تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما رواه البخاري . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة ) وأشار الراوي وهو مالك بن أنس بالسبابة والوسطى . رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف متفق عليه ... " .
الشيخ : يمكنه أن يتعفف ولو أن يأكل كسرة من خبز أو شقاً من تمرة فلا يسأل، ولا يزال الإنسان يسأل الناس، يسأل الناس، يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مُزعة لحم، يأتي يوم القيامة ووجهه يلوح عظام والعياذ بالله ما فيه لحم، لأنه قد قشر وجهه للناس في الدنيا. وفي هذا ذم أولئك القوم الذين يترددون على الناس يسألونهم وهم أغنياء، أغناء إذا ماتوا وجد عندهم الآلاف، توجد عندهم الآلاف من الذهب والفضة والدراهم القديمة والأوراق، وهم إذا رأيتهم قلت: هؤلاء أفقر الناس، يؤذون الناس بالسؤال، أو يسألون الناس ليس عندهم شيء، لكن يريدون أن يجعلوا بيوتهم كبيوت الأغنياء، وسياراتهم كسيارات الأغنياء، ولباسهم كلباس الأغنياء من قال هذا ؟ هذا سفه، ( المتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور ) ، اقتنع بما أعطاك الله، إن كنت فقيراً فعلى حسب حالك، وإن كنت غنياً فعلى حسب حالك. أما أن تباري الأغنياء وتقول: أنا أريد سيارة فخمة، أريد بيتاً فارهاً، أريد فرشاً، ثم تذهب تسأل الناس سواء سألتهم مباشرة قبل أن تشتري هذه الأشياء التي اشتريت، أو تشتريها ثم تذهب تقول: أنا علي فلوس علي دين أو ما أشبه ذلك كل هذا خطأ ، خطأ عظيم، اقتصر على ما عندك، على ما أعطاك ربك عز وجل، واسأل الله أن يرزقك رزقاً لا يطغيك، رزقاً يغنيك عن الخلق وكفى. نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسلامة.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر ) متفق عليه . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) رواه مسلم وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال : وكالقائم الذي لا يَفتُر وكالصائم الذي لا يفطر ) ، متفق عليه . وعنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة، يمنعها من يأتيها، ويُدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) ، رواه مسلم . وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله : ( بئس الطعام طعام الوليمة يُدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر ) . متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : ذكر المؤلف -رحمه الله- في هذا الباب: " باب الرفق باليتامى والمستضعفين والفقراء ونحوهم " قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وأحسبه قال : كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ) ، والساعي عليهم : هو الذي يقوم بمصالحهم ومؤنتهم وما يلزمهم. والأرملة : هم الذين لا عائل لهم، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، والمساكين : هم الفقراء. ومِن هذا قيام الإنسان على عائلته وسعيه عليهم، على العائلة الذين لا يكتسبون، فإن الساعي عليهم والقائم بمئونتهم ساعٍ على أرملةٍ ومساكين، فيكون مستحقاً لهذا الوعد، أنه يكون كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم الذي لا يفتُر وكالصائم الذين لا يفطر. وفي هذا دليل على جهل أولئك القوم الذين يذهبون يميناً وشمالاً ، ويدعون عوائلهم في بيوتهم مع النساء ، ولا يكون لهم عائل فيضيعون ، يحتاجون إلى الإنفاق ، يحتاجون إلى الرعاية وإلى غير ذلك ، وهم تجدهم يذهبون يتجولون في القرى وربما في المدن أيضاً، بدون أن يكون هناك ضرورة، ولكن شيء في نفوسهم، يظنون أن هذا أفضل من البقاء في أهليهم لتأديبهم وتربيتهم، وهذا ظن خطأ، فإن بقاءهم في أهلهم، وتوجيه أولادهم من ذكور وإناث، وزوجاتهم ومن يتعلق بهم أفضل من كونهم يخرجون يزعمون أنهم يرشدون الناس، وهم يتركون عوائلهم الذين هم أحق من غيرهم بنصيحتهم وإرشادهم، ولهذا قال الله تعالى : (( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )) : فبدأ بعشيرته الأقربين قبل كل أحد. أما الذي يذهب للدعوة إلى الله يوماً أو يومين أو ما أشبه ذلك، وهو عائد إلى أهله عن قرب فهذا لا يضره، هو على خير لكن كلامنا في قوم يذهبون أربعة أشهر، خمسة أشهر، سنة، عن عوائلهم يتركونهم للأهواء والرياح تعصف بهم، فهؤلاء لا شك أنهم من قصور فقههم في دين الله عز وجل. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( مَن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) فالفقيه في الدين : هو الذي يعرف الأمور، ويحسب لها، ويعرف كيف تؤتى البيوت من أبوابها، حتى يقوم بما يجب عليه، والله الموفق. القارئ : " وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه من قوله : ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) رواه مسلم وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة، يُدعى إليها من يأباها، ويُومنعها من يأتيها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) . قوله عليه الصلاة والسلام : ( شر الطعام طعام الوليمة ) : يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس، ويحتمل أن يكون أعم، وأن المراد بالوليمة كل ما دُعي إلى الاجتماع إليه من عُرس أو غيره، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك في الأحكام. وقوله : ( شر الطعام طعام الوليمة ) : فَسَّر هذه الوليمة التي طعامها شرُّ الطعام وهي التي يُدعى إليها من يأباها، ويُمنعها من يأتيها، يعني يدعى إليها الأغنياء، والغني لا يحرص على الحضور إذا دُعي، لأنه مستغن بماله، ويمنع منها الفقراء، وهو الذي إذا دُعي أجاب، فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله، لأنه لا يُدعى إليها مَن هم أحق بها وهم الفقراء، بل يدعى إليها الغني. أما الوليمة من حيث هي ولاسيما سيما وليمة العرس فإنها سنة مؤكدة، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الرحمن بن عوف : ( أولم ولو بشاة ) : فأمره بالوليمة قال: ( ولو بشاة ) يعني ولو بشيء قليل، والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، لأنه من الأغنياء. وقوله عليه الصلاة والسلام : ( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله ) : يدل على أن الإجابة إجابة دعوة الوليمة واجبة، لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب، ولكن لابد فيها من شروط : الشرط الأول : أن يكون الداعي مسلماً، فإن لم يكن مسلما لم تجب الإجابة، ولكن تجوز الإجابة ، لا سيما إذا كان في هذا مصلحة، يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرسه فلا بأس أن تجيب، لاسيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أن يهودياً دعاه في المدينة، فأجابه، وجعل له خُبزاً من الشعير، وإهالة سَنِخة ) : يعني ودكاً قديماً متغيراً. وأما العدالة : يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلاً فليس بشرط، فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة، أو حليق اللحية، أو شارب دخان، فأجبه كما تجيب مَن كان سالماً من ذلك. لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته، فلا تجب دعوته، لا تجب الدعوة، من أجل مصلحته، أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أم لم تجب فأجب الدعوة لأنه مسلم. ويشترط أيضاً لوجوب إجابة الدعوة : أن يكون ماله حلالاً ، فإن كان ماله حراماً كالذي يكتسب المال بالربا ، فإنه لا تجب إجابته ، لأن ماله حرام، والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ، ولكنه ليس بحرام ، يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كَسبه حرام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا، يأخذون الربا ويتعاملون به، لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام. أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط، يتجر تجارة حلالاً ويكتسب كسباً محرماً، فلا بأس من إجابته، ولا تتورع عن ماله، لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام، مِن الناس من يغش فيكتسب بالحرام ، ومنهم من يرابي في بعض الأشياء، ومنهم الموظفون، كثير من الموظفين لا يقومون بواجب الوظيفة، تجده يتأخر عند الدوام، أو يتقدم قبل وقت انتهاء الدوام، هذا ليس راتبه حلالاً، ما دام يتأخر عن الوقت الذي يجب عليه الحضور فيه أو يتقدم فيخرج قبل ، فإنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة، لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلاً أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا، فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيراً منهم يكون في ماله دَخَن من الحرام. الشرط الثالث : ألا يكون في الدعوة منكر، فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تَجِب الإجابة، مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنين، أو أن عندهم شِيَش يشربها الحاضرون، أو عندهم شُرَّاب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادراً على تغيير هذا المنكر، فإنه يجب عليك الحضور لسببين : السبب الأول : إزالة المنكر. والسبب الثاني : إجابة الدعوة. أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر، فإن حضورك حرام. الشرط الرابع : أن يُعيِّنه، ومعنى يعينه يعني يقول : يا فلان احضر أدعوك إلى حضورك وليمة العرس. فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس قال : يا جماعة ترى عندنا حفل زواج وليمة عرس احضروا، فإنه لا يجب عليك أن تحضر، لأنه دعا دعوة عامة ما نص عليك، فلابد أن يعينك، فإن لم يعينك فإنها لا تجب، ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة، لأن مِن حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته، إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة، فليتبع المصلحة، والله الموفق. الطالب : شيخ تغيير المنكر بالفعل أو يكفي بلسانه ؟ الشيخ : لا ، لابد أن يغيره ، يعني بمعنى أن تقول : أمسكوا عن هذا العمل فيمسكون ، أما مجرد أن تقول : أمسكوا عن العمل ويستمرون هذا ما يكفي ، لا تحضر. القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة، يُمنعها من يأتيها ويُدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) ، رواه مسلم . وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله : ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) " .
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه ) رواه مسلم ... " .
القارئ : " وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن عال جاريتين حتى تبلغا ، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه ) ، رواه مسلم " .
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) رواه مسلم وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ) . وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه ) رواه مسلم ... " . ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : سبق الكلام على حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة، يُدعا إليها من يأباها، ويُمنعها من يأتيها ) : وفسر أبو هريرة ذلك بقوله : يدعا إليها الأغنياء ويمنع منها الفقراء ، وهذه وليمة العرس وكذلك غيرها . ثم قال : ( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله ) : وتقدم لنا شروط وجوب إجابة الدعوة وأنها خمسة. أما هذا الحديث الآخر ففيه فضل عول الإنسان للبنات، وذلك أن البنت قاصرة ضعيفة مهينة، والغالب أن أهلها لا يأبهون بها، ولا يهتمون بها، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن عال جاريتين حتى تبلغا كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقال بأصبعه السبابة والوسطى ) : المعنى أنه يكون رفيقاً لرسول الله صلى الله عليه وآله في الجنة، إذا عال الجارتين : يعني الأنثيين من بنات أو أخوات أو غيرهما، فإنه يكون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة، وقرن بين أصبعيه عليه الصلاة والسلام. والعول في الغالب يكون بالقيام بمئونة البدن ، مِن الكسوة والطعام والشراب والسكن والفراش ونحو ذلك ، ولكن كذلك يكون في غذاء الروح ، غذاء الروح بالتعليم والتهذيب والتوجيه والأمر بالخير والنهي عن الشر وما إلى ذلك . ويؤخذ مِن هذا الحديث ومما قبله ومما قبله أيضاً : أنه ينبغي للإنسان أن يهتم بالأمور التي تقربه إلى الله لا بالأمور الشكليات، أو مراعاة ما ينفع في الدنيا فقط، بل يُلاحظ هذا ويلاحظ ما ينفع في الآخرة أكثر وأكثر. وقوله : ( حتى تبلغا ) : يعني حتى تصلا سن البلوغ، وهو خمس عشرة سنة، أو لتحيض المرأة ولو قبل خمس عشرة سنة، أو ينبت لها العانة أو تحتلم، لأن علامات البلوغ في المرأة أربعة، أربع علامات : تمام خمسة عشرة سنة ، نبات العانة ، والثالث : الاحتلام ، والرابع : الحيض ، فإذا حاضت ولو كانت لها أقل من خمسة عشرة سنة فهي بالغ ، والله الموفق .
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: ( من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) متفق عليه ... " .
القارئ : " عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دَخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال : مَن ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: ( من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) . متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- عن عائشة رضي الله عنها قصة عجيبة غريبة، قالت : " دخلت عليّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، لأنها فقيرة ، فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة، بيت من بيوت النبي عليه الصلاة والسلام لا يوجد فيه إلا تمرة واحدة!، فأعطيتها إياها، فشقتها بين ابنتيها نصفين، وأعطت واحدة نصف التمرة، والأخرى نصف التمرة الآخر، ولم تأكل منها شيئاً. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة، فأخبرته، لأنها قصة عجيبة غريبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) " ، ( من ابتلي ) : ليس المراد به هنا بلوى الشر، لكن مَن قُدِّر له، كما قال الله تعالى: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً )) يعني من قدر له ابنتان فأحسن إليهما كن له ستراً من النار يوم القيامة، يعني أن الله تعالى يحجبه عن النار بإحسانه إلى البنات، لأن البنت ضعيفة لا تستطيع التكسب، لأن الذي يكتسب رجل، قال الله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) ، فالذي ينفق على العائلة ويكتسب هو الرجل .
الشيخ : المرأة إنما شأنها في البيت، تقيم البيت، تصلحه لزوجها، تؤدب أولادها، وليست للوظائف والتكسب إلا عند الغرب الكفرة، ومن كان على شاكلتهم، ممن اغتر بهم فقلدهم، وجعل المرأة مثل الرجل في الاكتساب، وفي التجارة، وفي المكاتب، حتى صار الناس يختلطون بعضهم ببعض، وكلما كانت المرأة أجمل كانت أحظى بالوظيفة الراقية عند الغرب ومن شابههم ومن شاكلهم! ونحن ولله الحمد في بلادنا هذه نسأل الله أن يديم علينا، قد منعت الحكومة حسب ما قرأنا من كتاباتها أن يتوظف النساء لا في القطاع العام ولا في الخاص، ونسأل الله أن يديم هذه النعمة ، إلا فيما يتعلق بالنساء مثل مدارس البنات وشبهها. لكن نسأل الله الثبات، وأن يزيدها من فضله، وأن يمنعها مما كانت عليه الأمم اليوم من هذا الاختلاط الضار.
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: ( من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) . متفق عليه ... " .
الشيخ : في هذا الحديث من العِبر: أولاً: بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن أشرف بيوته، فيه أحب نسائه إليه، لا يوجد به إلا تمرة واحدة، ونحن الآن في بلدنا هذا يُقدم للإنسان عند الأكل خمسة أصناف أربعة أصناف شتى، لماذا فُتِحت علينا الدنيا وأغلقت عليهم؟! ألكوننا أحب إلى الله منهم؟! لا والله، هم أحب إلى الله منا، ولكن فضل الله يؤتيه من يشاء، نحن ابتلينا بهذه النعم، فصارت هذه النعم عند كثير من الناس اليوم صارت سبباً للشر والفساد والأشر والبطر، حتى فسقوا والعياذ بالله، ويُخشى علينا من عقوبة الله عز وجل، بسبب أن كثيراً منا بطروا هذه النعم وكفروها، وجعلوها عَوناً على معاصي الله سبحانه وتعالى نسأل الله السلامة. ثانياً: وفيه أيضاً ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإيثار، فإن عائشة ليس عندها إلا تمرة، ومع ذلك آثرت بها هذه المسكينة، ونحن الآن عندنا أموال كثيرة ويأتي السائل ونرده. لكن بلاءنا في الحقيقة مِن رد السائل أن كثيراً من السُؤَّآل كاذبون، يسأل وهو أغنى من المسؤول، كم من إنسان سأل ويسأل الناس ويُلحق في المسألة فإذا مات وجدت عنده الدراهم داهم الفضة والذهب الأحمر والأوراق الكثيرة من النقود! هذا هو الذي يجعل الإنسان لا يتشجع على إعطاء كل سائل، من أجل الكذب والخداع، يظهرون بمظهر العجزة، بمظهر المعتوهين، بمظهر الفقراء وهم كاذبون. وفي هذا أيضاً من العِبر أن الصحابة رضي الله عنهم يوجد فيهم الفقير كما يوجد فيهم الغني، قال الله تعالى : (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً )) : ولولا هذا التفاوت ما اتخذ بعضنا بعضاً سخرياً، لو كنا على حد سواء احتاج الإنسان مثلاً لعمل، لبناء، جاء إلى آخر قال: أريدك تبني عندي البيت قال: ما أبني، أنا مثلك، أنا غني، أردنا أن يصنع لنا باباً، قال ما أصنع، أنا غني مثلك، لكن هذا التفاوت جعل الناس يخدم بعضهم بعضاً " الناس للناس من بدو وحاضرة *** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم " ، حتى التاجر يخدم الفقير، التاجر الغني المليارات عنده يخدم الفقير، كيف؟! يورد الأطعمة والأشربة والأكسية ومواد البناء وغيرها، يجلبها للفقير ينتفع بها، كل الناس بعضهم لبعض، يخدم بعضهم بعضاً حكمة من الله عز وجل. وفي هذا الحديث أيضاً دليل على فضل من أحسن إلى البنات بالمال، والكسوة، وطيب الخاطر، ومراعاة أنفسهن لأنهن عاجزات قاصرات. وفيه ما أشرنا إليه أولاً من أن الذي يُكلف بالنفقة وينفق هم الرجال، أما النساء فللبيوت ولمصالح البيوت، وكذلك للمصالح التي لا يقوم بها النساء كمدارس البنات. أما أن يُجعلن موظفات مع الرجال في مكتب واحد، أو سكرتيرات كما يوجد في كثير من بلاد المسلمين، فإن هذا لا شك خطأ عظيم، وشر عظيم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) : لأن أولها قريب من الرجال فصار شراً ، فانظر كيف نُدب للمرأة أن تتأخر وتبتعد عن الإمام، كل ذلك من أجل البعد عن الرجال، نسأل الله أن يحمينا وإخواننا المسلمين من أسباب سخطه وعقابه.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار ) رواه مسلم . وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أخرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد . وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما رأى سعد أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) . رواه البخاري هكذا مرسلا فإن مصعب بن سعد تابعي . وعن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( أبغونى في الضعفاء فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ) رواه أبو داود بإسناد جيد... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صَنَعَت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار ) ، رواه مسلم . وعن أبي شُريح، خُويلد بن عمرو الخُزاعي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) ، حديث حسن ، رواه النسائي بإسناد جيد . وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ( رأى سعد أن له فضلا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) ، رواه البخاري هكذا مرسلا فإن مصعب بن سعد تابعي . وعن أبي الدرداء عويمرٍ رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أبغونى في الضعفاء، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ) ، رواه أبو داود بإسناد جيد " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار ) رواه مسلم . وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أخرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد . وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما رأى سعد أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) . رواه البخاري هكذا مرسلا فإن مصعب بن سعد تابعي . وعن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( أبغونى في الضعفاء فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ) رواه أبو داود بإسناد جيد... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث كلها تدل على مضمون ما سبق من الرفق بالضعفاء واليتامى والبنات وما أشبه ذلك، وفي حديث عائشة الأول قصة كحديثها السابق الذي مضى في درس أمس، لكن الذي مضى في درس أمس أنها أعطتها عائشة رضي الله عنها تمرة واحدة، فشقتها بين ابنتيها. أما هذا فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت إحدى البنتين واحدة، والثانية التمرة الأخرى، ثم رفعت الثالثة إلى فيها لتأكلها، فاستطعمتاها : يعني أن البنتين نظرتا إلى التمرة التي رفعتها الأم، فلم تطعَمها الأم، شقتها بينهما نصفين، فأكلت كل بنت تمرة ونصفاً والأم لم تأكل شيئاً. فذكرت ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما صنعت المرأة، فقال : ( إن الله أوجب لها بهما الجنة ) -نسأل الله من فضله- يعني: لأنها لما رحمتهما هذه الرحمة العظيمة أوجب الله لها بذلك الجنة. فدل ذلك على أن ملاطفة الصبيان والرحمة بهم من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار -نسأل الله أن يكتب لنا ولكم ذلك- . وفي الأحاديث التي بعده ما يدل على أن الضعفاء سبب للنصر وسبب للرزق، إذا حَنَا عليهم الإنسان وعطف بهم وآتاهم مما آتاه الله عز وجل كان ذلك سبباً للنصر على الأعداء، وكان سبباً للرزق لأن الله تعالى إذا أنفق الإنسان