تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثلاثا وإياكم وهيشات الأسواق ) . رواه مسلم . وعن سهل بن أبي حثمة الأنصاري رضي الله عنه قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة ابن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال ( كبر كبر ) وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال ( أتحلفون وتستحقون قاتلكم ) وذكر تمام الحديث متفق عليه . وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد يعني في القبر ثم يقول ( أيهما أكثر أخذا للقرآن ) فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد رواه البخاري . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أراني في المنام أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولت السواك الأصغر فقيل لي كبر فدفعته إلى الأكبر منهما ) رواه مسلم مسندا والبخاري تعليقا . وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) حديث حسن رواه أبو داود ... " .
الشيخ : فالظاهر أنه الأيمن من أجل التيامن، لكن قيل له: كبّر يعني: أعطه الأكبر، فهذا إذا كان الناس أمامك فابدأ بالكبير، لا تبدأ باليمين، أما إذا كانوا جالسين على اليمين وعلى الشمال فابدأ باليمين. وبهذا يُجمع بين الأدلة الدالة على اعتبار التكبير أي : مراعاة الكبير، وعلى اعتبار الأيمن، أي : مراعاة الأيمن، فنقول: إذا كانت القصة كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه كان معه إناء يشرب منه، وعلى يساره الأشياخ وعلى يمينه ابن عباس، فأعطاه ابن عباس رضي الله عنه، لأنه هو الأيمن وقال : الأيمنون الأيمنون ) : فإذا كان هكذا فأعطه من على يمينك، أما الذين أمامك فابدأ بالكبير، كما تدل عليه السنة، وهذا هو وجه الجمع بينهما. ثم إن الإنسان إذا أعطاه الكبير، يعني صب الفنجان وأعطاه الكبير، فمن يُعطي بعده؟ هل هو الذي على يمين الكبير ويكون عن يسار الصاب، أم الذي عن يمين الصاب؟ نقول: يبدأ بالذي عن يمين الصاب، وإن كان على يسار الكبير، لأننا إذا اعتبرنا التيامن بعد مراعاة الكِبَر، فالذي على يمينك هو الذي عن يسار مقابلك فتبدأ به، ما لم يسمح بعضهم لبعض، ويقول: أعطه فلاناً أعطه فلاناً فالحق لهم، لهم أن يسقطوه، والله أعلم.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة . قال الله تعالى (( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا )) إلى قوله تعالى (( قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا )) وقال تعالى (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )) ... " .
الشيخ : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب زيارة أهل الخير ومحبتهم وصحبتهم وطلب الزيارة منهم " : أهل الخير : هم أهل العلم والإيمان والصلاح، ومحبتهم واجبة، لأن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله، فمتى كان الإنسان محبته تابعة لمحبة الله، وبغضه تابعاً لبغض الله، فهذا هو الذي ينال ولاية الله عز وجل. وأهل الخير إذا جالستهم فأنت على خير، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مَثَّل الجليس الصالح بحامل المسك، إما أن يحذيك يعني: يعطيك، وإما أن يبيعك، يعني يبيع عليك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة. وكذلك ينبغي أن تطلب منهم أن يزوروك ويأتوا إليك، لما في مجيئهم إليك من الخير. ثم ذكر المؤلف قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع الخضر، فإن موسى قال لفتاه: (( لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً )) : لأن الله أخبره بأن له عبداً من عباد الله، آتاه الله رحمة منه، وعلمه من لدنه علماً، فذهب موسى يطلب هذا الرجل حتى لقيه، وذكر اللهُ تعالى قصتهما مبسوطة في سورة الكهف، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله، والله أعلم.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني لا أبكي إني لأعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها . رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه قال لا غير أني أحببته في الله تعالى قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ) رواه الترمذي وقال حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة ) متفق عليه .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أنس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني لا أبكي، إني لأعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها ) . رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن رجلا زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه مِن نعمة تربُّها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) ، رواه مسلم . وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله ناداه مناد : بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ) ، رواه الترمذي وقال حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة ) ، متفق عليه " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني لا أبكي إني لأعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها . رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه قال لا غير أني أحببته في الله تعالى قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ) رواه الترمذي وقال حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة ) متفق عليه .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث في بيان فضل زيارة الإخوان بعضهم لبعض ، والمحبة في الله عز وجل . ففي الحديث الأول في قصة الرجلين من الصحابة رضي الله عنهما، زارا امرأة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها، فزاراها من أجل إتيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها. فلما جلسا عندها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله سبحانه وتعالى خير لرسوله؟ يعني خير من الدنيا. فقالت: إني لا أبكي لذلك، ولكن أبكي لانقطاع الوحي، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما مات انقطع الوحي، فلا وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا أكمل الله شريعته قبل أن يُتوفى، فقال تعالى: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً )) ، فجعلا يبكيان، لأنها ذكرتهما بما كانا قد نسياه. وأما الأحاديث الأخرى ففيها أيضاً فضل الزيارة لله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى يثيب من زار أخاه أو عاده في مرضه، فيقال له: طِبت وطاب ممشاك. ويقال لمن زار أخاه لغير أمر دُنيوي ولكن لمحبته في الله: يُقال له إن الله أحبك كما أحببته فيه. والزيارة لها فوائد مع هذا الفضل العظيم والأجر : أنها تؤلف القلوب، وتجمع الناس، وتذكر الناسي، وتنبه الغافل، وتعلم الجاهل، وفيها مصالح كثيرة يعرفها من جربها. وأما عيادة المريض فهي كذلك أيضاً فيها من المصالح والمنافع شيء كثير، وقد سبق لنا أنها من حقوق المسلم على المسلم: أن يعوده إذا مرض، ويذكره بالله عز وجل، بالتوبة والوصية وغير ذلك مما يستفيد منه. فهذه الأحاديث وأشباهها كلها تدل على أنه ينبغي للإنسان أن يفعل ما فيه المودة والمحبة لإخوانه، من زيارة وعيادة واجتماع وغير ذلك، نسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحب ويرضى.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ( ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت (( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك )) . رواه البخاري . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المرء مع من أحب ) متفق عليه . وفي رواية قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم قال ( المرء مع من أحب ) متفق عليه ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) ، متفق عليه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ فنزلت : (( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك )) ) ، رواه البخاري . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ، رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به . وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الرجلُ على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) ، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح ، وقال الترمذي حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المرء مع من أحب ) ، متفق عليه . وفي رواية قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ، قال: المرء مع من أحب ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ( ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت (( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك )) . رواه البخاري . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المرء مع من أحب ) . متفق عليه وفي رواية قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم قال ( المرء مع من أحب ) متفق عليه ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين ) : يعني أن الأغراض التي تنكح من أجلها المرأة في الغالب هي هذه الأربع: المال: من أجل أن ينتفع به الزوج. والحسب: يعني أن تكون من قبيلة شريفة، من أجل أن يرتفع بها الزوج. والجمال: من أجل أن يتمتع بها الزوج. والدين: من أجل أن تعينه على دينه، وتحفظ أمانته وترعى أولاده. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( فاظفر بذات الدين تَرِبت يداك ) : يعني تمسك بها واحرص عليها، وحثه على ذلك بقوله: ( تربت يداك ) : وهذه الكلمة تقال عند العرب للحث على الشيء. ثم ذكر المؤلف أيضاً حديث جبريل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ فنزلت: (( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً )) ) : ففي هذا الحديث طلب زيارة أهل الخير إلى بيتك، تطلب منهم أن يزوروك من أجل تنتفع بصحبتهم. وكذلك في حديث أبي هريرة صحبة المرأة الدينة تعينك على دين الله. وقد سبق أيضاً -في الدرس الماضي- أن مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن يحذيك يعني يعطيك منه، أو يبيعك، أو تجد منه رائحة طيبة. ثم ذكر المؤلف أحاديث بهذا المعنى، مثل ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) : يعني أن الإنسان يكون في الدين، وكذلك في الخُلق على حسب من يصاحب، فلينظر من يصاحب، فإن صاحب أهل الخير، صار منهم، وإن صاحب سواهم، صار مثلهم . فالحاصل أن هذه الأحاديث وأمثالها كلها تدل على أنه ينبغي للإنسان أن يصطحب الأخيار، وأن يزورهم ويزوروه لما في ذلك من الخير، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال أنت مع من أحببت ) متفق عليه وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما ( ما أعددت لها من كثير صوم ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله ) . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسل ( المرء مع من أحب ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) رواه مسلم . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي وقال ( لا تنسنا يا أخي من دعائك ) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين متفق عليه وفي رواية كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان ابن عمر يفعله ... " .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أنس رضي الله عنه : ( أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله ، قال: أنت مع من أحببت ) متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم . وفي رواية لهما : ( ما أعددتُ لها من كثير صوم ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله ) . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء مع مَن أحب ) ، متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ) . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي وقال: لا تنسنا يا أُخي من دعائك ، فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا ) ، وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ) ، حديث صحيح ، رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين ) ، متفق عليه . وفي رواية : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان ابن عمر يفعله ) " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال أنت مع من أحببت ) متفق عليه وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما ( ما أعددت لها من كثير صوم ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله ) . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسل ( المرء مع من أحب ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) رواه مسلم . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي وقال ( لا تنسنا يا أخي من دعائك ) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين متفق عليه وفي رواية كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان ابن عمر يفعله ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث تتعلق بالباب الذي عقده المؤلف في أنه ينبغي إكرام العلماء وتوقيرهم واحترامهم ، ومصاحبة أهل الخير والصلاح وزيارتهم ودعوتهم للزيارة وما أشبه ذلك. ففي الحديث الأول عن أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن أعرابياً قال: يا رسول الله متى الساعة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله ) : ففي هذا الحديث دليل على أنه ليس الشأن كل الشأن أن يسأل الإنسان متى يموت؟ أو بأي أرض يموت؟ ولكن على أي حال يموت، هل يموت على خاتمة حسنة؟ أو على خاتمة سيئة. ولهذا قال: ( ماذا أعددت لها؟ ) يعني : لا تسأل عنها فإنها ستأتي ، (( يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا )) ، (( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً )) ، (( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ )) . لكن الشأن ماذا أعددت لها؟ هل عملت؟ هل أنبت إلى ربك؟ هل تبت من ذنبك؟ هذا هو المهم. وكذلك حديث ابن مسعود ، وما ذكره المؤلف بعده من فضل محبة الله ورسوله، وأن الإنسان إذا أحب قوماً كان منهم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( المرء مع من أحب ) . قال أنس: " فما فرحنا بعد الإسلام بشيء فرحنا بهذا الحديث ، فأنا أحب الله ورسوله. أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أبا بكر وعمر " ، فالمرء مع من أحب، لأنه إذا أحب قوماً فإنه يألفهم، ويتقرب منهم، ويتخلق بأخلاقهم، ويقتدي بأفعالهم، كما هي طبيعة البشر.
الكلام على حديث ( ... لا تنسنا من دعائك يا أخي ... ) وبيان ضعفه .
الشيخ : وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أراد أن يعتمر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تنسنا من دعائك ) أو ( أشركنا في دعائك ) ، فحديث ضعيف وإن صححه المؤلف، لكن المؤلف رحمه الله له طريقة وهي : أنه ما كان من فضائل الأعمال فإنه يتساهل به، وهذا وإن كان يصدر عن حسن نية، لكن الواجب اتباع الحق، فالصحيح صحيح، والضعيف ضعيف، وفضائل الأعمال تُدرك بغير هذا، أي بغير تصحيح الأحاديث الضعيفة. نعم أمر النبي عليه الصلاة والسلام مَن رأى أويس القرْني أو القَرَني أن يطلب منه الدعاء، لكن هذا خاص به، لأنه كان رجلاً باراً بأمه، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يرفع ذكره في هذه الدنيا قبل جزاء الآخرة. ولهذا لم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يطلب أحدٌ من أحدٍ أن يدعو له، مع أنه أفضل من أويس فأبو بكر أفضل من أويس بلا شك، وغيره من الصحابة أفضل منه من حيث الصحبة، وما أمر النبي عليه الصلاة والسلام أحداً أن يقول: اجعلوا أبا بكر اجعلوا عمر أو ما أشبه ذلك يدعو لكم، فالصواب أنه لا ينبغي أن يطلب الدعاء من غيره، ولو كان رجلاً صالحاً، وذلك لأن هذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من هدي خلفائه الراشدين، أما إذا كان الدعاء عاماً، يعني تريد أن تطلب من هذا الرجل الصالح أن يدعو بدعاء عام، كأن تطلب منه أن يدعو الله تعالى بالغيث أو برفع الفتن عن الناس أو ما أشبه ذلك، فلا بأس، لأن هذا لمصلحة غيرك، كما لو سألت المال للفقير، فإنك لا تلام على هذا ولا تذم. وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فإن سؤال الصحابة له من خصوصياته، يسألونه أن يدعو الله لهم، كما قال الرجل حين حدث النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم عن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقام عكاشة ابن محصن قال: ( ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم، ثم قام رجل آخر، فقال: سبقك بها عكَّاشة ) . وكما قال في المرأة التي كانت تُصرع، طلبت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله لها. فقال: ( إن شئت دعوت الله لك، وإن شئت صبرت ولك الجنة. فقالت: أصبر ولكن ادع الله ألا تنكشف عورتي ) . فالحاصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام من خصوصياته أن يُسأل الدعاء، أما غيره فلا. نعم لو أراد الإنسان أن يسأل من غيره الدعاء وقصْدُه مصلحة الغير، يعني قصده أن الله يثيب هذا الرجل على دعوته لأخيه، أو أن الله تعالى يستجيب دعوته، لأنه إذا دعا الإنسان لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله، فالأعمال بالنيات. هذا ما نوى لمصلحة نفسه خاصة بل لمصلحة نفسه ومصلحة أخيه الذي طلب منه الدعاء، فالأعمال بالنيات. أما لمصلحته الخاصة فهذا كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله- يدخل في المسألة المذمومة، وقد بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئاً، والله الموفق.
قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه وماذا يقول له إذا أعلمه . قال الله تعالى (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) إلى آخر السورة وقال تعالى (( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم )) . وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) متفق عليه . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم ... " .
القارئ : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول له إذا أعلمه : قال الله تعالى: (( محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) إلى آخر السورة . وقال تعالى: (( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم )) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون اللهُ ورسولُه أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) ، متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل، وشابٌ نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) ، متفق عليه . وعنه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) ، رواه مسلم . وعنه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أوَ لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم ) ، رواه مسلم " .
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه وماذا يقول له إذا أعلمه . قال الله تعالى (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) إلى آخر السورة وقال تعالى (( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم )) . وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) متفق عليه . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) رواه مسلم . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم ... " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الحب في الله والبغض فيه، وإعلام من يحبه أنه يحبه، وما يقول له إذا ذكر ذلك " : هذه أربعة أمور، بين المؤلف رحمه الله الأدلة الدالة عليها : فقال رحمه الله : " وقول الله تعالى: (( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) " : محمد رسول الله، والذين معه وهم أصحابه، أشداء على الكفار، أقوياء على الكفار، رحماء بينهم، يعني يرحم بعضهم بعضًا. (( تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً )) : يعني تنظر إليهم في حال الصلاة تجدهم ركعاً سجداً، خضوعاً لله عز وجل وتقرباً إليه، لا يريدون شيئاً من الدنيا، ولكنهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً. فضلاً من الله: وهو الثواب، والرضوان: رضى الله عنهم. (( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )) : يعني علامتهم في وجوههم من أثر السجود، وهذه السيما هي نور الوجه، نور وجوههم من سجودهم لله عز وجل، وليست العلامة التي تكون في الجبهة، هذه العلامة ربما تكون دليلاً على كثرة السجود، ولكن العلامة الحقيقية هي نور الوجه. (( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ )) : يعني ذلك صفتهم في التوراة، فإن الله سبحانه وتعالى نوَّه بهذه الأمة وبرسولها صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر صفاتهم في التوراة والإنجيل، كما قال الله تعالى: (( الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ )) . (( وَمَثَلُهُمْ فِي الْإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار )) يعني: مثلهم كمثل الزرع ، (( أَخْرَجَ شَطْئهُ )) يعني الغصن الثاني غير الغصن الأم ، (( فَآزَرَهُ )) : يعني شدده وقواه، (( فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ )) : قام وعانق الأصل ، (( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ )) يعني أهل الخبرة والزرع يعجبهم مثل هذا الزرع القوي، إذا كان له شطئاً مؤازر له، مقوٍ له. (( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )) : أي ليغيظ الله بهم الكفار من بني آدم، (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) ، مغفرة للذنوب، وأجراً عظيماً على الحسنات. وقال تعالى: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا )) : هؤلاء الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم، (( تَبَوَّأُوا الدَّارَ )) : المدينة، أي سكنوها (( مِنْ قَبْلِهِمْ )) : من قبل المهاجرين، وحققوا الإيمان من قبل أن يهاجر إليهم المؤمنون، لأن الإيمان دخل في المدينة قبل الهجرة، (( تَبَوَّأُوا الدَّارَ )) : سكنوها، (( وَالْإيمَانَ )) : حققوا الإيمان ، (( مِنْ قَبْلِهِمْ )) : من قبل المهاجرين. (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) ، لأنهم إخوانهم ، ولهذا لما هاجروا آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهم أي: جعلهم إخواناً، حتى إن الواحد من الأنصار يتنازل عن نصف ماله لأخيه المهاجري، (( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا )) يعني: لا يجدون في صدورهم حسداً مما أوتي المهاجرون من الفضل والولاية والنصرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ )) أي: يقدمون غيرهم على أنفسهم. (( وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )) أي: ولو كانوا جياعاً، فإنهم يجوعون ليشبع المهاجرون رضي الله عنهم وأرضاهم. (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) : يعني من يقيه الله شح نفسه، ويكون كريماً، يبسط المال ويبذل، ويحب أخاه، فأولئك هم المفلحون. (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ )) : من بعد هؤلاء ، وهم التابعون إلى يوم القيامة (( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ )) : هؤلاء الذين جاءوا من بعدهم هم تبع لهم ، قد رضي الله عنهم كما قال الله تعالى: (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) . وهذه الآيات الثلاث : (( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ )) ، (( وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) ، (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ )) : آيات تبين من يستحق الفيء من بيت المال، والذين يستحقون الفيء هم هؤلاء الأصناف الثلاثة، منهم (( الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ )) . سئل الإمام مالك رحمه الله: هل يُعطى الرافضة من الفيء ؟ قال: لا يعطون من الفيء، لأن الرافضة لا يقولون : (( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ))، لأن الرافضة يرون الصحابة إلا نفرا قليلاً كلهم كفاراً والعياذ بالله، حتى أبو بكر وعمر، يرون أنهما كافران، وأنهما ماتا على النفاق، وأنهما ارتدا بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام، نسأل الله العافية. ولهذا قال الإمام مالك: لا يستحقون من الفيء شيئاً، لأنهم لا يقولون : (( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ))، ولكن يخصون الرحمة والمغفرة أو سؤال المغفرة والرحمة لمن يرون أنهم لم يرتدوا، وهم نفر قليل : آل البيت واثنان أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة من غيرهم. ففي هذه الآية، الشاهد من هذه الآية قوله: (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) : يعني من المؤمنين، وهذا حب في الله، وإلا فإن الأنصار من الأوس والخزرج، ليس بينهم وبين المهاجرين نسب، ليسوا من قريش، ولكن الأخوة الإيمانية هي التي جمعت بينهم وصاروا إخواناً لهم ، والأخوة الإيمانية هي أوثق عرى الإيمان، أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله. ثم ذكر المؤلف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ) : من كن فيه : يعني من اتصف بهن، ( وجد بهن ) : أي بسببهن، ( حلاوة الإيمان ) : ليست حلاوة سكر ولا عسل، أعظم من كل حلاوة. حلاوة يجدها الإنسان في قلبه، ولذة عظيمة لا يساويها شي، يجد انشراحاً في صدره، رغبة في الخير، حباً لأهل الخير، حلاوة لا يعرفها إلا من ذاقها بعد أن حرمها. ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) : وهنا قال : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ولم يقل: ثم رسوله، لأن المحبة هنا محبة الرسول عليه الصلاة والسلام تابعة ونابعة من محبة الله سبحانه وتعالى. فالإنسان يحب الرسول بقدر ما يحب الله، كلما كان لله أحب كان لرسوله أحب. لكن مع الأسف أن بعض الناس يحب الرسول مع الله ولا يحب الرسول لله، -انتبهوا انتبهوا- يحب الرسول مع الله ولا يحب الرسول لله!! كيف؟ تجده يحب الرسول أكثر من محبة الله، وهذا نوع من الشرك، أنت تحب الرسول لله، لأنه رسول الله، والمحبة الأصل والأم محبة مَن؟ الطالب : الله . الشيخ : محبة الله عز وجل، لكن هؤلاء الذين غلوا في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، يحبون الرسول مع الله لا يحبونه لله، أي يجعلونه شريكاً لله في المحبة بل أعظم من محبة الله. تجده إذا ذكر الرسول اقشعر جلده من المحبة والتعظيم، لكن إذا ذكر الله وإذا هو بارد ما يتأثر. هل هذه محبة نافعة للإنسان؟ ما تنفعه، هذه محبة شركية، عليك أن تحب الله ورسوله، وأن تكون محبتك للرسول صلى الله عليه وآله وسلم نابعة من محبة الله وتابعة لمحبة الله، ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ) : هذا الشاهد، تحب المرء لا تحبه إلا لله، لا تحبه لقرابة، ولا لمال، ولا لجاه، ولا لشيء من الدنيا، إنما تحبه لله. أما محبة القرابة فهي محبة طبيعية، كل يحب قريبه محبة طبيعية، حتى البهائم تحب أولادها، تجد الأم مِن البهائم والحشرات تحب أولادها حتى يكبروا ويستقلوا بأنفسهم، ثم تبدأ بطردهم، إذا كان عندك هِرة انظر إليها كيف تحنو على أولادها وتحملهم في أيام البرد، تدخلهم في الدفء، وتمسكهم بأسنانها، لكن لا تؤثر فيهم شيئاً، لأنها تمسكهم إمساك رحمة، حتى إذا فُطموا واستقلوا بأنفسهم، بدأت تطردهم، لأن الله يلقي في قلبها الرحمة ما داموا محتاجين إليها، ثم بعد ذلك يكونون مثل غيرهم. فالشاهد أن محبة القرابة محبة طبيعية، لكن إذا كان قريبك من عباد الله الصالحين، فأحببته فوق المحبة الطبيعية فأنت أحببته لله. ( أن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد أذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) : يعني يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، وهذه ظاهرة فيمن كان كافراً ثم أسلم، لكن من ولد في الإسلام فيكره أن يكون في الكفر بعد أن منَّ الله عليه بالإسلام كما يكره أن يقذف في النار، يعني أنه لو قذف في النار كان أهون عليه من أن يعود كافراً بعد إسلامه، وهذه ولله والحمد حال كثير من المؤمنين، كثير من المؤمنين لو قيل له: تكفر أو نلقيك من أعلى شاهق في البلد أو نحرقك لقال: احرقوني. ألقوني من أعلى شاهق، ولا أرتد من بعد إسلامي. وهذا مراد الردة الحقيقية التي تكون في القلب، أما من أُكره على الكفر فكفر ظاهراً لا باطناً، بل قلبه مطمئن بالإيمان، فهذا لا يضره لقوله تعالى: (( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ )) لما قيل لهم: نقتلكم ولا اكفروا، باعوا الآخرة بالدنيا، كفروا ليبقوا، فاستحبوا الدنيا على الآخرة، وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ، نسأل الله لنا ولكم الهداية. ( وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) ، وسيأتي إن شاء الله بقية الأحاديث الواردة في هذا الباب.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) متفق عليه ... " .
الشيخ : ذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى عليه وآله وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) : فهؤلاء سبعة، وليس المراد بالسبعة العدد، يعني أنهم سبعة أنفار فقط، ولكنهم سبعة أصناف، لأنهم قد يكونون عدداً لا يحصيهم إلا الله عز وجل. ونحن نتكلم على ما ساق المؤلف الحديث مِن أجله، لأن هذا الحديث سبق لنا وقد شرحناه فيما سبق، ولكن نتكلم على مسألة ضلَّ فيها كثير من الجهال، وهي قوله: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) : حيث توهموا جهلاً منهم أن هذا ظل الله نفسِه، وأن الله تعالى يظلهم من الشمس بذاته عز وجل، وهذا فهم خاطئ مُنكر، يقوله بعض المتعيلمين الذين يقولون: إن مذهب أهل السنة إجراء النصوص على ظاهرها، فيقال أين الظاهر؟! أين أن يكون ظاهر الحديث أن الرب جل وعلا يظلهم من الشمس؟! فإن هذا يقتضي أن تكون الشمس فوق الله عز وجل، وهذا شيء منكر، لا أحد يقول به من أهل السنة، لكن مشكلات الناس ولاسيما في هذا العصر، أن الإنسان إذا فهم، لم يعرف التطبيق، وإذا فهم مسألة ظن أنه أحاط بكل شيء علماً. والواجب أن الإنسان يعرف قدر نفسه، وألا يتكلم لا سيما في باب الصفات إلا بما يعلم مِن كتاب الله وسنة رسوله وكلام الأئمة. فمعنى : ( يوم لا ظل إلا ظله ) أو ( يظلهم الله في ظله ) : يعني الظل الذي لا يقدر أحد عليه في ذلك الوقت، لأنه في ذلك الوقت لا بناء يبنى، ولا شجر يغرس، ولا رمال تُقام، ولا أحجار تصفف، ما في شيء ، قال الله عز وجل: (( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفا ً* لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً )) . ولا يظل الخلائق من الشمس شيء، لا بناء، ولا شجر، ولا حجر، ولا غير ذلك. لكن الله عز وجل يخلق شيئاً يظلل به من شاء من عباده، يوم لا ظل إلا ظله، هذا هو معنى الحديث، ولا يجوز أن يكون له معنى سوى هذا. والشاهد من هذا الحديث لهذا الباب قوله: ( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) : يعني أنهما جرت بينهما محبة، لكنها محبة في الله، لا في مال، ولا جاه، ولا نَسب، ولا أي شيء، إنما هو محبة الله عز وجل، رآه قائماً بطاعة الله، متجنباً لمحارم الله، فأحبه من أجل ذلك، فهذا هو الذي يَدخل في هذا الحديث: ( تحابا في الله ) . وقوله: ( اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) : يعني اجتمعا عليه في الدنيا ، وبقيت المحبة بينهما حتى فرق بينهما الموت ، تفرقا وهما على ذلك. وفي هذا إشارة إلى أن المتحابين في الله لا يقطع محبتهم في الله شيء من أمور الدنيا، وإنما هم متحابون في الله لا يفرقهم إلا الموت، حتى لو أن بعضهم أخطأ على بعض، أو قصر في حق بعض، فإن ذلك لا يهم، لأنه إنما أحبه لله عز وجل، ولكنه يصحح خطأه، ويبين تقصيره، لأن هذا من تمام النصيحة، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتحابين فيه، المتعاونين على البر والتقوى إنه جواد كريم. القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) ، رواه مسلم. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ) . وعنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن رجلاً زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكاً ) ، وذكر الحديث إلى قوله: ( إن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) ، رواه مسلم . عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: ( لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله ) ، متفق عليه . وعن معاذ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى .