تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك ) رواه مسلم . وعن أبي عبد الله ويقال له أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله ) رواه مسلم . وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: هل لي في بني أبي سليمة أجر أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا ولا هكذا إنما هم بني فقال ( نعم لك أجر ما أنفقت عليهم ) . متفق عليه . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في حديثه الطويل الذي قدمناه في أول الكتاب في باب النية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ( وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك ) متفق عليه . وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة ) . متفق عليه . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ) حديث صحيح رواه أبو داود وغيره ورواه مسلم في صحيحه بمعناه قال ( كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ) متفق عليه . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ) رواه البخاري ... " .
الشيخ : يتصدق على مسكين أو ما أشبه ذلك ويدع الواجب لأهله، يتصدق على مسكين أو نحوه ويدع الواجب لنفسه كقضاء الدين مثلاً، تجده مديناً يطالبه صاحب الدين بدينه وهو لا يُوفي، ويذهب يتصدق على المساكين، وربما يذهب للعمرة أو لحج التطوع وما أشبه ذلك ويدع الواجب، وهذا خلاف الشرع، وخلاف الحكمة، فهو سفه في العقل، وضلالٌ في الشرع. والواجب أن تبدأ بالواجب، الواجب الذي هو محتم عليك يجب أن تبدأ به، ثم بعد ذلك بما أردت من التطوع بشرط ألا تكون مُسرفاً ولا مُقتِّراً، فتخرج عن سبيل الاعتدال، لقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن : (( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً )) : يعني لا إقتار ولا إسراف، بل قَوام، ولم يقل بين ذلك فقط، بل بين ذلك قواماً، قد يكون الأفضل أن تزيد أو أن تنقص أو بين ذلك بالوسط. على كل حال هذه الأحاديث كلها تدل على أنه يجب على الإنسان أن ينفق على مَن عليه نفقته، وأن إنفاقه على مَن عليه نفقته أفضل من الإنفاق على الغير. وفي هذه الأحاديث أيضاً التهديد والوعيد على من ضيع عمن يملك قوتَه، وهو شامل للإنسان وغير الإنسان، فالإنسان يملك الأرقاء مثلاً، ويملك المواشي من إبل أو بقر أو غنم ، فهو آثم إذا ضيع من يلزمه قوته من آدميين أو غير آدميين، ( كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته )، واللفظ الثاني في غير مسلم : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ) : وفي هذا دليل على وجوب رعاية مَن ألزمك الله بالإنفاق عليه وأنه لا يحل لك التقصير في شيء، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد . قال الله تعالى (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) . عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت هذه الآية (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله تعالى أنزل عليك: (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وإن أحب مالي إلى بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ) . فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه متفق عليه ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الإنفاق مما يُحب ومِن الجيد : قال الله تعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) . وقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مِن طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم مِن الأرض ولا تيمَّموا الخبيث منه تنفقون )) . وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً مِن نخل ، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيرَحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيب ، قال أنس فلما نزلت هذه الآية : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) ، جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إن الله تعالى أنزل عليك : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) ، وإن أحبَّ مالي إليَّ بيْرَحاء ، وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى ، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخٍ ذاك مال رابح ، ذاك مال رابح وقد سمعت ما قلت ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد . قال الله تعالى (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) . عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت هذه الآية (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله تعالى أنزل عليك: (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وإن أحب مالي إلى بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ) . فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الإنفاق مما يجب ومن الطيب " : لما ذكر -رحمه الله- وجوب الإنفاق على الزوجة وعلى الأقارب، ذكر أنه ينبغي للإنسان أن يكون ذا همة عالية، وأن ينفق مِن أطيب ماله ومما يحب من ماله، وهناك فرق بين الأطيب وبين الذي يُحب، الغالب أن الإنسان لا يحب إلا أطيب ماله، لكن أحياناً يتعلق قلبه بشيء من ماله وليس أطيب ماله ، فإذا أنفق مِن الطيب الذي هو محبوب لعامة الناس ومما يحبه هو بنفسه وإن لم يكن من الطيب، كان ذلك دليلاً على أنه صادق فيما عامل الله به، ولهذا سُميت الصدقة صدقة، لدلالتها على صدق باذلها، فالإنسان ينبغي له أن ينفق من الطيب، من أطايب ماله، وينبغي له أن ينفق ما يحب، حتى يصدق في تقديم ما يحبه الله عز وجل على ما تهواه نفسه. ثم استدل المؤلف -رحمه الله- بآيتين من كتاب الله، فقال : " وقول الله تعالى: (( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )) " : البر : يعني الخير الكثير، ومنه سمي البَرُّ بالخلاء الواسع، فالبر هو الخير الكثير، يعني لن تنال الخير الكثير ولن تنال رتبة الأبرار حتى تنفق مما تحب. والمال كله محبوب لكن بعضه أشد محبة من بعض، فإذا أنفقت مما تحب، كان ذلك دليلاً على أنك صادق، ثم نلت بذلك مرتبة الأبرار. وقال تعالى : (( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )) : الخبيث من كل شيء بحسبه، فالخبيث من المال يطلق على الرديء، ويطلق على الكسب الرديء، ويطلق على الحرام. فمن إطلاقه على الرديء قوله تعالى : (( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )) : هذا بقية الآية التي أولها قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ )) : والخارج من الأرض منه الطيب ومنه الرديء، قال : (( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ )) أي: لا تقصدوا الخبيث وهو الرديء تنفقون منه، (( وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )) : يعني لو كان الحق لكم ما أخذتم الرديء إلا على إغماض وعلى كُره، فكيف ترضون لغيركم أن تعطوه الرديء وأنتم تأبون أن تأخذوه؟! وهذا من باب الاستدلال على الإنسان بما يُقر به ويعترف به : أنه لا يرضى أن يأخذ الرديء بدلاً عن الطيب ، فكيف يرضى أن يعطي الرديء بدلاً عن الطيب؟! فالخبيث هنا بمعنى الرديء ، ومن ذلك أيضاً تسمية النبي صلى الله عليه وسلم البصل والكراث الشجرة الخبيثة، لأنها رديئة منتنة كريهة، حتى إن الإنسان إذا أكل منها وبقيت رائحتها في فمه فإنه يحرم عليه أن يدخل المسجد، لا للصلاة ولا لغير الصلاة، لأن المسجد معمور بالملائكة فإذا دخل المسجد آذى الملائكة، والملائكة طيبون، والطيبون للطيبات، تكره الخبائث من الأعمال والأعيان، فإذا دخلت المسجد وأنت ذو رائحة كريهة آذيت الملائكة . وكان الرجل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد وقد أكل كُراثاً أو بصلاً طردوه طرداً إلى البقيع، البقيع تعرفون المسافة بينه وبين المسجد النبوي بعيدة، يُطرد إلى البقيع، لا يقرب المسجد. ونأسف أن بعض الناس، نسأل الله لنا ولهم الهداية والعصمة، يشرب الدخان أو الشيشة ويأتي إلى المسجد ورائحة الدخان والشيشة في فمه أو على ثيابه، مع أن هذه رائحة كريهة كلٌ يكرهها، حتى إن بعض الناس ما يستطيع أن يصلي جنب مثل هؤلاء، وهؤلاء يحرم عليهم أن يدخلوا المسجد والروائح الكريهة فيهم. وكذلك من به إصنان، الإصنان رائحة كريهة تفوح من إبطيه، أو تفوح من أذنيه، أو تفوح من رأسه وتؤذي، فإنه لا يجوز أن يصلي ما دامت الرائحة المؤذية فيه، لا يجوز أن يدخل المسجد بل يبتعد . والحمد لله، هذه مِن المصائب والبلاوي، إذا ابتلي بمثل هذا لا يقول : أنا كيف أحرم نفسي المسجد، نقول : هذا من الله عز وجل، احرم نفسك المسجد ولا تؤذي الناس والملائكة، وحاول بقدر ما تستطيع أن تتخلص من هذه الرائحة، إما بالتنظيف التام، أو بأن تضع روائح طيبة تغطي الرائحة الكريهة، هذا يمكن أن تُعالج بأن يستعمل الإنسان روائح طيبة تغطي الرائحة الكريهة، ويكون الذي يشم ما يشم إلا الرائحة الطيبة .
فائدة : معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كسب الحجام خبيث ) .
الشيخ : ومن إطلاق الخبيث على الكسب الرديء قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( كسب الحجام خبيث ) : الحجام الذي يُخرج الدم بالحجامة، هذا كسبه خبيث، يعني رديء ، وليس المراد أنه حرام، قال ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه: " لو كان كسب الحجام حراماً ما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرته " ، ( فقد احتجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطى الحجام أجره ، ولو كانت حراماً ما أعطاه ) ، لأن الرسول لا يقر على الحرام ولا يعين على الحرام، لكن هذا من باب أنه كسب رديء دنيء ، ينبغي للإنسان أن يتنزه عنه، وأن يحَجم الناس إذا احتاجوا إلى حجامته تبرعاً وتطوعاً .
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد . قال الله تعالى (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) . عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ... ) .
الشيخ : ومن إطلاق الخبيث على المحرم قوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : (( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )) : يعني يحرم عليهم الخبائث وهي ضد الطيبات، مثل الميتة، لحم الخنزير، المنخنقة، الخمر، وما أشبه ذلك. ومعنى الآية : أنه لا يحرم إلا الخبائث، وليس معناها أن كلَّ خبيث يحرمه لأنه كما عرفتم الآن أن الخبث يطلق على أوصاف متعددة، لكن المعنى أنه لا يُحرم إلا الخبائث عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن الله عز وجل نهى أن يَقصد الإنسان الرديء من ماله فيتصدق به، وحث على أن ينفق مما يحب ومما هو خير. ثم ذكر المؤلف حديث أبي طلحة زوج أم أنس رضي الله عنه، أبو طلحة أكثر الأنصار حقلاً يعني : أكثرهم مزارع، وكان له بستان فيه ماء طيب مستقبل المسجد أي : مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ، يعني أن المسجد في قبلته، في قبلة هذا البستان، وكان فيه ماء طيب عذب، يأتيه النبي عليه الصلاة والسلام ويشرب منه. فلما نزل قوله تعالى: (( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )) ، بادر رضي الله عنه، وسابق وسارع، وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ( يا رسول الله، إن الله تعالى أنزل قوله: (( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )) وإن أحب أموالي إلي بيْرَحاء -يعني البستان هذا اسمه بيرحاء-، وإني أضعها: يعني بين يديك صدقة، إلى الله ورسوله: -يعني تصريفها إلى الله ورسوله- فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم متعجباً: بخٍ بخ -كلمة تعجب يعني ما أعظم هذه الهمة، وما أعلاها- ذاك مال رابح، ذاك مال رابح ) ، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، هذا المال الرابح، كم من حسنة؟ الطالب : عشر أمثالها . الشيخ : إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، لو باع بستانه الذي يسوى عشرة آلاف بعشرين ألف قالوا ربح، هذا ربح كبير ، النصف ربح عظيم ، لكن هذا يربح المئة، ألف، إلى سبعة آلاف، إلى أضعاف كثيرة ، إلى أضعاف كثيرة، الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، صدق النبي عليه الصلاة والسلام: ( ذاك مال رابح، ذاك مال رابح ، أرى أن تجعلها في الأقربين ) . أرى أن تجعلها في الأقربين : أقاربك، ففعل رضي الله عنه، وقسمها في أقاربه وبني عمه. وسيأتي إن شاء الله الكلام على بعض ما يستفاد من هذا الحديث، لكن تعجبوا كيف كان مبادرة الصحابة رضي الله عنهم، ومسارعتهم إلى الخير، " وكان ابن عمر إذا أعجبه شيء في ماله تصدق به، إذا أعجبه شيء وتعلقت به نفسه تصدق به، لماذا؟ لأجل أن يربحه، يربحه يلقاه فيما أمامه " . لكن ما تتمسك يه فهو إما زائل عنك، وإما أن تزول عنه أنت، ولابد ، لابد من أحد أمرين، إما أن يتلف أو تتلف أنت، لكن الذي تقدمه هو الذي يبقى، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أنفسنا ويعيذنا من البخل والشح. الحقيقة أن مالك الحقيقي هو ما تقدمه، " ذبح آلُ النبي صلى الله عليه وسلم شاةً وتصدقوا منها ، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : إننا يعني أكلناها إلا كتفها تصدقنا به ، قال أبقيتم كتفها ، يعني معنى الحديث لا يحضرني لفظه ، لكن معناه : أن ما أكلتم هو الذي تلف عليكم ، ما تصدقتم به فهو الذي بقي لكم " . فالحاصل أن الصحابة وذوي الهمم العالية هم الذين يعرفون قدر الدنيا وقدر المال، وأن ما قدموه هو الباقي، وما أبقوه هو الفاني، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من البخل والشح، والجبن والكسل، والحمد لله رب العالمين. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أنس رضي الله عنه قال : ( كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بَيْرَحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ))، جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الله تعالى أنزل عليك: (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ))، وإن أحب مالي إليَّ بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ذاك مال رابح ذاك مال رابح، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحةرضي الله عنه : أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ) ، متفق علي " .
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهى عنه . قال الله تعالى (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )) وقال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) متفق عليه وفي رواية ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) .
القارئ : " باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين : قال الله تعالى: (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )). وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم نارا )). وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كخ كخ، إرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة )، متفق عليه، وفي رواية: ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهى عنه . قال الله تعالى (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )) وقال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) متفق عليه وفي رواية ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) .
الشيخ : سبق الكلام على حديث أبي طلحة رضي الله عنه، ثم قال المؤلف: " باب وجوب أمر أهله بالصلاة وأولاده إذا كانوا مميزين " : وجه المناسبة أن المؤلف -رحمه الله- لما ذكر ما يجب للأهل من غذاء الجسم ذكر لهم ما يجب من غذاء الروح على أبيهم ومَن له ولاية عليهم، وأولى ما يُؤمر به وأوجب وأفضل هي الصلاة، كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )) : فأمره أن يأمر أهله بالصلاة. والأهل كل من في البيت من زوجة، وابن، وبنت، وعمة، وخالة، وأم، كل الي في البيت أهل، أمره أن يأمرهم بالصلاة، وأمره أن يصطبر عليها : يعني يحض نفسه على الصبر، ولهذا جاءت التاء التي فيها زيادة البنية وفيها زيادة المعنى اصطبر، لأن أصلها اصتبر عليها. وذكر الله عن إسماعيل، أبي محمد عليه الصلاة والسلام، إذ أنه أحد أجداده، أنه : (( وكان يأمرُ أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربه مرضياً ))، فالإنسان مسؤول عن أهله، مسؤول عن تربيتهم، حتى ولو كانوا صغاراً إذا كانوا مميزين، أما غير المميز فإنه يؤمر بما يتحمله عقله. ثم ذكر حديث الحسن بن على بن أبي طالب رصي الله عنهما : ( أنه أخذ تمرةً من الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كخ كخ -يعني أنها لا تصلح لك- ثم أمره أن يخرجها من فيه، وقال: إننا لا تحل لنا الصدقة ) : فالصدقة لا تحل لآل محمد، وذلك لأنهم أشرف الناس، والصدقات والزكوات أوساخ الناس، ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: ( إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، إنما هي أوساخ الناس ). ففي هذا دليل على أن الإنسان بجب عليه أن يُؤدب أولاده عن فعل المحرم، كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد ) متفق عليه ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال : ( كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلام، سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت تلك طِعمتي بعد ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... و عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه ، وكان رَبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل، فجعلت يده تطيش في الصحفة، يعني تذهب يميناً وشمالاً، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ) : فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وآله سلم هذا الغلام : أولاً: قال: ( سمّ الله ) : وهذا عند الأكل، عند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان: بسم الله، ولا يحل له أن يتركها، لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله، أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل: بسم الله، ولو زاد: الرحمن الرحيم، فلا بأس، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( سم الله ) : يعني اذكر اسم الله. والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان: بسم الله الرحمن الرحيم ، كما ابتدأ الله بها كتابه، وكما أرسل بها سليمان عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم )) ، فإن اقتصرت على قول : بسم الله فلا حرج، وإن زدت : الرحمن الرحيم فلا حرج، الأمر في هذا واسع. وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية، إذا لم تسمِّ على الذبيحة فهي حرام ميتة، كأنما ماتت بغير ذبح. ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، لأنه الآن يريد أن يذبحها، فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة، لأنها ستُذبح، هكذا علل بعض العلماء، ولكن لو قالها أيضاً فلا حرج. ( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ) : وهذا أمر على سبيل الوجوب، فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله، أو أن يشرب بشماله، وقال إن الشيطان يفعل هذا : ( فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) ، وقد نُهينا عن اتباع خطوات الشيطان، قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )) . ولهذا كان القول الراجح : وجوب الأكل باليمين، ووجوب الشرب باليمين، وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرام، ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدي الشيطان فهو أيضاً من هدي الكفار، لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم. يقول بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب يمسك الكأس باليسار ويشرب، يقول : أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين، فنقول: ولتتلوث، إذا تلوثت فإنما تلوثت بطعام، لم تتلوث ببول ولا غائط، تلوثت بطعام ثم تغسل، وأمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة، اجعلها كالحلقة، ولا يتلوث منه إلا شيء يسير، ولا عُذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا، لأن المسألة على سبيل التحريم، والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة ، الضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى شلاء، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، هذا ضرورة، أو مكسورة، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، فهذا ضرورة، أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب. المهم إذا كان ضرورة فلا بأس باليسار، وإلا فلا يَحل أن يشرب باليسار ولا أن يأكل باليسار. الأدب الثالث: قال: ( وكل مما يليك ) : يعني لا تأكل من حافة غيرك، كُلْ من الذي يليك، لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب، فكل مِن الذي يليك. إلا إذا كان الطعام أنواعاً، مثل أن يكون فيه لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل، أو يكون فيه قرع، أو ما أشبه ذلك مما يقصد فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك، لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أَكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتتبع الدباّء ). الدباّء: القرع، يتتبعه : يعني يلقطه من على الصحفة ليأكلها، هذا لا بأس به. وفي هذا الحديث من الفوائد : أنه ينبغي للإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب، وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ربيبه . وفي هذا حُسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة، ولكن علمه برفق قال: ( يا غلام ) : ناداه برفق : ( يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك ) . وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا يُنسى، يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير، لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته، وأيضاً ربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر، لكن ما دام صغيراً وعلمته يكون أقبل، ومن اتقى الله في أولاده، اتَّقوا الله فيه، ومن ضيع حق أولاده، ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم ، والله أعلم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) حديث حسن رواه أبو داود . وعن سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين ) حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ولفظ أبي داود ( مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ) .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ) ، حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن . وعن سَبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( علِّموا الصبي الصلاة لسبع سنين ، واضربوه عليها ابن عشر سنين ) ، حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن ، ولفظ أبي داود: ( مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) حديث حسن رواه أبو داود . وعن سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين ) حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ولفظ أبي داود ( مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ) .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهو أبناء عشر سنين ) : وهو حديث حسن له شاهد من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه، وهذا مِن حقوق الأولاد على آبائهم أن يأمروهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنوات، وأن يضربوهم عليها أي : على التفريط فيها وإضاعتها إذا بلغوا عشر سنوات، ولكن بشرط أن يكونوا ذوي عقل. فإن بلغوا سبع سنين وهم لا يعقلون، يعني فيهم جنون أو عشر سنين، فإنهم لا يؤمرون بشيء، ولا يضربون على شيء، لكن يمنعون من الإفساد، سواء في البيت أو خارج البيت. وقوله: ( اضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ) : المراد الضرب الذي يحصل به التأديب بلا ضرر، فلا يجوز أن يضربهم ضرباً مبرحاً، ولا يجوز أن يضربهم ضرباً مكرراً لا حاجة إليه، بل إذا احتاج إليه بحيث لا يقوم الولد للصلاة إلا بالضرب فإنه يضربه ضرباً غير مبرح، ضرباً معتاداً، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أمر بضربهم لا لإيلامهم ولكن لتأديبهم وتقويمهم. وفي هذا الحديث إشارة إلى أنَّ ما ذهب إليه بعض المتأخرين ممن يدّعون أنهم أصحاب تربية مِن أن الصغار لا يضربون في المدارس إذا أهملوا، في هذا الحديث دليل على الرد عليهم، وعلى بطلان فكرتهم، وأنها باطلة، لأن الصغير لا ينفعه الكلام في الغالب، والضرب ينفعه أكثر، فلو أنهم تركوا بدون ضرب لضيّعوا الواجب عليهم، وفرّطوا في الدروس وأهملوا، فلابد من ضربهم ليعتادوا النظام، ويقوموا بما ينبغي أن يقوموا به، وإلا لصارت المسألة فوضى. إلا أنه كما قلنا : لابد أن يكون الضرب للتأديب لا للإيلام والإيجاع، فيضرب ضرباً يليق بحاله، ضرباً غير مبرح، لا يُفعل كما يفعله بعض المعلمين في الزمن السابق، يضرب الضرب العظيم الموجع، ولا يهمل كما يدعي هؤلاء المربون الذين هم من أبعد الناس عن التربية، لا يقال لهم شيء، لأن الصبي لا يمتثل ولا يعرف، لكن الضرب يؤدبه، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حق الجار والوصية به . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) .
وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) رواه مسلم وفي رواية له عن أبي ذر قال ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه وفي رواية لمسلم ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه البوائق الغوائل والشرور ) . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) متفق عليه .
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ) ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه ... ".
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب حق الجار والوصية به : قال الله تعالى : (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكينِ والجار ذي القربى والجار الجُنُب والصاحب بالجنْبِ وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) ، متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) ، رواه مسلم . وفي رواية له عن أبي ذر قال: ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مَرقةً فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جارُه بوائقَه ) ، متفق عليه . وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) ، متفق عليه . وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبة في جداره ، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم ) ، متفق عليه " .
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " باب حق الجار والوصية به . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) .
وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) رواه مسلم وفي رواية له عن أبي ذر قال ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه وفي رواية لمسلم ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه البوائق الغوائل والشرور ) . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) متفق عليه .
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ) ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه ... ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب حق الجار والوصية به " : الجار: هو الملاصق لك في بيتك والقريب من دارك ، وقد وردت بعض الآثار بما يدل على أن الجار أربعون داراً من كل جانب، ولا شك أن الملاصق للبيت لا شك أنه جار، وأما ما وراء ذلك فإن صحَّت الأخبار بذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحق ما جاءت به، وإلا فإنه يُرجع في ذلك إلى العرف، فما عدّه الناس جوارًا فهو جوار. ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- الآية ، آية النساء: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً )) إلى قوله تعالى: (( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ )) : الجار ذي القربى: يعني الجار القريب. والجار الجنب: يعني الجار البعيد الأجنبي منك. قال أهل العلم: والجيران ثلاثة: جار قريب مسلم فله حق الجوار، والقرابة، والإسلام. وجار مسلم غير قريب، فله حق الجوار، والإسلام. وجارٌ كافر فله حق الجوار، وإن كان قريباً فله حق القرابة أيضاً. فهؤلاء الجيران لهم حقوق: حقوق واجبة، وحقوق يجب تركها. ثم ذكر المؤلف ثلاثة أحاديث بل أربعة أحاديث أو خمسة، عن ابن عمر، وعن أبي ذر وعن أبي هريرة، أما حديث ابن عمر ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيورِّثه ) : أي : سينزل الوحي بتوريثه، وليس المعنى أن جبريل يشرع توريثه، لأن جبريل ليس له حق في ذلك، لكن المعنى أنه سينزل الوحي الذي يأتي به جبريل بتوريث الجار، وذلك من شدة إيصاءِ جبريل به النبيَ صلى الله عليه وآله وسلم. وأما حديث أبي ذر ففيه أن الإنسان ينبغي له إذا وسّع الله عليه برزق، أن يصيب منه جارُه بعض الشيء بالمعروف، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا طبخت مرقة فاكثر ماءها، وتعاهد جيرانك ) أكثر ماءها : يعني زدها في الماء لتكثر وتوزع على جيرانك منها. والمرقة عادة تكون من اللحم أو من غيره مما يؤتدم به، وهكذا أيضاً إذا كان عندك طعام غير المرق، أو شراب كفضل اللبن مثلاً، وفضل الرُطب وما أشبهه ينبغي لك أن تعاهد جيرانك به، لأن لهم حقاً عليك. وأما أحاديث أبي هريرة ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ثلاث مرات فقال: ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قالوا: مَن يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جارُه بوائقَه ) : يعني غدره وخيانته وظلمه وعدوانه، فالذي لا يأمن جارُه من ذلك ليس بمؤمن، وإذا كان يفعل ذلك ويوقعه فعلاً فهو أشد. وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل، أما بالقول : فأن يسمع منه ما يُزعجه ويُقلقه، كالذين يفتحون الراديو أو التلفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران، فإن هذا لا يحل له، حتى لو فتحه على كتاب الله وهو مما يُزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم، ولا يحل له أن يفعل ذلك. وأما ، فيكون بإلقاء الكناسة .