تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مستها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : وذكر العين والله أعلم على سبيل التمثيل، وإلا فالأنف قد يخطئ، والفم قد يخطئ، قد يتكلم الإنسان بكلام حرام، وقد يشم أشياء ليس له حق أن يشمها، ولكن ذكر العين لأن أكثر ما يكون الخطأ في النظر، فلذلك إذا غسل الإنسان وجهه في الوضوء خرج خطايا عينيه، فإذا غسل يديه خرجت خطايا يديه، فإذا غسل رجليه خرجت خطايا رجليه حتى يكون نقيًّا من الذنوب، ولهذا قال الله تعالى حين ذكر الوضوء والغسل والتيمم قال: (( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ )) يعني ظاهرًا وباطنًا حسًّا ومعنى، (( وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) فينبغي للإنسان إذا توضأ أن يستشعر هذا المعنى، أي أن وضوءه يكون تكفيرًا لخطيئاته حتى يكون بهذا الوضوء محتسبًا الأجر على الله عز وجل والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنَّ إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) يعني: أن الصلوات الخمس ما بين صلاة الفجر مثلًا إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب، ومن المغرب إلى العشاء، ومن العشاء إلى الفجر، هذه تكفر ما بينها من الخطايا، إذا عمل الإنسان سيئة وأتقن هذه الصلوات الخمس فإنها تمحو الخطايا، لكن قال: ( إذا اجتنبت الكبائر ) يعني: إذا اجتنبت كبائر الذنوب، وكبائر الذنوب: كل ذنب رتب الشارع عليه عقوبة خاصة، فكل ذنب مثلًا لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله فهو من كبائر الذنوب، كل شيء فيه حد في الدنيا كالزنا، أو وعيد في الآخرة كأكل الربا، أو فيه نفي إيمان مثل: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أو فيه براءة منه مثل: ( من غش فليس منا ) أو ما أشبه ذلك فهو من كبائر الذنوب، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: ( إذا اجتنبت الكبائر ) هل معنى الحديث أن الصغائر تكفر إذا اجتنبت الكبائر وأنها لا تكفر إلا بشرطين الصلوات الخمس واجتناب الكبائر، أو أن معنى الحديث أنها كفارة لما بينهن إلا الكبائر فلا تكفرها، وعلى هذا فيكون تكفير السيئات الصغائر له شرط واحد: وهو إقامة هذه الصلوات الخمس، أو الجمعة إلى الجمعة، أو رمضان إلى رمضان، وهذا هو المتبادر والله أعلم أن المعنى أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها إلا الكبائر فلا تكفرها، وكذلك الجمعة إلى الجمعة، وكذلك رمضان إلى رمضان، وذلك لأن الكبائر لا بد لها من توبة خاصة، فإذا لم يتب توبة خاصة فإن الأعمال الصالحة لا تكفرها، بل لا بد من توبة خاصة، أما حديث أبي هريرة الثاني فهو أن النبي عليه الصلاة والسلام عرض على أصحابه عرضًا يَعلم النبي عليه الصلاة والسلام ماذا يقولون في جوابه، ولكن هذا من حسن تعليمه عليه الصلاة والسلام أنه أحيانًا يعرض المسائل عرضًا حتى ينتبه الإنسان لذلك، ويعرف ماذا سيلقى إليه، قال: ( ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ ) يعرض عليهم هل يخبرهم ومن المعلوم أنهم سيقولون نعم يا رسول الله خبرنا، لكنه عليه الصلاة والسلام اتخذ هذه الصيغة وهذا الأسلوب من أجل أن ينتبهوا إلى ما يلقى إليهم، قالوا: بلى يا رسول الله يعني أخبرنا فإننا نود أن تخبربنا بما يرفع الله به الدرجات ويمحو به الخطايا، قال: ( إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ) هذه ثلاثة أشياء، أولًا: إسباغ الوضوء على المكاره يعني: إتمام الوضوء في أيام الشتاء، لأن أيام الشتاء يكون الماء فيه باردًا، يكون الماء فيها باردًا، وإتمام الوضوء يعني إسباغه يكون فيه مشقة على النفس، فإذا أسبغ الإنسان وضوءه مع هذه المشقة دل هذا على كمال إيمانه، فرفع الله به درجاته، وحط عنه بذلك خطيئته هذه واحدة، الثاني: كثرة الخطا إلى المساجد، يعني: أن الإنسان يقصد المساجد حيث شرع له إتيانهن وذلك في الصلوات الخمس