تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال ( أين علي بن أبي طالب ؟ ) فقيل يا رسول الله هو يشتكي عينيه قال ( فأرسلوا إليه )فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية قال علي رضي الله عنه يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) . متفق عليه ... " .
الشيخ : وهكذا اليهود، اليهود يا إخواننا أهل غدر وخيانة ونقض للعهود منذ بعث فيهم موسى عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة، هم أغدر الناس بالعهد وأخونهم بالأمانة ولذلك لا يوثق منهم أبدًا لا صرفًا ولا عدلًا ومن وثق بهم أو وثق منهم فإنه في الحقيقة لم يعرف سيرتهم منذ عهد قديم، المهم أن خيبر كانت حصونًا ومزارع لهم وغزاهم النبي عليه الصلاة والسلام وفتح الله على يديه، وسيأتي إن شاء الله بقية الحديث. القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يا رسول الله هو يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية، قال علي رضي الله عنه: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم ) متفق عليه ". الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) وهاتان منقبتان عظيمتان، الأولى: أن يفتح الله على يديه، لأن من فتح الله على يديه نال خيرًا كثيرًا، فإنه إذا هدى الله به رجلًا واحدًا كان خيرًا له من حمر النعم، يعني من الإبل الحمر، وإنما خص الإبل الحمر لأنها أغلى الأموال عند العرب، والثاني قوله: ( يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) فإن هذه منقبة أن يكون الإنسان يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ففي ذلك فضل لعلي بن أبي طالب لأن الناس في تلك الليلة جعلوا يدوكون يعني يخوضون ويتكلمون من هذا الرجل؟ من هذا الرجل؟ فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: إنه يشتكي عينيه ) أي إن عينيه توجعه ويشتكيها ( فدعا به فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فبرأ ) كأن لم يكن به وجع، لأن هذا من آيات الله عز وجل ليس هناك قطرة ولا كيّ وإنما هو ريق النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه ( بصق في عينيه ودعا فبرأ الرجل كأن لم يكن به وجع ) وفي هذا دليل على أنه يجوز للناس أن يتحدثوا في الأمر ليتفرسوا فيمن يصيبه، لأن الصحابة صاروا في تلك الليلة يدوكون ليلتهم من يحصل هذا؟ من يحصل هذا؟ كل واحد يقول: لعله أنا، وفيه أيضًا دليل على أن الإنسان قد يهبه الله تعالى من الفضائل ما لم يخطر له على بال، فعلي ليس حاضرًا وربما لا يكون عنده علم من أصل المسألة، ومع ذلك جعل الله له هذه المنقبة، ففي هذا دليل على أن الإنسان قد يحرم الشيء مع ترقبه له، وقد يعطى الشيء مع عدم خطورته على باله، ( ثم أعطاه الراية ) الراية يعني العَلَم، العَلَم الذي يكون علمًا على القوم في حال الجهاد، لأن الناس في الجهاد يقسمون هؤلاء إلى جانب وهؤلاء إلى جانب وهذه القبيلة وهذه القبيلة أو هذا الجنس من الناس كالمهاجرين مثلًا والأنصار كل له راية أي علم يدل عليه ( أعطاه الراية فقال: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ ) يعني أقاتلهم حتى يكونوا مسلمين أم ماذا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ) ولم يقل قاتلهم حتى يكونوا مثلنا، وذلك لأن الكفار لا يقاتلون على الإسلام ويرغمون عليه، وإنما يقاتلون ليذلوا لأحكام الإسلام، إن أسلموا فلهم وإن كفروا فعليهم، ولكن يذلوا لأحكام الإسلام يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يدخلوا في الإسلام، وقد اختلف العلماء رحمهم الله هل هذا خاص بأهل الكتاب أي مقاتلتهم حتى يعطوا الجزية أو إنه عام لجميع الكفار؟ فأكثر العلماء يقولون: إن الذي يقاتل حتى يعطي الجزية أو يسلم هم أهل الكتاب اليهود والنصارى وأما غيرهم فيقاتلون حتى يسلموا ولا يقبل منهم إلا الإسلام، واستدلوا بقوله تعالى: (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) قال: قاتلوهم حتى يعطوا الجزية، والصحيح أنه عام ودليل ذلك ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ) وهم ليسوا أهل كتاب كما أخرجه البخاري، والدليل الثاني حديث بريدة بن الحصيب الذي أخرجه مسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه ومن معه بالمسلمين خيرًا ) وذكر في الحديث ( أنه يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فالجزية فإن أبوا قاتلهم ) وهو عام، وهذا هو الصحيح، ولذلك لم يقل النبي عليه الصلاة والسلام لعلي حين أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ نعم قاتلهم حتى يكونوا مثلنا وإنما أرشده إلى أن يفعل ما أمره به يمشي على رسله حتى ينزل بساحتهم، وقوله: ( على رسلك ) أي لا تتعب ولا تمش عجلًا فتتعب أنت ويتعب الجيش ويتعب من معك، ولكن على رسلك حتى تنزل بساحتهم أي يجانبهم ( ثم ادعهم إلى الإسلام ) ويأتي إن شاء الله بقية الكلام. القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يا رسول الله هو يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية، قال علي رضي الله عنه: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم ) متفق عليه ".
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ... ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب علي هم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) . متفق عليه ... " .
الشيخ : سبق لنا الكلام على أكثر هذا الحديث حتى وصلنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ( ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ) فأمره عليه الصلاة والسلام بأمرين: الأمر الأول: الدعوة إلى الإسلام بأن يقول لهم: أسلموا، وإذا كانوا يعرفون معنى الإسلام كفى إذا قال أسلم، وإن كانوا لا يعرفونه فإنه يبين لهم أن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت. الأمر الثاني: قال: ( وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ) وهو السمع والطاعة لأوامر الله ورسوله لأجل أن يكون الداخل في الإسلام داخلًا على بصيرة، لأن بعض الناس يدخل في الإسلام على أنه دين ولكن لا يدري ما هو، ثم إذا بينه له الشرائع ارتد والعياذ بالله، فصار كفره الثاني أعظم من كفره الأول، لأن الردة لا يُقر عليها صاحبها بل يقال له: إما أن ترجع لما خرجت منه وإما أن نقتلك، ولهذا ينبغي لنا في هذا العصر لما كثر الكفار بيننا من نصارى وبوذيين ومشركين وغيرهم إذا دعوناهم إلى الإسلام أن نبين لهم الإسلام أولًا، نشرحه شرحًا يتبين فيه الأمر حتى يدخلوا على بصيرة، لا نتركهم هكذا فقط أسلموا أسلموا فقط، لأنهم لا يعرفون ما يجب عليهم من حق الله تعالى في الإسلام، فإذا دخلوا على بصيرة صار لنا العذر فيما بعد إذا ارتدوا أن نطلب منهم الرجوع إلى الإسلام أو نقتلهم، أما أن يبين لهم إجمالًا هكذا فإنه فإنها دعوة قاصرة، والدليل على هذا حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الذي كنا الآن نشرحه، وفي هذا الحديث في قوله: ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحد خير لك من حمر النعم ) يهديه أي يوفقه بسببك إلى الإسلام فإنه خير لك من حمر النعم، يعني من الإبل الحمر، وذلك لأن الإبل الحمر عند العرب كانت من أنفس الأموال إن لم تكن أنفس الأموال، ففعل رضي الله عنه ونزل بساحتهم ودعاهم إلى الإسلام ولكنهم لم يسلموا، ثم في النهاية كانت الغلبة ولله الحمد للمسلمين ففتح الله على يد علي بن أبي طالب والقصة مشهورة في كتب المغازي والسير، لكن الشاهد من هذا الحديث أنه أمرهم أن يدعوهم إلى الإسلام وأن يخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، وفي هذا الحديث من الفوائد: ظهور آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم وهي أنه لما بصق في عيني علي بن أبي طالب برىء حتى كأن لم يكن به وجع، وفيه أيضًا آية أخرى وهو قوله: ( يفتح الله علي يديه ) وهو خبر غيبي، ومع ذلك فتح الله علي يديه، وفيه أيضًا من الفوائد: أنه ينبغي نصب الرايات في الجهاد وهي الأعلام وأن يجعل لكل قوم راية معينة يعرفون بها كما سبقت الإشارة إليه، وفيه أيضًا من الفوائد: تحري الإنسان للخير والسبق إليه، لأن الصحابة جعلوا في تلك الليلة يدوكون ليلتهم يعني يدوكون في ليلتهم فهي منصوبة على الظرفية، يعني أنهم يبحثون من يكون من، وفيه أيضًا أن الإنسان قد يعطى الشيء من غير أن يخطر له على بال، وأن يحرم من كان متوقعًا أن يناله هذا الشيء، لأن علي بن أبي طالب كان مريضًا في عينيه ولا أظنه يخطر بباله أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيعطيه الراية ومع ذلك أدركها، وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن فتى من أسلم قال يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به قال ( ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض ) فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول ( أعطني الذي تجهزت به فقال يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي منه شيئا فوالله لا تحبسين منه شيئا فيبارك لنا فيه ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " وعن أنس رضي الله عنه ( أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به، قال: ائت فلانًا فإنه قد كان تجهز فمرض، فأتاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به، فقال: يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي منه شيئًا فوالله لا تحبسين منه شيئًا فيُبارك لنا فيه ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن فتى من أسلم قال يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به قال ( ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض ) فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول ( أعطني الذي تجهزت به فقال يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي منه شيئا فوالله لا تحبسين منه شيئا فيبارك لنا فيه ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الحديث الذي ذكره المؤلف فيه الدلالة على الخير، فإن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يتجهز إلى الغزو، فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام ودله على رجل كان قد تجهز براحلته وما يلزم لسفره، ولكنه مرض فلم يتمكن من الخروج إلى الجهاد، فجاء الرجل إلى صاحبه الذي كان قد تجهز فأخبره بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال الرجل لامرأته: أخرجي ما تجهزت به ولا تحبسي منه شيئًا، فوالله لا تحبسين منه شيئًا فيبارك لنا فيه ) ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا دلَّ أحدًا على الخير فإنه يثاب على ذلك، وقد سبق أن من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وفيه دليل أيضًا على أن من أراد عملًا صالحًا فحبسه عنه مرض فإنه ينبغي أن يدفع ما بذله لهذا العمل الصالح إلى من يقوم به حتى يكتب له الأجر كاملًا، لأن الإنسان إذا مرض وقد أراد العمل وتجهز له ولكن حال بينه وبينه مرضه فإنه يكتب له الأجر كاملًا ولله الحمد، قال الله عز وجل: (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )) وفيه دليل أيضًا من كلام الصحابي رضي الله عنه أن الإنسان إذا بذل الشيء في الخير فإن الأفضل أن ينفذه، فمثلًا لو أردت أن تتصدق بمال وعزلت المال الذي تريد أن تتصدق به أو تبذله في مسجد أو في جمعية خيرية أو ما أشبه ذلك، فأنت لك الخيار أن ترجع عما فعلت لأنه ما دام الشيء لم يبلغ محله فهو بيدك، ولكن الأفضل أن تنفذه وألا ترجع فيما أردت من أجل أن تكون من السباقين إلى الخير، والله الموفق. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التعاون على البر والتقوى . قال الله تعالى (( وتعاونوا على البر والتقوى )) وقال تعالى (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) قال الإمام الشافعي رحمه الله كلاما معناه إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة ... " .
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب في التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر )) قال الإمام الشافعي رحمه الله كلامًا معناه: إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب في التعاون على البر والتقوى . قال الله تعالى (( وتعاونوا على البر والتقوى )) وقال تعالى (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) قال الإمام الشافعي رحمه الله كلاما معناه إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب التعاون على البر والتقوى " التعاون معناه التساعد وأن يعين الناس بعضهم بعضًا على البر والتقوى، فالبر فعل الخير، والتقوى اتقاء الشر، وذلك أن الناس يعملون على وجهين: على ما فيه الخير وعلى ما فيه الشر، فأما ما فيه الخير فالتعاون عليه أن تساعد صاحبك على هذا الفعل وتيسر له الأمر سواء كان هذا مما يتعلق بك أو مما يتعلق بغيرك، وأما الشر فالتعاون فيه هو أن تُحذر منه وأن تمنع منه ما استطعت وأن تشير على من أراد أن يفعله بتركه وهكذا، فالبر فعل الخير والتعاون عليه هو التساعد على فعله وتيسيره للناس، والتقوى اتقاء الشر والتعاون عليه أن تحول بين الناس وبين فعل الشر وأن تحذرهم منه حتى تكون الأمة أمة واحدة، وهذا الأمر في قوله: (( وتعاونوا )) أمر إيجاب فيما يجب واستحباب فيما يستحب، وكذلك في التقوى أمر إيجاب فيما يحرم وأمر استحباب فيما يكره، وأما الدليل الثاني في التعاون على البر والتقوى فهو ما ذكره المؤلف رحمه الله من سياق سورة العصر حيث قال الله تعالى: (( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر )) فأقسم الله تعالى بالعصر الذي هو الزمن، وإنما أقسم الله به لأن الزمن هو وعاء الأعمال، والناس فيه منهم من يملؤه خيرًا ومنهم من يملؤه شرًّا والعياذ بالله، فأقسم بالعصر لمناسبة المقسم به للمقسم عليه وهو أعمال العباد، فقال: (( إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ )) الإنسان عام يشمل كل إنسان من مؤمن وكافر وعدل وفاسق وذكر وأنثى، كل الإنسان في خسر خاسر كل عمله خسران عليه، تعب في الدنيا وعدم فائدة في الآخرة إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة: (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر )) فأصلحوا أنفسهم بالإيمان والعمل الصالح وأصلحوا غيرهم بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فالإيمان هو الإيمان بكل ما يجب الإيمان به مما أخبر الله به ورسوله، وقد بينه الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) ستة أركان، وأما عمل الصالحات فهو عمل كل ما يقرب إلى الله، ولا يكون العمل صالحًا إلا بشرطين هما: الإخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسوله، الإخلاص لله بمعنى ألا تقصد بعملك هذا عباد الله لا تقصد بعملك هذا عباد الله ألا تقصد بعملك عباد الله لا تقصد إلا وجه الله والدار الآخرة، وأما المتابعة: فهي المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم بحيث لا تأتي ببدعة ، لأن البدعة وإن أخلص الإنسان فيها مردودة ( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ) والعبادة التي فيها الاتباع لكنها فيها رياء مردودة أيضًا لقوله تعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ) وهو حديث قدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) هذا الصالحات ما كان خالصًا لله موافق لشريعة الله، وأما قوله: (( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ )) يعني أن بعضهم يوصي بعضًا بالحق وهو ما جاءت به الرسل (( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر )) عليه لأن النفس تحتاج إلى صبر لفعل الطاعات وترك المحرمات، قال الشافعي رحمه الله: " لو لم ينزل الله على عباده سورة غير هذه السورة لكفتهم " لأنها جامعة مانعة، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المؤمنين العاملين الصالحات المتواصين بالحق المتواصين بالصبر إنه سميع قريب.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى بني لحيان من هذيل فقال ( لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا ) متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثًا إلى بني لحيان من هذيل فقال: لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى بني لحيان من هذيل فقال ( لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب باب التعاون على البر والتقوى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا ) وهذا من التعاون على البر والتقوى، إذا جهز الإنسان غازيًا يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، ثلاثة أشياء: الراحلة والمتاع والسلاح، إذا جهزه بذلك فقد غزا، أي: كتب له أجر الغازي لأنه أعانه على الخير، وكذلك من خلفه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أن الغازي أراد أن يغزو ولكنه أشكل عليه أهله من يكون عندهم، فانتدب رجلًا من المسلمين وقال أنا أخلفك في أهلك بخير، فإن هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي أجر الغازي لأنه أعانه، إذًا فإعانة الغازي تكون على وجهين: الوجه الأول: أن يعينه في رحله ومتاعه وسلاحه، والثاني: أن يعينه في كونه خلفًا عنه في أهله، لأن هذا من أكبر العون، فإن كثيرًا من الناس يشكل عليه من يكون عند أهله من يقوم بحاجتهم، فإذا قام هذا الرجل بحاجة أهله وخلفه فيهم بخير فقد غزا، ومن ذلك: ما جرى لعلي بن أبي طالب رضي الله حين خلفه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك خلفه في أهله فقال: ( يا رسول الله أتدعني مع النساء والصبيان؟ فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) يعني: أن أخلفك في أهلي كما خلف موسى هارون في قومه حينما ذهب إلى ميقات ربه، ويؤخذ من هذا من هذا المثال مثال الغازي أن كل من أعان شخصًا في طاعة فله مثل أجره، فإذا أعنت طالب علم في شراء الكتب له أو تأمين السكن أو النفقة أو ما أشبه ذلك فإن لك أجرًا أي مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئًا وهكذا، أيضًا لو أعنت مصليًا على تسهيل مهمته في صلاته في مكانه في ثيابه في وضوئه في أي شيء فإنه يكتب لك في ذلك أجر، القاعدة العامة: أن من أعان شخصًا على طاعة من طاعات الله كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال ( من القوم ؟ ) قالوا: المسلمون فقالوا من أنت ؟ قال ( رسول الله ) فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال ( نعم ولك أجر ) رواه مسلم . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين ) متفق عليه ... " .
القارئ : " عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيًّا فقالت ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر ) رواه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملًا موفرًا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين ) متفق عليه. وفي رواية: ( الذي يعطي ما أمر به ) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال ( من القوم ؟ ) قالوا: المسلمون فقالوا من أنت ؟ قال ( رسول الله ) فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال ( نعم ولك أجر ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا بالروحاء، والروحاء مكان بين مكة والمدينة، وكان هذا في حجة الوداع، فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فمن أنت؟ قال: أنا رسول الله ) صلى الله عليه وسلم ( فرفعت إليه امرأة صبيًا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر ) رواه مسلم، ففي هذا الحديث من الفوائد ما ساقه المؤلف من أجله، وهو أن من أعان شخصًا على طاعة فله أجره، لأن هذه المرأة سوف تقوم برعاية ولدها إذا أحرم في الطواف والسعي والوقوف وكل شيء، قال: ( له حج ولك أجر ) وهذا كالذي سبق فيمن جهز غازيًا أو خلفه في أهله، فإنه يكون له أجر الغازي، وفي هذا الحديث من الفوائد: أن الإنسان ينبغي له أن يسأل عمن يجهله إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل: ( من القوم؟ ) يخشى أن يكونوا من العدو فيخونوا ويغدروا، أما إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك فلا حاجة أن تسأل عن الشخص فتقول: من أنت؟ لأن هذا قد يكون داخلًا فيما لا يعنيك و( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) لكن إذا دعت الحاجة فاسأل حتى تكون على بينة من الأمر وعلى بصيرة، وفي هذا دليل أيضًا في هذا الحديث دليل على أن وصف الإنسان نفسه بالصفات الحميدة إذا لم يقصد الفخر وإنما قصد التعريف لا بأس به، لأن الصحابة هؤلاء قالوا: المسلمون، لما سأل: ( من أنتم؟ ) والإسلام لا شك أنه وصف مدح، لكن إذا أخبر الإنسان به عن نفسه فقال: أنا مسلم أنا مؤمن وما أشبه ذلك لمجرد الخبر لا من أجل الافتخار فإن ذلك لا بأس به، وكذلك لو قاله على سبيل التحدث بنعمة الله، لو قال: الحمد لله الذي جعلني من المسلمين وما أشبه ذلك فإنه لا بأس به، بل قد يكون محمودًا إذا لم يحصل فيه محظور، ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا وصف نفسه بصفة هي فيه بدون فخر فإنه لا يعد هذا من باب مدح النفس والتزكية للنفس الذي نهى عنه في قوله: (( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) وفيه دليل أيضًا على أن الإنسان ينبغي له أن يغتنم وجود العالم، لأن هؤلاء القوم لما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله جعلوا يسألونه، فينبغي للإنسان أن يغتنم فرصة وجود العالم من أجل أن يسأله عما يشكل عليه، ومن فوائده أيضًا: أن الصبي إذا حج به ولِيُّه فله أجر، والحج يكون للصبي لا للولي، وقد اشتهر عند عامة الناس أن الصبي يكون حجه لوالديه، وهذا لا أصل له، بل حج الصبي له لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لما قالت له المرأة؟ ألهذا حج؟ نعم قال: نعم ولك أجر ) فالحج له، وليُعلم أن الصبي بل كل من دون البلوغ يكتب له الأجر ولا يكتب عليه الوزر، واستدل بعض العلماء بقوله: ( نعم له حج ) أنه إذا أحرم الصبي لزمه جميع لوازم الحج يعني يلزمه الطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة وبمنى ورمي الجمرات، يفعل ما يقدر عليه وما لا يقدر عليه يُفعل عنه إلا الطواف والسعي فإنه يطاف ويسعى به، وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يتحلل الصبي ولو بدون سبب، لأنه قد رفع عنه القلم وليس بمكلف، ولا يقال إن نفل الحج كفرضه لا يجوز الخروج منه وهذا الصبي متنفل فلا يجوز له أن يخرج، لأن أصل الصبي من غير المكلفين فلا نلزمه بشيء وهو غير مكلف، وهذا هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن الصبي لا يلزم بإتمام الحج ولا بواجبات الحج ولا باجتناب محظوراته، وأن ما جاء منه قُبل وما تخلف لا يسأل عنه، وهذا يقع كثيرًا من الناس الآن يحرمون بصبيانهم ثم يتعب الصبي ويأبى أن يكمل يخلع إحرامه يقول أبدًا أنا ما أتم، فعلى مذهب جمهور العلماء لا بد أن نلزمه بالإتمام، وعلى مذهب أبي حنيفة وهو الذي مال إليه صاحب الفروع رحمه الله من أصحاب الإمام أحمد ومن تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يلزم لأنه ليس أهلًا للتكليف، وفي هذا الحديث في هذا الحديث أيضًا ما يدل على أن الصبي وإن كان غير مميز فإنه يصح منه الحج، ولكن كيف تصح نيته وهو غير مميز؟ قال العلماء: ينوي عنه وليه ينوي بقلبه أنه أدخله في الإحرام ويفعل وليه كل ما يفعل كل ما يعجز عنه.
فائدة : هل يجب على من دخل في الحج أن يطوف بنية ويسعى بنية أخرى منفصلة ويرمي بنية أخرى ... ؟
الشيخ : وبهذه المناسبة نود أن نبين هل يجب على من دخل في الحج أن ينوي الطواف بنية مستقلة والسعي بنية مستقلة والرمي كذلك أو لا يشترط؟ هذا المسألة فيها خلاف بين العلماء، من العلماء من قال: إذا أحرم الإنسان بالحج وطاف وسعى على النية الأولى يعني لم يجدد نية عند الطواف ولا عند السعي فإن حجه صحيح، قال تعليلًا لقوله: إن الطواف والسعي والوقوف والرمي والمبيت كلها أجزاء من عبادة فتكفي النية الأولى، كما أن الإنسان إذا صلى ونوى عند الدخول في الصلاة أنه دخل في الصلاة فإنه لا يلزمه أن ينوي الركوع ولا السجود ولا القيام ولا القعود، لأنها أجزاء من العبادة فكذلك الحج، وهذا القول ينبغي أن يفتى به عند الضرورة، يعني لو جاءك مستفتي يستفتي يقول: أنا دخلت المسجد الحرام وطفت وفي تلك الساعة ما عندي نية، فهنا ينبغي أن يفتى بأنه لا شيء عليه وأن طوافه صحيح، أما عند السعة فينبغي أن يقال: إنك إذا نويت أحسن، وهو على كل حال لا بد أن ينوي الطواف ولكن أحيانًا يغيب عن ذهنه أنه طواف الركن ولا طواف التطوع وما أشبه ذلك، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين ) متفق عليه ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملًا موفرًا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين ) متفق عليه ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الخازم المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه لمن أمر له به كاملًا موفرًا طيبة به نفسه أحد المتصدقين ) الخازن مبتدأ، وأحد المتصدقين خبره، يعني أن الخازن الذي جمع هذه الأوصاف الثلاثة: المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فهو مسلم احترازًا من الكافر، فالخازن إذا كان كافرًا وإن كان أمينًا وينفذ ما أمر به ليس له أجر، لأن الكفار لا أجر لهم في الآخرة فيما عملوا من الخير، قال الله تعالى: (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً )) وقال تعالى: (( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) أما إذا عمل خيرًا ثم أسلم فإنه يسلم على ما أسلف من خير، ويعطى أجره، الخازن المسلم، الوصف الثاني: الأمين يعني الذي أدى ما ائتمن عليه فحفظ المال ولم يفسده ولم يفرط فيه ولم يتعد فيه، الوصف الثالث: الذي ينفذ ما أمر به يعني يفعل، لأن من الناس من يكون أمينًا لكنه متكاسل فهذا أمين ومنفذ، يفعل فيجمع بين القوة والأمانة، هذا أيضًا فيه وصف رابع: أن تكون طيبة به نفسه، إذا نفذ وأعطى ما أمر به أعطاه وهو طيبة به نفسه، أعطاه وهو طيبة به نفسه، يعني لا يمن على المعطى أو يظهر أن له فضلًا عليه بل يعطيه طيبة بها نفسه، هذا يكون أحد المتصدقين، مع أنه لم يدفع من ماله فلسًا واحدًا، مثال ذلك: رجل عنده مال، وكان أمين الصندوق صندوق المال مسلمًا أمينًا ينفذ ما أمره به، ويعطيه صاحبه طيبة به نفسه، فإذا قال له صاحب الصندوق: يا فلان أعط هذا الفقير عشرة آلاف ريال، فأعطاه على الوصف الذي قال النبي صلي الله عليه وسلم فإنه يكون كالذي تصدق بعشرة آلاف ريال من غير أن ينقص من أجر المتصدق شيء، ولكنه فضل من الله عز وجل، ففي هذا الحديث دليل على فضل الأمانة وعلى فضل التنفيذ فيما وكل فيه وعدم التفريط فيه، ودليل على أن التعاون على البر والتقوى يكتب لمن أعان مثل ما يكتب لمن فعل، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب النصيحة . قال تعالى (( إنما المؤمنون إخوة )) وقال تعالى إخبارا عن نوح صلى الله عليه وسلم (( وأنصح لكم )) وعن هود صلى الله عليه وسلم (( وأنا لكم ناصح أمين )) ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى: " باب في النصيحة، قال الله تعالى: (( إنما المؤمنون إخوة )) وقال تعالى إخبارًا عن نوح صلى الله عليه وسلم: (( وأنصح لكم )) وعن هود: (( وأنا لكم ناصح أمين )) ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب النصيحة . قال تعالى (( إنما المؤمنون إخوة )) وقال تعالى إخبارا عن نوح صلى الله عليه وسلم (( وأنصح لكم )) وعن هود صلى الله عليه وسلم (( وأنا لكم ناصح أمين )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى: " باب النصيحة " النصيحة هي بذل النصح للغير، والنصح معناه أن الشخص يحب لأخيه الخير ويدعوه إليه ويبينه له ويرغبه فيه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة فقال: ( الدين النصيحة ) ثلاث مرات ( قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولأئمة المسلمين ولعامتهم ) وضد النصيحة: المكر والغش والخيانة والخديعة، ثم صدر المؤلف هذا الباب بثلاث آيات، الآية الأولى قوله تعالى: (( إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ )) وإذا ثبتت هذه الجملة في المؤمنين فإنه أي إذا تحققوا واتصفوا بها، فإنهم لا بد أن تكون هذه الأخوة مثمرة للنصيحة، والواجب على المؤمنين أن يكونوا كما قال الله عز وجل أن يكونوا إخوة (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ )) وهم إخوة في الدِّين، والأخوة في الدين أقوى من الأخوة في النسب، بل إن الأخوة في النسب مع عدم الدِّين ليست بشيء، ولهذا قال الله عز وجل لنوح لما قال: (( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ )) قال تعالى: (( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )) أما المؤمنون فإنهم وإن تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم فإنهم إخوة مهما كان، والأخ لا بد أن يكون ناصحًا لأخيه مبديًا له الخير مبينًا ذلك له داعيًا له، أما الآية الثانية: فهي قول نوح وهو أول الرسل (( وَأَنْصَحُ لَكُمْ )) يقوله لقومه حين دعاهم إلى الله عز وجل، قال لهم: (( وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تعلمون )).