تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة ) رواه البخاري . قال العلماء معناه: لم يترك له عذراً إذ أمهله هذه المدة . يقال: أعذر الرجل إذا بلغ الغاية في العذر ..." .
الشيخ : حتى بلغ ستين سنة فقد أقام عليه العذر فقد أقام عليه الحجة ونفى عنه العذر لأن ستين سنة يبقي الله الإنسان إليها يعرف من آيات الله ما يعرف ولاسيما إذا كان ناشئا في بلد إسلامي لا شك أن هذا يؤدي إلى قطع حجته إذا لاقى الله عز وجل لأنه لا عذر له لو أنه مثلا قصر في عمره إلى خمسة عشر سنة أو إلى عشرين سنة لكان قد يكون له عذر في أنه لم يتمهل ولم يتدبر الآيات ولكنه إذا أبقاه إلى ستين سنة فإنه لا عذر له قد قامت عليه الحجة مع أن الحجة تقوم على الإنسان من حين أن يبلغ فإنه يدخل في التكليف ولا يعذر بالجهل فإن الواجب على المرء أن يتعلم من شريعة الله ما يحتاج إليه مثلا إذا أراد أن يتوضأ لابد أن يعرف كيف يتوضأ إذا أراد أن يصلي لابد أن يعرف كيف يصلي إذا صار عنده مال لابد أن يعرف ما مقدار النصاب وما مقدار الواجب وما أشبه ذلك إذا أراد أن يصوم لابد أن يعرف كيف يصوم وماهي المفطرات وإذا أراد أن يحج أو يعتمر يجب أن يعرف كيف يحج وكيف يعتمر وما هي محظورات الإحرام إذا كان من الباعة الذين يبيعون ويشترون بالذهب مثلا لابد أن يعرف الربا وأقسام الربا وما الواجب في بيع الذهب بالذهب أو بيع الذهب بالفضة وهكذا إذا كان ممن يبيع بالطعام لابد أن يعرف كيف يبيع الطعام ولابد أن يعرف ماهو الغش الذي يمكن أن يكون وهكذا المهم أن الإنسان إذا بلغ ستين سنة فقد قامت عليه الحجة التامة وليس له عذر وكل إنسان بحسبه كل إنسان يجب عليه أن يتعلم من الشريعة ما يحتاج إليها في الصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع والأوقاف وغيرها حسب ما يحتاج إليه وفي هذا دليل في الحديث هذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى له الحجة على عباده وذلك أن الله أعطاهم عقولا وأعطاهم أفهاما وأرسل إليهم رسلا وجعل من الرسالات ماهو خالد إلى يوم القيامة وهي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرسالات السابقة محدودة محدودة فإن كل نبي يبعث إلى قومه فقط خاصة محدودة في الزمن كل رسول يأتي ينسخ ما قبله إذا كانت الأمة التي أرسل إليها الرسولان واحدا في هذه الأمة أرسل الله إليها محمدا صلى الله عليه وسلم وجعله خاتم الأنبياء وجعل آيته العظيمة الباقية هذا القرآن العظيم فإن آيات الأنبياء تموت بموتهم ولا تبقى بعد موتهم إلا ذكرا أما محمد صلى الله عليه وسلم فإن آيته هذا القرآن العظيم إلى يوم القيامة كما قال تعالى (( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم )) فالكتاب كافٍ عن كل آية لمن تدبره وتعقله وعرف معانيه وانتفع بأخباره واتعظ بقصصه فإنه يغني عن كل شيء من الآيات لكن الذي يجعلنا لا نحس بهذه الآية العظيمة أننا لا نقرأ القرآن على وجه نتدبره ونتعظ بما فيه كثير من المسلمين إن لم يكن أكثر المسلمين يتلون الكتاب للتبرك والأجر فقط ولكن الذي يجب أن يكون هو أن نقرأ القرآن لنتدبره ولنتعظ فيه (( كتاب أنزلناه إليك مبارك )) هذا الأجر (( ليدبروا آياته )) هذه الثمرة (( وليتذكر أولوا الألباب )) والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم ! فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال: ما تقولون في قول الله تعالى: (( إذا جاء نصر الله والفتح )) ؟ فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت: لا . قال فما تقول ؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه له قال: (( إذا جاء نصر الله والفتح )) وذلك علامة أجلك (( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً )) فقال عمر رضي الله عنه: ما أعلم منها إلا ما تقول . ... " . رواه البخاري .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه من حيث علمتم فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال ما تقولون في قول الله تعالى (( إذا جاء نصر الله والفتح )) فقال بعضهم أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذلك تقول يا ابن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال (( إذا جاء نصر الله والفتح )) وذلك علامة أجلك (( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )) فقال عمر رضي الله عنه ما أعلم منها إلا ما تقول رواه البخاري "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم ! فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال: ما تقولون في قول الله تعالى: (( إذا جاء نصر الله والفتح )) فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت: لا . قال فما تقول ؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه له قال: (( إذا جاء نصر الله والفتح )) وذلك علامة أجلك (( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً )) فقال عمر رضي الله عنه: ما أعلم منها إلا ما تقول . ... " . رواه البخاري .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما " أن عمر بن الخطاب كان يدخله في أشياخ بدر " وكان من سيرة عمر وهديه رضي الله عنه أنه يشاور الناس ذوي الرأي فيما يشكل عليه كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (( وشاورهم في الأمر )) والشورى الشرعية ليست تكوين مجلس للشورى حتى يكون مشاركا في الحكم ولكن الشورى الشرعية أن ولي الأمر إذا أشكل عليه شيء من الأمور جمع الناس له جمع ذوي الرأي والأمانة من أجل أن يستشيرهم في القضية الواقعة فكان من هدي عمر رضي الله عنه ومن سنته المشكورة وسعيه الحميد أنه يشاور الناس يجمعهم يستشيرهم في الأمور الشرعية والأمور السياسية وغير ذلك وكان يدخل مع أشياخ بدر أي مع كبار الصحابة رضي الله عنهم يدخل معهم عبدالله بن عباس وكان صغير السن بالنسبة لهؤلاء فكانوا وجدوا في أنفسهم كيف يدخل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما مع أشياخ القوم ولهم أبناء مثله ولا يدخلهم فأراد عمر رضي الله عنه أن يريهم مكانة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من العلم والذكاء والفطنة فجمعهم ودعاه فعرض عليهم هذه السورة (( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )) فانقسموا إلى قسمين لما سألهم عنها ما تقولون فيها قسم سكت وقسم قال إن الله أمرنا إذا جاءنا النصر والفتح أن نستغفر لذنوبنا وأن نحمده ونسبح بحمده ولكن عمر رضي الله عنه أراد أن يعرف ما مغزى هذه السورة ولم يرد أن يعرف معناها التركيبي من حيث الألفاظ والكلمات فسأل ابن عباس رضي الله عنهما قال ما تقول في هذه السورة قال " هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعني علامة قرب أجله أعطاه الله آية (( إذا جاء نصر الله والفتح )) يعني فتح مكة فإن ذلك علامة أجلك (( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )) فقال " ما أعلم فيها إلا ما علمت " وظهر بذلك فضل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يفطن لمغزى الآيات الكريمة فإن المعنى الظاهر الذي يفهم من الكلمات والتركيبات هذا أمر قد يكون سهلا لكن مغزى الآيات التي أراد الله سبحانه مغزى الآيات التي أراد الله تعالى هو الذي قد يخفى على كثير من الناس ويحتاج إلى فهم يؤتيه الله تعالى من يشاء وقوله تبارك وتعالى (( سبح بحمد ربك )) أي سبح الله مصحوبا بالحمد فالباء هنا للمصاحبة وذلك لأنه إذا كان التسبيح مصحوبا بالحمد فإنه به تتحقق يتحقق الكمال لأن الكمال لا يتحقق إلا بانتفاء العيوب وثبوت صفات الكمال فانتفاء العيوب مأخوذ من قوله سبحانك لأن التسبيح معناه التنزيه عن كل نقص وعيب وثبوت الكمالات مأخوذ من قوله وبحمدك
فائدة في معنى الحمد مع تتمة شرح حديث " كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر ... " .
الشيخ : لأن الحمد وصف المحمود بالصفات الكاملة هذا هو الحمد وصف المحمود بالصفات الكاملة وليس هو الثناء كما هو مشهور عند كثير من العلماء إذا قالوا الحمد قالوا الثناء على الله بالجميل بعضهم يقول بالجميل الاختياري وما أشبه ذلك لأن الحديث القدسي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) يعني الفاتحة ( فإذا قال (( الحمدلله رب العالمين )) قال حمدني عبدي فإذا قال (( الرحمن الرحيم )) قال أثنى عليّ عبدي ) ففرّق بين الحمد والثناء المهم أن الإنسان إذا جمع بين التسبيح والحمد فقد جمع بين إثبات الكمال لله ونفي النقائص عنه أما قوله (( واستغفره )) فمعناه اطلب منه المغفرة والمغفرة هي التجاوز عن الذنب والستر يعني جعل المغفرة تجمع بين ستر الذنب والتجاوز عنه وذلك من مدلول اشتقاقها فإنها مأخوذة من المغفر وهو ما يوضع على الرأس عند الحرب ليقي السهام فهو واقٍ وساتر وأما قوله (( إنه كان توابا )) ففيه أن الله عز وجل موصوف بكثرة التوبة لقوله (( توابا )) وهي صيغة مبالغة لكثرة من يتوب فيتوب بلغ فيتوب الله عليه والله عز وجل تواب على عبده توبة سابقة لتوبته وتوبة لاحقة لها كما قال تعالى (( ثم تاب عليهم ليتوبوا )) فالتوبة السابقة أن يوفّق الله العبد للتوبة والتوبة اللاحقة أن يقبل الله منه التوبة إذا تاب إليه وللتوبة شروط خمسة: الأول الإخلاص لله عز وجل في التوبة والثاني الندم على ما حصل منه من الذنب والثالث الإقلاع عنه في الحال والرابع العزم على ألا يعود والخامس أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه فإن كانت التوبة في الوقت الذي لا تقبل فيه فإنها لا تنفع فإذا تاب الإنسان عند حضور أجله لم ينتفع بهذه التوبة لقوله تعالى (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) الآن لا ينفع ولهذا لم ينتفع فرعون بتوبته حين أدركه الغرق قيل له (( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )) والثاني أيضا مما لا تقبل فيه التوبة إذا طلعت الشمس من مغربها فإن الناس يؤمنون ولكن (( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا )) وينبغي للإنسان أن يكثر من هذا الذكر في الركوع والسجود ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) فإنه جامع بين الذكر والدعاء وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقوله في ركوعه وسجوده بعد نزول هذه السورة والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب بيان كثرة طرق الخير . قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )) وقال تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وقال تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وقال تعالى (( من عمل صالحا فلنفسه )) والآيات في الباب كثيرة ... " .
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في بيان كثرة طرق الخير قال الله تعالى (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) وقال تعالى (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )) وقال تعالى (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وقال تعالى (( من عمل صالحا فلنفسه )) والآيات في الباب كثيرة "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب بيان كثرة طرق الخير . قال الله تعالى : (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )) وقال تعالى : (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وقال تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) وقال تعالى (( من عمل صالحا فلنفسه )) والآيات في الباب كثيرة ... " .
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب كثرة طرق الخير " الخير له طرق كثيرة وهذا من فضل الله عز وجل على عباده من أجل أن تتنوع لهم الفضائل والأجور والثواب الكثير وأصول هذه الطرق ثلاثة: إما جهد بدني وإما بذل مالي وإما مركب من هذا وهذا هذه أصول طرق الخير أما الجهد البدني فهو أعمال البدن مثل الصلاة والصيام والجهاد وما أشبه ذلك وأما البذل المالي فمثل الزكوات والصدقات والنفقات وما أشبه ذلك وأما المركب فمثل الجهاد في سبيل الله بالسلاح فإنه يكون بالمال ويكون بالنفس ولكن أنواع هذه الأصول كثيرة جدا من أجل أن تتنوع للعباد الطاعات حتى لا يملوا لو كان الخير طريقا واحدا لملّ الناس من ذلك وسئموا ولما حصل الابتلاء ولكن إذا تنوع كان ذلك أرفق بالناس وأشد في الابتلاء قال الله تعالى في هذا الباب (( فاستبقوا الخيرات ))(( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات )) وهذا يدل على أن الخيرات ليست خيرا واحدا بل طرق كثيرة ثم ذكر المؤلف آيات تشير إلى أن الخير له طرق فقال وقال الله تعالى (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ))(( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ))(( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) والآيات في هذا كثيرة تدل على أن الخيرات ليست صنفا واحدا أو فردا واحدا أو جنسا واحدا ويدل لما قلنا أن من الناس من تجده يألف الصلاة فتجده كثير الصلوات ومنهم من يألف قراءة القرآن فتجده كثيرا يقرأ القرآن ومنهم من يألف الذكر والتسبيح والتحميد وما أشبه ذلك فتجده كثيرا يفعل ومنهم الكريم الطليق اليد الذي يحب بذل المال فتجده دائما يتصدق ودائما ينفق ينفق على أهله ويوسع عليهم في غير إسراف ومنهم من يرغب العلم وطلب العلم الذي هو في وقتنا هذا قد يكون أفضل أعمال البدن لأن الناس في الوقت الحاضر في عصرنا محتاجون إلى العلم الشرعي لغلبة الجهل وكثرة المتعالمين الذين يدعون أنهم علماء وليس عندهم من العلم إلا بضاعة مزجاة فنحن بحاجة إلى طلبة علم يكون عندهم علم راسخ ثابت مبني على الكتاب والسنة من أجل أن يردوا هذه الفوضى التي أصبحت منتشرة في القرى والبلدان والمدن كل إنسان عنده حديث أو حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدر للفتيا ويتهاون بها وكأنه شيخ الإسلام ابن تيمية أو الإمام أحمد أو الشافعي أو غيره من الأئمة وهذا ينذر بخطر عظيم إن لم يتدارك يتدارك الله الأمة بعلماء راسخين عندهم علم قوي وحجة قوية
الشيخ : ولهذا نرى أن طلب العلم اليوم أفضل الأعمال المتعدية للخلق أفضل من الصدقة وأفضل من الجهاد بل هو جهاد في الحقيقة لأن الله سبحانه وتعالى جعله عديلا للجهاد في سبيل الله وليس الجهاد الذي يشوبه ما يشوبه من الشبهات ويشك الناس في صدق نية المجاهدين لا الجهاد الحقيقي الذي تعلم علم اليقين أن المجاهدين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا فتجدهم مثلا يطبقون هذا المبدأ في أنفسهم قبل أن يجاهدوا غيرهم فالجهاد الحقيقي في سبيل الله الذي يقاتل فيه المقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا يعادله طلب العلم الشرعي ودليل ذلك قوله تعالى (( وما كان المؤمنون لينفروا كافة )) يعني ما كانوا ليذهبوا إلى الجهاد كلهم جميعا (( فلولا نفر من كل فرقة طائفة )) يعني وقعد طائفة التي تقعد (( ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) فجعل الله طلب العلم معادلا للجهاد في سبيل الله الجهاد الحق الذي يعلم بقرائن الأحوال وحال المجاهدين بأنهم يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا فالمهم أن طرق الخير كثيرة وأفضلها فيما أرى بعد الفرائض التي فرض الله هو طلب العلم الشرعي لأننا اليوم في ضرورة إليه لقد سمعنا وجاءنا استفتاء عن شخص يقول من صلى في مساجد البلد الفلاني فإنها لا تصح صلاته لأن الذين تبرعوا لهذه المساجد فيهم كذا وكذا ومن صلى على حسب الأذان فإنه لا تصح صلاته ليش قال لأنه مبني على توقيت ماهو بعلى رؤية الشمس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر وقت العصر ) أما الآن فهو الأوقات مكتوبة في أوراق والناس يمشون عليها هؤلاء كلهم لا تصح صلاته يعني كل المسلمين على زعمه لا تصح صلاتهم مثل هذه البلبلة والمشكل أن هذا يقال لي أنه رجل عنده شيء من العلم لكنه علم الأوراق الذي يعطى الإنسان فيه بطاقة يشهد له بأنه متخرج من كذا أو من كذا ثم يقول أنا من أنا فالحاصل أنه لابد للأمة الإسلامية من علماء راسخين في العلم لابد أما أن تبقى الأمور هكذا فوضى فإنه على خطر عظيم ولا يستقر للناس دين ولا تطمئن قلوبهم ويصير كل واحد تحت شجرة يفتي كل واحد تحت سقف يفتي كل واحد على قمة جبل يفتي هذا ماهو صحيح لابد من علماء عندهم علم راسخ ثابت مبني على الكتاب والسنة وعلى العقل والحكمة والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال ( الإيمان بالله والجهاد في سبيله ) قلت: أي الرقاب أفضل ؟ قال: ( أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا ) قلت: فإن لم أفعل ؟ قال: ( تعين صانعا أو تصنع لأخرق ) قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال: ( تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ) متفق عليه ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعال " عن أبي ذر رضي الله عنه قال ( قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيله قلت أي الرقاب أفضل قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قلت يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ) متفق عليه "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال ( الإيمان بالله والجهاد في سبيله ) قلت: أي الرقاب أفضل ؟ قال: ( أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا ) قلت: فإن لم أفعل ؟ قال: ( تعين صانعا أو تصنع لأخرق ) قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال: ( تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب كثرة طرق الخير فيما نقله عن أبي ذر رضي الله عنه أنه ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيله ) والصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال من أجل أن يقوموا بها وليسوا كمن بعدهم فإن من بعدهم ربما يسألون عن أفضل الأعمال ولكن لا يعملون أما الصحابة فإنهم يعملون فهذا ابن مسعود رضي الله عنه ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ) وهذا أيضا أبو ذر يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال فبين له صلى الله عليه وسلم أن أفضل الأعمال ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) ثم سأله عن الرقاب ( أي الرقاب أفضل ) والمراد بالرقاب المماليك يعني أيما ماهو الأفضل في إعتاق الرقاب ( فقال أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا ) يعني أنفسها عند أهلها يعني أحبها عند أهلها وأغلاها ثمنا أكثرها ثمنا فيجتمع في هذه الرقبة يجتمع فيها النفاسة وكثرة الثمن أو كثرة القيمة ومثل هذا لا يبذله إلا إنسان عنده قوة إيمان مثال ذلك رجل عنده عبيد منهم واحد يحبه يحبه لأنه قائم بأعماله ولأنه خفيف النفس ونافع لسيده وهو كذلك أيضا أغلى العبيد عنده ثمنا أغلاه ثمنا فإذا سئل أيما أفضل أعتق هذا أو ما بعده أو ما دونه قلنا أن تعتق هذا لأن هذا أنفس الرقاب عنده وأغلاه ثمنا وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الرقاب ( أفضلها أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ) وهذا كقوله تعالى (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) " كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به اتباعا لهذه الآية " ( وجاء أبو طلحة رضي الله عنه حين نزلت هذه الآية (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله أنزل قوله (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وإن أحب مالي إليّ بيرحاء ) وبيرحاء بستان نظيف قريب من المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إليه ويشرب من ماء فيه طيب عذب وهذا يكون غالٍ عند صاحبه فقال أبو طلحة ( وإن أحب مالي إليّ بيرحاء وإني أجعلها صدقة إلى الله ورسوله فضعها يا رسول الله حيث شئت فقال النبي صلى الله عليه وسلم بخ بخ ) يعني يتعجب ( مال رابح مال رابح )( ثم قال أرى أن تجعلها في الأقربين فقسمها أبو طلحة في قرابته ) الشاهد أن الصحابة يتبادرون الخيرات ثم سأله أبو ذر إن لم يجد يعني رقبة بهذا المعنى أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا قال ( تصنع يعني معروفا أو تعين أخرق ) يعني أنك تصنع لإنسان معروفا أو تعين أخرق ما يعرف تساعده وتعينه فهذا أيضا صدقة من الأعمال الصالحة ( قال فإن لم أفعل قال تكف أذاك ) أو قال ( شرك عن الناس فذلك صدقة ) وهذا أدنى ما يكون أن يكف الإنسان شره عن غيره فيسلم الناس منه والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) رواه مسلم ... " .
القارئ : " ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب كثرة طرق الخيرات فيما نقله عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يصبح على كل سلامى من الناس صدقة ) أو ( من أحدكم صدقة ) السلامى هي العظام أو مفاصل العظام يعني أنه يصبح كل يوم على كل واحد من الناس صدقة في كل عضو من أعضائه في كل مفصل من مفاصله قالوا والبدن فيه ثلاثمئة وستون مفصلا ما بين صغير وكبير فيصبح على كل إنسان كل يوم عليه ثلاثمئة وستون صدقة ولكن هذه الصدقات ليست صدقات مالية بل هي عامة كل أبواب الخير صدقة كل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة كل شيء يقرّب إلى الله عز وجل من قول أو فعل فإنه صدقة حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنك إذا أعنت الرجل في دابته فحملته عليه أو رفعت له عليها متاعه فهو صدقة ) كل شيء صدقة قراءة القرآن صدقة طلب العلم صدقة وحينئذ تكثر الصدقات ويمكن أن يأتي الإنسان بما عليه من الصدقات وهي ثلاثمئة وستون صدقة ثم قال ( ويجزئ من ذلك ) يعني عنه ( ركعتان يركعهما من الضحى ) يعني أنك إذا صليت من الضحى ركعتين أجزأت عن كل الصدقات التي عليك وهذا من تيسير الله عز وجل على العباد وفي هذا الحديث دليل على أن الصدقة تطلق على ما ليس بمال
الشيخ : وفيه أيضا دليل على أن ركعتي الضحى سنة سنة كل يوم لأنه إذا كان كل يوم عليك صدقة على كل عضو من أعضائك وكانت الركعتان تجزئ فهذا يقتضي أن صلاة الضحى سنة كل يوم من أجل أن تقضي الصدقات التي عليك قال أهل العلم وسنة الضحى يبتدئ وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح يعني حوالي ربع إلى ثلث ساعة بعد الطلوع إلى قبيل الزوال إلى قبل الزوال بعشر دقائق كل هذا وقت لصلاة الضحى في أي وقت تصلي ركعتي الضحى ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح إلى ارتفاع الزوال فإنه يجزئ لكن الأفضل أن تكون في آخر الوقت لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) يعني حين تقوم الفصال من الرمضاء لشدة حرارتها ولهذا قال العلماء إن تأخير ركعتي الضحى إلى آخر الوقت أفضل من تقديمها كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يستحب أن تؤخر صلاة العشاء إلى آخر الوقت إلا مع المشقة فالحاصل أن الإنسان قد فتح الله له أبواب طرق الخير كثيرة وكل شيء يفعله الإنسان من هذه الطرق فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله الموفق القارئ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ) عرضت عليّ يعني معناه بلغت عنها وبينت لي والذي بينها له هوالله عز وجل لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحلل ويحرم ويوجب فعرض الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المحاسن والمساوئ من أعمال الأمة فوجد من محاسنها ( الأذى يماط عن الطريق ) يماط يعني يزال والأذى ما يؤذي المارة من شوك وأعواد وأحجار وزجاج وأرواث وغير ذلك كل ما يؤذي فإماطته من محاسن الأعمال وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة فهو من محاسن الأعمال وفيه ثواب الصدقة وبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان فإذا وجدت في الطريق أدى فأمطته فإن ذلك من محاسن أعمالك وهو صدقة لك وهو من خصال الإيمان وشعب الإيمان وإذا كان هذا من المحاسن ومن الصدقات فإن وضع الأذى في طريق المسلمين من مساوئ الأعمال فهؤلاء الناس الذين يلقون القشور قشور البطيخ أو البرتقال أو الموز أو غيرها في الأسواق في ممرات الناس لا شك أنهم إذا آذوا المسلمون فإنهم مأزورون قال الله تعالى (( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا )) قال العلماء " ولو زلق به حيوان أو إنسان فانكسر فعلى من وضعه ضمانه " يضمنه بالدية أو بما دون الدية إذا كان لا يحتمل الدية المهم أن هذا من أذية المسلمين ومن ذلك أيضا ما يفعله بعض الناس من إراقة المياه في الأسواق فتؤذي الناس وربما تمر السيارات من عندها وترش منها على الإنسان في ثيابه وربما يكون فيها فساد بلا شك للإسفلت لأن الإسفلت كلما أتى عليه الماء وتكرر فإنه يذوب ويفسد فالمهم أننا مع الأسف الشديد ونحن أمة مسلمة لا نبالي بهذه الأمور وكأنها لا شيء يلقي الإنسان الأذى في الأسواق لا يهتم به يكسر الزجاجات في الأسواق لا يهتم بذلك الأعواد يلقيها لا يهتم بذلك حجر يضعه لا يهتم بذلك إذن يستحب لنا كلما رأينا ما يؤذي أن نزيله عن الطريق لأن ذلك صدقة ومن محاسن الأعمال ثم قال ( وعرضت عليّ مساوئ الأمة فوجدت ) من المساوئ ( النخاعة تكون في المسجد ) النخاعة يعني النخامة وسميت بذلك لأنها تخرج من النخاع النخامة تكون في المسجد لا تدفن لا تدفن لأن المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مفروش بالحصباء بالحصى الصغار فالنخامة تدفن في التراب أما عندنا الآن فليس هناك تراب ولكن إذا وجدت فإنها تحك بالمنديل حتى تذهب واعلم أن النخامة في المسجد حرام فمن تنخع في المسجد فقد أثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( البصاق في المسجد خطيئة ) فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أنها خطيئة وكفارتها دفنها يعني عاد إذا فعلها الإنسان وأراد أن يتوب فليدفنها لكن في عهدنا فليحكها بمنديل أو نحوه حتى تزول وإذا كان هذه النخاعة فما بالك بما هو أعظم منها يوجد بعض الناس أحيانا وإن كان الآن قليلا لأنه لا توجد أرواث بهائم في الأسواق لكن كان الناس فيما سبق يدخل الإنسان في حذائه لا يفتشها ولا يقلبها فيكون فيها الروث وينزل الروث من النعل إلى المسجد فيتلوث به فأنت اعتبر بالنخامة ماهو مثلها في أذية المسجد أو أعظم منها من ذلك أيضا أن بعض الناس تكون معه المناديل الخفيفة هذه يتنخع فيها ثم يرمي بها في الأرض في المسجد هذا أذى لا شك أن النفوس تتقزز إذا رأت مثل ذلك فكيف إذا كان ذلك في بيت من بيوت الله إذا تنخعت في المنديل فضعه في جيبك في المخباة حتى تخرج وترمي بها في السوق بشرط ألا تؤذي أحدا والله الموفق
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسا قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال: ( أوليس قد جعل لكم ما تصدقون به إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ! قال: ( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى " عن أبي ذر رضي الله عنه ( أن ناسا قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) رواه مسلم "
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسا قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال : ( أوليس قد جعل لكم ما تصدقون به إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ! قال: ( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي ذر رضي الله عنه ( أن ناسا قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ) يعني استأثروا بالأجور وأخذوها عنا وأهل الدثور يعني بالأموال ( يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ) يعني فنحن وهم سواء في الصلاة وفي الصيام لكنهم يفضلوننا بالتصدق بفضول أموالهم أي بما أعطاهم الله تعالى من فضل المال يعني ولا نتصدق وهذا كما جاء في الحديث الآخر عن فقراء المهاجرين قالوا ( ويعتقون ولا نعتق ) فانظر إلى الهمم العالية من الصحابة رضي الله عنهم يغبطون إخوانهم بما أنعم الله عليهم من الأموال التي يتصدقون بها ويعتقون منها ليسوا يقولون عندهم فضول أموال يركبون بها المراكب الفخمة ويسكنون القصور المشيدة ويلبسون الثياب الجميلة لا لأنهم قوم يريدون ما هو خير وأبقى وهو الآخرة قال الله عز وجل (( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى )) وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (( ولا الآخرة خير لك من الأولى )) فهم اشتكوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام شكوى غبطة لا شكوى حسد ولا اعتراض على الله عز وجل ولكن يطلبون فضلا يتميزون به عمن أغناهم الله فتصدقوا بفضول أموالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أوليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به ) يعني إذا فاتكم الصدقة بالمال فهناك الصدقة بالأعمال الصالحة ( إن بكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ) وقد سبق الكلام على الأربع السابقة في الدرس الماضي أما قوله صلى الله عليه وسلم ( أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ) فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفضل الصدقات لأن هذا هو الذي فضّل الله به هذه الأمة على غيرها فقال (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) ولكن لابد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شروط: الشرط الأول أن يكون الآمر الناهي عالما بحكم الشرع فإن كان جاهلا فإنه لا يجوز أن يتكلم لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يأمر بما يعتقد الناس أنه شرع الله وليس له أن يتكلم في شرع الله بما لا يعلم لأن الله حرّم ذلك بنص القرآن