تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء . متفق عليه ... " .
ونحن لو أحدا منّا فعل بنا هذا الفعل ما أقررناه عليه، لقاتلناه وضاربناه، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه: (( وإنّك لعلى خلق عظيم )) فإنه التفت إليه، وضحك إليه، وأعطاه العطاء، وهكذا ينبغي للإنسان أن يكون ذا سعة، وإذا اشتدّ النّاس أن يسترخي هو، وسئل معاوية رضي الله عنه بم سُست الناس؟ لأن معاوية معروف بالسياسة والحكمة فقال: " أجعل بيني وبين الناس شعرة ، إن جذبوها تبعتهم ، وإن جذبتها تبعوني لكن لا تنقطع " : يعني معناه أني سهل الإنقياد ، لأن الشّعرة إذا جعلتها بينك وبين صاحبك إذا جذبها أدنى جذب انقطعت، لكن لحسن سياسته رضي الله عنه كان يسوس الناس بهذه السّياسة، إذا رآهم مقبلين استقبلهم، وإذا رآهم مدبرين تبعهم حتى يتمكّن منهم، فهكذا ينبغي للإنسان أن يكون دائماً في سياسته رفيقاً حليماً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيّاكم حسن الأداب والأخلاق.
الطالب : آمين.
1 - تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء . متفق عليه ... " . أستمع حفظ
الكلام على بعض أحكام متابعة المأموم للإمام في الصلاة .
واختلف العلماء في قوله : ( إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة ) فقيل المعنى : -يرحمك الله- فقيل المعنى : لا تبتدؤوا الصّلاة بعد الإقامة إلاّ الصّلاة الحاضرة، وقيل المعنى : لا صلاة ابتداءً ولا إتمامًا وعلى هذا القول الثاني إذا شرع المؤذّن في الإقامة فاقطع الصّلاة.
ولكن القول الصّحيح أنه إذا أقيمت الصّلاة فإن كنت في الرّكعة الثانية فأتمّها خفيفة، وإن كنت في الرّكعة الأولى فاقطعها لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( مَن أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة ) : فإذا أدركت ركعة قبل أن تُنهى عن الصّلاة فأنت أدركت الصّلاة، كمّلها، وأما إذا كنت في الرّكعة الأولى فاقطعها وادخل مع الإمام.
قال: ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربّنا ولك الحمد ) : ولا تقولوا: سمع الله لمن حمده، وأما من قال من العلماء: " إنك تجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد كما يجمع بينهما الإمام والمنفرد ، فإنّ قوله ضعيف ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربّنا ولك الحمد ) ، ولم يقل: قولوا سمع الله لمن حمده ربّنا ولك الحمد ".
وإذا صلّى قائما فإننا نصلي قيامًا، وإذا صلّى قاعدًا فإننا نصلي قعودا ولو كنّا قادرين على القيام، وهذا يدل على أهمّية الإقتداء بالإمام.
يعني مثلا لو فرضنا رجلان أحدهما أقرأ من الثاني، لكن الأقرأ لا يستطيع القيام فصلّى قاعدًا فإنّ الثاني يصلّي قاعدًا ولو كان قادرًا على القيام، وكذلك لو فرضنا الإمام، دخل الإمام المسجد ولم يستطع أن يصلّي قائمًا فإنه يصلي قاعدًا وكلّ الجماعة ولو كانوا عشرة صفوف أو أكثر يصلّون قعودًا ولو كانوا قادرين على القيام ، ( لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم صلّى ذات يوم بأصحابه جالسا فقاموا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، وصلّوا جلوسا تبعا للإمام ) .
ومما يدل على أهمّية التّبعيّة أن الإمام إذا قام عن التّشهّد الأول ناسيًا وجب على الناس أن يتبعوه، على المأمومين ، ولو ترك التّشهّد ، لأنهم يتبعون إمامهم ، ويدل لذلك أيضًا أنك لو دخلت مع الإمام في صلاة العصر في الركعة الثانية ، فإنك تجلس معه إذا جلس للتّشهّد الأول ، وجلوسك هذا جلوس في غير محلّه لأنك أنت في الرّكعة الأولى ، وإذا قام هو إلى الرابعة فإنك تقوم ، وقيامك هذا ليس في موضعه لأنك يجب عليك أن تتشهّد التشهد الأول، فأنت الآن انظر : تركت التشهّد في محلّه وتشهّدت في غير محلّه، كل هذا من أجل متابعة الإمام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ومن ذلك إذا كان الإمام لا يجلس جلسة الإستراحة، وأنت ترى أنها سنّة ولكن إمامك لا يجلس فلا تجلس من أجل تمام المتابعة، وإذا كان الإمام يرى الجلسة وجلس وأنت لا ترى الجلسة فاجلس تبعًا لإمامك ، فتكون تترك الجلسة التي تسمّى جلسة الإستراحة إذا لم يجلس إمامك تبعا له ، وتجلس إذا جلس تبعا له ولو كنت لا ترى ذلك، وما قاله -رحمه الله- هو الحقّ، لقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام : ( إنما جعل الإمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه ) . وأنت إذا جلست وهو قائم فقد اختلفت عليه .