لربه نفقة ، فإن الله تعالى يخلفها عليه ، قال الله تعالى : (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ )) أي يأتي بخلفه وبدله، (( وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) ، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الوصية بالنساء . قال الله تعالى (( وعاشروهن بالمعروف )) وقال تعالى (( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما )) ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آبه وصحبه أجمعين : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الوصية بالنساء : قال الله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف )) ، وقال تعالى: (( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة * وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً )) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الوصية بالنساء . قال الله تعالى (( وعاشروهن بالمعروف )) وقال تعالى (( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما )) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الوصية بالنساء " : يعني الوصية على أن يَرفق بهن الإنسان وأن يتقي الله تعالى فيهن، لأنهن قاصرات يحتجن إلى من يجبرهن ويكملهن، كما قال الله تعالى: (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )) . ثم استدل المؤلف بقول الله تعالى: (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) يعني: عاشروا النساء بالمعروف ، والمعاشرة: " معناها المصاحبة والمعاملة ، أن يعاملها الإنسان بالمعروف ويصاحبها كذلك " . والمعروف: " ما عرفه الشرع وأقره واطرد به العرف "، والعبرة بما أقره الشرع، فإذا أقر الشرع شيئاً فهو المعروف، وإذا أنكر شيئاً فهو المنكر ولو عرفه الناس. وقال تعالى: (( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُم )) : وهذا الخطاب لمن كان عنده زوجتان فأكثر، يبين الله عز وجل أن الإنسان لا يستطيع أن يعدل بين النساء ولو حرص، لأن هناك أشياء تكون بغير اختيار الإنسان كالمودة والميل وما أشبه ذلك، مما يكون في القلب، أما ما يكون بالبدن فإنه يمكن العدل فيه، كالعدل بالنفقة، والعدل في المعاملة بأن يقسم لهذه ليلتها وهذه ليلتها، والكِسوة، وغير ذلك هذا ممكن، لكن ما في القلب لا يمكن أن يعدل الإنسان فيه، لأنه بغير اختياره، ولهذا قال الله تعالى: (( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا )) أي : تذروا المرأة إذا التي ملتم عنها ، (( كَالْمُعَلَّقَةِ )) : كالمعلقة بين السماء والأرض، ليس لها قرار، لأن المرأة إذا رأت أن زوجها مال مع ضرتها تعبت تعباً عظيماً، واشتغل قلبها، فصارت كالمعلقة بين السماء والأرض ليس لها قرار. ثم قال : (( وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً )) : يعني إن تسلكوا سبيل الإصلاح وتقوى الله عز وجل فإن الله كان غفوراً رحيماً : يعني يغفر لكم ما لا تستطيعونه، ولكنه يؤاخذكم بما تستطيعون. وهاتان الآيتان وغيرهما من نصوص الكتاب والسنة كلها تدل على الرفق بالمرأة وملاحظتها ومعاشرتها بالتي هي أحسن ، وأن الإنسان لا يطلب منها حقه كاملاً، لأنه لا يمكن أن تأتي به على وجه الكمال، فليعف وليصفح، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ) . متفق عليه وفي رواية في الصحيحين: ( المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت وفيها عوج ) وفي رواية لمسلم: ( إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ) ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( استوصوا بالنساء خيراً ، فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإن أعوج ما في الضِلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ) ، متفق عليه . وفي رواية في الصحيحين : ( المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ) . وفي رواية لمسلم : ( إن المرأة خلقت من ضِلع لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ) . متفق عليه وفي رواية في الصحيحين: ( المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت وفيها عوج ) وفي رواية لمسلم: ( إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه في معاشرة النساء : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( استوصوا بالنساء خيراً ) : يعني اقبلوا هذه الوصية التي أوصيكم بها، وذلك أن