ولو بعد المسجد، ولو بعد المسجد فإنه كلما بعد المسجد المسجد عن البيت ازدادت حسنات الإنسان، فإن الإنسان إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء ثم خرج منه إلا المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ولو بعد المسجد، والثالث: انتظار الصلاة بعد الصلاة، يعني: أن الإنسان من شدة شوقه إلى الصلوات كلما فرغ من صلاة وإذا قلبه متعلق بالصلاة الأخرى ينتظرها، فإن هذا يدل على إيمانه ومحبته وشوقه لهذه الصلوات العظيمة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( جعل قرة عيني في الصلاة ) فإذا كان ينتظر الصلاة بعد الصلاة فإن هذا مما يرفع به الدرجات ويكفر به الخطايا، هذان الحديثان ذكرهما المؤلف في باب كثرة طرق الخير، لأن هذه ولله الحمد طرق متعددة من الخير الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة رمضان إلى رمضان كثرة الخطا إلى المسجد إسباغ الوضوء على المكاره انتظار الصلاة بعد الصلاة، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى البردين دخل الجنة متفق عليه . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) رواه البخاري ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى البردين دخل الجنة ) متفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا ) رواه البخاري ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى البردين دخل الجنة متفق عليه . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) رواه البخاري ... " .
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى البردين دخل الجنة ) البردين هما صلاة الفجر وصلاة العصر، وذلك لأن صلاة الفجر تقع في أبرد ما يكون من الليل، وصلاة العصر تقع في أبرد ما يكون من النهار بعد الزوال، مَن صلاهما دخل الجنة يعني: أن المحافظة على هاتين الصلاتين وإقامتهما من أسباب دخول الجنة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ) يعني: أن تشبيه للرؤية بالرؤية وليس للمرئي بالمرئي، لأن الله ليس كمثله شيء، ولكنكم ترونه رؤية حقيقية مؤكدة كما يرى الإنسان القمر ليلة البدر، وإلا فإن الله عز وجل أجل وأعظم من أن يشابهه شيء من مخلوقاته، ثم قال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: ( فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ) يعني بالتي قبل طلوع الشمس: الفجر، والتي قبل غروبها: العصر، فهاتان الصلاتان هما أفضل الصلوات، وأفضلهما صلاة العصر لأنها هي الصلاة الوسطى التي قال الله عنها: (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )) فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة الأحزاب: ( إنهم -يعني: الأحزاب- شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ) وهذا نص صريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وقوله عليه الصلاة والسلام: ( من صلى البردين ) المراد: صلاهما على الوجه الذي أمر به، وذلك بأن يأتي بهما في الوقت، وإذا كان من أصحاب الجماعة كالرجال فليأت بهما بالجماعة لأن الجماعة واجبة لا يحل لرجل أن يدع صلاة الجماعة في المسجد وهو قادر عليها. أما حديثه الثاني: فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مرض أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا ) يعني: أن الإنسان إذا كان من عادته أن يعمل عملًا صالحًا ثم مرض فلم يقدر عليه فإنه يكتب له الأجر كاملًا والحمد لله على نعمه، لو كنت مثلًا من عادتك أن تصلي مع الجماعة ثم مرضت ولم تستطع أن تصلي مع الجماعة فكأنك مصل مع الجماعة، يكتب لك سبع وعشرون درجة، ولو سافرت وكان من عادتك وأنت مقيم في البلد أن تصلي نوافل وأن تقرأ قرآنًا وأن تسبح وتهلل وتكبر ولكنك لما سافرت انشغلت بالسفر عن هذا، فإنه يكتب لك ما كنت تعلمه في البلد مقيمًا، مثلًا لو سافرت وصليت وحدك في البر ليس عندك أحد، فإنه يكتب لك أجر صلاة الجماعة كاملة إذا كنت في حال الإقامة تصلي مع الجماعة ، وفي هذا تنبيه على أنه ينبغي للعاقل ما دام في حال الصحة والفراغ أن يحرص على الأعمال الصالحة، حتى إذا عجز عنها لمرض أو شغل كتبت له كاملة، اغتنم الصحة اغتنم الفراغ اعمل حتى إذا شغلت عنه لمرض أو غيره كتب لك كاملًا ولله الحمد، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ) هكذا جاء في حديث ابن عمر إما من قوله أو من قول الرسول عليه الصلاة والسلام، أن الإنسان ينبغي له في حال الصحة أن يغتنم الفرصة حتى إذا مرض كتب له عمله في الصحة، أن يحرص مادام مقيمًا على كثرة الأعمال حتى إذا سافر كتب له ما كان يعمل في الإقامة، نسأل الله أن يخلص لنا ولكم النية ويصلح لنا ولكم العمل. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة رواه البخاري ورواه مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه . عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) رواه مسلم . وفي رواية له ( فلا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ) ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة ) رواه البخاري، ورواه مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أُكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) رواه مسلم. وفي رواية له: ( فلا يغرس مسلم غرسًا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ). وفي رواية له: ( لا يغرس المسلم غرسًا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة ) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة رواه البخاري ورواه مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في باب كثرة طرق الخيرات عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل معروف صدقة ) كل معروف، المعروف: ما يتعارف الناس على حُسنه، أو ما عرف الشرع حُسنه، إن كان مما يتعبد به لله فهو ما عرف الشرع حُسنه، وإن كان مما يتعامل به الناس فهو مما تعارف الناس على حُسنه، وهذا الحديث ( كل معروف ) يشمل هذا وهذا، فكل عمل تتعبد به إلى الله فإنه صدقة، كما ورد بالحديث السابق: ( كل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ) وأما ما يتعارف الناس على حُسنه فهو أيضًا ما يتعلق بالمعاملة بين الناس، فكلما تعارف الناس على حُسنه فهو معروف، مثل الإحسان إلى الخلق بالمال أو بالجاه أو بغير ذلك من أنواع الإحسان، ومن ذلك أن تلقى أخاك بوجه طلق لا بوجه عبوس، وأن تلين له القول، وأن تدخل عليه السرور، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن من الخير إذا عاد الإنسان مريضًا أن يدخل عليه السرور، ويقول: أنت في عافية، وإذا كان الأمر على خلاف ما قال يعني أن المريض أشد مرضًا مما سبق فليقل أنت في عافية ناويًا أنه في عافية أحسن ممن هو دون منه من هو دونه، لأن إدخال السرور على المريض سبب للشفاء، ولهذا تجد أن الإنسان إذا كان مريضًا مرضًا عاديًّا صغيرًا إذا قال له إنسان والله الحمد لله هذا شيء بسيط وهذا شيء لا يضر، استر بذلك ونسي المرض، ونسيان المرض سبب لشفائه، وكون الإنسان يعلق قلبه بالمرض سبب لبقائه، وأضرب مثلًا لذلك: برجل مثلًا فيه جرح تجد أنه إذا تلهى في حاجات أخرى لا يحس بألم الجرح، لكن إذا تفرغ ثم حط باله للجرح أحس بألم، انظر مثلًا إلى الحمالين الذين يحملون الأشياء على السيارات وينزلونها أحيانًا يسقط على قدمه شيء فيجرحه ما دام يحمل ولاهي لا يشعر به ولا يحس به، فإذا فرغ أحس به وتألم، إذًا فغفلة المريض عن المرض وإدخال السرور عليه وتأميله بأن الله عز وجل يشفيه هذا خير ينسيه المرض، وربما كان سببًا للشفاء، إذًا كل معروف صدقة، لو أن أحدًا إلى جنبك رأيته محترًا رأيت العرق يتصبب منه فروحت عليه بالمروحة فإنه يكون له صدقة، صدقة لأنه معروف، لو قابلت الضيوف بالانبساط وتعجيل الضيافة لهم وما أشبه ذلك فهذا صدقة.
فائدة : في قول إبراهيم - عليه السلام - للملائكة : سلام .