أما اختلاف النّيّة بين الإمام والمأموم فلا بأس بها ، فلو صلّيت العصر خلف من يصلّي الظهر فلا بأس، ولو صلّيت العشاء خلف من يصلّي المغرب فلا بأس ، ولكن إذا سلّم من الثالثة تقوم وتأتي بالرابعة ، ولو فاتتك صلاة الفجر مثلا ودخلت ووجدت شخصا يتنفّل يصلي راتبة الفجر ، فصلّيت معه بنيّة الفريضة وهو نافلة فلا بأس ، فاختلاف النّيّة لا يضرّ ، الذي يضرّ هو اختلاف الفعل ، أن تخالفه في أفعاله ، والله الموفّق.
تفسير قوله تعالى (( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) .
الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أما بعد :
فقد قال الله سبحانه وتعالى : (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) : ويل : تأتي في القرآن كثيرا ومعناها الوعيد، الوعيد بالويل والثّبور لمن فعل كذا وكذا ، فهي كلمة وعيديّة لمن فعل ما يُذكر هنا يقول : (( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون )) : هم يصلّون لكنّهم ساهون عن صلاتهم، غافلون عنها لا يقيمون حدودها ولا يأتون بواجباتها ، ولا يتورّعون عن مفسداتها ، فمن ذلك أي من إضاعة الصّلاة :
أن يفرّط الإنسان في الوضوء ، فلا يتوضّأ على الوجه المطلوب منه ، والوضوء ذكره الله تعالى في كتابه فقال : (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )) : هذه أربعة أعضاء لابدّ من تطهيرها: الوجه ، واليدان اليمنى واليسرى ، والرّأس ، والرّجلان اليمنى واليسرى ، ولابدّ لتطهيرها من إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، فيجب أن يزيل الإنسان قبل أن يتوضّأ ما يمنع وصول الماء إلى البشرة من عجين أو صمغ أو غير ذلك ، وذلك لأنه إذا لم يزل هذا فإنه لا يصدق عليه أنه غسل العضو ، إذ أن ما تحته لا يصل إليه الماء ، ولهذا قال العلماء : " من شرط صحّة الوضوء أن يزيل ما يمنع وصول الماء "، إلاّ أنه يخفّف في الرأس ، مثل أن يكون على رأس المرأة حنّاء أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا يضرّ، ولا يمنع الصّحّةـ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجّة الوداع ملبّدًا رأسه أي: واضعًا عليه شيئاً يلبّده ويخفف انتفاشه من الصّمغ أو نحوه، ولأن طهارة الرّأس طهارة مخفّفة بدليل أن الله إنما أوجب المسح فيه دون الغسل، حتى وإن لم يكن عليه شعر فإن الواجب مسحه لا غسله، وأجاز المسح على العمامة للرجل، وعلى الخمار للمرأة، وهذا كلّه يدلّ على أنّ طهارة الرّأس مخفّفة، فلهذا لا بأس إذا كان على رأس المرأة حنّاء أو شبهه مما يمنع وصول الماء فإن طهارتها تصحّ ، أما ما يغسل فإنه لا يجوز أن يكون هناك ما يمنع وصول الماء إلى العضو إلاّ في حال الضّرورة : كإنسان بيده جرح وضع عليه لزقة، أو وضع عليه دواء له جرم، أو ما أشبه ذلك، فهذا ضرورة ويُمسح بدلا من غسله، وإذا جرى عليه الماء وأمرّ الإنسان يده عليه كفى إذا كان الماء لا يضرّه لكن لا بدّ من وجود هذا المانع فلا بأس.