تفعلوا خيراً مع النساء، لأن النساء قاصرات في العقول، وقاصرات في الدين، قاصرات في التفكير، قاصرات في جميع شؤونهن، فإنهن خُلقن من ضلع، وذلك أن آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من غير أب ولا أم، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، ولما أراد الله تعالى أن يبث منه هذه الخليقة، خلق منه زوجه، فخلقها من ضلعه الأعوج، فخلقت من الضلع الأعوج، والضلع الأعوج إن استمتعت به استمتعت به وفيه العوج، وإن ذهبت تقيمه انكسر. فهذه المرأة أيضاً إن استمتع بها الإنسان استمتع بها على عِوج، فيرضى بما تيسر، وإن أراد أن تستقيم فإنها لن تستقيم، ولن يتمكن من ذلك، فهي وإن استقامت في دينها لكن لا تستقيم فيما تقتضيه طبيعتها، ولا تكون لزوجها على ما يريد في كل شيء، بل لابد من مخالفة، ولابد من تقصير، مع القصور الذي فيها. فهي قاصرة بمقتضى جبلتها وطبيعتها، مقصِّرة أيضاً، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها، يعني معناه أنك إن حاولت أن تستقيم لك على ما تريد فلا يمكن ذلك، وحينئذٍ تسأم منها وتطلقها، فكسرها طلاقها. وفي هذا توجيه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى معاشرة الإنسان لأهله، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفو ما تيسر، كما قال تعالى : (( خُذِ الْعَفْوَ )) : يعني ما عفى وسهل من أخلاق الناس ، (( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )) . ولا يمكن أن تجد امرأة مهما كان الأمر يعني سالمة من العيب مائة بالمائة، أو مواتية للزوج مائة بالمائة، ولكن كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام :استمتع بها على ما فيها من العوج. وأيضاً إن كرهت منها خُلقاً رضيت منها خلقاً آخر، فقابل هذا بهذا مع الصبر، وقد قال الله تعالى : (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )) ، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال لم يضحك أحدكم مما يفعل ) متفق عليه ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آبه وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه : ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، وذكر الناقة والذي عقرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذ انبعث أشقاها )) : انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال : يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد ، فلعله يضاجعها من آخر يومه ، ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة، لم يضحك أحدكم مما يفعل ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال لم يضحك أحدكم مما يفعل ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته، وكان عليه الصلاة والسلام خطبه على نوعين : نوع راتب، ونوع عارض. فالخطب الراتبة : كخطب يوم الجمعة، وخطب العيدين، والاستسقاء، والكسوف وما أشبه ذلك. والخطب العارضة : هي التي يكون لها سبب، فيقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيخطب الناس ويعظمهم ويبين لهم، وأحياناً يخطب على المنبر، وأحياناً يخطب قائماً على الأرض، وأحياناً يخطب على ناقته، وأحياناً يخطب معتمداً على بعض أصحابه، حسب ما تقتضيه الحال في وقتها، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام مِن هديه أنه لا يتكلف، فلا يطلب المعدوم، ولا يرد الموجود إذا لم يكن في ذلك تقصير في الشرع، أو تجاوز فيه. فكان يخطب، سمعه عبد الله بن زمعة، من جملة ما خطب أنه قال: ( علام يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ) : يعني يجلدها جلد شخص كأنه لا علاقة بينه وبينها، وكأنها عنده عبد أسير عاني، وهذا لا يليق، لأن علاقة الرجل مع أهله علاقة خاصة ينبغي أن تكون مبنية على المحبة والألفة والبعد عن الفحشاء القولية أو الفعلية، أما أن يجلدها كما يجلد العبدَ ثم في آخر اليوم يضاجعها، كيف تضاجعها في آخر اليوم وتستمتع بها محبة وتلذذاً وشهوة وأنت قد جلدتها جلد العبد؟! هذا تناقض، ولهذا عتب النبي عليه الصلاة السلام على هذا العمل، وأنه كيف يقع هذا الشيء من الإنسان، وصدق النبي عليه الصلاة والسلام، فإن هذا لا يليق بالعاقل فضلاً عن المؤمن. ثم تحدث أيضاً عن شيء آخر وهو ضحكه من الضرطة، يعني إذا ضرط الإنسان خرجت الريح من دبره، ولها صوت، ضحكوا، يقول: كيف تضحكون ليش تضحكون، ( علام يضحك أحدكم مما يفعل ) .