الشيخ : انظر إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما جاءته الملائكة ضيوفا ماذا صنع؟ قالوا: سلامًا، قال: سلامٌ، سلامٌ، قال العلماء: وقول إبراهيم سلامٌ أبلغ من قول الملائكة سلامًا، لأن قول الملائكة سلامًا يعني: نسلم سلامًا، وهي جملة فعلية تدل على التجدد والحدوث، وقوله وقول إبراهيم: سلامٌ جملة اسمية تدل على الثبوت والاستمرار، فهي أبلغ وماذا صنع عليه الصلاة والسلام؟
متابعة الكلام على حديث ( كل معروف صدقة ، وبيان فضل اللحم المشوي على المطبوخ وأن لحم العجل من أفضل الأطعمة ... ) .
الشيخ : راغ إلى أهله فجاء بعجل سمين، راغ: قال العلماء: معناه انصرف مسرعًا بخفية، شوف كيف حسن الضيافة مسرعًا لئلا يعوقه، بخفية لئلا يمنعوه، لئلا يقولوا: انتظر ما نريد شيئًا، (( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ )) وفي الآية الأخرى: (( بِعِجْلٍ حَنِيذٍ )) حنيذ يعني: مشويًّا، ومعلوم أن اللحم المشوي أطعم من اللحم المطبوخ، لأن طعمه يكون باقيًا فيه، (( فَجَاءَ بِعِجْلٍ )) والعجل قال العلماء: إنه من أفضل أنواع الأطعمة أطعمة اللحم، لأنه يكون لحمه لينًا وطعمًا، فجاء بعجل حنيذ أين وضعه؟ قربه إليهم، ما وضعه في مكان بعيد وقال روح تغدوا أو تعشوا قربه إليهم، ثم ماذا قال؟ لم يقل كلوا، قال: (( أَلا تَأْكُلُونَ )) ألا أداة عرض يعني عرض عليهم ما أمرهم، قال: (( ألا تأكلون )) ولكن الملائكة ما أكلوا لماذا؟ لأن الملائكة لا يأكلون الملائكة ما لهم أجواف، ما لهم كروش ولا أمعاء ولا أكباد، خلقهم الله من نور، جسدًا واحدًا جثة واحدة، جسدًا واحدًا ليس لهم أمعاء ولا أكباد ولا كروش ولا شيء لا يأكلون، (( يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) دائمًا سبحان الله سبحان الله دائمًا وأبدًا، لم يأكلوا (( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً )) لأنهم لم يأكلوا، يقولون: لأن من عادة العرب أن الضيف إذا لم يأكل فقد تأبط شرًّا، الضيف إذا لم يأكل فقد تأبط شرًّا، ولهذا إلى الآن عادة عندنا إذا جاء الضيف ولا يأكل، قالوا: مالح، يعني: ذق من طعامنا، فإذا لم يمالح قالوا هذا الرجل قد نوى بنا شرًّا، نكرهم وأوجس منهم خيفة (( قَالُوا لا تَخَفْ )) ثم بينوا له الأمر: (( قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ )) وكان قد كبِر وكانت امرأته قد كبرت (( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ )) لما سمعت البشرى (( فِي صَرَّةٍ )) في صيحة (( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا )) عجبًا (( وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ )) يعني: أألد وأنا عجوز عقيم؟ قالت الملائكة: (( كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ )) الرب عز وجل يفعل ما يشاء إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون (( إنه هو الحكيم العليم )) هنا قدم الحكيم على العليم وفي آيات كثيرة يقدم العليم على الحكيم السبب لأن هذه المسألة كونها تلد وهي عجوز خرجت عن نظائره ما لها نظير إلا نادرًا، فبدؤوا بالحكيم الدال على الحكمة، يعني: الله حكيم أن تلدي وأنت عجوز، المهم أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد ضرب المثل في حسن الضيافة وحسن الضيافة من المعروف؟ نعم من المعروف، إذًا كل معروف كل معروف صدقة سوّ في الناس خير ومعروف واعلم أن هذه صدقة تثاب عليها ثواب الصدقة، والله الموفق. القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سُرق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) رواه مسلم. وفي رواية له: ( فلا يغرس مسلم غرسًا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ) وفي رواية له: ( لا يغرس المسلم غرسًا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة ) ".
