شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية حذيفة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع ) قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم قال ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة ) رواه مسلم ... " .
القارئ : قال رحمه الله تعالى فيما نقله: " عن أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية حذيفة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . سبق لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلًا للقائم في حدود الله والمتعدي فيها الواقع فيها بقوم على سفينة استهموا فكان بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، وكان الذين في أسفلها يستقون الماء من فوق فقالوا: أفلا نخرق يعني على الماء حتى لا نؤذي من فوقنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا وإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا ) وبينا أنه ينبغي للمعلِّم إذا كان المعنى المعقول بعيدًا عن التصور والأفهام أن يضرب مثلًا بالمحسوس، وفي هذا الحديث الذي ذكره المؤلف في درسنا اليوم أخبر عليه الصلاة والسلام أنه سيكون علينا أمراء يعني يولون علينا من قبل ولي الأمر، يكون فيهم ما نعرف وما ننكر، يعني أنهم لا يقيمون حدود الله ولا يستقيمون على أمر الله، تعرف منهم وتنكر وهم أمراء لولي الأمر الذي له البيعة ( فمن أنكر أو كره فقد سلم، ومن رضي وتابع ) يعني: فإنه يهلك كما هلكوا، ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ) فدل هذا على أنه على أنه أي الأمراء إذا رأينا منهم ما ننكر فإننا نكره ذلك وننكر عليهم، فإن اهتدوا فلنا ولهم، وإن لم يهتدوا فلنا وعليهم، وأنه لا يجوز أن نقاتل الأمراء الذين نرى منهم المنكر، لأن مقاتلتهم فيها شر كثير ويفوت بها خير كثير، لأنهم إذا قوتلوا أو نوبذوا لم يزدهم ذلك إلا شرًّا، فإنهم أمراء يرون أنفسهم فوق الناس، فإذا نابذهم الناس أو قاتلوهم ازداد شرهم.
فائدة : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ... ما أقاموا فيكم الصلاة ) فيه دليل على أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبرا مخرجا من الملة ، مع التفصيل في حكم تارك الصلاة .
الشيخ : إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم شرط ذلك بشرط قال: ( ما أقاموا فيكم الصلاة ) فدل هذا على أنه إذا لم يقيموا الصلاة فإننا نقاتلهم.
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية حذيفة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع ) قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم قال ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل على أن ترك الصلاة كفر، وذلك لأنه لا يجوز قتال ولاة الأمور إلا إذا رأينا كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان، فإذا أذن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقاتلهم إذا لم يقيموا الصلاة، دل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح عندنا فيه من الله برهان، وهذا هو القول الحق أن تارك الصلاة تركًا مطلقًا لا يصلي مع الجماعة ولا في بيته كافر كفرًا مخرجًا عن الملة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة في الجنة أو أنه مؤمن أو أنه ناج من النار أو ما أشبه ذلك، فالواجب إبقاء النصوص على عمومها في كفر تارك الصلاة، ولم يأت أحد بحجة تدل على أنه لا يكفر إلا حججًا لا تنفعهم، لأنها تنقسم إلى خمسة أقسام: إما أنه ليس فيها دليل أصلًا، وإما أنها مقيدة بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة، وإما أنها مقيدة بحال يعذر فيه من ترك الصلاة، وإما أنها عامة خصت بأحاديث بنصوص كفر تارك الصلاة، وإما أنها ضعيفة، فهذه خمسة أقسام لا تخلو أدلة من قال إنه لا يكفر منها أبدًا، فالصواب الذي لا شك فيه عندي أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجًا عن الملة وأنه أشد كفرا من اليهود والنصارى، لأن اليهود والنصارى يقرون على دينهم أما هو فلا يقر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول ( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي يليها فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ) متفق عليه ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . " ( لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه، وحلَّق بإصبعيه الإبهام والتي يليها، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث ) متفق عليه ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول ( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي يليها فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ) متفق عليه ... " .
الشيخ : فيما نقله عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها محمرًّا وجهه يقول: ( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب ) دخل عليها في هذه الصفة متغير اللون محمر الوجه يقول: ( لا إله إلا الله ) تحقيقًا للتوحيد وتثبيتًا له، لأن التوحيد هو القاعدة الذي تبنى عليه جميع الشرعية، قال الله تعالى: (( (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) وقال تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )) فتوحيد الله بالعبادة والمحبة والتعظيم والإنابة والتوكل والاستعانة والخشية وغير ذلك هو أساس الملة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا إله إلا الله ) في هذه الحال التي كان فيها فزعًا متغير اللون تثبيتًا للتوحيد وتطمينًا للقلوب، ثم حذر العرب فقال: ( ويل للعرب من شر قد اقترب ) وحذر العرب لأن العرب هم حاملو لواء الإسلام، فالله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم في الأميين في العرب: (( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) فبين النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوعيد للعرب لأنهم حاملوا لواء الإسلام ( من شر قد اقترب ) الشر هو الذي يحصل بيأجوج ومأجوج، ولهذا فسره قال: ( فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) وأشار بالسبابة والإبهام، يعني أنه جزء ضعيف ومع ذلك فإنه يهدد العرب، فالعرب الذين حملوا لواء الإسلام من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا يهددون من قبل يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض، كما قال الله تعالى عن ذي القرنين أنه قيل له: (( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض )) فهم أهل الشر وأهل الفساد، ثم قالت زينب: ( يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث ) الصالح لا يهلك سالم ناج لكن إذا كثر الخبث هلك الصالحون لقوله تعالى: (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) والخبث هنا يراد به شيئان: الأول: الأعمال الخبيثة، والثاني: البشر الخبيث، فإذا كثرت الأعمال الخبيثة السيئة في المجتمع ولو كانوا مسلمين فإنهم عرضوا أنفسهم للهلاك، وإذا كثر فيهم الكفار فقد عرضوا أنفسهم للهلاك أيضًا، ولهذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام من بقاء اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب حذر من ذلك فقال: ( أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) وقال في مرض موته: ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) وقال في آخر حياته: ( لئن بقيت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) أو قال: ( لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا ) هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام، ومع الأسف الشديد الآن الناس كأنما يتسابقون إلى جلب اليهود والنصارى والوثنيين إلى بلادنا للعمالة، ويدعي بعضهم أنهم أحسن من المسلمين أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا يلعب الشيطان في عقول بعض الناس حتى يفضل الكافر على المؤمن والله عز وجل يقول: (( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )) فالحذر الحذر، الحذر الحذر من استجلاب اليهود النصارى والوثنيين من البوذيين وغيرهم إلى هذه الجزيرة، لأنها جزيرة إسلام منها بدأ وإليها يعود، فكيف نجعل هؤلاء الخبث بين أظهرنا وفي أولادنا وفي أهلنا وفي مجتمعنا، هذا مؤذن بالهلاك ولابد، ولهذا من تأمل أحوالنا اليوم وقارن بينها وبين أحوالنا بالأمس وجد الفرق الكثير، وجد الفرق الكثير ولولا الناشئة الطيبة التي منَّ الله عليها بالالتزام ونسأل الله أن يثبتها عليه لولا هذا لرأيت شرًّا كثيرًا، ولكن لعل الله أن يرحمنا بعفوه ثم بهؤلاء الشباب الصالح الذين لهم نهضة طيبة، أدام الله عليهم فضله وأعاذنا وإياهم من الشيطان الرجيم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والجلوس في الطرقات ) فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) فقالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال ( غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفق عليه... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بُد، نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفق عليه ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والجلوس في الطرقات ) فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) فقالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال ( غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفق عليه... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والجلوس على الطرقات ) هذه الصيغة صيغة تحذير، يعني أحذركم من الجلوس على الطرقات، وذلك لأن الجلوس على الطرقات يؤدي إلى كشف عورات الناس الذاهب والراجع، وإلى النظر فيما معهم من الأغراض التي قد تكون خاصة لا يحبون أن يطلع عليه أحد، وربما يفضي أيضًا إلى الكلام والغيبة فيمن يمر، إذا مر من عندهم أحد أخذوا بعرضه، فالمهم أن الجلوس على الطرقات يؤدي إلى مفاسد، ولكن لما قال: ( إياكم والجلوس على الطرقات ) وحذرهم ( قالوا: يا رسول الله مجالسنا ما لنا منها بُد ) يعني نجلس ما لنا بد من المجالس نتحدث ويأنس بعضنا ببعض ويألف بعضنا بعضًا ويحصل في هذا خير، فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام أنهم مصممون على الجلوس قال: ( فإن أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) ولم يشدد عليهم عليه الصلاة والسلام، ولم يمنعهم من هذه الجلسات التي يتحدث بعضهم فيها إلى بعض ويألف بعضهم بعضًا ويأنس بعضهم ببعض، لم يشق عليهم في هذا وكان عليه الصلاة والسلام من صفته أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، فقال: ( إن أبيتم إلا المجلس ) يعني إلا الجلوس ( فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) خمسة أشياء غض البصر أن تغضوا أبصاركم عما يمر سواء كان رجلًا أو امرأة، لأن المرأة يجب غض البصر أو أن يغض الإنسان من بصره عنه، والرجل كذلك غض البصر عنه لا تحد النظر فيه حتى تنظر ما معه، وكانوا بالأول كان الناس بالأول يأتي الرجل بأغراض البيت يوميًّا فيحملها في يده ثم إذا مر بهؤلاء شاهدوها وقالوا: ما الذي معه؟ وما أشبه ذلك، وكانوا إلى حد غير بعيد إذا مر الرجل ومعه اللحمة لأهل بيته صاروا يتحدثون فلان اليوم جاب لأهله لحمة فلان جاب لهم كذا فلان جاب لهم كذا، فلهذا أمرهم بغض البصر غضوا البصر ( كف الأذى ) كف الأذى القولي والفعلي، أما الأذى القولي فأن يتكلموا على الإنسان إذا مر أو يتحدثون فيه بعد ذلك بالغيبة، والفعلي أن يضايقوه في الطريق بحيث يملؤون الطريق حتى يؤذوا المارة ولا يحصل المرور إلا بتعب ومشقة، الثالث قال: ( رد السلام ) إذا سلم أحد فردوا عليه السلام، هذا من حق الطريق، لأن السنة أن المار يسلم على من يسلم؟ على الجالس، فإذا كان السنة أن يسلم المار على الجالس فإذا سلم فرد السلام، الرابع: ( الأمر بالمعروف ) إذا رأيتم أحدًا مقصرًا سواء من المارين أو من غيرهم فمروه بالمعروف، والخامس: ( النهي عن المنكر ) إذا رأيتم أحدًا مر وهو يفعل المنكر مثل أن يمر وهو يشرب الدخان أو ما أشبه ذلك من المنكرات فانهوه عن ذلك فهذا حق الطريق، في هذا الحديث أن يحذر الإنسان أن يجلس على الطرقات فإن كان لا بد من ذلك فإنه يجب أن يعطي الطريق حقه، وحق الطريق خمسة أشياء بينها النبي عليه الصلاة والسلام وهي؟ ( غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) خمسة أشياء هذه حقوق الطريق لمن كان جالسًا فيه كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا، والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا وفي يده خاتم من ذهب، فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده وطرحه في الأرض وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده، فلما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ بخاتمك انتفع به، قال: والله لا آخذ خاتمًا طرحه النبي صلى الله عليه وسلم ) أتى المؤلف رحمه الله بهذا الحديث في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن فيه تغيير المنكر باليد، فإن لباس الرجل الذهب محرم ومنكر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير ( أحل لإناث أمتي وحرم على ذكورها ) فلا يجوز للرجل أن يلبس خاتمًا من ذهب، ولا أن يلبس قلادة من ذهب، ولا أن يلبس ثيابًا فيها أزرة من ذهب ولا غير ذلك، يجب أن يتجنب الذهب كله وذلك لأن الذهب إنما يلبسه من يحتاج إلى الزينة والتجمل كالمرأة تتجمل لزوجها حتى يرغب فيها، قال الله عز وجل: (( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )) يعني النساء، النساء ينشأن في الحلية ويربين عليها وهي في الخصام غير مبينة عييّة لا تفصح، على كل حال الذهب يحتاج إليه النساء للتجمل للأزواج، والرجل ليس بحاجة إلى ذلك، الرجل يتجمل له ولا يتجمل لغيره، اللهم إلا الرجل فيما بينه وبين زوجته كل يتجمل للآخر بما في ذلك من الإلفة، ولكن مهما كان فإن الرجل لا يجوز أن يلبس الذهب بأي حال من الأحوال.
الشيخ : وأما لباس الفضة فلا بأس به، يجوز أن يلبس الرجل خاتمًا من فضة ولكن بشرط ألا يكون هناك عقيدة كما يفعله بعض الناس الذين اعتادوا طبائع أو عادات النصارى في مسألة الدبلة، الدبلة يقولون: إن النصارى إذا أراد الرجل يتزوج جاء إليه القسيس بمنزلة العالم عند المسلمين وأخذ الخاتم ووضعه في أصابعه إصبعًا بعض إصبع حتى ينتهي إلى ما يريد، ثم يقول: هذا يعني الرباط بينك وبين زوجتك، فهو تشبه بالنصارى مصحوب بعقيدة باطلة، فلا يجوز للرجل أن يلبس هذه الدبلة، أما لو لبس خاتمًا عاديًّا بغير عقيدة فإن هذا لا بأس به.
فائدة : حكم لبس الخاتم للرجال . والحكمة من اتخاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - للخاتم .
الشيخ : وليس التختم من الأمور المستحبة، بل هو من الأمور الذي إذا دعت الحاجة إليها فعلت وإلا فلا تفعل، بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يلبس الخاتم، لكن لما قيل له إن الملوك والرؤساء الذين تكتب إليهم لا يقبلون الكتاب إلا بختم اتخذ خاتمًا ونقش في فصه محمد رسول الله، حتى إذا انتهى من الكتاب ختمه بهذا الخاتم.
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل على استعمال الشدة في تغيير المنكر إذا دعت الحاجة لذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له: إن الذهب حرام فلا تلبسه أو فاخلعه، بل هو بنفسه خلعه وطرحه بالأرض، وفيه أيضًا دليل على جواز إتلاف ما يكون به المنكر، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام طرحه، لما نزعه من يده ما قال خذه أعطه أهلك طرحه، ولهذا كان من فقه الرجل أنه لما قيل له: ( خذ خاتمك قال: لا آخذ خاتمًا طرحه النبي صلى الله عليه وسلم ) لأنه فهم أن هذا من باب التعزير وإتلاقه عليه لأنه حصلت به المعصية، والشيء الذي تحصل به المعصية أو ترك الواجب لا حرج على الإنسان أن يتلفه انتقامًا من نفسه لنفسه، كما فعل سليمان عليه الصلاة والسلام حين عرضت عليه الخيل الجياد ولهى بها حتى غربت الشمس فلهى بها عن صلاة العصر ثم دعا بها عليه الصلاة والسلام وجعل يضربها يعقرها ويقطع أعناقها (( طفق مسحًا بالسوق )) السوق جمع ساق (( والأعناق )) أتلفها انتقامًا من نفسه لرضا الله عز وجل، فإذا رأى الإنسان أن شيئًا من ماله ألهاه عن طاعة الله وأراد أن يتلفه انتقامًا لنفسه وتعزيرًا لها فإن ذلك لا بأس به، وفي هذا الحديث دليل على أن لبس الذهب موجب للعذاب بالنار والعياذ بالله لقوله عليه الصلاة والسلام: ( يعمد أحدكم على جمرة من نار فيضعها في يده ) فإن الرسول جعل هذا جمرة من نار يعني يعذب بها يوم القيامة، وهو عذاب جزئي أي على بعض البدن، على الجزء الذي حصلت به المخالفة، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم فيمن جر ثوبه أسفل من الكعبين قال: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار ) ونظيره أيضًا قوله حين قصر الصحابة في غسل أرجلهم: ( ويل للأعقاب من النار ) فهذه ثلاثة نصوص احفظوها، ثلاثة نصوص يمكن يوجد غيرها ثلاثة نصوص كلها فيها إثبات أن العذاب بالنار قد يكون على جزء من البدن، وفيه أيضًا في القرآن (( يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ )) مواضع معينة، فالعذاب كما يكون عامًّا على جميع البدن قد يكون خاصًا ببعض أجزائه وهو ما حصلت به المخالفة، وفي هذا الحديث ومن فوائد هذا الحديث بيان كمال صدق الصحابة رضي الله عنهم في إيمانهم ( فإن هذا الرجل لما قيل له: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا آخذ خاتمًا طرحه النبي عليه الصلاة والسلام ) من كمال إيمانه رضي الله عنه، ولو كان ضعيف الإيمان لأخذه وانتفع به ببيع أو بإعطائه أهله أو ما أشبه ذلك، ومن فوائد هذا الحديث أيضًا أن الإنسان يستعمل الحكمة في تغيير المنكر، فهذا الرجل كما ترون استعمل معه النبي عليه الصلاة والسلام شيئًا من الشدة لكن الأعرابي الذي بال في المسجد لم يستعمل معه النبي صلى الله عليه وسلم الشدة، ولعل ذلك لأن هذا علم النبي عليه الصلاة والسلام منه أن أنه عالم بالحكم ولكنه متساهل، بخلاف الأعرابي فإنه جاهل لا يعرف جاء ووجد هذه الفسحة في المسجد فجعل يبول يحسب أنه في البر، ولما قام إليه الناس يزجرونه نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فعليك يا أخي المسلم أن تستعمل الحكمة في كل ما تفعل، في كل ما تقول فإن الله تعالى يقول في كتابه: (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )) نسأل الله أن يجعلنا ممن أوتي الحكمة ونال بها خيرًا كثيرًا، اللهم صل على محمد. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن ينزل عليكم عقابًا ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ) قوله عليه الصلاة والسلام: ( والذي نفسي بيده ) هذا قَسَمٌ يقسم بالله عز وجل، لأنه هو الذي أنفس العباد بيده جل وعلا يهديها إن شاء ويضلها إن شاء ويميتها إن شاء ويبقيها إن شاء، فالأنفس بيد الله هداية وضلالة وإحياء وإماتة، قال الله تبارك وتعالى: (( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا )) فالأنفس بيد الله وحده، ولهذا أقسم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقسم أيضًا كثيرًا بهذا القَسَم: ( والذي نفسي بيده ) وأحيانًا يقول: ( والذي نفس محمد بيده ) لأن نفس محمد صلى الله عليه وسلم أطيب الأنفس فأقسم بها لكونها أطيب الأنفس، ثم ذكر المقسم عليه وهو أن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يعمنا الله بعقاب حتى ندعوه فلا يستجيب لنا نسأل الله العافية، وقد سبق لنا عدةَ أحاديث أو عدةُ أحاديث كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من عدمه، فالواجب علينا جميعًا أن نأمر بالمعروف فإذا رأينا أخانا قد قصر في واجب أمرناه به وحذرناه من المخالفة، وإذا رأينا أخانا قد أتى منكرًا نهيناه عنه وحذرناه من ذلك حتى نكون أمة واحدة، لأننا إذا تفرقنا وصار كل واحد منا له مشرب حصل بيننا من النزاع والفرقة والاختلال ما يحصل، فإذا اجتمعنا كلنا على الحق حصل لنا الخير والسعادة والفلاح، وفي هذا الحديث دليل على جواز القسم بدون أن يُستقسم الإنسان، أي جواز القسم دون أن يطلب من الإنسان أن يُقسم، ولكن هذا لا ينبغي إلا في الأمور الهامة التي لها أهمية ولها شأن يقسم عليها الإنسان، أما الشيء الذي ليس له أهمية ولا شأن فلا ينبغي أن تحلف عليه إلا إذا استحلفت للتوكيد فلا بأس، والله الموفق. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والجلوس في الطرقات ) فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) فقالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال ( غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفق عليه... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بُد نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) متفق عليه ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والجلوس في الطرقات ) فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) فقالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال ( غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) متفق عليه... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . نقل المؤلف رحمه الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والجلوس في الطرقات ) أو قال: ( على الطرقات ) الجملة هذه تحذيرية، لأن معنى إياكم يعني أحذركم من الجلوس على الطرقات، الطرقات الأسواق التي هي يستطرقها الناس يذهبون منها ويجيئون، وإنما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لأن الجلوس يحصل به أحيانًا الاطلاع على عورات الناس ومجيهم وذهابهم، وأيضًا ربما يتحرج بعض الناس من أن يمر بالطريق وعليه أحد جالس، لأنه ليس كل أحد يهون عليه أن يطلع الناس على تصرفاته وعلى ذهابه ومجيئه، كثير من الناس يحب ألا يطلع عليه أحد على أفعاله وعلى تصرفاته وعلى مشترياته التي يشتريها وحوائجه التي يأخذها من السوق وما أشبه ذلك، فلهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس على الطرقات، ثم إن الجلوس على الطرقات ربما يؤدي إلى الغيبة إذا مر أحد يمكن يأخذه هؤلاء الجالسون يأكلون لحمه ويهتكون عرضه، فلهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، فقالوا: ( يا رسول الله مجالسنا لا بُد لنا منها ) يعني أن نجلس في الطرقات من أجل أن كل أحد كل واحد منا يتحدث إلى صاحبه ويأنس به ويذهب عنه معاناة الجد، فقال: ( إن أبيتم إلا الجلوس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: يا رسول الله وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) خمسة يعني إن أبيتم إلا أن تجلسوا فقوموا بهذه الأشياء، غض البصر يعني خفضه وعدم الاطلاع على من يمر ما الذي معه وما الذي حمل وإلى أين اتجه؟ وما أشبه ذلك، غض البصر كأنك لست بجالس كأنك بعيد ( كف الأذى ) أن تكف أذاك عن المارة الأذى القولي والأذى الفعلي، الأذى الفعلي مثل أن تمد رجليك مثلًا والطريق ضيق، أو أن تجلس في وسط الطريق وما أشبه ذلك، أو أن تضع العصا أو ما أشبه ذلك في طريق الناس فكُف هذا كله، وأما الأذى القولي فأن تهتك أعراض الناس إذا مروا، هذا فلان أين ذهب؟ منين جاء؟ ويش الذي معه؟ ليش مر؟ ما هو هذا الوقت وقت مرور وما أشبه ذلك هذا أذى قولي، الثالث: ( رد السلام ) يعني إذا سلم أحد عليكم وهو مار بكم أن تردوا عليه السلام، ورد السلام على الجماعة فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإذا مررت بقوم وقلت: السلام عليكم ورد أحدهم كفى، وإن ردوا جميعًا فهو أحسن لكن إذا اقتصروا على واحد منهم كفى ( والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) الأمر بالمعروف، المعروف كل ما أمر الله به تأمر به، مثل لو مر أحد من الناس وهو يشرب الدخان مثلًا، هذا منكر تنهاه، مر أحد ورأيته مخطئًا في لباسه عليه لباس ينزل عن الكعبين تنهاه، مر مرت امرأة متبرجة تنهاها، مر شخص منصرفًا عن المسجد وأنت قرب المسجد وقد أذن مثلًا تأمره بالصلاة، تقول يا فلان صل أين تذهب؟ المسجد عندك وما أشبه ذلك، هذا أمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن لم يجلس على هذا الشرط فإن الجلوس في حقه إما محرم أو مكروه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر ( إياكم والجلوس على الطرقات ) ولم يرخص إلا بهذا الشرط أن نعطي الطريق حقه بهذه الأمور الخمسة ( غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا، والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم ".
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا وفي يده خاتم من ذهب، فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم ثم طرحه ) يعني: طرحه في الأرض ( ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل للرجل: خذ خاتمك انتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتمًا طرحه النبي صلى الله عليه وسلم ) وبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ما فيه التحذير حيث قال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده ) في هذا الحديث دليل على إنكار المنكر باليد لمن قدر عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غيره بيده حيث نزع الخاتم فطرحه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) ومعلوم أن هناك فرقًا بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين تغيير المنكر، لأن تغيير المنكر يكون من ذي سلطة قادرة مثل الأمير ومن جعل له تغييره، ومثل الرجل في أهل بيته والمرأة في بيتها وما أشبه ذلك، فهذا له السلطة أن يغير بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، أما الأمر فهو واجب بكل حال، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب بكل حال لأنه ليس به تغيير بل فيه أمر بالخير ونهي عن الشر، وفيه أيضًا دعوة إلى الخير إلى المعروف وإلى ترك المنكر، فهذه ثلاث مراتب دعوة، وأمر ونهي، وتغيير، أما الدعوة فمثل أن يقوم الرجل خطيبًا في الناس يعظهم ويذكرهم ويدعوهم إلى الهدى، وأما الأمر فأن يأمر أمرًا موجهًا إلى شخص معين أو إلى طائفة معينة، يا فلان احرص على الصلاة اترك الكذب اترك الغيبة وما أشبه ذلك، وأما التغيير فأن يغير هذا الشيء يزيله من المنكر إلى المعروف، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخاتم الذي نزعه من صاحبه نزعًا وطرحه على الأرض طرحًا، وتدرك في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل الشدة مع هذا الرجل، لأن نزعه من يده وطرحه بالأرض فيه نوع من الشدة، مع أنه عليه الصلاة والسلام من أرفق الناس بالناس وفيه وقائع كثيرة استعمل فيها اللين، مثل قصة الرجل الذي بال في المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى قضى بوله ثم دعاه أخبره أن المساجد لا تصلح لهذا، ومثل حديث معاوية بن الحكم حينما تكلم في الصلاة، وحديث الرجل الذي جامع زوجته بنهار رمضان، كلهم استعمل معهم النبي صلى الله عليه وسلم اللين، لكن هذا استعمل فيه نوعًا من الشدة لأنه عالم بالحكم فيما يبدو، فلذلك استعمل معه الشدة، وفي هذا الحديث دليل على أن لباس الرجل للذهب من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد عليه بالنار فقال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار ) وهو كذلك فمن لبس من الذكور ذهبًا من خاتم أو إزرار أو سلسلة أو خرص أو غيره فإنه فاعل لكبيرة، ويجب على ولاة الأمور أن يغيروا ذلك، وما أحسن أن يصادروا ما لبسه تعزيرًا له وتنكيلًا به حتى لا يعود وحتى لا يقتدي به أحد، وفي هذا الباب أعني باب استعمال الذهب والفضة نقول: استعمال الذهب والفضة إما أن يكون في أكل وشرب فهذا حرام على الرجال والنساء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة، لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) وقال في الذي يشرب في إناء الفضة: ( إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ) ولا فرق في هذا بين الرجال والنساء، فكما أن الرجل يحرم عليه أن يأكل بالذهب أو بالفضة فكذلك المرأة، ولا فرق بين أن يكون إناء مما يوضع فيه الطعام كله.