فالوضوء أمره عظيم وشأنه خطير، والذين يتهاونون بالوضوء هم من الذين سهوا عن صلاتهم، لأن الوضوء شرط لصحّة الصّلاة، والذين يتجاوزون في الوضوء أيضا هم على خطأ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توضّأ مرّة مرّة، ومرّتين مرّتين، وثلاثًا ثلاثاً وقال : ( من زاد على ذلك فقد أساء وتعدّى وظلم )، فلا يجوز للإنسان أن يتجاوز ثلاث غسلات، ويجوز أن يغسل بعض الأعضاء مرّة وبعض الأعضاء مرّتين أو ثلاثة كما جاءت به السّنّة، والوضوء له فائدة عظيمة وهي تطهير الجسد وتطهير القلب، فإن الإنسان إذا توضّأ خرجت ذنوبه من أعضائه مع آخر قطرات الماء، ثم إذا فرغ وطهّر نفسه بهذا الماء فإنه يُشرع له أن يقول: ( أشهد ألاّ إله إلاّ الله وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين ) : ليتمّ له تطهير الباطن كما تمّ له تطهير الظاهر ، والله الموفّق.
ما هي الجبيرة وكيف يتطهر الذي يلبسها ؟
السائل : بالنسبة للجبيرة، الجبيرة هل تمسح كمسح الشراب أم لا ؟
الشيخ : هل إيش؟
السائل : هل تمسح كالجوارب أو لا ، الجبيرة ؟
الشيخ : أي نعم، الجبيرة : يعني الخرقة المشدودة على جرح أو على كسر ليست كالجوارب ، هذه تمسح في الحدث الأصغر والأكبر ، ولا يشترط أن توضع على طهارة ، وليس لها مدّة وتمسح جميعها ، بخلاف الجوارب ، فإنه لا بدّ أن توضع على طهارة ، ولا تمسح إلاّ في الحدث الأصغر ، ولها مدّة محدودة ، ويمسح أكثر ظاهرها ولا يجب أن يمسح جميعها ، فبينهما فروق ، بارك الله فيك.
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه ... " .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين:
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب العفو والإعراض عن الجاهلين : " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل النووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين، في باب : العفو والإعراض عن الجاهلين : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيّاً من الأنبياء ضربه قومه حتى أدموا وجهه، فجعل يمسح الدّم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) : هذا من حلم الأنبياء وصبرهم على أذى قومهم، وكم نال الأنبياءَ من أذى قومهم، قال الله تعالى : (( ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )) : فهذا النبي عليه الصّلاة والسّلام الذي ضربه قومه حتّى أدموا وجهه يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، وكأن هؤلاء القوم كانوا مسلمين لكن حصل منهم مغاضبة مع نبيّهم ففعلوا هذا معه فدعا لهم بالمغفرة ، إذ لو كانوا غير مسلمين لكان يدعو لهم بالهداية فيقول : اللهم اهد قومي ، لكن هذا الظاهر أنّهم كانوا مسلمين ، والحقّ حقّه له أن يسمح عنه، وله أن يتنازل عنه، ولهذا كان القول الراجح في من سبّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ تاب أن توبته تقبل، ولكنّه يُقتل، وأما من سبّ الله ثمّ تاب فإن توبته تقبل ولا يقتل، وليس هذا يعني أن سبّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم أعظم من سبّ الله، بل سبّ الله أعظم، لكن الله قد أخبرنا أنه يعفو عن حقّه لمن تاب منه، فهذا الرّجل تاب فعلمنا أن الله تعالى قد عفى عنه، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو قد مات، فإذا سبّه أحد فقد امتهن حقّه، فإذا تاب فإن الله يتوب عليه كفره الذي كفر بسبب سبّه، ولكن حقّ الرّسول باقٍ: يقتل.
ثمّ ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ( ليس الشّديد بالصُّرَعة ) : يعني ليس القويّ الصّرعة الذي يصرع الناس إذا صارعهم، والمصارعة معروفة وهي من الرّياضة النبويّة المباحة، ( فإن الرسول عليه الصّلاة والسّلام صارع ركّانة بن يزيد ) : وكان هذا الرّجل لا يصرعه أحد فصارعه النّبي صلّى الله عليه وسلم فصرعه صلى الله عليه وسلم، فهذا الصُّرَعة الذي إذا صارع الناس صرعهم ليس هو الشّديد حقيقة، لكنّ الشّديد الذي يصرع غضبه، إذا غضب غلب غضبه، ولهذا قال: ( إنما الشّديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) : هذا هو الشّديد ، لأن الغضب جمرة يلقيها الشّيطان في قلب ابن آدم فيفور دمه ، فإن كان قويّا ملك نفسه ، وإن كان ضعيفا غلبه الغضب وحينئذ ربّما يتكلّم بكلام يندم عليه أو يفعل فعلًا يندم عليه ، ولهذا قال رجل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( أوصني، قال : لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، ردّد مرارًا وهو يقول: لا تغضب )، لأن الغضب ينتج عنه أحيانا مفاسد عظيمة ربّما سبّ الإنسان نفسه، أو سبّ دينه أو سبّ ربّه، أو طلّق زوجته، أو كسر إناءه، أو أَحرق ثيابه، كثير من الوقائع تصدر من بعض النّاس إذا غضبوا كأنما صدرت من المجنون، ولهذا كان القول الراجح: " أن الإنسان إذا غضب حتى لا يملك نفسه ثم ّطلّق زوجته فإنها لا تطلق، لأن هذا حصل عن غلبة ليس عن اختيار، والطلاق عن غلبة لا يقع، كطلاق المكره "، والله الموفّق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبينا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال -رحمه الله تعالى- : " باب احتمال الأذى :
قال الله تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )).
وقال تعالى: (( ولَمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) " .
الشيخ : أعد أعد.
5 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب احتمال الأذى . قال الله تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )) . وقال الله تعالى: (( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم ... " .
قال الله تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )).
وقال تعالى: (( ولَمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أنَّ رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلَم عنهم ويجهلون عليّ؟ فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الصّبر على الأذى " : الأذى : هو ما يتأذّى به الإنسان من قول أو عمل أو غير ذلك ، والأذى إما أن يكون في أمر ديني أو أمر دنيوي ، فإذا كان في أمرٍ ديني بمعنى : أن الرجل يؤذى من أجل دينه كان في هذا -الصبر على الأذى- أسوة بالرسل الكرام عليهم الصّلاة والسّلام ، لأن الله يقول : (( ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )) : أوذوا حتى أتاهم نصر الله عزّ وجلّ، والإنسان إذا كان معه دين، وكان معه أمر بالمعروف ونهي عن منكر فلا بد أن يؤذى ، ولكن عليه الصّبر وإذا صبر فالعاقبة للمتّقين ، وقد يبتلى المرء على قدر دينه فيسلّط الله عليه من يؤذيه امتحانًا واختبارًا كما قال الله تعالى : (( ومن الناس مَن يقول آمنا بالله فإذا أذوي في الله جعل فتنة الناس كعذاب )) : يعني إذا أوذي في الله مِن جهة دينه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته للخير جعل هذه الفتنة كالعذاب فنكص على عقبيه والعياذ بالله ، كقوله: (( ومن الناس من يعبد الله على حَرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين )) : يعني بعض الناس يعبد الله على طَرَف ليس عنده عبادة متمكّنة ، فإن أصابه خير ولم يأته فتنة ولا أذيّة استمرّ ، مشى واطمأن ، وإن أصابته فتنة : شُبهة أو أذيّة أو ما أشبه ذلك انقلب على وجهه والعياذ بالله ، خسر الدّنيا والآخرة .فالواجب الصّبر على الأذى في ذات الله عزّ وجلّ ، وأما الأذى فيما يتعلّق بأمور الدّنيا ومعاملة الناس فأنت بالخيار : إن شئت فاصبر، وإن شئت فخذ بحقّك، والصّبر أفضل، إلاّ إذا كان في الصّبر عدوان واستمرار في العدوان، فالأخذ بحقّك أولى، ولنفرض أن لك جارًا يؤذيك بأصوات مزعجة، أو دقّ الجدار، أو إيقاف السّيارة أمام بيتك، أو ما أشبه ذلك، فالحق إذن لك، لم يؤذك في ذات الله، فإن شئت فاصبر وتحمّل وانتظر الفرج والله سبحانه وتعالى يجعل لك نصيرًا عليه، وإن شئت فخذ بحقّك، لقول الله تعالى: (( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل )): ولكن الصّبر أفضل ما لم يحصل بذلك زيادة عدوان من المعتدي، فحينئذ الأفضل أن يأخذ بحقّه ليردعه عن ظلمه.
ثمّ ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث أبي هريرة، ذكر آيتين سبق الكلام عليهما : (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس )) ، (( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) وسبق الكلام عليهما.
