تتمة شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه.
1 - تتمة شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه. أستمع حفظ
باب حفظ السر : قال الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد مسؤولا )).
قال الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولًا )).
وأما الأحاديث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصّالحين: " باب حفظ السّرّ " : السّرّ هو الذي يقع خفية بينك وبين صاحبك، ولا يحل لك أن تفضي هذا السّرّ، أو أن تبيّنه لأحد، سواء قال لك: لا تبيّنه لأحد، أو عُلم بالقرينة الفعليّة أنه لا يحبّ أن يطّلع عليه أحد، أو علم بالقرينة الحاليّة أنه لا يحبّ أن يطّلع عليه أحد.
مثال الأوّل، اللفظ: أن يحدّك بحديث ثمّ يقول لا تخبر أحدًا، هو معك أمانة لا تعلمه.
ومثال الثاني: أن يحدّثك وهو في حال تحديثك إياه يلتفت يخشى أنّ أحدا يسمع، لأن معنى التفاته أنّه لا يحبّ أن يطّلع عليه أحد.
ومثال الثالث: القرينة الحاليّة: أن يكون هذا الذي أخبرك به أو حدّثك به من الأمور التي يستحيى من ذكرها أو يخشى من ذكرها، أو ما أشبه ذلك، فلا يحلّ لك أن تبيّن وتبدي هذا السّرّ، ثمّ استدلّ المؤلف رحمه الله لذلك بقوله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً )): يعني إذا عاهدتم على شيء بلسان الحال أو بلسان المقال فإنه يجب عليكم أن توفوا بالعهد، ومن العهود الشّروط التي تقع بين الناس في البيع والشّراء والإجارة والإستئجار والرّهن وغير ذلك، فإن هذه الشّروط مِن العهد، وكذلك ما يجري بين المسلمين والكفّار من العهد فإنه يجب على المسلمين أن يوفوا به، والمعاهدون من الكفّار بيّن الله في سورة التّوبة أنّهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
قسم لا يزالون يوفون بالعهد، فهؤلاء يجب أن نوفي بعهدهم.
وقسم ثاني نقضوا العهد، فهؤلاء لا عهد بيننا وبينهم لأنهم نقضوا العهد، قال الله تعالى: (( ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدؤوكم أوّل مرّة )).
وقسم ثالث: لم ينقضوا العهد ولم يتبيّن لنا أنّهم سيستمرّون في الوفاء به، بل نخاف منهم أن يخونوا وينقضوا العهد، فهؤلاء قال الله فيهم: (( وإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء )): يعني قل لهم إنّه لا عهد لنا بيننا وبينكم، حتى يكون الأمر صريحاً، فالمهمّ أن جميع ما يشترط بين النّاس فإنّه من العهود.
ومن ذلك التزام الموظّفين بأداء عملهم، فإنّ الموظّف قد التزم بالشّروط التي تشترطها الحكومة للموظّفين من الحضور للدوام، وعدم الخروج إلاّ بعد انتهاء الدّوام، والنّصح في العمل، وما أشبه ذلك مما هو معروف في ديوان الخدمة، فالواجب الوفاء بهذه العهود، وإلاّ فاترك الوظيفة وكن حرّا فيما تعمل، لأن الوظيفة لم يلزموك بها، لكن أنت الذي أتيت وتوظّفت فيجب أن تلتزم بما تقتضيه شروط هذه الوظيفة من كلّ شيء وإلا فدعها وكن حرّاً فيما تريد ولا أحد يحاسبك إلاّ الله عزّ وجلّ.
شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ). رواه مسلم.
3 - شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن ثابت عن أنس، رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني في حاجة، فأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك ؟ فقلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته ؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت. رواه مسلم، وروى البخاري بعضه مختصرا.
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب حفظ السّرّ : " عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: ( أتى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغِلمان، فسلم علينا، فبعثني في حاجته، فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سِر، قالت: لا تخبرن بِسِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، قال أنس: والله لو حدثت به أحدًا لحدثتك به يا ثابت ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال النووي -رحمه الله- في باب حفظ السّرّ من كتاب *رياض الصالحين، فيما نقله عن ثابت البناني رحمه الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرَّ به وهو يلعب مع الصبيان، فسلم عليهم ) : يعني سلم على الصبيان وهم يلعبون، لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أحسن الناس خلقاً ، فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم ، ( ثم دعا أنس بن مالك رضي الله عنه ، دعاه وأرسله في حاجة، فأبطأ على أمه ) : وأمه: أم سليم امرأة أبي طلحة، ( فلما جاء إليها سألته ما الذي أبطأ بك؟ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ) : يعني أرسلني بها ، ( قالت: ما حاجته؟ قال: ما كنت لأخبر بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تُخبرنَّ أحدًا بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، قال أنس لثابت وكان ملازمًا له: " لو كنت مخبرا أحدا بذلك لأخبرتك به " : أي بالحاجة التي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بها.
4 - شرح حديث عن ثابت عن أنس، رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني في حاجة، فأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك ؟ فقلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته ؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت. رواه مسلم، وروى البخاري بعضه مختصرا. أستمع حفظ
فوائد حديث أنس، رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني في حاجة ...
أولاً: حسن خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتواضعه الجمّ، وأنه على شرفه ومكانته وجاهه عند الله وعند خلقه يتواضع حتى يسلّم على الصّبيان وهم يلعبون في السّوق، ومَن منّا يفعل ذلك إلاّ من شاء الله ؟!
ثانياً: من فوائد هذا الحديث أنه يسنّ للإنسان أن يسلّم على من مرّ به ولو كان من الصّبيان، لأن السّلام دُعاء تدعو لأخيك، السّلام عليك، وردّه دعاء لك، تقول: وعليك السلام، ولأنك إذا سلّمت على الصّبيان عوّدتهم التربية الحسنة حتى ينشؤوا عليها ويعيشوا عليها، ويكون لك أجر في كلّ ما اقتدوا بك فيه، كلّ شيء يقتدي بك الإنسان من أمور الخير لك فيه أجر.
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: جواز إرسال الصّبيّ في الحاجة لكن بشرط أن يكون مأمونًا فيها، أمّا إذا كان غير مأمون بأن يكون الصّبيّ كثيرَ اللّعب ولا يهتمّ بالحوائج فلا تعتمد عليه.
ومنها ما ذكره الفقهاء رحمهم الله : " أن الصّبيّ إذا جاءك بحاجة، وقال هذه من أبي، هذه من أمّي وما أشبه ذلك، فلك أن تقبلها، وإن كان هو بنفسه لا يمكن أن يتبرّع من ماله بشيء "، لكن إذا جاءك على أنه مرسول وقال: هذا من أبي، جاءك مثلا بتمر، جاءك ببطيخ، جاءك بثوب بأيّ شيء إذا جاءك فاقبله ولا تقل هذا صبيّ ربما سرقه وربما كذا أخذا بالظاهر.
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا مراعاة الوالدة والأهل، وأنّ الإنسان إذا أراد أن يقضيَ حاجة وخاف أن يُبطئ عليهم أن يُخبرهم إذا لم تفت الحاجة بذلك، يعني أنّك إذا خرجت مِن أهلك فينبغي أن تقول: خرجت للجهة الفلانيّة حتى يطمئنّوا ولا تنشغل خواطرهم، والإنسان لا يدري ربما يذهب إلى الجهة الفلانيّة ويصاب بحادث أو مرض أو غيره، فإذا لم يكن معلوماً بقي أمره مشكلاً عند أهله، فينبغي أنّك إذا أردت أن تذهب إلى شيء غير معتاد، أما الشّيء المعتاد الخروج للمسجد وما أشبهها لا بأس به، لكن إذا أردت أن تخرج إلى شيء غير معتاد مثلا افرض أنك تريد أن تخرج إلى بلد قريب من بلادك، قل: اليوم أذهب إلى المكان الفلاني، أو تريد أن تخرج في نزهة تقول أظهر اليوم في نزهة أخبرهم حتى يطمئنّوا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز للإنسان أن يبدي سرّ شخص حتى لأمّه وأبيه، فلو أنّ إنسانا أرسلك في حاجة ثمّ قال لك أبوك: ما الذي أرسلك به؟ لا تخبره ولو كان أباك، أو قالت أمّك: ما الذي أرسلك به؟ لا تخبرها ولو كانت أمّك، لأن هذا من أسرار الناس، ولا يجوز إبداؤها لأحد.
ومنها حسن تربية أمّ سليم لابنها حيث قالت: " لا تخبرنّ أحدًا بسرّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ، وإنما قالت له ذلك مع أنه لم يخبرها ولن يخبر غيرها تأييدًا له وتثبيتًا له وإقامة للعذر له، لأنه أبى أن يخبرها لأنه سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : " لا تخبرنّ به أحدًا ": كأنها تقول: أنا أوافقك على هذا فاستمسك به.
ومنها إظهار محبّة أنس لثابت البناني رحمه الله، لأنه ملازم له، ولهذا تجده يروي عنه كثيرا قال له: " لو كنت مخبرًا أحدًا بذلك لأخبرتك ": وهذا يدلّ على المحبّة بين أنس وبين تلميذه ثابت، وهكذا أيضًا ينبغي أن تكون المودّة بين التلاميذ ومعلّمهم مُتبادلة، لأنه إذا لم يكن بين التلميذ والمعلم مودّة فإنّ التلميذ لا يقبل كلما قاله معلّمه، وكذلك المعلّم لا ينساب لتعليم تلميذه ولا يهتم به كثيرًا، فإذا صارت المودّة بينهما متبادلة حصل في هذا خير كثير، والله الموفّق
5 - فوائد حديث أنس، رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني في حاجة ... أستمع حفظ
باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : قال الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) الإسراء: 34. وقال تعالى: (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )) . وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )). وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) .
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد :
قال الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا )).
وقال تعالى: (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )).
وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )).
وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد " : العهد : ما يعاهد به الإنسان غيره ، وهو نوعان:
عهد مع الله ، وعهد مع عباد الله، فأما العهد مع الله عزّ وجلّ فإن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: (( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربّكم قالوا بلى شهدنا )) : فقد أخذ الله العهد على عباده جميعًا أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، لأنه ربّهم وخالقهم.
وأما العهد مع عباد الله : كالعهود التي تقع بين الناس ، بين الإنسان وبين أخيه المسلم، بين المسلمين وبين الكفار وغير ذلك من العهود المعروفة، فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد، فقال عزّ وجلّ: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً )) : يعني إنّ الوفاء بالعهد مسؤول عنه الإنسان يوم القيامة ، يُسأل عن عهده هل وفى به أو لا ؟ وقال تعالى: (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )) : يعني ولا تخلفوا العهد، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) : والإنسان إذا عاهد ولم يفِ فقد قال ما لا يفعل، يعني مثلاً : لو قلت لشخص عاهدتك أن لا أخبر بالسّرّ الذي بيني وبينك، أو عاهدتك أن لا أخبر بما صنعت في كذا وكذا، ثم نقضت وأخبرت فهذا من القول بما لا يفعل: (( لم تقولون ما لا تفعلون )). وقوله: (( كبر مقتا عند الله )) : يعني كبر بُغضاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون، فإن الله يبغض هذا الشّيء ويحبّ الموفين بالعهد إذا عاهدوا ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على ما في الباب من الأحاديث.
6 - باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : قال الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) الإسراء: 34. وقال تعالى: (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )) . وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )). وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) . أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ). متفق عليه. زاد في رواية لمسلم : ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ).
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) متفق عليه.
زاد في رواية لمسلم: ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) متفق عليه.
عن جابر رضي الله عنه قال: ( قال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجئ حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: مَن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدة أو دين فليأتنا، فأتيته وقلت له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثيةً، فعَددْتها، فإذا هي خمسمائة، فقال لي: خذ مثليها ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النووي رحمه الله في *رياض الصّالحين في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث ) آيته: يعني علامته ثلاث، ( إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ): يعني هذه من علامات المنافقين، إذا رأيت الرّجل يكذب إذا حدّث، ويُخلف إذا وعد، ويخون إذا اؤتمن، فهذه من علامات المنافقين، لأن أصل المنافق مبني على التورية والسّتر، يستر الخبث، ويُظهر الطيب، يستر الكفر ويظهر الإيمان، والكاذب كذلك، يخبر بخلاف الواقع، والواعد الذي يَعِد ويخلف كذلك، وكذلك الذي يخون إذا اؤتمن، فهذه علامات النّفاق والعياذ بالله.
وفي هذا التّحذير من الكذب وأنه من علامات المنافقين، فلا يجوز للإنسان أن يكذب، لكن إذا اضطرّ إلى التورية وهي: التأويل فلا بأس، مثل أن يسأله أحد عن أمرٍ لا يحب أن يطّلع عليه غيره فيحدّث بشيء خلاف الواقع، لكن يتأول، فهذا لا بأس به، وأما إخلاف الوعد فحرام، يجب الوفاء بالوعد، سواء وعدته مالا، أو وعدته إعانة تعينه في شيء، أو أيّ أمر من الأمور، إذا وعدت يجب عليك أن توفي بالوعد، وفي هذا ينبغي للإنسان أن يحدّد في المواعيد ويضبطها، مثلاً إذا قال: وعدك المكان الفلاني، فليحدّد في السّاعة الفلانيّة من أجل إذا تأخّر الموعود وانصرف الواعد يكون له عذر، حتى لا يسجنه كثيرًا، وقد اشتهر عند بعض السّفهاء أنهم يقولون: أنا أُواعدك ولا أُخلفك وعد إنجليزي!! يظنون أن الذين يوفون بالوعد هم الإنجليز، ولكن الوعد الذي يوفى به هو وعد المؤمن، ولهذا ينبغي أن تقول إذا وعدت أحدًا وأردت أن تؤكّد: تقول إنه وعد مؤمن حتى لا يخلفه، لأنه لا يخلف الوعد إلاّ المنافق.
( وإذا اؤتمن خان ): يعني إذا ائتمنه الناس على أموالهم أو على أسرارهم أو على أولادهم أو على أيّ شيء من الأشياء فإنه يخون والعياذ بالله، فهذه أيضا من علامة النّفاق.
7 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ). متفق عليه. زاد في رواية لمسلم : ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ). أستمع حفظ
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه.
8 - شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه. أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : " عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربعٌ مَن كُن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) متفق عليه.
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: ( قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجئ مال البحرين حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مالُ البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: مَن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدَة أو دين فليأتنا، فأتيته وقلت له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثيةً فعددتها فإذا هي خمسمائة، فقال لي: خذ مثليها ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : في ما نقله عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنّ النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ( أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه واحدة منهن، كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب ) ، وسبق الكلام على هاتين الجملتين.
قال: ( وإذا عاهد غدر ) : وهو قريب من قوله فيما سبق : ( إذا وعد أخلف ): إذا عاهد أحدا غدر به ولم يف بالعهد الذي عاهده عليه.
والرابعة: ( إذا خاصم فجر ) : الخصومة : المخاصمة عند القاضي ونحوه، فإذا خاصم فجر : والفجور في الخصومة على نوعين:
أحدهما: أن يدّعي ما ليس له، والثاني: أن ينكر ما يجب عليه.
مثال الأول: ادّعى شخص على آخر فقال عند القاضي: أنا أطلب هذا الرّجل ألف ريال، وهو كاذب، وحلف على هذه الدّعوة، وأتى بشاهد زور، فحكم له القاضي، هذا خاصم ففجر، لأنه ادّعى ما ليس له وحلف عليه.
ومثال الثاني: أن يكون عند شخص ألف ريال، فيأتيه صاحب الحق فيقول: أوفني حقّي، فيقول: ليس عندي لك شيء، فإذا اختصما إلى القاضي ولم يكن للمدّعي بيّنة حلف هذا المنكر الكاذب في إنكاره أنه ليس له في ذمّته شيء فيحكم القاضي ببراءته، فهذه الخصومة فجور والعياذ بالله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه: ( من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان ) : نعوذ بالله، هذه الخصال الأربع إذا اجتمعت في المرئ كان منافقاً خالصًا، لأنه استوفى خصال النّفاق والعياذ بالله، إذا كان فيه واحدة منهنّ كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها.
وفي هذا الحديث دليل على التحذير البليغ من هذه الصّفات الأربع : الخيانة في الأمانة، والكذب في الحديث، والغدر بالعهد، والفجورُ في الخصومة، وفيه أيضاً دليل على أن الإنسان يجتمع فيه خصال إيمان وخصال نفاق، لقوله: ( كانت فيه خصلة من النفاق )، وهذا مذهب أهل السّنّة والجماعة: أن الإنسان يكون فيه خصلة نفاق وخصلة إيمان، وخصلة فسوق وخصلة عَدالة، وخصلة عداوة وخصلة وِلاية، يعني أن الإنسان ليس إما كافرًا خالصا وإما مؤمنًا خالصًا، بل قد يكون فيه خصال من الكفر وهو مؤمن وخصال من الإيمان.
9 - تتمة شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا. فأتيته وقلت له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية، فعددتها، فإذا هي خمسمائة، فقال لي: خذ مثليها. متفق عليه.
10 - شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا. فأتيته وقلت له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية، فعددتها، فإذا هي خمسمائة، فقال لي: خذ مثليها. متفق عليه. أستمع حفظ
فوائد حديث جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم ...
وفيه دليل على كرم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، حيث يحثو المال حثيا ولا يعدّه عدّا، لأنه قال : بيديه، وهذا يدلّ على الكرم ، وأن المال ليس يساوي عنده شيئاً صلوات الله وسلامه عليه ، بخلاف الذي (( جمع مالا وعدّده ))، يعدّد الهلل قبل الريالات من حرصه على المال.
وفي هذا دليل أيضًا على أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لا يعلم الغيب، لأنه وعد وتوفّي قبل أن يفي بالوعد، لأن المال لم يأتِ.
وفيه أيضا دليل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه لمبايعة الصّحابة له.
وفيه دليل أيضًا على قبول دعوى المدّعي إذا لم يكن له من يردّ دعواه، إذا لم يكن منازع، وكان هذا المدّعي ثقة، أمّا إذا كان له مُنازع ، ( فإن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر )، وفي هذه القصّة لا منازع لجابر رضي الله عنه لأن أبا بكر هو المسؤول عن بيت المال وقد عرض على الناس: " من كان له عِدة أو دين فليأتني " ، فجاء جابر ولم يقل له أبو بكر: أين البيّنة على أنّ الرسول وعدك؟ ما طلب منه البيّنة، لأنه واثق به ولا منازعَ له.
وفيه دليل أيضًا على اعتبار الشّيء بنظيره، وأن الإنسان إذا وزن شيئًا في إناء وكان وزنه مثلا مائة كيلو، فله أن يملأ هذا الإيناء مرّة ثانية ويعتبره مائة كيلو إذا تساوى الموزون في الخفّة والثّقل، لأن أبا بكر رضي الله عنه لمـَّا عدّد الحثية الأولى اعتبر الحثية الثانية والثالثة بمثلها في العدد، فإذا فرضنا أنّ شخصًا وجب عليه خمسمائة صاع مثلاً، ثمّ كال في إناء عَشرة أصواع، وأراد أن يعتبر الباقي بهذا الإناء، فإن ذلك لا بأس به، لأنّه إذا تساوى الشيء فإنه لا بأس أن يُعتبر هذا الإعتبار بفعل أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، والله الموفّق.
11 - فوائد حديث جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم ... أستمع حفظ
باب الأمر بالمحافظة على ما اعتاده من الخير : قال الله تعالى: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) . وقال تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )) والأنكاث: جمع نكث، وهو الغزل المنقوض. وقال تعالى: (( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) . وقال تعالى: (( فما رعوها حق رعايتها )) .
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الأمر بالمحافظة على ما اعتاده من الخير :
قال الله تعالى: (( إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )).
وقال تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غَزلها من بعد قوة أنكاثا )).
وقال تعالى: (( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب مِن قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )).
وقال تعالى: (( فما رَعوها حق رِعايتها )).
وأما الأحاديث: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصّالحين : " باب الأمر بالمحافظة على ما اعتاده من الخير " : يعني أنّ الإنسان إذا اعتاد فعل الخير فينبغي أن يداوم عليه، فمثلاً إذا اعتاد أن لا يدع الرّواتب ، يعني الصّلوات النّوافل التي تتبع الصّلوت الخمس فليحافظ على ذلك، إذا كان يقوم الليل فليحافظ على ذلك، إذا كان يصلي ركعتين من الضّحى فليحافظ على ذلك كلّ شيء من الخير إذا اعتاده فإنه ينبغي أن يحافظ عليه، ( وكان من هدي النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن عمله ديمة ) : يعني يداوم عليه إذا عمل عملًا أثبته ولم يغيّره، وذلك لأنّ الإنسان إذا اعتاد الخير وعمل به ثم تركه ، فإن هذا يؤديّ إلى الرّغبة عن الخير، لأن الرجوع بعد الإقدام شرّ من عدم الإقدام، يعني لو أنك لم تفعل الخير لكان أهون مما لو فعلته ثم تركته وهذا شيء مشاهد مجرّب.
وذكر المؤلف -رحمه الله- عدّة آيات من القرآن كلّها تدلّ على أنّ الإنسان ينبغي أن يحافظ على ما اعتاده على الخير، فمن ذلك قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثًا )) : يعني لا تكونوا كالمرأة الغازلة التي تغزل الصّوف ثم إذا غزلته وأتقنته نقضته أنكاثًا ومزّقته، بل أديموا على عملتم عليه.
ومن ذلك قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) أي : أنّهم كانوا يعملون العمل الصّالح لكن طال عليهم الأمد ، فقست قلوبهم ، وتركوا العمل ، فلا تكونوا مثلهم.
12 - باب الأمر بالمحافظة على ما اعتاده من الخير : قال الله تعالى: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) . وقال تعالى: (( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )) والأنكاث: جمع نكث، وهو الغزل المنقوض. وقال تعالى: (( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم )) . وقال تعالى: (( فما رعوها حق رعايتها )) . أستمع حفظ
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل ). متفق عليه.
ومن ذلك -وهو أهمّ وأعظم- أن يبدأ الإنسان بطلب العلم الشّرعي ثمّ إذا فتح الله عليه بما فتح تركه، فإن هذا كفر نعمة أنعم الله بها عليه ، فإذا بدأت بطلب العلم فاستمرّ إلاّ أن يشغلك عنه شيء على وجه الضّرورة ، وإلاّ فداوم لأنّ طلب العلم فرض كفاية ، كل من طلب العلم فإن الله يثيبه على طلبه ثواب الفرض وثواب الفرض أعظم من ثواب النافلة كما جاء في الحديث الصّحيح أن الله تعالى قال: ( ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه ) : فطلب العلم فرض كفاية إذا قام به الإنسان قام بفرض عن عموم الأمّة، وقد يكون فرض عين فيما إذا احتاج الإنسان إليه في نفسه، كمن أراد أن يصلي فلابدّ أن يتعلّم أحكام الصّلاة، ومن كان له مال فلابدّ أن يتعلّم أحكام الزّكاة، والبائع والمشتري لابدّ أن يتعلّم أحكام الشّراء، ومن أراد أن يحجّ فلابدّ أن يتعلّم أحكام الحجّ فهذا فرض عين، أما بقية العلوم فهي فرض كفاية، فإذا شرع الإنسان في طلب العلم فلا يرجع يستمرّ إلاّ أن يصدّه عن ذلك أمر ضروري فذلك شيء آخر، ولهذا كان المنافقون هم الذين إذا بدؤوا بالعمل تركوه، في غزوة أحد خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم نحو ألف رجل، منهم الثلث تقريبًا من المنافقين ولما كانوا في أثناء الطريق بين المدينة وأُحد رجع المنافقون ، لأنهم لم يخرجوا لله رجعوا وقالوا : (( لو نعلم قتالا لاتبعناكم )) قال الله تعالى: (( هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان )) ، فالحاصل أنه ينبغي للمسلم .