تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) متفق عليه وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " .
وأما آنية الذهب فهي أشدُ وأشد، وقد ثبت النهي عهما عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) .
أما المياثر الحُمْر: فهي مثل المخدة، يُجعل في حشوها قطن، ويُجعل عليه -أي علي هذا القطن- يجعل عليه خرقة من الحرير، وتربط في سرج الفرس أو في كور البعير من أجل أن يجلس عليها الراكب فيستريح.
وكذلك القِسِّي وغيرها، فإنها كلها من أنواع الحرير، وهي حرامٌ علي الرجال لا يجوز للرجل أن يلبس الحرير، ولا أن يجلس عليه، ولا أن يفترشه، ولا أن يلتحفه.
وأما المرأة فيجوز لها لبس الحرير لأنها محتاجة إلى الزينة والتجمل كما قال الله تعالى : (( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )) يعني : أوَ مَن يربى في الحلية وهو في الخصام غير مبين كمن ليس كذلك وهم الرجال، الرجال لا يربون في الحلية ولا ينشؤون فيها لأنهم مستغنون برجولتهم عن التزين والتجمل بهذه الأشياء.
وأما افتراش المرأة للحرير والتحافها به وجلوسها عليه، فقد اختلف فيه العلماء : منهم من منع وحرَّم واستدل بعموم هذا الحديث : ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهي عن المياثر الحُمر وشبهها ) ، وقال : إن المرأة يباح لها أن تلبس الحرير لاحتياجها إليه، أما أن تفترشه فلا حاجة لها إلى أن تفترش الحرير، وهذا القول أقرب من القول بالحل مطلقاً ، أي بحلّ الحرير للنساء مطلقاً ، لأن الحكم يدور مع علته وجود وعدماً، والله الموفق .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، قال : ( أَمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسبعٍ ونهانا عن سبع ، أمرنا بعيادة المريض ، واتباع الجنازة ، وتشميت العاطِس ، وإبرار المقسم ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام ، ونهانا عن خواتيم ، أو تختمٍ بالذهب ، وعن شرب بالفضة ، وعن المياثر الحمر ، وعن القَسِّي ، وعن لبس الحرير ، والإستبرق ، والديباج ) ، متفق عليه .
وفي رواية : ( وإنشاد الضالة في السبع الأوَل ) " .
1 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر الحمر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج ) متفق عليه وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " .
تقدم الكلام على هذا الحديث ، حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه ، وبقي الكلام على قوله : ( وإنشاد الضالة ) : يعني مما أمرهم به إنشاد الضالة، يعني أن الإنسان إذا وجد ضالة وجب عليه إنشادها، يعني طلب من هي له ، والضالة هي ما ضاع مِن البهائم، وقد قسَّم العلماء رحمهم الله الضالة إلى قسمين :
قسم يمتنع من الذئاب ونحوها من صغار السباع ، فهذا لا يجوز التقاطه، ولا إيواؤه، ومن آوى ضالة فهو ضال، مثل الإبل، أو ما يمتنع بطيرانه : مثل الطيور كالصقور والحمام وشبهها، أو ما يمتنع بعدوه: كالظباء ونحوها.
فالذي يمتنع من صغار السباع كالذئاب وشبهها ثلاثة أنواع : ما يمتنع من السباع لكبر جثته وقوته مثل الإبل ، وما يمتنع من السباع لطيرانه كالصقور والحمام ، وما يمتنع مِن السباع لعدوه وسرعة سعيه كالظباء .
فهذه لا يجوز للإنسان أن يلتقطها، ولا يجوز له أن يؤويها، بل يطردها من إبله، ويطردها من حمامه، إذا أوت إلى حمامه حمامةٌ أخرى ، ( فإن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن ضالة الإبل فقال : ما لك ولها ؟ دعها معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ) ، معها سقاؤها : يعني بطنها تملؤه ماءً، حذاؤها : يعني خفها تمشي عليه، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها.
