تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) رواه البخاري وفي رواية له ( سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة القصد القصد تبلغوا ) .
الشيخ : أن ييستعمل البشرى لإخوانه ما استطاع، ولكن أحيانًا يكون الإنذار خيرًا لأخيه المسلم، قد يكون أخوه المسلم في جانب تفريط في واجب أو انتهاك لمحرم فيرى أن من المصلحة أن ينذره ويخوفه، فالإنسان ينبغي له أن يستعمل الحكمة ولكن يغلب جانب البشرى، لو جاءه رجل مثلًا وقال: إنه أسرف على نفسه وفعل معاصي كبيرة وهل له من توبة؟ ينبغي أن يقول نعم أبشر أبشر إذا تبت تاب الله عليك، فيدخل عليه السرور ويدخل عليه الأمل حتى لا ييأس من رحمة الله عز وجل، الحاصل أن الرسول قال: ( سددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا ) يعني معناه: استعينوا في أطراف النهار أوله وآخره، وشيء من الليل والقصد القصد تبلغوا هذا يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يضرب مثلا للسفر المعنوي بالسفر الحسي فإن الإنسان المسافر حسًّا ينبغي أن يكون سيره في أول النهار وفي آخر النهار وفي شيء من الليل، لأن ذلك هو الوقت المريح للراحلة وللمسافر، ويحتمل أنه أراد بذلك أن أول النهار وآخره محل للتسبيح، كما قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) وكذلك الليل محل للقيام، على كل حال إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا ألا نجعل أوقاتنا كلها دأبًا في العبادة لأن ذلك يؤدي إلى الملل والاستحسار والتعب والترك في النهاية، أعاننا الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ( ما هذا الحبل ؟ ) قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد ) متفق عليه .... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " وعن أنس رضي الله عنه قال: ( دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد ) متفق عليه ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...وعن أنس رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ( ما هذا الحبل ؟ ) قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد ) متفق عليه .... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد -يعني المسجد النبوي- فإذا حبل مربوط بين ساريتين -أي بين عمودين- فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا حبل لزينب تربطه فإذا تعبت من الصلاة تعلقت به ) من أجل أن تنشط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( حلوه ) يعني أخروه وأزيلوه، ثم قال: ( ليصل أحدكم نشاطه فإذا تعب فليرقد )، ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتعمق وأن يتنطع في العبادة وأن يكلف نفسه ما لا تطيق، بل يصلي ما دام نشيطًا، فإذا تعب فليرقد ولينم، لأنه إذا صلى مع التعب تشوش فكره وربما كره العبادة وسئم ومل، وربما ذهب ليدعو لنفسه فإذا به يدعو عليها، مثلًا إذا سجد وأصابه النعاس ربما يريد أن يقول رب اغفر لي فيقول رب لا تغفر لي لأنه نائم، فلهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بحل هذا الحبل، وأمرنا أن يصلي الإنسان نشاطه فإذا تعب فليرقد، وهذا وإن ورد في الصلاة فإنه يشمل جميع الأعمال ألا تكلف نفسك ما لا تطيق، بل عامل نفسك بالرفق واللين ولا تتعجل، لا تتعجل الأمور، الأمور ربما تتأخر لحكمة يريدها الله عز وجل، لا تقل أنا أريد أن أتعب نفسي، انتظر وأعط نفسك حقها ثم بعد ذلك يحصل لك المقصود، ومن ذلك أيضًا ما يفعله بعض الطلبة تجده مثلًا يطالع في دروسه وهو نعسان، يتعب يتعب نفسه ومع ذلك لا يحصل شيئًا، لأن الذي يراجع وهو نعسان لا يستفيد وإن ظن أنه يستفيد فإنه لا شيء لا يستفيد شيئًا أبدًا، لهذا ينبغي أن الإنسان إذا أصابه النعاس وهو يراجع كتبًا سواء كتبًا مدرسية منهجية أو غير ذلك، ينبغي له أن يغلق الكتاب وأن ينام ويستريح، وهذا يعم جميع الأوقات حتى لو فرض أن الإنسان أصابه النعاس بعد صلاة العصر وأراد أن يرقد ويستريح فلا حرج، أو بعد صلاة الفجر وأراد أن يرقد ويستريح فلا حرج، كلما أتاك النوم فنم، كلما صرت نشيطًا فاعمل (( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ )) كل الأمور اجعلها بالتيسير إلا ما فرض الله عليك فلا بد أن يكون في الوقت المحدد له، أما الأمور التطوعية فالأمر فيها واسع لا تتعب نفسك في شيء، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه متفق عليه
