هل إذا قال الإنسان في الرد على السلام أهلا ومرحبا هل يكفي ؟
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم نعم.
السائل : هل إذا قال الإنسان في الرّدّ على السّلام أهلا ومرحبا هل يكفي؟
الشيخ : أي نعم، هذا يسأل يقول: هل إذا قال الإنسان في الرّدّ على السّلام أهلا ومرحبا هل يكفي؟ نقول: لا يكفي، لو قال الإنسان في ردّ السّلام أهلا ومرحبا ألف مرّة واقتصر على ذلك فإنه عاصٍ وآثم، لأنه لم يقم بالواجب، الواجب أن يرد فيقول: عليكم السّلام ثم يقول: أهلا وسهلا، أو يقول: أهلا وسهلا، عليكم السلام، لكن يحسن بالمسلّم أن يا أخ حمد، يحسن بالمسلّم إذا سلّم وقال المجيب: أهلا وسهلا أن يردّ، أن يعيد، يقول: السّلام عليكم فإذا قالها ثانيا قال: السلام عليكم، حتى يعرف المجيب أنه لم يقم بالواجب، ويكون هذا صبغة في قلبه لا ينساها.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث قال: وقال: ( إذا سقطت لقمة أحدكم، فليمط عنها الأذى، وليأكلها )، ولا يدعها للشيطان وأمر أن تسلت القصعة قال: ( فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ) رواه مسلم . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت . ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت) رواه البخاري . وعن أنس رضي الله عنه قال: كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق، أو لا تكاد تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت ) رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تُسبق، أو لا تكاد تُسبق ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: حَقٌ على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه ) رواه البخاري ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث ذكرها الحافظ النّووي في كتابه رياض الصّالحين في: " باب التواضع " : فمنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الأكل لعق أصابعه الثلاثة ) : لعقها يعني لحسها ، حتى يكون ما بقي من الطّعام فيها داخلا في طعامه الذي أكله من قبل، وفيه فائدة ذكرها بعض الأطبّاء : أن الأنامل تُفرز عند الأكل شيئا يُعين على هضم الطعام، فيكون في لعق الأصابع بعد الطّعام فائدتان: فائدة شرعية: وهي الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفائدة صحّيّة طبّيّة وهي هذا الإفراز الذي يكون بعد الطعام يعين على الهضم.
والمؤمن لا يهمّه ما يتعلّق بالصّحّة البدنيّة، أهم شيء اتّباع الرسول صلى الله عليه وسلّم والإقتداء به، لأنّ فيه صحّة القلب، وكلّما كان الإنسان للرسول صلى الله عليه وسلّم أتبع، كان إيمانه أقوى، وكذلك قال عليه الصّلاة والسّلام : ( إذا سقطت لقمة أحدكم ) : يعني على الأرض أو على السّفرة ( فليأخذها وليمط ما بها من أذى ولا يدعها للشيطان ) : فإذا سقطت اللقمة، أو التّمرة، أو ما أشبه ذلك على السّفرة فخذها وأزل ما فيها من الأذى إن كان فيها أذى تراب أو عيدان أو ما أشبه ذلك وكلها ، تواضعاً لله عزّ وجلّ وامتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وحرمان للشيطان ، لأنّك إذا تركتها أكلها الشّيطان، والشّيطان ربما يشارك الإنسان في أكله في مثل هذه المسألة، وفيما إذا أكل ولم يسمّ ، فإنّ الشّيطان يشاركه في أكله.
والثالث: أمر بسلت الصّحن، القصعة يعني الإناء الذي فيه الطعام، إذا انتهيت فاسلته : بمعنى أن تلحسه، تمر يدك عليه وما علق بأصابعك تلعقه وهذا أيضًا من السّنّة التي غفل عنها كثير من الناس مع الأسف، كثير من الناس حتّى من طلبة العلم إذا فرغوا من الأكل وجدت الجهة التي تليهم ما زال الأكل باقيًا فيها لا يلعقون الصّحفة ، وهذا خلاف ما أمر به النّبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ بيّن الرسول عليه الصّلاة والسّلام الحكمة من ذلك فقال: ( فإنّكم لا تدرون في أيّ طعامكم البركة ) : قد تكون البركة من هذا الطعام في هذا الذي سلته من القصعة.
وفي هذا الحديث حسن تعليم الرسول عليه الصّلاة والسّلام، وأنه إذا ذكر الحُكم ذكر الحِكمة منه، لأنّ ذكر الحِكمة مقرون بالحكم يفيده فائدتين عظيمتين:
الفائدة الأولى: بيان سموّ الشّريعة، وأنها شريعة مبنية على المصالح، فما من شيء أمر الله به ورسولُه إلاّ والمصلحة في وجوده، وما من شيء نهى الله عنه ورسولُه إلاّ والمصلحة في عدمه.
المسألة الثانية: زيادة اطمئنان النّفس ، لأن الإنسان بشر ، قد يكون عنده إيمان وتسليم بما حكم الله به ورسولُه ، لكن إذا ذكرت الحكمة ازداد إيمانا وازداد يقينه ونشط على فعل المأمور أو ترك المحظور.
ثمّ ذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصّة الأعرابيّ الذي جاء بقعود له : ناقة ليست كبيرة ، أو جمل ليس بكبير ، وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء ، وهي غير القصواء التي حجّ عليها ، هذه ناقة أخرى ، وكان من هدي الرسول عليه الصّلاة والسّلام أنّه يسمّي دوابّه وسلاحه وما أشبه ذلك، يقول : الناقة الفلانيّة، السّيف الفلاني، الرمح الفلاني ، وهذا من هدي الرسول عليه الصّلاة والسّلام ، العضباء : كان الصحابة رضي الله عنهم يرون أنها لا تُسبق أو لا تكاد تُسبق، فجاء هذا الأعرابي بقَعوده فسبق العضباء ، فكأن ذلك شقّ على الصّحابة رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف ما نفوسهم : ( إن حقًا على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه ) : فكلّ ارتفاع يكون في الدّنيا فإنه لابدّ أن يؤول إلى انخفاض، فإن صحب هذا الإرتفاع ارتفاع في النّفوس وعلوّ في النّفوس، فإن الوضع إليه أسرع، لأن الوضع يكون عقوبة ، أما إذا لم يصحبه شيء فإنه لابدّ أن يرجع ويوضع ، كما قال الله تبارك وتعالى : (( إنّما مثل الحياة الدّنيا كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام )) : ظهر فيه من كلّ نوع ، (( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس )) : ذهبت كل هذه الزّينة ، وكل هذا النبات الذي اختلط من كلّ صنف كلّه يزول ، كأن لم يكن، وهكذا الدّنيا كلها تزول كأن لم تكن ، حتى الإنسان بنفسه يبدو صغيراً ضعيفاً ثمّ يقوى ، فإذا انتهت قوّته عاد إلى الضّعف والهرم ثم إلى الفناء والعدم ، فما من شيء ارتفع من الدّنيا إلاّ وضعه الله عزّ وجلّ ، وفي قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( من الدّنيا ) دليل على أنه ما ارتفع من أمور الآخرة فإنه لا يضعه الله، فقوله تعالى : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) : هؤلاء لا يضعهم الله عزّ وجلّ ما داموا على وصف العلم والإيمان ، فإنه لا يمكن أن يضعهم الله ، بل يرفع لهم الذّكر ويرفع درجاتهم في الآخرة ، والله الموفّق.
2 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث قال: وقال: ( إذا سقطت لقمة أحدكم، فليمط عنها الأذى، وليأكلها )، ولا يدعها للشيطان وأمر أن تسلت القصعة قال: ( فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ) رواه مسلم . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت . ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت) رواه البخاري . وعن أنس رضي الله عنه قال: كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق، أو لا تكاد تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه ) رواه البخاري . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب تحريم الكبر والإعجاب . قال الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )) . وقال تعالى: (( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )) . وقال تعالى: (( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )) . وقال تعالى: (( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )) إلى قوله تعالى: (( فخسفنا به وبداره الأرض )) الآيات ... " .
قال الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين )).
وقال تعالى: (( ولا تمش في الأرض مرحًا )) .
وقال تعالى: (( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا إن الله لا يحب كل مختال فخور )).
وقال تعالى: (( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )) إلى قوله تعالى: (( فخسفنا به وبداره الأرض )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النّووي رحمه الله في كتابه *رياض الصّالحين : " فيما جاء في الكبر والإعجاب " : الكبر الترفّع واعتقاد الإنسان نفسه أنه كبير وأنه فوق الناس وأن له فضلًا عليهم، والإعجاب : أن يرى الإنسان عمل نفسه فيُعجب به ويستعظمه ويستكبره، فالإعجاب يكون في العمل، والكبر يكون في النفس، وكلاهما خلق مذموم : الكبر والإعجاب، والكبر نوعان:
كبر على الحقّ، وكبر على الخلق ، وقد بيّنهما النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في قوله: ( الكبر بَطَر الحقّ وغمط الناس ) : فَبَطَر الحقّ : يعني ردّه والإعراض عنه وعدم قبوله، وغمط الناس : يعني احتقارهم وازدراءهم وأن لا يرى الناس شيئا، ويرى أنه فوقهم وما أشبه ذلك .
وقيل لرجل ماذا ترى الناس؟ قال لا أراهم إلاّ مثل البعوض، فقيل له: إنّهم لا يرونك إلاّ مثل البعوضة.
وقيل لآخر ما ترى الناس؟ قال: أرى الناس أعظم منّي ولهم شأن ولهم منزلة، فقيل له: إنهم يرونك أعظم منهم وأن لك شأنا ومحلاّ ، فأنت إذا رأيت الناس مرأى، فالناس يرونك مثلما تراهم، إن رأيتهم في محلّ الإكرام والإجلال والتّعظيم، وأنزلتهم منزلتهم، عرفوا لك ذلك، ورأوك في محلّ الإجلال والإكرام والتعظيم ونزّلوك منزلتك، والعكس بالعكس.
أما بَطَر الحقّ : فهو ردّه وأن لا يقبل الإنسان الحقّ، بل يرفضه ويردّه اعتدادًا بنفسه ورأيه ، فيرى والعياذ بالله أنه أكبر من الحقّ، وعلامة ذلك أن الإنسان يُؤتى إليه بالأدلّة من الكتاب والسّنّة ويقال: هذا كتاب الله، هذه سنّة رسول الله ولكنّه لا يقبل، يستمرّ على رأيه، فهذا ردّ الحقّ والعياذ بالله، وكثير من الناس ينتصر لنفسه، إذا قال قولا لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصّواب في خلافه.
ولكنّ هذا خلاف العقل، وخلاف الشّرع، فالواجب أن يرجع الإنسان للحقّ حيث ما وجده حتى لو خالف قوله فليرجع إليه فإنّها أعزّ له عند الله، وأعزّ له عند الناس، وأسلم لذمّته، وأبرأ، ولا يضرّه، لا تظنّ أنّك إذا رجعت عن قولك لبيان الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس، بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنّك لا تتبع إلاّ الحقّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويردّ الحق فهذا متكبّر والعياذ بالله.
وهذا الثاني يقع من بعض الناس والعياذ بالله حتى من طلبة العلم، يتبيّن له بعد المناقشة وجه الصّواب، وأنّ الصواب خلاف ما قاله بالأمس، ولكنّه يبقى على رأيه، يملي عليه الشّيطان أنه إذا رجع استهان الناس به وقالوا : هذا إنسان إمّعة ، كل يوم له قول ، وهذا لا يضرّ ، إذا رجعت إلى الصواب فليكن قولك اليوم خلاف قولك بالأمس، فالأئمة الأجلّة يكون لهم في المسألة الواحدة أقوال متعدّدة، هاهو الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السّنّة وأرفع الأئمّة من حيث اتّباع الدليل، وسعة الإطّلاع، نجد أن له في المسألة الواحدة في بعض الأحيان أكثر مِن أربعة أقوال، لماذا؟ لأنه إذا تبيّن له الدّليل رجع إليه، وهكذا شأن كلّ إنسان مُنصف: أن يتبع الدليل حيث ما كان.
ثمّ ذكر المؤلف آيات تتعلّق بهذا الباب بيّن فيها -رحمه الله- أنها كلّها تدلّ على ذمّ الكِبر، وأخّر ذكر الآيات المتعلّقة بقارون، وقارون رجل من بني إسرائيل من قوم موسى، أعطاه الله سبحانه وتعالى مالا كثيراً ، حتّى أنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة : يعني مفاتيح الخزائن تثقل وتشق ، على العصبة : يعني الجماعة من الناس من الرّجال، أولي القوّة : في كثرتها (( إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحبّ الفرحين )) : فإنّ هذا الرجل بَطِر والعياذ بالله وتكبّر ولما ذكّر بآيات الله ردّها واستكبر قال: (( إنما أوتيته على علم عندي )) : فأنكر فضل الله عليه، وقال أنا أخذته بيدي، عندي علم أدركت به هذا المال، وكانت النّتيجة أن الله خسف به وبداره الأرض، زال هو وأملاكه : (( فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنَّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا )) : فتأمّل نتيجة الكبر والعياذ بالله والعُجب والإعتداد بالنّفس، كيف كان عاقبة ذلك الهلاك والدّمار، فالله الموفّق.
بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النّووي رحمه الله في كتاب: *رياض الصّالحين : " باب: تحريم الكبر والإعجاب " : وقد سبق الكلام على كلّ معنى منهما، وسبق الكلام على الآيات التي جاءت في قارون .
ثمّ ذكر المؤلف عدّة آيات منها قوله تعالى: (( تلك الدّار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتّقين )) : الدار الآخرة هي آخر دور بني آدم ، لأنّ ابن آدم له أربعة دور كلّها تنتهي بالآخرة، الدار الأولى : في بطن أمّه، والدار الثانية : إذا خرج من بطن أمّه إلى دار الدّنيا، والدار الثالثة : البرزخ ما بين موته وقيام السّاعة، والدار الرابعة : الدار الآخرة، وهي النّهاية وهي القرار، هذه الدار قال الله تعالى : (( نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا )) : لا يريدون التعلّي على الحقّ ولا التعلّي على الخلق، وإنّما هم متواضعون، وإذا نفى الله عنهم إرادة العلوّ والفساد فهو من باب أولى أن لا يكون علوّ ولا فساد، فهم لا يعلون في الأرض ولا يفسدون ولا يريدون ذلك، لأن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
قسم علا وأفسد، فهذا اجتمع في حقّه الإرادة والفعل.
وقسم لم يرد الفساد ولا العلوّ فقد انتفى عنه الأمران.
وقسم ثالث : يريد العلوّ والفساد لكن لا يقدر عليه، فهذا الثالث بين الأول والثاتي لكن عليه الوزر، لأنه أراد السّوء.
فالدار الآخرة إنما تكون للذين لا يريدون علوّا في الأرض : أي تعليّا على الحقّ أو على الخلق ، (( ولا فسادا والعاقبة للمتّقين )).
فإن قال قائل: ما هو الفساد في الأرض؟
فالجواب: أن الفساد في الأرض ليس هدم المنازل ولا إحراق الزروع، الفساد في الأرض بالمعاصي، كما قال أهل العلم رحمهم الله في قوله تعالى: (( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )) أي: لا تعصوا الله، لأن المعاصي سبب للفساد قال الله تبارك وتعالى: (( ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )) : فلم يفتح عليهم الله بركات من السّماء ولا من الأرض، فالفساد في الأرض يكون بالمعاصي نسأل الله العافية .
وقال الله تبارك وتعالى : (( ولا تمش في الأرض مرحًا )) يعني : لا تمشي مرحا مستكبرا متبخترا متعاظما في نفسك، وفي الآية الثانية : (( ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً )) : يعني مهما كنت لا تقدر تنزل في الأرض ولا تتباهى حتّى تساوي الجبال ، بل إنّك أنت أنت ، أنت ابن آدم حقير ضعيف فكيف تمشي في الأرض مَرحًا؟!، وقال تعالى : (( ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا إن الله لا يحب كل مختال فخور )) ، تصعير الخدّ للناس : أن يعرض الإنسان عن الناس فتجده والعياذ بالله مستكبراً لاوياً عنقه ، تحدّثه وهو يحدّثك وقد صدّ عنك هكذا ، صعّر خدّه ، (( ولا تمش في الأرض مرحا )) : يعني لا تمشي تبخترا وتعاظما وتكبّرا ، (( إنّ الله لا يحبّ كلّ مختال فخور )) : المختال في هيئته والفخور في لسانه وقوله، فهو في هيئته مختال: في ثيابه، في ملابسه، في مظهره، في مشيه، فخور بقوله ولسانه، فالله تعالى لا يحب هذا، إنما يحب المتواضع، الغني، الخفيّ، التّقيّ، هذا هو الذي يحبّه الله عزّ وجلّ، نسأل الله تعالى أن يهدينا وإيّاكم لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يجنّبنا سيّئات الأخلاق والأعمال إنه جواد كريم.
3 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب تحريم الكبر والإعجاب . قال الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )) . وقال تعالى: (( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )) . وقال تعالى: (( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )) . وقال تعالى: (( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )) إلى قوله تعالى: (( فخسفنا به وبداره الأرض )) الآيات ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة ؟ قال: ( إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم . وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: ( كل بيمينك ) قال: لا أستطيع قال: ( لا استطعت ما منعه إلا الكبر ) قال: فما رفعها إلى فيه . رواه مسلم ... " .
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : ( أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر قال: فما رفعها إلى فيه ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النّووي رحمه الله الحافظ في كتابه *رياض الصالحين في : " باب تحريم الكبر والعجب " : عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ) : وهذا الحديث من أحاديث الوعيد التي يطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم تنفيرا عن الشّيء وإن كانت تحتاج إلى تفصيل حسب الأدلّة الشّرعية، فالذي في قلبه كبر إما أن يكون كبرا عن الحقّ وكراهة له، فهذا كافر مخلّد في النار ولا يدخل الجنّة، لقول الله تعالى: (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) ، ولا يحبط العمل إلاّ بالكفر كما قال الله تعالى: (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )).
وأما إذا كان كبرا على الخلق وتعاظما على الخلق لكنّه لم يستكبر عن عبادة الله، فهذا لا يدخل الجنّة دخولا كاملا مطلقا لم يسبق بعذاب، بل لابدّ من عذاب على ما حصل من كبره وعلوائه على الخلق، ثم إذا طهّر دخل الجنّة، ولما حدّث النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث قال رجل: ( يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ) : يعني فهل هذا من الكبر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( إنّ الله جميل يحبّ الجمال ) : جميل في ذاته، جميل في أفعاله، جميل في صفاته كل ما يصدر عن الله عزّ وجلّ فإنه جميل وليس بقبيح بل حسن تستحسنه العقول السّليمة وتستسيغه النفوس، وقوله : ( يحب الجمال ) أي : يحب التجمّل ، يعني يحب أن الإنسان يتجمّل في ثيابه وفي نعله، في مشلحه، في جميع شؤونه، لأن التجمّل يجلب القلوب إلى الإنسان ويحبّبه إلى الناس بخلاف التشوّه الذي يكون فيه الإنسان مشوّها في شعره أو في ثوبه أو في لباسه الآخر فلهذا قال : ( إنّ الله جميل يجب الجمال ) أي يحب أن يتجمّل الإنسان وأما الجمال الخلقي الذي من الله عزّ وجلّ فهذا إلى الله سبحانه وتعالى ليس للإنسان فيه حيلة ، وليس له فيه كسب ، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما للإنسان فيه كسب وهو التّجمّل.
أما الحديث الثاني: فهو حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنّ رجلا أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى فقال: ( كل بيمينك، قال لا أستطيع، ما منعه إلاّ الكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا استطعت )، لأنّ الرسول عليه الصّلاة والسلام عرف أنه متكبّر فقال: ( لا استطعت ) أي: دعا عليه بأن الله تعالى يصيبه بأمر لا يستطيع معه رفع يده اليمنى إلى فمه، فلما قال: ( لا استطعت ) أجاب الله دعوته، دعوة النبي عليه الصّلاة والسّلام ( فلم يرفعها إلى فمه بعد ذلك ) : صارت والعياذ بالله قائمة كالعصا لا يستطيع رفعها لأنه استكبر عن دين الله عزّ وجلّ، وفي هذا دليل على وجوب الأكل باليمين والشّرب باليمين، وأنّ الأكل باليسار حرام يأثم عليه الإنسان، وكذلك الشّرب باليسار حرام يأثم عليه الإنسان، لأنه إذا فعل ذلك أي أكل بشماله أو شرب بشماله شابه الشّيطان وأولياء الشّيطان، قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام: ( لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) .
وإذا نظرنا الآن إلى الكفّار وجدنا أنّهم يأكلون بيسارهم ويشربون بيسارهم، وعلى هذا فالذي يأكل بشماله أو يشرب بشماله متشبّه بالشّيطان وأولياء الشّيطان، ويجب على من رآه أن ينكر عليه لكن بالتي هي أحسن، إما أن يُعرّض إذا كان يخشى صاحبه أو أن يستنكف ويستكبر، يعرّض يقول: من الناس من يأكل بشماله أو يشرب بشماله وهذا حرام ولا يجوز أو إذا كان معه طالب علم، سأل طالب العلم وقال: ما تقول في من يأكل بالشّمال ويشرب بالشّمال؟ حتى ينتبه الآخر، فإن انتبه فهذا المطلوب، وإن لم ينتبه قيل له، قيل له ولو سرّا لا تأكل بشمالك ولا تشرب بشمالك حتى يُعلم دين الله تعالى وشرع الله.
يوجد بعض المترفين يأكل باليمين ويشرب باليمين، إلاّ إذا شرب وهو يأكل فإنه يشرب بالشّمال، يدّعي لو أنه شرب باليمين لوّث الإناء فيقال له: المسألة ليست هيّنة، ليست المسألة على سبيل الإستحباب حتى تقول: الأمر هيّن، بل أنت إذا أكلت بالشّمال وشربت بالشّمال فأنت عاصٍ لأنه محرّم، والمحرّم لا يجوز إلاّ للضّرورة، ولا ضرورة للشرب بالشّمال خوفا أن يتلوّث الإناء بالطعام ، ثمّ إنّه يمكن أن لا يتلوّث يمكن أن تمسكه بين الإبهام والسّبابة من أسفله وحينئذ لا يتلوّث، فالإنسان الذي يريد الخير والحقّ يسهل عليه ، أما المعاند أو المترف أو الذي يقلّد أعداء الله من الشّيطان وأوليائه ، فهذا له شأن آخر ، والله الموفّق.
4 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة ؟ قال: ( إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم . وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: ( كل بيمينك ) قال: لا أستطيع قال: ( لا استطعت ما منعه إلا الكبر ) قال: فما رفعها إلى فيه . رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى الله بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما علي ملؤها ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاراه بطرا ) متفق عليه . عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهذا عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) رواه مسلم .
عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتل جوَّاظ مستكبر ) متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( احتجت الجنة والنار، فقالت النار: فيَّ الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: فيَ ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضى الله بينهما: إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما عليَّ ملؤها ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جَر إزاراه بطرًا ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهذا عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه أحاديث ساقها المؤلف النّووي رحمه الله في *رياض الصالحين في باب: " تحريم الكبر والعجب " : وقد سبق لنا الكلام عن الآيات الواردة في هذا، وكذلك الكلام على بعض الأحاديث، بل على الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب.
ثمّ ذكر المؤلف رحمه الله أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أخبركم بأهل النار ) : وهذا من الأسلوب الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستعمله ، أن يورد الكلام على صيغة الإستفهام مِن أجل أن ينتبه المخاطَب ويعي ما يقول، فهو يقول ألا أخبركم؟ كلّ سيقول: نعم أخبرنا يا رسول الله قال: ( كلّ عتلّ جواظ مستكبر ) :
( كلّ عتلّ ) : العُتل معناه الشّديد الغليظ، ومنه العِتلة التي تحفر بها الأرض فإنها شديدة غليظة، فالعتلّ: هو الشّديد الغليظ والعياذ بالله، ( جوّاظ ) : يعني أنه فيه زيادة من سوء الأخلاق، ( مُستكبر ) : وهذا هو الشّاهد أي عنده كبر والعياذ بالله وغطرسة، كبر على الحقّ وكبر على الخلق، فهو لا يلين إلى الحقّ أبداَ ولا يرحم الخلق والعياذ بالله، هؤلاء هم أهل النار، أما أهل الجنّة فهم الضّعفاء، الضّعفاء المساكين الذين ليس عندهم ما يستكبرون به، بل هم دائماً متواضعون، ليس عندهم كبرياء ولا غلظة، لأنّ المال أحياناً يفسد صاحبه، يحمله على أن يستكبر على الخلق، ويردّ الحقّ كما قال تعالى: (( كلاّ إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )).
وكذلك أيضاً ذكر حديث احتجاج النار والجنّة، ( احتجّت النار والجنّة فقالت النار: إنّ أهلها هم الجبّارون المتكبرّون، وقالت الجنة: إن أهلها هم الضّعفاء والمساكين فاحتجّت كلّ واحدة منهما على الأخرى فحكم الله بينهما عزّ وجلّ، وقال في الجنّة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وقال للنار: أنت عذابي أعذّب بك من أشاء ) : فصارت النار دار العذاب والعياذ بالله، والجنّة دار الرحمة، فهي رحمة الله ويسكنها الرّحماء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( وإنّما يرحم الله من عباده الرّحماء ) قال: ( ولكلّ منكما عليّ ملؤها ) : فوعد الله عزّ وجلّ النارَ ملئها ووعد الجنّة ملئها وهو لا يخلف الميعاد عزّ وجلّ .
ولكن أتدرون ماذا تكون العاقبة؟ تكون العاقبة كما ثبتت به الأحاديث الصّحيحة أن النار لا يزال يلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ كما قال تعالى: (( يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )) يعني تطلب الزّيادة، لأنها لم تمتلأ، فيضع الرب عزّ وجلّ عليها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض : ينضمّ بعضها إلى بعض وتقول: قطٍ قطٍ أي: حسبي حسبي، لا أريد زيادة فصارت النار تملأ بهذه الطريقة.
أما الجنّة فإن الجنّة عرضها السّماوات والأرض ويسكنها أولياء الله جعلني الله وإيّاكم منهم، ويسكنها أهلها، ويبقى فيها فضل يعني مكان ليس فيه أحد، فيُنشأ الله لها أقواما فيدخلهم الجنّة برحمته فهذه النّتيجة، فامتلأت النار بعدل الله عزّ وجلّ، وامتلأت الجنّة بفضل الله تعالى ورحمته.
ثمّ ذكر المؤلف رحمه الله حديث الإنسان المسبل فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( لا ينظر الله إلى من جرّ ثوبه خيلاء ) : وهذه مسألة خطيرة، وذلك أنّ الرجل منهيّ أن ينزل ثوبُه أو سرواله أو مشلحه أو إزاره عن الكعب، لابدّ أن يكون من الكعب فما فوق، فمن نزل عن الكعب فإنّ فعله هذا من الكبائر والعياذ بالله، لأنه إن نزل كبرا وخيلاء فإنه لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلّمه ولا يزكّيه وله عذاب أليم ، وإن كان نزل لغير ذلك، نزل لأنه مثلا كان طويلا ولم يلاحظه فإنه ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) : فكانت العقوبة حاصلة على كلّ حال فيما نزل عن الكعبين، لكن إن كان بطرًا وخيلاء فالعقوبة أعظم ، لا يكلّم الله صاحبه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم .
وإن كان غير خيلاء فإنه يعذّب بالنار والعياذ بالله ، فإذا قال قائل : ما هي السّنّة؟ قلنا: السّنّة من الكعب إلى نصف الساق، هذه السّنّة نصف الساق سنة وما دونه سنّة، وما كان إلى الكعبين فهو سنة، لأن هذا هو لبس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنهم كانوا لا يتجاوز لباسهم الكعبين ولكن يكون إلى نصف السّاق أو يرتفع قليلا وبين ذلك كلّه من السّنّة، والله الموفّق.
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى الله بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما علي ملؤها ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاراه بطرا ) متفق عليه . عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهذا عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) رواه مسلم . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهذا عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) رواه مسلم . وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم .... " .
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجلّ: العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " .
6 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهذا عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) رواه مسلم . وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم .... " . أستمع حفظ