تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) . متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ) . متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، أو اتباع الجنائز ) ، وقد سبق الكلام على الجملتين الأوليين .
والثالثة : اتباع الجنائز وتشييعها : فإنها من حق المسلم على أخيه أن يتبع جنازته من بيته إلى المصلى ، سواء في المسجد أو في مكان آخر ، إلى المقبرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( مَن شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ، قيل: وما القيراطان يا رسول الله ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أُحد ) ، وهذا فضل عظيم وأجر كبير ، ولما بلغ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث قال : " لقد فرطنا في قراريط كثيرة ، ثم صار بعد ذلك لا يرى جنازة إلا تبعها رضي الله عنه " ، لأن هذه غنيمة غنيمة غنيمة أن يحصل للإنسان مثل الجبلين العظيمين في عمل يسير، وهذا الأجر متى يلقاه ؟ يلقاه في يوم هو أحوج ما يكون إليه ، في يوم ليس عنده درهم، ولا دينار، ولا متاع، ولا قرابة، ولا زوجية تنفعه يوم القيامة الإ العمل الصالح، له إذا تبع الجنازة حتى يصلى عليها، ثم حتى تدفن، فله قيراطان، قيراطان مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد .
وينبغي لمن أتبع أن يكون خاشعاً، مُفكراً في مآله، يقول لنفسه : يا نفسي أنت مآلك كمآل هذا الذي فوق أعناقنا ، عن قريب أو بعيد ، وربما يكون عن قريب ، ويتذكر هذا الرحيل ، يتذكر أن أقرب الناس إليه وأولى الناس به وأشفق الناس عليه مَن يُسلمه إلى حفرته ويدخله ويغمسه ويتخلى عنه، هذا أقرب الناس إليك ، الذي يحملك إلى مدفنك ثم ينصرف عنك ويدعك في هذا اللحد وحيداً بأعمالك ، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ولهذا قال العلماء : يُكره للإنسان المتبع للجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا ، أو أن يتبسم ويضحك.
وكذلك أيضاً إذا وصلت إلى المقبرة، وجلست تنتظر دفنها، فينبغي أن تفكر في مآلك، وأنك سوف يُنتظر دفنك كما انتظر دفن هذا الرجل .
وإذا كان حولك أناس وحدثتهم بما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، حينما خرج في جنازة رجل من الأنصار، فانتهى إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس عليه الصلاة والسلام وحوله أصحابه، وفي يده مِخصرة أي : عود ينكت به الأرض، يعتبر عليه الصلاة والسلام ويفكر ويحدث أصحابه بما يكون عند الاحتضار وعند الدفن حتى يكون جامعاً بين الموعظة وبين تشييع الجنازة ، ولكن ليست هذه الموعظة كما يفعله بعض إخواننا الآن في بعض المحلات ، يقوم الرجل خطيباً يعظ الناس ، فإن هذا ليس معروفاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، ولا عهد أصحابه، لكن لما جلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر لحد هذا الميت، وجلس أصحابه، حدثهم حديث المجالس بما ينفعهم وبما يناسب.
وكذلك كان عليه الصلاة والسلام حاضراً دفن إحدى بناته، وكان على شفير القبر وعيناه تدمعان، فقال عليه الصلاة والسلام : ( ما مِنكم مِن أحد وقد كتب مقعدة من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على ما كُتب لنا ؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم قرأ قوله تعالى : (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) ) ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل السعادة الذين يسروا لليسرى وجُنبوا العسرى .
فإذا شرعوا في الدفن فينبغي للإنسان أن يشارك في الدفن ، بأن يحثوَ بيديه ثلاث حثيات ثم ينصرف ، وإن شاء شارك إلى انتهاء الدفن ، فإذا فرغوا من دفنه وقف عليه ، وإذا كان مطاعاً كالعالم قال للناس : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ، فإن النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : ( استغفروا لأخيكم وأسالوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ) ، الآن حين فُرغ من دفنه وانتهى الناس منه وسلموه لعالم الآخرة ، يأتيه عالم الآخرة ، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه ، فيجيب المؤمن قائلاً : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يجيب بهذا الجواب إنه جواد كريم .
أما غير المؤمن المرتاب الشاك ، فيقول : ها ها لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، يعني ولم يصل الإيمان إلى قلبه والعياذ بالله ، فينبغي لك أن تقف بعد انتهاء الدفن وتقول : " اللهم اغفر له، اللهم ثبته، اللهم اغفر له. اللهم ثبته، الله اغفر له، اللهم ثبته " ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً. فتدعو ثلاثاً ثم تنصرف ولا حاجة إلى إطالة الوقوف.
وإذا انصرف الناس عن الميت حتى إنه ليسمع قرع نعالهم وهم ينصرفون عنه، يسمع قرع النعال ، ضربها بالأرض وهم ينصرفون عنه، جاءه الملكان، فأجلساه وسألاه عن ربه ودينه ونبيه، سألاه عن ربه ودينه ونبيه، ويجلسانه في القبر، وإن كان القبر ضيقاً لكنه يجلس، كما أن النائم الآن يرى نفسه أنه قائم، وأنه ماشٍ وأنه قاعد، وهو ملتحف في فراشه لم يتحرك منه، لأن أحوال البرزخ أبلغ من أحوال الدنيا وأعظم، فيه أشياء ما تنطبق على أحوال الدنيا، فها هو الميت المؤمن يُفسح له في قبره مد البصر، والمقبرة كلها ليست بشيء، ليست مد البصر، لكن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا، وواجبنا فيما جاء في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمور الآخرة، أن نقول : سمعنا وصدقنا وآمنا ، وكلٌ من عند ربنا والله على كل شيء قدير، والله الموفق .
1 - تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) . متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) . متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " .
الرابع : إجابة الدعوة : فمن حق المسلم على أخيه إذا دعاه أن يجيبه، والإجابة إلى الدعوة مشروعة بلا خلاف بين العلماء فيما نعلم، إذا كان الداعي مسلماً، ولم يكن مجاهراً بالمعصية، ولم تكن الدعوة مشتملة على معصية لا يستطيع إزالتها، ولكنها لا تجب عند جمهور العلماء إلا في دعوة العُرس، إذا دعاه الزوج أول مرة في اليوم الأول فإن الأجابة واجبة إذا عينه، بالشروط السابقة التي ذكرناها.
فإن كان الداعي غير مسلم فلا تجب الإجابة، بل ولا تُشرع الإجابة إلا إذا كان في ذلك مصلحة، فإذا كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامه والتأليف فلا بأس بإجابة غير المسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة يهودي دعاه في المدينة.
وإن كان مسلماً مجاهراً بالمعصية كحلق اللحية مثلاً، أو شرب الدخان علناً في الأسواق، أو غير ذلك من المحرمات، فإن إجابته ليست بواجبة، ولكن إن كان في إجابته مصلحة أجابه، وإن كان ليس في إجابته مصلحة نظرت ، فإن كان في عدم إجابته مصلحة بحيث إذا رأى نفسه أنه قد هُجر، وأن الناس لا يجيبون دعوته تاب وأناب، فلا تجب دعوته لعل الله يهديه، وإن كان لا فائدة من ذلك فأنت بالخيار إن شئت فأجب، وإن شئت فلا تجيبه.
وإذا كان في الدعوة منكر : فإن كان الإنسان قادراً على التغيير وجبت عليه الإجابة من وجهين :
الوجه الأول : إزالة المنكر.
والوجه الثاني : إجابة دعوة أخيه إذا كان في العُرس، وكان ذلك أول يوم.
وأما إذا كان منكر في الدعوة لا تستطيع تغييره كما لو كان في الدعوة شرب دخان، أو شيشة، أو كان فيه أغانٍ محرمة، فإنه لا يجوز لك أن تجيب .
قال أهل العلم : إلا إذا كان المنكر في محل آخر ، وأنت تجيب إلى محل ليس فيه منكر، وكان الداعي مِن أقاربك الذين لو تَرَكت إجابتهم لعَدَّ ذلك قطيعة، فلا بأس بالإجابة في هذه الحال، وإن كان الهجر يترتب عليه ترك هذه المعصية فاهجره، يعني مثلا لو دعاك قريبك وأنت تعلم أنه سيكون في الدعوة محرم وقلت له : أنا لا أجيبك إلا بشرط أن لا يكون في الدعوة محرم وقَبِل بذلك فأجب ، وأما إن أصر على وجود المحرم فلا تجبه ، لأن حضور المحرم ولو مع كراهة الإنسان له بقلبه يكون فيه الإنسان مشاركاً للفاعل ، لقول الله تعالى: (( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ )) ، هذا حكم إجابة الدعوة ، فهذه الحقوق التي بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلها إذا قام بها الناس بعضهم مع بعض حصل بذلك الإلفة والمودة وزال ما في القلوب والنفوس من الضغائن والأحقاد ، والله أعلم .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس ) ، متفق عليه . وفي رواية لمسلم : ( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه ) " .
2 - تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) . متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... وتشميت العاطس ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على أخيه المسلم : ( وتشميت العاطس ) : يعني أنَ من حقوق المسلم على المسلم أن يشمته إذا عطس، هكذا في الرواية الأولى التى أخرجها البخاري ومسلم، وفي الرواية الثانية التى أخرجها مسلم : ( إذا عطس فحمد الله فشمته ) : فقيد ذلك بما إذا حمد الله، فإذا عطس الرجل وحمد الله وسمعته ، فشمّته ، يعني قل : يرحمك الله ، فإذا قلت : يرحمك الله، وجب عليه أن يقول : يهديكم الله ويصلح بالكم، هكذا جاء الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يقول في الجواب : ( يهديكم الله ويصلح بالكم ) .
وهل تشميت العاطس إذا حمد فرض عين أو فرض كفاية ؟ يعني: هل يكفي واحد من الجماعة إذا شمته عن الجماعة، أم لابد على كل من سمعه أن يشمته؟
ذهب بعض العلماء إلى أن التشميت فرض كفاية ، فإذا كنا جماعة وعطس رجل فقال : الحمد لله، فقال أحدنا له : يرحمك الله كفى.
وقال بعض العلماء : بل تشميته فرض عين على كل من سمع ، لأن النبي صلى الله عليه آله وسلم قال : ( كان حقاً على كل من سمعه أن يقول : يرحمك الله ) ، وظاهر هذا أنه فرض عين، فعلى هذا كل من سمعه يقول له : يرحمك الله، ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم، ويكفي منه ردّ واحدٌ على الجميع، إذا نواه للجميع كفى.
فإن عطس ولم يحمد الله فلا تقل : يرحمك الله، تعزيراً له على عدم حمده لله عزّ وجلّ، يعني كما أنه لم يحمد الله فاحرمه هذا الدعاء، لا تدع الله له، لا تقل له: يرحمك الله، ثم هل تذكره وتقول : قل الحمد لله أو لا تذكره ؟
من المعلوم أنه يحتمل أنه ترك الحمد تهاوناً، ويحتمل أنه تركه نسياناً، أليس كذلك ؟
نعم ، يمكن أنه تركه نسياناً ويمكن أنه تركه تهاوناً ، إن كان تركه نسياناً فذكّره قل له : احمد الله، وإن كان تركه تهاوناً فلا تذكره، ولكن أين لي العلم بذلك؟ كيف أعلم أنه نسيان أو أنه تهاون؟
ظاهر الحديث ( فحمد الله ) أنه إذا لم يحمد الله لا تشمته ولا تذكره مطلقاً.
ولكن فيما بعد عَلِّمه وقل له : إن الإنسان إذا عطس فإنه يحمد الله على هذا العطاس ، لأن العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان، العطاس دليلٌ على نشاط الإنسان ، نشاط جسمه ، ولهذا يجد الإنسان بعد العطاس خفة.
ثم إن التشميت مقيد بثلاث ، التشميت بقول : يرحمك الله مقيد بثلاث ، إذا شمته ثلاث مرات ، يعني عطس فحمد الله، فقلت يرحمك الله ، ثم عطس فحمد الله ، فقلت: يرحمك الله، ثم عطس فحمد الله فقلت: يرحمك الله، ثم عطس الرابعة فقل: " عافاك الله، إنك مزكوم " ، تدعو له بالعافية وتبين أنه مزكوم لئلا يقول : لماذا لا تقول يرحمك الله ؟ كنت بالأول تقول لي يرحمك الله، والآن تقول عافاك الله ليش؟ تقول : إنك مزكوم.
وفي هذا تنبيه له على أن يحاول الاحتراز مما يزيد الزكام، وإلا فإن الزكام في الغالب لا دواء له ، إذا أصاب الإنسان ما يذهب عنه حتى ينتهي منه ، لكن مِن أسباب تخفيفه على الإنسان عدم التعرض للهواء البارد ، وعدم شرب الماء البارد ، وألا يتعرض للبراد بعد الدفء ، والإنسان طبيب نفسه.
وفي قولنا : إنه يقول العاطس إذا قالوا له : يرحمك الله، يقول : يهديكم الله ويصلح بالكم ، دليل على أن ما يقوله بعض العامة إذا قلت له : يرحمك الله قال : يهدينا ويهديكم الله ، هذا ما هو صحيح ، لأن الرجل دعا لك أنت قال : يرحمك الله، كيف تقول : يهدينا ويهديكم الله، تدعو لنفسك قبله ، هو نعم لو قال : يرحمنا ويرحمك الله، قل: يهدينا ويهديكم الله، لكن هو قال: يرحمك الله كما أُمر، فأنت أجبه كما أُمرت، قل : " يهديكم الله ويصلح بالكم " .
وذُكر أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم ، يتعاطسون يعني يتكلفون العطاس ، من أجل أن يقول لهم : يرحمكم الله، لأنهم يعلمون أنه نبي ، وأن دعاءه بالرحمة قد ينفعهم، ولكنه لا ينفعهم ، لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك، ولا يحل لك أن تدعو لهم بالرحمة إذا ماتوا ولا بالمغفرة، لقول الله تعالى : (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )) .
فإن قيل : أليس إبراهيم استغفر لأبيه ، وإبراهيم على الحنيفية على التوحيد؟ قال الله تعالى : (( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ )) هذا الجواب ، هذا الجواب : (( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ )) ، والله الموفق.
3 - تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... وتشميت العاطس ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) . متفق عليه .وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " .
ذكر المؤلف -رحمه الله- في بيان حقوق المسلم على أخيه : حديث البراء بن عازب رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بسبع ، ونهانا عن سبع ) ، وقد تقدم الكلام على أكثر الذي أمرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فلا حاجة إلى إعادته ، وفي هذا الحديث من الزيادة على ما سبق قوله : ( نصر المظلوم ) : ونصر المظلوم يعني دفع الظلم عنه سواء كان ظلمه في المال أو في العرض أو في النفس، فيجب على المسلم أن ينصر أخاه المسلم، بل قد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم -يعني ننصره ندفع عنه الظلم- فكيف نصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصره ) ، لأن الظالم قد غلبته نفسه حتى ظلم ، فتنصره أنت على نفسه حتى تمنعه من الظلم ، فإذا رأيتَ شخصاً يظلم جاره بالإساءة إليه وعدم المبالاة به، فإنه يجب عليك أن تنصر هذا وهذا : الظالم والمظلوم ، فتذهب إلى الظالم ، الجار الذي أخل بحقوق جاره وتنصحه وتبين له ما في إساءة الجوار من الإثم والعقوبة، وما في حسن الجوار من الأجر والمثوبة، وتُكرر عليه حتى يهديه الله فيرتدع، وتنصر المظلوم الجار فتقول له : أنا سوف أنصح جارك سوف أكلمه، فإن هداه الله فهذا هو المطلوب، وإن لم يهتد فأخبرني، حتى نكون أنا وأنت عند القاضي مثلاً أو عند الحاكم نكون سواء، نتعاون على دفع ظلم هذا الظالم .
وكذلك إذا وجدت شخصاً جَحد لأخيه حقاً تدري أنه جَحده، وأنَّ لأخيه عليه هذا الحق، فتذهب إلى هذا الظالم الذي جحد حق أخيه وتنصحه، وتبين له ما في أكل المال بالباطل مِن العقوبة، وأنه لا خير في أكل المال بالباطل، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل هو شر، حتى يؤدي ما عليه. وتذهب إلى صاحب الحق وتقول له : أنا معك انتظر اصبر ها نحن ننصحه ها نحن نوبخه وهكذا بقية المظالم ، تنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً . والظالم نصرك إياه أن تمنعه من الظلم.
أما السبع التي نهى عنها عليه الصلاة والسلام في حديث البراء ، فمنها : التختم بالذهب ، والتختم بالذهب خاص بالرجال، فالرجل لا يحل له أن يلبس الذهب ، أن يتختم بالذهب، ولا أن يلبس سِواراً من ذهب، ولا أن يلبس ولا أن يلبس قلادة من ذهب ، ولا أن يلبس خُرصاً من ذهب، ولا أن يلبس شيئاً على رأسه من الذهب، كل الذهب حرام على الرجل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل رأى عليه خاتماً من ذهب ، قال : ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في أصبعه أو قال في يده ، ثم نزع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم فرمي به ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا للرجل : خذ خاتمك، انتفع به، قال : والله لا آخذ خاتماً طَرحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث على بن أبي طالب : ( أُحِل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها ) .
وأما تختم المرأة بالذهب فلا بأس به ولا حرج فيه، وقد حكى بعض العلماء إجماع أهل العلم على جواز لباس المرأة للخاتم والسوار ونحوهما ، وأما الأحاديث الواردة في النهي عن الذهب المحلق للنساء فهي أحاديث إما ضعيفة، وإما شاذه تُرك العمل بها، وتواترت الأحاديث الكثيرة التي فيها إقرار النبي صلى الله عليه وسلم النساء على لبس المحلق مِن الأسورة وكذلك من الخواتم .
ولكن يجب على المرآة إذا كان عندها ما يبلغ النصاب من الحلي من الذهب يجب عليها أداء زكاته، بأن تقومه كل سنة بما يساوي وتخرج منه ربع العشر ، ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة وفي يد ابنتها مَسكتان غليظتان مِن ذهب، يعني سوارين غليظين، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت : لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار يوم القيامة ، فخلعتهما وأعطتهما النبي صلى الله علي وسلم ، وقالت : هما لله ورسوله ) ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، قال: ( أَمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ، أمرنا بعيادة المريض ، واتباع الجنازة ، وتشميت العاطس ، وإبرار المقسم ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام ، ونهانا عن خواتيم ، أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة ، وعن المياثر الحمر ، وعن القَسِّي ، وعن لبس الحرير والإستبرق ، والديباج ) ، متفق عليه " .
4 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) . متفق عليه .وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) . متفق عليه . وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " .
هذا الحديث حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه ، تقدم الكلام على بعضه وذكرنا أن منه خمس جمل سبقت في الحديثين الذين قبله ، وأن الجملة السادسة نصر المظلوم وتكلمنا عليه .
والسابعة : ( إبرار القسم ) : أو إبرار المقسم ، يعني : إذا أقسم عليك أخوك بشيء فبرَّه ، وافقه على ما حلف عليه، فإذا حلف قال : والله لتفعلن كذا وكذا ، فإن مِن حقه عليك أن تَبرَّ بيمينه وأن توافقه ، إلا إذا كان في ذلك ضرر عليك ، مثل لو حلف عليك أن تخبره عما في بيتك من الأشياء التي لا تحب أن يطلع عليه أحد فلا تخبره لأنه معتدي ، لكونه يطلب منك أن تبين له ما كان سراً عندك، وإذا كان معتدياً فإن المعتدي جزاؤه أن يُترك ولا يوافق على اعتدائه .
