تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حق الجار والوصية به . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) . وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) رواه مسلم وفي رواية له عن أبي ذر قال ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه وفي رواية لمسلم ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه البوائق الغوائل والشرور ) . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) متفق عليه . وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ) ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه ... ".
الشيخ : ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ثلاث مرات فقال: ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا: مَن يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جارُه بوائقَه ) : يعني غدره وخيانته وظلمه وعدوانه، فالذي لا يأمن جارُه من ذلك ليس بمؤمن، وإذا كان يفعل ذلك ويوقعه فعلاً فهو أشد. وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل، أما بالقول : فأن يسمع منه ما يُزعجه ويقلقه، كالذين يفتحون الراديو أو التلفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران، فإن هذا لا يحل له، حتى لو فتحه على كتاب الله وهو مما يُزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم، ولا يحل له أن يفعل ذلك. وأما ، فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه، والتضييق عليه عند مداخل بابه، أو بالدق، أو ما أشبه ذلك مما يضره، ومِن هذا أيضاً إذا كان له نَخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يَسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي، فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له. إذن يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء، فإن فعل فإنه ليس بمؤمن، والمعنى : أنه ليس متصفاً بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق. وأما الحق الثالث: ما ذكره في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنعنَّ جارٌ جاره أن يغرز خشبه في جداره ) : يعني: إذا كان جارك يريد أن يسقف بيته ووضع الخشب على الجدار، فإنه لا يحل لك منعه، لأن وضع الخشب على الجدار لا يضر، بل يزيده قوة، ويمنع السيل منه، ولا سيما فيما سبق، حيث كان البناء من الطين ، فإن الخشب يمنع هطول المطر على الجدار فيحميه، وهو أيضاً يشده ويقويه، ففيه مصلحة للجار، وفيه مصلحة للجدار، فلا يحل للجار أن يمنع جاره مِن وضع الخشب على جداره، وإن فعل ومنع فإنه يُجبر على أن يوضع الخشب رغماً على أنفه، ولهذا قال أبو هريرة : " مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم " : يعني من لم يمكن من وضع الخشب على جداره وضعناه على متن جسده بين أكتافه، وهذا قاله رضي الله عنه حينما كان أميراً على المدينة في زمن مروان بن الحكم، فإن أبا هريرة كان أميراً على المدينة فكان يقول للناس هذا المقال. وهذا نظير ما قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : التي جرت بين محمد بن مسلمة وجاره، حيث أراد أن يُجري الماء من بستانه إلى بستانه ، وحال بينه وبينه بستان جاره، فمنع الجار ، لا تمش الماء مع أرضي ، فترافعا إلى عمر، فقال : " والله لئن منعته لأجرينه على بطنك " ، وألزمه أن يُجري الماء ، لأن إجراء الماء ليس فيه ضرر، البستان كل بستان زرع ، فإذا جرى الماء الساقي، انتفعت الأرض وانتفع ما حول الساقي من الزرع وانتفع الجار، نعم لو كان الجار يريد أن يبنيها بناءً وقال : لا أريد أن تمشي الماء على الأرض فله المنع، أما إذا كان يريد أن يزرعها فالماء لا يزيده إلا خيراً. فصارت حقوق الجيران يجب الإحسان إليهم بقدر الإمكان، ويحرم الاعتداء عليهم بأي عدوان، وفي الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) ، والله الموفق.
الشيخ : أما بعد : فإن من آيات الله عز وجل هذا المطر الذي ينزل من السماء، ولو اجتمع أهل الأرض على أن يخلقوا منه قطرة واحدة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله سبحانه وتعالى بقدرته يقول له: كن فيكون ، فيرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته، وتثير السحاب فيبسطه في السماء كيف يشاء، ويجعله كِسَفاً متراكباً بعضه فوق بعض كالجبال، فترى الوَدق يخرج من خلاله، ثم إن هذا السحاب العظيم الذي يحمل المياه الكثيرة التي لا يعلم قدر وزنها إلا الذي خلقها عز وجل، هذا السحاب يَحدثُ من هذا الرعد الشديد، وهذا البرق اللامع الذي يكون بقدرة الله عز وجل، قال بعض العلماء في الفيزياء وما يتعلق بها : قالوا إن اللمعة الواحدة من البرق تعادل كل طاقات الدنيا التي يعملها الإنسان، وهي تحدث بهذه اللحظة كما تشاهدون، وأحياناً تكون متلاحقة حتى إذا كان في الليل كأن الإنسان يمشي في ضوء القمر من شدة تلاحقها وتتابعها، كل هذا من قدرة الله عز وجل، (( هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً ويشئ السحاب الثقال )) .
فائدة : الذكر الذي يقال عند سماع الرعد لا بأس بقوله مع أنه لم تثبت به السنة .
الشيخ : وقد ذكر بعض العلماء أنك إذا رأيت البرق فقل : " سبحان الله وبحمده ، وإذا سمعت الرعد فقل: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته "، وهذا ذكر لا بأس به ، ولكنه لم تثبت به سنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا قاله الإنسان فلا بأس ويرجى أن يكون نافعًا ، وإن تركه فلا بأس ، وإن قال مثلا إذا رأى البرق لامعاً والرعد شديداً واستعاذ بالله مِن شره وقال : اللهم إني أعوذ بك من شره ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يقولها الإنسان عند الخوف ، فهذا أيضاً مما وردت السنة في أصله وجنسه ، وإن كانت لم ترد بعينه ، والحاصل أننا ولله الحمد في هذا اليوم كما شاهدتم مطرنا مطراً غزيراً ولله الحمد ، وقبل يومين كذلك ، فعلينا أن نشكر الله على هذه النعمة ، كما أنه أيضاً أراني بعض الناس نشرة اليوم هذا تدل على أن عامة مدن القصيم ولله الحمد نقرة الصقور وجاي كلها ولله الحمد قد سالت ، وحدثني أيضاً بعض الإخوة أنه قد سالت الأودية وادي النسا والوادي الذي يليه ، كل هذا من نعمة الله ، فنسأل الله أن يزيدنا من فضله وأن يجعله صيباً نافعاً وأن يغيث القلوب والبلاد والعباد.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب بر الوالدين وصلة الأرحام . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) وقال تعالى (( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )) وقال تعالى (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )) وقال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا )) وقال تعالى (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )) وقال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك )) . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى قال ( الصلاة على وقتها ) قلت ثم أي قال ( بر الوالدين ) قلت ثم أي قال ( الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ) رواه مسلم ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب بر الوالدين وصلة الأرحام : قال الله تعالى: (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) . وقال تعالى: (( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )) . وقال: (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )) . وقال: (( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا )) . وقال تعالى: (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكِبَر أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا )) وقال تعالى: (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك )) . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال: الصلاة على وقتها، قلتُ ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يجزي ولد والدًا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ) ، رواه مسلم " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب بر الوالدين وصلة الأرحام . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) وقال تعالى (( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )) وقال تعالى (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )) وقال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا )) وقال تعالى (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )) وقال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك )) . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى قال ( الصلاة على وقتها ) قلت ثم أي قال ( بر الوالدين ) قلت ثم أي قال ( الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب بر الوالدين وصلة الأرحام " : الوالدان: هما الأب والأم، وعبَّر بالبر اتباعاً لما جاء في النص، عبر في حق الوالدين بالبر اتباعاً لما جاء في النص، وعبر عن صلة الأرحام بالصلة، لأنه هكذا جاء أيضاً بالنص، والأرحام هم القرابة. وبر الوالدين مِن أفضل الأعمال ، بل هو الحق الثاني بعد حق الله ورسوله. وذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- آيات كثيرة في هذا المعنى كقوله تعالى: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )) ، وقال تعالى: (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )) ، وقال تعالى: (( وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً )) ، وقال تعالى: (( وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )) . وقال تعالى: (( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا ً)) . وكل هذه الآيات وغيرها تدل على عظم حق الوالدين، وقد بين الله سبحانه وتعالى حال الأم، أنها تحمل ولدها وهناً على وهن: أي ضعفاً على ضعف، مِن حين أن تحمل به إلى أن تضعه وهي في ضعف ومشقة وعناء ، وكذلك عند الوضع كما قال تعالى: (( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً )) : كل هذا لبيان سبب حقهما العظيم. ثم ذكر الله أشدَّ حالة يكون عليها الوالدان فقال: (( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ )) ، لأن الوالدين إذا بلغا الكبر، ضعفت نفوسهما، وصارا عالة على الولد، ومع ذلك يقول: (( لا تقل لهما أفٍ )) : يعني لا تقل : إني متضجر منكما ، بل عاملهما باللطف والإحسان والرفق، ولا تنهرهما إذا تكلما (( وقل لهما قولاً كريماً )) يعني: رد عليهما رداً جميلاً لعظم الحق. ثم ذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين سأله عبد الله بن مسعود : أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أيٌّ؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله ) : فجعل النبي عليه الصلاة والسلام مرتبة البر بالوالدين مقدمة على مرتبة الجهاد في سبيل الله ، قال: ولو استزدته لزادني، ففيها دليل على فضل بر الوالدين. فإن قال قائل: ما هو البر؟ قلنا: هو : " الإحسان إليهما بالقول والفعل والمال بقدر المستطاع، اتقوا الله ما استطعتم، وضد ذلك العقوق " . ثم ذكر الحديث الثاني أنه : ( لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه ) : يعني يعتقه بشرائه، لأنه فك أباه من رق العبودية لغير الله، للإنسان، وهذا الحديث لا يدل على أن من ملك أباه لا يَعتُق عليه، بل نقول: إن معناه إلا أن يشتريه فيعتقه، أي فيعتقه بشرائه، لأن الإنسان إذا ملك أباه عتق عليه بمجرد الملك، ولا يحتاج إلى أن يقول : أعتقتك، وكذلك إذا ملك أمه تعتق بمجرد الملك، ولا يحتاج إلى أن يقول : أعتقتها، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرءوا إن شئتم (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) متفق عليه وفي رواية للبخاري ( فقال الله تعالى من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته ) . وعنه رضي الله عنه قال ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك ) متفق عليه وفي رواية يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك أدناك ) ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بكَ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذلِك لك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم : (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) ) ، متفق عليه . وفي رواية للبخاري: ( فقال الله تعالى: مَن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمك ، قال ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال: أبوك ) ، متفق عليه . وفي رواية : ( يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ، ثم أدناك أدناك ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرءوا إن شئتم (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) متفق عليه وفي رواية للبخاري ( فقال الله تعالى من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته ) . وعنه رضي الله عنه قال ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك ) متفق عليه وفي رواية يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك أدناك ) ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذان الحديثان في بيان فضل صلة الرحم، والرحم سبق لنا أنهم هم الأقارب، وصلتهم بما جرى به العرف واتبعه الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين، لم يقيده بأن يأكلوا معك أو يشربوا معك، أو يكتسوا معك أو يسكنوا معك، أطلق، فما جرى به العُرف أنه صلة فهو الصلة، وما قال الناس أنه قطيعة فهو قطيعة، هذا هو الأصل. نعم لو فُرِض أن الأعراف فسدت وصار الناس لا يبالون بالقطيعة، وصارت القطيعة عندهم صلة فلا عبرة بهذا العُرف، لأن هذا عُرف ليس عرفاً إسلامياً، فإن الدول الكافرة الآن لا تتلاءم أُسرها، ولا يعرف بعضهم بعضاً، حتى إن الإنسان إذا شبّ ولده وكبر صار مَثَلُه مثل الرجل الأجنبي الذي لا يعرف أن له أباً، لأنهم لا يعرفون صلة الأرحام، ولا يعرفون حسن الجوار، وكل أمورهم فوضى فاسدة، لأن الكفر دمرهم تدميراً والعياذ بالله، لكن كلامنا عن المجتمع المسلم المحافظ، فما عده الناس صلة فهو صلة، وما عدوه قطيعة فهو قطيعة. وفي الحديث حديث أبي هريرة الأول أن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم بأن يصل من وصلها ويقطع مَن قطعها، وفي هذا حثٌ وترغيب في صلة الرحم، إذا أردتَ أن يصلك الله، وكل إنساك يريد أن يصله ربه فصل رحمك، وإذا أردت أن يقطعك الله، فاقطع رحمك، جزاءً وفاقاً، وكلما كان الإنسان لرحمه أوصل، كان الله له أوصل، وكلما قصَّر جاءه من الثواب بقدر ما عمل، لا يظلم الله أحداً. وفي الحديث الثاني : في بيان من أحق الناس بحسن صحبة الإنسان، فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن أحق الناس بذلك الأم، فأعاد عليه السؤال فقال: أمك ثم مرة ثانية، فقال أمك، ثلاث مرات، ثم بعد ذلك الأب، لأن الأم حصل عليها من العناء بالنسبة للولد، حصل عليها من العناء والمشقة ما لم يحصل لغيرها، حملته أمه وهنا على وهن، حملته كرهاً ووضعته كرهاً، وفي الليل تمهده وتهدئه حتى ينام، وإذا أتاه ما يُؤلمه لم تَبِت تلك الليلة حتى ينام. ثم إنها تفديه بنفسها في التدفئة، والتبريد عند الحر وغير ذلك، فهي أشد عناية من الأب بالطفل، ولذلك كان حقها مضاعفاً ثلاث مرات على حق الأب. ثم إنها أيضاً ضعيفة أنثى لا تأخذ بحقها، فلهذا أوصى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات، والأب مرة واحدة، ففي ذلك الحث على أن يحسن الإنسان صحبة أمه وصحبة أبيه أيضاً بقدر المستطاع، أعاننا الله وإياكم على ذلك. وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين : في درس الأمس ذكر المؤلف -رحمه الله- ما يتعلق بصلة الأرحام وهم الأقارب ، وبينا أن صلة الأرحام لم يبين في الكتاب والسنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها فيُرجع في ذلك إلى العرف ، إلى ما تعارف الناس أنه صلة ، فإنه يكون واجباً ، وما لم يكن صلة بل قطيعة فإنه يكون قطيعة ، وذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- قوله سبحانه: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )) : فبين سبحانه وتعالى أن الذين يفسدون في الأرض ويقطعون أرحامهم ملعونون والعياذ بالله، أي: مطرودون ومبعدون عن رحمة الله، وقد أصمهم الله أي: جعلهم لا يسمعون الحق، ولو سمعوا ما انتفعوا به، وأعمى أبصارهم فلا يرون الحق، ولو رأوه لم ينتفعوا به، فسد عنهم طُرق الخير، لأن السمع والبصر يوصل المعلومات إلى القلب، فإذا انسد الطريق لم يصل إلى القلب خير، والعياذ بالله. وقد ذكر أهل العلم مِن جملة الصلة النفقة على الأقارب، فقالوا: إن الإنسان إذا كان له أقارب فقراء وهو غني وهو وارث لهم، فإنه يلزمه النفقة عليهم، كالأخ مع أخيه، كالأخ الشقيق مع أخيه الشقيق، إذا كان الأخ هذا يرثه لو مات، فإنه يجب على الوارث أن ينفق على أخيه ما دام غنياً، وأخوه فقيراً عاجزاً عن التكسب، فإن هذا من جملة الصلة. قالوا أيضاً: ومن جملة الإنفاق أنه إذا احتاج إلى النكاح فإنه يزوجه، لأن إعفاف الإنسان مِن أشد الحاجات، فإذا كان للإنسان أخ شقيق ولا يرثه إلا أخوه، وأخوه غني وهو فقير عاجز عن التكسب، وجب عليه أن ينفق عليه طعاماً وشراباً وكسوة ومسكناً ومركوباً إذا كان يحتاجه، وأن يزوجه أيضاً إذا احتاج إلى النكاح، لأن الإعفاف مِن أشد الحاجات فيدخل في صلة الرحم. وهذه الأمور يجب على الإنسان إذا كان لا يعلم عنها شيئاً أن يسأل أهل العلم حتى يدلوه على الحق، لقوله تعالى: (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) . وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح ، ووصلنا وإياكم بفضله وإحسانه.
الشيخ : مسألة مهمة فيما يتعلق بصلاة الجماعة ، وذلك أن بعض المأمومين يخالف ما جاءت به السنة بالمتابعة، فتجده يركع من حين أن يسمع كلمة الله قبل أن يصل الإمام إلى الركوع، أو يسجد من حين أن يسمع التكبير قبل أن يصل الإمام إلى السجود، وهذا خلاف ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلاف ما كان الصحابة يفعلونه مع إمامهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، قال البراء: ( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسجد فلا يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً ثم نقع سجوداً بعده ) ، وهذا يدل على أن الصحابة لا يبادرون، بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( أما يَخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار ، أو يجعل صورته صورة حمار ) : وهذا يدل على التحريم ، تحريم مسابقة الإمام ، ولهذا كان القول الراجح : أن الإنسان إذا سابق الإمام فركع قبله أو سجد قبله عامداً فإن صلاته لا تصح ، لأنه فعل ما يبطلها ، وإذا بطلت الصلاة وجب عليه الإعادة . أيضاً بعض الناس تجده يرفع من الركوع أو السجود قبل أن يرفع إمامه ، وهذا أيضاً حرام ، لا يجوز أن ترفع حتى تعلم أن إمامك رافع ، لئلا يقع بك هذا الوعيد الشديد : أن يُحول الله رأسك رأس حمار أو يجعل صورتك صورة حمار ، فانتبهوا إلى هذه المسألة ، ونبهوا عليها إخوانكم. كذلك بعض الناس إذا سلم الإمام التسليمة الأولى سلم هو على أثره، ثم إذا سلم الإمام الثانية سلم الثانية ، فيكون تسلمه التسليمة الأولى بين تسليمتي الإمام ، وهذا وإن كان جائزاً ولا تبطل الصلاة به ، لكن الأولى أن لا يسلم حتى يسلم الإمام التسليمتين : الأولى الثانية.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) متفق عليه ... " . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) رواه البخاري . وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ) . متفق عليه .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن رجلاً قال يا رسول الله ! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) ، رواه مسلم . وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه ) ، متفق عليه . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) ، رواه البخاري . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ) متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) متفق عليه ... " . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) رواه البخاري . وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ) . متفق عليه .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث في بيان فضيلة صلة الرحم، وأن الإنسان الواصل ليس المكافئ الذي إذا وصله أقاربه وصلهم، ولكن الواصل هو الذي إذا قُطعت رَحِمه وصلها، فتكون صلته لله، لا مكافأة لعباد الله، ولا مِن أجل أن ينال بذلك مدحاً عند الناس، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( ليس الواصل بالمكافئ ) : يعني بالذي إذا وصله أقاربه وصلهم مكافأة لهم، وإنما الواصل هو الذي إذا قُطِعت رحمه وصلها. وكذلك أيضاً في هذه الأحاديث أن الرحم متعلقة بالعرش، تقول: ( من وصلني، وصله الله ، ومن قطعني، قطعه الله ) : وهذا يحتمل أن يكون خبراً وأن يكون دعاءً، يعني يحتمل أن الرحم تخبر بهذا أو تدعو الله عز وجل به، وعلى كل حال فهو دليل على عظم شأن الرَّحِم وصلتها، وأنها تحت العرش تدعو بهذا الدعاء، أو تخبر بهذا الخبر. ثم ذكر المؤلف حديث الرجل الذي كان يُحسن إلى قرابته فيسيئون إليه، ويصلهم فيقطعونه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن كنتَ ): يعني كما تقول ، ( فكأنما تسفهم الملَ ) : الملّ: هو الرماد الحار، وتسفهم: يعني تجعله في أفواههم، والمعنى: أنك كأنما ترغمهم بهذا الرماد الحار عقوبة لهم . ( ولا يزال لك من الله عليهم ظهير ) : يعني عون عليهم ، ( ما دمت على ذلك ) : أنك تصلهم وهم يقطعونك. فكل هذه الأحاديث وما شابهها تدل على أنه يجب على الإنسان أن يصل رحمه ، أقاربه ، بقدر ما يستطيع، وبقدر ما جرى به العرف، وتحذر من قطيعة الرحم، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي قال ( نعم صلى أمك ) متفق عليه . وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن ) قالت فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت له إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عنى وإلا صرفتها إلى غيركم فقال عبد الله بل ائتيه أنت فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة فخرج علينا بلال فقلنا له ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من هما ) قال امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الزيانب هي قال امرأة عبد الله ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة ) متفق عليه ... " .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: ( قَدِمَت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قَدِمت علي أمي وهي راغبة ، أفأصل أمي ؟ قال: نعم صِلِي أمك ) ، متفق عليه . وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليكن ، قالت: فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت له: إنك رجل خفيف ذات اليد ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة ، فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم ، قال عبد الله بل ائتيه أنت ، فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حاجتي حاجتها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلقيت عليه المهابة ، فخرج علينا بلال فقلنا له : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنَّ امرأتين بالباب تسألانك : أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره مَن نحن ، فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن هما؟ قال امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب هي؟ قال امرأة عبد الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجران : أجر القرابة وأجر الصدقة ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي قال ( نعم صلى أمك ) متفق عليه . وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن ) قالت فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت له إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عنى وإلا صرفتها إلى غيركم فقال عبد الله بل ائتيه أنت فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة فخرج علينا بلال فقلنا له ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من هما ) قال امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الزيانب هي قال امرأة عبد الله ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف فيما نقله عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها: أن أمها قَدِمت عليها المدينة وهي راغبة، فاستفتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل تصلها أم لا؟ وقالت: ( يا رسول الله، إني أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ فأمرها أن تصلها ) . وقولها: ( وهي راغبة ) : قال بعض العلماء معناه: وهي راغبة في الإسلام فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام، وقيل: بل معنى قوله: ( وهي راغبة ) : أي راغبة في أن أصلها، ومتطلعة إلى ذلك، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تصلها، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله. ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام، لأن لهم حق القرابة، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )) : المعنى إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً، أعطهم من الدنيا ما يجب لهما من الصلة، ولو كانا كافرين أو فاسقين، لأن لهما حق القرابة. وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة. ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر النساء بالصدقة، فرجعت إلى بيتها، وكان زوجها عبد الله بن مسعود، كان خفيف ذات اليد يعني: أنه ليس عنده مال، فأخبرته، فطلب منها أن تتصدق عليه، وعلى أيتام كانوا في حجره، ولكنه أشكل عليها الأمر، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستفتيه، فلما وصلت إلى بيته وجدت عند بابه امرأة من الأنصار، حاجتها كحاجة زينب، تريد أن تسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تتصدق على زوجها ومن في بيتها. فخرج بلال وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه الله المهابة العظيمة، كل من رآه هابه، لكنه من خالطه معاشرةً أحبه وزالت عنه الهيبة، لكن أول ما يراه الإنسان يهابه هيبة عظيمة، فإذا خالطه وعاشره أحبه وألفه عليه الصلاة والسلام، فخرج بلال فسألهما عن حاجتهما فأخبرتاه أنهما يسألان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تجوز الصدقة على أزواجهما ومن في بيتهما؟ ولكنهما قالتا له: لا تخبر الرسول صلى الله عليه وسلم من هما، أحبتا أن تختفيا. فدخل بلال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره وقال: إن بالباب امرأتين حاجتهما كذا وكذا، فقال: مَن؟ وحينئذٍ يقع بلال بين أمرين : بين أمانة ائتمنته عليها المرأتان، قالتا: لا تخبره من نحن، ولكن الرسول قال : من هما؟ قال: امرأة من الأنصار، وزينب. فقال: أي الزيانب؟ اسم زينب كثير، فقال: امرأة عبد الله، ولم يقل : امرأة عبد الله بن مسعود، لأن عبد الله بن مسعود كان خادماً للرسول عليه الصلاة والسلام يدخل على بيته حتى بلا استئذان، وقد عرف النبي عليه الصلاة واسلام أهله وعرف حاله، قال زينب، قال أي الزيانب هي؟ قال : امرأة عبد الله . وإنما أخبره مع قولهما له لا تخبره، لأن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة مقدمة على طاعة كل أحد. فقال: إن صدقتهما على هؤلاء صدقة وصلة، يعني فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، فدل ذلك على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على أولاده عند الحاجة، ويتصدق على زوجته، وكذلك الزوجة تتصدق على زوجها، وأن الصدقة عليهم صدقةٌ وصلة. أما الزكاة فإن كان مما يجب على الإنسان أن يدفعه، فإنه لا يصح أن يدفع إليهم الزكاة، مثل لو كان الزكاة لدفع حاجتهما للنفقة، وهو ممن تجب عليه النفقة، وماله يتحمل، فإنه لا يجوز له أن يعطيهما من الزكاة، أما إذا كان ممن لا يجب عليه، كما لو قضى ديناً عن أبيه أو عن ابنه أو عن زوجته، أو قضت ديناً على زوجها، فإن ذلك لا بأس به إذا كان المدين حياً، أما المدين الميت فلا يُقضى عنه إلا تبرعاً، أو من التركة، ولا يقضي عنه من الزكاة، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي سفيان رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة هرقل أن هرقل قال لأبي سفيان فماذا يأمركم به يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت يقول ( اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ) متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط ) وفي رواية ( ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما ) وفي رواية ( فإذا افتتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما ) أو قال ( ذمة وصهرا ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص وقال ( يا بني عبد شمس يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها ) رواه مسلم . قوله صلى الله عليه وسلم ببلالها هو بفتح الباء الثانية وكسرها والبلال الماء ومعنى الحديث سأصلها شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي سفيان رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة هرقل، أن هرقل قال لأبي سفيان فماذا يأمركم به يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت يقول: ( اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ) ، متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط ) ، وفي رواية: ( ستفتحون مصر ، وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورَحِما ) وفي رواية: ( فإذا افتتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما ) ، أو قال: (ذمة وصهرا ) ، رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( لما نزلت هذه الآية: (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) : دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فاجتمعوا ، فعمَّ وخص وقال: يا بني عبد شمس ، يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً غير أن لكم رحما سأبُلها ببلالها ) ، رواه مسلم . قوله صلى الله عليه وسلم: ( ببلالها ) : هو بفتح الباء الثانية وكسرها ، والبلال الماء ، ومعنى الحديث: سأصلها ، شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة " .