شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب النصيحة . قال تعالى (( إنما المؤمنون إخوة )) وقال تعالى إخبارا عن نوح صلى الله عليه وسلم (( وأنصح لكم )) وعن هود صلى الله عليه وسلم (( وأنا لكم ناصح أمين )) ... " .
1 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب النصيحة . قال تعالى (( إنما المؤمنون إخوة )) وقال تعالى إخبارا عن نوح صلى الله عليه وسلم (( وأنصح لكم )) وعن هود صلى الله عليه وسلم (( وأنا لكم ناصح أمين )) ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم . وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " .
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) متفق عليه.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ".
2 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم . وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . رواه مسلم .
" هربوا من الرِّق الذي خلقوا له *** وبلوا برِقِّ النفس والشيطان "
هربوا من الرق الذي خلقوا له ما هو الرق الذي خلقنا له؟ عبادة الله (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) لكن هربوا من هذا الرِّق الذي هو كمال الحرية وكمال السعادة إلى رِقِّ النفس والشيطان، والنفس نعوذ بالله من شرها النفس تسترق الإنسان وتملي عليه الهوى فيكون خاضعًا لهواها، وإذا غلب الهوى زال العقل إذا غلب الهوى زال العقل، وكما قال الشاعر:
" سكرانِ سكرُ هوى وسكرُ مدامة *** فمتى إفاقة من به سكَرَان "
يصف شخصًا يشرب الخمر والعياذ بالله فيقول: إنه فيه سكرين يقول إن فيه سكرين سكر الهوى وسكر المدامة فمتى إفاقة من به سكَرَان؟ لا يرجى له إفاقة، فالحاصل أن الإنسان يتعبد لله عز وجل لا للنفس ولا للشيطان، حتى يتحرر من القيود التي تضره ولا تنفعه، من النصيحة لله عز وجل: أن يكون باثًّا دين الله في عباد الله لأن هذا مقام الرسل، الرسل كلهم دعاة إلى الله يدعون الناس إلى الله عز وجل كما قال الله تعالى عنهم: (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ )) أي: من الأمة (( مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ )) نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم ".
3 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم ".
4 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
سبق الكلام على جملتين من هذا الحديث وهما: النصيحة لله والنصيحة لكتاب الله، أما الثالث بل أما الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولرسوله ) النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تتضمن أشياء: الأول: الإيمان التام برسالته وأن الله سبحانه وتعالى أرسله إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم بل إنسهم وجِنهم، قال الله عز وجل: (( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً )) وقال تعالى : (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً )) للعالمين، وقال تعالى: (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) والآيات في هذا كثيرة فتؤمن بأن محمدًا رسول الله إلى جميع الخلق من جن وإنس، ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تصديق خبره وأنه صادق مصدوق، صادق فيما يخبر به مصدوق فيما أخبر به من الوحي، فما كذَب ولا كذّب عليه الصلاة والسلام، ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الاتباع صدق الاتباع له بحيث لا تتجاوز شريعته ولا تنقص عنها، تجعله إمامك في جميع العبادات فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام هذه الأمة وهو متبوعها، ولا يحل لأحد أن يتبع سواه إلا من كان واسطة بينه وبين الرسول بحيث يكون عنده من علم السنة ما ليس عندك، فحينئذ لا حرج أن تتبع هذا الرجل بشرط أن تكون معتقدًا بأنه واسطة بينك وبين الشريعة لا أنه مستقل، لأنه لا أحد يستقل بالتشريع إلا الرسول عليه الصلاة والسلام بأمر الله، أما من سواه فهو مبلغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( بلغوا عني ولو آية ) ( بلغوا عني ولو آية ) ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الذب عن شريعته وحمايتها، فالذب عنها بأن لا ينتقصها أحد، الذب عنها بأن لا يزيد فيها أحد ما ليس منها، فتحارب أهل البدع القولية والفعلية والعقدية، لأن البدع كلها باب واحد، كلها حقل واحد، كلها ضلالة ،كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة ) لا يستثنى من هذا بدعة قولية ولا فعلية ولا عقدية، كل ما خالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام وما جاء به في العقيدة أو في القول أو في العمل فهو بدعة، فمن النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام أن تحارب أهل البدع بمثل ما يحاربون به السنة، إن حاربوا بالقول فبالقول، وإن حاربوا بالفعل فبالفعل جزاءً وفاقًا، لأن هذا من النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن النصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم احترام أصحابه وتعظيمهم ومحبتهم، لأن صَحْب الإنسان لا شك أنهم خاصته من الناس وأخص الناس به، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم خير القرون، لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سبّ الصحابة أو أبغضهم أو لمزهم أو أشار إلى شي يبهتهم فيه فإنه لم ينصح للرسول صلى الله عليه وسلم، وإن زعم أنه ناصح للرسول فهو كاذب، كيف تسب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتبغضهم وأنت تحب الرسول وتنصح له؟ وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) فإذا كان أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يسبهم الساب المفتري الكذاب فإنه في الحقيقة قد سبّ الرسول عليه الصلاة والسلام ولم ينصح له، بل هو في الحقيقة قدح في الشريعة لأن حملة الشريعة إلينا هم الصحابة رضي الله عنهم، فإذا كانوا أهلًا للسبّ والقدح لم يوثق بالشريعة، لأن نقلتها أهل ذم وقدح بل إن سبّ الصحابة سبّ لله عز وجل نسأل الله العافية، وقدح في حكمته أن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ولحمل دينه من هم أهل للذم والقدح، إذًا من النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام محبة أصحابه واحترامهم وتعظيمهم فهذا من الدِّين، فصار النصح للرسول عليه الصلاة والسلام يتضمن هذه الأمور كلها، والله أعلم.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم ".
5 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . رواه مسلم .
سبق الكلام على هذا الحديث العظيم الذي حصر النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة فيه سبق الكلام على النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، الرابع قال: ( ولأئمة المسلمين ) الأئمة جمع إمام، والمراد بالإمام من يقتدى به ويؤتمر بأمره وينقسم إلى قسمين: إمامة في الدين، وإمامة في السلطة الإمامة في الدين هي بيد العلماء، العلماء هم أئمة الدين الذين يقودون الناس بكتاب الله ويهدونهم إليه ويدلونهم على شريعته، قال الله تبارك وتعالى في دعاء عباد الرحمن: (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )) هم ما سألوا الله السلطة، إمامة السلطة والإمارة سألوا الله إمامة الدين، لأنهم -أي: عباد الرحمن- لا يريدون السلطة على الناس، ولا يطلبون الإمارة، بل قد قال الرسول عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه: ( لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها ) لكنهم يسألون إمامة الدين التي قالهم الله عنها: (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ )) فقال: (( أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا )) النصح لأئمة المسلمين إمامة الدين والعلم هو أن الإنسان يحرص على تلقي ما عندهم من العلم، فإنهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أمته، فيحرص على تلقي العلم منهم بكل وسيلة، والوسائل في وقتنا ولله الحمد كثرت كتابة وتسجيل وتلقي وغير ذلك، الوسائل والحمد لله الآن كثيرة فليحرص على تلقي العلم من العلماء، وليكن تلقيه على وجه التأني لا على وجه التسرع، لأن الإنسان إذا تسرع في تلقي العلم فربما يتلقاه على غير ما ألقاه إليه شيخه، وقد أدب الله النبي عليه الصلاة والسلام هذا الأدب فقال تعالى: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ )) لأن النبي صلى الله وعليه وسلم كان يبادر جبريل عليه السلام إذا ألقى عليه القرآن يبادره فيقرأ، فقال الله تعالى: (( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )) يعني اسكت لا تحرك اللسان ولا سرًّا حتى ينتهي جبريل من القراءة، ثم بعد ذلك اقرأه (( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )) تكفل الرب عز وجل ببيانه يعني أنك لن تنساه، مع أن المتوقع أن الإنسان إذا سكت حتى ينتهي الملقي من إلقائه ربما ينسى بعض الجمل، لكن قال الله عز وجل: (( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )) ومن النصح أيضًا لعلماء المسلمين: أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم وزلاتهم وما يخطئون فيه لأنهم غير معصومين قد يزلون وقد يخطئون ( وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) ولاسيما من يتلقى العلم فإنه يجب أن يكون أبلغ الناس في درء أو في في تحمل الأخطاء التي يخطئ بها شيخه وينبهه عليها، كم من إنسان انتفع من تلاميذه ينبهونه على بعض الشيء على الخطأ العلمي على الخطأ العملي على أخطاء كثيرة، لأن الإنسان بشر لكن أهم شيء ألا يكون حريصًا على تلقي الزلات، فإنه جاء في الحديث: ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه فضحه الله ولو في بيت أمه ) هذا وهم مسلمون عامة، فيكف بالعلماء؟ إن الذين يلتقطون زلات العلماء ليشيعوها ليسوا مسيئين إلى العلماء شخصيًّا بل مسيئون إلى لعلماء شخصيًّا ومسيئون إلى علمهم الذي يحملونه، ومسيئون إلى الشريعة التي تتلقى من جهتهم، لأن العلماء إذا لم يثق الناس فيهم وإذا اطلعوا على عوراتهم التي قد لا تكون عورات إلا على حسب نظر هذا المغرض، فإنهم تقل ثقتهم بالعلماء وبما عندهم من العلم، فيكون في هذا جناية على الشرع الذي يحملونه من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك من نصيحتك لأئمة المسلمين من أهل العلم أن تدافع عن عوراتهم وأن تسترها ما استطعت وأن لا تسكت، نبّه نبّه العالم ابحث معه اسأله ربما ينقل عنه أشياء غير صحيحة، نقل عنا وعن غيرنا أشياء غير صحيحة، لكن الناس نسأل الله العافية إذا كان لهم هوى وأحبوا شيئًا وعرفوا أحدًا من أهل العلم يقبل الناس قوله نسبوه لهذا العالم، قال فلان قال فلان ثم إذا سألت نفس الذي نسب إليه القول قال أبدًا ما قلت كذا، وقد يخطئ السائل مثلًا في صيغة السؤال فيجيب العالم على قدر السؤال ويفهمه السائل على حسب ما في نفسه، فيحصل الخطأ وقد يجيب العالم بالصواب بعد فهم السؤال لكن يفهمه السائل على غير وجهه فيخطئ في النقل، المهم على كل حال من النصيحة لأئمة المسلمين في العلم والدين أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم بل أن يلتمس العذر لهم، بل أن يلتمس العذر لهم ويتصل بهم، لا مانع اتصل اتصل قل سمعت عنك كذا وكذا هل هذا صحيح؟ إذا قال: نعم، قل: والله أنا أظن أن هذا خطأ وغلطًا حتى يبين لك ربما يشرح شيئًا لا تعرفه أنت وتظن أنه أخطأ فيه، وربما يكون قد خفي عليه شيء فتنبهه أنت وتكون مشكورًا على هذا، وقد قال أول إمام في الدين والسلطة في هذه الأمة بعد الرسول عليه الصلاة والسلام أبو بكر رضي الله عنه حين خطب أول خطبة قال للناس وهو يخطبهم يعني يتحدث عن نفسه: ( إن اعوججت فأقيموني ) ( إن اعوججت فأقيموني ) يعني الإنسان بشر، قوّم أخاك ولاسيما أهل العلم، لأن العالم خطره عظيم، خطره عظيم الخطر الزللي والخطر الرفيع، لأن كلمة الخطر تكون للعلو وللنزول خطره عظيم إن أصاب هدى الله على أمته خلقًا كثيرًا، وإن أخطأ ضل على يده خلق كثير، فزلة العالم من أعظم الزلات، ولهذا أقول: يجب أن نحمي أعراض علمائنا، أن نحميها وأن ندافع عنهم وأن نلتمس العذر لأخطائهم، ولا يمنع هذا أن نتصل بهم وأن نسألهم وأن نبحث معهم وأن نناقشهم لا مانع حتى نكون مخلصين ناصحين لأئمة المسلمين، النوع الثاني من أئمة المسلمين: أئمة السلطة وهم الأمراء، والأمراء في الغالب أكثر خطأ من العلماء لأنه لسلطته قد تأخذه العزة بالإثم فيريد أن يفرض سلطته على الصواب والخطأ، فالغالب من أئمة المسلمين في السلطة وهم الأمراء الغالب أن الخطأ فيهم كثير أكثر من العلماء إلا من شاء الله، النصيحة لهم: هي أن نكف عن مساوئهم وأن لا ننشرها بين الناس، وأن نبذل لهم النصيحة ما استطعنا بالمباشرة إن كنا نستطيع أن نباشرهم، أو بالكتابة إذا كنا لا نستطيع، أو بالاتصال بمن يتصل بهم إذا كنا لا نستطيع ولا الكتابة أحيانًا لا يستطيع الإنسان ولا الكتابة، لو كتب لم تصل إلى المسؤول، فيتصل بأحد يتصل بالمسؤول وينبهه هذا من النصح، أما النشر نشر مساوئهم فليس فيه عدوان شخصي عليهم فقط، بل هو عدوان شخصي عليهم وعلى الأمة جميعًا، لأن الأمة إذا امتلأت صدورها من الحقد على ولاة أمورها عصت الولاة ونابذتهم، وحينئذ تحصل الفوضى ويسود الخوف ويزول الأمن، فإذا بقيت هيبة ولاة الأمور في الصدور صار لهم هيبة وحميت أوامرهم ونظمهم التي لا تخالف الشريعة، فالمهم أن أئمة المسلمين تشمل النوعين أئمة الدين وهم العلماء وأئمة السلطان وهم الأمراء وإن شئت فقل أئمة البيان وأئمة السلطان، أئمة البيان وهم العلماء الذين يبينون للناس، وأئمة السلطان وهم الأمراء الذين ينفذون شريعة الله بقوة السلطان، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا الحديث.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم ".
6 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
تقدم الكلام على أكثر هذا الحديث على قوله صلى الله عليه وسلم في بيان النصيحة: ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ) وبينا أن أئمة المسلمين تشمل أئمة العلم والبيان وهم العلماء، وأئمة القوة والسلطان وهم الأمراء، كلهم يجب علينا أن نناصحهم وأن نحرص على بذل النصيحة لهم في الدفاع عنهم وستر معايبهم، وعلى أن نكون معهم إذا أخطؤوا ببيان ذلك الخطأ لهم بيننا وبينهم، لأنه ربما نعتقد أن هذا العالم مخطئ أو أن هذا الأمير مخطئ، وإذا ناقشناه تبين لنا أنه غير مخطئ، كما يقع هذا كثيرًا، كذلك أيضًا ربما تنقل لنا الأشياء عن العالم أو عن الأمير على غير وجهها إما لسوء القصد من الناقل، الآن بعض الناس والعياذ بالله يحب التشهير تشهير السوء بالعلماء وبالأمراء فيكون سيء القصد ينقل عليهم ما لا يقولون وينسب إليهم ما لا يفعلون، فلا بد إذا سمعنا عن عالم أو عن أمير ما نرى أنه خطأ لا بد من تمام النصيحة في تمام النصيحة من الاتصال به ومناقشته وبيان الأمر وتبينه حتى نكون على بصيرة، أما أما آخر الحديث فيقول: ( وعامتهم ) يعني النصح لعامة المسلمين، وقدم الأئمة على العامة، لأن الأئمة إذا صلحوا صلحت العامة، إذا صلح الأمراء صلحت العامة، إذا صلح العلماء صلحت العامة، ولذلك بدأ بهم، وليعلم أن أئمة المسلمين لا يراد بهم الأئمة الذين لهم الإمامة العظمى، ولكن يراد به ما هو أعم، فكل من له إمرة ولو في مدرسة فإنه يعتبر من أئمة المسلمين إذا نوصح وصلح صلح من تحت يده، النصيحة لعامة المسلمين بأن تحب لهم ما تحب لنفسك، وأن ترشدهم إلى الخير، وأن تهديهم إلى الحق إذا ضلوا عنه، وأن تذكرهم به إذا نسوه، وأن تجعلهم لك بمنزلة الإخوة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( المسلم أخو المسلم ) وقال: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ) وقال: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) فأنت إذا أحسست بألم في أطرف شيء من أعضائك كان هذا الألم يسري على جميع البدن، كذلك ينبغي أن تكون للمسلمين هكذا، إذا اشتكى أحد من المسلمين فكأنما الأمر يرجع إليك أنت، وليعلم أن النصيحة هي مخاطبة الإنسان سرًّا بينك وبينه، لأنك إذا نصحته سرًّا بينك وبينه أثرت في نفسه وعلم أنك ناصح، لكن إذا تكلمت أمام الناس عليه فإنه قد تأخذه العزة بالإثم فلا يقبل النصيحة، وقد يظن أنك إنما تريد الانتقام منه وتوبيخه وحط منزلته بين الناس فلا يقبل، لكن إذا كان سرًّا بينك وبينه صار لها ميزان كبير عنده وقيمة وقبل منك، والله المسؤول أن يوفقنا جميعًا وإياكم لما يحب ويرضى.