لكن إذا لم يكن عدوان وحلف عليك فإنَّ من حقه أن تَبرَّ بيمينه، وتعطيه ما حلف عليه، إلا إذا كان مَعصية، فإذا كان معصيةً فلا تُجبه، مثل لو أقسم عليك أن تعطيه دراهم يشتري بها دخان، فهذا لا يلزمك، بل ولا يجوز لك أن توافقه، لأنك تعينه على الإثم والعدوان، أو كان في ذلك ضرر عليك كما مثلنا ، حلف عليك أن تخبره بما في سر البيت من الأمور التي لا تحب أن يطلع عليها أحد ، أو حلف عليك بشيء يضرك ، مثل أن يقول ، يحلف عليك بشيء يضرك إذا وافقته عليه، مثل أن يقول أبوك مثلاً : والله لا تحجُ البيت، والحج واجب عليك، فإنك لا تطيعه، لأن في هذا تركاً للواجب، ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، أو حلف عليك أن لا تزور أمك وقد طلقها، وصار بينه وبينها مشاكل فكرهها، فقال لك : والله لا تذهب إلى أمك ، فهذا لا تطيعه ، وذلك لأنه آثم بكونه يحول بينك وبين صلة الرحم، وصلة الرحم واجبة، وبر الوالدين واجب فلا تطعه.
ومن ذلك أيضاً إذا حلف أن لا تزور أحداً من إخوانك أو أعمامك أو أقاربك فلا تطعه، ولا تبر بيمينه ولو كان أباك، لأن صلة الرحم واجبة، ولا يحل له هو أن يحلف مثل هذا الحلف، وصلة الرحم إذا قام بها الإنسان فإن الله تعالى يصله، ( فقد تعهد الله للرحم أن يصل من وصلها، وأن يقطع من قطعها ) ، فإذا انتفت الموانع فإن الأولى أن تبرّ بيمينه .
وها هنا مسألة وهي : أنه ربما يحلف هو وتحلف أنت، هذا يقع كثيراً في الضيف إذا نزل عليك، قال: والله ما تذبح لي، فتحلف أنت وتقول: والله لأذبح لك ، فهنا من الذي يبرّ الأول أم الثاني؟ الأول ، نبر الأول ، لأن حقه سابق ، ونقول للثاني صاحب البيت الذي حلف أن يذبح، نقول : لا تذبح وكفر عن يمينك لأن الأول أحق بالبر وأسبق .
وهنا مسألة يحب أن يتفطن لها أيضاً في هذا الأمر، وهو : أن بعض السفهاء إذا نزل به ضيف، طلق الضيف أن لا يذبح له، قال: عليّ الطلاق من امرأتي أو من نسائي إن كان له أكثر من امرأة أن لا تذبح لي، فيقول صاحب البيت : وأنا عليّ الطلاق أن أذبح لك، وهذا غلط، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) ، أما الطلاق ، ما ذنب المرأة حتى تطلقها؟! وهو من الخطأ العظيم.
5 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) . متفق عليه . وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " . أستمع حفظ
فائدة : الحلف بالطلاق يعد طلاقا عند المذاهب الأربعة .
وأنت الآن مثلاً إذا رجعت إلى زوجتك مثلاً وكان هذه آخر طلقة، فأنت تطؤها على المذاهب الأربعة وطئاً حراماً.
وعلى القول أنه يمين تكفر عن يمينك وتحل لك ، فالمسألة خطيرة للغاية ، لذلك يجب علينا أن نتناهي عنها، وأن لا نقول : إذا حصل روح لابن باز رح لابن عثيمين روح للثاني والثالث ، هذا ما ينفعك، في علماء أجلاء أكبر منا يرون أن هذا طلاق ، وأنه إذا كان هذا آخر طلقة، فإن المرأة تبين بها، ولا تحل لزوجها إلا بعد زوج آخر.
أقول هذا لأجل أن لا تتهاونوا في هذا الأمر ، هذا الأمر خطير جداً ، فمن كان حالفاً فليحلف بالله، يقول : والله.
ثم إني أيضاً أشير عليكم بأمر هام : أنك إذا حلفت على يمين فقل : إن شاء الله ، ولو لم يسمعها صاحبك ، قل : إن شاء الله وإن لم يسمعها صاحبك ، لأنك إذا قلت إن شاء الله يسر الله لك الأمر حتى تبر بيمينك ، وإذا قدر أنه ما حصل الذي تريد فلا كفارة عليك ، وهذه فائدة عظيمة فأنا لو قلت لواحد مثلاً : والله ما تذبح لي، ثم قلت بينك وبين نفسك : إن شاء الله ، بينك وبين نفسك ، ثم ذبح ، فلا عليك شيء ، ما عليك كفارة يمين، وكذلك أيضاً بالعكس، لو قلت : والله لأذبح ثم قلت بينك وبين نفسك : إن شاء الله، وما سمع صاحبك ، فإنه إذا لم تذبح فليس عليك كفارة ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من حلف علي يمين فقال : إن شاء الله لم يحنث ) ، وهذه فائدة عظيمة خلها على لسانك دائماً، خله الاستثناء إن شاء الله على لسانك دائماً حتى يكون فيه فائدتان :
الفائدة الأولى : أن تُيسر لك الأمور.
والفائدة الثانية : أنك إذا حنثت ما يلزمك الكفارة ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث .
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) متفق عليه وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " .
تقدم الكلام على هذا الحديث ، على أكثره ، على المأمورات التي فيه وعلى بعض المنهيات ، فتقدم الكلام على التختم بالذهب ، على النهي عنه ، وقلنا : إن هذا حرام على الرجال ، يحرم على الرجل أن يتختم بخاتم الذهب أو بخاتم مموه بالذهب .
وذكرنا : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلاً عليه خاتم ذهب فنزعه ورمى به ، فقال عليه الصلاة والسلام : يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده أو في أصبعه ، ولما انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيل للرجل : خذ خاتمك انتفع به ، قال : لا آخذ خاتماً طرحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتركه ) .
وأما النساء فيجوز لهن التختم بالذهب والتسور به ، وأن يلبسن ما شئن منه، إلا إذا بلغ إلى حد الإسراف، فإن الإسراف لا يحل ، لقول الله تعالى : (( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) .
قال في هذا الحديث : ( وعن الشرب في آنية الفضة ) يعني : نهانا عن أن نشرب في آنية الفضة، سواء كان الشرب ماءً أو لبناً أو مرقاً أو غير ذلك، وسواء كان الشارب رجلاً أم امرأة ، لأن التحريم الأواني من الذهب والفضة شامل للرجال والنساء، ولا فرق بين الفضة الخالصة وبين المموه بالفضة ، كل ذلك حرام .
وأما آنية الذهب فهي أشدُّ وأشد، وقد ثبت النهي عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( لا تشربوا في آنية الذهب ، ولا تأكلوا في صحافهما ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) .
أما المياثر الحمر : فهي مثل المخدة، يُجعل في حشوها قطن، ويجعل عليه -أي علي هذا القطن- يُجعل عليه خرقة من الحرير، وتربط في سرج الفرس أو في كور البعير مِن أجل أن يجلس عليها الراكب فيستريح.
وكذلك القّسِّي وغيرها، فإنها كلها من أنواع الحرير، وهي حرامٌ علي الرجال ، لا يجوز للرجل أن يلبس الحرير، ولا أن يجلس عليه، ولا أن يفترشه، ولا أن يلتحفه.
وأما المرأة فيجوز لها لبس الحرير، لأنها محتاجة إلى الزينة والتجمل كما قال الله تعالى : (( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )) يعني : أومَن يربى في الحِلية وهو في الخصام غير مبين ، كمن ليس كذلك وهم الرجال ، الرجال لا يربون في الحلية ولا ينشؤون فيها ، لأنهم مستغنون برجولتهم عن التزين والتجمل بهذه الأشياء.
وأما افتراش المرأة للحرير والتحافها به وجلوسها عليه، فقد اختلف فيه العلماء ، منهم من منع وحرم ، واستدل بعموم هذا الحديث : ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهي عن المياثر الحمر وشبهها ) ، وقال: إن المرأة يباح لها أن تلبس الحرير لاحتياجها إليه، أما أن تفترشه فلا حاجة لها إلى أن تفترش الحرير ، وهذا القول أقرب من القول بالحل مطلقاً ، أي : يحلّ الحرير للنساء مطلقاً ، لأن الحكم يدور مع علته وجود وعدماً، والله الموفق .
7 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) متفق عليه وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " . أستمع حفظ