الشيخ : استغفر الله لذنبه فيذهب يسب نفسه بدل ما يقو : اللهم اغفر لي ذنبي أو ما أذنبت، يذهب ويسب نفسه بهذا الذنب الذي أراد أن يستغفر الله منه، وكذلك ربما يريد أن يسأل الله الجنة فيسأله النار، وربما يريد أن يسأل الله الهداية فيسأله ربه الضلالة وهكذا، لهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرقد، ومن حكم ذلك أن الإنسان لنفسه عليه حقًّا، فإذا أجبر نفسه على فعل العبادة مع المشقة فإنه يكون قد ظلم نفسه، فأنت يا أخي لا تفرق وتقصر ولا تفرط فتزيد، أما حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهما فقد قال: ( إنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ) والظاهر أنه يريد الجمعة ( فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا ) القصد يعني الأخذ المتوسط الذي ليس فيه تخفيف مخل ولا تثقيل ممل، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ) أي علامة على فقهه ودليل عليه، فالمهم أنه يؤخذ من هذين الحديثين أن الإنسان لا ينبغي له أن يحمل نفسه ويشق عليها في العبادة وإنما يأخذ ما يطيق، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا جميعا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان ) رواه البخاري ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال: ( آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا فقال له: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له: نم فنام ثم ذهب يقوم، فقال له: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا جميعًا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان ) رواه البخاري ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا جميعا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان ) رواه البخاري ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما جميعًا آخى بينهما أي: عقد بينهما عقد أخوة، وذلك أن المهاجرين حين قدموا المدينة آخي النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وبين الأنصار الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم، فكان المهاجرون في هذا العقد عقد الأخوة كانوا لهم بمنزلة الإخوة حتى إنهم كانوا يتوارثون بهذا العقد حتى أنزل الله عز وجل: (( وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ))( فجاء ذات يوم سلمان دخل على دار أخيه أبي الدرداء رضي الله عنه فوجد امرأته أم الدرداء متبذلة ) يعني أنها ليست عليها ثياب المرأة ذات الزوج، بل عليها ثياب ليست جميلة ( فسألها ما شأنك؟ فقالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له شيء من الدنيا ) يعني أنه معرض عن الدنيا عن الأهل وعن الأكل وعن كل شيء ( ثم إنه صنع له طعامًا ) أي أبو الدرداء صنع لسلمان طعامًا ( فقدمه إليه وقال: كل فإني صائم، فقال له: كل ) يعني أفطر ولا تصم، لأنه علم من حاله بواسطة كلام زوجته أنه يصوم دائمًا وأنه معرض عن الدنيا وعن الأكل وغيره ( فأكل ثم نام فقام ليصلي، فقال له سلمان: نم، ثم قام ليصلي فقال: نم، ولما كان في آخر الليل قام سلمان رضي الله عنه وصليا جميعًا ) وقوله: ( صليا جميعًا ) ظاهره أنهما صليا جماعة، ويحتمل أنهما صليا جميعًا في الزمن وكل يصلي وحده، وهذه المسألة أعني الصلاة جماعة في صلاة الليل جائزة، لكن لا تفعل دائمًا وإنما تفعل أحيانًا، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل جماعة مع ابن عباس رضي الله عنهما، ومع حذيفة بن اليمان، ومع عبد الله بن مسعود، ولكن العلماء يقولون: إن هذا يفعل أحيانًا لا دائمًا، ثم قال له سلمان: ( إن لنفسك عليك حقًّا، وإن لاهلك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه ) وهذا القول الذي قاله سلمان هو القول الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ففي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يكلف نفسه بالصيام والقيام، وإنما يصلي ويقوم على وجه يحصل به الخير ويزول به التعب والمشقة والعناء، والله الموفق. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حنظلة بن الربيع الأسدي الكاتب أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا قال أبو بكر رضي الله عنه فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت نافق حنظلة يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وما ذاك ) قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن حنظلة بن الربيع الأسدي الكاتب أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، قال أبو بكر رضي الله عنه: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حنظلة بن الربيع الأسدي الكاتب أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا قال أبو بكر رضي الله عنه فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت نافق حنظلة يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وما ذاك ) قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن حنظلة الكاتب أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقلت: نافق حنظلة ) يعني نفسه، ومعنى نافق يعني صار من المنافقين، قال ذلك ظنًّا منه رضي الله عنه أن ما فعله نفاق، فقال أبو بكر: وما ذاك؟ فقال رضي الله عنه: كنا إذا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بالنار وبالجنة حتى كأن رأي عين، أو رأيَ عين ) يعني: كأنما نرى الجنة والنار رأي عين من قوة اليقين، حيث يخبرهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كالمشاهد، بل قد يكون أعظم، لأنه خبر من أصدق الخلق صلوات الله وسلامه عليه وأعلم الخلق بالله، ولكنهم ( فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأهل والأولاد والضيعات ) يعني لهونا معهم ونسينا ما كنا عليه عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر عن نفسه: ( إنه يصيبه كذلك ) يعني إذا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم عن النار والجنة حتى كأنها رأي عين وخرجوا من عنده وعافسوا الأهل والأولاد والضيعات نسوا كثيرًا ( ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصلا إليه قال حنظلة: نافق حنظلة يا رسول الله، قال: وما ذاك؟ فأخبره بأنهم إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فحدثهم عن الجنة والنار أخذهم من اليقين ما يجعلهم كأنهم يرونهما رأي العين، ولكن إذا خرجوا عافسوا الأهل والأولاد والضيعات وتلهوا بهم نسوا كثيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تكونون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ) من شدة اليقين تصافحكم إكرامًا لكم وتثبيتًا لكم، لأنه كلما زاد يقين العبد فإن الله سبحانه وتعالى يثبته ويقويه كما قال تعالى: (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ))( ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة ) يعني ساعة للرب عز وجل وساعة مع الأهل والأولاد وساعة للنفس، حتى يعطي الإنسان نفسه راحتها ويعطي ذوي الحقوق حقوقهم، وهذا من عدل الشريعة الإسلامية وكمالها أن الله عز وجل له حق فيعطى حقه عز وجل، وكذلك للنفس حق فتعطى حقها، وللأهل حق فيعطون حقوقهم، وللزوار والضيوف حق فيعطون حقوقهم، حتى يقوم الإنسان بجميع الحقوق التي عليه على وجه الراحة، ويتعبد لله عز وجل براحة، لأن الإنسان إذا أثقل على نفسه وشدد عليها مل وتعب وأضاع حقوقًا كثيرة، وهذا كما يكون في العبادة وفي حقوق النفس والأهل والضيف، يكون كذلك أيضًا في العلوم إذا طلب الإنسان العلم ورأى من نفسه مللًا في مراجعة كتاب ما فلينتقل إلى كتاب آخر، أو رأى نفسه مالًّا من دراسة فن معين ينتقل إلى دراسة فن آخر وهكذا، يريح نفسه ويحصل علمًا كثيرًا، أما إذا أكره نفسه على الشيء فهذا ربما يحصل عليه الملل والتعب ويسأم وينصرف إلا ما شاء الله، فإن بعض الناس يكره نفسه على المراجعة والمطالعة والبحث مع التعب ثم يأخذ عليه ويكون هذا دأبًا له، ويكون ديدنًا له حتى إنه إذا فقد هذا الشيء ضاق صدره والله يؤتي فضله ما يشاء والله ذو الفضل العظيم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ) رواه البخاري ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ) رواه البخاري ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ) رواه البخاري ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ذكر المؤلف رحمه الله في باب الاقتصاد في العبادة هذا الحديث ( الذي نذر فيه رجل يقال له أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد وأن يصمت ولا يتكلم وأن يصوم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فرأى هذا الرجل قائمًا في الشمس فسأل عنه فأخبر عن قصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليقعد وليستظل وليتكلم وليتم صومه ) هذا النذر تضمن أشياء محبوبة إلى الله عز وجل وأشياء غير محبوبة، أما المحبوب إلى الله فهو الصوم لأن الصوم عبادة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) وأما وقوفه قائمًا في الشمس من غير أن يستظل وكونه لا يتكلم فهذا غير محبوب إلى الله عز وجل، ليس محبوبًا إلى الله، فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل أن يترك ما نذر، وليعلم أن النذر أصله مكروه، بل قال بعض العلماء: إنه محرم وأنه لا يجوز لإنسان أن ينذر، لأن الإنسان إذا نذر كلف نفسه ما لم يكلفه الله، ولهذا ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ) ولكن إذا قُدر أن الإنسان نذر فالنذر أقسام: قسم حكمه حكم اليمين، وقسم آخر نذر معصية، وقسم ثالث: نذر طاعة، أما الذي حكمه حكم اليمين فهو الذي قصد الإنسان به تأكيد الشيء نفيًا إو إثباتًا أو تصديقًا أو تكذيبًا، يعني قصد به التأكيد مثاله: إذا قيل للرجل أخبرتنا بكذا وكذا ولكنك لم تصدق، فقال: إن كنت كاذبًا فلله علي نذر أن أصوم سنة، لا شك أن غرضه من ذلك أن يؤكد قوله ليصدقه الناس، هذا حكمه حكم اليمين لأنه قصد بذلك تأكيد ما قال، وكذلك أيضًا إذا قصد الحث، مثل أن يقول: إن لم أفعل كذا فلله علي نذر أن أصوم سنة، فهذا أيضًا قصد الحث، وأن يفعل ما ذكر حكمه حكم اليمين أيضًا، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) وهذا نوى اليمين فله ما نوى، أما القسم الثاني فهو المحرم، فالمحرم إذا نذره الإنسان يحرم عليه الوفاء به، مثل أن يقول: لله عليه نذر أن يشرب الخمر والعياذ بالله، فهذا نذر محرم فلا يحل له أن يشرب الخمر، ولكن عليه كفارة يمين على القول الراجح، وإن كان بعض العلماء قال: إنه لا شيء عليه لأنه نذر غير منعقد، ولكن الصحيح أنه نذر منعقد لكنه لا يجوز الوفاء به، ومثل ذلك أن تقول المرأة لله علي نذر أن تصوم أيام حيضها فهذا حرام، ولا يجوز أن تصوم أيام الحيض وعليها كفارة يمين، أما القسم الثالث: فهو نذر الطاعة أن ينذر الإنسان نذر طاعة مثل أن يقول: لله علي نذر أن أصوم أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فيلزمه أن يوفي بنذره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) أو يقول: لله علي نذر أن أصلي ركعتين في الضحى فيلزمه أن يوفي بنذره لأنه طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) فإن اشتمل نذره على طاعة وغير طاعة وجب أن يوفي بالطاعة وغير الطاعة لا يوفي ويكفر كفارة يمين، مثل قصة هذا الرجل نذر أن يقوم في الشمس وألا يستظل وألا يتكلم وأن يصوم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصوم لأنه طاعة، ولكنه قال في القيام وعدم الاستظلال وعدم الكلام قال: ( مروه فليستظل وليقعد وليتكلم ) وكثير من الناس اليوم إذا استبعد الأمر أو أشفق عليه ينذر، كثير من الناس مثلًا إذا مرض له إنسان قال: لله علي نذر إن شفى الله مريضي لأفعلن كذا وكذا، هذا منهي عنه منهي عنه إما نهي كراهة أو نهي تحريم، اسأل الله العافية لمريضك بدون نذر، لكن لو فرضنا أنه نذر إن شفى الله مريضه أن يفعل كذا وكذا فشفاه الله وجب عليه أن يوفي بالنذر، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المحافظة على الأعمال . قال الله تعالى (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) وقال تعالى (( وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) وقال تعالى (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )) وقال تعالى (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) ... " .
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب المحافظة على الأعمال، قال الله تعالى: (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) وقال تعالى: (( وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) وقال تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )) وقال تعالى: (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب المحافظة على الأعمال . قال الله تعالى (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) وقال تعالى (( وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) وقال تعالى (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )) وقال تعالى (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب المحافظة على الأعمال " يعني، الأعمال الصالحة، لما ذكر رحمه الله باب الاقتصاد في الطاعة وأن الإنسان لا ينبغي أن يشق على نفسه في العبادة وإنما يكون متمشيًّا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أعقبه بهذا الباب الذي فيه المحافظة على الطاعة، وذلك أن كثيرًا من الناس ربما يكون نشيطًا مقبلًا على الخير فيجتهد، ولكنه بعد ذلك يفتر ثم يتقاعس ويتهاون، وهذا يجري كثيرًا للشباب، لأن الشاب يكون عنده اندفاع قوي أو تأخر شديد، إذ أن غالب تصرفات الشباب إنما تكون مبنية على العاطفة دون التعقل، فتجد الواحد منهم يندفع ويشتد في العبادة ثم يعجز أو يتكاسل فيتأخر، ولهذا ينبغي للإنسان كما صنع المؤلف رحمه الله أن يكون مقتصدًا في الطاعة غير منجرف وأن يكون محافظًا عليها، لأن المحافظة على الطاعة دليل على الرغبة فيها، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ، فإذا حافظ الإنسان على عبادته واستمر عليها كان هذا دليلًا على محبته وعلى رغبته في الخير، ثم ذكر المؤلف عدة آيات منها قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا )) امرأة تغزل فغزلت غزلًا جيدًا قويًّا متينًا ثم بعد ذلك ذهبت تنقضه أنكاثًا حتى لم يبق منه شيء، كذلك بعض الناس يشتد في العبادة ويزيد ثم بعد ذلك ينقضها فيدعها، وذكر رحمه الله عن بني إسرائيل فقال عز وجل: (( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) ما استمروا عليها ولا رعوها ولكنهم أهملوها، وقال تعالى: (( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) يعني: طال عليهم الأمد الزمن بالأعمال فقست قلوبهم وتركوا الأعمال والعياذ بالله، فالمهم أن الإنسان ينبغي له أن يحافظ على العمل وألا يتكاسل وألا يدعه حتى يستمر على ما هو عليه، وإذا كان هذا في العبادة فهو أيضًا في أمور العادة ينبغي ألا يكون الإنسان كل ساعة له وجهة، كل ساعة له فكر، بل يستمر ويبقى على ما هو عليه ما لم يتبين الخطأ، إن تبين الخطأ فلا يقر الإنسان نفسه على خطأ، لكن مادام الأمر لم يتبين فيه الخطأ فإن بقاءه على ما هو عليه أحسن وأدل على ثباته وعلى أنه رجل لا يخط خطوة إلا عرف أين يضع قدمه وأين ينزع قدمه، بعض الناس لا يهتم بأمور العادة فتجده كل يوم له فكرة كل يوم له نظر، هذا يفوت عليه الوقت ولا تستقر نفسه على شيء، ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ( من بورك له في شيء فليلزمه ) كلمة عظيمة، يعني إذا بورك لك في شيء أي شيء يكون فالزمه لا تخرج عنه مرة هنا مرة هنا مرة هنا يضيع عليك الوقت ولا تبني شيئًا، نسال الله أن يثبتنا وإياكم على الحق ويجعلنا من دعاة الحق وأنصاره.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ) رواه مسلم .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نام عن حزبه من الليل أو شيء منه فقضاه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ) يعني: فكأنما صلاه في ليلته، هذا فيه دليل على أن الإنسان ينبغي له إذا كان يعتاد شيئًا من العبادة أن يحافظ عليها ولو بعد ذهاب وقتها، والحزب معناه هو الجزء من الشيء ومنه أحزاب القرآن، ومنه أيضًا الأحزاب من الناس يعني الطوائف منهم، فإذا كان الإنسان لديه عادة يصليها في الليل ولكنه نام عنها أو عن شيء منها فقضاه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر فكأنما صلاه في ليلته، ولكن إذا كان يوتر في الليل فإنه إذا قضاه في النهار لا يوتر ولكنه يشفع الوتر أي يزيده ركعة، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث ركعات فليقض أربعًا، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس فليقض ستًّا، وإذا كان من عادته أن يوتر بسبع فليقض ثمان وهكذا، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع من الليل صلى من النهار ثنتي عشر ركعة ) وفي تقييد النبي صلى الله عليه وسلم القضاء فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر فيه أحاديث تدل على تقييده، وذلك أنه بعد صلاة الفجر لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، فيقيد عموم هذا الحديث الذي ذكره المؤلف بخصوص الحديث الذي ذكرناه، وأن القضاء يكون من بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وقد يقال بأنه لا يقيد لأن القضاء متى ذكره الإنسان قضاه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) ويؤخذ من الحديث الذي ذكره المؤلف أنه ينبغي للإنسان المداومة على فعل الخير وألا يدع ما نسيه إذا كان يمكن قضاؤه، أما ما لا يمكن قضاؤه فإنه إذا نسيه سقط مثل سنة دخول المسجد التي تسمى تحية المسجد، إذا دخل المسجد الإنسان ونسي وجلس وطالت المدة فإنه لا يقضيها، لأن هذه الصلاة سنة مقيدة بسبب فإذا تأخرت عنه سقطت سنيتها، وهكذا كل ما قيد بسبب فإنه إذا زال سببه لا يقضى، إلا أن يكون واجبًا من الواجبات كصلاة المفروضة مثلًا، وأما ما قيد بوقت فإنه يقضى إذا فات كالسنن الرواتب لو نسيها الإنسان حتى خرج الوقت فإنه يقضيها بعد الوقت كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لو لو فاتت الإنسان صيام ثلاثة أيام من الشهر صيام البيض فإنه يقضيها بعد ذلك، وإن كان صيام ثلاثة الأيام من الشهر واسعة تجوز في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، لكن الأفضل في أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) متفق عليه وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( يا عبد الله بن عمرو لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل ) ساق المؤلف هذا الحديث في باب الاستقامة على الطاعة ودوامها، وأن الإنسان لا يقطعها فقد أوصى النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن عمرو ألا يكون مثل فلان، ويحتمل هذا الإبهام لا تكن مثل فلان يحتمل أنه من النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أحب ألا يذكر اسم الرجل، ويحتمل أنه من عبد الله بن عمرو أبهمه لئلا يطلع عليه الرواة، ويحتمل من الراوي بعد عبد الله بن عمرو، وأيًّا كان ففيه دليل على أن المهم من الأمور والقضايا هي القضية نفسها دون ذكر الأشخاص، ولهذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أراد أن ينهى عن شيء فإنه لا يذكر الأشخاص، وإنما يقول: ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ) وما أشبه ذلك، وترك ذكر الشخص فيه فائدتان عظيمتان: الفائدة الأولى: الستر على هذا الشخص، والفائدة الثانية: أن هذا الشخص ربما تتغير حاله فلا يستحق الحكم الذي يحكم عليه في الوقت الحاضر، لأن القلوب بيد الله، فمثلًا افرض أنني رأيت رجلًا على فسق فإذا ذكرت اسمه فقلت لشخص لا تكن مثل فلان يسرق أو يزني أو يشرب الخمر أو ما أشبه ذلك، فربما تتغير حال هذا الرجل ويستقيم ويعبد الله فلا يستحق الحكم الذي ذكرته من قبل، فلهذا كان الإبهام في هذه الأمور أولى وأحسن لما فيه من الستر ولما فيه من الاحتياط إذا تغيرت حال الشخص، وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ( كان يقوم من الليل فترك قيام الليل ) التحذير من كون الإنسان يعمل العمل الصالح ثم يدعه، فإن هذا قد ينبئ عن رغبة عن الخير وكراهة له وهذا خطر عظيم، وإن كان الإنسان قد يترك الشيء لعذر فإذا تركه لعذر فإن كان مما يمكن قضاؤه قضاه، وإن كان مما لا يمكن قضاؤه فإن الله تعالى يعفو عنه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا ) وكذلك إذا تركه لعذر فإنه يقضيه، ففي حديث عائشة الذي ساقه المؤلف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ترك قيام الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، لأنه صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة فإذا قضى الليل ولم يوتر لنوم أو شبهه فإنه يقضي هذه الصلاة، لكن لما فات وقت الوتر صار المشروع أن يجعله شفعًا، وبناء على ذلك فمن كان يوتر بثلاث ونام عن وتر فليصل في النهار أربعًا، وإذا كان يوتر بخمس فليصل ستًّا، وإذا كان يوتر بسبع فليصل ثمانية، وإذا كان يوتر بتسع فليصل عشرًا، وإذا كان يوتر بإحدى عشر فليصل اثنتي عشرة ركعة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، وفي هذا دليل على فائدة مهمة وهي أن العبادة المؤقتة إذا فاتت عن وقتها لعذر فإنها تقضى، أما العبادة المربوطة بسبب فإنه إذا زال سببها لا تقضى، ومن ذلك سنة الوضوء مثلًا إذا توضا الإنسان فإن من السنة أن يصلي ركعتين فإذا نسي ولم يذكر إلا بعد مدة طويلة سقطت عنه، وكذلك إذا دخل المسجد وجلس ناسيًا ولم يذكر إلا بعد مدة طويلة فإن تحية المسجد تسقط عنه، لأن المقرون بسبب لا بد أن يكون مواليًا للسبب فإن فصل بينهما سقط، والله الموفق. القارئ : قال رحمه الله تعالى: " باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها، قال تعالى: (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) وقال تعالى: (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) وقال تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )) ".