شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال لم يضحك أحدكم مما يفعل ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه : ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته ) ، وكان عليه الصلاة والسلام خطبه على نوعين: نوع راتب، ونوع عارض: فالخطب الراتبة : كخطب يوم الجمعة، وخطب العيدين، والاستسقاء، والكسوف وما أشبه ذلك. والخطب العارضة : هي التي يكون لها سبب، فيقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيخطب الناس ويعظمهم ويبين لهم. وأحياناً يخطب على المنبر، وأحياناً يخطب قائماً على الأرض، وأحياناً يخطب على ناقته، وأحياناً يخطب معتمداً على بعض أصحابه، حسب ما تقتضيه الحال في وقتها، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام من هديه أنه لا يتكلف ، فلا يطلب المعدوم، ولا يرد الموجود إذا لم يكن في ذلك تقصير في الشرع، أو تجاوز فيه. فكان يخطب، سمعه عبد الله بن زمعة، من جملة ما خطب أنه قال: ( علام يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ) : يعني يجلدها جلد شخص كأنه لا علاقة بينه وبينها، وكأنها عنده عبد أسير عاني، وهذا لا يليق، لأن علاقة الرجل مع أهله علاقة خاصة ينبغي أن تكون مبنية على المحبة والألفة والبعد عن الفحشاء القولية أو الفعلية، أما أن يجلدها كما يجلد العبدَ ثم في آخر اليوم يضاجعها، كيف تضاجعها في آخر اليوم وتستمتع بها محبة وتلذذاً وشهوة وأنت قد جلدتها جلد العبد؟! هذا تناقض، ولهذا عتب النبي عليه الصلاة السلام على هذا العمل، وأنه كيف يقع هذا الشيء من الإنسان، وصدق النبي عليه الصلاة والسلام، فإن هذا لا يليق بالعاقل فضلاً عن المؤمن. ثم تحدث أيضاً عن شيء آخر وهو ضحكه من الضرطة، يعني إذا ضرط الإنسان خرجت الريح من دبره ولها صوت ضحكوا، يقول: كيف تضحكون؟ ليش تضحكون؟ ( علام يضحك أحدكم مما يفعل؟! ) : ألست أنت تضرط كما يضرط هذا الرجل؟ بلى، إذا كان كذلك فلماذا تضحك؟ الإنسان إنما يضحك ويتعجب عن شيء لا يقع منه، أما ما يقع منه فإنه لا ينبغي أن يضحك منه، ولهذا عاتب النبي صلى الله عليه وسلم على من يضحكون من الضرطة، لأن هذا شيء يخرج منك وعادة عند كثير من الناس، كثير من الناس في بعض الأعراف لا يبالون إذا ضرط أحدهم وإلى جنبه إخوانه، ولا يحتشمون من ذلك أبداً، ويرون أنها من جنس العطاس أو السعال أو ما أشبه ذلك. صحيح في بعض الأعراف ينتقدون هذا، لكن كونه تضحك ويخجل صاحبه لأنك إذا ضحكت على صاحبك خجل ، طيب كيف وأنت تفعل مثل ما يفعل. وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان لا ينبغي له أن يعيب غيره فيما يفعله هو بنفسه، إذا كنت لا تعيبه بنفسك كيف تعيبه بإخوانك؟!
فائدة : ذكر كون الأكل من لحم الإبل ناقض للوضوء وبيان أن الحكمة من ذلك .
الشيخ : وبهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة شائعة عند العامة، فإنه من المعلوم أن لحم الإبل إذا أَكل منه الإنسان وهو متوضئ انتقض وضوؤه، ووجب عليه أن يتوضأ إذا أراد الصلاة، سواء أكله نِيًا أو مطبوخاً، وسواء كان هبر، أو كبد أو مصران، أو كرش، أو قلب، أو رئة، كل ما حملت البعير فإن أكله ناقض للوضوء، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستثن شيئاً قال: ( توضئوا من لحوم الإبل ) ، ( وسُئل أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم ، قال: من لحوم الغم فقال: إن شئت ) ، لحم الغنم لا ينقض الوضوء ، لحم البقر لا ينقض الوضوء، لحم الخيل لا ينقض الوضوء، لكن لحم الإبل ينقض ، إذا أكلت نيئ أو مطبوخ هبر أو غير هبر وجب عليك أن تتوضأ. فأما شرب لبنها، فإن الصحيح أنه ليس بناقض للوضوء ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر العرنيين أن يخرجوا إلى إبل الصدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها لم يأمرهم بالوضوء، ولو كان واجباً لأمرهم به، لكن إن توضأ فهو أحسن، أما الوجوب فلا. وكذلك المرق لا يجب الوضوء منه ، وإن توضأت فهو أحسن، أما اللحم فلابد، وكذلك الشحم فلابد من الوضوء منه. يقول بعض الناس: إن السبب أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان في وليمة وكان لحمها لحم إبل، وأنه خرجت ريح من بعض الحاضرين ولا يُدرى من، فقال النبي صلى الله عليه وسلم توضؤوا كلكم، وجعلوا هذا السبب في أن الإنسان يتوضأ من لحم الإبل، وهذا كذب هذا حديث باطل لا أصل له، وإنما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بالوضوء من لحم الإبل لحكمةٍ الله يعلمها، قد نعلمها نحن وقد لا نعلمها، المهم نحن نقول: سمعنا وأطعنا، أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من لحوم الإبل إذا أكلنا منها فسمعاً وطاعة.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره ) رواه مسلم ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يَفرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره ) ، رواه مسلم " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يَفرَك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) . الفرك: يعني البغضاء والعداوة، يعني لا يعادي المؤمن المؤمنة كزوجته مثلاً، لا يعاديها ويبغضها إذا رأى منها ما يكرهه مِن الأخلاق، وذلك لأن الإنسان يجب عليه القيام بالعدل، وأن يراعي المعامِل له بما تقتضيه حاله، والعدل أن يوازن بين السيئات والحسنات، وينظر أيهما أكثر وأيهما أعظم وقعاً، فيغلّب ما كان أكثر وما كان أشد تأثيراً، هذا هو العدل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا )) : يعني لا يحملكم بغضهم على عدم العدل، اعدلوا ولو كنتم تبغضونه، ولهذا لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر ليخرص عليهم ثمر النخل، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عامل أهل خيبر حين فتحها على أن يكفوه المئونة، ويقومون بإصلاح النخيل والزرع ولهم النصف. فكان يبعث عليهم مَن يخرص عليهم الثمرة، فبعث إليهم عبد الله بن رواحة فجمعهم وقال لهم : ( يا إخوان القردة والخنازير، جئتكم من أحب الناس إلي، وإنكم لأبغض إلي من مثل عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني حبي إياه وبغضي إياكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السَّمَوَاتِ والأرض ) . فالشاهد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر أن يكون الإنسان حاكماً بالعدل بالقسط، فقال : ( لا يَفرَك مؤمن مؤمنة ) يعني لا يبغضها لأخلاقها، إن كره منها خلقاً رضي منه خلقاً آخر. افرض أنها مثلاً أساءت في إصلاح القهوة ، لكن أحسنت في إصلاح الغداء في إصلاح العشاء، أساءت في المنام ليلة لكن أحسنت ليالي ، أساءت في معاملة الأولاد مرة ، لكن أحسنت كثيراً ، وهكذا. فأنت إذا أساءت إليك لا تنظر إلى الإساءة في الوقت الحاضر، انظر إلى الماضي وانظر للمستقبل واحكم بالعدل. وهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المرأة يكون في غيرها أيضاً ممن يكون بينك وبينه معاملة أو صداقة أو ما أشبه ذلك، إذا أساء إليك يوماً من الدهر لا تنس إحسانه إليك مرة أخرى وقارن بين هذا وهذا، وإذا غلب الإحسان على الإساءة فالحكم للإحسان، وإن غلبت الإساءة على الإحسان فانظر : إن كان أهلاً للعفو فاعف عنه، (( ومن عفا وأصلح فأجره على الله )) ، وإن لم يكن أهلاً للعفو فخذ بحقك أنت غير ملوم إذا أخذت بحقك، لكن انظر للمصلحة. فالحاصل أن الإنسان ينبغي له أن يُعامل من بينه وبينهم صلة من زوجيه أو صداقة أو معاملة، في بيع وشراء أو غيره، أن يعامله بالعدل إذا كره منه خلقاً أو أساء إليه في معاملة، أن ينظر للجوانب الأخرى حتى يقارن بين هذا وهذا، فإن هذا هو العدل الذي أمر الله به ورسوله (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) ، والله الموفق .
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عمرو بن الأحوص الجُشمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مُبيِّنة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، ألا إن لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقا ، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) ، رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله- فيما نقل عن عمرو بن الأحوص الجُشمي رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع يخطب، وكان ذلك في عرفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قدم مكة يوم الأحد، الرابع من ذي الحجة، وبقي فيها إلى يوم الخميس الثامن من ذي الحجة. وخرج ضُحى يوم الخميس إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فلما طلعت الشمس، سار إلى عرفة، فنزل بنَمِرة وهي مكان معروف قبل عرفة وليست من عرفة، ثم زالت الشمس وحلت صلاة الظهر، فأمر أن تُرَحّل له ناقته فرُحلت له وركب، حتى أتى بطن الوادي، بطن عُرَنة وهو شعيب عظيم يحد عرفة من الناحية الغربية إلى الناحية الشمالية، فنزل ثم خطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة عظيمة بليغة، ثم قال فيها من جملة ما قال ما أوصى به أمته بالنسبة للنساء قال : ( استوصوا بالنساء خيراً ) ، وفي رواية جابر: ( اتقوا الله في النساء، فإنهن عوانٍ عندكم ) : العواني جمع عانية وهي الأسيرة، يعني أن الزوجة عند زوجها بمنزلة الأسير عند من أسره، لأنه يملكها، وإذا كان يملكها فهي كالأسير عنده. ثم بين عليه الصلاة والسلام أنه لا حق لنا أن نضربهن إلا إذا أتين بفاحشة مبينة، والفاحشة هنا عصيان الزوج، بدليل قوله : (( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )) يعني إن عاثرت الزوجة في حق زوجها عليها فإنه يعظها أولاً، ثم يهجرها في المضجع لا ينام معها، ثم يضربها ضرباً غير مبرح. هذه مراتب تأديب المرأة إذا أتت بفاحشة مبينة، وهي عصيان الزوج فيما يجب له: (( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )) : يعني لا تضربوهن ولا تقصروا في حقهن لأنهن قمن بالواجب. ثم بين عليه الصلاة والسلام الحق الذي لهن والذي عليهن، فقال : ( لكم عليهن ألا يُوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ) : يعني لا يجلسن أحداً يدخل عليهن على الفراش ، فراش النوم أو غيره ، وأنت تكره أن يجلس على فراش بيتك، وكأن هذا والعلم عند الله كأنه ضرب مثل، والمعنى: أن لا يكرمن أحداً تكرهونه، لأن هذا من المضادة لكم أن يكرمن من تكرهونه بإجلاسه على الفرش أو تقديم الطعام له، أو ما أشبه ذلك. وأن لا يَأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، يعني لا يُدخِلن أحداً البيت وأنت تكره أن يدخل، حتى لو كانت أمها أو أباها، فلا يَحل لها أن تدخل أمها أو أباها، أو أختها أو أخاها، أو عمها أو خالها أو عمتها أو خالتها إلى بيت زوجها إذا كان يكره ذلك. وإنما نبهت على هذا، لأن بعض النساء والعياذ بالله شر، شر حتى على بنتها، إذا رأت أن زوجها يغليها أصابتها الغيرة والعياذ بالله وهي الأم ، ثم حاولت أن تفسد بين البنت ، بنتها وزجها، فهذه الأم للزوج أن يقول لزوجته لا تدخل بيتي، له أن يمنعها شرعاً، وله أن يمنع زوجته من الذهاب إليها ، لأنها تفسدها نمامة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يدخل الجنة قتات ) : أي نمام. ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) : فالزوج هو الذي ينفق على زوجته حتى ولو كانت غنية، لو كانت موظفة، فليس له حق في وظيفتها ولا في راتبها، ليس له قرش واحد، كله لها، وتلزمه بأن ينفق عليها، إذا قال: كيف أنفق عليك وأنت غنية، أنت لك راتب؟ تقول: نعم أنفق علي، ويُلزم بالإنفاق عليها فإن أبى فللحاكم القاضي أن يفسخ النكاح غصباً عن الزوج، وذلك لأنه يُلزم بنفقتها. هذه الخطبة العظيمة خطبة حجة الوداع خطبة قرر فيها النبي عليه الصلاة والسلام شيئاً كثيراً من أصول الدين ومن الحقوق، حتى قال عليه الصلاة والسلام من جملة ما قال : ( ألا وإن ربا الجاهلية موضوع ) : ربا الجاهلية ، كانوا في الجاهلية -نسأل الله العافية- إذا حلَّ الدين على الفقير قالوا له: إما أن تُربي وإما أن تقضي، تقضي يعني توفينا، تُربي يعني نزيد عليك الدين حتى يصبح أضعافاً مضاعفة. فقال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع قال حاكماً ومشرعاً: ( إن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ) : يعني تحت رجلي ليس له قائمة، ولا قيام ، ثم قال: ( وأول ربا ًأضع ربا العباس بن عبد المطلب ) : الله أكبر، صراحة ، صراحة عظيمة وعدل قائم ، ( أول ربا أضع ربا العباس ) ، من العباس؟ عم الرسول ، ( أول ربا أضع ربا العباس ) . لو كان من أهل الدنيا في الوقت الحاضر لجحد، ولا أخبر الناس أن عمه يرابي، ولأبقى ربا عمه على ما هو عليه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو غاية الخلق في العدل يقول: ( أول رباً أضع ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ) : كل ربا العباس ، موضوع ملغى ، لا يوفيه من عليه الربا ، ليس للعباس إلا رأس ماله فقط. وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام حينما جاء الناس يشفعون في امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع ، تقول للناس : أعطوني القِدر عرية أطبخ به وأعطيكم إياه ، فإذا أعاروها جحدت ، قالت: ما عندي شيء ولا أعرتموني شيء، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها لأنها سارقة. فأهم قريشٌ شأنها لأنها امرأة من بني مخزوم ، قبائل قريش الكبرى أهمهم الأمر فجاؤوا ليشفعوا لها فقام وخطب الناس عليه الصلاة والسلام، ولا أحب أن أتجاوز بعد أن كنت أريد أن أتجاوز أنهم قدموا أسامة بن زيد ليشفع عند النبي عليه الصلاة والسلام . أتدرون من أسامة ؟ أسامة ابن عتيق الرسول عليه الصلاة والسلام ، زيد بن حارثة عبد أهدته خديجة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأعتقه ، ثم جاء بأسامة، وكان النبي عليه الصلاة والسالم يحبهما ، يحب أسامة وأباه زيداً، فقالوا لأسامة: اشفع عند الرسول . فلما جاء ليشفع أنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( أتشفع في حد من حدود الله ) : إنكار توبيخ. ثم قام فخطب الناس وقال لهم كلاماً خالداً عظيماً : ( إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) ، وهذا جور وظلم ، أيهم أحق بالعفو: الضعيف الذي لا يجد، أو الشريف الكبير؟ الثاني أحق لو كان هناك تفريق ، لكن هذا ما فيه تفريق، حد من حدود الله . ثم قال : ( وايم الله ) : يعني أحلف بالله ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) : وهي أشرف من المخزومية ، أشرف نسباً ، وهي بلا شك أقرب إلى كونها أقوى ديناً وهي أفضل من المخزومية ، لأنها سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها. قال: ( وايم الله ) : حلف وإن لم يُستحلف لتأكيد هذا الحكم وبيان أهمية ( لو أن فاطمة ) : وهي أشرف من هذه المخزومية ( بنت محمد ) أشرف البشر ( سرقت لقطعت يدها ) ، ما تقولون في هذا العدل؟ غاية في عدل البشر لا يوجد عدل يصدر من أي بشر كان مثل هذا العدل من النبي صلى الله عليه وسلم. المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام خطب في حجة الوداع خطبة عظيمة شرحها الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمة الله عليه، رئيس القضاة في هذه المملكة في زمنه ، شرحها شرحاً موجزاً لكنه مفيد، فمن أحب فليرجع إليه، لأنه مفيد ، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه قال ( أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ) حديث حسن رواه أبو داود وقال معنى لا تقبح أي لا تقل قبحك الله . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : ( قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذا طَعمت وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ) ، حديث حسن رواه أبو داود وقال: معنى لا تقبح : لا تقل قبحك الله . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خُلقًا ، وخياركم خياركم لنسائهم ) ، رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه قال ( أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ) حديث حسن رواه أبو داود وقال معنى لا تقبح أي لا تقل قبحك الله ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله- فيما نقل عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه، أنه سأل النبي صلى الله عليه ما حق امرأة أحدنا عليه ؟ والصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنما يسألون ليعملوا لا ليعلموا فقط ، خلافاً لما عليه كثير من الناس اليوم ، يسأل ليعلم ثم لا يعمل إلا قليلا ، وذلك أن الإنسان إذا علم من شريعة الله ما علم كان حجة له أو عليه، إن عمل به فهو حجة له يوم القيامة، وإن لم يعمل به كان حجة عليه يؤاخذ به. وما أكثر ما يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مسائل دينهم، ففي القرآن مسائل كثير : (( يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ )) ، (( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى )) ، (( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيض )) ، (( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ )) : كلها أسئلة يريد بها الصحابة رضي الله عنهم أن يعلموا فيها حكم الله ثم يطبقوه في أنفسهم وفي أهليهم. فسأله معاوية ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال : ( أن تكسوها إذا اكتسيت، وتطعمها إذا طعمت ) : يعني لا تخص نفسك بالكسوة دونها، ولا بالطعام دونها ، بل هي شريكة لك ، يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على نفسك ، حتى إن كثيراً من العلماء يقول : إذا لم ينفق الرجل على زوجته فطالبت بالفسخ عند القاضي فللقاضي أن يفسخ النكاح، لأنه قصر بحقها الواجب لها. قال : ( ولا تضرب الوجه ولا تقبح ) : لا تضربها مع الوجه ولا مع غيره إلا لسبب، وقد سبق لنا أمس أن الإنسان إذا رأى من امرأته نشوزاً وترفعاً عليه، وأنها لا تقوم بحقه وعظها أولاً، ثم هجرها في المضجع، ثم ضربها ضرباً غير مبرح.
الشيخ : وإذا حُق له أن يضربها لوجود السبب ، فإنه لا يضرب الوجه. وكذلك غير الزوجة لا تضربه مع الوجه، ابنك إذا أخطأ لا تضربه مع الوجه لأن الوجه أشرف ما في الإنسان، وهو واجهة البدن كله، فإذا ضربت كان أذل للإنسان مما لو ضربت غير وجهه، يعني اضرب الرجل مع كتفه، مع عضده، مع ظهره، لا يرى أنه استذل كما لو ضربته مع وجهه، ولهذا نُهي عن الضرب مع الوجه وعن تقبيح الوجه. قوله: ( لا تقبح ) : يعني لا تقل: أنت قبيحة، أو قبح الله وجهك، ويشمل النهي عن التقبيح: النهي عن التقبيح الحسي والمعنوي، فلا يقبحها مثل أن يقول: أنت من قبيلة رديئة، أنت وش أنت ، أنت ما أهلك ، وما أشبه ذلك، كل هذا من التقبيح الذي نهى الله عنه. قال: ( ولا تهجر إلا في البيت ) : يعني إذا وُجد سبب الهجر فلا تهجرها علناً وتظهر للناس أنك هجرتها ، ولكن اهجرها في البيت، لأنه ربما تهجرها اليوم وتتصالح معها في الغد ، فتكون حالكما مستورة، لكن إذا ظهرت حالكما للناس وقلت : والله أنا زعلان على أم عيالي هاجرها لي يومين ثلاثة شهر كان هذا خطأ، اهجرها في البيت، ولا يطلع على هجرك أحد، حتى إذا اصطلحت معها، وإذا كل شيء على ما يرام، دون أن يطلع عليك أحد من الناس.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " .
الشيخ : أما الحديث الثاني حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه حديث عظيم، قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: ( أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً ) : الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى: (( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً )) ، وليس الناس في الإيمان سواء من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهده شهود عِيان ، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساحات ، يؤمن بالجنة وكأنها في تلك الرياض ، يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه ، يؤمن إيماناً حقيقياً مطمئناً. ومن الناس من إيمانه مزعزع نسأل الله العافية وأن قوي إيماننا وإيمانكم ، من الناس من يعبد الله على حرف : يعني على طرف (( فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن به )) : يعني إن لم يواجه أحداً يشككه في الدين، ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه اطْمَأَنَّ بِه . (( وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة )) : إن أصابته فتنة في بدنه، أو ماله، أو أهله، انقلب على وجهه ، واعترض على القضاء والقدر، وتسخط وهلك والعياذ بالله ، (( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ )) . ( فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً ) : وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق، حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس، أما حسن الخلق مع الله: فأن يرضى الإنسان بشريعته، وينقاد إليها راضياً، مطمئناً، مسروراً بها سواء كانت أمر يؤمر به، أو نهياً ينهى عنه. وأن يرضى الإنسان بقدر الله عز وجل، ويكون ما قدر الله عليه مما يسوؤه كالذي قدر الله عليه مما يسره، فيقول: يا رب كل شيء من عندك، فأنا راضٍ بك رباً إن أعطيتني ما يسرني شكرت، وإن أصابني ما يسوؤني صبرت، فيرضى بالله قضاءً وقدراً، وأمراً وشرعاً هذا حسن الخلق مع الله. أما مع الناس فظاهر، كفُّ الأذى وبذل الندى، والصبر عليهم وعلى أذاهم، هذا هو حسن الخلق مع الناس : أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم، وتبذل نداك، الندى : يعني العطاء سواء كان مالاً أو جاهاً أو غير ذلك، وكذلك تصبر على البلاء منهم، فإذا كنت كذلك، كنت أكمل الناس إيماناً. ثم قال: ( وخيركم خيركم لأهله ) : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله ) : هذا خير الناس خيركم لأهله، لأنه إذا كان فيك خير خله عند أقرب الناس لك، عكس ما يفعله بعض الناس اليوم، تجده سيئ الخلق مع أهله، حسن الخلق مع غيرهم، وهذا خطأ، أهلك أحق بإحسان خلقك ، أحسن الخلق معهم، لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، إن أصابك شيء أُصيبوا معك، وإن سررت سروا معك، وإن حزنت حزنوا معك، فلتكن معاملتك معهم خيراً من معاملتك مع الأجانب، فخير الناس خيرهم لأهله. أسأل الله تعالى أن يكمل لي ولكم الإيمان، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن له حق علينا.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تضربوا إماء الله ) فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن إياس بن عبد الله بن أبي ذُباب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذَئرن النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءٌ كثير يشكون أزواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ) ، رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ) ، رواه مسلم " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تضربوا إماء الله ) فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال -رحمه الله تعالى- فيما نقله فيما يتعلق بأمر النساء : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تضربوا إماء الله ) : يريد بذلك النساء، فيقال : أمة الله كما يقال عبد الله، ويقال : إماء الله كما يقال عباد الله ، ومن ذلك الحديث الصحيح: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) . نهاهم عن ضرب النساء، فكفُّوا عن ذلك، لأن الصحابة رضي الله عنهم من الطراز الأول والجيل المفضل، الذين إذا دُعوا إلى الله ورسوله قالوا: سمعنا وأطعنا، فكفوا عن ضرب النساء، والنساء قاصرات عقل، وناقصات دين، ناقصات عقل ودين، اجترأن على أزواجهن، كما قال عمر بن الخطاب: ( يا رسول الله إن النساء ذئرن على أزواجهن ) : يعني اجترأن وتعالين على الرجال، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قال عمر ، لما سمع ما قال عمر، أجاز ضربهن، فأفرط الرجال في ذلك، وجعلوا يضربونهن حتى وإن لم يكن ذلك من حقهم، فطافت النساء بآل النبي صلى الله عليه وسلم، أي ببيوته، وجعلن يتجمعن حول بيوت الرسول عليه الصلاة والسلام يشكون أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس : ( يخبرهم أن هؤلاء الذين يضربون أزواجهن ليسوا بخيارهم ) : ليسو بخيارهم : أي ليسوا بخيار الرجال، وهذا كقوله: ( خيركم خيركم لأهله ) : فدل هذا على أن الإنسان لا يُفرِط ولا يفرِّط في ضرب أهله، إن وُجد سبباً يقتضي الضرب فلا بأس. وقد بين الله عز وجل مراتب ذلك في كتابه فقال: (( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )) . المرتبة الثالثة: الضرب، وإذا ضربهن فليضربهن ضرباً غير مبرح. ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة ) ، ( الدنيا متاع ) : يعني شيء يتمتع به، كما يتمتع المسافر بزاده ثم تنتهي، ( وخير متاعها المرأة الصالحة ) : إذا وفق الله للإنسان امرأة صالحة في دينها وعقلها فهذا خير متاع الدنيا، لأنها تحفظه في سره وماله وولده. وإذا كانت صالحة في العقل أيضاً، فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وفي تربية أولادها، إن نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته، وإن وَكَل إليها أولادها لم تخنه، فهذه المرأة هي خير متاع الدنيا، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) : يعني عليك بها، فإنها خير مَن يتزوجه الإنسان، فذات الدين وإن كانت غير جميلة الصورة، لكن يجملها خُلقها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك، والله والموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حق الزوج على المرأة . قال الله تعالى (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله )) وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبل . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) متفق عليه وفي رواية لهما: ( إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضي عنها ) ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب حق الزوج على المرأة : قال الله تعالى : (( الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتاتٌ حافظات للغيب بما حفظ الله )) . وأما الأحاديث : فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجلُ امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح ) ، متفق عليه . وفي رواية لهما : ( إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) . وفي رواية : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضي عنها ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حق الزوج على المرأة . قال الله تعالى (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله )) وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبل ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب حق الزوج على المرأة " : لما ذكر -رحمه الله- حقوق الزوجة على زوجها ، ذكر حقوق الزوج على زوجته ، ثم استدل بقوله الله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ )) . قوله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ )) : يعني أنه هو القيم الذي له الأمر على المرأة يدبرهها ويوجها ويأمرها فتطيع ، إلا إذا أمرها بمعصية الله فلا سمع له ولا طاعة ، ( لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، مهما كان هذا المخلوق. ثم بين الله تعالى سبب هذه القوامة والولاية التي جعلها الله، فقال : (( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )) : حيث فضل الرجل على المرأة في العقل والدين والحزم والقدرة والقوة وغير ذلك من وجوه الفضائل ، والشريعة كلها عدل ، تُعطي كل أحد ما يستحقه بمقتضى فضله، فإذا كان الله قد فضل الرجال على النساء فإنهم هم القوامون عليهن، وفي هذه الآية دليل واضح على فضل جنس الرجال على النساء، وأن الرجال أكمل وأفضل وأولى بالولاية من المرأة، ولهذا لما قيل للنبي عليه الصلاة والسلام : ( إن كسرى مات وتولى الأمر بعده امرأة قال: لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة ) ، لن يفلح قوم ولوا