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) رواه مسلم . وفي رواية له ( فلا يغرس المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة و لا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ) وفي رواية له ( لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب كثرة طرق الخيرات ما نقله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في من غرس غرسًا فأكل منه شيء من إنسان أو حيوان أو طير أو غير ذلك أو نقصه أو سرق منه فإنه له صدقة، ففي هذا الحديث حث على الزرع وعلى الغرس، وأن الزرع والغرس فيه خير كثير، فيه مصلحة في الدين ومصلحة في الدنيا، أما مصلحة الدنيا فهو ما يحصل منه من إنتاج، ومصلحته أي مصلحة الغرس والزرع ليست كمصلحة الدراهم والنقود، لأن الزرع والغرس ينفع نفس الزارع والغارس وينفع البلد كله، كل البلد ينتفعون منه بشراء الثمر وشراء الحب والأكل منه، ويكون في هذا إخصاب للمجتمع وكثرة لخيراته، بخلاف الدراهم الدراهم تودع في الصناديق ولا ينتفع بها أحد، لكن الغرس والزرع ينتفع به أهل البلد، وينتفع به نفس الزارع والغارس كذلك، أما المنافع الدينية فإنه إن أكل منه طير عصفور أو حمامة أو دجاجة أو غيرها ولو حبة واحدة فإنه له صدقة، سواء شاء ذلك أم لم يشأ، حتى لو فرض أن الإنسان حين غرس أو حين زرع لم يكن بباله هذا الأمر، فإنه إذا أُكل منه صار له صدقة، أعجب من ذلك لو سرق منه سارق جاء شخص مثلًا إلى نخلي وسرق منه تمرًا، فإن لي في ذلك أجرًا، مع أني لو علمت بهذا السارق لرافعته إلى المحكمة، ومع ذلك فإن الله تعالى يكتب لي بهذه السرقة صدقة إلى يوم القيامة، كذلك أيضًا ما حصل فيه من شيء يسقط على الأرض فيأكل منه الذر والخشاش إلا كان لصاحبه صدقة، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على حث النبي عليه الصلاة والسلام على الزرع وعلى الغرس لما فيه من المصلحة الدينية والمصالح الدنيوية، وفيه دليل على كثرة طرق الخير وأن ما انتفع به الناس من الخير فإن لصاحبه أجرًا، وله فيه خير سواء نوى أم لم ينو، وهذا كقوله تعالى: (( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً )) فذكر الله سبحانه وتعالى أن هذه الأشياء فيها خير سواء نويت أو ما نويت، من أمر بصدقة فهو خير، أو معروف فهو خير، أو أصلح بين الناس فهو خير، نوى أو لم ينو، فإن نوى بذلك ابتغاء وجه الله فالله يقول: (( فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً )) وفي هذا دليل على أن المصالح والمنافع إذا انتفع الناس بها كانت خيرًا لصاحبها وأجرًا وإن لم ينو، فإن نوى زاد خيرًا على خير وآتاه الله تعالى من فضله أجرًا عظيمًا، أسأل الله أن يمن علي وعليكم بالإخلاص والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم إنه جواد كريم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم ( إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد ؟ ) فقالوا نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال ( بني سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم ) رواه مسلم . وفي رواية ( إن بكل خطوة درجة ) رواه مسلم ... " .
القارئ : " عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قُرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قُرب المسجد؟ فقالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم ) رواه مسلم. وفي رواية: ( إن بكل خطوة درجة ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم ( إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد ؟ ) فقالوا نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال ( بني سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم ) رواه مسلم . وفي رواية إن ( بكل خطوة درجة ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أراد بنو سلمة أن يقربوا من المسجد، ينتقلوا من ديارهم أي: من محلاتهم وأحيائهم حتى يكونوا قرب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يدركوا الصلوات معه ويتلقوا من علمه ( فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم قال: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قُرب المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دياركم تكتب آثاركم ) وبين أن لهم كل خطوة حسنة أو درجة، ففي هذا الحديث دليل على أنه إذا مشى الإنسان إلى المسجد فإنه لا يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة، وقد جاء ذلك مُفسَّرًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأسبغ الوضوء ثم خرج من بيته إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة واحدة إلا كتب الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ) فيكتسب شيئين الأول: أنه يرفع له بها درجة، والثاني: أنه يحط عنه بها خطيئة، هذا إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء سواء كان ذلك قليلًا يعني: سواء كان الخطوات قليلة أم كثيرة، فإنه يكتب له بكل خطوة يرفع له بها درجة ويحط عنه بها خطيئة، وفي هذا الحديث دليل على أنه إذا نقل للإنسان شيء عن أحد فإنه يتثبت قبل أن يحكم بالشيء، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم بني سلمة قبل أن يقول لهم شيئًا، قال: ( بلغني أنكم تريدون كذا وكذا؟ قالوا: نعم ) فيؤخذ منه ما ذكرت أنه ينبغي للإنسان إذا نقل له الشيء أن يتثبت قبل أن يحكم بمقتضى هذا الشيء الذي نقل له، حتى يكون إنسانًا رزينًا ثقيلًا معتبرًا، أما كونه يصدق بكل ما نقل فإنه يفوته بذلك شيء كثير ويحصل له ضرر، بل الإنسان ينبغي أن يتثبت، وفي هذا دليل في هذا الحديث بني سلمة دليل على كثرة طرق الخيرات وأن منها المشي إلى المساجد، وهو كما سبق مما يرفع الله به الدرجات ويحط به الخطايا، فإن كثرة الخطا إلى المساجد سبب لمغفرة الذنوب تكفير السيئات ورفعة الدرجات، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة فقيل له أو فقلت له لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء ؟ فقال ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد جمع الله لك ذلك كله ) رواه مسلم . وفي رواية ( إن لك ما احتسبت ) .
القارئ : " عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ( كان رجل لا أعلم رجلًا أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، فقيل له أو فقلت له: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ فقال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله ) رواه مسلم. وفي رواية: ( إن لك ما احتسبت ) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة فقيل له أو فقلت له لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء ؟ فقال ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد جمع الله لك ذلك كله ) رواه مسلم . وفي رواية ( إن لك ما احتسبت ) .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الحديث يتعلق بما قبله من الأحاديث الدالة على كثرة طرق الخير، وأن طرق الخير كثيرة ومنها الذهاب إلى المساجد، وكذلك الرجوع منها إذا احتسب الإنسان ذلك عند الله تعالى، فهذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله في قصة الرجل الذي كان له بيت بعيد من المسجد، وكان يأتي إلى المسجد من بيته من بعد يحتسب الأجر على الله قادمًا إلى المسجد وراجعًا منه، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء والرمضاء يعني في الليل حين الظلام مثل صلاة العشاء وصلاة الفجر، أو في الرمضاء في أيام الحر الشديد ولاسيما في الحجاز فإنه حار، فقال رضي الله عنه: ( ما يسرني أن بيتي إلى جنب المسجد ) يعني أنه مسرور بكون بيته بعيدًا عن المسجد، يأتي إلى المسجد بخطا ويرجع منه بخطا وأنه لا يسره أن يكون بيته قريبًا من المسجد، لأنه إذا كان قريبًا لم تكتب له الخطا، وبين أنه يحتسب أجره على الله عز وجل قادمًا إلى المسجد وراجعًا منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنه له ما احتسب ) ففي هذا دليل على أن كثرة الخطا إلى المساجد من طرق الخير، وأن الإنسان إذا احتسب الأجر على الله كتب الله له الأجر حال مجيئه إلى المسجد وحال رجوعه منه، ولا شك أن للنية أثرًا كبيرًا في صحة الأعمال، وأثرًا كبيرًا في ثوابها، وكم من شخصين يصليان جميعًا بعضهما إلى جنب بعض ومع ذلك يكون بينهما في الثواب مثل ما بين السماء والأرض، وذلك بصلاح النية وحسن العمل، فكلما كان الإنسان أصدق إخلاصًا لله وأقوى اتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر أجرًا وأعظم أجرًا عند الله عز وجل، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) متفق عليه . وفي رواية لهما عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ) ... " .
القارئ : " عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) متفق عليه. وفي رواية لهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) متفق عليه . وفي رواية لهما عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الحديث في بيان شيء من طرق الخيرات، لأن طرق الخيرات ولله الحمد كثيرة، شرعها الله لعباده ليصلوا بها إلى غاية المقاصد، فمن ذلك الصدقة فإن الصدقة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) يعني: كما أنك لو صببت ماء على نار طفئت، فكذلك الصدقة تطفئ الخطيئة، ثم ذكر المؤلف هذا الحديث الذي بين فيه أن الله سبحانه وتعالى سيكلم كل إنسان، يكلم كل إنسان على حدة يوم القيامة، قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ )) يعني: فسوف تلاقي ربك ويحاسبك على هذا الكدح، أي: الكد والتعب الذي عملت، ولكن بشرى للمؤمنين، قال الله تعالى: (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )) الحمد لله المؤمن إذا لاقى ربه فإنه على خير، ولهذا قال هنا في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ) يعني: يكلمه الله يوم القيامة بدون مترجم، يكلم الله كل عبد مؤمن يكلمه عز وجل فيقرره بذنوبه، يقول: ( عملت كذا وعملت كذا في يوم كذا وكذا، فإذا أقر بها وظن أنه قد هلك قال: إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لكم اليوم ) قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فكم من ذنوب علينا سترها الله عز وجل لا يعلمها إلا هو، فإذا كان يوم القيامة أتم علينا النعمة بمغفرتها وعدم العقوبة عليها ولله الحمد، ثم قال: ( فينظر أيمن منه ) يعني: على يمينه ( فلا يرى إلا ما قدم، وينظر على يساره فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ) قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) ولو بنصف تمرة أو أقل، اتق النار بهذا، ففي هذا الحديث دليل على كلام الله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام مسموع مفهوم لا يحتاج إلى ترجمة يعرفه المخاطب به، وفيه دليل على أن الصدقة لو قلَّت تنجي من النار، لقوله: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) قال: ( فإن لم يجد فبكلمة طيبة ) يعني: إن لم يجد شق تمرة فليتق النار بكلمة طيبة، والكلمة الطيبة تشمل قراءة القرآن فإن أطيب الكلمات القرآن الكريم، تشمل التسبيح والتهليل وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشمل تعليم العلم وتعلم العلم، وتشمل كذلك كل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه من القول، يعني إذا لم تجد شق تمرة فإنك تتقي النار ولو بكلمة طيبة، فهذا من طرق الخير ولله الحمد أن شق التمرة ينجي من النار، أن الكلمة الطيبة تنجي من النار نسأل الله أن ينجينا وإياكم من النار.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها رواه مسلم ... " . والغدوة بفتح الهمزة هي الغدوة أو العشوة .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها ) رواه مسلم، والأكلة بفتح الهمزة هي الغدوة أو العشوة ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها رواه مسلم ... " . والغدوة بفتح الهمزة هي الغدوة أو العشوة .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليرضى عن العبد أن ياكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ) وفسر المؤلف رحمه الله الأكلة بأنها الغدوة أو العشوة، يعني: الغداء أو العشاء، ففي هذا دليل على أن رضا الله عز وجل قد ينال بأدنى سبب، قد ينال بهذا السبب اليسير ولله الحمد، أن الإنسان إذا انتهى من الأكل قال: الحمد لله، وإن انتهى من الشرب قال: الحمد لله، وذلك أن للأكل والشرب آدابًا آدابًا فعلية وآدابًا قولية، أما الآداب الفعلية فأن يأكل باليمين ويشرب باليمين ولا يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله فإن هذا حرام على القول الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله )( وأكل رجل بشماله عنده فقال: كل بيمينك قال لا أستطيع، فقال: لا استطعت، فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه ) عُوقب والعياذ بالله، أما الآداب القولية فأن يُسمي عند الأكل يقول بسم الله، والصحيح أن التسمية عند الأكل أو الشرب واجبة، وأن الإنسان يأثم إذا لم يسم الله عند أكله أو شربه، لأنه إذا لم يفعل يعني إذا لم يسم عند الأكل أو الشرب فإن الشيطان يأكل معه ويشرب معه، ولهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أن يسمي الله.