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، في رجل قال للنبيّ عليه الصلاة والسّلام : ( إنّ لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ ) : يعني فماذا أصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( فإن كان كما تقول فكأنما تسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ) : يعني ناصر ينصرك الله عليهم، ولو في المستقبل، لأن هؤلاء القرابة والعياذ بالله يصلهم قريبهم لكن يقطعونه، ويحسن إليهم فيسيؤون إليه، ويحلم عليهم ويعفو ويصفح ولكن يجهلون عليه يزدادون فهؤلاء قال النبي عليه الصّلاة والسّلام : ( كأنما تسفّهم الملّ ) الملّ : الرماد الحارّ، وتسفّهم يعني : تلقمهم إياه في أفواههم ، وهو كناية على أن هذا الرّجل منتصر عليهم ، وليس الواصل لرحمه من يكافئ من وصله ، ولكن الواصل حقيقة هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها ، هذا هو الواصل حقّا ، فعلى الإنسان أن يصبر ويحتسب على أذيّة أقاربه وجيرانه وأصحابه وغيرهم ، فلا يزال له مِن الله ظهير عليهم ، وهو الرابح وهم الخاسرون ، وفّقنا الله وإيّاكم لما فيه الخير والصّلاح في الدّنيا والآخرة.
6 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب احتمال الأذى . قال الله تعالى: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )) . وقال الله تعالى: (( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى . قال الله تعالى: (( ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه )) وقال تعالى: (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو . وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال: ( يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة ) متفق عليه ... " .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى :
قال الله تعالى: (( ومن يعظِّم حُرمات الله فهو خير له عند ربه )).
وقال تعالى: (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) .
وفي الباب أحاديثُ منها : عن عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه، قال:
( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أمَّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
قال الحافظ النّووي رحمه الله في كتابه *رياض الصّالحين : في باب الغضب إذا انتهكت شعائر الله عزّ وجلّ، حرمات الشّرع :
والغضب له عدّة أسباب منها : أن ينتصر الإنسان لنفسه، يفعل أحد معه ما يغضبه فيغضب لينتصر لنفسه، وهذا منهيّ عنه، هذا الغضب منهيّ عنه، لأن رجلا سأل النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال له : ( أوصني ، قال: لا تغضب ، فردد مرارا يقول: أوصني، وهو يقول: لا تغضب ).
والثاني من أسباب الغضب : الغضب لله عزّ وجلّ ، بأن يرى الإنسان شخصًا ينتهك حرمات الله فيغضب غيرة لدين الله وحميّة لدين الله، فإن هذا محمود ويثاب الإنسان عليه، لأن الرّسول صلى الله عليه وسلم كان هذا من شأنه ومن سنّته، ولأنه داخل في قوله تعالى: (( ومن يعظّم حرمات الله فهو خير له عند ربّه ))، (( ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) : فتعظيم شعائر الله وتعظيم حرمات الله أن يجدها الإنسان عظيمة، وأن يجد امتهانها عظيمًا فيغضب ويثأر لذلك حتى يَفعل ما أُمر به من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وغير ذلك.
ثمّ ذكر المؤلف آية ثانية وهي قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم )) : والمراد بنصر الله نصر دينه ، فإن الله سبحانه وتعالى بنفسه لا يحتاج إلى نصر ، هو غنيّ عمّن سواه ، لكن النّصر هنا نصر دين الله بحماية الدّين ، والذّبّ عنه ، والغيظ عند انتهاكه ، وغير ذلك من أسباب نصر الشّريعة ، ومن هذا الجهاد في سبيل الله، القتال لتكون كلمة الله هي العليا هذا من نصر الله، وقد وعد الله سبحانه وتعالى من ينصره بهذين الأمرين : (( ينصركم ويثبّت أقدامكم ))، ينصركم على من عاداكم ويثبّت أقدامكم على دينه حتى لا تزلّوا، فتأمّل الآن إذا نصرنا الله مرّة أثابنا مرّتين : (( ينصركم ويثبّت أقدامكم )) ، ثم قال بعدها : (( والذين كفروا فتَعساً لهم وأضلّ أعمالهم )) : يعني أن الكافرين أمام المؤمنين الذين ينصرون الله لهم التّعس : وهو الخسران والذّل والهوان ، (( وأضلّ أعمالهم )) : يعني يكون تدبيرهم تدميرا عليهم ، تكون أعمالهم ضالّة لا تنفعهم ولا ينتفعون بها .
ثمّ ذكر حديث عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه : ( أن رجلا جاء إلى النبي عليه الصّلاة والسّلام وقال : إني لأتأخّر عن صلاة الصّبح -الفجر- من أجل فلان مما يطيل بنا ) : وكان هذا الإمام يطيل بهم إطالة أكثر من السّنّة ، فغضب النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ، يقول: ( فما رأيته غضب في موعظة قطّ اشدّ مما غضب يومئذ ، وقال : أيها الناس إن منكم منفّرين فأيكم أمّ الناس فليوجز ) : منفّرين يعني ينفّرون الناس عن دين الله، وهذا الرجل لم يقل للناس لا تصلوا صلاة الفجر لكنه نفّرهم بفعله بالتّطويل الذي هو خارج عن السّنّة فنفر الناس، وفي هذا إشارة أن كلّ شيء ينفّر الناس عن دينهم ولو لم يتكلّم الإنسان بالتنفير فإنه يدخل في التنفير عن دين الله ، ولهذا كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يداري في الأمور الشّرعية ، فيترك ما هو حسن لدرء ما هو أشدّ منه فتنة وضرراً ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلّم همّ أن يبني الكعبة على قواعد إبراهيم ، ولكن خاف من الفتنة فترك ذلك ، وكان يصوم في السّفر ، فإذا رأى أصحابه صائمين وقد شقّ عليهم الصّوم أفطر ليسهّل عليهم ، فكون الإنسان يحرص على أن يَقبل الناس دين الله بطمأنينة ورضا وإقبال بدون محذور شرعي فإن هذا هو الذي كان من هدي الرسول عليه الصّلاة والسّلام، والشاهد من هذا الحديث غضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل الذي فعله هذا الإمام.
وفيه أيضا إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كان يغضب عند الموعظة لانتهاك حرمات الله ، وقد قال جابر رضي الله عنه: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة احمرّت عيناه ، وعلا صوته ، واشتدّ غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبّحكم ومسّاكم ) .
ثم قال عليه الصّلاة والسّلام: ( أيّكم أمّ الناس فليوجز ) : يعني فليخفف الصّلاة على حسب ما جاءت به السّنّة ، ( فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة ) : في المأمونين ضعيف، ضعيف البنية، ضعيف القوّة، فيهم مريض، فيهم ذو حاجة، قد وعد أحدًا يذهب إليه، أو ينتظر أحدًا أو ما أشبه ذلك فلا يجوز للإمام أن يثقّل بالنّاس أكثر مما جاءت به السّنّة.
وأما صلاته بالناس بحسب ما جاءت به السّنّة فليفعل غضب من غضب ورضي من رضي، والذي لا ترضيه السّنّة، فلا أرضاه الله، السّنّة تتبّع ولكن ما زاد عليها فلا، والأئمة في هذه الحال أو في هذه المسألة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
قسم مفرّط ، يسرع سرعة تمنع المأمومين فعلَ ما يسنّ وهذا مخطئ وآثم ولم يؤدّ الأمانة التي عليه.
وقسم مُفْرِط أي : زائد يثقّل بالناس وكأنه يصلي لنفسه ، فتجده يثقّل القراءة والرّكوع والسّجود والقيام بعد الرّكوع والجلوس بين السّجدتين وهذا أيضا مخطئ ظالم لنفسه.
والثالث يصلي بهم كصلاة النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم فهذا خير الأقسام، وهو الذي قام بالأمانة على الوجه الأكمل، والله الموفّق.
7 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى . قال الله تعالى: (( ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه )) وقال تعالى: (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو . وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال: ( يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه وقال: ( يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) متفق عليه . وعنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟ ) ثم قام فاختطب ثم قال: ( إنما أهلك من قلبكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه ... " .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشّرع والإنتصار لدين الله تعالى : " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه وقال: يا عائشة أشدُّ الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) متفق عليه.
وعنها رضي الله عنها: ( أن قريشًا أهمهم شأنُ المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يُكلم فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى؟ ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك من كان قلبكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النّووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصّالحين في باب الغضب إذا انتهك شرع الله عزّ وجلّ :
وسبق لنا الكلام على الآيات التي صدّر بها المؤلف هذا الباب، وأما الأحاديث فمنها : حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم من سفر ، فوجدها قد سترت سَهوة لها بقرام فيه تماثيل ) : يعني فيه صور، ( فهتكه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر: أن أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله ) : يعني المصوّرين ، فهم أشدّ الناس عذابًا ، لأنهم أرادوا أن يضادّوا الله سبحانه وتعالى في خلقه، في تصويره، كانوا فيما سبق يصوّرون باليد، لأنه ليس عندهم آلات وأجهزة تلتقط الصّور بدون عمل يدوي.
8 - شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه وقال: ( يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) متفق عليه . وعنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟ ) ثم قام فاختطب ثم قال: ( إنما أهلك من قلبكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه ... " . أستمع حفظ