فلا يجوز لك أن تُؤوي هذه الضالة ولا أن تلتقطها، ولو كنت تريد الخير، اللهم إلا إذا كنت في أرضٍ فيها قُطاع طريق تخشى أن يمسكوها ويضيعوها على صاحبها، فلا بأس أن تأخذها، أو إذا كنت تعرف صاحبها فتأخذها لتردها عليه، فهذا لا بأس به .
الثاني : ما لا يمتنع مِن صغار السباع، يعني الذي يعجز أن يفك نفسه مثل الغنم ، الماعز أو الشياه أو ما أشبه ذلك، فإنك تأخذها قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( هي لك أو لأخيك أو للذئب ) ، ولكن يجب عليك أن تبحث عن صاحبها وقوله : ( هي لك ) يعني : إن لم تجد صاحبها، ( أو لأخيك ) يعني صاحبها إذا عرفته، ( أو للذئب ) : إذا لم يجدها أحد أكلها الذئب.
فهذه تُؤخذ ويُبحث عن صاحبها، فإذا تمت السنة ولم يُوجد صاحبها فهي لمن وجدها.
وإنشاد الضالة له معنيان :
المعني الأول : ما ذكرنا وهذا واجب على الإنسان.
المعني الثاني : منهيٌ عنه في المساجد، وهو أن يطلب الإنسان الضالة، مثل أن يقول: من عيّن كذا وكذا؟ يا أيها الناس قد ضاع لي كذا وكذا فمن وجده؟ فهذا لا يجوز في المسجد ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا سمعتم أحداً ينشد ضالة في المسجد فقولوا له: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تُبن لهذا ) ، يجي إنسان مثلاً يقف في المسجد يقول : يا جماعة من عين لي الشاة من عين لي عنز من عين لي كذا ، فهذا حرام ، المساجد ما بنيت لهذا ، ونحن مأمورون أن ندعوا الله عليه، فنقول : لا ردها الله عليه،كما أننا إذا سمعنا شخصاً يبيع ويشترى في المسجد فإننا نقول : لا أربح الله تجارتك ، لأن المساجد لم تُبن للبيع والشراء.
فهذه الأوامر التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم كلها خير، والنواهي التي نهى عنها كلها شر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة شريعته : أنها تأمر بالمصالح وتنهى عن المفاسد، وإذا اجتمع في الشيء مفسدة ومصلحة، غُلِّب الأقوى منهما والأكثر، فإن كان الأكثر المصلحة غُلِّبت، وإن كانت المفسدة غُلِّبت، وإن تساوى الأمران غُلِّبت المفسدة، " لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح " ، الله الموفق.
2 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ... وفي رواية ( وإنشاد الضالة ) ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) رواه مسلم . ... " .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة :
قال الله تعالى : (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) ، رواه مسلم "
3 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) رواه مسلم . ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ... " .
قال المؤلف -رحمه الله- " باب ستر عوات المسلمين والنهي عن إشاعتها " :
العورة هنا : هي العورة المعنوية ، لأن العورة نوعان : عورة حسية، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : ما يحرم النظر إليه كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخُلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )) :
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ، فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد فيكون ظالماً، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل فيكون جهولاً، هذه حال الإنسان إلا من عصمَ اللهُ عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان مِن طبيعته التقصير والنقص والعيب فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ، ولا يشيعها إلا من ضرورة ، إذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد من ذلك ، لكن بدون ضرورة الأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ، لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ، يعني عن إرادة سيئة يريد الباطل أو عن شبهة ، يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، فالمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
افرض أنك رأيتَ رجلاً على كذب وغِش في البيع والشراء هذا لا ، لا تفش ذلك بين الناس بل انصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس، لئلا يغتروا به.
وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء، لا يغض بصره، فاستر عليه، انصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس، لأن النظر والعياذ بالله سهم من سهام إبليس ، سهم يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله منه ، من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه، وإن لم يكن عنده مناعة اندرج به وتدرج إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله ، فأنت ما دام الستر ممكناً ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة مُلحة، فاستر .
ثم أستدل المؤلف -رحمه الله - بقول الله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : هؤلاء الذين يحبون أن تشيع ، فكيف بمن أشاع الفاحشة ؟! والعياذ بالله ، يكون أشد عذاباً ، الذي يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، له معنيان :
المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم، ومِن ذلك مَن يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء لا شك أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، يريدون أن يفتتن المسلم بدينه من أجل ما يشيعون من هذه المجلات الخليعة الفاسدة، أو الأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك.
وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم، داخل في محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة، ويمكنها مِن شيوعها في المجتمع المسلم، هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا : (( فلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة.
كذلك أيضاً، المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين، ما هو في المجتمع الإسلامي كله، لكن في شخص معين، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، مثل أن يحب أن تشيع الفاحشة في زيد ، زيد من الناس لسببٍ ما ، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ، الإفك : الكذب الذي افتراه مَن يكرهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مَن يحبون أن يتدنس فراشه، مَن يحبون أن يعير بأهله من المنافقين وأمثالهم .
وقضية الإفك مشهورة، هي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفراً أَقرَع بين نسائه، مِن عدله عليه الصلاة والسلام ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ، فأقرع بين نسائه ذات سَفرة فخرج السهم لعائشة فخرج بها معه ، وفي أثناء رجوعهم عرّسوا في أرض ، يعني ناموا في آخر الليل ، فلما ناموا احتاجت عائشة -رضي الله عنها- أن تبرز لتقضي حاجتها، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل في آخر الليل، فجاء القوم فحملوا هودجها ، ولم يشعروا أنها ليست فيه ، لأنها كانت صغيرة ، تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام ولها ست سنين، ودخل عليها ولها تسع سنين ، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة، صغيرة ما أخذها اللحم ، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه ثم ساروا.
ولما رجعت لم تجد القوم في مكانهم، ولكن مِن عقلها وذكائها لم تذهب يميناً وشمالاً تطلبهم بقيت في مكانها وقالت : " سيفقدونني ويرجعون إلى مكاني "، ولما طلعت الشمس إذا برجل يقال له صفوان بن المعطل، وكان من قوم إذا ناموا لم يستيقظوا ، في بعض الناس الذين إذا نام ما يستيقظ لو تكور عند أذنه المدفع ما استيقظ ، هذا من جملتهم صفوان من هؤلاء القوم، ما يمكن يستيقظ إلى إذا أيقظه الله عز وجل، كأنه ميت.
فلما استيقظ وجاء وإذا أم المؤمنين عائشة وحدها في مكان في البر ، وكان يعرفها قبل أن ينزل الحجاب ، وماذا صنع هذا الرجل يا إخوان ؟ أناخ بعيره ولم يكلمها بكلمة، ما تكلم معها ولا قال : ما الذي أقعدك ؟ ولا قال لماذا ؟
السبب أنه لم يتكلم ؟ احتراماً لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يريد أن يتكلم مع أهله بغيبته رضي الله عنه، فأناخ البعير ووضع يده على ركبة البعير ، ولم يقل اركبي ولا تكلم بشيء، فركبت ثم ذهب بها يقودها ، حتى ما صار يسوق البعير فينظر إليها ـصار يقود البعير حتى لا ينظر تكون المرأة وراءه .
ولما أقبل على القوم ضُحى قد ارتفع النهار فرح المنافقون أعظم فرح أن يجدوا مدخلاً للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتهموا الرجل بالعَفاف الرزان الطاهرة النقية فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتهموه بها، وصاروا يشيعون الفاحشة بأن هذا الرجل فعل ما فعل، وسقط من ذلك ثلاثة من الصحابة الخلَّص وقعوا فيما وقع فيه المنافقون : مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر، وحسان بن ثابت رضي الله عنه ، وحمنة بنت جحش.
فصارت ضجة، وصار الناس يتكلمون ، وما هذا ؟ وكيف يكون ؟ مِن مشتبه عليه الأمر، ومِن منكر غاية الإنكار ، وقالوا : هذا لا يمكن أن يتدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أطهر الفراش على وجه الأرض.
وأراد الله بعزته وقدرته وحكمته لما وصل المدينة أن تُمرض عائشة -رضي الله عنها- مرضت وبقيت حبيسة البيت لا تخرج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته إذا عادها في مرضها سأل وتحفَّى وتكلم ، أما في ذلك الوقت فكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم، يأتي ويدخل ويقول : ( كيف تيكم؟ ) أي : كيف هذه ، ثم ينصرف ، وقد استنكرت ذلك منه رضي الله عنها، ما هذه العشرة ، ولكنها ما كان يخطر ببالها أن أحدا يتكلم بما فيه دنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً .
ونتكلم عن القصة حتى لا نطيل عليكم إن شاء الله غداً ، والله الموفق .
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) ، رواه مسلم " .
4 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ... " . أستمع حفظ
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ... " .
تقدم الكلام على قوله تعالى : (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ، وبينا أن هذا العذاب الأليم لمن أحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا وذكرنا أن هذا يتنوع إلى نوعين : عام وخاص .
وإذا كان هذا الوعيد فيمن يحب أن تشيع الفاحشة في المؤمنين فكيف بمن أشاع الفاحشة في المؤمنين ؟!
وبينا أن من إشاعة الفاحشة أو محبة إشاعتها هذه الصحف والمجلات الخليعة التي تنشر الرذيلة والفساد وأنه يجب ، ونقول الآن : إنه يجب على كل إنسان ذي عقل وذي دين أن يحذر من هذه الصحف ، وأن يتجنبها وأن لا يجعلها في البيت لما فيها من الفساد ، فساد الخلق ويتبعه فساد الدين ، لأن الأخلاق إذا فسدت فسدت الأديان نسأل الله العافية .
وأشرنا إلى أن هذه الآية الكريمة نزلت في قصة الإفك ، التي افتراها المنافقون على بنت الصديق ، على الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها ، فراشِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينا أن المنافقين أشاعوا هذا لا كراهة لعائشة ولكن كراهةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبغضٌ له ، ومحبة أن يدنس فراشه قاتلهم الله أنا يؤفكون ، ولكن الله أنزل في هذه القصة عشرَ آيات من القرآن ابتدأها بقولها : (( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) : والذي تولى كبره : هو رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ المنافق ، فإنه هو الذي كان يشيع الخبر .
لكنه خبيث لا يشيعه بلفظ صريح فيقول مثلاً : إن فلاناً زنى بفلانة، لكنه يشيعه بقوله : يُذكر، يُقال، يقولون، وما أشبه ذلك، لأن المنافقين يتسترون ، جبناء لا يصرحون بما في نفوسهم، فيقول عز وجل : (( وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ )) : يعني يوبخهم الله عز وجل ، الذين تكلموا في هذا الأمر، يقول : (( هلا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً )) ، وذلك أن أم المؤمنين أمهم فكيف يظنون بها ما لا يليق بها رضي الله عنها ؟! وكان الواجب عليهم لما سمعوا هذا الخبر ظنوا بأنفسهم خيراً وتبرؤوا منه وممن قاله.
(( لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )) : يعني هلا جاءوا عليه بأربعة شهداء يشهدون على هذا الأمر.
(( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )) : ولو صدقوا، ولهذا لو أن شخصاً شاهد إنساناً يزني، وجاء إلى القاضي وقال أنا أشهد أن فلاناً يزني، قلنا: هات أربعة شهداء، فإذا لم يأت بأربعة شهداء جلدناه ثمانين جلدة، فإن جاء برجل ثان معه جلدناهم كل واحد ثمانين جلدة، وثالث نجلدهم كل واحد ثمانين جلدة.