7 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " .
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ".
8 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " .
قال رحمه الله تعالى فيما ذكره من الأحاديث في باب وجوب النصيحة عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: ( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) هذه ثلاثة أشياء حق محض لله، وحق للآدمي محض، وحق مشترك، أما الحق المحض لله فهو قوله: ( إقام الصلاة ) ومعنى ( إقام الصلاة ) أن يأتي بها الإنسان مستقيمة على الوجه المطلوب فيحافظ عليها في أوقاتها ويقوم بأركانها وواجباتها وشروطها ويتمم ذلك بمستحباتها، ومن هذا بالنسبة للرجال إقامة الصلاة في الجماعة في المساجد مع الجماعة، فإن هذا من إقامة الصلاة ومن تخلف عن الجماعة بلا عذر فهو آثم، بل هو عند بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا صلى بدون عذر مع غير الجماعة فصلاته باطلة مردودة عليه لا تقبل منه، ولكن الجمهور وهو الصحيح أنها تصح مع الإثم، هذا هو الصحيح أن من ترك صلاة الجماعة بلا عذر فصلاته صحيحة، لكنه آثم هذا هو القول الراجح وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد وهو الذي عليه جمهور من قالوا بوجوب صلاة الجماعة، ومن إقامة الجماعة إقامة الصلاة: الخشوع فيها والخشوع حضور القلب وتأمله لما يقوله المصلي وما يفعله، وهو أمر مهم لأن الصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح، إذا صليت وقلبك يجول في كل وادي فإنك تصلي حركات بدنية فقط، فإذا كان قلبك حاضرًا تشعر بأنك بين يدي الله عز وجل تناجيه بكلامه وتتقرب إليه بذكره ودعائه فهذا هو لب الصلاة روحها، وأما قوله: ( إيتاء الزكاة ) إيتاء الزكاة يعني إعطاءها لمستحقيها، وهذه جامعة بين حق الله وحق العباد، أما كونها حقًّا لله فلأن الله فرض على عباده الزكاة وجعلها من أركان الإسلام، وأما كونها حقًّا للآدمي فلما فيها من قضاء حوائج المحتاجين والمحوجين وغير ذلك من المصالح المعلومة في معرفة أهل الزكاة، وأما قوله: ( النصح لكل مسلم ) فهذا هو الشاهد من الحديث للباب، أي: أن ينصح لكل مسلم قريب أو بعيد صغير أو كبير ذكر أو أنثى، وكيفية النصح لكل مسلم ما ذكره في حديث أنس: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) هذه النصيحة أن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك، بحيث يسرك ما يسرهم ويسوؤك ما يسوؤهم، وتعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، والباب هذا واسع كبير جدًّا، فنفى النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه في كل شيء، ونفي الإيمان قال العلماء: المراد به نفي الإيمان الكامل، يعني: لا يكمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وليس المراد انتفاء الإيمان بالكلية ( ويذكر أن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه حين بايع النبي عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم أنه اشترى فرسًا من شخص بدراهم فلما اشتراه -أظنه بمئتي درهم- اشتراه وذهب به وجد أنه يساوي أكثر فرجع إلى البائع وقال له: إن فرسك يساوي أكثر، فأعطاه ما يرى أنها قيمته، ثم انصرف وجرب الفرس فإذا هو يساوي أكثر مما أعطاه أخيرًا، فرجع إليه فقال له: إن فرسك يساوي أكثر ).
9 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . متفق عليه . عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