل له إن فلانا يغتابك فقال مؤكد قالوا نعم اغتابك فصنع هدية له ثم بعث بها إليه فاستغرب الرجل كيف إنه يغتابه وهو يرسل له هدية قال نعم إنك أهديت إليّ حسنات والحسنة تبقى وأنا أهديت إليك هدية في الدنيا تذهب فهذه مكافأة على هديتك لي شف فقه السلف رضي الله عنهم
فائدة : حكم غيبة العلماء والأمراء وأثرها في الأمة .
الشيخ : فالحاصل أن الغيبة حرام ومن كبائر الذنوب ولاسيما إذا كانت الغيبة في ولاة الأمور من الأمراء أو العلماء فإن غيبة هؤلاء أشد من غيبة سائر الناس لأن غيبة العلماء تقلّل من شأن العلم الذي في صدورهم والذي يعلمونه الناس فلا يقبل الناس ما يأتون به من العلم وهذا ضرر على الدين وغيبة الأمراء تقلل من هيبة الناس لهم فيتمردون عليهم وإذا تمرّد الناس على الأمراء فلا تسأل عن الفوضى " لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** ولا سراة إذا جهالهم سادوا " نسأل الله أن يحمينا وإياكم مما يغضبه إنه جواد كريم وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
متابعة الكلام على حديث ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... ) .
الشيخ : تقدم الكلام على أول هذا الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال تعالى ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) وبيّنا أن الظلم يكون في المال والعرض والدم وبيّنا أمثلة من ذلك كثيرة نسأل الله تعالى أن ينفع بها ثم قال الله تعالى ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) كلكم ضال، ضال يعني تائها، تائها لا يعرف الحق كلكم ضال يعني غاويا لا يقبل الحق فالناس الضلّال قسمان قسم تائه لا يعرف الحق مثل النصارى فإن النصارى ضالون تائهون لا يعرفون الحق إلا بعد أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم عرفوا الحق لكنهم استكبروا عنه فلم يكن بينهم وبين اليهود فرق في أنهم علموا الحق ولم يتّبعوه والقسم الثاني من الضلّال غاوٍ أي اختار الغي على الرشد بعد أن علم بالرشد وهؤلاء مثل اليهود فإن اليهود عرفوا الحق لكنهم لم يقبلوه بل ردوه ومن ذلك قوله تبارك وتعالى (( فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى )) والعياذ بالله هداهم الله وبيّن لهم ودلّهم ولكنهم استحبوا العمى على الهدى استحبوا الغي على الرشد فالناس كلهم ضالون إلا من هداه الله لكن ما هي هداية القسم الأول وهو الضال الذي لم يعرف الحق هداية القسم الأول أن يبيّن الله له الحق ويدله عليه وهذه الهداية حق على الله حق على الله أوجبه الله على نفسه فكل الخلق قد هداهم الله بهذا المعنى يعني بمعنى البيان قال الله تعالى (( إن علينا للهدى )) وقال تعالى (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس )) هدى للناس عموما ولكن الهداية الثانية وهي هداية التوفيق للحق وقبوله هذه هي التي يختص الله بها من يشاء من عباده فصارت الهداية الآن هدايتان هداية بيان الحق وهذه عامة لكل أحد وقد أوجبها الله على نفسها وبيّن لعباده الحق من الباطل وهداية توفيق لقبول الحق والعمل به تصديقا للخبر وقياما بالطلب وهذه خاصة يختص الله بها من يشاء من عباده والناس في هذا الباب ينقسمون إلى أقسام القسم الأول من هُدي الهدايتين أي علمه الله ووفقه للحق وقبوله والقسم الثاني من حُرم الهدايتين فليس عنده علم وليس له عبادة والقسم الثالث من هُدي للدلالة والإرشاد ولكنهم لم يُهد هداية التوفيق وهذا شر الأقسام والعياذ بالله المهم أن الله عز وجل يقول ( كلكم ضال ) كلكم لا يعرف الحق كلكمىلا يقبل الحق إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يعني اطلبوا الهداية مني فإذا طلبتموها فإنني أجيب لكم وأهديكم إلى الحق ولهذا جاءت استهدوني أهدكم جاء الجواب وكأن جواب شرط يتحقق المشروط عند وجود الشرط ودليل هذا أن الفعل جزم ( استهدوني أهدكم ) فمتى طلبت الهداية من الله بصدق وافتقار إليه وإلحاح فإن الله يهديك ولكن أكثرنا مُعرض عن هذا أكثرنا قائم بالعبادة لكن على العادة وعلى ما يفعل الناس ما كأننا مفتقرون إلى الله سبحانه وتعالى في طلب الهداية فالذي يليق بنا أن نسأل الله دائما الهداية والإنسان في كل صلاة يقول " رب اغفر لي وارحمني واهدني "