يعني لو جاءنا ثلاثة يشهدون بأنهم رأوا فلانا يزني بفلانة، ولم يثبت ذلك، فإننا نجلد كل واحد ثمانين جلدة، ولهذا قال : (( لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) ،
لولا الفضل والرحمة من الله لأصابكم فيما أفضتم فيه ، وفي قوله : (( أَفَضْتُمْ فِيهِ )) : دليل على أن الحديث انتشر وفاض واستفاض واشتهر لأنه أمر جلل عظيم خطير، والعادة تجري أن الأمور الكبيرة تنتشر بسرعة وتملأ البيوت، تملأ الأفواه والآذان ، (( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) .
(( تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ )) : من غير رَوِيهّ، ومن غير بينة، ومن غير يقين،
(( وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) : عند الله عظيم لماذا؟ لأنه قذف لأطهر امرأة على وجه الأرض، هي وصاحباتها زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأمر صعب وعظيم .
وفيه أيضاً من عظمه أن فيه تدنيسا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى: (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ )) : فإذا كان عائشة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحصل هذا الأمر منها وحاشاها منه ، فإن ذلك يدل على خبث زوجها والعياذ بالله، لأن الخبيثات للخبيثين، ولكنها رضي الله عنها طيبة وزوجها طيب، زوجها محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها.
وهنا يقول تعالى: (( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عظيم )) ، (( وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ )) يعني: هلا إذ سمعتموه (( قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ )) ، هذا الواجب عليكم أن تنزهو الله أن يقع مثلُ هذا ، ولهذا قال: (( سُبْحَانَكَ )) ، (( وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ )) :
وتأمل كيف جاءت هذه الكلمة التي تتضمن تنزيه الله عز وجل، إذ أنه لا يليق بحكمة الله ورحمته وفضله وإحسانه أن يقع مثلُ هذا من زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، (( هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ *يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )) يعني : لا تعودوا لمثل هذا أبداً إن كنتم مؤمنين ، (( وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) ، والحمد لله على بيانه، ولهذا أجمع العلماء على أن من رمى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بما جاء في حديث الإفك فإنه كافر مرتد، كافر ، كالذي يسجد للصنم، فإن تاب وأكذب نفسه وإلا قتل كافراً، لأنه كذب القرآن، مع أن الصحيح أن من رمى زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل هذا فإنه كافر، لأنه منتقص لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كلُّ من رمى زوجة من زوجات الرسول بما برّأ الله منه عائشة ، فإنه يكون كافر مرتداً، يجب أن يُستتاب، فإن تاب وإلا قتل بالسيف، وألقيت جيفته في حفرة من الأرض، بدون تغسيل، ولا تكفين، ولا صلاة، لأن الأمر خطير.
ثم قال عز وجل : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )) :
وسبق في درس أمس أن الذين تورطوا في هذا من الصحابة ثلاثة : حسان بن ثابت رضي الله عنه، ومِسطح بن أُثاثة، وهو ابن خالة أبي بكر، والثالث : وحمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش، وزينب بنت جحش زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام وضَرة عائشة، ومع ذلك حماها الله، لكن أختها تورطت، ولما أنزل الله براءتها أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحدّ هؤلاء الثلاثة حدَّ القذف، فجلدوا على ثمانين جلدة كل الثلاثة ، مسطح ، حسان ، وحمنة ، أما المنافقون فلم يقم عليهم الحد، واختلف العلماء لماذا ؟
فقيل : لأن المنافقين لا يصرحون ، وإنما يقولون: يُقال، يُذكر سمعنا، وما أشبه ذلك.
وقيل : لأن المنافق ليس أهلاً للتطهير، الحد طهرة للمحدود، يطهره وهؤلاء المنافقون ليسوا بأهلا للتطهير، ولهذا لم يجلدهم الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنه لو جلدهم لطهرهم من موبق هذا الشي، لكنهم ليسوا أهلاً للتطهير، لأنهم في الدرك الأسفل من النار، فتركهم وذنوبهم، وليس فيهم خير، وقيل غير ذلك في الأسباب .
على كل حال إن هذه القصة قصة عظيمة ، فيها عِبر ولولا ضيق الوقت لتكلمنا على أشياء كثيرة مما تتضمنه هذه الآيات ، فالحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والله الموفق.
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) ، رواه مسلم " .
5 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) رواه مسلم . ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر عبدٌ مؤمن إلا ستره الله تعالى يوم القيامة ) ، ( لا يستر عبدٌ عبداً مسلمًا إلا ستره الله تعالى يوم القيامة ) :
الستر يعني الإخفاء ، وقد سبق لنا أن الستر ليس محموداً على كل حال ، وليس مذموماً على كل حال، ستر الإنسان السَّتير، الذي لم يجهر منه فاحشة، ولم يحدث منه عدوان إلا نادراً، هذا ينبغي أن يُستر ويُنصح ويبين له أنه على خطأ، وهذا الستر محمود .
والنوع الثاني: ستر شخص مستهتر متهاون في الأمور ، مُعتدٍ على عباد الله شرير، فهذا لا يُستر، بل المشروع أن يبين أمره لولاة الأمر حتى يردعوه عما هو عليه، وحتى يكون نكالاً لغيره .
فالسَّتر معنى يتبع المصالح ، إذا كانت المصلحة في الستر، فهو أولى، وإن كانت المصلحة في الكشف فهو أولى، وإن تردد الإنسان بين هذا وهذا فالستر أولى، والله الموفق .
6 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) رواه مسلم . ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله ) متفق عليه ... " .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه ، فيقول : يا فلان عملتُ البارحة كذا كذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله ) ، متفق عليه " .
7 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله ) متفق عليه ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين ) : يعني كل الأمة أمة الإجابة الذين استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم ( معافى ) يعني : قد عافاهم الله عز وجل ، ( إلا المجاهرين ) : والمجاهرون هم الذين يجاهرون بمعصية الله عز وجل، وينقسمون إلى قسمين:
الأول : أن يُعلن ويجاهر بالمعصية، فيعمل العمل عمل المعصية أمام الناس، فيعمل بالمعصية أمام الناس وهم ينظرون إليه، هذا لا شك أنه ليس في عافية لأنه جرّ على نفسه الويل، وجرَّ على غيره أيضا.
أما جره على نفسه : فلأنه ظلم نفسه حيث عصى الله ورسوله، وكل إنسان يعصي الله ورسوله فإنه ظالم لنفسه، قال الله تعالى : (( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )) والنفس أمانة عندك يجب عليك أن ترعاها حق رعايتها، وكما أنه لو كان لك ماشية لرأيتك تتخير لها المراعي الطيبة ، وتبعدها عن المراعي الخبيثة الضارة ، فكذلك نفسُك ، يجب عليك أن تتحرى لها المراتع الطيبة ، وهي الأعمال الصالحة ، وأن تبعدها عن المراتع الخبيثة ، وهي الأعمال السيئة.
وأما جره على غيره : فلأن الناس إذا رأوه قد عمل المعصية هانت في نفوسهم، وفعلوا مثله، وصار -والعياذ بالله- من الأئمة الذين يدعون إلى النار، كما قال الله تعالى عن آل فرعون : (( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ )) .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من سنَ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ، هذا نوع من المجاهرة، ولم يذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه واضح، لكنه ذكر أمراً آخر قد يخفى على بعض الناس فقال : ومن المجاهرة أن يعمل الإنسان العمل السيّئ في الليل فيستره الله عليه، وكذلك في بيته فيستره الله عليه ولا يَطلع عليه أحداً، ولو تاب فيما بينه وبين ربه لكان خيراً له، ولكنه إذا قام في الصباح واختلط بالناس قال: عملت البارحة كذا، وعملت كذا، وعملت كذا، فهذا ليس معافى، هذا والعياذ بالله قد ستر الله عليه فأصبح يفضح نفسه .
وهذا الذي يفعله بعض الناس أيضاً يكون له سببان :
السبب الأول : أن يكون الإنسان غافلاً سليماً لا يهتم بشيء، فتجده يعمل السيئة ثم يتحدث بها عن طهارة قلب كما يقول العامة .
ومن الناس وهم أهل السبب الثاني ، الذين يكون سبب تحدثهم بما عصوا الله تعالى التبجح -والعياذ بالله- بالمعاصي والاستهتاراً بعظمة الخالق، فيصبحون يتحدثون بالمعاصي متبجحين بها كأنما نالوا غنيمة، هؤلاء والعياذ بالله شر الأقسام.
ويوجد من الناس من يفعل هذا في أصحابه، يعني أنه يتحدث به مع أصحابه فيحدثهم بأمر خفي لا ينبغي أن يُذكر لأحد، لكنه لا يهتم بهذا الأمر فهذا ليس مِن المعافين لأنه مِن المجاهرين.
والحاصل أنه ينبغي للإنسان أن يتستر بستر الله عز وجل، وأن يحمد الله على العافية، وأن يتوب فيما بينه وبين ربه مِن المعاصي التي قام بها، وإذا تاب إلى الله وأناب إلى الله ستره الله في الدنيا والآخرة، والله الموفق .
8 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر ) متفق عليه . وعنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمرا قال ( اضربوه ) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال ( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ) رواه البخاري ... " .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يُثَرب عليها، ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يُثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شَعَر ) ، متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه قال : ( أُتي النبيُ صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمراً فقال: اضربوه ، قال أبو هريرة : فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم : أخزاك الله ، قال : لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ) ، رواه البخاري " .
9 - قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر ) متفق عليه . وعنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمرا قال ( اضربوه ) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال ( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ) رواه البخاري ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر ) متفق عليه ... " .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا زنت أَمَة أحدكم فليجلدها الحد ولا يُثرب ) :
الأَمَة: المملوكة التي تباع وتشترى، إذا زنت يقول عليه الصلاة والسلام : ( فليجلدها الحد ) : وحد الأمة نصف حد الحرة، كما قال تعالى : (( فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ )) : والحرة إذا كانت بِكراً وزنت تجلد مائة جلدة ، وتغرب سنة ، والأمة نصف ذلك ، يعني خمسين جلدة، وهل تغرب أول لا ؟ في ذلك قولان للعلماء :
منهم من قال : تغرب نصف سنة.
ومنهم من قال : إنها لا تغرب لأنه قد تعلق بها حق السيد.
( ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يُثَرب ) : إن زنت مرة الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب، ( ثم إن زنت ) : يعني في الثالثة أو الرابعة فليبعها ولو بحبل من شَعَر، يعني ولا يبقيها لأنه لا خير فيها.
ففي هذا دليل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه، وأما غير السيد فلا يقيم الحد.
وإنما يتولى إقامة الحد الإمام، أو نائب الإمام، حتى الأب لا يملك إقامة الحد على ابنه، لأن هذا موكول للإمام أو نائب الإمام، وفي قوله : ( فليبعها ولو بحبل من شَعَر ) إذا قال قائل: وإذا باعها فما الفائدة إذا كانت قد ألفت الزنا والعياذ بالله ؟ نقول : لأنه إذا تغيرت بها الأحوال فربما تتغير حالها، وأيضا إذا باعها فإنه سوف يُخبر المشتري بأنها أمة تزني، وسيكون المشتري شديداً عليها حتى يمنعها مِن ذلك.
أما حديثه الثاني : فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم .